المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6680 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05
الانفاق من طيبات الكسب
2024-11-05
امين صادق واخر خائن منحط
2024-11-05

الشيخ مهدي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي
11-2-2018
المحفزات الضوئية النانوية
2023-12-03
مخمرات الخلايا الحيوانية Animal Cell Fermenters
14-5-2017
الموقع الاستراتيجي
7-10-2020
كيفية غسل الميت
7-11-2016
سلمان (رض) أمير للمدائن.
2023-10-01


أديان العرب قبل الاسلام  
  
3017   01:28 مساءً   التاريخ: 18-1-2017
المؤلف : جواد علي
الكتاب أو المصدر : ابحاث في تاريخ العرب قبل الاسلام
الجزء والصفحة : ج1, ص81-89
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / عرب قبل الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-11 987
التاريخ: 21-11-2019 2068
التاريخ: 2024-08-14 378
التاريخ: 14-9-2018 3433

يرجع علمنا بأديان العرب قبل الاسلام إلى موردين:

1) مورد إسلامي: جمع ونقد وصنف في الإسلام.

2) ومورد يعود عهده إلى ما قبل الإسلام: وفيه ما يعود عهده إلى ما قبل الميلاد، مثل بعض النصوص الآشورية، واليونانية والعربية، ثم ما يعود عهده إلى فترة ما بعد الميلاد حتى ظهور الإسلام، وهذا المصدر الاخير هو الكتابات التي عثر عليها علماء الآثار ، وفي ضمنها الصور التي لها صلة بالآلهة والدين.

والمورد الاسلامي معروف، وقد تحدثت عنه بإسهاب في كتابي تاريخ العرب قبل الإسلام(1) وفي كتابي الثاني، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام (2)، وهو يتناول الحالة الدينية  للعرب قبل الإسلام، فيجعل العرب ما بين مشرك، يتعبد الأصنام أو للشجر، أو للجن، وما بين يهودي او نصراني، أو مجوسي، وما بين متحنف رافض لعبادة الأصنام، او زنديق لا يقر بوجود إله.

اما المورد الثاني، وهو الذي يعود عهده إلى ما قبل الإسلام، فأهم مصدر فيه هو الكتابات ، فقد مونتنا بمادة غزيرة عن عقائد العرب قبل الإسلام لم تعرف الموارد الإسلامية من أمرها الشيء الكثير، وهي، وإن كانت من حيث مادتها ذات علاقة بأمور شخصية ، مثل كتابات نذور أو شواخص قبور، او أعمال بناء، او تعيين حدود وأملاك، أو تسجيلات لقوانين، أو لحروب ، وليس بينهما نص واحد في موضوع ديني بحث، إلا أنها قدمت مع ذلك للباحثين في تاريخ العرب لما قبل الإسلام مادة غزيرة لا تقدر بثمن، عن نواحي الحياة من جميع وجوهها، وفي جملتها الحياة الدينية.

فمن بين ما  أمدتنا به من مادة: أسماء آلهة لا تعرف الموارد الإسلامية من أمرها شيئاً، مثل: المقة، إله سبأ الرئيس، وسن، إله حضرموت الكبير، وعم، إله قتبان الاكبر، وعشتر ونكرح وقينن / قينان، إله قبيلة سخيم(3) وحلفن/حلفان، وكهلن، أي "الكاهن" ويرمز إلى القمر، عو هو من آلهة معين والعرب الشماليين الغربيين، واهل قرية (الفاو)، إذ عشر علي اسمه مدونا في كتاباتهم(4)، وأثرت من آلهة قتبان(5).

