المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



شرح فقرات دعاء الأمام زين العابدين (عليه السلام) بحق الوالدين  
  
5890   11:56 صباحاً   التاريخ: 22-12-2016
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : التربية الفاشلة وطرق علاجها
الجزء والصفحة : ص253-257
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

قال الشيخ جواد مغنية في شرح دعائه (عليه السلام) :

(اللهم اجعلني اهابهما هيبة السلطان العسوف) : الظلوم , يهاب والديه على دنوه منهما ,وعلمه بأنهما أرأف به من نفسه. ولا غرابة, إنها هيبة التعظيم والتقدير, لا هيبة الخوف من العقاب العسير, وهيبة الأبوة التي لا يشعر بها إلا العارفون. كانت فاطمة (عليها السلام) بضعة من النبي (صلى الله عليه واله), وأحب الخلق الى قلبه, ومع هذا كانت تقول : ((ما استطعت أن أكلم رسول الله من هيبته)) (1) .

(وأبرهما بر الأم...) ولا شيء عند الأبوين أغلى, وأثمن من بر الابن بهما, علما بأنه وفاء لدين سابق... ومع هذا يسعدان به سعادة الغرس بثمرات غرسه, وبهذه السعادة نفسها يشعر الابن البار إذا تأكد من سعادة أبويه به, ورضاهما عنه .

(الوسنان) : من أخذه النعاس (واستكثر برهما بي وإن قل, وأستقل بري بهما وإن كثر) الخير منه ضئيل, وصغير بالغا ما بلغ، ومنهما جليل, وكبير وإن كان حبة من خردل ؟! وليس هذا تواضعا, بل إيمانا, وعظمة نفس, وشعور حيا بمسؤولية التكليف, وهو أمره تعالى :{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان: 14], وكل شيء قليل في جنب الله, والشكر له لمن قرن شكره بشكره. وهكذا العظيم يستصغر الحسنة منه وإن كبرت, ويستكبر السيئة وإن صغرت على العكس تماما من الحقير, وفي الحديث الشريف : ((المؤمن يرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه, والمنافق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه فأطار فذهب)) (2) .

وقال قائل لأحد المتقين : حقا رأيت في منامي أنك في الجنة . فقال له : ويحك أما وجد الشيطان من يسخر منه غيري , وغيرك ؟

(اللهم خفض لهما صوتي) غض الصوت, وخفضه من الآداب الشرعية, والعرفية, بخاصة عند مخاطبة الكبار, وأهل المكانة. وفي الآية :{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}[لقمان: 19], (وأطب لهما كلامي) قال سبحانه :{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء: 23] , وعلى أن الكلمة الطيبة بوجه عام كالشجرة الطيبة :{أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}[إبراهيم: 25], (عريكتي) طبيعتي (رفيقا) : لطيفا لا فظا غليظا .

(اللهم أشكر لهما...) اجزهما بالإحسان إحسانا, وبالسيئات عفوا وغفرانا (واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري) أجزل لهما الأجر, والثواب على ما لقيا من التعب, والعناء في سبيلي رضيعا, وصبيا. وقال رجل للنبي (صلى الله عليه واله) : ((إن أبويّ بلغا من الكبر عتيا, وأنا أُولي منهما ـ أباشر ـ ما وليا مني في الصغر فهل قضيت حقهما ؟ قال : لا ، فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك, وأنت تفعله , وتريد موتهما)) (3).

(اللهم وما مسهما مني من أذى...) كل ما اصابهما بسببي من مكروه (فاجعله حطة) : محوا (لذنوبهما وعلوا) لمقامهما عندك بحيث يكون شقاؤهما بي في الدنيا سببا لسعادتهما في الآخرة (يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات) لمحو السيئات العديد من الطريق, منها التوبة, ومنها إصلاح ذات البين, وكل عمل نافع مفيد للفرد, والجماعة, ومنها المرض فإنه يحط السيئات, ويحتها حت الأوراق, على حد تعبير نهج البلاغة, ومنها العدوان حيث يتحمل المعتدي سيئات المعتدى عليه, وأيضا يأخذ هذا حسنات ذاك...

(اللهم وما تعديا علي فيه ...) كما أوجب سبحانه حقوقا للوالدين على الولد, وأوجب ايضا حقوقا له عليهما, ومن أهمل, وقصر استحق اللوم, والعقاب والداً كان, أو ولدا, والإمام السجاد (عليه السلام) يتجاوز, ويتنازل عما افترضه الله له على أبويه, وحملهما من حقه أيا كان نوعه, ويكون, وعبر عن هذا التسامح, والتجاوز بقوله : (وهبته عليهما...) أسألك اللهم أن لا تؤاخذ أبويّ على أي شيء يتصل بي من قريب, أو بعيد (فإني لا أتهمهما على نفسي...) هما عندي, وفي عقيدتي من الناصحين المخلصين لا تواني منهما في حقي, ولا تقصير (ولا أكره ما تولياه من أمري) مهما أتى من المحبوب محبوب والعكس بالعكس .

(فهما أوجب حقا علي , وأقدم إحسانا إلي...) لي حق, ولهما حق ولكن حقهم أقدم, واعظم (من ان أقاصهما بعدل...) لا مقاصة عادلة إلا مع المساواة, ولا مكان لها بين المنعم, والمنعم عليه . ومن هنا يقتل الولد بوالده, ولا يقتل الوالد بالولد .

