أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2016
776
التاريخ: 13-11-2016
995
التاريخ: 13-11-2016
745
التاريخ: 13-11-2016
1153
|
الخط النبطي وتطوره إلى الخط العربي
تعلم كتبة الأنباط الخط الأرامي من موضعين، من إمارة إدوم بعد أن استقروا في أرضها وتغلبوا على حكمها في نواحي هضبة إدوم وجبل سعير شرقي العقبة وجنوب شرقي الأردن، ثم من دويلة دمشق الآرامية الأصل التى اتصلوا بها عن طريق التجارة واستفادوا من حضارتها وحاولوا أن يحتلوها أكثر من مرة. وحين تعلم الأنباط الخط الآرامي تعلموه كيفما اتفق وفي غير دقة كبيرة، فرسموا حروفه في أشكال مختصرة وكتبوا بها لغتهم المحلية وكانت لغة عربية فى مجملها ولكنها عربية ذات رطانة آرامية لاسيما فى مناطق استقرارهم الشمالية.
وكان الآراميون ومن أخذوا بخطهم قد كتبوا حروفهم من قبل مفردة، وكلماتهم متعاقبة دون فواصل بينها. فلما انفرد الأنباط بخطهم كان خير ما زادوه فيه تجديدان، وهما محاولة وصل حروف الكلمة الواحدة بعضها ببعض، أو على الأقل محاولة وصل الحرفين المتجاورين مع بعضهما. ثم محاولة الفصل بين كل كلمة والكلمة التى تليها في سطرها الأفقي بطريقة ما. وأدى هذان التجديدان إلى زيادة الفوارق بين الخط النبطي وبين أصوله الآرامية القديمة.
وبدأ كتبة الأنباط خطوة وصل الحروف بالوصل بين حرفي الباء والراء في كلمة بر بمعنى بن نظرًا لكثرة استخدامها في ذكر نسب الشخص إلى أبيه. واتخذوا الوصل بين هذين الحرفين نموذجًا لكلمات ثنائية أخرى تبدأ بحرف الباء (مثل به)، وذلك منذ القرن الأول قبل الميلاد على أقل تقدير. ثم طبقوا هذا الربط على أغلب الكلمات الثنائية الأخرى (مثل يد، من، نه، إلخ). وبعض الكلمات الثلاثية التي يكثر استعمالها في كتابة النصوص مثل كلمة ملك، وفعل عبد بمعنى صنع، وذلك منذ القرن الأول الميلادي. وعملوا بعد ذلك على تطبيق هذه الطريقة على كثير من كلماتهم الأخرى خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، مع استثناء حروف معينة تركوها مفردة (مثل الألف والواو).
واستخدم الأنباط أربع وسائل في ربط الحروف ببعضها، وهي:
أ- سند الحرف على ساق الحرف الذي يليه.
ب- ربط الحرف بذيل الحرف الذي يليه.
ج- مزج الحرف مع الحرف الذي يليه مثل: لا.
د- ربط حروف الكلمة من أسفلها برباط واحد.
وشابه الأنباط فى محاولات الربط بين الحروف، كتبة دولة تدمر في القرن الثالث الميلادي على أقل تقدير.
أما خطوة الفصل بين كل كلمة وأخرى، فاستخدم كتبة الأنباط لها أربع وسائل أيضًا لا زلنا نستعمل بعضها حتى الآن، وهي:
أ- التفرقة بين شكل الحرف إذا أتى في أول الكلمة وبين شكله إذا أتى في وسطها أو في نهايتها.
ب- إطالة ذيل الحرف النهائي للكلمة.
ج- الفصل بين كل كلمة والكلمة التي تليها بفراغ قليل، ولو أن هذه الوسيلة كانت قليلة الاتباع.
د- إضافة حروف أجنبية استعاروها من نصوص جيرانهم، إلى نهاية الكلمة (مثل الألف النهائية والتاء النهائية). ولو أنهم ما لبثوا حتى استغنوا عن بعضها بعد أن تعودوا على بقية وسائل الفصل الأخرى.
وظلت تنقص الكتابة النبطية خطوات أخرى لم يستكملها العرب إلا في صدر الإسلام، وهي:
عدم تنقيط الحروف المتقاربة مما أدى إلى تشابه كتابة التاء مع الثاء، والدال مع الذال، والصاد مع الضاد .. إلخ.
وعدم كتابة حروف الحركة أو حروف المد في داخل الكلمة (مثل كتابة ملك عوضًا عن مالك).
وعدم تشكيل الحروف أو الكلمات.
وكتابة تاء التأنيث الأخيرة تاء مفتوحة على الرغم من نطقها هاء، مثل حرثت عوضًا عن حارثة. وكليبت عوضًا عن كليبة ... إلخ.
ولكن في مقابل هذا تضمنت اللغة النبطية بعض القواعد التى عرفتها اللغة العربية، مثل إضافة الـ التعريف، واستخدام الفاء والواو للترتيب، والاستثناء بكلمة غير، واستخدام الماضي في الدعاء.
وبعد أن ورث العرب الشماليون خط الأنباط واستخدموه، أضافوا إليه بضعة تجديدات قبيل ظهور الإسلام وفي أوائله. ومن هذه التجديدات ربط بعض الحروف من رأسها لتصبح تحت مستوي السطر مثل الراء والنون في لفظ الرحمن. وزادوا في تحوير أشكال بعض الحروف إلى صور قريبة مما نستخدمه لها الآن مثل شكل الهاء في بداية الكلمة ووسطها ونهايتها، وشكل الياء في أول الكلمة وفي آخرها ... إلخ.
