المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الجغرافية
عدد المواضيع في هذا القسم 12596 موضوعاً
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية البشرية
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

 التوازن ومبدأ شاتيلير :
29-11-2015
فصول الإقامة
1-12-2015
اهم سمات النمو الاجتماعي للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة(1)
10-1-2018
هل أنّ كلا الفريقين عوقبوا بعقاب واحد
10-10-2014
Introduction to Flowers Reproduction
7-11-2016
Low Technology Operations
13-12-2018


نشأة الزراعة وتطورها  
  
29402   04:29 مساءاً   التاريخ: 12-12-2016
المؤلف : علي احمد هارون
الكتاب أو المصدر : جغرافية الزراعة
الجزء والصفحة : ص 30- 37
القسم : الجغرافية / الجغرافية البشرية / الجغرافية الاقتصادية / الجغرافية الزراعية /

عرفت الزراعة كحرفة منذ نحو عشرة آلاف من السنين بعد ان اكتشف الانسان النباتات الهامة لغذائه من بين النباتات البرية النامية حوله , فبعد ان اكتشف طريقة تكاثرها بالبذور بدا يجمع بذورها، ثم مهد لها الأرض بان أزال منها كل الثمرات البرية النامية طبيعيا فيها، ثم خصص هذه الأرض للبذور التي جمعها من قبل لكي تنمو فيها النباتات المفيدة له. فقد كان ضروريا ان يسعى الانسان في كل مجال من المجالات في سبيل الحصول على الغذاء سواء من النبات او الحيوان. وقد كانت معرفته للزراعة خطوة واسعة نحو الرقي، فقد اغنته عن مشقة البحث الطويل عن الثمار البرية وجمعها، وعن تتبعه للحيوان وصيده، وعن التنقل والترحال وراء قطعان الماشية والاغنام وغيرها من حيوانات الرعي، بعد ان ارتبط بالأرض ومنتجاتها المتجددة التي سمحت له بغذاء افضل واوفر، ففضل حياة الاستقرار وتجمع في القرى التي اصبح بعضها فيما بعد مدنا. وبذلك تحول الصياد الى زارع (1)، وهذا التحول يعد ثورة زراعية لأنه كان تحولا هاما في حياته الاقتصادية والاجتماعية والحضارية.

ولم تكن الحاجة الى الغذاء هي السبب الأساسي في نشأة الزراعة واستئناس النبات، فقد كانت هناك حاجة لتوفير الملبس، والنباتات تستخدم في الأغراض الطبية والطقوس الدينية وفي اعداد المأوى للاستقرار.

وفي مبدا الامر زرع الانسان عددا محدودا من النباتات كان أولها محاصيل الحبوب اللازمة لغذائه، وكان من الطبيعي ان يزرع نفس الأرض بنفس المحاصيل عاما بعد عام لفترة طويلة الى ان تظهر علامات الضعف على النبات المنزرع فيضطر لترك الحقل ويسعى الى مكان جديد لم يكن قد زرع من قبل ليزرع فيه نباتاته، فيلاحظ قوة نموها وزيادة انتاجها ثم لا يلبث بعد مدة ان يجرب إعادة زراعة الحقل القديم فيجد انه قد استعاد خصوبته وقدرته على الإنتاج العالي مرة أخرى، وبذلك اكتشف الانسان طريقة اراحة الأرض فترة من الزمن لتستعيد خصوبتها ثم يقوم بزراعته ثانية. وبذلك نشا نظام لزراعة الأرض في شكل دورات وهي التي تعرف الآن بنظام (الدورات الزراعية) وهو النظام المتبع الآن الذي يعتبر صورة من صور الزراعة المتقدمة في العصر الحالي.

