أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-10-2016
1351
التاريخ: 31-10-2016
1445
التاريخ: 30-10-2016
1330
التاريخ: 30-10-2016
1649
|
حمورابي ملك بابل وإعادة توحيد بلاد الرافدين:
يعود الفضل إلى الاسرة الأمورية في بدء عصر جديد من إعمار بابل وفي انتشال ديانة المجتمع البابلي من الغموض الذي كان يلفها. وكان على مدينة بابل ان تنتظر حكم الملك الثالث من ملوك هذه الاسرة سابيوم (1844 – 1831) حتى يشاد فيها معبد للإله المحلي في منطقة بابل مردوخ.
وعندما صعد سين مبلط والد حمورابي العشر كانت قد اختفت الاصول المتواضعة للمدينة وأضحت بابل مركز حكم قوي ولها السيطرة على مدن سيبار وكيش وبروسيا وعلى أرض واسعة حولها. وصارت مدينة محصنة مزدهرة وبلغت حدا من القوة جعلت ملكها يعتقد بأن الأوان قد آن للتدخل في الصراع الدائر على النفوذ في المنطقة، فبدأ بمهاجمة لارسا التي كانت آنذاك أكثر مدن بلاد الرافدين أهمية. لكن المحاولة آلت إلى الاخفاق وكان من الممكن ان تؤدي إلى عواقب وخيمة للدولة الناشئة، الا ان سين مبلط كان دبلوماسيا حصيفاً. وقد استطاع ببراعة ان يجنب مملكته النتائج التي تترتب عادة على كل إخفاق في ميدان القتال. وكان من نصيب ابنه الذي خلفه على تحقيق مصالح أبيه.
بعد موت سين مبلط ملك بابل كانت أشور في شمالي بلاد الرافدين على وشك تحقيق وحدة البلاد كلها بقيادة شمشي أدد الأول. وعلى كل حال كان ملك أشور آنذاك يستطيع التصرف من موقع قوي بعد ان سيطر على اشور ونينوى وسيطر على ماري وهدد طريق الفرات إلى بابل.
وكان الجيش الأشوري قد اشتد بأسه مما كان يملكه من ادوات الحرب والحصار كالأبراج العالية والكباش لضرب الأبواب وبمن كان يرفده من المهندسين الذين كانوا يبنون الحصون المتحركة والمخازن لحفظ الاسلحة ويخرقون الأنفاق إلى داخل المدن المحاصرة. وبخاصة بممارسة الحرب. وجسد في صناعته الحربية الأداة الرائعة التي آلت إليها الكتائب الاشورية في الألف الأول ق.م. وكان على قيادة هذا الجيش، وهو امر في غاية الأهمية الملك شمشي أدد الذي كان يتمتع بقدرة رائعة على التنظيم ويملك حسا سياسيا مرهفا ليس اقل مما كان يملكه سين مبلط او ابنه حمورابي الذي ورث عن ابيه عرش بابل وتولاه بجدارة هي من صفاته الخاصة بالإضافة إلى ما كسبه من أبيه من الحذر والصلابة والصبر. وقد التزم حمورابي بادئ الأمر الهدوء تجاه أشور محافظة على معاهدة التحالف التي كان هو نفسه قد طلب عقدها من قبل، ولكن كل شيء تبدل عند موت شمش أدد الأول. فانهار التوازن القائم في بلاد الرافدين ودخلت البلاد في مرحلة جديدة من الصراع.
ففي ماري رجع زمري ليم (1882 – 1759) إلى عرشه، وأما ملك اشور اشمي دجن (1781 – 1742) فلم يكن قادرا على مواجهة الهجوم الذي اندفع نحو حدود بلاده من شعوب الشمال والشرق وقبائلهما. وما ان ارغم على اتخاذ موقف دفاعي حتى فقد المبرر لأي ادعاء بالهيمنة . وهكذا تعدد المتنافسون على زعامة بلاد الرافدين واصبحوا أربعة : ماري غرباً، أشنونا شرقاً، لارسا جنوبا وبابل في الوسط. وعلى الرغم من موقع بابل الضعيف بشكل واضح فإنها هي التي فازت بقصب السبق آخر الشوط. اذ استطاع حمورابي ان يقهر خصومه الواحد بعد الآخر بعناده الذي يروض بالحذر الذي يجمع إليه شيئا من الحيلة ولا يخلو من الخبث، وبما يتصف به من الصبر والقدرة على توقيت قراراته وعدم استباق الاشياء، وذلك بعد ان زرع الخلاف فيما بينهم مستعينا بالواحد منهم لقهر الآخر، فحليفهُ اليوم قد يضحي ضحية من ضحاياه غداً.
