أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2017
2507
التاريخ: 20-7-2018
3423
التاريخ:
1588
التاريخ: 24-10-2016
6591
|
نتيجة للحقبة الزمنية الطويلة التي استغرقها هذا العصر والتي يمكن تحديدها بثلاثة قرون كانت مليئة بالأحداث السياسية والعسكرية والمنجزات الحضارية ، لذلك ارتأى الباحثون تقسيم العصر الآشوري الحديث ( 911 – 612 ق . م ) إلى :
أ – الإمبراطورية الآشورية الأولى ( 911 – 745 ق . م ).
ب – الإمبراطورية الثانية ( 744 – 612 ق . م ) (1) .
وما يهمنا في بحثنا هذا هو الإمبراطورية الآشورية الأولى ( 911 – 745 ق . م ) التي شغلت حقبة دامت حوالي القرن ونصف القرن او يزيد بقليل تعرض خلالها الآشوريون إلى عدة أخطار واجهتهم من الأقوام المجاورة لهم ، فمن جهة الغرب كان الآراميون قد أستقروا في ممالك متعددة أنشؤوها في بلاد الشام وكثيراً ما عقدوا الأحلاف ضد بلاد آشور ، ومن الجهة الشمالية الشرقية كانت آسيا الصغرى ودولة أورارطو التي كانت تتوسع باتجاه أملاك الدولة الآشورية مما شكل تهديداً على الأخيرة ، أما من جهة الشرق فقد ظهرت في بلاد إيران عدة أقوام كالفرس والميديين الذين عقدوا الأحلاف مع القبائل الكلدية في الجنوب ضد بلاد آشور(2) وإزاء تلك الأخطار أخذ الملوك الأوائل في الإمبراطورية الآشورية الأولى (موضوع بحثنا) على عاتقهم عملية تثبيت أركان الدولة الآشورية وحماية حدودها الخارجية في بداية هذه المرحلة الزمنية التي حكم فيها تسعة ملوك كان الملوك الأربعة الأوائل منهم أقوياء تمكنوا من توسيع رقعة الدولة الآشورية وابتداءً من حكم الملك شمشي – أدد الخامس، بدأت الأخطار تزداد على الدولة الآشورية فتقلصت مساحتها وخسرت الكثير من المقاطعات التي كانت تحت سيطرتها كما سنرى ذلك.
الحملات العسكرية للملوك الآشوريين :
أدد – نيراري الثاني ( Adad – nirari II ) ( 911 – 891 ق . م ) :
أول ملوك العصر الآشوري الحديث، ومنقذ البلاد من جملة المصاعب التي حلت بها في العصر الآشوري الوسيط ، لذلك اتخذت الأوضاع السياسية في بلاد آشور منحى جديداً باعتلاء هذا الملك العرش ، إذ قام أدد – نيراري الثاني بعدة حملات عسكرية ضد الأقوام التي تهدد كيان الدولة الآشورية ، واختلفت أهداف تلك الحملات من غارات تأديبية وعمليات استحواذ على غنائم إلى محاولة تثبيت الأوضاع والاستقرار بغية ضمان أمن حدود بلاد آشور وسلامتها (3)
بدأ أدد – نيراري الثاني حملاته العسكرية بالتوجه نحو الجنوب ( أي بلاد بابل ) وذلك بسبب توسع الأخيرة باتجاه الشمال وذلك في عهد ملك سلالة بابل الثامنة شمش – مداميق ( shamash – mudammiq ) ( 941 – 901 ق . م ) مستغلة الظروف السيئة التي تمر بها بلاد آشور ، حتى إنهم سيطروا على بعض المدن الرئيسة مثل أرابخا ( كركوك )(4) ، لذلك تقدم أدد – نيراري الثاني باتجاه هذه المنطقة وتمكن من السيطرة عليها ولم يكتفِ بذلك بل إنه تقدم بإتجاه الشرق من بلاد بابل حتى وصل إلى مدينة الدير ( بدرة حالياً )(5) ، وأنه تمكن من ضم منطقة حمرين الواقعة جنوبي الزاب الأسفل(6) ، وبذلك تمكنت بلاد آشور ، من تأمين حدودها الشرقية والجنوبية (7) , أما باتجاه الغرب فلقد شن أدد – نيراري الثاني عدة حملات ضد خانيكلبات خلال السنوات ( 900 – 896 ق . م ) وكان عددها حوالي ستة حملات تمكن فيها من فرض هيمنته على بعض الدويلات الآرامية وإنتزاع اعترافها بالدولة الآشورية وذلك في المنطقة الممتدة من منبع الخابور إلى الفرات الأوسط (8).
وأول حملاته على خانيكلبات كانت ضد التيمانيين (9)Temannite )) الذين تجمعوا تحت قيادة ملكهم نور – أدد ( Nur – Adad ) عند مدينة بازوا ( pauza ) الواقعة قرب سفوح جبال كاشياري ( طور عابدين ) ، والذين أخذوا بالتوسع على حساب الدولة الآشورية(10) ، لذلك جهز أدد – نيراري الثاني حملة ضد تلك الأقوام تمكن فيها من هزيمتهم وملاحقة فلولهم الفارّة من مدينة بازوا إلى مدينة (11) نصيبين (12) Nasibina )).
ويذكر حمتله تلك في النص :
(( زحفت إلى بلاد خانيكلبات ، نور – أدد ، التيماني ، جمع حشوده استعداداً للمعركة عند مدينة بازوا الواقعة عند قدم جبل كاشياري هزمتهم وقمت بملاحقتهم من مدينة بازوا إلى مدينة نصيبين وحطمت أعداداً ضخمة من عرباتهم ))(13) .
استمرت حملات أدد – نيراري الثاني على الجبهة الغربية ، وتمكن من إخضاع عدد من المدن الواقعة أعالي بلاد الرافدين ومنطقة الفرات الأوسط لسلطته ، إذ استلم هدايا الطاعة والولاء منها وهي مدينة سـوخي ومدينة أياريدي ( Iaridi ) ومدينة ســراقو ( Saraqu )
ومدينة خوزيرينا ( Huzirina ) وبيت أديني الواقعة على نهر الخابور(14) .
إلا إن تلك المدن خرجت عن الطاعة الآشورية مرة ثانية حيث يذكر أدد – نيراري الثاني أنه في السنة الرابعة من حكمه جهز حملة ضد الأراميين الذين تمردوا عليه بقيادة موكورو ( Mukuru ) وتمكن من هزيمتهم (15) ، إذ يذكر في النص :
(( وجهت عرباتي وجيشي ضد ( قيدارا ) التي يدعوها الآراميون ( راتامماتو ) والتي في أيام تجلاثبليزر ابن آشور – ريش ايشي ملك آشور الذي سبقني كان قد أخضع الآراميين فيها ، وبشجاعة قلبي التي لم تكن عند آبائي الملوك هزمت المدن المحيطة بها فخاف الآراميون من أسلحتي الفتاكة وهجماتي القاسية فدخلت مدينة ( راتامماتو ) وبكل شجاعة طردت المدعو ( موكورو ) من قصره بعد أن جمع ممتلكاته وأحجاره الكريمة الغالية وعرباته وخيوله وزوجاته وأبنائه وبناته ووضعها أمامي وقمت بتكبيله وأخوته بقيود من نحاس وجلبتهم إلى مدينة آشور ))(16) .
ثم واصل أدد – نيراري الثاني حملته وتوجه نحو نهر الخابور وأخضع مدينة كوزانا ( عاصمة بيت بحياني ) (17) ، ثم اتجه نحو سيكانو ( تل الفخارية ) (18) التي وقعت تحت سيطرته كما تمكن من ضم مدينتي لاقي (19) وخندانو (20)، وأصبحت تلك المدن مقاطعات تابعة
لبلاد آشور تدفع هدايا الطاعة والولاء كل سنة (21).
أما الحملة الأخيرة لأدد – نيراري الثاني فقد كانت ضد نصيبين التي سبق وإن التجأ إليها نور – أدد مع فلوله المهزومة ، وتمكن أدد نيراري الثاني من دخول هذه المدينة بعد الحصار الذي فرضه على المدينة ، وقتل نور – أدد ونصب بدلاً عنه المدعو آشور – ديني - آمور حاكماً عسكرياً في المنطقة(22) ، متبعاً بذلك الأسلوب الذي سلكه غيره من الآشوريين ممن سبقوه في إدارة الأقاليم التابعة للدولة الآشورية (23).
ويرد ذكر هذه الحملة في النص :
(( حاصرت نور – أدد التيماني ، في مدينة نصيبين وأقمت حصاراً حوله وضعت هناك آشور – ديني – آمور ، قائد الجيش . نور – أدد حفر خندقاً ، لم يكن موجوداً من قبل في الصخر ، حصن المدينة وشيد سوراً ليحميها . أحطت الخندق وتمكنت من أجتيازه والدخول إلى المدينة . بقوة الإله آشور ، سيدي ، استوليت على المدينة وجلبت الغنائم منها،.... جلبت نور – أدد أمامي سوية مع قواته أخذتهم رهائن ، أضفت المدن مع سكانها إلى بلاد آشور )) (24) .
ومن أهم أعمال هذا الملك على الجبهة الغربية هو إعادة السيطرة الآشورية على مدينة أبقو ( Apku ) تل أبو ماريا إلى الغرب من نينوى بحوالي 25 كم ، والتي كان الآراميون قد سيطروا عليها مستغلين فترة الضعف التي حلت ببلاد آشور في العصر الآشوري الوسيط ، حيث أعاد هذا الملك بناء هذه المدينة جاعلاً منها حصناً وقاعدة للحملات العسكرية على الجبهة الغربية (25).
أما في الجهات الشمالية والشمالية الشرقية فلقد قاد حملتين ، الأولى كانت في سنة 895 ق . م نتيجة للإضطرابات والتمردات التي حدثت في عدة مدن منها مدينة كومو ( Kummu ) أو قوماني (26) الواقعة عند الزاوية الشمالية الشرقية من الحدود العراقية التركية حالياً (27)، وكذلك في إقليم خبخو ( جنوب - شرقي تركيا الحالية )(28) ، لذلك تدخل أدد – نيراري الثاني وقاد حملة عسكرية تمكن فيها من إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة ، وبذلك أصبحت تلك المناطق تابعة للدولة الآشورية وأصبح عليها أن تدفع هدايا الطاعة والولاء سنوياً(29)، ولقد ورد ذكر هذه الحملة في النص :
(( زحفت لتقديم العون إلى مدينة كومو ، قدمت القرابين للإله أدد في مدينة كومو ، سيدي . أحرقت مدن بلاد خبخو . أخذت ممتلكات هذه البلاد وفرضت عليهم إرسال هدايا الطاعة والولاء باستحقاق ))(30) .
إلا إن تلك المناطق ما لبثت أن تمردت على الدولة الآشورية وامتنعت عن إرسال فروض الطاعة والولاء لذلك اضطر " أدد – نيراري الثاني في سنة 894 ق . م إلى تجهيز حملة ثانية ضد مدينة كومو وعدد من المدن الأخرى (31) ، ويرد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( زحفت للمرة الثانية إلى مدينة كومو . فتحت ، أحرقت وحطمت كونو ( Kunnu ) ، تابسيا ( Tabsia ) ، مدن بلاد خبخو عند أطراف كومو التي امتنعت عن إرسال هدايا الطاعة والولاء ))(32) .
وتكمن أهمية تلك الحملات في إنها حققت أمن الدولة الآشورية وسلامتها من هجمات الدويلات الآرامية والممالك الموجودة في آسيا الصغرى ، واعتراف تلك الممالك والدويلات بالسيادة الآشورية عليها ، ودفعها لهدايا الطاعة والولاء كل سنة ، هذا فضلا عن تحقيق مكاسب تجارية وذلك بتأمين طرق التجارة إلى آسيا الصغرى والبحر المتوسط ، ومن ثُم توفير المواد الأولية اللازمة للدولة الآشورية (33) .
وفي نهاية عهد أدد – نيراري الثاني تجدد النزاع بين بلاد آشور وبلاد بابل في عهد ملكها نابو – شومو – أوكن ( Nabu – shumu – ukin ) ( 899 – 888 ق . م ) ، الذي تولى الحكم بعد أن قضى على شمش مداميق ( 941 – 901 ق . م )(34) .
لقد كان من نتيجة ذلك الصراع ، أن عقدت معاهدة نصت على ترسيم الحدود بين بلاد آشور وبلاد بابل ، ويبدو إن هذه المعاهدة كانت لصالح الآشوريين (35) ، إذ عُد الخط المار جنوب مدينتي دور – كوريكالزو ( عقرقوف حالياً ) وسبار ( أبو حبة حالياً ) حداً شمالياً لمملكة بابل (36) ، وبذلك أحكمت السيطرة على الأراضي المحاذية لنهري دجلة والفرات ، وقد توجت تلك المعاهدة بمصاهرة سياسية تزوج فيها كل من الملكين إبنة الآخر(37) ، وردت هذه المعاهدة في التاريخ التعاصري :
(( أدد – نيراري الثاني " ملك آشور " ونابو – شومو – أوكن " ملك بابل " زوجوا بناتهم فيما بينهم ، وأقاموا صداقة مثالية وسلاماً مع بعضهم ، لقد اجتمع شعب بابل وشعب آشور سوية ووضعوا حدوداً لهم )) (38) .
وتُعد هذه المعاهدة (( معاهدة صداقة وسلام )) وأغلب معاهدات العصر الآشوري هي من هذا النوع ، وإن معنى الصداقة والسلام يدل على معنى المساواة وتكافؤ القوى(39) .
وبذلك تمكن الملك أدد – نيراري الثاني من تأمين حدود الدولة الآشورية وتوطيد أركانها تاركا بذلك مهمة توسيع حدودها إلى الملوك الذين خلفوه في الحكم.
توكلتي – ننورتا الثاني (ق.م TukuLti – Ninurta II) (890 – 884):
سار توكلتي – ننورتا الثاني على نهج أبيه أدد – نيراري الثاني في اتباع سياسة التوسع والحملات الحربية على المناطق المجاورة ، إلا إن فترة حكمه القصيرة والتي تقدر بحوالي ( 6 سنوات ) لم تمكنه من توسيع رقعة الدولة الآشورية إلى مناطق أبعد مما وصلت إليه في عهد أبيه (40).
وجه هذا الملك نشاطاته العسكرية والحربية بإتجاه المناطق الشمالية وذلك لضمان طرق التجارة في ذلك الإتجاه(41) ، فكانت السنوات الأربعة الأولى من حكم هذا الملك موجهة في تسيير حملات ضد بلاد نائيري الواقعة إلى الجنوب الغربي من بحيرة وان (42) ، إذ توجه الجيش الآشوري من مدينة نينوى إلى منابع نهر دجلة ( سبنات ) ( Sabnat ) ، حتى وصل إلى جبل كاشياري ( طور عابدين ) (43)، وإصطدم هناك بـ: آمي بعل ( Amme – baal ) حاكم مقاطعة بيت زماني الواقعة في منطقة ديار بكر الحالية وعاصمتها آميدي ( Amedi )، وتمكن من هزيمته وبذلك أصبحت هذه المنطقة تابعة للدولة الآشورية يؤدي حاكمها قسم الطاعة والولاء للملك الآشوري (44) ، وفرض عليه تقديم الهدايا ولعل من أهم ما قدمه هو الخيول (45).
ولقد ورد ذكر هذه الحملة في أحد نصوص هذا الملك :
(( في شهر حزيران ، فــي اليوم الأول ، مـــن ســنة أيلي- ميلكو ( ILi – miLku ) تحركت من نينوى ، زحفت إلى بلاد نائيري عبرت إلى نهر سبنات إلى جبل كاشياري إلى مدينة باتشكوم ( Patishkum ) العائدة إلى آمي – بعل ، رجل بيت - زماني ، اقتربت .... وفي اليوم العاشر أقمت ..... في داخل المدينة . حطمت مدنهم ، حيث بلغ الأعداء الرعب مني أخذت منهم الغنائم ، .... أصفحت عن آمي – بعل بعد أن جعلته يؤدي قسم الطاعة والولاء لي )) (46) .
أما في الأقاليم الشرقية فقد قاد هذا الملك حملة وصل فيها إلى منطقة كيروري ثم توجه بعد ذلك إلى الشرق نحو مدن أرض لدانو ( Ladanu ) اللولوبي ، وتمكن من ضم ثلاثين مدينة ، كما لاحق فلولهم المهزومة حتى منطقة الزاب الأسفل(47) ، ولقد ورد ذكر هذه الحملة في النص :
(( انطلقت من العاصمة آشور ، ووصلت إلى جبل كيروري ( Kirriuru ) ودخلت إلى جبال أروبنا ( Urrubna ) وأشرون ( Ishrun ) وصلت إلى مناطق لم يصل إليها أحد من الملوك ممن سبقني ، .... واجتزت طرق وعرة صعبة المرور ، ثم توجهت نحو مدن أرض لدانو ( Ladanu ) اللولوبي ، وهزمت ثلاثين مدينة بين الجبال ، وحملت على .... حطمت ودمرت وأحرقت مدنهم ، ثم لاحقت فلولهم المهزومة حتى الزاب الأسفل )) (48) .
وبذلك تمكن توكلتي – ننورتا الثاني من تحقيق أمن المنطقة الواقعة بين الزاب الأعلى والزاب الأسفل ، ومهد الطريق بذلك لحملته اللاحقة نحو الجنوب إلى المنطقة الواقعة شرقي دجلة (49)، ففي سنة 885 ق . م انطلق توكلتي ننورتا الثاني في حملته هذه من مدينة آشور وسار على طول وادي الثرثار (Tartara) ، ونتيجة للصعوبات التي واجهها الجيش في تلك المنطقة تحول سير الحملة إلى نهر دجلة في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من تكريت حيث تتوفر المياه العذبة والمؤن اللازمة للجيش(50) ، وتمكن الجيش الآشوري في تلك المنطقة من إخضاع عدد من المدن التابعة لقبيلة أتو (Itu أو Utu ) الآرامية (51) ، ثم واصل مسيره إلى الجنوب نحو مدينة كوريكالزو ( عقرقوف ) وسبار ، ولم تظهر بلاد بابل التي كانت تحت حكم الملك البابلي نابو – أبلا – أيدينا (Nabu – Abila – Idena ) ( 887 – 855 ق . م ) أي مقاومة تذكر(52) ، وذلك لأن المد الآشوري في هذه المرحلة أصبح صعب المقاومة.
