أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-11
742
التاريخ: 12-11-2016
1187
التاريخ: 11-11-2016
882
التاريخ: 11-11-2016
846
|
لقد دار- ولا يزال- جدل طويل حول عصر الدولة المعينية، والفرق بين السنوات التي يقدمها العلماء جد شاسع، حتى أننا نرى آراء تذهب إلى أنها إنما كانت بين الألف الثالثة والثانية ق. م، بينما تأخرت بها آراء أخرى إلى النصف الثاني من الألف الأولى ق. م، ذلك أن "إدوارد جلازر" يذهب إلى أن الأبجدية التي استعملها المعينيون في كتاباتهم إنما ترجع إلى الألف الثانية، وربما الثالثة ق. م، وهذا يعني أن تاريخ القوم إنما يرجع إلى ما قبل هذه الفترة(1).
ويتجه "فريتز هومل" إلى أن دولة معين قد بدأت فيما بين عامي 1500، 1200ق. م، وانتهت حوالي عام 700ق. م، بل نراه يحدد حوالي عام 1300ق. م، كبداية لظهور معين على مسرح التاريخ، وأما الحضارة والكتابة المعينية فيجب أن تكون أقدم من هذا التاريخ، وربما ترجع إلى منتصف الألف الثانية ق. م، ومن ثم فهو يرى أن دولة معين كانت سابقة لدولة سبأ، معتمدًا في ذلك على أن "جلازر" قد عثر على نقوش سبئية قديمة "جلازر 418، 419، 1000"، وفيها نقرأ عن سقوط الدولة المعينية على يد أحد حكام سبأ(2)، وأن النقش الكبير، والمعروف بنقش صرواح(3)، يدلنا على أن العصر الذهبي لدولة معين، إنما كان قبل ارتفاع شأن السبئيين(4).
هذا وقد حدد "فلبي" لدولة معين الفترة "1120-630ق. م"(5)، بينما ذهب فريق آخر من العلماء "ومنهم هاليفي وموللر وموردتمان وماير وسبرنجر وليدر بارسكي" إلى أن ظهور دولة معين لا يمكن أن يتجاوز الألف الأولى قبل الميلاد(6)، ولعل "ملاكر" يرى نفس الرأي، وإن كان أكثر تحديدًا في تأريخه، إذ جعل قيام دولة معين في عام 725ق. م، ونهايتها في القرن الثالث ق. م(7)، ولعل قريبًا من هذا ما ذهب إليه "أوليري" من أن كتابات المسند جميعها -سواء أكانت معينية أو سبئية- لا ترجع في تأريخها إلى أقدم من عام 700ق. م، وربما إلى القرن الثامن ق. م(8).
ويذهب "وينت" إلى اعتبار سبأ وديدان أقدم الدول العربية، معتمدًا في ذلك على ما ورد في التوراة(9) من قدم سبأ، ومن ثم فإنه يرى أن قيام دولة معين لا يمكن أن يتجاوز عام 500ق. م، وأن نهايتها إنما كانت فيما بين عامي 24ق. م، 50م7، وأما "موسكاتي" فالرأي عنده أن الحفائر الحديثة وتطبيق "العملية الراديوكربونية" "Radiocarbon Precess" تشير إلى تعاصر دولتي سبأ ومعين، وأن قيام دولة معين إنما كان حوالي عام 400ق. م(10)، وأما "وليم أولبرايت" فقد حدد نفس العام "400ق. م" كبداية لدولة معين، كما جعل نهايتها فيما بين عامي 50، 25ق. م(11)، ثم عاد بعد ذلك فعدل تواريخه، فجعل عام 350ق. م، كبداية لقيام الدولة، وأما النهاية ففي الفترة ما بين عامي 100، 50ق. م2، وأخيرًا فهناك من جعل نهاية دولة معين في حوالي عام 100م(12).
وهكذا يبدو واضحًا مدى الخلاف بين العلماء على وقت قيام دولة معين ونهايتها، وكيف أن الفرق بين التقديرات المختلفة جد شاسع، وهنا لعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذا التفاوت الزمني يؤثر تأثيرًا كبيرًا في معرفتنا للدول العربية الأخرى، وذلك لأن قيام كل دولة عربية جنوبية مرتبط بالأخرى، بخاصة إذا ما سلمنا بأن الدولة السبئية قامت على أنقاض الدولة المعينية، ومن ثم فإن ظهور سبأ على مسرح التاريخ العربي، يجب أن يكون في رأي هؤلاء العلماء معاصر لفترة الاضمحلال التي مرت بها دولة معين(13).