وبمرور الزمن تبدا مشاكل نفص الغذاء في الظهور بالنسبة لسكان منطقة زراعية معينة تكون قد استقرت فيها قبيلة او عشيرة حيث من الطبيعي ان تزداد الاحتياجات الغذائية تدريجيا لأفراد هذه العشيرة الذين تكاثروا وازداد عددهم بما لا يمكن ان يتحملهم حجم الإنتاج الزراعي من الرقعة المنزرعة المحدودة لهذه المنطقة، وتكون النتيجة ان يضطر بعض الافراد الى الهجرة والانتقال بحثا عن موارد حديدة للغذاء في مناطق جديدة صالحة لزراعة ما سبق ان اكتشفه الانسان من نباتات غذائية مفيدة وبذلك يمكن القول بان الانسان عندما ينتشر ويتوسع في التنقل والهجرة من مكان قديم مكتظ بالسكان الى أماكن جديدة صالحة للزراعة خالية من السكان ليستقر فيها فانه يأخذ معه بذورا لكل النباتات التي استأنسها من قبلن وكذلك كل المعلومات والخبرات التي توافرت لديه عن زراعتها والعناية بها اثناء ممارسته للزراعة في المناطق القديمة التي هاجر منها، كما انه قد يجد في المناطق الجديدة نباتات برية أخرى ربما يجد فيها مصلحة له فيحولها بدورها الى نباتات منزرعة مضيفا بذلك أنواعا جديدة من النباتات الهامة اللازمة لحياته.

وقد تطلب استئناس النبات والكشف عن إمكانية الانتفاع بالأرض بالدرجة التي تلبى حاجة الانسان وقتا طويلا، فقد كان لابد من الملاحظة المستمرة للنبات منذ غرسه وطوال فترة نموه وحتى نضجه ثم ذبوله وجفافه، وبذلك تنمو خبراته بالعلاقات بين هذه المراحل جميعها وبين الظروف الطبيعية التي تؤثر في هذا النبات.

ويبدو ان العصر الحجري الحديث قد شهد ذلك الحدث الضخم والتحول الخطير في حياة الانسان. وثمة اتفاق على ان استئناس النبات وانتفاع الانسان بالزراعة قد تأتي في نفس الوقت الذي عرف فيه استئناس الحيوان والانتفاع به.

وقد اختلفت الآراء وتعددت في تحديد الوطن الأول للزراعة. فالبعض يرجع اختراع الزراعة الى التغيرات التي تمت في عصر البلايستوسين نتيجة للزحزحة المناخية، وبالتالي النباتية والحيوانية التي ترتبت على تقدم الجليد وتقهقره في شمال اوراسيا وامريكا الشمالية. وتبدو آثار هذه التغيرات الإيكولوجية في وجود كثير من الأدوات الحجرية الخاصة بطحن الحبوب بجنوب غرب آسيا في سفوح جبل الكرمل منذ نحو 8000 ق م (2) ويرى جوردون تشايلد ان الزراعة كانت ضرورة اقتضتها التغيرات التي طرأت على الظروف المناخية بالنسبة لشمال افريقيا بعد انتهاء الفترات المطيرة، اذ ترتب على ذلك ان مساحات كبيرة من شمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية قد تحولت من مروج خضراء تسود فيها حياة نباتية غنية الى أقاليم صحراوية سادها الجفاف التدريجي محل المطر(3).

وتبعا لذلك ذوت الحياة النباتية ونفقت الحيوانات فيما عدا المناطق التي توافر فيها القليل من الماء حول العيون والآبار وفي بطون الاودية حيث يقترب مستوى الماء الباطني من سطح الأرض. فالزراعة واستئناس الحيوان ممكنة فقط في تلك الواحات القليلة المتناثرة في الصحراء، او في وديان الأنهار القليلة كنهر النيل ونهري دجلة والفرات حيث كان الانسان مضطرا لذلك بعد ان قلت المياه وهربت الحيوانات.

وقد كان من الطبيعي ان تلتصق الحيوانات الآكلة العشب بالإنسان لأنها ضعيفة الحيلة بعد ان أصبحت موارد رزقها محدودة نتيجة التغير المناخي، اذ انحصرت في الحقول التي يزرعها الانسان في الواحات وحول مجاري الأنهار. وكان من مصلحة الطرفين ان يقضي على الحيوانات المفترسة ويعيشا معا جنبا الى جنب في المناطق التي يتوافر فيها لماء حيث امكن استنبات نبات معين يبقى عمادي للاقتصاد الزراعي.

ويعتقد بان المراة كانت صاحبة الفضل في اكتشاف الزراعة حيث اتيحت لها فرصة ملاحظة النبات عندما كانت تترقب عودة الرجل من رحلة الصيد. وهناك من يرى إمكانية اكتشاف الزراعة في امكان مختلفة من العالم دون الحاجة لانتشارها. وتقوم هذه الفكرة على أساس ان حياة الاستقرار والالتصاق والقيام بجمع الغذاء النباتي يمكن ان يؤدي الى إمكانية نشأة الزراعة عن طريق الملاحظة والتجربة في أماكن مختلفة، بمعنى ان البيئة الطبيعية التي يعيش فيها الانسان هي التي توجهه نحو هذا النشاط الذي يوفر له الغذاء، فتنشا الزراعة في كل بيئة بمعزل عن البيئات الأخرى وليس بالضرورة ان تكون منقولة عنها.