وأمدتنا كذلك بأسماء مركبة في تركيبها اسم إله مثل: إل مثل: إل يفع، وقه آل، وقه إيل، وشرح إل، وشرح إيل، وإل فخر، وإيل فخر، وإل تعلي، وجرم آل، وإس آل، وأوس آيل، وما شابه ذلك وتتألف هذه الأعلام من اسم إله ومن لفظة اخري ذات صلة به، فتمكنا بذلك من استنباط أسماء الآلهة منها. ولفظة إل هي اسم إله في الأصل يعني: "القادر والحاكم"، يظهر أنه من أقدم مبوتات الساميين، ولعله في الأصل إله السماء، وهو رأس الآلهة عند الكنعانيين(6)، وزوجه هي الإلهة "إلهة البحر" في النصوص الدوغاريتية(7). وقد نعت آل بنعوت عدة هي "أبي البشر" و "خالق الخلق" و "الخالد" والملك والثور " (أي القوي) و"الحكيم" و "الطيب" و "الرحيم" ، و "الكهل" ، ويعتبر عندهم مرجع الآلهة حين يختلفون ويتنازعون فيما بينهم، حيث كان يعتقد أنه يسكن بعيداً عنها عند منبع النهرين ووسط مجاري المحيطين (8)، وهو إيلو (Ilu, Elu) في الاكادية بمعنى "الإله" (9)، إلوهيم في العبرانية(10)، حيت تحول من اسم إله خاص إلى معني عام هو "إله" و "الله" في العربية(11).

ويظهر من دراسة أسماء الآلهة منها أن منها ما هو اسم واحد من ثلاثة كواكب تعب لها العرب الجنوبيون، هي القمر والشمس وعشتر، وهي عبادة كانت معروفة في العرق كذلك وان منها ما ليس باسم علم، وإنما هو نعت لإله مثل: ذت حمم أي "ذا الحميم" عند سبأ. وذات الحميم(12)، نعت الشمس، ومثل ثهون، ومعناها: "المتكلم"، كما في : "المقة ثهون"، و "المقة" إله سباً الكبير، و "ثهون" نعت له، وكما في المقة ثور بعل ولفظة ثور نعت للإله(13)، ومثل هوبس، فإن اللفظة نعت للإله، وإن بدت في شكل اسم علم وتعني: "اليابس"(14)، ومثل سمع بمعني "سميع"، نعت من نعوت القمر، و "سميع" و "مجيب" من صفات الله في الإسلام(15)، ومثل  ذت صنتم، وذت وحين، وذت غدون، وذت برن، وذت ضهون، وذت حشولهم، وغير ذلك وكلها نعوت من نعوت الشمس(16).

والصفات بالطبع أكثر عدداً من الأسماء الحقيقة للآلهة. نجد ذلك في الكتابات الجاهلية وفي غيرها من كتابات الشعوب، بل نجد ذلك في كل الأديان، فنعوب الإله، أو ما يعبر عنه بالأسماء الحسني في الإسلام، كثيرة بينما الاسم واحد هو "الله، ولذلك يجب الاهتمام بهذه في بحثنا عن أديان العرب قبل الإسلام، لئلا نخلط بين الأسماء وبين الصفات.

وتحتاج بعض الألفاظ مثل: ورفو، وبلو، وحلفن، ومنضحت، ومتقبط إلى دراسة. وقد ذهب بعض علماء العربية الجنوبية إلى أنها تعني آلهة متخصصة في بعض الأعمال، فورفو في نظرهم هو إله حراسة الحدود، وبلو إله البلاء والبلوي والنوازل والموت، وحلفن هو إله القسم والحلف، ومنضحت هو إله الري والماء، متقبط إليه الحصاد، وهو ظن لا يفيد في نظري يقينا، ومن الجائز في رأيي ألا تكون هذه الألفاظ أسماء آلهة، وإنما هي مجرد مصطلحات أريد بها أمور أخرى(17).

ولكن عبادة الآلهة المتخصصة مثل عبادة إله المطر، أو إله الرعد والبرق، أو إله البحر، أو إليه الحصاد أو إله البلايا، عبادة مألوفة، نبعث من البيئة ومن الظروف التي أحاطت بالإنسان، فجعلته يصنع مثل هذه الآلهة التي تخيلها خياله، ومن ضعفه وشعوره بالغوامض فليس يستبعد وجود مثل هذا الآلهة عند العرب.

ولا أري أنّ في أجوبة بعض المستشرقين عن ألفاف مثل: أبحمي، وأب رضو، وأبشعر، وب شفق(18)، أجوبة علمية مقنعة. ولهذا أقترح علي السادة العلماء دراستها مجدداً مقا مقارنتها بما ورد عند غير العرب من مثل هذا الحالات.

