أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2016
918
التاريخ: 13-11-2016
639
التاريخ: 13-11-2016
1015
التاريخ: 13-11-2016
807
|
مدينة تدمر وتطورها التاريخي:
تقع مدينة تدمر على مبعدة 100 كيلو مترا من حمص، 150 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي من دمشق، في منتصف المسافة تقريبا بين دمشق والفرات(1)، ومن ثم فقد كانت موقعا مهما على الطريق التجاري بين العراق والشام، بل كانت نقطة التقاء التجارة القادمة من أسواق العراق، وما يتصل بها من أسواق في إيران والهند والخليج والعربية الشرقية، وبين تلك التي على البحر المتوسط، وبخاصة في الشام ومصر، فضلا عن اتصالها بالعربية الغربية وبأسواقها الغنية بأموال إفريقيا والعربية الجنوبية والهند، وهكذا أصبحت "تدمر" ملتقى جميع القوافل، وبخاصة فيما بين القرن الأول قبل الميلاد، وعام 273م، ومن ثم فقد وجد في نقوشها عبارة "زعيم القافلة" و"زعيم السوق"، باعتبار أن المشار إليه من زعماء المواطنين(2).
واسم "تدمر" اسم سامي، يرجع ظهوره للمرة الأولى إلى أيام الملك الأشوري "تجلات بلاسر" الأول "1116-1090ق. م" في صورة "تدمر أمورو"(3)، وأما اسم "تدمر" فهو النطق الآرامي لكلمة "تتمر" العربية، ومعناها المدينة التي يكثر فيها التمر والنخيل(4)، وإن كنا على غير يقين من اشتقاق كلمة "تدمر"، وربما كان لها صلة بكلمة، "تدمورتا Tedmorta" السريانية، ومعناها "يعجب من"(5).
وقد ورد اسم "تدمر" في المصادر اليهودية، فكاتب الحوليات العبراني يسجل في التوراة، أن سليمان قد بنى مدينة تدمر في البرية(6)، والأمر كذلك بالنسبة إلى المؤرخ اليهودي "يوسف بن متى"(7)، وليس من شك في أن وجهة النظر اليهودية هذه خاطئة؛ ذلك لأن المدينة -كما أشرنا آنفا- إنما ذكرت في الوثائق الآشورية قبل أن يولد سليمان نفسه، وبفترة تسبق ما دون في التوراة بشأنها، بأكثر من سبعة قرون(8).
ومن هنا فقد رأى العلماء أن الرواية التي تذهب إلى أن سليمان هو الذي بنى تدمر، إما إنها أرادت تعظيم شأن مملكة سليمان كعادة الروايات اليهودية -وكأن مكانة النبي الكريم لا تأتي إلا ببناء المدن واتساع مملكته، وليست برسالته السماوية- ومن ثم فقد نسبت إليه بناء هذه المدينة، التي تقع في منطقة بعيدة عن حدود دولته إسرائيل(9)، وأما أن هناك خطأ وقع فيه كاتب الحوليات العبراني حين خلط بين "ثامار" التي أسسها سليمان، وهي موضع جاء ذكره في سفر حزقيال(10)، ويقع إلى الجنوب الشرقي من "يهوذا" وإن كنا لا ندري موقعه الآن على وجه التحقيق(11)، وربما كانت الشهرة التي اكتسبتها "تدمر" على أيام كتبة الأسفار العبرانيين هي السبب في نسبة بنائها إلى النبي الكريم، ومن ثم فقد ذهب هؤلاء الكتبة إلى أن المدينة التي بناها سليمان، ليست هي "ثامار"، وإنما "تدمر" والتي كانت مدينة عامرة، بسكانها، وذات شهرة في مجاوراتها فيما بين عامي 300، 200ق. م(12).