والانسان كصائد او كجامع لغذائه يعد جزءا من الطبيعة يتنافس مع المخلوقات الأخرى من اجل الطعام ومن هنا كان سعيه نحو استئناس النبات والحيوان, فقد استطاع الانسان معرفة الآلاف من النباتات، ومن بين هذه النباتات نحو خمسة عشر نباتا تعد الآن اهم الموارد الزراعية الغذائية للإنسان وتنقسم هذه النباتات الى المجموعات التالية:

1- مجموعة الحبوب الغذائية ومنها الأرز والقمح والذرة الشامية والذرة الرفيعة والشعير والشيلم والشوفانز

2- المجموعة التي يحصل الانسان منها على الغذاء من الجذر او من الساق مثل: بنجر السكر وقصب السكر والبطاطس واليام والكسافا.

3- مجموعة البقول ومنها: فول الصويا والفول السوداني.

4- مجموعة الفاكهة ومنها: الموز وجوز الهند.

وقد استانس الانسان الى جانب النباتات نحو خمسين نوعا من الحيوانات منها: الكلب والخنزير والماشية والخيول والجاموس المائي والاغنام والماعز والدجاج.

وهناك من يرى ان الموطن الأول للزراعة هو جنوب شرق آسيا حيث تتوافر في هذه المنطقة كل المقومات اللازمة لنشأة الزراعة (4).

ففي هذه المنطقة تنوع تضاريسي ونباتي كبير، كما تتميز بمناخ رطب تسوده الرياح الموسمية التي تسقط امطارا غزيرة بهذه المنطقة، كما تتميز بفترات جفاف وبوجود عدد من الأنهار التي تساعد على الاتصال بين أجزاء العالم القديم وبالدفء الذي يساعد على حياة الانسان دون تعرض لشدة البرد الذي لا يقوى على مقاومته او الجليد الذي يعوق نشاطه، كما تتوافر في هذه المنطقة الظروف المناسبة للحياة البشرية والحيوانية.

وهذا يعني ان استئناس الحيوان وممارسة الرعي كانا يسيران جنبا الى جنب مع ممارسة الزراعة، أي ان الانتفاع بالحيوان من خلال ممارسة الرعي والانتفاع بالنبات من خلال الزراعة كانا يحققان نموا متوازيا من وجهتي النظر الحضارية والاقتصادية، وفي هذا النمو المتوازي انتفاع بكل من الثروتين الزراعية والحيوانية.

غير ان الطريقة التي اتبعها رجال الآثار والحفريات وعلماء النبات والحيوان في تتبع الوطن الأصلي للزراعة قامت على أساس البحث عن الآثار الخاصة بنشأة الزراعة في مواطن الحضارات القديمة. فأينما وجدت الآلات الحجرية المستخدمة في الزراعة كالمناجل او حجر الطاحون او الفخار الى جانب البقايا النباتية كان هذا دليلا على وجود الزراعة في هذا المكان. والبقايا النباتية تتمثل في الحبوب التي كانت تزرع في بداية العصر الحجري الحديث مثل القمح والشعير وهما اقدم الحبوب التي امدت الانسان بغذاء كاف في البروتينات. او أماكن خزن الحبوب، وبقايا الطعام المتخلفة في المقابر حيث يتركز السكان او الآثار الدالة على مواقد طهي الغذاء، والأدوات المستخدمة في ذلك.

وتشير الاكتشافات الاثرية وتتبع أصول الأنواع البرية للنباتات والحيوانات الى ان جنوب غرب آسيا هو الوطن الأول للزراعة، وان القمح والشعير كانا من اول الحبوب التي زرعت حيث كان نموهما بريا في منطقة واسعة في جنوب غرب آسيا، كما كانت اغنام الأوريال والموفلون الآسيوية موجودة في القطعان المستأنسة الأولى في هذه المنطقة في حين لا يوجد اثر لأغنام برية في افريقيا.

