أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2016
4923
التاريخ: 2-2-2017
1994
التاريخ: 6-11-2016
2615
التاريخ: 2024-08-15
414
|
الأصنام:
يعرف ابن الكلبي بانه (اذا كان معمولا من الخشب او الذهب او الفضة بصورة إنسان فهو صنم؛ واذا كان من حجارة فهو وثن) (1). ويقول ابن الاثير ان الفرق بين الصنم والوثن هو ان الوثن كل ماله جثة معمولة من جواهر الارض، او من الخشب والحجارة كصورة الادمي تعمل وتنصب فتعبد؛ والصنم الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما، واطلقها على المعنيين؛ قال وقد يطلق الوثن على غير الصورة. ويقول شمر ان الاوثان عند العرب كل تمثال من خشب او حجارة او فضة او نحاس او نحوهما، وكانت العرب تنصبها وتعبدها(2). وقد لاحظنا ان هذه الالهة بعضها بشكل إنسان كهبل، وبعضها كان مجرد صخرة مربعة او مستطيلة، وبعضها من الحجارة وبعضها من العقيق.
والراجح ان هذه الأصنام لم تكن هي الالهة، بل كانت سكنا لهم ولأرواحهم؛ فهي تمثل استقرار القوى الروحية في الأشياء المادية، وليس من الضروري ان تكون بصورة الالهة. ولكنها عندما تسف العقليات، تحاط ذاتها بالتعظيم كأنها الالهة.
ورد ذكر الأصنام في القرآن : (فأتوا على قوم يعكفون على اصنام لهم) (الاعراف 138)؛ (رب اجعل هذ البلد ءامنا واجنبني وبني ان نعبد الأصنام)(إبراهيم 35)؛ (واذا قال إبراهيم لأبيه أتتخذ اصناما ءالهة)(الانعام74)؛ (قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين)(الشعراء 71)؛ (وتالله لأكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين)(الانبياء 57). وكل هذه الآيات تتعلق بالأقوام القديمة، اذ لم ترد في القرآن آية تصف العرب عند ظهور الإسلام بانهم يعبدون الأصنام، او بان لهم اصناما.
الاوثان:
اما الاوثان، فقد ذكرت في ثلاث آيات : ( وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(العنكبوت 16-17). وقال إبراهيم : (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)(العنكبوت 25)؛ (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور)(الحج 30). ولا ريب في ان الآيتين الأوليين تتعلقان بقوم إبراهيم. اما آية الحج، فتنطبق على عرب الجاهلية وحجهم، وتطلب تنقيته. وهو، كما سنرى، يتم في منطقة فيها عدد كبير من الالهة والاصنام والانصاب وغيرها. وليس في هذه الآية ما يشير الى أي نوع منها. اما الآيتان الاوليان، فيجدر ان نلاحظ فيهما ان قوم إبراهيم وصفوا في القرآن بانهم عباد الأصنام، فكان الاوثان والاصنام في القرآن مترادفة.
ويروي الازرقي انه (أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل انه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم الا احتمل معه من حجارة الحرم تعظيما للحرم وصبابة بمكة وبالكعبة، حيثما حلوا وضعوه، فطافوا به كالطواف بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم الى ان كان يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، واعجبهم من حجارة الحرم خاصة، حتى خلفت الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم واسماعيل غيره، فعبدوا الأوثان، وصاروا الى ما كانت عليه الامم من قبلهم من الضلالات (...) وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم واسماعيل يتنسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة ومزدلفة وهدي البدن، والاهلال بالحج والعمرة، مع ادخالهم فيه ما ليس منه)(3).
الأنصاب:
أما الانصاب، فقد ذكرت في القرآن في ثلاثة مواضع : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)(المائدة3)؛ (يا أيها الذين ءامنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان)(المائدة 90)؛ (يوم يخرجون من الاجداث سراعا كأنهم الى نصب يرفضون)(المعارج 43). وتتعلق هذه الآيات كافة بالعرب عند ظهور الإسلام.
يقول ابن الكلبي انه كانت للعرب حجارة غير منصوبة، يطوفون بها ويعترون عندها، يسمونها الانصاب، ويسمون الطواف بها الدوار (4). ويروي الطبري عن ابن جريج ان النصب ليست بأصنام : فالصنم يصور وينقش؛ وهذه حجارة تنصب. وكان في الكعبة، عندما فتح الرسول (ص) مكة ثلاثمائة وستون حجرا، منهم من يقول ثلاثمائة منها بخزاعة. فكانوا اذا ذبحوا، نضحوا الدم على ما اقبل من البيت، وشرحوا اللحم، وجعلوه على الحجارة؛ فقال المسلمون يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم، فنحن احق ان نعظمه، فكان النبي (ص) لا يكره ذلك، فانزل الله (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) (الحج 37). ويروي عن قتادة ان النصب حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها، ويذبحون لها، فنهى الله عن ذلك. ويروي عن مجاهد انهم كانوا يذبحون عليها؛ وعن أبي عباس والضحاك بن مزاحم انها حجارة كانوا يهلون لها ويذبحون عليها(5).