ولقد ذكرت هذه الحملة في النص :
(( تحركت من العاصمة آشور ...... وعبرت وادي الثرثار (بالآشورية تارتارو ) ، أقمت مخيماً وأمضيت الليل ، .... ثم غادرنا مصب الثرثار لنمضي عند منطقة خماتو وأراضيها الوعرة . وحين وصلنا المنطقة المعيشية لاحظت وجود عدد من الوديان وكانت الآبار حولها مخربة ... ( ورغم ذلك ) كان الماء وفيراً فأقمت مخيماً وأمضيت الليل .. اقتربت من نهر دجلة واستوليت على مراكز منطقة أتوءا وقراها الواقعة على نهر دجلة . لقد قضيت عليهم وأخذت أسلابهم . أقمت مخيماً وأمضيت الليل في مدينة آصوصو . غادرت مدينة آصوصو . وفي اليوم الثالث مضيت عبر الأحراش من غير مرشد أو دليل حتى وصلت دور – كوريكالزو ( عكركوف حالياً )) (53) .
والملاحظ في هذه الحملة أن توكلتي – ننورتا الثاني قد وصف خط سير الحملة وتحركات الجيش الآشوري ودون المناطق والمواقع والمدن المهمة التي مرت بها الجيوش في أثناء تلك الحملة مما له أهمية كبيرة من الناحيتين التاريخية والجغرافية (54) .
وإن ذكره للمدن والمناطق الخاضعة للآراميين يدل على تعاظم النفوذ الآرامي في تلك المنطقة ومن ثم تهديد حدود بلاد آشور (55).
وأثناء عودته من بلاد بابل سار بمحاذاة نهر الفرات حتى وصل إلى مدينة عانة في أرض سوخي التي تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات وتسلم هدايا الطاعة والولاء من حاكمها أيلو – أبني – (56iLu – ibni ) () ، كما تسلم هدايا الطاعة والولاء من حاكم مدينة خندانو المدعو آمي – الابا (57ِAmme – Alaba) () ، وقدم له حاكم مدينة لاقي المدعو حراني ( Harani ) هدايا كثيرة (58).
تمثلت الهدايا التي كانت تستحصل من القبائل الآرامية بالذهب والفضة والبرونز والقصدير وكذلك الجمال الأمر الذي يشير إلى وجود علاقات مع جنوب الجزيرة العربية فضلا عن الأثاث المطعم بالعاج والمر الذي كان يجلب من مناطق الهند ويستخدم كمادة حافظة ، ومن نوع الهدايا نستنتج أن الدويلات الآرامية كانت دويلات غنية ، وأنها كانت ترتبط بعلاقات تجارية مع المناطق المجاورة لها كالجزيرة العربية وسوريا والمدن الفينيقية(59) .
وفي السنة نفسها ( 885 ق . م ) توجه توكلتي – ننورتا الثاني في حملاته نحو آسيا الصغرى حيث اتجه من مدينة نصيبين إلى المدن العائدة لبلاد المشكو في آسيا الصغرى ويذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( تحركت من مدينة .... وأقمت مخيماً وأمضيت الليل في مدينة نصيبين . تحركت من مدينة نصيبين ، أقمت مخيماً وأمضيت الليل في مدينة خوزيرينا ( Huzirina ) . تحركت من خوزيرينا ، أقمت مخيماً وأمضيت الليل في مدينة .... التي أعاد تنظيمها توكلتي – ننورتا . واقتربت من الجبال ذات الممرات الصعبة ، العائدة لبلاد المشكو . في اليوم الرابع مدينة بيرو .... أخذت الغنائم منها ، .... وأحرقت المدن والمزارع الموجودة هناك ، وفـرضت عليهم إرسال هدايا الطاعة والولاء )) (60) .
استمر توكلتي ننورتا – الثاني بتقدمه في آسيا الصغرى وأخضع عدداً من المدن الواقعة في بلاد كلزانو ( Cilzanu ) ونائيري لسلطته ، وتسلم منها هدايا الطاعة والولاء ولاسيما الخيول التي لها أهمية كبيرة في تجهيز الجيش الآشوري في حملاته العسكرية (61).
ولما توفي هذا الملك في سنة 884 ق . م كانت حدود الدولة الآشورية تمتد من شمالي العراق إلى جميع أطراف ما بين النهرين العليا وإلى جبال زاكروس شرقاً (62) .
آشور – ناصر بال الثاني (ق.م Ashur – nasirpal II) (883 – 859) :
ورث آشور - ناصر بال الثاني عن أبيه توكلتي ننورتا الثاني دولة قوية موطدة الأركان ، تمكن من توسيع رقعتها إلى المناطق المجاورة وذلك عن طريق إدارته المنظمة وسلطته الحازمة ، حيث اعتمد هذا الملك في حملاته ضد المناطق المتمردة على اسلوب السرعة والمباغتة في مهاجمة الأعداء ومعاقبة للقبائل المتمردة ضد الحكم الآشوري وذلك لتكون عبرة لغيرها من القبائل الأخرى(63) .
بدأ آشور – ناصر بال الثاني أولى حملاته سنة 883 ق . م باتجاه المناطق الشرقية والشمالية الشرقية لكونها منطقة حدودية مفتوحة فكان لابد من تأمين حدود الدولة الآشورية في هذا الإتجاه ، وقد وصل هذا الملك في حملته هذه إلى إقليم تومي (64) Tumme )) إلى الجنوب من منطقة كيروري (65) . ويذكر لنا المصاعب التي واجهها أثناء سيره في طرق وعرة وصعبة المرور ، حيث يذكر في النص :
(( قمم الجبال كانت مرتفعة كأنها خنجر حديدي ، لا يستطيع أي طائر في السماء من الوصول إليها ، وحصونهم أشبه بأعشاش الطيور داخل تلك الجبال ، التي لم يصل أحد من آبائي الملوك إليها ، ولمدة ثلاثة أيام كان كل محارب يفتش الجبل وقلبه الشجاع يتوق إلى المعركة وهو يتسلق راجلاً مدمراً أعشاشهم ومبعثراً قطعانهم )) (66) .
وهكذا تمكن آشور – ناصر بال الثاني من إخضاع هذه المنطقة لحكمه وتسلم هدايا الطاعة والولاء منها (67) ، ثم واصل سيره نحو منطقة كيروري ( Kiruri ) ، وتمكن من السيطرة عليها وتسلم منها هدايا الطاعة والولاء (68)، وتوغل في إقليم المانيين جنوب بحيرة أورميا بين بلاد آشور ومقاطعات ميديا(69) ، ومقاطعة أدادوش على الضفة اليمنى من الزاب الأسفل (70) جنوب كويسنجق حالياً (71) .
بعد أن أخضع آشور- ناصر بال الثاني الأقاليم السابقة ، استسلمت له الجماعات التي تقطن في كلزانو وخوبوشكيا ( Hubushkea ) الواقعة في بلاد نائيري دون حرب (72)، وقدمت هدايا الطاعة والولاء للملك خوفاً ورهبة من العقاب الذي ستناله إذا ما تمكنت الجيوش الآشورية من دخول أراضيها (73) ، ويخبرنا في النص :
(( بينما كنت في بلاد كيروري ( Kirrure ) مهابة الإله آشور ، سيدي ، أرعبت سكان كلزانو وخوبوشكيا ، وسارعوا إلى تقديم هدايا الطاعة والولاء من الخيول )) (74) .
ثم واصل تقدمه شمالاً من إقليم كيروري بإتجاه الشمال الشرقي نحو إقليم خبخو ( Habhu ) ( جنوب – شرقي تركيا الحالية ) ، وتمكن من الاستيلاء على سبع مدن من ذلك الإقليم دون مقاومة تذكر(75) ، ويذكر حملته هذه في النص :
(( تحركت من بلاد كيروري وعبرت باتجاه بلاد خبخو استوليت على مدنها خاتو ( Hattu ) خاتارو ( Hataru ) ، سابيدي ( Sabidi ) ، متكيا ( Metqia ) ، أرصانيا (Arsania ) ، تيلا ( Tela) ، خالوا ( Halua) ، مدن بلاد خبخو المحصنة بالجبال المنيعة ، أخذت أسلابهم وممتلكاتهم )) (76).
وبعد حملته هذه عاد آشور – ناصر بال الثاني إلى نينوى ليقضي فصل الشتاء فيها ، حيث اعتاد الآشوريون على شن حروبهم في بداية موسم الصيف ، أي بعد انتهاء موسم الحصاد وذلك للاستفادة من الأيدي العاملة في الجيش (77).
وفي صيف سنة ( 883 ق . م ) توجه نحو المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية ووصل إلى منطقة تدعى جبل نيبور ( Nipur ) ثم انعطف بجيشه غرباً وعبر نهر دجلة باتجاه الإقليم الآشوري كدموخ عند الضفة الغربية لأعالي نهر دجلة (78) متسلماً هدايا الطاعة والولاء من إقليم كدموخ ومن المشكو والفريجيين شرق الأناضول ( تركيا الحالية ) (79) ، ويرد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
((في السنة نفسها ( 883 ق . م ) وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر آب ، وبتفويض الآلهة العظام ، اسيادي ، زحفت من مدينة نينوى إلى المدن الواقعة عند قاعدة جبال نيبور وبساتي ( Pasate) ، الجبال المنيعة ، هزمت مدن أتكون ( Atkun ) ، أوشخو ( ushhu ) بيلازي ( Pilazi) وعشرين مدينة محيطة بها ، دمرت ، وأحرقت مدن الأعداء الذين انهزموا أمامي ، تحركت من المدن التي عند قاعدة جبال نيبور وبساتي . عبرت نهر دجلة واقتربت من بلاد كدموخو . أستلمت هدايا الطاعة والولاء منهم )) (80).
وأثناء تواجد آشور – ناصر بال الثاني في مقاطعة كدموخ وصلته التقارير من عيونه ( استخباراته ) الموجودة في الخابور ، تفيد بأن بيت أديني تشجع الدويلات الآرامية للتمرد ضد السلطة الآشورية وإن سورو في بيت حالوبي تمردت وقتل حاكمها ( خمتايا ) ونصب بدلاً منهم أخي – أبابا المجهول الأصل (81) ، ويرد ذكر هذه الحملة في النص :
(( إن مدينة سورو في بيت حالوبي تمردت وأن أهلها قتلوا ( خمتايا ) حاكمهم ونصبوا أخي – يبابا الذي لا يعرف أباه والذي جلبوه من بيت أديني ملكاً عليهم ))(82) .
وعندما اقترب آشور – ناصر بال الثاني من مدينة سورو في بيت حالوبي خرج إليه شيوخ المدينة يطلبون منه العفو والصفح عنهم (83) ، إلا إنه استخدم العنف معهم فهو يذكر ذلك في النص :
((وبشجاعة قلبي اختطفت أخي – يبابا ، وأخذته أسيراً وحررتهم منه ، ودخل ضباطي إلى قصره ، ... وأخذت نساء قصره وبناته وأسرى من المتمردين ، سوية مع ممتلكاتهم ، ... أخذتهم أسرى مع آلهتهم ))(84) .
وما إن انتشرت أخبار حملته هذه ضد سورو إلى المناطق المجاورة حتى سارعت إليه مدن خندانو ولاقي الواقعة على الفرات إلى الجنوب من نهر الخابور وأعلنت ولاءها للملك وقدمت له هدايا الطاعة والولاء (85) .
وفي سنة 882 ق . م قام آشور – ناصر بال الثاني بحملة ضد المتمردين في خالزيلوخا ( Halziluha ) في الطرف الغربي من جبال كاشياري ( طور عابدين ) (86) ، إذ وردت له الأخبار في مدينة نينوى أثناء استقباله لوفود ممثلي حكام مقاطعة سوخي ( Suhui ) ( في حوض الفرات الأوسط ) الذين جاءوا ليقدموا له هدايا الطاعة والولاء(87) ، إذ أفادت تلك الأخبار عن حدوث تمرد في مدينة خالزيلوخا يقوده حاكمها المدعو خولايا ( Hulaya ) الذي استولى على مدينة دامداموسا(88) Damdammusa ) ) ، لذلك توجه هذا الملك بجيشـه نحو تلك المدينة وتمكن من دخولها والقضاء على المتمردين فيها وتدمير المدينة (89)، ويرد ذكر هذه الحملة في النص :
(( عبرت إلى جبل كاشياري واقتربت من مدينة كينابو ( Kinabu )، المدينة المحصنة لخولايا المتمرد ، حطمت المدينة واستوليت عليها، ... خولايا حاكمهم أسرته حيا ، قتلته وعلقت جثته على جدران مدينة دامداموسا )) (90).
واصل آشور – ناصر بال الثاني حملته واستولى على عدد من المدن التي تقع في جبال كاشياري ( طور عابدين ) (91)، ثم توجه نحو مقاطعة توشخان ( Tushhan) ( كرخ حديثاً ) والتي تقع إلى الشمال الغربي من بلاد آشور في جبال كاشياري ، فاستولي عليها وجعل منها مركزاً إدارياً (92) وقاعدة ضد بلاد كاشياري ونائيري ، وذلك عن طريق تحصينها وتجهيزها بالحبوب والمؤن التي كانت تجمع من المناطق المجاورة لها ، وذلك لتتمكن من تأمين احتياجات الجند ، وللصمود أثناء الحصار لأطول مدة ممكنة (93) ، هذا فضلا عن قيامه بإسكان الآشوريين الذين هاجروا من مناطق أخرى نتيجة فقرهم في تلك المقاطعة(94) .
وسجلت السنة 881 ق . م قيام آشور – ناصر بال الثاني بحملة ضد قبائل اللولوبو الذين يتزعمهم الآرامي نور – أدد شيخ مقاطعة داكارا (95)Dagara )) التي تقع إلى الشرق من ممر بابيتي ( دربند بازيان حديثاً ) (96) حيث قامت هذه القبائل وبتحريض من القبائل الجبلية في إقليم زاموا ( في السليمانية ) (97) ، بإغلاق مضيق بازيان(98) المهم بالنسبة للتجارة الآشورية، حيث تحصل بلاد آشور على الأخشاب والمعادن من الجهة الشرقية عن طريق هذا المضيق(99) .
تمكن آشور – ناصر بال الثاني من القضاء على ذلك التمرد ، ومعاقبة الذين شاركوا فيه، إلا إن نور – أدد تمكن من الفرار(100) .
ثم تقدم آشور – ناصر بال الثاني بإتجاه مدينة بارا ( Bara ) الواقعة عند المدخل الشمالي الغربي من وادي السليمانية ، واتخذها قاعدة لإنطلاق الحملة التي تلتها لتحرير الجزء الشمالي من الوادي (101).
وفي السنة نفسها جهز آشور – ناصر بال الثاني حملة جديدة انطلق فيها من مدينة كاليزي إلى الجنوب الغربي من أربيل ، ثم توغل في القسم الجنوبي من سهل شهرزور ووصل إلى مقاطعة زاموا ( في السليمانية ) ، حيث أخضع المدن والمناطق التي مر بها (102).
إن حملة آشور – ناصر بال الثاني السابقة كانت حملة استكشافية واستطلاعية وذلك لأن المدن التي دخلها هذا الملك سرعان ما تمردت بعد مغادرته لها (103) ، أي إنه لم يسيطر عليها سيطرة كاملة .
وفي سنة ( 880 ق . م ) جهز آشور – ناصر بال الثاني حملة ضد قبائل اللولومو وذلك بعد تمردها بزعامة أرشاتو وأميكا حكام مقاطعة زاموا ، حيث أعلنوا عن امتناعهم عن تقديم هدايا الطاعة والولاء (104) ، لذلك جهز هذا الملك حملة ضد أرشاتو في العاصمة أمالي في سهل شهرزور وتمكن من إخضاع هذه المنطقة ثم توجه بعد ذلك إلى الحاكم أميكا في مدينة زامري ( Zamri ) عاصمة إقليم زاموا في الشمال الشرقي من سهل شهرزور وتمكن من الانتصار عليه (105) .
وما إن وصلت أنباء انتصاراته تلك إلى مدن كلزاني وخوبوشكيا الواقعة إلى شمال غرب بحيرة أورميا ، حتى اعترفت بالسيادة الآشورية ، وأرسلت هدايا الطاعة والولاء للملك (106) .
في سنة ( 879 ق . م ) توجه آشور – ناصر بال الثاني بحملة عسكرية ضد المدن الواقعة في جبل كاشياري ( طور عابدين ) نتيجة لتمردها ، وتمكن من إخضاعها وتسلم هدايا الطاعة والولاء منها (107) ، ويرد ذكر هذه الحملة في النص :
(( بعد عبور نهر دجلة بلاد كدموخو ، دخلت قصر مدينة ( تل – أولي ) ( Til – uli ) . تسلمت هدايا الطاعة والولاء من بلاد كدموخو ، عبرت الممرات الجبلية في تلك البلاد . أقمت مخيماً وأمضيت الليل في مدينة كيباكو ( Kibaku ) . تسلمت هدايا الطاعة والولاء من مدينة كيباكو )) (108) .
واصل آشور – ناصر بال الثاني حملته بإتجاه الشمال من جبال كاشياري ، سالكاً طرق وعرة وصعبة المرور عرقلت سير الجيوش الآشورية ولولا وجود صنف الهندسة العسكرية ، لما تمكنت الجيوش من اجتياز تلك الطرق (109).
وفي السنة نفسها أي ( 879 ق . م ) جهز الملك آشور – ناصر بال الثاني حملة إلى منطقة أعالي دجلة حيث دويلة بيت زماني الآرامية وعاصمتها إميدي في ديار بكر(110) وكانت هذه المنطقة قد خضعت لبلاد آشور منذ عهد توكلتي – ننورتا الثاني ( 890 – 884 ق.م)(111)، إلا إن تمرداً قد حدث فيها أسفر عن قتل الحاكم ( آمي – بعل ) ( Ammi - BaL ) التابع للآشوريين ، وربما يكمن السبب وراء قتل هذا الحاكم هو أنه أرهق كاهل الشعب في جمع الأموال التي تقدم في كل سنة كهدايا طاعة وولاء للدولة الآشورية (112) . ولقد ورد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( زحفت إليهم لأنتقم لأمي – بعل ، وأصابتهم الرهبة لسلطاني وعرباتي المزودة بالرجال والخيول ... استوليت على 2 تالنت من الفضة و2 تالنت من الذهب و100 تالنت من الرصاص و100 تالنت من النحاس و 300 تالنت من الحديد و100 آنية برونزية وأواني نحاسية ، ومراجل نحاسية و1000 ثوب من الصدف الملون والمزخرف وثياب الكتان وآنية من الخشب الثمين ، أرائك مطعمه بالعاج والذهب وكنوز قصر الملك ، و200 رأس من الأبقار و5000 رأس من الغنم وأخذت معي أخته مع مهرها الكبير وبنات النبلاء مع مهورهن الغالية )) (113) .
نستدل من النص السابق ، والغنائم التي استحصلها هذا الملك من بيت زماني ، على الثراء والغنى الذي كانت تتمتع به الدويلات الآرامية في حوضي الخابور والفرات الأوسط(114) .