ونجد في نظرية ابن الكلبي ند مصدر الأصنام عند العرب الشماليين أن فيها شيئاً من الصحة، وذلك لورود كثير منها في الكتابات التدميرية والنبطية والديدانية والثمودية واللحيانية والصفوية. والظاهر أنها أصنام زحفت من الشمال نحو الجنوب، ولكنها  لم تجدلها حظاً كبيراً عند العرب الجنوبيين. وموضع كيفية توزع الاصنام وانتشارها موضوع مهم جداً، لم يدرس بعد أرجو أن يقوم من ينهض به . فنحن اليوم في حاجة ماسة إلى وضع دراسة  تستند علي ورود الأصنام في الكتابات، وعلي الروايات التي يرويها أهل الاخبار عند مبدأ ظهور هذه الأصنام، وعن القبائل التي تعبدّت لها، لنكون من هذا الدراسة رأياً في كيفية توزع معبودات العرب قبل الاسلام، وكيفية انتشارها في الجزيرة العرب، وكيفية انتشارها في الجزيرة العرب، وكيفية تصورهم لها علي مر العصور الماضية قبل الإسلام، وعن مدي تأثر العرب بعضم ببعض.

لقد تجمع لدي علماء العربية الجنوبية من أسماء آلهة العرب الجنوبيين، ما ينيف على مائية اسم إله، غير أن اكثر هذه الاسماء ليست في الواقع أعلاماً ، وانما هي صفات ونعوت للثالوث: القمر والشمس وعشتر، ولذلك فكثرة ورود الألفاظ المتعلقة بشخصية الآلهة لا تدل علي كثيرة الآلهة حتماً. ومن الرموز أو الرسوم التي لها صلة وتماس بأمور الدين، صورة الهلال وأمامه قرص، إشارة إلى القمر والشمس، او الهلال والكوكب المشير إلى عشتر، وقد عشر علي مثل هذه الصورة في الحبشة(19)، وكان ذلك بتأثير العب الجنوبيين الذين كانوا قد أقاموا دولة أكسوم في بلاد الحبشة، وفي مواضع من العربية الجنوبية. ويلاحظ أن الهلال والكوكب هو رمز ذلي الإسلام في هذه الأيام، وتزين ورؤوس قباب المساجد والمآذن.

ويشير رأس الثور ذو القرنين إلى القوة والقدرة، وهو يعبر عن الإله القمر الأب. وهناك رموز أخرى ذات صلة بالعقيدة، انبه إلى ضرورة دراستها لما لها من أهمية في دراسة عقائد الجاهليين.

وجاءت الكتابات الديدانية والثمودية والصفوية واللحيانية بأسماء آلهة لم يصل خبرها إلى علم أهل الأخبار، غير ان بعضها مذكور في كتاب الأصنام لابن الكلبي، مع شيء من التحريف، او نسبته إلى قبائل أخرى، وهل لذلك تستحق الدراسة المقارنة ويجب دراسة هذه الاسماء بحماس، لأنها تمثل حلقة بين عبادة الساميين الشماليين وبين الساميين الجنوبيين بالإضافة إلى الطابع المحلي.

وتنتظر الآلهة عموماً قيام العلماء بدراستها ومقارنتها مع آلهة الشعوب الأخرى، وذلك لبيان أثر عقائد هذه الشعوب بعضها في بعض، وللوقوب على تطور عقائد الإنسان منذ أقدم أيامه. فإن ورود اسم إله مثل "إل" عند الساميين عموماً، في أي شكل من الأشكال، يدل في الواقع على انه كان من أقدم معبودات تلك الشعوب، وكذلك قل عن عشتار، عشتر، وشمس، وبعل. وفي ورود أسماء عدد عديد من أسماء الآلهة في الكاتبات الجاهلية ضمان لظهور مثل هذه الدراسة التي تشير إلى تأثير الأمم بعضها ببعض، ووجود تعبد فيها الإنسان لمعبودات كانت لامعة، ثم اندثرت. فاسم الإله إل وإن لم نجد له مكاناً في كتابات العرب الجنوبيين مثلاً، إلا أن ذكره بقي خالداً فيها في الأعلام المركبة، مثل إل يفع وإل شرح وإلــ وقه وغير ذلك. وفي هذه الأسماء عندهم وعند غيرهم دلالة علي ما كان له من مقام عند شعوب الشرق الادنى، وعلي ما أصابه فيها بعد من ذبول وخفوت ذكر.

