أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-11-2016
699
التاريخ: 3-11-2016
721
التاريخ: 2-11-2016
715
التاريخ: 3-11-2016
900
|
أور Ur مدينة ومملكة سومرية قديمة، تقع خرائبها اليوم عند تل المقيّر في العراق إلى الغرب من المجرى الأسفل لنهر الفرات في منطقة صحراوية بالقرب من موقع العُبيد المشهور. عُرفت في بعض المراجع باسم أور الكلدان، وهي تعود إلى العصر السومري.
تأسست السلالة الملكية الأولى في أور في القرن السابع والعشرين قبل الميلاد تقريباً وكانت مركزاً سومرياً مهماً. وقد عُرف من القوائم الملكية ستة من ملوك هذه السلالة، وانتهت هذه السلالة على يد إيانا توم Eannatum أحد قادة مدينة لَغَش، وقد خلفت هذه الأسرة أهم المعالم التاريخية في هذه المدينة منها: الزقورة (برج هرمي لأغراض دينية)، والمدافن الملكية التي من أهمها مدفن الملكة (أو الكاهنة) «يو ـ أبي» التي كانت تُعرف في المراجع العلمية باسم «شُبعاد»، واحتوت هذه المدافن على لُقى بالغة الروعة والجمال ودقة الصنعة من الذهب واللازورد والفضة وغيرها مما كان يستعمله ملوك سلالة أور الأولى. ولما تمكن الأكديون من توحيد بلاد مابين النهرين بعد قتال شديد دخلت مدينة أور تحت سيطرتهم. وبعد زوال الامبراطورية الأكدية على يد الغوتيين خضعت أور للسلطة الجديدة. وفي ظل حكم هؤلاء الغوتيين قامت بعض المدن السومرية القديمة باستعادة قدر من الاستقلال وكانت أور من بين تلك المدن.
تمكن أوتو هيغال Utu-Hegal ملك أوروك (الوركاء) بعد مدَّة من الزمن من تحرير بلاده من الحكم الجوتي بمساعدة أورنامو الذي عُيّن حاكماً على أور، والذي ما لبث أن أعلن استقلاله بعد سبع سنوات عن أوروك، وأقام نفسه ملكاً على أور وعلى بلاد سومر وأَكد مؤسساً بذلك ما دُعي سلالة أور الثالثة (2050-1950ق.م)، وبذلك عادت أور لتتصدر الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإدارية في بلاد مابين النهرين وما جاورها مدّة تزيد قليلاً على مئة عام.
تميز عهد سلالة أور الثالثة بإحياء الثقافة السومرية، إذ كُتبت معظم وثائقها بالسومرية إلا أنها لم تبطل الكتابة باللغة الأكدية، كما أنها قبلت على العموم أفكار سرغون الأكدي السياسية، وأخذت بالفكرة القائلة: «إن الملكية هبطت من السماء، وقد مُنِحتها في مدة محدودة مدنٌ أخرى وما لبثت أن عادت إلى أور». ويبدو أن ذلك كان محاولة من أورنامو لإضفاء الشرعية على حكمه، وهكذا صار حكام المناطق الأخرى أتباعاً لملك أور. أما الفن في هذه الحقبة فكان أقرب إلى فن لَغَش أكثر منه إلى الفن الأكدي، إذ لوحظت اختلافات كبيرة في تصميم الأختام، وتلاشت التنوعات التي كانت سائدة في العصر الأكدي، وحل محلها موضوع واحد هو ما عُرف بمشهد التقدمات التي تُظهر الملك أمام الرب. أو يُظهر أحد الرسميين أمام الملك، ومثل هذه الموضوعات كانت نادرة في العهود الأكدية، ولكنها كانت شائعة في لَغَش في عهد غوديا على حد قول العالم الأثري هنري فرانكفورت H.Frankfort. ومن أهم الأعمال الفنية المتبقية مسلة أورنامو التي ما يزال هناك بعض أجزائها، فقد كان ارتفاعها في الأصل ثلاثة أمتار وعرضها متر ونصف المتر، مُثل عليها مشهد يظهر الملك في الأعلى يقدم قرباناً أمام أحد الأرباب، وفوقه ربة تحمل إناء ينساب منه الماء القادم من السماء، وفي «الحقل» الذي يليه يتكرر المشهد نفسه ويشاهد الملك متجهاً مرة إلى اليمين ومرة نحو اليسار، وقد يمثل هذا النُّصب طقوس العبادة التي كان أورنامو يقوم بها للرب نانار Nannar وشريكته ننغال Ningal. ومن أهم ما خلفه هذا العاهل من نصوص قانون أورنامو هو «السجل العقاري»، ويبدو أن الباقي من القانون والسجل ما هو إلا نسختان عن الأصل السومري المفقود. وقام أورنامو بحفر القنوات والمنشآت المائية وتوسيع القائم منها، كما أعاد بناء الزقورة المعروفة، وأضاف إليها إضافات كبيرة.