ونتيجة لتعاظم قوة الدولة الآشورية وسيطرتها على منطقة الفرات الأوسط الأمر الذي يؤدي إلى تهديد تجارة بلاد بابل ( سلالة بابل الثامنة ) ، لذا عملت تلك الأخيرة على تحريض الدويلات الآرامية المنتشرة في تلك المنطقة ضد الدولة الآشورية ، وقدمت الإمدادات العسكرية لها (115) ، فأعلن حاكم مقاطعة سوخي التمرد ضد الدولة الآشورية ، لذا انطلق آشور – ناصر بال الثاني سنة ( 878 ق . م ) بحملة عسكرية من مدينة كالح ( نمرود ) وعبر نهر دجلة متجهاً نحو خارميش (116)Harmish )) ، ثم أخذ بالنزول على طول نهر الخابور ومن ثم الفرات ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من المدن الواقعة على طول هذا النهر(117) ، ومن تلك المدن هي بيت حالوبي وخندانو وعانات ( عانة ) (118) ، ثم توجه نحو سورو حيث احتشدت هناك قوات سوخي بقيادة حاكمها كودورو ( Kudurru ) مع قوات بابلية أخرى مساندة لها هي قوات الملك البابلي نابو – أبلا – أدنا ( Nabu – apla – iddina ) ( 878 – 855 ق . م ) ملك سلالة بابل الثامنة ، والتي كانت بقيادة أخيه سيدانو الذي كان على رأس قوة بلغت حوالي ( 3000 مقاتل ) تدعمهم العربات (119) .
اشتبك الطرفان في معركة ضارية ، كان النصر فيها حليف الملك الآشوري(120) الذي غنم غنائم كثيرة ، في حين فر كل من ملك بلاد سوخي وملك بلاد بابل (121).
ويرد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( وبعد قتال دام يومين ، جعلت المعركة داخل المدينة ، وهرب حاكمها كودورو مع 70 من رجاله والقوا بأنفسهم في النهر لإنقاذ حياتهم ، وفرت حشود ملك بابل .... ومن معه .... وغنمت أملاكهم وعرباتهم وخيولها ، وأخذت ممتلكات قصره )) (122).
وبعد تلك المعركة لم يحدث صدام ما بين الآشوريين والبابليين ، وربما يكون السبب وراء ذلك هو أن البابليين كانوا أضعف من أن يبادروا إلى مهاجمة آشور وأقوى من أن يسمحوا لهم بالسيطرة عليهم (123) .
أما بالنسبة للدويلات الآرامية فأن الحملة السابقة عليها سنة ( 878 ق . م ) ، لم تكن حاسمة بدليل حدوث تمرد في المناطق التي تقع على طول نهر الفرات ، حيث تمردت عدة مدن وقلاع في بلاد سوخي(124) .
لذلك جهز آشور ناصر بال الثاني حملة إنطلق فيها من العاصمة العسكرية كالح ( نمرود ) ، نحو المدن المتمردة وتمكن من إخضاعها ومنها مدينة لاقي وحاكمها أزي – أيلو ( Azi – ilu ) ومنطقة خندانو(125) ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء منها ، فمثلاً بعثت ولاية خندانو بكمية كبيرة من العقيق ( الذي جلب من الهند ) محمول على ظهر الجمال إلى بلاد آشور(126) .
وللقضاء على تمرد القبائل في مدن إقليم لاقي والقرى التابعة لها عمل آشور – ناصر بال الثاني على ترحيل (( 5000 )) (127) من سكانها إلى بلاد آشور(128) ، كما قام ببناء مدينتين عسكريتين في إقليم لاقي الأولى على ضفة نهر الفرات اليمنى أطلق عليهم اسم نيبارتي – آشور ( Nibarti – Aššur ) والأخرى على ضفته اليسرى ودعاها بـ كار آشور ناصر بال (129) Kar Aššur – Nasir - pal )) .
لم يبق من الدويلات الآرامية سوى دولة بيت أديني التي جهز الملك حملة إليها في سنة 875 ق . م انطلق فيها من العاصمة كلخو إلى بيت أديني مباشرة (130) ، وتمكن من دخول المدينة عن طريق المعدات الحربية وآلات دك الحصون وتسلم هدايا الطاعة والولاء من ملكها أخوني (131) Ahuni)) .
وبعد تلك الحملة أصبح الطريق للوصول إلى البحر المتوسط مفتوحاً أمام آشور – ناصر بال الثاني الذي توجه في حملته اللاحقة إلى البحر المتوسط والتي كان الهدف منها هو إظهار قوة وهيبة الجيش الآشوري والملك المنتصر الذي سار من كركميش وحتى ساحل أنطاكية عبر جبل أورنتس وجبال لبنان حتى وصل إلى ( بحر أمورو العظيم ) البحر المتوسط الذي لم يسبقه في الوصول إليه سوى تجلاثبليزر الأول ( 1115 – 1077 ق . م ) (132) .
لم يحدث أي صدام بين آشور – ناصر بال الثاني والدويلات الآرامية التي مر بها في أثناء حملته هذه (133) ، فهو يذكر أنه تسلم هدايا الطاعة والولاء من تلك المدن دون أي مقاومة تذكر من بيت بحياني وبيت أديني (134).
ولقد ورد ذكر هذه الحملة في نصه :
(( غسلت أسلحتي في البحر العميق وقدمت نذراً من الخرفان إلى الآلهة . تسلمت هدايا الطاعة والولاء من ساحل البحر من أهالي تاير ( صور ) سيدون ( صيدا ) ، وبيبلوس ، فضلا عن محالاتا ميز ، وأمورو ومن أرفاد التي هي ( جزيرة ) في البحر ، قوامها الذهب والفضة والقصدير والنحاس والأواني النحاسية والملابس المصنوعة من الكتان والموشاة بالزخارف الملونة ، فضلا عن مجموعة من القردة الكبيرة والصغيرة والأخشاب المختلفة الأنواع وعاج حيوان الفظ ( حيوان بحري شبيه بالفقمة ) . تلك كانت هدايا الطاعة والولاء التي تسلمتها منهم بعدما عانقوا قدمي )) (135) .
هذا ويمكن القول أن آشور – ناصر بال الثاني قد استثنى من حملته تلك مملكتي دمشق وحماة الآراميتين بسبب القوة والمكانة المهمة التي كانت تتمتع بهما كلتا المملكتين (136) .
وفي سنة 866 ق . م قاد آشور – ناصر بال الثاني حملة ضد بلاد قيبانو في مدينة خوزيرينا ( Huzirina ) الواقعة في أعالي الخابور(137) ، ولقد ورد ذكر هذه الحملة :
(( تحركت من مدينة كالح ... وعبرت دجلة باتجاه بلاد قيبانو ( qipanu ) وتسلمت هدايا الطاعة والولاء من حاكم بلاد قيبانو في مدينة خوزيرينا (138) Huzirina ) ))) .
وأثناء تواجد آشور – ناصر بال الثاني في مدينة خوزيرينا توافد إليه حكام المقاطعات المجاورة لدفع هدايا الطاعة والولاء ، فمثلاً تسلم الهدايا من آتي ( Itti ) حاكم أيسيلا ، وبعد ذلك توجه شمالاً حتى ضفاف الفرات العليا ، متسلماً هدايا الطاعة والولاء من المدن التي مر بها(139) .
وفي نهاية تلك الحملة توجه هذا الملك نحو دامداموسا ( قرب جبال كاشياري ) ، وذلك بسبب تمردها للمرة الثانية حيث سبق لآشور – ناصر بال الثاني أن أخضع هذه المنطقة (140)، وربما يكون السبب وراء هذا التمرد ضد السلطة الآشورية هو بتحريض من آميدي عاصمة بيت زماني في ديار بكر والتي تتمتع بمركز قوي ومهم في المنطقة (141) .
ويرد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( إقتربت من مدينة دامداموسا ، وهي مدينة إيلانو ( iLanu ) المحصنة رجل بيت – زاماني . حاصرت المدينة ، واقتحمتها وطاردهم مقاتلي كالطيور قتلت بسيفي الأعداء وأسرت الكثير منهم ، وأصبحت المدينة ملكاً لي . أخذت قسماً من أسراهم ورؤوس قتلاهم إلى المدينة الملكية آميدي )) (142) .
وربما يكون السبب وراء حدوث التمردات في إقليم كاشياري ( طور عابدين ) إلى تحريض مملكة أورارطو التي بدأت قوتها بالنمو في تلك الفترة (143) ، لذلك توجه الجيش الآشوري نحو مدينة آميدي ( في ديار بكر ) وهناك تمكن من إخضاع عدد من المدن في مقدمة جبال كاشياري والتي يصفها بأنه لم يصل إليها أحد من الملوك السابقين (144) .
ولقد ورد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( تحركت من مدينة آميدي ، دخلت ممر جبل كاشياري عند مدينة الابسيا ( ALLabsia ) التي لم يصلها أي من الملوك قبلي ، أخضعتها لي . اقتربت من مدينة أودو ( Udu ) وهي المدينة المحصنة للأبتورو بن توبوسو حاصرت المدينة . وعن طريق فتح نفق وبأبراج الحصار وأكباش الهجوم ، استوليت عليها ))(145) .
مما تقدم نرى أن آشور – ناصر بال الثاني تمكن بجهوده العسكرية الكبيرة من إقامة دولة موطدة الأركان قامت على أسس متينة شكلت القاعدة الأساسية لسياسة الملك الذي خلفه صانعاً مجداً إمبراطورياً كبيراً للدولة الآشورية.
شلمنصر الثالث ( Shalmaneser III ) :
ورث هذا الملك دولة موحدة قوية ، عمل على توسيع حدودها لتضم مناطق في جهات أرمينية ، وجبال زاكروس وكيليكية ( في آسيا الصغرى ) ووصل إلى جبال طوروس كما توغل جنوباً حتى الخليج العربي(146) .
تركزت حملات شلمنصر الثالث في الجبهة الغربية المتمثلة ببلاد الشام وذلك للتصدي للأحلاف التي عقدت ما بين الدويلات الآرامية ولاسيما بيت أديني التي كانت تتمتع بثقل سياسي في المنطقة(147) ، إذ عملت على عقد الأحلاف ضد الدولة الآشورية مع عدد من الدويلات المجاورة لها مثل مملكة جورجوم ( Gurgum ) وبيت أجوشي وبتين ( أونقي ) وكيليكيا (148)KliLakia )) لذلك جهز شلمنصر الثالث حملة عسكرية انطلق فيها من نينوى ووصل إلى مدينة لالاتي (La'Lati ) وهي إحدى المدن التابعة لبيت أديني ، وعمل على تدميرها(149) ، ثم واصل سيره نحو المدن الأخرى التابعة لبيت أديني ومنها كيكا ( Ki – ka ) وبورمارانا ( Burmar'ana ) ، فدمر هذه المدن ، وقتل أعداداً كبيرة من المتمردين وتسلم هدايا الطاعة والولاء منهم (150) ، ثم عبر نهر الفرات للقضاء على تمرد المدن الأخرى التابعة لبيت أديني (151) واندفع باتجاه الغرب من بيت أديني نحو بقار خوبوني ( Paqar hubuni ) وتسلم هدايا الطاعة والولاء من حاكم كموخ (152) ، وبعد أن حقق هدفه توجه نحو مدينة لوتيبو ( Lutibu ) والتي كانت تضم الدويلات المتحالفة ضد الدولة الآشورية (153) ، والتي تتكون من سمأل ( Sama'Lite ) وملكها حيانو (Huyanu ) وبتين ( Battinite) ( أونقي ) وملكها سبالولمي (sapalulme ) وكركميش ( Carchemish ) وملكها ( سنغارا ) (154) Sangara ))، ويذكر شلمنصر الثالث حملته هذه :
(( قاتلتهم وهزمتهم وقتلت محاربيهم بالسيف ومثل أدد أمطرت الهلاك عليهم ... وبدمائهم صبغت الجبال مثل الخشب الأحمر ... ودمرت جميع المدن التابعة للملك أحوني وأحرقتها بالنار ))(155) .
واصل شلمنصر الثالث حملته هذه منطلقاً نحو البحر المتوسط ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من المدن التي مر بها(156) ، ثم توجه نحو جبال الأمانوس وجمع الأخشاب من تلك المنطقة وأثناء عودته إلى بلاد آشور تمكن من دخول عدة مدن في بتين ( أونقي ) منها خزازو ( اعزاز ) ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من آرامي (Arame ) حاكم بيت أجوشي (157).
إن حملة شلمنصر الثالث السابقة على بيت أديني لم تكن ناجحة تماماً وذلك لأنها لم تنه التمرد والعصيان ضد الدولة الآشورية في تلك المناطق ، حيث نلاحظ أن هذا الملك جهز حملات أخرى كثيرة إلى تلك المناطق في السنوات اللاحقة .
ففي سنة 857 ق . م جهز حملة أخرى انطلق فيها من مدينة نينوى وعبر نهر دجلة متجهاً إلى تل بارسب ( تل أحمر عاصمة بيت أديني ) في شمال بلاد الشام وهي بمثابة حصن تابع لبيت أديني (158) ، ولم يرد ذكر لأي تفاصيل عن كيفية دخول شلمنصر الثالث إليها مما يشير إلى أن الملك الآشوري لم يتمكن من دخولها (159) ، ثم واصل هذا الملك حملته وبعد عبوره لنهر الفرات تمكن من السيطرة على المناطق التابعة لبلاد أديني ثم دخل في حرب مع سنغارا ملك كركميش ، فأثار هذا الأمر خوف الدويلات المجاورة فتوالوا على الملك الآشوري لدفع هدايا الطاعة والولاء(160) .
وفي سنة 856 ق . م قام بحملة أخرى ضد بيت أديني ، فعبر نهر دجلة ووصل إلى العاصمة ( تل بارسب ) ، حيث معقل أخوني ملك بيت أديني الذي فر بمجرد وصول شلمنصر الثالث إليها ، وتمكن هذا الملك من الاستيلاء عليها وغير اسمها إلى ( كار – شلمنصر ) أي ميناء شلمنصر(161) ، كما تمكن شلمنصر من السيطرة على عدد من المدن الأخرى منها مدينة بترو ( Pitru ) والتي غير الآشوريون اسمها إلى أنا – آشور – أوتر – أصبت ( Ana - Ashur - Uter - Asbat ) ، ومدينة موتكينو ( Mutkinu ) ، والمدينتان السابقتان تقعان على الضفة الشرقية لنهر الفرات(162) ، ونتيجة للأهمية الستراتيجية التي تمتعت بها تلك المدن فقد عمل شلمنصر الثالث على توطيد عدد من الآشوريين فيها وذلك لجعلها مدن آشورية تابعة لبلاد آشور(163) .
واصل شلمنصر الثالث حملته هذه فعبر نهر الفرات ثم توجه شمالاً نحو آسيا الصغرى ، وأخضع عدداً من الأقاليم الموجودة هناك حتى وصل إلى مدينة أرزاشكن ( Arzashkun ) عاصمة الملك الأورارطي أرامو (Aramu ) والتي تقع ربما إلى الغرب أو الشمال الغربي لبحيرة وان(164) ، فاشتبك معه في حرب كان النصر فيها للملك الآشوري الذي غنم غنائم كثيرة من هذه الحملة (165). ولقد ورد ذكر هذه الحملة في أحد نصوصه :
(( زحفت ضد بلاد أنزيت ( Enzite ) في أرض أيشوا (Ishua ) ومن أرض أنزيت إلى بلاد سوهمي ( Suhme ) ومن بلاد سوهمي إلى بلاد دايينو ( Daiaeni ) ، ومن بلاد دايينو إلى مدينة أرصا شكون العاصمة الملكية لأرامو الأورارطي . أرامو بقوة جيشه ، حشد قواته المتعددة من الفرسان ليشن الحرب ضدي ، هزمته ، قطعته عن فرسانه وتجهيزاته الحربية . لينقذ حياته تسلق على الجبال الصعبة وأصبح قومه خائفين أمام لمعان أسلحتي القوية فهجروا مدنهم ، ولجأوا إلى الجبال الشاهقة . فتحت مدينة أرصا شكون ، عاصمته الملكية ، سوية مع المدن المحيطة بها ، غنمت غنائم كثيرة ، حطمت ، دمرت وأحرقت تلك المدن ))(166) .
جهز الملك شلمنصر الثالث سنة 855 ق . م حملة عسكرية نحو بيت أديني وذلك بسبب عودة الملك أخوني إلى العاصمة ( تل بارسب ) بعد أن فر منها ، وعمل هذا الأخير على إثارة الفتن والتمردات ضد الدولة الآشورية (167) ، مما دفع بالملك الآشوري إلى ملاحقته والاصطدام معه في جبل شيتامرات الواقع على الفرات ( شمال بيت عديني ) وهزيمته ، ومن ثم أخذه أسيراً مع قواته وممتلكاته إلى بلاد آشور(168) .
وفي سنة 854 ق . م وجه حملة إلى الشمال نحو جبال كاشياري ( طور عابدين ) في آسيا الصغرى ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من عدة مدن ويذكر هذه الحملة في النص :
(( في سنة حكمي الخامسة ، تحركت خارجاً من نينوى وصعدت جبل كاشياري . استوليت على ( 11 ) قلعة محصنة . حاصرت أنخيتي ( Anhiti) الشوباري في مدينته وتسلمت منه هدايا الطاعة والولاء ))(169) .
أما الحملة اللاحقة في سنة 853 ق . م فلقد كانت موجهة نحو الغرب أي باتجاه بلاد الشام (سوريا) (170) وذلك بعد اتحاد الدويلات في بلاد الشام وفلسطين فيما بينها بعد تعاظم قوة الآشوريين ولاسيما بعد الانتصارات التي حققها شلمنصر عـلى دويلة بيت أدينـي(171) ، فتكون حلفاً كبيراً بقيادة ملك دمشق وملك حماة وملك إسرائيل ضد الدولة الآشورية (172) .
ويبدو أن مصر كانت قد لعبت دوراً كبيراً في تحريض الدويلات الآرامية في بلاد الشام للوقوف ضد الدولة الآشورية وذلك لأنها خسرت المقاطعات التي كانت تسيطر عليها في تلك المنطقة ، وهي لم تكن بتلك القوة التي تمكنها من أن تستعيد تلك المقاطعات ومنافسة بلاد آشور، لذلك أخذت في عهد الفرعون أوسوركون الثاني ( 860 – 832 ق . م ) بتحريض الدويلات الآرامية ضد الدولة الآشورية (173) .
توجه شلمنصر بجيوشه لمواجهة الحلف الذي تشكل ضده في بلاد الشام فعبر نهر الفرات وتسلم هدايا الطاعة والولاء من سنغارا ملك كركميش وقتازيلو ملك كوموخ وأرامي ملك بيت أجوشي ولالي ملك ميليد ( ملاطية ) وحيانو ملك بيت جباري (سمأل "زنجرلي الآن" ) وقلباروندا ملك بتين وكلفارودا ملك جورجوم(174) .