ولما كانت منطقة آسيا منطقة واسعة مترامية الأطراف، فقد جرى البحث عن المراكز الأولى للزراعة المستقرة في هذه المنطقة الواسعة. وكان من راي بيركيت الذي اعتمد على الآثار التي وجدت في التركستان(5) ان الزراعة انتشرت من هذا الإقليم المتوسط نحو الشرق الى الصين، ونحو الجنوب الى الهند، ونحو جنوب غرب آسيا، حيث كان بيركت يرى ان المنطقة التي يحتلها البحر الأسود وبحر قزوين وبحيرة بكاش كانت تتمتع بكميات وفيرة من الامطار، وكان يشغلها اثناء عصر البلايوستوسين بحر داخلي كبير وفي نهاية عصر البلايوستوسين سار البحر الداخلي نحو الجفاف وتقطعت المسطحات المائية الداخلية، ولذلك أصبحت المنطقة رعوية او شبه رعوية واصبح الانسان مخيرا بين الموت والهلاك او الهجرة. ولذلك حدثت هجرات واسعة نحو اوربا وشرق آسيا بينما لجات الجماعات التي بقيت الى الواحات المتناثرة في الإقليم حيث يتوافر الماء، والتي تعد احسن الأقاليم ملاءمة لنشأة الزراعة واجتذاب الحيوانات.

ويعتبر جنوب شرق آسيا افضل مكان معروف تمت فيه تربية النباتات، وتشمل هذه المنطقة أرخبيل ماليزيا واسام وجنوب الصين. وتوجد هناك بعض المحاصيل الجذرية والشجرية الهامة مثل: التارو، واليام الكبير، ونخيل الساجو، وجوز الهند، والموز (شكل 1).

وقد عثر في تايلاند على آثار تدل على تربية النباتات ترجع الى نحو 9000 ق م، وامتد ذلك النظام فيما بعد الى شرق الهند وجنوب الصين وتايوان، كما انتشر شرقا الى جزر ميلانيزيا وبولينيزيا. وهناك احتمال بان استئناس الأرز تم في جنوب شرقي آسيا بعد الدرنيات والأشجار المثمرة.

وقد قام العالم الروسي Valvilov بتحديد مراكز نشأة النباتات المنزرعة Center of Origin على أسس نباتية وراثية وسيتولوجية وجغرافية(6) ومناخية متبعا في ذلك شكل(1) طريقة اسماها بالطريقة النباتية الجغرافية المتباينة Differential Phyogeographical Method وطبقا لهذه الطريقة امكنه تحديد ثماني مناطق تعتبر مراكز لنشأة النباتات المنزرعة. وهذه المناطق هي:

1- منطقة الصين:

وهي اقدم واكبر مركز مستقل للزراعة في العالم. ويشمل المناطق الجبلية والسهول المجاورة لوسط وغرب الصين ويحتوي على نحو 136 نوعا نباتيا. ومن النباتات المنزرعة المتوطنة التي نشات في هذا المركز بعض أنواع الدخن والذرة والشعير وفول الصويا وقصب السكر والقنب والبصل.

2- جنوب شرق آسيا:

وتشمل آسام وبورما والهند التي تعد المركز الثاني في الأهمية وتحتوي على نحو 173 نوعا نباتيا. ويوجد فرع آخر لهذا المركز في جنوب شرق آسيا (الملايو وجاوه وبورينو وسومطرة والفلبين). وهذه المنطقة تعتبر الموطن الأصلي للأرز والحمص والسمسم والقطن الآسيوي وبعض أنواع قصب السكر والقرطم والجوت.

3- منطقة وسط آسيا:

ويشمل هذا المركز منطقة الشمال الغربي للهند (كشمير والبنجاب) وأفغانستان وجنوب روسيا. ويحتوي هذا المركز على 42 نوعا نباتيا. وتعتبر هذه المنطقة موطن القمح الدارج (قمح الخبز) والشيلم والبسلة والعدس والفول والحمص والفاصوليا والجلبان والكتان والقرطم والتيل والقطن العشبي Gassypium herbacium.

4- منطقة الشرق الأدنى:

وتشمل تركيا وايران والقوقاز والتركستان وتحتوي على 83 نوعا نباتيا. وتعتبر هذه المنطقة الموطن الأصلي للقمح الدكر (قمح المكرونة) والقمح الدارج (قمح الخبز) والقمح المتفرغ، والقمح وحيد الحبة، والشعير، والعدس، والحلبة، والترمس، والبرسيم الحجازي، والكتان، والسمسم، والشيلم، والشوفان.