وتؤيد إشارات الآشوريين إلى أصنام العرب الرواية الإسلامية التي تصف الاصنام بأنها كانت تماثيل من حجارة، وأن بعضها منها مثل "هبل" على هيئة بشر، كما تؤيدها الاحجار التي ترمز إلى الآلهة التي عشر عليها علماء ناضجة عن أصنام عرب ما قبل الإسلام، وما جاء في الأصنام لابن كلبي من وصف فيه غموض ونقص، وما عندنا من تماثيل مستخرجة من باطن الأرض لا صلة ثابتة لها بالآلهة. ولهذا فنحن بانتظار عثور العلماء على أصنام تستخرج من المعابد أو من غيرها، تشير إلى انها كانت معبودة، لنستخرج منها مثل هذه الدراسة.

وبفضل ورود أسماء الآلهة في الكاتبات، وبفضل تمكن العلماء من تقدير أعمار مادة الكاتبات، سيكون في وسع العلماء كتابة تاريخ علمي لتطور الدين عند عرب ما قبل الإسلام، من فترة قبل الميلاد فيما بعده إلى قبيل الإسلام، لا عند العرب الجنوبيين وحدهم بل عند كافة العرب الذين تركوا لنا آثاراً مكتوبة أو محفورة، كما سيكون في وسعنا ربط عقائدهم هذه ومقارنتها بعقائد من عاصرهم من الشعوب، ولا سيما الشعوب السامية التي تتقارب عقائدها وثقافتها إلى حد كبير، مكونة رابطة ثقافية لا يمكن الطعن فيها ابداً.

ويلاحظ من الكتابات أن معبودات العرب الجنوبيين، تكاد تكون مجموعة خاصة مستقلة، نبعث من صميم البيئة العربية الجنوبية، وقد أثرت بعض التأثير في الأكسوميين، ولكنها لم تؤثر في بقية العرب، مع أنهم سكنوا فيب العربية الشمالية واستوطنوا بها وأعطوهم قلمهم، القلم المسند الذي كتب به أكثر العرب قبل الإسلام، فآلهة العرب الشماليين آلهة لا ترد أسماؤها في الكتابات العربية الجنوبية، وهي نابعة من المحيط الذي ظهرت فيه مع تأثره بالتيارات الفكرية التي كانت تظهر في العراق وفي بلاد الشام. اظهرت الكتابات الجاهلية أن العرب كانوا يتكلمون على الآلهة اتكالاً كبيراً، فهم إذا حاربوا حملوا أصنامهم معهم، فقد ورد في نصوص آشورية أن الآشوريين لما هزموا الأعراب في عدة معارك، أسروا أصنامهم التي كانت معهم، وهي: عشر سماين وشعتر قومية (A-tar qurru ma-a) ودبلات و (Da-a-a) دايا ونوهيا وابيريلو، وسجنوها عندهم. فلما تصالحوا مع اسرحدون، أعاد إليهم أصنامهم بعد أن كتب عليها كتابة تفيد بتفوق إله آشور على تلك الاصنام(20)، وهم إذا قاموا بعمل كرسوه لإله من آلهتهم، واذا بنو بيتاً وتيمنوا بجعله في حماية آلهتهم، وإذا بنوا قبراً، ذكروا اسم إله ليحميه من اعتداء الناس عليه بتغييره أو بنبئه أو بدفن غريب فيه.

وقد كان الحج إلى بيوت الآلهة معروفاً عند الجاهليين، وفي الموارد الإسلامية إشارات إلى الحج ذي "بيت الله" بمكة. وقد أشارت تلك الموارد إلى "الكعبات" التي كان العرب يحجون إليها قبل الإسلام(21)، ولم أجد بين النصوص العربية الجنوبية ما يفيد حجمهم إلى موضع معين، او إلى كيفية الحج عندهم، ولكن وجود شهر عندهم اسمه ذحجتن "ذو الحجة" لدليل يشير إلى وجود الحج عندهم، كما أن شهر ذللت أي "اشهر الآلهة" يؤيد هذا الرأي، وهو شهر كرس للآلهة، فهو شهر حرام(22).

