أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2020
1453
التاريخ: 2023-03-20
1590
التاريخ: 2024-06-05
584
التاريخ: 2024-09-16
182
|
للصلاة نظام وترتيب خاص، وواجبات معدودة ومحدودة لا ينبغي أن نزيد عليها، أو ننقص منها، و لكل واجب من واجباتها مكان مقرر لا ينبغي أن نحيد به عنه، فادنى خلل يقع عمدا أو جهلا أو نسيانا في شرط من شروطها، أو جزء من أجزائها، أو وصف من أوصافها، يستدعي فسادها و عدم قبولها بحكم العقل و المنطق، لأن الإخلال بالشرط إخلال بالمشروط، و الإخلال بالجزء إخلال بالموصوف، اللهم إلّا إذا ثبت بالدليل أن الشارع الذي أوجب الصلاة بهذا الشكل الخاص يقبلها، و يرضى بها فاقدة لشرط أو جزء أو وصف في حال من الحالات، لأنّها منه و له، و المعول على مرضاته و إرادته، فإذا كنا على يقين منها حصل الامتثال و الانقياد. و بكلمة ليس لنا أن نحيد قيد شعرة فما دونها في كل ما يمت إلى الصلاة إلا بإذن من الشارع، و هذا معنى قول الفقهاء، العبادة توقيفية لا بد من ثبوت النص.
أين الدليل الخاص؟
وتسأل: هذا حق لا ريب فيه، و لكن هل وجد دليل خاص من الشارع على أنّه رضي و اكتفى بالصلاة من الإخلال بشرط منها، أو جزء، أو وصف في حال من الحالات؟ و على افتراض وجوده، فما هي هذه الحال التي يعذر معها المصلي؟ و ما هو الشيء الذي يغتفر الإخلال به؟
الجواب: ان الحالات على أنواع :
الأول: العمد ، فيتعمد الإنسان أن يزيد أو ينقص فعلا من أفعال الصلاة، أو يخل بالترتيب و النظام، فيقدم السورة على الفاتحة، و السجود على الركوع، أو يخل بوصف من أوصافها، فيجهر عمدا مكان الإخفات، أو يخفت مكان الجهر، أو يترك الطهارة أو الساتر، أو يتعمد الكلام و القهقهة، أو الفعل الكثير. و الحكم في ذلك كله و ما إليه، فساد الصلاة و بطلانها بالإجماع و النص و الضرورة. و أي عاقل يحتمل صحة الصلاة، مع الإخلال بشيء منها عن قصد و عمد!
الثاني : الجهل ، فيزيد بالصلاة ما يجب عليه تركه، أو يترك ما يجب عليه فعله جاهلا بوجوب ذلك عليه، و حكم الجاهل كحكم العامد تماما، قال الشيخ الهمداني في مصباح الفقيه: «بلا خلاف فيه على الظاهر، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه من غير فرق بين أن يكون الجهل عن تقصير أو قصور».
لأن القصور انما يكون عذرا من حيث العقاب و المؤاخذة، أمّا من حيث الصحة و الفساد المعبر بالآثار الوضعية، فلا فرق فيها بين العالم و الجاهل، و لا بين القاصر و المقصر، فإذا اعتقد الجاهل المقصر أو القاصر أن الصلاة تجب على هذا النحو، وجرى على اعتقاده، لا يسقط عنه التكليف بالصلاة الصحيحة، و لم يخرج عن عهدته، لأنه لم يأت بالواقع، و لم يمتثل أمر الشارع، أجل، أن انقياده و إذعانه يدل على طيبته و حسن نيته، و لكن حسن النية شيء، و امتثال الواجب الواقعي شيء آخر. وهكذا الشأن في كل اعتقاد لا يتفق مع الواقع «1». إلّا إذا دل الدليل على أنّه معذور في أمر من الأمور. و قد ثبت بالدليل أن الجاهل معذور في الجهر و الإخفات، و غصبية الماء الذي اغتسل أو توضأ به، و الثوب و المكان، و نجاستهما، و في حكم المسافر، و انه يجب عليه القصر دون التمام، و يأتي التفصيل.
الثالث: الشك
و يأتي الكلام عنه في الفصل التالي.
الرابع: السهو ، و الفرق بين الساهي و الشاك، ان الشاك متردد منذ البداية، لم يوقن بشيء إطلاقا، أمّا الساهي فيعلم و يتذكر جيدا أنّه قد فعل أو ترك أمرا عن ذهول، و يرادفه الناسي، و قد يطلق الشك على السهو، أو السهو على الشك تسامحا، و قد عقدنا هذا الفصل لحكم السهو و الساهي فقط.
السهو عن الأركان:
قدمنا أن أركان الصلاة خمسة: النية و تكبيرة الإحرام و القيام حال هذه التكبيرة، و ما كان منه قبل الركوع، و الركوع، و السجدتان. و معنى هذا أن ماهية الصلاة و حقيقتها من حيث هي هي، و بصرف النظر عن العلم و الجهل و التذكر و النسيان، تتقوم بهذه الخمسة. و من أخل بشيء منها سهوا، كمن أخل به عمدا، فمن ترك النية سهوا، و لم يتذكر، حتى كبّر، أو ترك التكبير، و لم يتذكر، حتى قرأ، أو ترك الركوع، و لم يتذكر، حتى سجد، أو ترك السجود، و لم يتذكر، حتى ركع، بطلت صلاته، و وجبت عليه الإعادة.
أمّا ان الإخلال بالنية موجب للبطلان فلأنه لا صلاة شرعا و لا عرفا بدونها، و أمّا الإخلال بتكبيرة الإحرام فلأن الإمام عليه السّلام سئل عن الرجل ينسى أن يفتتح الصلاة، حتى يكبر؟ قال: يعيد الصلاة. و قال الإمام الصادق عليه السّلام بالنسبة إلى القيام: «ان من وجبت عليه الصلاة من قيام، فنسي، حتى افتتح الصلاة، و هو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته، و يقوم، و يفتتح الصلاة، و هو قائم» و يدل على فساد الصلاة بترك الركوع و السجود الرواية الشهيرة: «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة:
الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود» بالإضافة إلى كثير غيرها.
هذا حكم نقصان واحد من هذه الخمسة، أمّا الزيادة فهي غير متصورة في النية إطلاقا، و لكنها تتفاوت شدة و ضعفا، و أيضا لا يتصور زيادة القيام الركني، أو لا أثر لزيادته، لأنه بدون تكبيرة الإحرام و الركوع، لا يكون ركنا، و مع أحدهما يكون الأثر له، لا للقيام. و لذا قال صاحب الجواهر: لا يتصور زيادة القيام الركني بدون تكبيرة الإحرام، أو الركوع.
أمّا زيادة الركوع، أو السجدتين، فهي مبطلة بالإجماع، أمّا زيادة تكبيرة الإحرام فقال صاحب الجواهر: انّها تبطل الصلاة بلا خلاف أجده بين القدماء و المتأخرين.
و لكن تأمل بعض متأخري المتأخرين في ذلك، و اقتصر في البطلان على خصوص الترك و لو نسيانا دون الزيادة، و هو لا يخلو من وجه.
___________________
(1) هذه الكلية لا تشمل المجتهد المخطئ إذا بحث و استفرغ الوسع، لأنه معذور بالنص و الإجماع، بل لنا أن نقول: ان التكاليف العامة لا تشمله فيما خالف اجتهاده، فإذا أدى اجتهاده إلى عدم وجوب السورة، و كان واجبة في الواقع، فلا تكون واجبة في حقه من حيث الطاعة و الامتثال.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|