5- منطقة حوض البحر المتوسط:

وتشمل المناطق المحيطة بالبحر المتوسط. وقد نشأت بها بعض النباتات الأقل أهمية من المناطق السابق ذكرها وتحتوي على 84 نوعا نباتيا. وهي تعتبر موطنا للقمح الدكر (قمح المكرونة) والشعير والعدس والترمس والحمص والفول والجلبان والبرسيم الأبيض.

6- منطقة اثيوبيا واريتريا:

وتعتبر هذه المنطقة مركزا يحتوي على 38 نوعا نباتيا. وقد نشأت فيه أيضا بعض أنواع القمح والشعير الحبشي الصلد والذرة الرفيعة والدخن والحمص والفول والحلبة والترمس والقرطم والسمسم.

7- منطقة جنوب المكسيك وامريكا الوسطى:

وتشمل المناطق الجنوبية للمكسيك وجواتيمالا وكوستاريكا وتحتوي على 38 نوعا نباتيا. وتعتبر هذه المنطقة الموطن الأصلي للذرة الشامية والقطن الابلاند (الأمريكي) والفاصوليا والسيسال والبطاطس وبعض أنواع الدخان والكاكاو.

8- منطقة أمريكا الجنوبية:

وتشمل المناطق الجبلية لبيرو وبوليفيا وشيلي والبرازيل وبأرجواي وجزء من اكوادور وتحتوي على 62 نوعا نباتيا. وقد نشا في هذه المنطقة البطاطس والدخان وقطن سي أيلاند الذي ينتمي اليه القطن المصري.

كما فحص العالم الفرنس De Candole منشأ حوالي 247 نوعا من النباتات المنزرعة ووجد ان 45 نوعا نشا في العالم الجديد وثلاثة أنواع لم يتأكد من نشأتها والباقي نشا في العالم القديم. ومن المحاصيل الهامة التي نشأت أصلا في العالم القديم محاصيل القمح والشعير والأرز والذرة الرفيعة والقطن الآسيوي وبنجر السكر ومعظم محاصيل العلف الأخضر المنزرعة، بينما نشا في العالم الجديد محاصيل البطاطس والذرة الشامية والقطن الأمريكي (الآيلاند) وقطن سي أيلاند المصري والدخان وعباد الشمس.

وقد قام الانسان بانتخاب النباتات المناسبة لاحتياجاته خلال القرون العديدة التي مضت وذلك من بين الآلاف العديدة من الأنواع البرية، ووقع اختياره على ما هو منزرع الآن من النباتات التي ثبت صلاحيتها للنمو الجيد تحت ظروف العناية الزراعية، وكان الانسان موفقا في انتخابه هذا لدرجة ان العلم الحديث لم يضف كثيرا اثناء محاولته لتحسين الطرز التي انتجها الانسان في العهود القديمة.

وقديما لم تنتشر الأنواع المنزرعة انتشارا واسعا وسريعا وذلك لوجود موانع طبيعية بين مناطق النشأة مثل المحيطات والجبال الشاهقة والغابات الكثيفة والصحارى الجرداء.

وتسببت هذه الموانع في بقاء القبائل الزراعية محددة في مناطق معزولة تقريبا عن المناطق الأخرى، وكان يحصل الانتقال أحيانا اذا هاجرت القبيلة الزراعية كلها الى منطقة أخرى حيث تأخذ معها بذور المحاصيل الأساسية لزراعتها وتامين تزودها بالغذاء. وبقى هذا العزل مدة طويلة خصوصا عزل الدنيا القديمة عن الأميركتين الى ان اكتشف كولومبس أمريكا في عام 1492م فتم تبادل المحاصيل المنزرعة بين العالم القديم والعالم الجديد بسرعة فائقة، فأدخلت زراعة الذرة الشامية والدخان والبطاطس وقطن سي أيلاند في العالم القديم، كما انتقلت الى العالم الجديد محاصيل قصب السكر وبنجر السكر والشعير وغيرها من المحاصيل الهامة الموجودة أصلا في العالم القديم.

وبما ان الظروف البيئية تختلف من مكان الى آخر، فقد اصبح انتشار زراعة أي محصول مقصورا على المنطقة او المناطق التي تتناسب ظروفها البيئية مع احتياجات النمو اللازمة لهذا المحصول، بحيث يعطي احسن واكبر انتاج. وقد تركزت زراعة المحاصيل عامة في عدة مناطق توافرت فيها الظروف الزراعية المناسبة وجعلتها من اكبر مناطق المحاصيل في العالم.