والمعبد هوبت أي "بيت" في العربيات الجنوبية، فهو بيت الآلهة، وهذا التعبير معروف عندنا حتى اليوم، فالمسجد هو "بيت الله". وكان المكربون والملوك، وسراة الناس يتقربون إلى الآلهة ببناء البيوت لها، وبإصلاح ما يخرب منها، وهي إن انقرضت في هذا اليوم، فلان عرف من خططها كثيراً، إلا ان علماء الآثار تمكنوا من حفر أسس بعض المعابد ومن الوقوف عليها، ووضعوا خرائطها وقفاً لهذه المخططات.

وبالمعبد مستودعات لخزن ما يتصدق به المتصدقون من الصدقات، وما يرد إليه من الضرائب المفروضة على أموال المتعبدين للآلهة زكاة لأموالهم، ويشرف على جميع هذه الزكاة وعلى أخذ الأعشار والنذور وعلى إدارة الأوقاف، وموظفون يعينهم المعبد لهم اربي.

ويرأس المعبد رشو، ويعبر عنه بلفظة شوع في المعينية وأفكل. وتقابل هذه اللفظة لفظة Apkallu في الأكادية.

وفي شرائع أهل الجاهلية حرام وحلال، ونجس وطاهر، جاء في نس أن من يتصل بامرأة فلا يجوز له دخول المعبد ما لم يتطهر، فإذا دخل المعبد وهو نجس أو بملابسه التي اتصل بها بالمرأة يكون قد ارتكب إثماً. وقد فرض المعبد غرامة على رجل لأنه دخله وهو نجس (23)، وجاء في نفس آخر، أنه لا يجوز للكاهن دخول المعبد إذا كان قد أصاب دم ذبيحة ملابسه، فعليه إزالة نجاسة الدم عنها، حتى يباح له دخول المعبد.

وليس في وسع أحد التحدث عن رأي عرب ما قبل الإسلام بالبعث وبالحساب والكتاب من خلال دراسة كتاباتهم، لأن الكتابات التي وصلت إلينا تتحدث عن ذلك. ولعل قائلاً سيقول: إذاً لم كانوا يتقربون إلى آلهتهم بالنذور وبالقرابين وببناء المعابد وبالحاصل الأول من الزرع (فرعم)، وبما شابه ذلك إذا كانوا يؤمنون بيوم آخر؟! وجوابي على ذلك: إنهم إنما كانوا يفعلون ذلك استعطافاً لآلهتهم، لتمن عليهم بالصحة  والسلامة، ولتجنبيهم والأمراض والعلل، ولتنجيهم من الأوبئة، ولتدفع عنهم الأرق والارهاق وحسد الحساد، واصابة العين، لتعطيهم غلة وافرة، وامطاراً غزيرة، وأولاداً ذكوراً أصحاء، ولتبعد عن زرعهم الجراد وبقية آفات الزراعة، ولتهلك أعداءهم، وتنزل المرض بمن يعتدي على أملاكهم ومقابرهم، وما شاكل ذلك مما هو مذكور في كتاباتهم، وكل هذه أمور دنيوية، وليس فيها أي تنويه بوجود عالم آخر يخلف هذا العالم.

نعم، قد يقال لقد عثر على أدوات وآلات يستعملها الإنسان في حياته الدنيا في قبور في مواضع ما من جزيرة العرب. ويدل وجودها في هذه القبور على اعتقادهم بأن الميت سيستفيد منه في قبره، تماماً كما كان هو اعتقاد قدماء المصريين، وقد تدل على وجود الإيمان لديهم بالحياة الأخرى. غير أني أرى مع ذلك ان من غير العلم في الوقت الحاضر ، التحدث عن الحشر والنشر والقيامة عند عرب ما قبل الإسلام، ما دمنا لا نملك نصوصاً منهم مدونة في هذا الموضوع، وما دمنا لم ندرس أثر هذه المخلفات في عقيدة البعث.