وحالما وصل الملك إلى مدينة حلمان ( حلبو Aleppo ) حتى قدم له ملكها هدايا الطاعة والولاء(175) ، وحينما دخل المدينة قدم الأضاحي للإله أدد (176) ، ثم سار باتجاه المدن التابعة لملك حماة وهي أديني ( Adenni ) وبرجا ( Barga ) وأرجنا ( Argana ) وهي العاصمة (177) ، وبعد أن أخضع تلك المدن لسيطرته استولى على أموال ملك حماة ( أرخوليني IrhuLeni ) واحرق قصوره الموجودة في تلك المناطق(178) .
ولم يبق أمام هذا الملك سوى التوجه نحو قرقر (Qarqar ) في شمال سوريا والتي تعد أحد المدن التابعة لملك حماة (179) ، حيث تجمع فيها الحلف المتكون من أثني عشر ملكاً (180)، بقيادة هددعزر ( أدد أدري في النصوص الآشورية ) ملك دمشق وأرخوليني ملك حماة (181)، ولقد ذكر شلمنصر حملته في النص :
(( أني تسلمت جزية ملوك ماوراء الفرات ، وهم سنغارا ملك كركميش وقتازيلو ملك كوموخ وآرامي ملك بيت آجوشي ولالي ملك ميليد ( ملاطية ) وحيانو ملك بيت جباري ( سمأل ) وقلباروندا ملك بتين وكلفارودا ملك جورجوم ، فضة وذهباً ونحاساً ورصاصاً وآنية نحاسية تسلمتها في آنا – آشور – أوتر – أصبات (ana – Ashur – uter – asbat ) ماوراء الفرات ، في هذه المدينة التي يدعوها الحثيون " بيترو " . ثم انطلقت من الفرات واقتربت من حلب ، فخاف الناس وارتاعوا من شبح الحرب وقبلوا رجلي ، وتسلمت منهم هدايا الطاعة والولاء : فضة وذهباً . وقدمت ذبيحة لأدد حلب . ثم ذهبت من حلب واقتربت من مدينتي أرخوليني ملك حماة وهما " أديني وبرجا " واحتللت بلاطانه . ثم ذهبت من " أرجنا " واقتربت من " قرقر " وخربت مقره " قرقر " . وجعلتها لقمة سائغة للنيران 1200 مركبة و1200 حصان و20.000 جندي من هدد – عزر ( أدد – أدري ) ملك دمشق ، 700 مركبة و700 حصان و 10000 جندي من أرخوليني ملك حماة ، و2000 مركبة و10000 جندي من آحاب ملك إسرائيل ، 500 جندي من قي ، و1000 جندي من مصر و10 مركبات و 10000 جندي من أرقة ( شمالي طرابلس ) ، و200 جندي من متينو – بعل ( Matinu – ba'il ) من أرباد و200 جندي من أوساناتنز ( Usanateans ) ، و30 مركبة و 1000 جمل من العربي جندبو ( ..... ) ، 1000جندي من بعشا بن رحوبي من جبل أمانا ( أنتيلبنان ) فقد أخذ هؤلاء الأثني عشر ملكاً لنصرته وقاموا لمحاربتي . ولكن بالقدرة التي أولانياها ربي آشور وبالأسلحة الجبارة التي قدمها لي " نرغال " الذي يسير أمامي ، حاربتهم ، ومن قرقر إلى " غيلزو " دحرتهم ، وصرعت 14000 من مقاتليهم بسلاحي . ومثل " أدد " أمطرت عليهم وابلاً وبددت جثثهم وملأت السهل من أشلاء جيوشهم القوية ، وبالسلاح أجريت دمهم .... ))(182) .
والملاحظ في النص السابق ، ذكر اسم العرب لأول مرة في النصوص المسمارية وكان اسمهم مرتبط بالجمل(183) ، ويبدو أنهم كانوا يسكنون البوادي الشمالية لجزيرة العرب ، وربما في مناطق وادي السرحان في منطقة دومة الجندل(187) ، وأن تحالف العرب مع المدن السورية كحمص وحماة ودمشق يعكس لنا المصالح المشتركة التي تربط بينهم حيث كانت المدن المذكورة آنفاً تشكل ولفترات طويلة منافذ رئيسة لتجارة العرب (185).
ومهما يكن من أمر فإن الانتصار الساحق الذي أدعى به شلمنصر الثالث في نصوصه مبالغ فيه بدليل تكراره للحملات العسكرية على الجبهة الغربية في السنوات اللاحقة من حكمه، مما يشير إلى أنه لم يحقق نصراً ساحقاً . وأن أرقام الغنائم المختلفة التي ذكرها في نصوصه كانت بدافع المباهاة والحرب النفسية (186).
وبعد هذه الحملة توجه شلمنصر الثالث نحو الجبهة الجنوبية ( بلاد بابل ) وكان هذا الملك قد ارتبط بمعاهدة صداقة وتثبيت الحدود مع الملك البابلي ( نبو – إبلا- أدينا ) ( Nabu – apla – iddina ) ( 885 – 852 ق . م ) (187) ، ولقد وردت هذه المعاهدة في التاريخ التعاصري :
(( في وقت شلمنصر ، ملك آشور، كان نبو – إبلا- أدينا ، ملك كاردونياش، وأقاموا صداقة تامة وسلام فيما بينهما))(188) .
خلف الملك البابلي نبو – إبلا- أدينا ابنه مردوخ – زاكر – شومي الأول ( Marduk – Zakir – shumi I ) ملك سلالة بابل الثامنة على العرش البابلي(189) ، وإن هذا الأخير قد جدد المعاهدة السابقة التي كانت قد عقدت بين شلمنصر الثالث ووالده ونستدل على ذلك من خلال المنحوتات الآشورية التي تصور لنا الملك شلمنصر الثالث وهو يصافح الملك البابلي مردوخ – زاكر – شومي (190).
وإن كل اتفاق أو إبرام لمعاهدة عادة ما تصحبه مصافحة بالإيادي بين الطرفين المتعاقدين للدلالة على العلاقات الجيدة والصداقة التي تربط الطرفين ، كما يدل على المساواة بالمنزلة السياسية(191) .
ويمكن الاستدلال على هذه المعاهدة من خلال التاريخ التعاصري :
(( وفي عهد شلمنصر ملك آشور اعتلى مردوخ – زاكر – شومي (Marduk – Zakir – shumi ) عرش والده ، مردوخ – بيل – أوساته، أخوه ثار عليه .... وشلمنصر ، ملك آشور ، ذهب لمساعدة مردوخ – زاكر – شومي ملك كاردونياش ... )) (192) ,وفي سنة ( 852 ق . م ) قاد شلمنصر حملة إلى آسيا الصغرى ، تمكن فيها من السيطرة على عدد من المدن ووصل في حملته هذه إلى منابع نهر دجلة وتسلم هدايا الطاعة والولاء من بلاد نائيري حيث يذكر في النص :
(( في سنة حكمي السابعة ، زحفت إلى مدن خابينو ( Habinu ) تل – أبني ( Til – abni ) . استوليت وأحرقت تل – أبني المدينة المحصنة ، سويةً مع المدن المحيطة بها ، تحركت من مدينة تل أبني زحفت إلى منابع نهر دجلة ، حيث ينبع الماء ، نحرت الأضاحي وقدمت القرابين ، قاتلت بالسيف أهالي المدن غير الخاضعين لآشور وتسلمت هدايا الطاعة والولاء من بلاد نائيري ))(193) .
وفي سنة ( 851 ق . م ) حدث نزاع ما بين الملك البابلي مردوخ – زاكر – شومي وأخيه مردوخ – بيل – أوساته ( Marduk – BeL – usate ) للسيطرة على الحكم في بلاد بابل ، حيث تلقى الأخير مساعدة من القبائل الآرامية في مناطق شرق دجلة والخليج العربي وذلك للقضاء على أخيه مردوخ – زاكر – شومي وتولى العرش بدلاً عنه (194) .
لذلك طلب الملك البابلي مردوخ – زاكر – شومي المساعدة من حليفه الملك الآشوري شلمنصر الثالث الذي جهز حملة عسكرية تمكن فيها من القضاء على المتمردين(195) ، كما تمكن في حملة أخرى من ملاحقة مردوخ – بيل – أوساته الذي فر نحو الجبال وتمكن شلمنصر الثالث من قتله(4) ، ثم دخل إلى بابل ، وقدم القرابين للإله مردوخ في معبده ( أي – ساكيلا ) في بابل ومعابد كوثى وبورسيبا(196) ، ويرد ذكر ذلك في أحد نصوصه :
(( أعددت لشعب بابل وبورسيبا المحمي ، أحرار الآلهة العظيمة ، وليمة فخمة فقدمت لهم الطعام والشراب وكسوتهم بالحلل الزاهية وقدمت لهم الهدايا ))(197) .
وربما يعود السبب وراء قيام شلمنصر الثالث بذلك هو للحصول على مباركة الآلهة وكسب صفة الشرعية لحملته هذه (198) ثم توغل هذا الملك جنوباَ نحو المناطق التي يسكنها الكلديون وتمكن من هزيمتهم وذلك عن طريق الحملات التأديبية التي شنها على مناطقهم (199) .
حيث تقدم شلمنصر الثالث نحو بلاد الكلديين وتمكن من إخضاع عدد من المدن الكلدية وتسلم هدايا الطاعة والولاء منها (200) ، إذ تمكن من إخضاع مدينة باقانو وحاكمها الكلدي أدينو، وبعد أن قتل المدافعين عن هذه المدينة وهدمها تسلم هدايا الطاعة والولاء من حاكمها واغلبها من البقر والماشية (201) ، ثم واصل شلمنصر الثالث حملته هذه فعبر نهر الفرات إلى سواحل الخليج العربي واخضع بعض المدن الجنوبية بعد أن تسلم هدايا الطاعة والولاء منها ووصل إلى مدينة أينزودو (inzudu ) الكلدية والتي تعد ( المدينة الملكية ) أي بمثابة العاصمة لأدينو ، وتسلم منها فضة وذهب ونحاس ورصاص وغيرها (202) . ويذكر لنا هذا الملك خلال تواجده بالقرب من البحر ( ساحل الخليج العربي ) أنه تسلم هدايا الطاعة والولاء من ياكين الكلداني ملك أرض البحر ومن موشاليم مردوخ ( MushaLim – Marduk ) إبن أوكانو ( Ukanu ) وهي تتألف من الذهب والفضة والرصاص والنحاس وجلود الفيلة(203) .
وكان من نتيجة تدخل الملك الآشوري في القضاء على المشاكل التي حصلت في بلاد بابل أن أصبحت الأخيرة خاضعة له وبموافقة البابليين الذين مارسوا التجارة في ظل السيادة الآشورية التي أمنت لهم انسيابية الطرق التجارية وتأمين الطرق التجارية ، في حين استفاد الآشوريون من ثروة بلاد بابل (204) ، فضلاً عن ذلك انهم تمكنوا من إقامة صلات تجارية مع تجار الخليج العربي الذين جلبوا البضائع من الهند وبلاد العرب عن طريق دلمون ( البحرين ) (205) .
أما بالنسبة للجبهة الغربية المتمثلة ببلاد الشام ، فلقد شهدت هذه المنطقة نزاعات بين مملكة دمشق والعبرانيين بعد معركة قرقر حيث اتحدت المملكتان العبريتان الشمالية والجنوبية في حلف ضد هدد – عزر الثاني ملك دمشق ، وحدثت حروب ومنازعات بين الطرفين ، إلا إن العبرانيين لم يتمكنوا من تحقيق أي انتصار على دمشق (206) .
واثناء تلك الأحداث كان شلمنصر الثالث يراقب الأوضاع الجارية دون التدخل فيها. وفي عام 849 ق. م أعد حملة نحو الجبهة الغربية فعبر نهر الفرات للمرة الثامنة ، وبعد قضائه على مدن كركميش توجه جنوباً لمواجهة الحلف المتكون من هدد – عزر ملك أرام دمشق وأرخوليني ملك حماة واثني عشر ملكاً من ملوك الساحل (207) ، ويذكر أنه هزم ذلك الحلف ، إلا إن تلك الحملة لم تكن حاسمة حيث أنه واجه في السنة اللاحقة الحلف ذاته بقيادة ملكي دمشق وحماة (208) ، ويذكر ذلك في النص :
(( لقد وثقوا ببعضهم البعض معتقدين بإمكانهم النيل مني ولكني قاتلتهم وهزمتهم ، وقتلت 10.000 من مقاتليهم بالسيف وأخذت منهم عرباتهم وخيول فرسانهم وأسلحتهم )) (209).
وفي السنة ( 846 ق . م ) توجه في حملة نحو آسيا الصغرى ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من المدن والمناطق التي مر بها (210) .
أما في سنة ( 845 ق . م ) توجه نحو الغرب للقيام بهجوم آخر على الحلف السابق الذي يقوده كل من ملكي دمشق وحماة ويذكر هذه الحملة في النص :
(( عبرت نهر الفرات مع قواتي المتكونة من 120.000 جندي وقد كان في ذلك الوقت حدد – عزر ملك أرام وأرخوليني ملك حماة مع 12 ملكاً من مدن الساحل العلوي والسفلي ، حشدوا جيوشهم بإعداد لا تحصى وتقدموا نحوي ، قاتلتهم وهزمتهم ، عرباتهم وسلاح فرسانهم دمرتها وأسلحتهم أخذتها منهم ، وقد هربوا لينجوا بحياتهم )) (211).
وفي سنة ( 844 ق. م ) توجه هذا الملك في حملة نحو آسيا الصغرى وذكر ذلك في أحد نصوصه :
(( في سنة حكمي الخامسة عشرة ، زحفت إلى بلاد نائيري . عملت عند منابع نهر دجلة منحوتة على سفح الجبل ، حيث ينبع الماء ، وفيها صورت رسمي . دونت عليها تمجيداً لقوتي وأعمالي البطولية . دخلت ممر جبل طونيبونو ( Tunibunu ) خربت ، دمرت وأحرقت مدن أرامو ، الأورارطي ، حتى منابع نهر الفرات . هكذا زحفت إلى منابع نهر الفرات ، قدمت القرابين لآلهتي ، غسلت أسلحة آشور فيها . آسيا ( Asia ) ملك بلاد دايينو ، خضع لي . وتسلمت منه هدايا الطاعة والولاء من خيول . صورت منحوته ملكية لي ونصبتها داخل مدينته )) (212) .
واصل شلمنصر الثالث حملته حتى ميليد (213) ، حيث تسلم هدايا الطاعة والولاء منها ومن المدن والمناطق التي مر بها (214).
ثم توجه شلمنصر في حملاته نحو الجهة الشرقية والشمالية الشرقية ( بلاد إيران ) وكانت عبارة عن حملات عسكرية تأديبية للحد من نشاطات القبائل والأقوام الجبلية واستمرارها في خلق الاضطرابات (215),وتعد هذه من أقدم الإشارات التي وصلتنا عن إيران وذلك في النصوص الكتابية لهذا الملك (216)، الذي يذكر أنه واجه سكان بارسوا ( Parsua ) الذين يتمركزون في غرب بحيرة أورميا أثناء تحركات جيشه في منطقة جبال زاكروس سنة 844 ق . م(3) ، حيث تسلم هدايا الطاعة والولاء من ملوك بارسوا (217).
وإنه واجه في حملته هذه القبائل الميدية الذين كانوا يتمركزون في شرق بحيرة أورميا(218) واتخذوا من أكباتانا ( همدان ) عاصمة لهم(219) .
عاد شلمنصر الثالث إلى بلاد الشام التي شهدت تغيرات سياسية جديدة حيث تولى عرش دمشق الملك حزائيل الذي خلف هدد – عزر والذي تذكره النصوص الآشورية بعبارة ( ابن لا أحد ) لكونه اغتصب العرش من الملك السابق ، ويعد حزائيل محارباً عظيماً إذ قاد عدة حروب ناجحة ضد العبرانيين(7) وهذا ما ولد شعوراً لدى شلمنصر الثالث بتنامي قوته السياسية فجهز حملة عسكرية عليه سنة 841 ق . م . تمكن فيها من هزيمة حزائيل في موقعة جبل سانيرو ( Saniru ) ( جبال لبنان الشرقية ، منطقة الحرمون ) فعاد حزائيل إلى دمشق ليتحصن بها (220) ، أما شلمنصر الثالث فلم يتمكن من عمل شيء سوى مهاجمة المناطق المحيطة بدمشق (221) ، ثم توجه نحو فينيقية وتسلم هدايا الطاعة والولاء من مدن صور وصيدا، وعندما علم جيهورام ملك إسرائيل باقتراب شلمنصر الثالث منه أسرع إليه وقدم له هدايا الطاعة والولاء من ذهب وفضة وأواني ثمينة وقطع أثاث فاخرة(222) ، بعدها رجع شلمنصر الثالث عن طريق مرج عامر متجهاً نحو جبل الكرمل الذي ذكره بأنه ( رأس بعل ) وهناك أمر بنحت نصب له ثم سار بإتجاه الساحل اللبناني (223).
وخلال السنتين ( 840 – 839 ق . م ) ، توجه نحو المناطق الغربية ، وعبر نهر الفرات وتسلم هدايا الطاعة والولاء من ملوك بتين ( أونقي ) ، ثم عبر جبال الأمانوس وتحارب مع قوئي(224) .
وفي سنة 839 ق . م توجه شلمنصر الثالث نحو آسيا الصغرى وتمكن من إخضاع عدد كبير من المدن لسلطته ، ويرد ذلك في أحد نصوصه :
(( في سنة حكمي العشرين ، عبرت نهر الفرات للمرة العشرين حشدت مع قواتي كل ملوك بلاد خاتي . عبرت سلسلة جبال الأمانوس ونزلت إلى مدن كاتي ، حاكم قوي ، استوليت على عدد كبير من مدنه المحصنة ، هزمته وأخذت الأسرى منه ))(225) .
وفي سنة 838 ق . م عاد شلمنصر- الثالث إلى الجبهة الغربية لقتال حزائيل واستولى على أربع مدن تابعه له ، أما دمشق فلم يهاجمها شلمنصر الثالث وذلك لحصانتها واكتفى بالتوجه نحو المدن الساحلية وتسلم هدايا الطاعة والولاء من صور وصيدا وجبيل(226) ، ويرد ذكر ذلك في النص :
(( في السنة الحادية والعشرين من ملكي عبرت نهر الفرات للمرة الحادية والعشرين وسرت نحو مدن حزائيل ملك أرام ( دمشق ) واستوليت على أربع من مدنه وأخذت الهدايا من صور وصيدا وأهل جبيل )) (227) .
في سنة ( 837 ق . م ) توجه في حملة نحو آسيا الصغرى وتسلم هدايا الطاعة والولاء من ملوك تابال (TabaL ) بالقرب من جبال كاشياري ، ويذكر ذلك في النص :
(( في سنة حكمي الثانية والعشرين ، عبرت نهر الفرات للمرة الثانية والعشرين نزلت إلى بلاد تابال . في ذلك الوقت تسلمت الهدايا من أربعة وعشرين ملكاً من بلاد تابال . زحفت على جبل توني ( Tunni ) جبل الفضة وجبل مولو ( Mulu ) ، جبل الرخام )) (228).