والزراعة كأسلوب انتفاع أسهمت وتسهم بحق في نمو وتطور الحضارة المادية، فالزراعة تدعو الانسان الى الاستقرار لمتابعة العمل وأداء العمليات الزراعية، كما يدعو الإنتاج الزراعي وحجم المحاصيل وزيادتها عن الحاجة الى الادخار بقصد تنظيم الاستهلاك وضمان وفائه بالحاجة على مدى موسم طويل. ومن هنا كان الاستقرار داعيا لاختيار مواقع السكن والعمران، كما كان الادخار مدعاة لتصنيع وتجهيز مواقع اختزان المحاصيل، وهذا من شانه ان يضم الناس في اطار اجتماعي وحضاري متميز.

ولما كانت الزراعة ترتبط ارتباطا أساسيا بمصادر المياه والتي كانت بالدرجة الاولى من الأنهار في المراحل الأولى لنشأة الزراعة، فان الاعتماد على مياه الأنهار في ري الأرض المنزرعة يتطلب وجود التنظيم الذي يستطيع ان يفرض سيطرة الانسان على النهر، حيث يتولى تنظيم الإفادة من مياهه حسب حاجة المحاصيل، كما يقوم بمواجهة الفيضانات العالية تجنبا للخطر وحماية الأرض المزروعة والعمران.

ومن هنا كان هذا التنظيم المبكر مؤشرا لقيام الحكومة. وتعد مصر نموذجا لهذا حيث شهدت مصر اقدم تنظيم لحكومة ترتبت على استقرار الناس حول ضفاف النيل حيث قامت حضارة من اقدم الحضارات المتطورة المرتبطة بالزراعة في الأرض المروية.

وتنتشر الزراعة في الوت الحاضر في جميع انحاء العالم من الجهات الاستوائية الى الجهات الباردة. غير ان الانتفاع بالإنتاج الزراعي ليس كله على حالة واحدة في كل البيئات والاقاليم، فهي في بعض الأقاليم أولية متأخرة من حيث الفن الإنتاجي والأسلوب، ومن حيث القيمة الاقتصادية، بينما تكون في أقاليم أخرى متقدمة من حيث اعداد الأرض وتجهيزها ومن حيث حجم الإنتاج وتنوع المحاصيل وزيادة قيمتها.

وهذا مرجعه الى العوامل المؤثرة في الإنتاج في كل إقليم سواء كانت عوامل طبيعية ممثلة في البيئة بعناصرها المختلفة من موقع وتكوين جيولوجي ومظاهر تضاريسية ومناخ وتربة ونبات وحيوان، وعوامل بشرية تتمثل في الكثافة السكانية والمستوى الحضاري والتقدم العلمي والتكنولوجي ومستوى المعيشة وراس المال ووسائل النقل وكل ما من شانه مواجهة الواقع الطبيعي والانتفاع به في مجال الزراعة.

ولم يكن الفلاح دائما انشائيا بالنسبة للزراعة، بل كانت له جوانب سلبية هدميه في بعض الأحيان، فقد يعمل على تدهور التربة بتكرار زراعتها دون العناية بالمخصبات او التهوية، كما قام الانسان بتلويث مياه الأنهار بصرف الفضلات اليها مما يضر بالثروة السمكية والزراعية معا، بل بالإنسان نفسه الذي يستخدم هذه المياه في الشرب. كما قضى الانسان على أنواع نباتية وفصائل حيوانية كثيرة، وقطع الكثير من أشجار الغابات دون ضابط او تخطيط لقطع الأشجار المناسبة من حيث الاعمار او التي يمكن ان يستفاد من موقعها في الإنتاج الزراعي.

_____________

(1)marten J. chrispeels and david sadava, plants, food and people, sanfrancisco, 1977, p. 120.

(2) محمد محمود إبراهيم الديب – الجغرافيا الزراعية، القاهرة. 1982، ص2.

(3) محمد السيد غلاب ويسرى الجوهري – الجغرافيا التاريخية – القاهرة 1975، ص282.

(4)sauer, agricultural origins and dispersals, new York, 1952. P. 21.

(5) burkitt, m. c. our early ancestors. Cambridge. 1929.

(6) على الخشن وآخرون، انتاج المحاصيل. الجزء الأول. دار المعارف القاهرة. ص48.