وكما استفاد الكتبة العرب من أسلوب الخط النبطي أثروا في زيادة صبغ النصوص النبطية بلهجتهم العربية على حساب اللهجة الآرامية منذ القرن الثالث والقرن الرابع الميلاديين كما يتضح في نقش النمارة ونقوش سيناء، ثم جعلوها عربية خالصة في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، كما يتضح من نقش زبد ونقش حران.
واختلف المؤرخون المسلمون القدماء فى تحديد المنطقة التى تطور الخط النبطي فيها إلى صورته العربية التى عرف بها قبيل ظهور الإسلام. واتجه أغلبهم إلى نسبة هذا التطوير إلى الحيرة، وقالوا فيما قالوه إن أهل الحيرة أخذوه عن الأنبار وإن الأنبار أخذوه عن اليمن، وإن ثلاثة من قبيلة بولان في الأنبار اجتمعوا فوضعوا الحروف المقطعة والموصولة، والمنقوطة وغير المنقوطة.
ويبدو أنه ساعدهم على القول بهذا الرأي ما تواتر إليهم عن رقي حضارة أهل الحيرة في عهود المناذرة، وما علموه من أن بعض عربها النصارى كانوا يكتبون الإنجيل ويقرؤونه، ويدونون أخبارهم ويرسلون أبناءهم إلى الكتاتيب، وأن فريقيًا منهم كان يقرأ الفارسية واليونانية.
واتجه الباحثون المحدثون وجهة أخرى، ومنهم خليل يحيى نامي الذي أصدر بحثًا عن أصل الخط العربي استبعد فيه الرأي السابق، على اعتبار أن المسيحيين من أهل الحيرة كانوا يكتبون بالخط السرياني، والخط السرياني وإن كان فرعًا من الكتابة الآرامية إلا أنه فرع بعيد عن أصول الكتابة العربية.
وكان المؤرخ العربي هشام الكلبي أكثر توفيقًا من بقية المؤرخين المسلمين القدامى في تخمين منطقة تطوير الخط النبطي إلى صورته العربية، فنقل عنه ابن النديم أن العرب أخذوا خطهم عن أهل مدين. وأن المقاطع التى حفظ العرب بها أبجديتهم تعبر عن أسماء ملوك مدين. ورأ خليل نامي وغيره أنه لا بأس من قبول الشطر الأول من هذا الرأي دون الشطر الأخير، وذلك على اعتبار أن الأنباط انشتروا في نفس المنطقة التى كان يسكنها قديمًا أهل مدين وكتبوا فيها بخطهم (في مثل مغاير شعيب والحوراء في شمال الحجاز). وعن هذا الخط الأنباطي أخذ عرب الحجاز ولكن ليس عن خط أهل مدين بالذات، ويسر ذلك لهم قربهم من المناطق الشمالية وتعاملهم معها في التجارة وما تتطلبه شئون التجارة من الكتابة. وكانت أهم مراكز الكتابة في مناطقهم هي مكة ويثرب. وقد ذكر البلاذري أنه لما ظهر الإسلام كان في قريش سبعة عشر رجلًا كلهم يكتب. وكانت الشفاء بنت عبد الله العدوية تحسن الكتابة. ولما دخل الإسلام يثرب كان من الأوس والخزرج عدة يكتبون.
تشابهت النصوص القديمة في شبه الجزيرة العربية مع نصوص الحضارات الأخرى في الشرق الأدنى وغيره في بعض أغراضها واختلفت عنها في بعض آخر. فتشابهت معها في اهتمامها بتسجيل أخبار الانتصارات الحربية، وإقامة المنشآت العامة والمشروعات العمرانية والدفاعية، وتسجيل الدعوات الدينية وألفاظ التعبد، والهبات المقدمة إلى المعابد، وتسجيل مراسيم الضرائب وبعض المعاملات الشخصية كالبيوع والمواريث، وتسجيل أسماء أصحاب المقابر ودعواتهم وتخصيصها لهم. ولكن هذه النصوص لا تزال تنقصها حتى الآن ما تضمنته نصوص الحضارات الكبيرة القديمة الأخرى من قصص وأساطير وعلوم وتعاليم مطولة، ولا تزال تنقصها كذلك المدونات التاريخية المنسقة التى تتحدث عن قصد عن أخبار الماضي وحوادثه وترتب أسماء حكامه وعهودهم تدوينًا مرتبًا متصلًا. وليس من اليسير أن نقرر ما إذا كان العرب القدماء قد تجاوزوا عن الكتابة في هذه النواحي فعلًا، أم أنهم كتبوا عنها ولكن لازالت نصوصها خبيئة تنتظر كشف اللثام عنها، لا سيما وأن قلة قليلة من النصوص المطولة نسبيًا بدأت تلفت أنظار بعض الباحثين إلى احتمال صياغتها على هيئة السجع أو الرجز أو النشيد. ويقتضي هذا السياق أن نشير إلى حقيقة معروفة وهي أن نشأة الكتابة والنصوص المكتوبة لا ترتبط بنشأة اللغة المنطوقة أو بمدى النشاط الفكري عند أهلها. فليس من شك في أن كل الجماعات البشرية كانت لها لغاتها التى تتفاهم بها منذ أن بدأت تجمعاتها على سطح الأرض. وليس من شك كذلك في أن كل جماعة كانت تناقل عقائدها الدينية وأخبار أسلافها وأنسابها وآدابها وأساطيرها عن طريق الرواية قبل أن تعرف الكتابة بأزمان طويلة. ولعل في ثراء الشعر الجاهلي وثراء النثر معه ما يرجح دسامة الآداب العربية الشمالية القديمة التى لم تعرف طريقها إلى التدوين أو التى لم يعثر على مدوناتها الكبيرة حتى الآن.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|