وفي سنة 835 ق . م توجه هذا الملك نحو الشرق وعبر جبال زاكروس وهناك اصطدم بقبيلتي بارسوا وماذي(229) .
وفي سنة ( 834 ق . م ) قاد حملة توجه فيها غرباً وبعد أن تسلم هدايا الطاعة والولاء من ملوك بلاد حاتي توجه إلى آسيا الصغرى ، ويرد ذكر ذلك في النص :
(( في سنة حكمي الخامسة والعشرين ، عبرت نهر الفرات أثناء فيضانه تسلمت هدايا الطاعة والولاء من كل بلاد حاتي ، عبرت سلسلة جبال الأمانوس نزلت إلى مدن كاتي ، حاكم قوي ( كيليكيا ) . حاصرت تيمور ( Timur ) ، مدينته المحصنة ، واستوليت عليها ، هزمتهم وأخذت الأسرى منهم ، خربت، دمرت وأحرقت المدن بلا عدد ... ))(230) .
تكررت حملات شلمنصر الثالث على آسيا الصغرى في السنوات اللاحقة وتسلم هدايا الطاعة والولاء من المدن التي مر بها .
ففي سنة ( 832 ق . م ) أرسل الجيش الآشوري إلى الشمال نحو بيت – زاماني وكانت الحملة بقيادة ديان – آشور – قائد الجيش الآشوري (231) ، وذكر شلمنصر الثالث هذه الحملة في النص :
(( في سنة حكمي السابعة والعشرين ، حشدت قواتي وجيوشي ، أصدرت الأوامر بإرسال ديان – آشور ، قائد الجيش ، ليقود الجيش إلى أورارطو . فذهب على بيت – زاماني ، دخل ممر مدينة أماش ( Ammas ) ، عبر نهر أرصانا ( Arsania ) . عندما سيدورو ( Seduru ) ، الأورارطي ) سمع بذلك ، اعتمد على قوة جيشه القوي فهاجم معلناً الحرب . فحاربه ( ديان – آشور ) ، هزمه وملأ السهل الواسع بجثث محاربيه )) (232) .
وفي سنة ( 831 ق . م ) أرسل قائده ديان – آشور في حملة إلى الغرب نتيجة لحدوث تمرد في بتين ( أونقي ) كان من نتيجة مقتل الحاكم المحلي لوبارنا الثاني ووضع بدلاً منه سوري (Surri) ، إلا أن ديان – آشور تمكن من قتل المغتصب للحكم ونصب بدلاً منه ساسي(233) (Sasi).
وفي سنة ( 828 ق . م ) أرسل شلمنصر الثالث حملة أخرى إلى آسيا الصغرى بقيادة ديان – آشور(234) ، وقد ورد ذكرها في النص :
(( في سنة حكمي الحادية والثلاثين ، في ذلك الوقت بينما بقيت في كالح ( نمرود ) . أصدرت الأوامر بإرسال ديان – آشور ، قائد الجيش القوي ، على رأس جيشي ومعسكري . اقترب ( ديان – آشور ) من مدن داتا ( Data ) ، الخوبوشكياني ، وأستلم هدايا الولاء منه ، زحف إلى زاباريا (Zapparia ) ، حصن مدينة مصاصير ، ثم زحف على قلاع بلاد أورارطو خرب ، دمر وأحرق خمسين من مدنها . نزل إلى بلاد كلزانو وتسلم هدايا الولاء من أوبو ( Upu ) الكلزاني ، ومن المدن المحيطة بها، ماشية ، .... نزل إلى مدن بلاد [ مخروم ] خرب ، دمر وأحرق المدن المحيطة بها ، سوية مع 22 مدينة محيطة بها ، وهكذا انتشر الخوف من سلطتي )) (235) .
لم تحقق حملات كل من آشور – ناصر بال الثاني وشلمنصر الثالث على الجبهة الغربية أي نصر حاسم كما إنها لم تتمكن من ضم مملكة دمشق وبمجرد انتهاء الحملة الآشورية كانت تلك الممالك تعلن عصيانها ، وأَن كل ما حققته تلك الحملات يكاد ينحصر في الاستحواذ على الغنائم والحصول على هدايا الطاعة والولاء (236).
ويلاحظ في السنوات الأخيرة من حكم هذا الملك أن الحملات التي كان يسيرها إلى الجبهة الغربية والجبهة الشمالية الشرقية قد عهد بقيادتها إلى قائد الجيش الآشوري ديان – آشور(237) ، وربما يكمن السبب وراء ذلك هو كبر سن الملك بحيث أنه لا يحتمل مشاق الوصول إلى مناطق بعيدة ، وكذلك سوء الأوضاع الداخلية في البلاد (238) ، هذا فضلا عن انشغال الملك بعمليات البناء والاعمار التي قام بها وخاصة في مدينة كالح ( نمرود ) وراء ذلك (239) .
امتدت الدولة الآشورية في عهد شلمنصر الثالث لتضم جميع المناطق الممتدة من الخليج العربي إلى جبال أرمينيا ، ومن تخوم الأراضي الميدية شمال غرب إيران إلى سواحل البحر المتوسط(240) .
إن كثرة الحملات العسكرية وطولها حتى إن السنة الواحدة كانت تضم أكثر من حملة على مختلف الجهات ، واتساع حدود الدولة الآشورية تطلب حشد طاقات الشعب في الخدمة العسكرية وإنشاء جيش دائم للدولة هذا فضلا عن وجوب وضع حامية عسكرية في المنطقة المفتوحة لحفظ الأمن وضمان ولاء تلك المناطق للدولة الآشورية ، كلها عوامل أسهمت في إرهاق كاهل الدولة من الناحية الإقتصادية وتسببت في استنزاف أموالها في إعداد الجيش وتسليحه علماً أن بلاد آشور تعد بلاداً فقيرة بالمواد الأولية اللازمة في صناعة الأسلحة مثل معدن الحديد وبقية المعادن الأخرى كالذهب والفضة والنحاس فضلاً عن عدم توفر الأخشاب في بيئتها الطبيعية وكل هذا تطلب تأمين تلك المواد عن طريق التجارة مما أسهم في إضعاف موارد الدولة بسبب إنفاقها على الحروب والفتوحات الخارجية وهذا كان أحد العوامل المهمة التي أدت بالدولة إلى حالة من الضعف الإقتصادي الذي تسبب في متاعب للدولة الآشورية .
وفي نهاية حكم شلمنصر الثالث حدثت فوضى واضطرابات نتيجة لتدهور الوضع الداخلي للبلاد فحدث تمرد قاده الابن الأكبر للملك وهــو آشــور – دانن – ابلـي (Ashur – Danin – Apli ) وذلك لان شلمنصر الثالث قد عهد بولاية العهد لابنه الأصغر شمشي – أدد الخامس ( 823 – 811 ق . م ) لذلك ثار عليه ابنه الأكبر الذي انحازت إلى جانبه سبع وعشرون مدينة (241) ، ومن ضمنها نينوى واربيل وآشور وارابخا (كركوك) في حين بقيت مدينة كالح تحت سيطرة شلمنصر الثالث وابنه شمشي أدد الخامس(242) ، إذ ثبتت حكمة كل من اشور ناصر بال الثاني وابنه شلمنصر الثالث وبعد نظريهما في اختيار هذه المدينة مكاناً للثكنات العسكرية والتي أصبحت فيما بعد عاصمة لهما بحيث أن الحاكم الذي يسيطر عليها تصبح زمام الأمور بيده (243). ولأن شلمنصر الثالث كان شيخا كبيراً فلقد عهد بمهمة القضاء على هذه الاضطرابات لابنه شمشي – أدد الخامس (244) الذي لم يتمكن من السيطرة على الأمور إلا بعد أربع سنوات توفي خلالها الملك الوالد وتولى العرش من بعده(245).
بلاد آشور بعد وفاة شلمنصر الثالث:
شهدت بلاد آشور بعد وفاة شلمنصر الثالث فترة من الضعف والفوضى انكمشت فيها حدود الدولة الآشورية بعد فقدانها الكثير من المناطق التي وصلت إليها في عهد آشور – ناصر بال الثاني وشلمنصر الثالث ، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها :
1. صغر سن بعض الملوك مثل ( أدد – نيراري الثالث ) ( 810 – 783 ق . م ) الذي أصبح تحت وصاية والدته لمدة خمس سنوات ، بعدها أصبح هذا الملك يمارس مهامه في إدارة الدولة ، وأسهم ضعف الملوك الآشوريين الذين لم يكونوا بمستوى الملوك الذين سبقوهم في القيادة العسكرية وإدارة الدولة في ضعف الدولة الآشورية ، حيث قل عدد الحملات العسكرية وتقلصت حدود الدولة الآشورية .
2. ضعف السلطة المركزية بسبب سعة الرقعة الجغرافية للإمبراطورية الآشورية نتيجة فتوحاتهم البعيدة المدى أدى إلى صعوبة السيطرة على أقاليم تقع بعيدة عن مركز السلطة الآشورية مما أدى إلى انتشار الفساد الإداري المتمثل بظلم كبار الموظفين والنبلاء وحكام الأقاليم واستغلالهم لمناصبهم في تحقيق مصالحهم الذاتية على حساب السكان الأحرار ولاسيما الفلاحين والمزارعين (246).
3. تنامي قوة دولة أورارطو وتدخلها في شؤون المنطقة مستغلة ضعف بلاد آشور والفوضى والاضطرابات التي عمت فيها ، لذلك أخذت تتوسع على حساب الآشوريين(247) ، ومدت سيطرتها حتى أعالي الفرات لتشمل المناطق السفلى من المنطقة الجبلية بين تورشوبا وبلاد آشور والمنطقة الشرقية حتى أذربيجان(248) .
أسهمت العوامل السابقة في ضعف الدولة الآشورية ، والجدير بالملاحظة إن فترة الضعف قد بدأت منذ نهاية عهد شلمنصر الثالث ، إذ شهدت بلاد آشور تمرداً واضطرابات سياسية كان من نتيجتها فقدان بلاد آشور لكثير من الأقاليم الغربية ، ورجحت كفة بلاد بابل على حساب بلاد آشور ، حيث أن شمشي – أدد الخامس ( Shamshi – Adad V ) ( 823 – 811 ق . م ) الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه طلب المساعدة فحصل عليها من الملك البابلي مردوخ – زاكر – شومي ( Marduk – zakir – shumi ) ( 852 – 828 ق . م ) الذي سبق وأن تلقى المساعدة من شلمنصر – الثالث(249) .
وعقدت معاهدة صداقة وسلام ما بين الملك البابلي مردوخ زاكر شومي وبين شمشي – أدد الخامس الذي كتب اسمه دون ذكر لقب الملك خلافاً للملك البابلي وربما يكون ذلك تقليلاً لشأن الملك الآشوري (250) ، ووضع اسم بلاد اكد قبل اسم بلاد اشور وادى الملكان القسم باللغة البابلية فقط ، مما يعني اعتراف الملك شمشي – أدد الخامس بالسيادة البابلية (251)
وإن جزءاً كبيراً من لوح تلك المعاهدة مهشم ، عدا الجزء الخاص باللعنات والسخط على كل من يحاول أن يعبث بتلك المعاهدة (252) .
يمكن أن نستشف من هذه المعاهدة أنها قد حدت من القوة الآشورية مقابل المساعدة التي قدمها الملك البابلي للملك الآشوري ، أي أنها كانت لصالح بلاد بابل (253) .
وبعد أن استتب الأمن في بلاد آشور واستقر الوضع لصالح شمشي – أدد الخامس وجه أنظاره نحو الجبهة الشمالية والشمالية الشرقية ، بسبب تعاظم دولة أورارطو التي أخذت تشكل تهديداً على بلاد آشور ، فكان لابد من ضمان تأييد زعماء بلاد نائيري ، لكون تلك البلاد تؤلف حاجزاً جنوبي غربي بحيرة وان (254) ، لذلك جهز شمشي – أدد الخامس حملته الأولى على بلاد نائيري ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من ملوكها ، ويذكر ذلك في نصه :
(( في حملتي الأولى ، التي فيها صعدت إلى بلاد نائيري ، تسلمت هدايا الولاء فرقاً من الخيول من كل ملوك نائيري . في ذلك الوقت انتشرت على كل بلاد نائيري مثل شبكة ..... )) (255)
أما الحملة الثانية فكانت أيضاً ضد بلاد نائيري وعهد شمشي – أدد الخامس بقيادتها إلى الرب شاق الآشوري ( مترص – آشور ) ( Mutarris - Assur ) الذي توغل في بلاد نائيري حتى وصل إلى بحر الغرب ( البحر المتوسط ) ، وتمكن من إخضاع عدد كبير من المدن وتسلم هدايا الطاعة والولاء منها (256).
ورد ذكر هذه الحملة في نصه :
(( في حملتي الثانية ، أصدرت الأوامر وأرسلت مترص – آشور ، الآمرد ، القائد المتميز والمتمرس في الحرب ، الرجل الحساس ، جيشي ومعسكري إلى بلاد نائيري . زحف حتى وصل إلى بحر الغرب . غلب وهزم ( 300 ) مدينة لشارصينا ( Šarsina )، ابن ميقديارا ( Meqdiara ) من مدنه المحصنة ، حمل الغنائم ، الثروات ، الأملاك ، آلهتهم ، أبناءهم وبناتهم خرب ، دمر وأحرق مدنهم ، في عودته أنتصر على أهالي بلاد سونبو ( Sunbu ) . تسلم هدايا الولاء فرقاً من الخيول من كل ملوك بلاد نائيري ))(257) .
يبدو أن شمشي – أدد الخامس في حملاته السابقة ضد بلاد نائيري لم يتوغل إلى عمق الأراضي الأورارتية بل اكتفى بالوصول إلى المناطق المحيطة بها من ناحيتي الجنوب والشرق ، لذلك لم يذكر اسم أي من ملوك أورارطو على عكس من سبقوه من الملوك(258) .
وفي سنة 820 ق . م قاد شمشي – أدد الخامس حملة باتجاه الشرق ضد الفرس سكان بارسوا ( Parsuah ) إلى الجنوب من كرمنشاه(259) ، كما واجه خوبوشكيا ( Hubushkia ) زعيم المانيين في شمال غرب إيران وتسلم هدايا الطاعة والولاء من المناطق التي مر بها ولاسيما الخيول ، وكان الهدف من حملته هذه هو إظهار قوة الدولة الآشورية ، والحصول على هدايا الطاعة والولاء (260) .
أما في سنة 814 ق . م توجه شمشي – أدد الخامس نحو الجنوب ( بلاد بابل ) ، ولم يتخذ الطريق المباشر في حملته هذه لكثرة الحاميات البابلية فيها(261) ، لذلك توجه نحو الشرق بمحاذاة السفوح الجبلية ، وتوقف عند جبل أبتيح ( حمرين الحالي ) ، ثم واصل سيره حتى وصل مدينة مه تورنات ( Mê – turnat ) التي تقع بعد الجبل مباشرة واسر عدداً من سكان هذه المنطقة وجعلها تابعة لبلاد آشور(262) ، ثم عبر نهر ديالى متجهاً إلى القسم الشرقي من بلاد بابل ووصل إلى الدير ( بدرة ) حيث عمل على حرق المدن وتدمير الحقول التي مر بها(263) .
أثار هذا الأمر خوف الملك البابلي مردوخ – بلاصو – أقبي ( Marduk – Balassu – Iqbi )الذي خلف مردوخ – زاكر – شومي ، فعمل على تنظيم حلف يضم كل من الميديين في إيران ونامري الواقعة إلى شمالها وقبائل الكلديين في جنوب بابل ، هذا فضلا عن بعض القبائل الآرامية القاطنة في شرقي دجلة (264) .
التقى الجيش الآشوري بالحلف الذي تقوده بابل سنة 813 ق . م قرب دور – بابسوكال ( Dor – papsokall ) في منطقة ديالى في معركة كان النصر فيها للملك الآشوري شمشي – أدد الخامس الذي غنم غنائم كثيرة ، وتمكن من أسر الملك البابلي مردوخ – بلاصو – أقبي(265) ، ولقد ورد ذكر هذه الحملة في النص :
(( وثق مردوخ – بلاصو – أقبي بجيشه وقواته وحشد ( جيوش ) كلدو ، عيلام ، نامري ، أرومو ، إلى جانب عدد لا يحصى من قواته وتقدم لخوض القتال ضدي ، وحدد منطقة القتال أعلى نهر دابان ، مقابل دور – بابسوكال ، خضت القتال معه وانتصرت عليه ، حصلت على مئة مركبة ومائتين من الفرسان ، وأخذت منه معسكره وخيمه )) (266) .
لم يكتف شمشي – أدد الخامس بما حققه بل لاحق قوات الميديين بعد هروبهم واعتصامهم بالجبل الأبيض ( ربما جبل باي طاق الحالي ) ودخل مدينتهم الرئيسة ساكبتيا(267) Sagbitu)), على أن تلك الحملة لم تكن حاسمة ، حيث تكررت حملات شمشي – أدد الخامس إلى منطقة وسط وجنوب بلاد بابل ، ففي سنة 812 ق . م قاد حملة أخرى ضد العاصمة بابل وتمكن فيها من أسر الملك البابلي بابا – أخا – أدينا ( Baba – aha – iddina ) مع عائلته واقتيدوا إلى آشور ، وأنه عاد في السنة اللاحقة أي سنة 811 ق . م وتمكن من دخول بابل وكوثى وبورسبا وقدم القرابين للآلهة في تلك المدن (268) ، ثم استمر في تقدمه جنوباً حتى وصل إلى الخليج العربي ، وتسلم هدايا الطاعة والولاء من شيوخ القبائل الكلدية ولقب نفسه بملك سومر وأكد (269) .
إن سبب تلك الحملات التي شنها شمشي – أدد الخامس على بلاد بابل ليس بدوافع درء خطر خاصة وإن بلاد بابل لم تكن من القوة بحيث إنها تتمكن من مهاجمة بلاد آشور ومن ثم فهي لم تشكل أي خطر عليها ، وربما يعود السبب وراء تلك الحملات هو لضمان الطرق التجارية من الهند والجزيرة العربية المارة شمالاً عن طريق عمان والبحرين ( دلمون ) ، فضلاً عن تأثر الطرق التجارية بالأقوام الميدية والفارسية التي استقرت في بلاد إيران مما سبب في تغير الطرق التجارية والتي أصبحت تمر من جنوب إيران وبابل ، لذلك كان شمشي – أدد الخامس يحاول السيطرة عليها وجعلها تحت نفوذه (270) .
سمو – رمات (ق.م Sammura mat) (810 – 805 ) :
خلف شمشي – أدد الخامس في حكم بلاد آشور ابنه أدد – نيراري الثالث ( 804 – 783 ق . م ) الذي كان ما يزال قاصراً(271) ، لذلك أصبحت أمه الملكة سمو – رمات وصية على العرش(272) ، وتولت مقاليد الحكم وإدارة البلاد لمدة خمس سنوات (273).