 

 

 




نظام المعلومات الجغرافية هو نظام ذو مرجعية مجالية ويضم الأجهزة ("Materielles Hardware)" والبرامج ("Logiciels Software)" التي تسمح للمستعمل بتفنيد مجموعة من المهام كإدخال المعطيات انطلاقا من مصادر مختلفة.
اذا هو عبارة عن علم لجمع, وإدخال, ومعالجة, وتحليل, وعرض, وإخراج المعلومات الجغرافية والوصفية لأهداف محددة . وهذا التعريف يتضمن مقدرة النظم على إدخال المعلومات الجغرافية (خرائط, صور جوية, مرئيات فضائية) والوصفية (أسماء, جداول), معالجتها (تنقيحها من الأخطاء), تخزينها, استرجاعها, استفسارها, تحليلها (تحليل مكاني وإحصائي), وعرضها على شاشة الحاسوب أو على ورق في شكل خرائط, تقارير, ورسومات بيانية.





هو دراسة وممارسة فن رسم الخرائط. يستخدم لرسم الخرائط تقليدياً القلم والورق، ولكن انتشار الحواسب الآلية طور هذا الفن. أغلب الخرائط التجارية ذات الجودة العالية الحالية ترسم بواسطة برامج كمبيوترية, تطور علم الخرائط تطورا مستمرا بفعل ظهور عدد من البرامج التي نساعد على معالجة الخرائط بشكل دقيق و فعال معتمدة على ما يسمى ب"نظم المعلومات الجغرافية" و من أهم هذه البرامج نذكر MapInfo و ArcGis اللذان يعتبران الرائدان في هذا المجال .
اي انه علم وفن وتقنية صنع الخرائط. العلم في الخرائط ليس علماً تجريبياً كالفيزياء والكيمياء، وإنما علم يستخدم الطرق العلمية في تحليل البيانات والمعطيات الجغرافية من جهة، وقوانين وطرق تمثيل سطح الأرض من جهة أخرى. الفن في الخرائط يعتمد على اختيار الرموز المناسبة لكل ظاهرة، ثم تمثيل المظاهر (رسمها) على شكل رموز، إضافة إلى اختيار الألوان المناسبة أيضاً. أما التقنية في الخرائط، يُقصد بها الوسائل والأجهزة المختلفة كافة والتي تُستخدم في إنشاء الخرائط وإخراجها.





هي علم جغرافي يتكون من الجغرافيا البشرية والجغرافية الطبيعية يدرس مناطق العالم على أشكال مقسمة حسب خصائص معينة.تشمل دراستها كل الظاهرات الجغرافيّة الطبيعية والبشرية معاً في إطار مساحة معينة من سطح الأرض أو وحدة مكانية واحدة من الإقليم.تدرس الجغرافيا الإقليمية الإقليم كجزء من سطح الأرض يتميز بظاهرات مشتركة وبتجانس داخلي يميزه عن باقي الأقاليم، ويتناول الجغرافي المختص -حينذاك- كل الظاهرات الطبيعية والبشرية في هذا الإقليم بقصد فهم شخصيته وعلاقاته مع باقي الأقاليم، والخطوة الأولى لدراسة ذلك هي تحديد الإقليم على أسس واضحة، وقد يكون ذلك على مستوى القارة الواحدة أو الدولة الواحدة أو على مستوى كيان إداري واحد، ويتم تحديد ذلك على أساس عوامل مشتركة في منطقة تلم شمل الإقليم، مثل العوامل الطبيعية المناخية والسكانية والحضارية.وتهدف الجغرافية الإقليمية إلى العديد من الأهداف لأجل تكامل البحث في إقليم ما، ويُظهر ذلك مدى اعتماد الجغرافيا الإقليمية على الجغرافيا الأصولية اعتماداً جوهرياً في الوصول إلى فهم أبعاد كل إقليم ومظاهره، لذلك فمن أهم تلك الأهداف هدفين رئيسيين:
اولا :الربط بين الظاهرات الجغرافية المختلفة لإبراز العلاقات التبادلية بين السكان والطبيعة في إقليم واحد.
وثانيا :وتحديد شخصية الإقليم تهدف كذلك إلى تحديد شخصية الإقليم لإبراز التباين الإقليمي في الوحدة المكانية المختارة، مثال ذلك إقليم البحر المتوسط أو إقليم العالم الإسلامي أو الوطن العربي .