أضف إلى ذلك كله، أن الذين انتهوا بالدولة في فترة مبكرة، ترجع إلى ما قبل الميلاد بعدة قرون، أو حتى الذين وصلوا بها إلى ما قبل الميلاد بقرن من الزمان، قد يزيد وينقص قليلا، تجاهلوا أن الكتاب القدامى من الأغارقة والرومان -ومنهم سترابو وبليني وديودور الصقلي -قد أشاروا إلى المعينيين وتجارتهم، بل إن بطليموس "138-165م" والذي أخرج كتابه "الجغرافية" حوالي عام 150م، قد وصفهم بأنهم "شعب عظيم"، فضلا عن أن الكتابات المعينية في الجيزة، إنما تشير إلى اشتغالهم بتجارة الطيب والبخور في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، ولعل هذا كله هو الذي دفع "أوليري" إلى القول بأن المعينيين كانوا نشيطين إلى ما بعد الميلاد، وربما كانت نهاية دولتهم على أيام البطالمة أو الرومان، إلا أن تحقيق ذلك -على ضوء معلوماتنا الحالية- أمر لا نستطيع أن نقول فيه كلمة نزعم أنها القول الفصل، أو أنها أقرب إلى الصواب من غيرها(14).
وأما بداية دولة معين، فلعلنا إن اعتمدنا على التوراة، لكان رأي الذين يرجعون بها إلى الألف الثانية ق. م، صحيحًا إلى حد كبير، ذلك أن سفر القضاة يحدثنا أن الصيدونيين والعمالقة والمعونيين كانوا يضايقون بني إسرائيل(15)، وإذا كان خروج بني إسرائيل من مصر -كما رجحنا في كتابنا إسرائيل - قد تم على أيام "مرنبتاح" "1224-1214ق. م"(16)، فإن عصر القضاة سوف يكون في الربع الأخير من الألف الثانية ق. م، وإذا كان المقصود بالمعونيين هنا، الجالية المعونية في شمال غرب الجزيرة العربية، فإن دولة معين لابد وأن تكون قد قامت قبل هذه الفترة، وربما في النصف الثاني من الألف الثانية قبل الميلاد.
ونقر أن في سفر أخبار الأيام الثاني، إشارات عن حرب دارت رحاها بين "يهوشافط"، من ناحية، وبين بني مؤاب وبني معون والمعونيين من ناحية أخرى(17)، وهذا يعني أن المعونيين كان لهم وجود على أيام الملك اليهودي "يهوشافط" "873-849ق. م"- أي في القرن التاسع قبل الميلاد- ووفقا لما جاء في سفر أخبار الأيام الثاني "26: 7"، فإن الملك "عزيا" "77-740ق. م" قد حطم العرب الذين كانوا يسكنون في "حوربعل"، كما حطم أهل معون، ويفهم من نصوص التوراة هذه أن هؤلاء العرب كانوا يسكنون في الإقليم الواقع في الجنوب والجنوب الشرقي من البحر الميت -أي في نفس الإقليم الذي تقع فيه واحة معان(18)، ومعنى هذا -مرة أخرى- أن المعينيين كانوا أصحاب مستعمرات في شمال بلاد العرب في القرن الثامن قبل الميلاد، ولعل هذا كله إنما يعضد فكرة البداية المبكرة لقيام دولة معين في حوالي الألف الثانية قبل الميلاد، إلا إذا كانت "معون" التوراة، لا صلة لها بمعين بلاد العرب، وهو أمر لا يوافق عليه الكثير من الباحثين.
______________
(1) جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام -الجزء الثاني- ص77 وكذا
Eduard Glaser, Skizze Der Geschichte Und Geographie Arabiens, P.110, 330.
(2) فريتز هومل: المرجع السابق ص64-65.
وكذا Ei, 4, P.13 وكذا Basor, 73, 1959, P.5
(3) انظر: أحمد فخري: دراسات في تاريخ الشرق القديم ص162=165.
(4) فريتز هومل: المرجع السابق ص65.
(5) J.B. Philby, Op. Cit., P.141
(6) جواد علي 2/ 77.
وكذا Zdmg, Xivii, P.400 وكذا Ei, 4, P.13
وكذا Wissman And Hofner, Op. Cit., P.105, 115
(7) فؤاد حسنين: التاريخ العربي القديم ص273.
(8) جواد علي 2/ 78 وكذا O'leary, Op. Cit., P.95
(9) تكوين 10: 7، 28.
(10) Basor, 73, 1939, P.8
(11) W.F. Albright, The Chronology Of Ancient South Arabia In The Light Of The First Campaign Of Excavation In Qataban, In Basor, 119, 1950- P.5-15, 129, 1953, P.22
(12) BASOR, 176, 1964, P.51. وكذا Le Museon, 1964, 3-4, P.434
(13) LE MUSEON, 1964, 3-4, P.434
وكذا J. PIRENNE, LE ROYAUME SUD-ARABE DE QATABAN ET SA DATATION, 1961, P.7
(14) مظهر علي الأرياني: في تاريخ اليمن ص15، إسرائيل ولفنسون: تاريخ اللغات السامية ص245، فؤاد حسنين: المرجع السابق ص269، وكذا جواد علي 2/ 80.
وكذا O'LEARY, OP. CIT., P.94-5 وكذا PTOLEMY, GEOGRAPHY, VI, 7, 23
وكذا BASOR, 73, 1939, P.94-5
(15) قضاة 10: 12
(16) راجع كتابنا "دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم" -الجزء الثاني- إسرائيل - القاهرة 1973 ص268-303.
(17) أخبار أيام ثان 20: 1، 10، 22.
(18) ألويس موسل: المرجع السابق ص3.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|