وهكذا خرجت في بلاد الرافدين دولة كبرى جديدة إلى الوجود بعد خمسة وعشرين عاما من العمل الدؤوب. وصار بإمكان بابل ان تمارس سيادة سياسية لا منازع لها فيها إلى جانب ما احرزته من تفوق ثقافي ومكانة دينية احتفظت بها طوال ألف عام كانت لها فيها القيادة البارعة والدور السياسي الأول وأضحت بعمرانها الباهر لؤلؤة الشرق العربي القديم وأعظم مدنه الآبدة.
ولقد اطلق ملوك بابل على كل سنة من سني حكمهم اسما يحمل ذكر أهم الأحداث التي وقعت في تلك السنة. وبذلك يمكن تتبع ما حصل من تقدم سياسي واجتماعي وثقافي.
وقد عرفت بابل في أيام حمورابي اول عصر ذهبي من عصور تاريخها الطويل. وقد امتدت مملكته حتى الخابور إلى حوض البليخ وشملت حوض نهر ديالى ووادي دجلة الاعلى. وحل اسم بلاد بابل محل (سومر وأكد). وانتهى دور سومر السياسي نهائيا ولكنها بقيت شعلة تضيء موكب الحضارة وطريقة في التفكير وأسلوبا في الحياة اليومية والتقاليد. ومنذ ايام شروكين ونرام سين وشولغي لم تعرف بلاد الرافدين شخصية بمثل أهمية حمورابي الذي جمع إلى الحيلة الدبلوماسية القوة المسلحة لإخضاع خصومه ولفرض سياسته عليهم. وهكذا نجح في فرض وحدة أرض الرافدين عليهم الواحد بعد الآخر : لارسا، أشنونا، ماري وأخيراً أشور.
لم يكتب حمورابي بالوحدة السياسية إذ اتبعها بالوحدة التشريعية والقانونية فقد أصدر مدونة جامعة للقوانين كان يهدف بها إلى توحيد القضاء، ولم تكن هذه المدونة بالحقيقة قانونا جديداً ولكن مجموعة من القرارات القضائية التي يمكن ان تعد مرجعا يبدو أنها استوحيت من النصوص القديمة التي كان أصدرها أورنمو ملك أور (2112 – 2095)، ولبيت عشتار ملك إيسن (1934 – 1924). وكان التشريع يصدر عادة عن الملوك لا من هيئات تشريعية، او من مشرعين كما في بلاد اليونان. فالملك حمورابي يعدد في مقدمة القانون، كل صنائعه في مدن مملكته وما خص آلهتها من إكرام .. ويبدو في نص مقدمة القانون نفس ملحمي وأسلوب خطابي غنائي لخدمة الاهداف الدعائية للحكم البابلي.
وقد عثر على نص قانون حمورابي، منقوشا على مسلة من حجر الديوريت الأسود وفي اعلاها نحت يمثل الملك البابلي يتلقى الشريعة والسلطة الملكية من الإلهة الشمس (شمش)، أثناء عمليات التنقيب التي كانت تقوم بها بعثة فرنسية عام 1902 في سوسة في عيلام. وكان الملك العيلامي شوتروك ناخونته قد استولى على المسلة ونقلها إلى عاصمته بعد دخول بابل عام 1200 ~. ويبدو انه كان للقانون أكثر من نسخة. وكانت تنقل فقرات منه على ألواح الطين بصيغ مختلفة.
وقد نقل هذا الأثر الرائع إلى متحف اللوفر في باريس. وهو يعد من أهم آثار الأدب البابلي القديم ومن اهم النصوص المسمارية وقد حظي من الباحثين بأكبر الاهتمام ونقل إلى اللغة الفرنسية لأول مرة عام 1902 (الأب شيل) ثم ترجم إلى اللغات الاخرى.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|