وأما الاسم اليوناني للمدينة فهو "بالميرا Paimya"، وهي ترجمة لكلمة "ثامار" العبرية، وتعني مدينة النخيل، وإن كان هناك من يرى أن كلمة "Paimyra" من كلمة "Paima" بمعنى النخل حتى الآن في بعض اللغات الأوربية، وأن الإسكندر المقدوني هو الذي أطلق عليها اسم "Paimyra" بعد أن استولى عليها، بسبب ما يكتنفها من غابات النخيل، ومن ثم فقد عرفت عند اليونان واللاتين بهذا الاسم، وهو رأي لا يزال بعد في مرحلة التخمين، ويحتاج إلى ما يدعمه من أدلة وبراهين(13).
وهناك ما يشير إلى وجود نفوذ سلوقي في تدمر، وربما كانت من نصيب السلوقيين بعد وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323ق. م، وتقسيم امبراطوريته بين قواده، وعلى أي حال، فهناك حصن سلوقي في المدينة، وربما أقيم في عام 280ق. م، كواحد من سلسلة الحصون التي أقامها القوم في المناطق الإستراتيجية التي خضعت لهم(14).
أما الروايات العربية فلا تفيد علما، ولا تصلح أن تكون دليلان فهي روايات متأخرة دخلت إلى المسلمين من أهل الكتاب، فأخذوها بغير تحقيق ولا تدقيق(15)، فضلا عن أن ضخامة آثار المدينة وعظمتها، ربما أدهشتهم، ومن ثم فقد نسبوا بناءها إلى الجن بأمر من سليمان عليه السلام(16)، على أن "ياقوت الحموي" إنما يستبعد نسبة تدمر إلى سليمان، معللا ذلك بأن أهلها إنما يزعمون أنها ترجع إلى ما قبل عهد سليمان، بفترة تقارب ما بيننا وبينه، وأن الناس إذا ما رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه، أضافوه إلى سليمان وإلى الجن(17).
_____________________________
(1) EB, 17, P.161
(2) جواد علي 3/ 81، قارن: مروج الذهب 2/ 244-245، وانظر:
P.K. HITTI, OP. CIT., P.73
وكذا G.A. COOKE, OP. CIT., P.274, 279
(3) D.D. LUCKENBILL, OP. CIT., I, 287, 308
وكذا E. DHORME, PALMYRA DANS LES ASSYRIENS, RB, 1924, P.106
وكذا EB, 17, P.161. وكذا EI, 3, P.1020
(4) حسن ظاظا: المرجع السابق ص115.
(5) فيليب حتى: المرجع السابق ص433.
(6) ملوك أول 9: 18، أخبار أيام ثان 8: 4.
(7) EI, III, P.1020. وكذا F. HOMMEL, ZDMG, XIIV, 547
وكذا E. DHORME, OP. CIT., P.106
(8) انظر عن تاريخ كتابة أسفار التوراة كتابنا "إسرائيل" ص33-34.
(9)جواد علي 3/ 77، فيليب حتى: المرجع السابق ص432-
وكذا EB, P. 4886 وكذا J. HASTINGS, OP. CIT., P.889
(10) حزقيال 47: 19.
(11) جواد علي 3/ 77، قاموس الكتاب المقدس 1/ 282.
(12) جواد علي 3/ 78، وكذا F. ALTHEIM AND R. STIEHL, OP. CIT., P.344
وكذا J. HASTINGS, OP. CIT., P.889
(13) عباس العقاد: الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين ص22، وكذا EI, III, P.1020
(14) جواد علي 3/ 85، وكذا FREYA STERK, ROME ON THE EUPHRATES, 1967, P.242
(15) جواد علي 3/ 78
(16) فيليب حتى: المرجع السابق ص433، بلوغ الأرب 1/ 209-210، ياقوت 2/ 17-19، البكري 1/ 306-307، صحيح الأخبار 2/ 6-7، قارن: مروج الذهب 2/ 244-245.
(17) ياقوت 2/ 27، قارن: الأخبار الطوال ص20.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|