خلف أورنامو ولدُه شولغي Shulgi الذي حكم مدة طويلة وصلت إلى نحو تسعة وأربعين عاماً سعى فيها إلى إظهار سلطته على بلاد بابل كلها، وأطلق على نفسه إضافة إلى ألقاب سلفه «ملك الجهات الأربع» وألَّه نفسه مما لم يفعله أي ملك سابق، وكان كوالده محباً للثقافة السومرية، فسعى إلى إحياء كل ما هو سومري واهتم بمدينة إريدو المركز الديني المهم، ولكنه كما يذكر هال H.R.Hall اتبع نصائح الشيطان فأخذ كنوز أي ـ ساغيل E-sagil وبابل غنائم.
خلف شولغي، أمار ـ سين Amar-Sin الذي تتحدث حوليات حكمه عن حملات عسكرية، وعن ترسيم حدود مملكة أور الثالثة، إضافة إلى تعيين كبار الكهنة في أور وأوروك وإريدو. وجاء بعده شو ـ سين Shu-sin فقام بحملات عسكرية وألّه نفسه، وحصّن البلاد في وجه أخطار الهجرات الأمورية (العمورية)، ثم جاء إبي ـ سين (2028- 2004ق.م) Ibi-Sin الذي جابه كسلفه أخطار الهجرات الأمورية القادمة من الغرب، أي من منطقة الفرات الأوسط، وأخطار التهديد العيلامي القادم من الشرق. إلا أن هذه الأعمال لم تستطع المحافظة على وحدة الامبراطورية. ومما زاد الأمر تعقيداً مرور البلاد بسنوات عجاف كثيرة ساد فيها الجوع والفوضى، وتمرد أحد قادة إبي سين واسمه إشبي إرّا Ishbi-Erra مما سبب انفصال المدن التابعة لمملكة أور الواحدة تلو الأخرى، ومن ثَمَّ تراجعت حدود المملكة لتقتصر على أور وما جاورها.
ثم كانت نهاية أور المفجعة على يد عيلام، فدُمرت المدينة وحُملَ إبي سين الخلف الثالث لشولغي أسيراً إلى عيلام. ويذكر نص متأخر يعود للملك آشور بانيبال الآشوري أن العيلاميين أسقطوا أور وأخذوا ربتها نانا Nana إلى سوسة وظلت هناك إلى نحو عام 647ق.م حين استولى آشور بانيبال عليها، وأعاد نانا في موكب نصر إلى مدينتها أور مركزها الأصلي.
ومع أن أور فقدت أهميتها السياسية بزوال سلالتها الثالثة فإنها ظلت موضع احترام كبير من الملوك لأهميتها الدينية، ففي ظل الحكم الكاشي لبابل حاول أحد ملوكها واسمه كوري غلزو Kurigalzo ترميم معابدها التي كانت قد هجرت جزئياً، وقام نبوخذ نصَّر الثاني في القرن السادس قبل الميلاد بترميم المنطقة المقدسة في أور ببواباتها الست، كما أعاد بناء الزقورة التي تعود بأصولها إلى سلالتها الأولى، ولكن كل هذه الأعمال لم تستطع إعادة الحياة إلى المدينة بعد أن ابتعد عنها الفرات شرقاً وتركها وحيدة في صحراء قاحلة، ففقدت تدريجياً ثراءها وحياتها، وهُجرت نهائياً نحو عام 400ق.م متحولة إلى تلال وسط الصحراء.
ظل النسيان يلف أور إلى أن جاء القنصل البريطاني في البصرة عام 1853 واسمه تايلور J.E.Taylor، وتأكد له أن المدينة وتل المقيّر موقع واحد بعد إجراء أسبار محدودة، وسرعان ما انتشر خبر اكتشاف أهم مركز سومري في جنوبي العراق، فجاءت في نهاية القرن التاسع عشر بعثة من جامعة بنسلفانية الأمريكية لتُجري تنقيبات أثرية، ولكن التنقيبات الأثرية المنهجية لم تبدأ إلا في عام 1919 بإدارة هال وبإشراف المتحف البريطاني. وفي عام 1923 قامت بعثة أثرية مشتركة بين المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانية بإدارة ليونارد وولي L.Woolley، وظلت تعمل حتى عام 1934. ومن تلك التنقيبات باحت المدينة بأسرارها، فقدمت كثيراً من المخلفات المعمارية كالمعابد والقصور والمباني السكنية واللقى الفنية والوثائق المكتوبة التي عُثر عليها في المدافن والمعابد والقصور مما يضيق المجال عن وصفه تفصيلاً، من أهمها: الخوذة الذهبية والحلي ونُصب أورنامو ورقم فخارية وقيثارة، ورأس ثور بلحية ذهبية، وراية أور الملكية المصنوعة من الصدف واللازورد، وتيس مصنوع من مواد متنوعة من الذهب والفضة واللازورد، وغيرها ممّا أغنى الحضارة الإنسانية وكشف عن الجهد المبدع لحضارات المشرق العربي القديم.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|