عرف اسم الملكة في المصادر المسمارية بـ: سمو – رمات(274) Sammuramat)) في حين أطلقت عليها المصادر الكلاسيكية اسم سمير أميس(275) Samiramis ))، كما ذكرت هذه الملكة باسم سميرام(276) Samiram)) .
اكتسبت سمو – رمات شهرة كبيرة ووصفت بنعوت كثيرة ما بين الجمال والقسوة ، ونسجت حولها الأساطير(277) ، ونسبت إليها أعمال خارقة وإنجازات متعددة ترجع إلى الملوك الذين سبقوها أو الذين جاءوا بعدها (278)، ومنها إعمار مدينة بابل وجنائنها المعلقة ، وفتح مصر وليبيا والهند ، وإن المآثر الآرامية تنسب إليها بناء مدينة مطلة على بحيرة وان شرقي تركيا ، علماً ان هذه المدينة قد بناها ملك أورارتي معاصر لها(279) .
وربما يكون كونها أول امرأة حكمت بلاد آشور في تاريخ العراق القديم وتمكنت من الوصول إلى أعلى منصب في الدولة ، كظاهرة لم يسبق لها مثيل سبباً في نسج كل تلك الأساطير والإنجازات الخارقة حولها .
ويجب أن لا ننسى بأن هيرودت الذي ذكر هذه الملكة باسم سمير أميس في القرن الرابع ( ق . م ) ، قد تأثر بكهنة بابل الذين كانوا يتحدثون بفخر عن ملكتهم التي استطاعت أن تتولى الحكم في بلاد آشور ، وهذا ما يرجح الرأي القائل بأنها بابلية الأصل (280) ، إذ عملت هذه الملكة على نشر الثقافة البابلية في بلاد آشور ، فكثيراً ما استخدم شمشي – أدد الخامس في كتاباته اللغة البابلية ، وانتشرت عبادة الإله البابلي نابو في بلاد آشور ولاسيما على عهد ابنها أدد – نيراري الثالث (281).
ومهما كان الأمر فلولا قوة شخصية هذه الملكة وقدرتها على إدارة دفة الحكم في بلاد آشور طول فترة وصايتها على ابنها لما أكتسبت كل تلك الشهرة (282).
أما عن حملات هذه الملكة ففي سنة 808 ق . م قادت حملة عسكرية ضد القبائل الميدية في غرب إيران ، نتيجة لاختراقهم الحدود الآشورية ، وتمكنت من ردهم وتحقيق الإنتصار عليهم(283) .
أما الحملة اللاحقة فكانت باتجاه منطقة كوزانا ( تل حلف ) ، وتمكنت من ضم هذه المنطقة كمقاطعة تابعة لبلاد آشور ، وتم تعيين حاكم آشوري عليها هو منوكي آشور(284) .
وفي سنتي ( 808 و 807 ق . م ) شنت حملتين متتابعتين ضد قبائل المناي في شمال شرق العراق وكانت تلك الحملات بقيادة قائد جيوشها نركال أيليا (285) .
وقادت حملة عسكرية بقيادة ابنها أدد – نيراري الثالث ، وذلك ضد الحلف الذي تزعمه ملك ارباد مع ثمانية ملوك آخرين معه وتمكنت من الاستيلاء على معسكرهم بعد أن هرب حاكم ارباد (286) .
أمرت هذه الملكة بإقامة مسلة لتخليد ذكراها في ساحة معبد آشور بجانب المسلات الخاصة ببعض الملوك وكبار موظفي الدولة (287) ، ذكر فيها :
(( مسلة سمو – رمات سيدة قصر شمشي – أدد ملك العالم ، ملك بلاد آشور ، أم أدد نيراري الثالث ملك العالم ، ملك بلاد آشور كنة الملك شلمنصر الثالث ملك الجهات الأربع )) (288).
إن ذكر اسم ( سمو – رمات ) في تلك المسلة الموجودة بين المسلات الملكية ، وتفردها بعبارة ( أم الملك ) يدل على الأهمية والدور الكبير الذي تمتعت به تلك الملكة الآشورية من بين قريناتها الآشوريات ، فنجد إن المسلة التي تعود إلى نقية والتي غيّر الآشوريون أسمها إلى زاكوتو ( Zakutu ) زوجة سنحاريب ( Sennacherib ) ( 704 – 681 ق . م ) تحمل عبارة ( سيدة سنحاريب ) في حين تحمل المسلة الأخرى والتي تعود إلى آشور – شرت ( Ashur – sharrat ) زوجة الملك آشور – بانيبال ( Ashurbanipal ) ( 668 – 627 ق . م ) عبارة ( سيدة القصر ) ، والملاحظ في كلتا المسلتين تجردهما من ذكر لقب الملك(289) وأن اسم سمو – رمات ورد في أحد النصوص النذرية مصاحباً لاسم الملك أدد – نيراري الثالث مما يبين المكانة السياسية التي كانت تتمتع بها تلك الملكة (290) .
لا تعرف سنة وفاة الملكة سمو – رمات وربما تكون قد توفيت بعد ابنها (291) .
أدد – نيراري الثالث (ق . م Adad – nirari III) (810 – 783) :
تولى أدد – نيراري الثالث الحكم بعد خمس سنوات من وصاية أمه ، عندما أصبح في سن يمكنه من ذلك فأظهر شجاعة في قيادة الدولة الآشورية ، وقام بحملات متعددة على الجهات المختلفة .
ففي السنة الأولى لحكمه قاد حملة لنجدة حليفه زاكير ( Zakir ) ملك حماة الذي احتل مملكة لوعش(292) وأعلن نفسه ملكاً في عاصمتها حزراك ( حاتاريكا )(293) (Hatarikka ) ، لذلك تشكل حلف في بلاد الشام من ستة عشر ملكاً يضم دمشق وكليكيا وكركم وسمأل وميليد بقيادة ملك دمشق برحدد الثالث(294) ، توجهت الجيوش المتحالفة نحو مدينة خزراك وتمكنوا من فرض الحصار عليها وكادوا أن يدخلوها لولا تدخل أدد – نيراري الثالث الذي جهز حملة لمساعدة ملك حماة فانسحب الحلف السابق(295) ، والنص الذي يذكر هذه الحملة غير واضح بسبب تهشم أجزاء كثيرة منه (296).
وفي سنة 805 ق . م قاد حملة على ارباد ( تل رفعت الحالية شمال سوريا ) عاصمة بيت أجوشي ، التي تتمتع بمركز مهم وثقل سياسي في المنطقة (297).
وفي سنة 804 ق . م قاد حملة ضد مدينة خزازو ( Hazazi) ( اعزاز الحالية )(298) ، وفي السنوات اللاحقة قاد حملتين في 803 و 802 ق . م ، الأولى كانت ضد مدينة بعالي ( لا يعرف موقعها ) والثانية ضد يممم ( قرب البحر )(299) كما قاد أدد نيراري الثالث حملة ضد بقر خوبوني غرب بيت أديني وتمكن من إخضاع حاتي وأمورو ودويلات المدن الفينيقية مثل صور وصيدا ، فضلا عن مملكة إسرائيل وفلسطين(300) ، ولقد جاء ذكر هذه الحملة في النص :
(( من شاطي الفرات أخضعت تحت قدمي بلاد حاتي ( سوريا الشمالية ) وأمورو بكل سعتها ( سوريا الوسطى ) ، وصور وصيدا ، وعمري إسرائيل وآدوم وفلسطين إلى البحر الكبير في الغرب ( البحر المتوسط ) ، وفرضت عليهم هدايا الطاعة والولاء )) (301) .
لم يبق أما أدد – نيراري الثالث سوى مملكة دمشق وملكها مرئي ( Mari ) الذي تولى الحكم بعد وفاة برحدد الثالث ، فجهز أدد – نيراري الثالث حملة سنة 796 ق . م تمكن فيها من دخولها وتسلم هدايا الطاعة والولاء من ملكها (302) ، ولقد ورد ذكر هذه الحملة في نصه :
(( فرضت عليهم دفع هدايا الطاعة والولاء . وسرت نحو بلاد دمشق . وحاصرت في دمشق ملكها مرئي في عاصمته ، فاستحوذ عليه خوف سيدي آشور ، وقبل رجلي وخضع . فأخذت منه 2300 مثقال فضة و20 مثقالاً من الذهب و3000 مثقال نحاس و5000 مثقال من الحديد ، وأقمشة مختلفة الألوان ، وأقمشة من كتان وأسرة من العاج ومقاعد من العاج المطعم بالذهب والمرصع بالحجارة وذلك في دمشق مدينته الملكية ))(303) .
قاد أدد – نيراري الثالث عدة حملات ضد الفرس والميديين ، الذين كانت لهم صلات بالدولة الأرمينية عن طريق المانيين ، إلا إنه لم يتمكن من تحقيق النجاح فيها (304) ، وكانت دولة أورارطو قد استغلت ضعف الدولة الآشورية وأخذت تحرض الأقاليم الشرقية المحاددة للدولة الآشورية كما إنها توسعت بإتجاه الجنوب نحو المناطق التي كانت تابعة لسيادة الآشوريين فسيطرت على ميليد ( Melid ) شمال سوريا (305) .
أما بالنسبة للجنوب فقد قاد هذا الملك حملة ضد القبائل الكلدية وتسلم منها هدايا الطاعة والولاء ، ودخل إلى بلاد بابل وقدم القرابين للآلهة في معابد مدن بابل وبورسبا وكوثى(306) ، ويذكر تلك الحملة في نصه :
(( كل ملوك كلديا أصبحوا من أتباعي فرضت عليهم هدايا الطاعة والولاء وقدمت القرابين في معابد بابل وبورسبا وكوثى ))(307) .
وعُثر على مسلة لأدد – نيراري الثالث دِوَّنَ فيها نصاً يذكر أن صلحاً ما بين أتار شومكي حاكم بيت أجوشي ( أرباد ) وشمشي – إلو ممثل السلطة الآشورية في شمال سوريا قد تم خلال السنوات الأخيرة من حكم هذا الحاكم(308) .
إن اهتمام الملك الآشوري أدد – نيراري الثالث بالجبهة الغربية حتى أنه وضع ممثلاً له في تلك المنطقة يدل على الأهمية الكبيرة التي تمثلها سوريا بالنسبة لبلاد آشور فهي مصدر للأيدي العاملة الماهرة ، ومورد مهم لتزويد بلاد آشور بالأخشاب فضلا عن موقعها على الطريق التجاري إلى مواني البحر المتوسط من جهة والطريق المؤدي إلى الإناضول وآسيا الصغرى من جهة أخرى والذي يعد مصدراً للحصول على المعادن والخيول(309) . لذلك كانت معظم حملات أدد – نيراري الثالث في ذلك الإتجاه .
خلف الملك أدد – نيراري الثالث أربع من أولاده تسلموا الحكم واحداً بعد الآخر ، حكم الملوك الثلاثة الأوائل منهم حكماً قصيراً نسبياً ساءت خلاله أوضاع الدولة الآشورية وتوالت الكوارث عليها لذلك انسلخ منها عدد من الأقاليم التابعة لها .
شلمنصر الرابع (ق . م Shalmaneser IV) (782 – 773 ) :
تولى شلمنصر الرابع عرش الدولة الآشورية بعد أبيه ، في الوقت الذي أخذت فيه دولة آشور تعاني من حالة الضعف الذي دب في أرجائها ، ويعود ذلك الضعف في بعض أسبابه إلى تغير حالة الولاء والطاعة لحكام الأقاليم والمقاطعات تجاه ملوكهم ، والجدير بالذكر أن هؤلاء الحكام قد تم تعيينهم وتنصيبهم من ملوك الدولة الآشورية بهدف إدارة الأقاليم التابعة للدولة وحمايتها ، إلا إن هؤلاء الحكام لم يستمروا في ولائهم لملوكهم فبدأوا يعملون من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية لكسب المنافع والإنفصال عن سلطة الدولة المركزية ، حتى إنهم أخذوا يدونون أعمالهم الخاصة دون ذكر اسم الملك حيث عثر في تل بارسب ( تل أحمر ) على نص يذكر فيه شمشي – أيلو القائد الأعلى للجيش الآشوري ، الحملات التي قادها ضد الأورارتيين وتحقيقه الإنتصار عليهم ، ولم يرد ذكر لاسم الملك في هذا النص(310) ، وهذا يدل على حالة الضعف التي عانى منها الملك شلمنصر – الرابع بحيث نجد أن القائد الأعلى للجيش قد أغفل ذكر اسم ملكه وإن أحد الحكام وهو شمش – ريش – أوصر في منطقة الفرات الأوسط أخذ يؤرخ أعماله بسنوات حكمه الخاص دون ذكر اسم الملك ويذكر في النص :
(( أنا شمش – ريش – أوصر ، حاكم سوهو وماري " على أواسط الفرات " جلبت النحل التي تجمع العسل والتي لم يرها من الملوك آبائي أو يجلب منها إلى بلاد سوهو . لقد جلبتها من جبال خبخا ( Habha ) " شرقي تركيا " ووضعتها في مدينة جباري – أبني " وهي مدينة كان قد شيدها " لقد جمعوا العسل والشمع . وأنا أعرف كيف أقوم بفرز العسل عن الشمع وكذلك يعرف البستانيون وليسأل سواي شخص يأتي في المستقبل الرجال المسنين في البلاد إن كان صحيحاً إن شمش – ريش – أوصر، حاكم سوهو قد جلب النحل أم لا ))(311) ,ومن ذلك نستشف ضعف الحكومة المركزية للدولة.
فاستغلت أورارطو المشاكل الداخلية التي تمر بها الدولة الآشورية ومدت نفوذها إلى الجهات الواقعة حول بحيرة أورميا ، ثم اتجهوا غرباً وفرضوا سلطانهم على بعض ولايات آسيا الصغرى(312) .
لذلك جهز شلمنصر – الرابع عدة حملات ضد ملك أورارطو أرجستيس الأول وبلغ مجموع تلك الحملات حوالي ست حملات عسكرية خلال ثماني سنوات إلا إنه لم يتمكن من دحر أورارطو ، مما أدى إلى قطع الطرق التجارية عبر الفرات ، فكان لابد من البحث عن طريق تجاري آخر لتوفير المواد الأولية لبلاد آشور(313) ، خاصة بعد أن أدرك الآشوريون أنه من الخطأ القيام بحملة عسكرية مباشرة ضد بلاد أورارطو في ظل الأوضاع التي تمر بها بلاد آشور ، لذلك توجهوا نحو تبني سياسة حكيمة تتمثل بتقوية الجبهة الداخلية للبلاد ومن ثم إخضاع سوريا وغرب إيران لكونهما يمثلان مركزان مهمان للنفوذ الأورارطي خارج أرمينيا(314). لذا أعد شلمنصر الرابع حملة ضد بلاد فارس لأن ملوك أورارطو كانوا يحاولون استمالة ملوك بلاد فارس إلى جانبهم ضد الآشوريين(315) .
وتشير القوائم التاريخية إلى قيام عدة حملات عسكرية إلى مناطق أخرى مثل الحملة ضد قبيلة أتوا ( الآرامية ) itu سنة 777 ق . م ، التي تسلم منها هدايا الطاعة والولاء (316) .
وإلى جبال الأرز ( الأمانوس ) سنة 775 ق . م ، وضد دمشق سنة 773 ق . م ، وحزراك ( حتاريكا ) في سنة 772 ق . م (317) ، إلا إن كل تلك الحملات كانت مناوشات حدودية ، لم تحقق أي نتائج حاسمة .
أما عن بلاد بابل فلم يحدث بينها وبين بلاد آشور أي منازعات حدودية بسبب إنشغال بلاد بابل بمشاكلها الداخلية نتيجة لتزايد الخطر الآرامي عليها (318) .
آشور – دان الثالث (ق . م Ashur– dan III) (772 – 755) :
ساءت أوضاع الدولة الآشورية في عهد آشور – دان الثالث نتيجة لعدة عوامل داخلية وخارجية منها ضعف السلطة المركزية وتعاظم نفوذ حكام المقاطعات ولاسيما البعيدة منها، وأخذت بلاد آشور تفقد الكثير من الأقاليم التابعة لها مما أسهم في حرمانها من السيطرة على الطرق التجارية ، وفقدانها لمورد مهم من مواردها يتمثل بهدايا الطاعة والولاء التي كانت تحصل عليها من تلك الأقاليم، فساءت الأوضاع الاقتصادية ، وتفشت الأوبئة بين الناس ولاسيما الطاعون الذي تسبب في هلاك الكثير منهم(319) .
فكان من نتيجة ذلك أن اندلعت الإضطرابات ضد السلطة المركزية خلال السنوات ( 763 – 759 ق . م ) في عدة مدن منها آشور وأرابخا ( كركوك ) وكوزانا ( تل حلف )(320) ، وأعلنت القبائل الآرامية القاطنة إلى الجنوب من بلاد آشور كقبيلة أتوا التمرد ضد السلطة الآشورية في سنة ( 769 ق . م ) (321).
استغلت بلاد أورارطو تلك الأوضاع المضطربة ، وتقدم الملك الأورارتي ساردور الثاني بحملة تمكن فيها من السيطرة على قوئي ، جورجوم ، سمأل ، وكركميش شمال سوريا، وبذلك سيطرت أورارطو على الطرق التجارية في سوريا وآسيا الصغرى(322) .شن آشور – دان الثالث عدة حملات باتجاه الجبهة الغربية في محاولة منه لاستعادة الدويلات التي انسلخت عن التبعية لبلاد آشور ، ففي عامي 765 و 755 ق . م أعد حملتين عسكريتين ضد مدينة حاتاريكا لم يحقق فيها أي نصر(323) ، ولم يتقدم هذا الملك إلى أبعد من ذلك فبقيت ممالك دمشق وسمأل وحماة بعيدة عن أيدي الآشوريين(324) .
آشور – نيراري الخامس (ق . م Ashur – nirari V) (754 – 745) :
تفاقمت الأوضاع سوءاً في عهد هذا الملك الذي انشغل بإصلاح الأمور الداخلية للبلاد بدلاً من القيام بالحملات العسكرية ، حتى أن النصوص التي دونت أعمال هذا الملك ولخمس سنوات متتالية تكررت فيها عبارة ( في البلاد )(325) ، نفهم من ذلك أن إنجازاته في تلك السنوات اقتصرت على بلاد آشور ، وأنه لم يقم بأية حملة عسكرية خارج حدود بلاده .
واتبع آشور – نيراري الخامس الطرق الدبلوماسية في حماية المناطق التابعة للبلاد في شمال سوريا وذلك لاستمالتها وكسب تأييدها ضد دولة أورارطو ، فعقد معاهدة مع متيع – إلو ( Mati - Ilo ) حاكم بيت أجوشي ( أرباد ) وذلك بعد حملة عسكرية قادها الملك في عام 753 ق . م ضد تلك المدينة (326) .