ومما يؤسف له أسفاً عظيماً، أن علماء الآثار لم يعثروا حتى الآن على مقابر ملكية ، ترينا ما دفن فيها من متابع وشراب وأكل، لنستدل بوجوده على عقيدتهم في النشور والبعث والقيامة. وما دمنا لا نملك شيئاً مما ذكرته في الوقت الحاضر، فإن من الصعب علينا التحدث عن هذا الموضوع حديثاً علمياً مقنعاً، وأملنا في المستقبل، علّه يعطينا شيئاً يحمل إلينا الجواب.

وتلعب الطقوس الدينية مثل الذبائح والنذور والفرع، أي تقديم البكر من الناتج إلى الآلهة، دوراً مهماً في الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام. وقد تمكنا بفضل الكتابات من الوقوف على شيء منها، ولكنها لا تزال بكراً من حيث البحث، تنتظر قيام العلماء بالبحث عن نصوص جديدة، وقيامهم بدراسة مقارنة بينها وبين الطقوس الدينية عند بقية الساميين.

وللدم دور خطير في أديان البشر، حتى كان منهم من يضحي بقرابين من البشر ارضاء للآلهة. وفي المعابد مذابح تذبح عليها القرابين، ومذابح حريق تحرق عليها هذه الذبائح، وفي معابد الجاهليين توجد مثل هذه المذابح كذلك.

والكتابات الجاهلية وإن كانت قلت في أمور ليست لها صلة مباشرة بالدين، لكنها تقدم لنا على حالها هذا شريطاً تاريخياً متسلسلاً لعقائد العرب قبل الإسلام ف الدين، بسبب تنوعها وتسلسل تواريخها وأعمارها، ففي الكتابات القديمة منها أسماء آلهة مات ذكرها، فلم يصل عن خبرها إلى ذاكرة أهل الإسلام أي شيء. وفي الكتابات المدونة في عهود تعود إلى قبيل الميلاد وبعده أسماء آلهة جديدة، لم تكن معروفة عندهم قبل الميلاد، مثل الإله "ذي سمي، ذي سموي" "رب السماء" وقد ظهر اسمه قبل الميلاد(24) بقليل، وبقي معبوداً إلى ما بعد الميلاد. وفي ظهوره في هذا الوقت دلالة على ظهور عقيدة التوحيد عند العرب الجنوبيين(25).

والإله ذي سموي هو الإله بعل سمين "بعل السماء" رب السماء، عند الصفويين، ورب شمن، بعل شمن عند أهل تدمر، وهو إله السماء، وفي هذه التسمية دلالة على الوهيته للسماء عندهم، وابتعاد العرب الجنوبيين عن مسميات آلهتهم، وعن عقائدهم فيها، ولا سيما بعد الميلاد، حيث زاحمت اليهودية والنصرانية العقيدة العربية الجنوبية وقوضت الثقافة القديمة، وأوجدت نزاعاً فكرياً أثر على اليمن أثراً كبيراً، أدى إلى اضطرابات سياسية انتهت بدخولها في نفوذ الفرس.

ورحمنن (أي الرحمن) كان ممن عرف العرب بعد الميلاد. وهو رحمنه (Rahman-a) في تدمر(26)، وقد نعت بــ رحمنن بعل سمن(27)، "رب السماء" كما نعت بـ رحمنن بعل سمين وأرضن أي "الرحمن رب السماء والأرض"، وفي هذا النعت دلالة واضحة على التوحيد الذي اكتسح مكانة الآلهة العربية القديمة، وحل محل عشتر والمقه ونكرح، وهو بس، حتى اختفت هذا الآلهة القديمة من الكتابات اختفاء تاماً عند ظهور الإسلام.

ونجد في الموارد الإسلامية في حديثها عن "مسيلمة"، أنه نعت نفسه بالرحمن، وأنه دعا إلى عبادة الرحمن، وأنه عرف برحمان اليمامة، فلما نادى رسول الله أهل مكة إلى عبادة الرحمن، قالوا إنما أخذ علمه من رحمان اليمامة(28).