وقد ورد ذكر النصب في الشعر الجاهلي فقا عمرو بن جابر الحارثي :
خلفت غطيف لا تنهنه سربها وحلفت بالأنصاب ان يترعدوا
وقال المثقب العبدي :
يطيف بنصبهم حجن صغار فقد كات حواجبهم تشيب
وقال الفزاري :
أسوق بدني محقبا انصابي هل لي من قومي من ارباب
وقال المتلمس :
أطرتني حذر الهجاء ولا واللات والانصاب لا تئل
وقال عامر بن وائلة :
فانك لا تدرين ان رب غارة كورد القطا ريعانها متتابع
نصبت لها وجهي ووردا كانه لها نصب قد خرجته النقائع
وقال زهير :
حلفت بأنصاب الاقيصر جاهدا وما سحقت فيه المقاديم والقمل
وقال رشيد بن رميض :
حلفت بمائرات حول غوضن وأنصاب تركن لدى السعير
وقال طرفة :
فأقسمت عند النصب اني لهالك بمتلفة ليست بغيط ولا خفضِ
وقال أيضاً :
اني وجدك ما جهوتك والــ أنصاب يسفح بينهن دم(6).
يتضح مما ذكر اعلاه ان الانصاب في احجار، وليس من الضروري ان تكون مصقولة او بشكل تماثيل تشبه الالهة؛ ولكنها ذات علاقة وثيقة بالآلهة، ومنها يتقبل الالهة الهدايا المقدمة له(7)؛ كما قد تقام حول الحرم. والواقع ان الانصاب التي كانت حول حرم مكة ظلت في زمن الإسلام؛ فأمر الرسول، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، بتجديدها(8).
ولكن الغالب ان تقام النصب حول الأصنام؛ وقد يطوف الناس حولها. وكثيرا ما تقدم اليها الهدايا، او تذبح عليها الضحايا للآلهة، ويسيل دم الضحايا عادة في كهف او حفر خاصة تدعى الغبغب(9). ولعل الناس كانوا يعتقدون ان الغبغب مكان مقدس له علاقة بالآلهة، وان الدم الذي يسيل فيه، او يسفك على النصب، يمسه الإله، وان اللحم الذي يضحى على النصب يكون للإله منه نصيب. وبذلك تصبح بين مقدم الضحية والاله علاقة دموية تستلزم من الاله ان يحمي المهدي. وقد نفى القرآن الكريم ذلك عن الله تعالى في ضحايا المسلمين : (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين)(الحج 37). وكثيرا ما كان العرب يقسمون عندها.
والأنصاب كثيرة في الجزيرة، وهي لا تبقى ثابتة بل تتغير وتتبدل. ويروي انه كان في الكعبة يوم الفتح 360 صنماً. ولا ريب في ان الكعبة لا تتسع لكل هذا العدد من الأصنام. كما لم يذكر العرب اسم أي صنم بالكعبة، او قربها غير هبل واساف ونائلة. والراجح ان المقصود بها الانصاب، وانها لم تكن في داخل الكعبة، بل حولها وفي مكة نفسها.
ليس في المصادر العربية ما يوضح العلاقة بين الأصنام والانصاب والاله ذاته.
الأشجار المقدسة:
كانت بعض الأشجار مقدسة ومنها ذات انواط، وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب. وهي شجرة عظيمة خضراء يأتونها كل سنة، فيعلقون عليها اسلحتهم ويذبحون عندها ويعكفون عندها يوما. وكان من حج منهم وضع زاده عندها، ويدخل بغير زاد تعظيما لها (10).
وكان في بيت العزى ثلاث شجرات كانت تعلق عليها الهدايا. كما كان أهل نجران قبل دخول المسيحية بلادهم يعبدون نخلة طويلة بين اظهرهم لها عيد في كل سنة. واذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلى النساء، ثم خرجوا اليها فعلقوا عندها يوما.
ويلاحظ ان الشجرات المقدسة لم تعبد الا في الأماكن المنعزلة. اما الحرم او الارض الخصبة، فقد منع قطع شجرها. ولم يروا انها عبدت؛ والواقع ان الرسول خرق هذا التقليد، فقطع نخل بني النضير، فأثار كلام الناس حتى نزلت الآية التي تحل لهم ذلك : (ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فبأذن الله وليخزي الفاسقين)(الحشر 5).
وقد قطع عمر بن الخطاب الشجرة التي عاهد تحتها المسلمون النبي على القتال في الحديبية، والتي أشار اليها القرآن بقوله : (لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة)(الفتح 18)؛ وقد قام بهذا العمل خشيته من تقديس الناس لها.
ويلاحظ ان الأشجار تنبت عند الينابيع والاماكن الخصبة، حيث توجد الالهة، وهي تعتمد في حياتها على نفس سر الحياة الذي ينبعث من الينابيع. فالشجرة ليست مقدسة لذاتها، ولكن بسبب أنها المنتوج الطبيعي في الأماكن التي تعبد الاله الذي يرسل مجاريه التي تحيي الارض بعد موتها؛ وليس هناك نوع خاص يقدس من الأشجار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأصنام : ص53.
(2) ابن منظور : لسان العرب ج15 ص241.
(3) الازرقي : ج2 ص62؛ انظر أيضاً الأصنام : ص6؛ سيرة ابن هشام : ج1 ص82.
(4) الأصنام : 43.
(5) تفسير الطبري : ج6 ص48 – 49؛ وانظر أيضاً لسان العرب : ج2 ص256.
(6) الأصنام : 42 -44؛ وانظر أيضاً الحوفي : الحياة العربية في الشعر الجاهلي ص303 فما بعد. اما عن الانصاب المكتشفة في الجزيرة العربية، فانظر جمعة : ص157 فما بعد.
(7) سميث : ص207.
(8) الازرقي : ج2 ص103 – 104.
(9) الأصنام : ص20؛ انظر أيضاً لسان العرب : ج2 ص128.
(10) الازرقي : ج1 ص77-78؛ ياقوت ص393؛ الطبري : التفسير 9 ص29.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|