وقد الزم متيع – إلو بموجب تلك المعاهدة على تقديم الدعم العسكري للملك الآشوري ضد بلاد أورارطو(327) ، ونصت على ضرورة الإلتزام بها وصبت اللعنات والكثير من الشتائم على كل من يحاول الإخلال بها (327)، ويرد ذكر هذه المعاهدة في النص :
(( إذا لم تخلص لآشور – نيراري إذا لم يكرس من قبلك لآشور – نيراري .ملك بلاد آشور فإنك وشعب بلاد ( .... ) ، إذا ذهب الجيش الآشوري للحرب بأوامر آشور نيراري ، ملك بلاد آشور ، ولم يأت متيع – إيلو مع موظفيه وجيشه وعربته ( إلى الحملة ) بإخلاص كامل ، فعسى أن يكسو سين ، السيد العظيم الذي يقيم في حران ، ماتع – إيلو وأبناءه وموظفيه وشعب بلاده بالجذام كالرداء يغطي أجسامهم ، .... ، وأن تتحول بلاده بأكملها إلى أرض جرداء ، عسى أن تصبح أرضه ( ضيقة ) بقدر طابوقة ( طولها ) ذراع واحد بحيث لا تكفي لوقوف أبنائِه ( وبناته وموظفيه وشعب بلاده ) عليها عسى أن يكون .... ماتع إيلو ( وأبناؤه ) وبناته وموظفوه وشعب بلاده مثل .... وأن يسحق هو نفسه وشعب بلاده مثل الكلس ))(328) .
ومن خلال تلك المعاهدة يمكن أن نستشف بأن هذا الملك قد أدرك بأن القوة العسكرية للدولة الآشورية لم تكن كما كانت عليه سابقاً ، لذلك أراد إيجاد حليف له ضد أعدائه ومن أخطرهم بلاد أورارطو التي أخذت بالتوسع نحو بلاد آشور حتى أن الملك الأورارطي ساردوري الأول يذكر أنه استولى على الأراضي التي كانت تحت السيادة الآشورية والتي تقع في شمال سوريا ، ولم يرد ذكر لأي تفاصيل لهذه الحملة أو موقع المنطقة التي وصل إليها النفوذ الأوراطي سوى الإشارة إلى مكان يقع بالقرب من كركميش(329) ، أما الملك الآشوري آشور – نيراري الخامس كان عاجزاً عن القيام بأي رد فعل عسكري واكتفى بمراقبة الأحداث السياسية في المنطقة(330) .
هذا الأمر دفع بـ ماتع إيلو إلى نقض المعاهدة مع آشور – نيراري الخامس بعد أن رأى بأن الدولة الآشورية ليست بالقوة العسكرية التي كانت عليها ، وانحاز إلى جانب الملك ساردوري الثاني(331) ، حيث قام الأخير بتحريض المدن التابعة لبلاد آشور لإعلان التمرد والعصيان ، لذا عقد ماتع إيلو ملك أرباد معاهدة مع بركعيا ملك كتـك وهو لقب اتخذه ساردور ملك أورارطو ويعني بالآرامية ( ابن الجلالة أو المبجل ) بصفته سيد العالم الآرامي(332) ويعتقد أن تلك المعاهدة مرتبطة بحركة عصيان كبيرة نظمت لرفض التبعية لبلاد آشور والإنسلاخ عنها (333) ، ويرد نص يذكر المعاهدة :
(( معاهدات بركعيا ملك كتكا مع – ماتع – إيلو ، ومعاهدات أحفاد بركعيا مع بني ماتع – إيلو ، ومعاهدات أحفاد بركعيا مع نسل ماتع – إيلو ومعاهدات كتكا مع أرباد ومع حلفائها ( ؟ ) ومع أرام كله ومع مصري ومع أولاده الذين يقومون من بعده ومع كل أرام الأعلى والأسفل ومع كل الذين يدخلون البلاط الملكي ))(334) .
ونستشف من عبارة ( أرام كله ) ومع ( مصري ) ( التي تقع ربما في كبدوكيا ) إن تلك المعاهدة ضمت عدداً من الدويلات الآرامية وبلاد مصري كحليفة لأرباد وكتكا ضد بلاد آشور(335).
أما على الجبهة الجنوبية فلم يحدث أي صدام ما بين بلاد بابل وبلاد آشور ويمكن ملاحظة التأثير الحضاري الآشوري في بلاد بابل من خلال النصوص التي تذكر أن كاهن معبد نابو الأعلى المدعو نابو – شوما – أيبي في بورسيبا كان آشوري الأصل ، وإن عدداً كبيراً من موظفي المعبد يحملون أسماء آشورية ويطلق عليهم اسم (( أبناء آشور )) (336).
ومن جهة أخرى فإن تغلغل القبائل الكلدية إلى بلاد بابل وسيطرتها على الطرق التجارية التي تربط ما بينها وبلاد بابل(337) ، أدى إلى سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد بعد فقدان بابل لمنفذ تجاري مهم لها مما تسبب في انتشار الفوضى والإضطرابات التي لم تقتصر على الجبهة الجنوبية بل تعدتها لتشمل المناطق الواقعة على طول نهر دجلة جنوبي بلاد آشوروامتدت إلى العاصمة الآشورية نفسها ( كالح ) وكان من نتائجها اغتيال آشور – نيراري الخامس مع عدد من أفراد عائلته (338) فتولى الحكم في بلاد آشور تجلاثبليزر الثالث ( TigLath – piLeser III ) ( 744 – 727 ق . م ) الذي يؤشر حكمه بداية لما يعرف بالتاريخ الآشوري بالإمبراطورية الثانية في العصر الآشوري الحديث .
_____________________________
(1) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 477 .
(2) سليمان ، عامر ، حضارة العراق ، ج2 ، ص 140
(3) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 107 .
(4) Brinkman , J . A , Op. cit . , p. 178 .
- شير ، أدي ، المصدر السابق ، ص 58 .
(5) Grayson , A . K , ARI , vol 2 , p. 86 .)
(6) Saggs , H . W . F , Mesopotamien Assyrer . Babylonier , Sumerer , Germany , 1966 , p. 143 .
(7) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 109 .
- Brinkman , J . A, Op. cit., p. 177.
(8) سليمان ، عامر ، " منطقة الموصل في النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد " ، موسوعة الموصل الحضارية ، المجلد الأول ، ط1 ، الموصل ، 1991 ، ص 87 .
(9) التيمانيين : أحد الأقوام الآرامية التي استوطنت المنطقة الواقعة شمال الفرات الأوسط ، ينظر :
- ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 109 .
(10) Kuhrt , A . , The Ancient Near East C. 3000 – 300 B. C, vol 2 , London & New York , 2002 , p. 481 .
- Luckenbill , D . D , ARAB , vol 1 , p. 111 .
(11) Grayson , A . K , ARI , vol 2 , p. 87 ..
(12) نصيبين : تقع في أعالي الخابور جنوب كاشياري (طور عابدين) في آسيا الصغرى ، وهي تتمتع بموقع تجاري مهم لكونها الطريق الرئيسي للمواصلات ما بين سوريا وبلاد ما وراء دجلة ، ينظر :
- القصير ، أحمد لفتة ، المصدر السابق ، ص 96 .
- عبودي ، هنري س ، معجم الحضارات السامية ، ط2 ، لبنان ، 1991 ، ص 849 .
(13)Grayson, A. K, ARI, vol. 2, p. 87.)
(14) Luckenbill , D . D , ARAB , vol. 1 , pp. 111 – 112 .
- Smith , S . , CAH , 3 , p. 8 .
(15) Luckenbill , D . D., ARAB, vol 1, p. 112
(16) Grayson, A. K, ARI, vol 2, p. 88.
(17) Russel , H . F., IRAQ, vol .47, 1985, p. 66
(18) سيكانو ( تل الفخارية ) : تقع على ضفة نهر الخابور جوار بلدة رأس العين في الجنوب ، ينظر : - أبو عساف ، علي ، المصدر السابق ، ص 55 .
(19) لاقي : تقع إلى الغرب من ساحل الفرات الأوسط بالقرب من بيت حالوب، ينظر :
- منصور ، ماجدة حسو ، المصدر السابق ، ص 68.
(20) خندانو : تقع قرب مدينة البو كمال السورية في ناحية الكرابلة التابعة لقضاء القائم بمحافظة الأنبار ، ينظر :
- الهر ، عبد الصاحب ، مدينة خندانو الأثرية ( الجابرية والعنقاء ) ، ط1 ، 1980 ، ص 8 . (21) Kuhrt, A., Op. cit., p. 481.
(22) Luckenbill , D . D. , ARAB , vol. 1 , p. 113
(23) ينظر : المبحث الثاني من الفصل الثالث ، ص 75 - 76 .
(24) Grayson , A . K. , ARI , vol. 2 , p. 88 – 89 .
(25) Smith , CAH , 3 , p. 8 .
- منصور ، ماجدة حسو ، المصدر السابق ، ص 97 .
(26) الأحمد ، سامي سعيد ورضا جواد الهاشمي ، تاريخ الشرق الأدنى إيران والأناضول ، بغداد ، ص271.
(27) Nashef , Kh , Op. cit., p. 223
(28) Ibid , pp. 112 – 113.
(29) Luckenbill , D . D, ARAB, vol. 1, p. 117.
(30) Grayson , A . K, ARI, vol. 2, p. 90
(31) Ibid
(32) Grayson , A . K, ARI, vol. 2, p. 90
(33) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 111 .
(34) Delaporte , L., Mesopotamia, London, 1970, p. 52
(35) هامرتن ، جون ، أ ، المصدر السابق ، ص 168 .
(36) Smith , CAH , 3 , p. 9
(37) Kuhrt , A . , Op. cit., p. 482.
- Brinkman , J . A., Op. cit., pp. 180 – 181.
(38) Grayson , A . K., TCS, vol. 5, p. 166.
(39) محان ، محمد سياب ، المصدر السابق ، ص 77 .
(40) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 501 .
(41) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، ص 250 .
(42) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 111 .
- Saggs , H . W, Mesopotamien, p. 147.
(43) Smith , CAH , 3 , p. 10
(44) Kuhrt , A . , Op. cit., p. 482.
(45) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 111 .
(46) Grayson , A . K., ARI, vol 2, p. 90.
(47) Smith , CAH , 3 , p. 10 .
(48) Grayson , A . K, ARI, vol 2, pp. 100 – 101
(49) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 111 .
(50) Brinkman , J . A, Op. cit., p. 183.
- إبراهيم، جابر خليل، المصدر السابق، ص 279.
(51) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 108.
(52) Saggs , H . W, Mesopotamien, p. 147.
- De Laporten , Op. Cit, p. 248.
(53) Grayson, A . K, ARI, vol 2, p.101
(54) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 501 .
(55) بوستغيث ، نيكولاس ، المصدر السابق ، ص 109 .
(56) Roaf , M . , Op. cit, p. 159
(57) Kuhrt , A . , Op. cit. p. 483
(58) Smith , CAH , 3 , p. 11.
(59) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 108 .
(60) Grayson , A . K, ARI, vol 2, p. 104.
(61) Ibid , pp. 104 – 105.
(62) - Smith , CAH , 3 , p. 11.
(63) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 501 .
(64) الراوي ، شيبان ثابت ، آشور ناصر بال الثاني 883 – 859 ق . م سيرته وأعماله ، رسالة ماجستير غير منشورة ، بغداد ، 1986 ، ص 78 – 80 .
(65) Rogers , R . W. , A History of Babylonia and Assyria , vol. 2 , New York , 1915 , p. 196 .
- Olmstead , A . T. , History of Assyria , p. 84 .
(66) كيروري : تقع إلى الشمال من مدينة أربيل الحالية بإتجاه شقلاوه في المنطقة التي تعرف الآن بـ ( سهل حرير ) ، ينظر :
Saggs , H , " The Land of Kirruri , " , IRAQ , London , vol . 2 , 1980 , p. 79 .-
(67) Grayson , A . K. , ARI , vol. 2 , p. 122 .
- Luckenbill , D . D. , ARAB , vol. 1 , p. 142 .
(68) Olmstead , A . T. , History of Assyria , pp. 84 – 85 .
(69) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 146 .
(70) Smith , CAH , 3 , p. 12 – 13.
(71) Grayson , A . K, ARI, vol 2, p. 122
(72) كويسنجق : تقع في سهل فسيح خصب عند السفوح الغربية لسلسلة جبال ( هيبت سلطان ) وهي مركز لقضاء بهذا الاسم وتعود حاليا لمحافظة السليمانية ، ينظر : - باقر ، طه ، وفؤاد سفر ، المرشد إلى مواطن الآثار والحضارة ، الرحلة الرابعة ، بغداد ، 1965 ، ص 37 .
(73) Olmstead , A . T., History of Assyria, p. 85.
(74) Rogers , R . W., A History of Babylonia and Assyria, p. 196
(75) Grayson , A . K., ARI, vol 2, p. 122.
(76) ibid , pp. 122 – 123
(77) ibid , pp. 122 – 123.
(78) عبد الله، يوسف خلف، الجيش والسلاح في العصر الآشوري الحديث 911 – 612 ق. م، ص141.
(79) Olmstead , A . T, History of Assyria, p. 85.
(80) شير ، أدي ، المصدر السابق ، ص 388 .
(81) Grayson , A . K, ARI, vol 2, p. 123.
(82) Rogers , R . W. , A History of Babylonia and Assyria , pp. 197 – 198
- Olmstead , A . T. , History of Assyria , p. 87 .
(83) Grayson , A . K., ARI, vol 2, pp. 123 – 124.
(84)سليما ن، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 88.
(85) Grason, A. K., ARI, vol. 2, p. 124.
(86) Russel , H. F., IRAQ, vol.47, 1985, p. 74.
- Brinkman , J . A, Op. cit., p. 186.
(87) Olmstead , A . T., History of Assyria, pp. 87 – 88.
(88) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, p. 146
(89) Olmstead , A . T, History of Assyria, p. 88.
(90) Rogers , R . W., A History of Babylonia and Assyria, p. 200.
- Olmstead , A . T., History of Assyria, p. 89.
(91) Grayson, A. K., ARI, vol 2, pp. 125 – 126.
(92) Saggs , H , W . F., Mesopotamien, p. 148.
(93) Olmstead , A . T., History of Assyria, p. 88.
(94) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 110 .
(95) سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 88.
(96) Olmstead , A . T., History of Assyria, p. 88.
(97) باقر ، طه وفؤاد سفر ، المرشد إلى موطن الآثار والحضارة ، الرحلة الرابعة ، ص 16 – 17 .
(98) باقر ، طه وفؤاد سفر ، المصدر السابق ، ص 14 .
(99)( Rogers , R . W. , A History of Babylonia and Assyria , pp. 201 – 202
(100) شير ، أدي ، المصدر السابق ، ص 62 .
(101) Smith , CAH , 3 , p. 13.
(102) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, p. 149.
(103) Grayson , A . K., ARI, vol 2, p. 129
(104) الراوي ، شيبان ثابت ، المصدر السابق ، ص 99 .
(105) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, p. 151.
(106) Grayson , A . K., ARI, vol. 2, p. 131 .
(107) ANET , p. 559.
(108) Smith , CAH , 3 , pp. 13 – 14.
(109)Grayson , A . K., ARI, vol. 2, p. 133.
(110) إسماعيل، بهيجة خليل، المصدر السابق، ص 287.
(111) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 113 .
(112) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, p. 157.
(113) Kuhrt , A . , Op. cit., p. 483
(114) Grayson , A . K, ARI, vol. 2, pp. 135 – 136.
(115)ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 109 .
(116) منصور ، ماجدة حسو ، المصدر السابق ، ص 104 .
(117) Kuhrt , A . , Op. cit., p. 484
(118) Brinkman , J . A, Op. cit., p. 185.
- Saggs , H , W . , Mesopotamien, Op. cit., p. 148 – 149.
(119) Rogers , R . W, A History of Babylonia and Assyria, pp. 205 – 206
(120) DeLaporte , L. , Mesopotamia, pp. 52 – 53.
- Brinkman , J .A., Op. cit., pp. 187 – 188.
(121) هامرتن ، جون ، أ ، المصدر السابق ، ص 170 .
( 122) Rogers , R . W, A History of Babylonia and Assyria, p. 208.
(123)Grayson , A . K, ARI, vol. 2, p. 138.
(124) غزاله ، هديب حياوي ، الدولة البابلية الحديثة ، ص 30 .
(125) Roaf , M. , Op. cit., p. 160
(126) ANET , p. 558
(127) يانوفسكا ، " بعض القضايا الإقتصادية في إمبراطورية آشور " ، العراق القديم ، جماعة من علماء الآثار السوفيت ، ترجمة سليم طه التكريتي ، بغداد ، 1976 ، ص 411 .
(128) حول سياسة التهجير، ينظر:
- Oded , B . , Massdeportations and deporteer in the Neo – Assyrian, empire, London, 1979, p. 21.
(129) Olmstead , A . T., History of Assyria, p. 92.
(130) Liverani , M. , The Growth of the Assyrian Empire in the Habur / Middle Euphrates Area: A new paradign, Rome, 1985, P. 3.
(131) Hall , and others , Op. cit., p. 44 .
(132) رو ، جورج : المصدر السابق ، ص 389 .
(133) سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 88.
- Jack , F , G . , Light from the Ancient past, America, 1954, p. 171.
- Roaf , M . , Op. cit., p. 160.
(134) Hitti , P . , K., Lebanon in History, p. 142
(135) Hulin , P. , Op. cit., p. 51
(136) رو ، جورج : المصدر السابق ، ص 390 .
(137) Rogers , R . W, A History of Babylonia and Assyria, p. 218.
- Roaf , M. , Op. cit., pp. 159 – 160.
(138) Grayson , A . K, ARI, vol. 2, p. 144.
- دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 101 .
(139) Grayson , A . K, ARI, vol 2, p. 144.
(140) Roaf , M. , Op. cit., p. 164
(141) شير ، أدي ، المصدر السابق ، ص 61 .
(142) Rogers , R . W, A History of Babylonia and Assyria, p. 218.
- Smith , CAH , 3 , p. 18.
(143) Grayson , A . K, ARI, vol 2, p. 145.
(144) أبو غنيمة ، خالد محمود ، " بواكير القرى الأولى وبداية الأستقرار في بلاد الشام " ، دراسات تاريخية ، السنة 21 ، العددان ( 71 – 72 ) ، أربد ، 2000 ، ص 59 – 65 .
(145) Honorable , G . , M., Op. cit., p. 75
(146) Grayson , A . K, ARI, vol. 2, p. 145.
(147) باقر ، طه ، مقدمة ، ج 1 ، ص 505 – 506.
(148) Hall , and others , Op. cit., pp. 454 – 455.
(149) زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 83 – 84.
(150) Smith , CAH , 3 , p. 20.
- Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1. , p. 215.
(151) ANET , p. 277.
- Smith , CAH , 3 , p. 20.
(152) Ibid , pp. 20 – 21
(153) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 219 .
(154) ANET , p. 277
(155) ANET , p. 277.
(156) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1. , p. 215.
(157) Ragozin , Z . A., Assyria Rom the rise of the empire to the Fall of Nineveh, London, 1914, pp. 178 – 188
(158) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 219 .
(159) Hallo , W. , and William K. S., Op. cit., p. 127.
(160) منصور ، ماجدة حسو ، المصدر السابق ، ص 110 .
(161) Smith , CAH , 3 , p. 21.
- كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 220 .
(162) رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 398 .
(163) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 220 .
(164) دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 109 .
- Oded , B . , Op .cit. p. 47.
(165) قابلو ، جباغ ، "التنافس الآشوري الأورارتي للسيطرة على الشرق القديم خلال النصف الأول من القرن التاسع والقرن الثامن ( ق . م )" ، دراسات تاريخية ، العددان 71 – 72 ، السنة الحادية والعشرون ، دمشق، 2000 ، ص 57 .
- SaLvini , M. , Nairie uruatri contribu to Alla Storia Della formazione Del Regno Di urartu, vol. 16, Roma. 1967. p. 35.
(166) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 120 .
- رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 397 .
(167) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1. , p. 219.
- Russell , H. F., "Shalmaneser campaign to Urartu in 856 B. C and the historical Geography of Eastern AnatoLian according to the Assyrian source", ANST, vol. 34. 1984, pp. 180 – 183.
(168) Kuhrt , A. , Op.cit. , p. 487
(169) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 220 .
(170) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1. , p. 202.
(171) ANET , p. 279.
(172) Hyma , A. , Ancient History, New York, 1955, p. 45.
- سلمان ، حسين أحمد ، المصدر السابق ، ص 167 – 168 .
- هامرتن ، جون ، أ ، المصدر السابق ، ص 170 .
(173) دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 110 .
- Charpin , D. , "The History of Ancient Mesopotamian over view", CANE, New York, 2000, p. 822.
(174) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ فلسطين القديم ، بغداد ، 1979 ، ص 205 .
- Ragozin , Z. , Op .cit. pp. 179 – 180.
(175) علي جواد ، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ( القسم السياسي ) ، ج 2 ، بغداد ، 1952 ، ص 300 .
(176) Macdonald , M. , C., A., "North Arabia in the First Millennium BCE", CANE, New York, 2000, p. 1364 .
(177) رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 398 .
(178) Luckenbill , D . D., ARAB, vol 1. , pp. 222 – 223.
(179) Macdonald , M. C. A., CANE, p. 1364.
- الهاشمي، رضا جواد، آثار الخليج العربي والجزيرة العربية، بغداد، 1984، ص 279.
- Hitti , P. , History of the Arabs, London, 1958, p. 37.
(180) الهاشمي، رضا جواد، " الجوانب العسكرية والعلاقات السياسية في تاريخ العرب القديم للألف الأولى ( ق. م ) "، مجلة كلية الآداب، ع 36، بغداد، 1989، ص 211.
(181) Saggs , H . , Mesopotamien…, pp. 152 – 153.
- يحيى، لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة مدخل حضاري في تاريخ العرب قبل الإسلام، ط2، بيروت، 1979، ص 410.
- حتي ، فيليب ، لبنان في التاريخ ، ترجمة أنيس فريحه ، بيروت ، 1959 ، ص 175 .
(182) علي، جواد، المصدر السابق، ص 301.
(183) Brinkman , J. A., Op. cit., p. 191.
- Hall and others , Op .cit., p. 454.
(184) Grayson , A . K , TCS, vol. 2 , p. 167 .
(185) Charpin , D. , CANE, p. 823.
- Brinkman , J. A., Op. cit., pp. 192 – 193.
(186) حنون، نائل، المصدر السابق، ص 286.
(187) عبد الله ، يوسف خلف ، " المدلولات السياسية والعسكرية في مشاهد أستقبال الوفود الملكية والحكام في بلاد وادي الرافدين " ، مجلة كلية الآداب ، العدد 63 ، بغداد ، 2002 ، ص 504 .
(188) Grayson , A . K, TCS, vol. 2, p. 167.
(189) Luckenbill , D . D., ARAB, vol 1. , p. 238.
- Brinkman , J. A. , Op. cit. , pp. 193 – 194 .
(190)Dela port , L. , Op. cit., pp. 52 – 53.
(191) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ الخليج العربي من أقدم الأزمنة حتى التحرير العربي ، البصرة ، 1984 ، ص 274 .
(192) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ العراق في القرن السابع ق . م ، ص 91 .
(193) Brinkman , J. A., Op. cit., p. 197.
- Dela port , Op. cit., p. 52.
(194) رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 399 .
(195) الطعان، عبد الرضا، الفكر السياسي في العراق القديم، بغداد، 1981، ص 394 – 395.
(196) باقر ، طه ، " علاقات بلاد الرافدين بجزيرة العرب " ، سومر ، المجلد الخامس ، ج2 ، بغداد ، 1949، ص 148 .
- Trever , A. , Op .cit. p. 95.
- Brinkman , J. A., Op. cit., p. 197.
(197) Hulin , P. , Op. cit., p. 55.
(198) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ الخليج العربي من أقدم الأزمنة حتى التحرير العربي ، ص 275 .
- Brinkman , J. A., Op. cit., p. 198.
(199) Maspero , G. , History of Egypt, vol. 7, London, p. 110.
- الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ الخليج العربي من أقدم الأزمنة حتى التحرير العربي ، ص 275 .
(200) غالب، عارف أحمد، صلات العراق بشبه جزيرة العرب من سنة ( 1000 – 539 ق. م )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، بغداد، 1992، ص 82.
- الأحمد ، سامي سعيد ، " أرض البحر في المصادر الآشورية في العصر السرجوني " ، البحوث المقدمة إلى مؤتمر دراسات تاريخ شرق الجزيرة العربية ، قطر ، 1976 ، ص 206 – 207 .
(201) هامرتن ، جون ، أ ، المصدر السابق ، ص 171 .
(202) لويد ، سيتون ، آثار بلاد الرافدين ، ص 221 .
(203) زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 86.
(204) ANET , pp. 279 – 280.
(205) Ibid .
(206) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1. , p. 240.
(207) Ibid.
(208) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, pp. 240 – 241 .
(209) ibid , p. 241.
(210) ميليد : تقع في أعالي نهر الفرات وتمثل عاصمة الأقليم الآشوري كموخ ، وتعرف الآن بأسم ( ملاطيا ) ينظر :
- Nashef , KH . , Op. cit., p. 194.
(211) SaLvini , M. , Op.cit. , p. 69.
(212) سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 91.
(213) Cameron , G. G., History of early Iran, New York, 1968, p. 143.
- الأحمد ، سامي سعيد ورضا جواد الهاشمي ، تاريخ الشرق الأدنى القديم ، ص 82 .
(214) Burn , A. R., Persian and the Greeks the Defence of the West, C. 546 – 478 B.C, London, 1962, p. 40.
(215) Olmstead , A. T., History of The Persian Empire, Chicago, 1948, p. 22.
(216) HeZ FeLd , E. , Archaeological History of IRAN, London, 1935, p. .9
(217) BrentJes , B. , " The History of Elam and Achaemenid Persia: an over view ", CANE, New York, 2000, p. 1012.
(218) حتي ، فيليب ، تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين ، ص 79 .
(219) زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 88.
- كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 220 .
(220) ANET , Op.cit., p.280.
- كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 222 .
(221) Hitti , P., Lebanon in History, p. 280.
(222) رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 398 – 399 .
(223) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 222 .
(224) Luckenbill , D . D., ARAB, vol 1. , pp. 205.
(225) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 223 .
(226) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, pp. 205 – 206.
(227) Luckenbill , D . D., ARAB, vol.1, p. 206.
(228) باقر ، طه ، مقدمة ، ج2 ، ص 389 .
(229) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, pp. 207.
(230) SaLvini , M. , Op.cit. , pp. 60 – 65.
(231) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, p. 208.
(232) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 223 .
(233) SaLvini , M. , Op.cit. , pp. 65 – 69.
(234) Luckenbill , D . D., ARAB, vol. 1, pp. 209.
(235) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 223 .
(236) Finer , S. , E., Op. cit., p. 221.
(237) عبد الله، يوسف خلف، الجيش والسلاح في العهد الآشوري الحديث، ص 18 – 19
(238) أندريه ، فالتر ، ص 55 و ما بعدها .
(239) Cameron , G. G. , " The Annals of Shalmaneser III , King of Assyria " , SUMER , vol. 1 , No. 1 , 1950 , p. 8 .
- سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 90.
- وحول توسع بلاد آشور في عهد شلمنصر الثالث ينظر الخارطة رقم (5) ، ص 148 .
(240) Smith , CAH , 3 , p. 26.
- زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 90.
(241) Roaf , M. , Op. cit., p. 174.
- ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 116 – 117 .
(242) الامير ، سعدون عبد الهادي ، الازمات السياسية الداخلية في العراق القديم (3000 – 239 ق . م ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة واسط ، 2005 ، ص 163 .
(243) سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 91.
(244) Finer , S. , E., Op. cit., p. 221.
(245) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 507 .
- رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 403 .
(246) Sykes , P . , History of Persia , London , 1969 , p. 85 .
(247) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 120 .
- طه ، منير يوسف ، المصدر السابق ، ص 115 .
(248) Charpin, D. , The History of Ancient Mesopotamia: an over view, CANE, p. 823.
- Brinkman , J. , A., Op. cit., p. 204.
(249) Ibid , p. 204 – 205.
- محان ، محمد سياب ، المصدر السابق ، ص 96 .
(250) الأمير ، سعدون عبد الهادي ، المصدر السابق ، ص 164 .
(251) حول نص المعاهدة ينظر:
- محان ، محمد سياب ، المصدر السابق ، ص 96 – 97 .
(252) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ العراق في القرن السابع ( ق . م ) ، ص 91 .
(253) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 117 .
(254) Luckenbill , D. D., ARAB, vol.1, p. 255.
(255) Smith , CAH , p. 26.
(256) Luckenbill , D. D., ARAB, vol .1, p. 255.
(257)قابلو ، جباغ ، المصدر السابق ، ص 61 .
(258) الأحمد ، سامي سعيد ، رضا جواد الهاشمي ، تاريخ الشرق الأدنى ( إيران والأناضول ) ، ص 82 .
(259) شير ، أدي ، المصدر السابق ، ص 6 .
- Brent Jes , B. , "The History of Elamand Archaenenid persid: an over view", CANE, p. 1012.
(260) الأحمد ، سامي سعيد ، سمير آميس ، ص 18 .
(261) Cameron , G. , G., History of Early Iran, p. 145.
(262) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ العراق في القرن السابع ( ق . م ) ، ص 92 .
(263) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 118 .
- Brinkman , J. , A., Op. cit., p. 206 – 208.
(264) Ibid. , p. 209.
- Smith , CAH , 3 , p. 27 .
- السلماني ، جمال ندا صالح ، العلاقات السياسية لبلاد الرافدين مع بلاد عيلام في العصر الآشوري الحديث ( 911 – 612 ق . م ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، بغداد ، 2003 ، ص 87 .
(265) Luckenbill , D. D. , ARAB , vol.1 , p. 259 .
(266) الأحمد ، سامي سعيد ، الصراع العراقي الفارسي خلال الألف الأول قبل الميلاد ( 933 – 331 ) ، بغداد ، 1983 ، ص 62 .
(267) Brinkman , J. , A., Op. cit., pp. 211 – 212.
- Smith , CAH , 3 , p. 27.
(268) Saggs , H. W., Everyday Life in Babylonia and Assyria, p. 46.
- Saggs , H. W., Mesopotamian …. , p. 157.
(269) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 118 .
(270) Kuhrt , A. , Op. cit., p. 491.
(271) Glover , T. R., Op. cit., p. 67.
(272) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 507 .
(273) Smith , CAH , 3 , p. 27.
(274) Saggs , H. , W., Mesopotamian …. , p. 158.
(275) الأحمد ، سامي سعيد ، سمير آميس ، ص 82 .
(276) عن قصة سمير آميس ، ينظر :
- Thompson , R. C. , " An Assyrian parallel to an incident in the story of semiramis " , IRAQ , vol. 4. , part 1. , 1937 , p. 42 .
(277) Lewy , H. , "Nitokris – Nagia, JNES", vol. 11, No. 49, 1952, p. 270.
- charpin , B. , the History of Ancient Mesopotamia: an over view, CANE, p. 823.
(278) Ragozin , Z. , Op. cit., p. 200.
- ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 118 .
(279) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 509 .
- سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 93.
(280) مورتكات ، أنطوان ، تاريخ الشرق الأدنى القديم ، ص 293 .
(281) عقراوي ، ثلماستيان ، المرأة دورها ومكانتها في حضارة وادي الرافدين ، بغداد ، 1978 ، ص 253 .
(282) الخازن ، نسيب وهيبه ، من الساميين إلى العرب ، بيروت ، 1962 ، ص 114 .
(283) Hallo , W. And Simpson W., Op. cit., p. 130.
(284) الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 114 .
(285) غزالة ، هديب حياوي ، دور حضارة العراق القديمة في بلاد الشام ، ص 187 .
(286) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 118 .
- Smith , CAH , 3 , p. 27.
(287) Luckenbill , D. D., ARAB, vol. 1, p. 260.
(288) سليمان، عامر، موسوعة الموصل الحضارية، المجلد الأول، ص 92.
(289) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 118 .
(290) Lowy , H. , Op. cit., p. 271.
(291) مملكة لوعش : تقع بين حلب وحماة ، ينظر :
- الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 120 .
(292) حزراك : عرفت في النصوص المسمارية بأسم ( حاتاريكا ) وهي تقع قرب تل آفس شمال حماة ، ينظر :
- الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 120 .
(293) Millard , A. R. and Tadmor . H. , " Adad – Nirari III in Syria " , IRAQ , vol. 35 , part 1 , 1973 , p. 58 .
- دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 117 .
(294) زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 91 – 92.
(295) حول نص هذه الحملة، ينظر:
- الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 119 – 120 .
(296) Shea , W. H., "Adad – Nirari III and Jehoash of Israel", JCS, vol. 30 / 2, 1978, p. 103.
(297) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 224 .
(298) سومر ، دوبونت ، المصدر السابق ، ص 118 .
- Shea , W. H., Op. cit., p. 103.
(299) كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 224 .
- Beek , M. A., Atlas of Mesopotamia, p. 101.
(300) Luckenbill , D. D., ARAB, vol. 1, pp. 262 – 263.
- Rogers , R. W., Cuneiform parallels to the Old Testament, second Edition, New York, 1926, p. 292.
(301) Shea, W. H., Op. cit., p. 106.
- ANET , p. 282.
- الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ فلسطين القديم ، ص 209.
(302) Luckenbill , D. D., ARAB, vol. 1, p. 263.
- Ahmad , A. Y. , " Adad – Nirari III 's Historical Texts From KalHu " , Sumer , vol. 51 , No. 1 – 2 , Baghdadi , 2001 - 2002 , p. 29 .
- Rogers , R. W., Cuneiform parallels to the old Testament, p. 306.
(303) Cameron , G. G., History of Early Iran, p. 146.
- Smith , CAH , 3 , p. 28.
(304) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص 119 .
(305) Brinkman , J. A . , Op. cit. , pp. 216 – 217 .
(306) Luckenbill , D. D., ARAB, vol. 1, p. 263.
- Ahmad , A. Y., Sumer, vol. 21, 2001 – 2002, p. 29.
(307) Hawkins , J. D., "Karkamish and Karalepe – Neo – Hittite city – States in north Syria", CANE, New York, 2000. p. 1303.
- كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 242 .
(308) ساكز ، هاري ، قوة آشور ، ص 121 .
(309) Bienkowski , P. And Alan. M., Op. cit., p. 291.
- Smith , CAH , 3 , p. 29.
- Hallo, W. And William K. S., Op. cit., p. 131.
(310) ساكز ، هاري ، قوة أشور ، ص 124 .
(311) Mallowan , M. , Iran From The EarLiest Times To The Islamic conquest, p. 93.
(312) طه ، منير يوسف ، المصدر السابق ، ص 115 .
(313) رو ، جورج ، المصدر السابق ، ص 408 – 409 .
(314) الأحمد ، سامي سعيد، الصراع العراقي الفارسي خلال الألف الأول قبل الميلاد ( 933 – 331 ق .م )، ص 63 .
(315) Brinkman , J.A., Op. cit., p. 218.
(316) Smith , CAH , 3 , p. 30.
- دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 119 .
(317) باقر ، طه ، مقدمة ، ج1 ، ص 507 .
(318) بوستغيث ، نيكولاس ، المصدر السابق ، ص 111 .
(319) دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 119 .
(320) Smith , CAH , 3 , p. 30.
- Brinkman , J. A., Op. cit., p. 218.
(321) Smith , CAH , 3 , p. 30.
(322) الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 124 .
- كلينغل ، هورست ، المصدر السابق ، ص 225 .
(323) زهدي، بشير، المصدر السابق، ص 94.
(324) Rogers , R. W., A History of Babylonia and Assyria, p. 262.
(325) Millard , A. R., IRAQ, vol. 23. Part 2, 1970, p. 174.
- عامر، سليمان، العراق في التاريخ القديم، ص 69.
(326) الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 125 – 126 .
(327) عبد الله ، يوسف خلف ، المدلولات السياسية والعسكرية في مشاهد أستقبال الوفود الملكية والحكام في بلاد الرافدين ، ص 470 .
(328) Luckenbill , D. D., ARAB, vol. 1, pp. 266 – 267.
- Parpola , S. And Kazuko. W. , " Neo – Assyrian Treaties and Logalety oaths " , SAA , vol. 2 , Helsinki , 1988 , pp. 8 – 13 .
(329) قابلو ، جباغ ، المصدر السابق ، ص 66 .
(330) سومر ، دوبونت ، المصدر السابق ، ص 120 .
(331) قابلو ، جباغ ، المصدر السابق ، ص 66 .
(332) كتك : لا يعرف موقعها بالتحديد ، ويرجح أن يكون على طول الفرات إلى الشرق من مملكة أرباد ، ينظر :
- الخازن ، نسيب وهيبه ، المصدر السابق ، ص 126 .
(333) Kuhrt , A. , Op. cit., p. 492.
(334)دوبونت ، سومر ، المصدر السابق ، ص 120 – 121 .
(335) المصدر نفسه، ص 121.
(336) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ العراق في القرن السابع قبل الميلاد ، ص 93 .
(337) الفتيان، أحمد مالك، المصدر السابق، ص 296.
(338) Hallo, W. And William K., Op. cit., p. 132.
- Bertman , S. , Op. cit., p. 80.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|