وقد ذهب المستشرقون إلى القول بأثر اليهودية والنصرانية في ظهور هذه المعتقدات الجديدة في اليمن، وتحتاج هذه الفترة إلى توسع في دراستنا عنها، لنري مصادر هذا التطور الذي وعق في اليمن بعد الميلاد، وهل هي من منبع يماني قديم أم من منابع جاءت التطور الذي وقع في اليمن بعد الميلاد.

العوامل الخارجية على العربية الجنوبية، وفي جملة ذلك أث ر السياسة والتبشير:

ولي في كتابات الجاهلية سند يفيد عن كيفية دخول اليهودية أو النصرانية إلى جزيرة العرب وزمنه، وقد عشر على كتابة من كتابات القبور في "بيت شعاريم" في جنوب شرقي حيفا، ورد فيها: منحيم قولن حمير، أي "مناحيم قبل حمير"، يظن من فحصها أن مناحيم هذا كان يهودياً، من حمير، وقد جاء فإلى فلسطين ، فمات بها، ودفن في هذه المقبرة المخصصة للأحبار، ويرجع الباحثون تاريخ الكتابة المذكورة إلى حوالي سنة 200 للميلاد(29)، وإذا صح هذا الرأي فإن معنى هذا أن اليهودية كانت قد وجدت سبيلها إلى اليمن قبل هذا الوقت.

وعثر في اليمن على نص مكتوب بالمسند ورد فيه: تبرك سم رحمنن ذي بسمين ويسرال والهمورب يهود(30)، أي "تبارك اسم الرحمن الذي في السماء وإلهة رب يهود"، غير ان من العلماء من يشك في صحة نقل كلمة "إسرائيل"(31).

ولم يصل إلى علمي أن احداً عثر على نص جاهلي نصراني، فيه شيء من أمور الدين أو كلام له صلة بالنصرانية، ونعم جاء في نصر أبرهة المرقم بــ CIH 241، Glaser 618: بحيل و. دا ورحمت ورحمنن ومسحهو ورح. دس(32)، أي "رد بحول وقوة ورحمة الرحمن ومسيحه وروح القدس"، وجملة وقد سو بعت مرب كيهو قسم ذبمستالم، أي "وقد سوا بيعة مأرب  وكان بها  قسام يقومون بخدمتها"(33) ، وجملة: وقدس بعتن (34)، أي "وقدس البيعة". والبيعة لفظة معروفة عند النصارى العرب الشماليين كذلك، ولكن أبرهة رجل حبشي نصراني وكان حاكماً على اليمن فهو ليس بيماني من اهل اليمن.

وأشير إلى البسملة النصرانية في كتابة للسميفع أشوع، جاء فيها: بسم رحمنن وبنهو كرشتش غلين(35)، ومعناها: "بسم الرحمن وابنه المسيح الغالب"، وقد كان هاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى اليمن، فحارب ذانواس، بتكليف من الحبشة، وعين ملكاً علي اليمن، ولكن الأحباش ثاروا عليه وقتلوه، وحل أبرهة محله(36). ولكن في الموارد النصرانية من بيزنظية وسريانيه حديث عن النصرانية في جزيرة العرب، وعن تأسيس الكنائس فيها، وعن قيام المبشرين بالتبشير بين القبائل وفي القري والمدن وعن مساهمة كنائس جزيرة العرب، مثل كنيسة قطر، في المجامع الكنسية التي انعقدت للنظر في أمور الكنيسة.

وفي الموارد الإسلامية حديث كذلك عن كيفية دخول النصرانية جزيرة العرب، وعن مذاهب النصارى العرب، وهو حديث استقي من موارد يهودية ونصرانية، ومزج بالأساطير التي بقيت راسخة في أذهان رواة الأخبار عن النصرانية في جزيرة العرب قبل الإسلام، فدوّن في كتب الأخبار والتاريخ، اما الكتابات الجاهلية فلم تتحدث عن هذا الموضوع بهد. وتوجد روايات نصرانية عن تعذيب نصاري نجران، دونها شهود عيان من النصارى. فهي مهمة من هذه الناحية. كما ان في روايات وهب بن منبه عن تعذيب أهمية، وهي تستند بصورة عامة على حوادث واقعية عن موارد يهودية ونصرانية.

