أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
699
التاريخ: 6-08-2015
2542
التاريخ: 6-08-2015
654
التاريخ: 11-08-2015
1411
|
ابطال خرافة الجبر
أفلا ينظر العاقل بعين الإنصاف، ويجتنب التقليد، واتباع الهوى، والاستناد إلى اتباع الدنيا، ويطلب الخلاص من الله تعالى، ويعلم أنه محاسب غدا على القليل والكثير، والفتيل والنقير، فكيف يترك اعتقاده؟
ويتوهم أنه يترك سدى؟ أو يعتقد بأن الله تعالى قدر هذه المعصية وقضاها، فلا يتمكن من دفعها، فيبريء نفسه قولا لا فعلا، فإنه لا ينكر صدور الفعل من الإنسان إلا مكابر جاحد للحق، أو مريض العقل، بحيث لا يقدر على تحصيل شيء البتة.
ولو كان الأمر كما توهموه، لكان الله تعالى قد أرسل الرسل إلى نفسه، وأنزل الكتب على نفسه، فكل وعد ووعيد جاء به يكون متوجها إلى نفسه، لأنه إذا لم يكن فاعل سوى الله تعالى، فإلى من أرسل الأنبياء، وعلى من أنزل الكتب، ولمن تهدد ووعد وتوعد، ولمن أمر ونهى!.
ومن أعجب الأشياء وأغربها: أنهم يعجزون عن إدراك استناد أفعالهم إليهم، مع أنه معلوم للصبيان، والمجانين، والبهائم، ويقدرون على تصديق الأنبياء، والعلم بصحة نبوة كل مرسل، مع استناد الفساد، والضلال، والتلبيس، وتصديق الكذابين، وإظهار المعجزات على أيدي المبطلين إلى الله تعالى.
وحينئذ لا يبقى علم ولا ظن بشيء من الاعتقادات البتة، ويرتفع الجزم بالشرائع، والثواب والعقاب، وهذا كفر محض.
قال الخوارزمي: حكى قاضي القضاة، عن أبي علي الجبائي: أن المجبر كافر، ومن شك في كفره فهو كافر، ومن شك في كفر من شك في كفره، فهو كافر!!
وكيف لا يكون كذلك، والحال عندهم ما تقدم، وأنه يجوز أن يجمع الله الأنبياء، والرسل، وعباده الصالحين في أسفل درك الجحيم، يعذبهم دائما، ويخلد الكفار والمنافقين، وإبليس وجنوده في الجنة والنعيم أبد الآبدين؟.
وقد كان لهم في ذم غير الله متسع، وفيمن عداه مقنع، وهلا حكى الله اعتذار الكفار في الآخرة: بأنك خلقت فينا الكفر، والعصيان، بل اعترفوا بصدور الذنب عنهم، وقالوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99، 100] ، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] ، {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 67، 68] ، ، {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} [فصلت: 29].
ثم إن الشيطان اعترف بأنه استغواهم، وشهد الله تعالى بذلك، فحكى عن الشيطان: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22] ، وقال تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ } [محمد: 25] ، فردوا شهادة الله تعالى، واعتراف الشيطان، ونزهوه، وأوقعوا الله في اللوم والذم.
وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله سبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبيا في السبي، فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله، قال: الله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها (1).
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة، بين الإنس والجن، والبهائم، والهوام، فيما يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها يعطف الوحش على ولدها، فأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة (2).
وفيه: عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: إن الله يقوم يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني قال: يا رب، كيف أعودك، وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن فلانا مرض فلم تعده؟ أم علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، كيف أطعمك، وأنت رب العالمين؟ قال: إنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب، كيف أسقيك، وأنت رب العالمين؟
قال: استسقاك عبدي فلان، فلم تسقه. أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟ (3).
وفيه: عن ابن مسعود، قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
الله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دوية مهلكة، ففقد راحلته، فطلبها حتى اشتد عليه الحر والعطش. ما شاء الله تعالى. قال:
أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ، فإذا راحلته عنده، عليها زاده وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته وزاده " (4).
وقد صرح الله تعالى في كتابه، في عدة مواضع، برحمته وإحسانه، وتفضله، وكيف يتحقق ذلك ممن يخلق الكفر في العبد ويعذبه عليه، ويخلق الطاعة في العبد، ويعاقبه أيضا عليها.
فهذه حال أصولهم الدينية، التي يدينون الله تعالى بها، فيجب على العاقل: أن ينظر في نفسه: هل يجوز المصير إلى شئ منها؟ وهل يجوز له القول ببعضها؟.
____________
(1) التاج الجامع للأصول ج 5 ص 157 وقال: رواه الشيخان.
(2) وفي البخاري، كتاب الأدب ج 8 ص 9 وفي التاج الجامع للأصول ج 5 ص 156
(3) صحيح مسلم ج 3 ص 181.
(4) صحيح مسلم ج 4 ص 247 والبخاري ج 2 ص 84 والتاج الجامع للأصول ج 5 ص 150.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|