(اين إذا يا إلهي طول شغلهما...) لقد تحملا الضيق, والشدة لأعيش في سعة، والتعب والعناء لأكون في راحة, والذل, والهوان من أجل سعادتي (هيهات) بفتح التاء, وكسرها, وضمها : اسم فعل بمعنى بعد (ما يستوفيان مني حقهما...) أقر, وأعترف بالعجز عن القيام مهما اجتهدت, وبالغت, لأنه جسيم, وعظيم .

وبعد فمن أراد أن يستدرك ما فرط من حق أبويه بعد موتهما, فليستغفر الله لهما, ويقضي دينهما, إن كان عليهما شيء منه لله, أو للناس, وإلا تصدق عنهما بما يستطيع . وفي الحديث : ((سيد الأبرار يوم القيامة , رجل بر والديه بعد موتهما))(4) .

(واعني يا خير من استعين به...) كل أدعية أهل البيت (عليهم السلام), ومناجاتهم, تهدف الى طلب الهداية, والعون, والتوفيق للعلم بالحق, والخير, والعمل بموجبه, ولأن التوفيق هو الأصل, والمنطق لكل نفع, وصالح دنيا, وآخرة .

(ولا تجعليني من أهل العقوق): العصيان, والتمرد (للآباء والأمهات) ولا أدري كيف يعق الولد والديه, وهو على علم اليقين أنهما أرحم به من نفسه, وأنهما يضحيان بالنفس, والنفيس من أجله, ولا يجزى الإحسان بالإساءة إلا من فيه طبع الحية, والعقرب .

(صلى على محمد واله وذريته) قيل : الذرية أخص من الآل : لأن الآل لكل ذي رحم, والذرية للنسل فقط . ولكن المراد هنا العكس؛ لأن القصد من كلمة الآل في الصلاة عليه, وعليهم المعصومون بالخصوص (5) , أما الصلاة على الذرية فتعم كل مؤمن صالح من نسل الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) (واخصص أبويّ بأفضل) ما تخص به المقربين لديك .

 (اللهم لا تنسيني ذكرهما في أدبار صلواتي) كان الشعب العاملي, المعروف الآن بجنوب لبنان من أشد الناس ولاء لأهل البيت (عليهم السلام), وأحرصهم على حفظ مناقبهم, وآثارهم, وبخاصة الأدعية حيث يكررونها صباحا ومساء, وكان من عادة العامليين أن يقرؤوا سورة الفاتحة بعد الصلاة, ويهدون ثوابها الى الأبوين, وما زال الكثير منهم على ذلك. وغير بعيد أن يكون المصدر هذا الدعاء بالذات (وفي آن من آناء ليلي وفي كل ساعة...) لا تنسني ذكرهما في أي وقت وحين .

(واغفر لي...) اجعل ثوابي عندك على البر بهما, وثوابهما على البر بي, مغفرتك ورحمتك

لي, ولهما (حتما) : غفرانا محترما (رضى عزما) : معزوما أي مقصودا (وبلغهما بالكرامة

مواطن السلامة) تكرم عليهما بالجنة, وتفضل (وإن سبقت مغفرتك لهما...) إن تك منزلتهما لديك أعلى, وأرفع من مكانتي فارحمني بشفاعتهما, وإن تك منزلتي أعلى فارحمهما بشفاعتي (حتى نجتمع) في جنانك, ونسعد برضوانك .

والخلاصة: إن للوالدين حقوقا تمتاز عن أكثر الحقوق حتى عن حق المؤمن على المؤمن ولو كان الأبوان مشركين بنص القرآن الكريم :{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: 15] .

ساعدنا الله على برهما وعلى استدراك ما قصرناه تجاههما وما التوفيق إلا من عند الله تبارك وتعالى إنه ولي قدير .

______________

1ـ انظر, مناقب آل أبي طالب: 3/120, مجمع الزوائد: 10/327, نظم درر السمطين: 190.

2ـ انظر المصنف للكوفي :8/160, وكنز العمال: 3/699 ؛8501 ,ومسند أبي يعلى :2/475.

 3ـ انظر , تفسير مجمع البيان : 6/241 , بحار الأنوار :71/43 , ولكن بلفظ : (ضم أبويك الى نفسك كما كانا يفعلان بك , وأنت صغير) .

4ـ انظر, مستدرك الوسائل : 13/414 و بحار الأنوار : 17/86 ؛100 , مستدرك سفينة البحار : 10/444.

5ـ يقصد بذلك آل الرسول (صلى الله عليه واله) الذين خصهم الله بالمكارم , والفضائل , ونزههم عن النقائص بقوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) , والأحزاب : 33 - وفرض مودتهم على جميع المسلمين بقوله تعالى : (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الشورى :23 .

وما أحسن قول الصاحب بن عياد فيهما حيث قال : هم – والله – الشجرة الطيبة , والغمامة الصيبة , والعلم الزاخر , والبحر الذي ليس يدرك له آخر الفضل العلوي , والفخر الحسني , والإباء الحسيني , والزهد الزينبي ,والعلم الباقري , والحديث الصادقي , والحلم الكاظمي , والتفنن الرضوي , والمعجز الجوادي , والبرهان الهادي , وخذ الى الحسن وابنه من روح الفضل وغصنه , إما بعد إمام يعتم بالنبوة , ويتقمص الإمامة , ويتمنطق بالكرامة (انظر , ينابيع المودة 1/4ط7 قم منشورات الشريف الرضي) .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.