وليس في الكتابات العربية الجنوبية خبر عنن داعية دعا إلى عبادة الأصنام كالذي ذكره ابن الكلبي عن عمروا ابن لحي، ولا عن أشخاص دعوا إلى تغيير دين قومه ولذلك فعلمنا عن هذه الأمور صفر.

وطابع الحياة الدينية عند العرب الجنوبيين طابع متميز، هو طابع الاستقرار والحضارة، ويظهر أثره على هندسة المعابد، وفي الادارة المسيرة لها، وفي الزكاة المفروضة على المتعبدين لها، من فرع وعشور وغير ذلك، وفي الصدقات التي كانوا يتقدمون بها إلى الآلهة رأساً أو المعابد، ثم في دخول المعبد في الحياة العامة للمتجمع، وتنظيمه إياها في مجتمعات دينية ذات طابع سياسي، ودخوله الاسواق بيعاً وشراء باسم المعبد، ومساعدته للحكومات في شق الطرق وبنائها وفي دفع تكاليف  الحروب من أموال المعبد التي كانت تعادل أموال الدولة في بعض الأحيان.

ولم تقتصر الرئاسة الدينية على الرجال وحدهم بل نالتها النساء كذلك، فقد أشير إلى شوت أي "كاهنة" في نصوص المسند، ولكننا لم نعثر على ذكر "مقربة" في هذه النصوص. وفي أخبار أهل الأخبار عن "كواهن" تكهن باسم الآلهة، مما يدل على أن الجاهلين كانوا لا يتورعون من تولي المرأة مركزاً دينياً عندهم.

هذا عرض موجز لموضوع طويل عريض لم يدرس بعد دراسة كافية عن عقائد العرب قبل الإسلام، فيه ثغرات وفجوات، وفيه أسئلة لا يمكن الجابة عنها الآن، لعدم توافر مواد الإجابة، أرجو ان تنهض معاول علماء الآثار، وقراء الكتابات القديمة بالإجابة عليها في المستقبل الذي ارجو ألا يكون بعيداً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ج5.

(2) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج6، (1970).

(3) المرجع نفسه. 245 A. Ghrohmann, Arabien,

(4) A. jamme New Hassean and Sabaen Inscriptions from Saudi Arabia Oriens Antiquus VI (1967) fascicolo 2,181.

(5) جواد علي، المرجع نفسه، ص 299.

(6) موساتي، ص127، P. Hasting 299

(7) موساتي، ص273

(8) المرجع نفسه، ص272.

(9) المرجع نفسه، ص353

(10) المرجع نفسه، ص194، Reallexijon (Zweiter Band

(11) موساتي، المرجع نفسه، ص195.

(12) Handbuch I, 188.

(13) الموضع السابق نفسه.

(14) D. Nielson, Die altarabische Mondreligion, 107

(15) جواد علي، المرجع نفسه، ص299.

(16) المرجع نفسه، ص301.

(17) المرجع نفسه، ص295.

(18) A. Grohann, op. cit., 246.

(19) دتلف نلسن، ص36

(20) جواد علي، المرجع نفسه، ج1، ص592 وما بعدها.

(21) المرجع نفسه، ج6 ص401.

(22) خليل يحب نامي، ن12.

(23) Glaser 1052, Hofmus6m CIH 523.

(24) Handbuch I, 88 REP 4141, 4142

(25) جواد علي، المرجع نفسه، ج6 ص306.

(26) المرجع نفسه، ص30.

(27) المرجع نفسه، ص306.

(28) المرجع نفسه، 86 Shorter Ecyclopedia.

(29)S. D. Gottein, lews and Arabs, 42, Die Araber III, 16.

(30) جواد علي المرجع السابق، ج1 ص541. Glase 394 – 395 Revue des etudes juives 23 (1891), 22.

(31) Margliouth, 68.

(32) السطور الأولي من النص.

(33) السطر 66 وما بعده.

(34) السطر 117.

(35) Istanbul 3904, REP VI, II, 376 Le Museon LXIII, 3-4 (1950), 272.

(36) جواد علي، المرجع نفسه، ج3 ص476 وما بعدها.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).