أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-02
893
التاريخ: 16-10-2016
641
التاريخ: 16-10-2016
705
التاريخ: 16-10-2016
788
|
أعد فيلب المقدوني والد الاسكندر قومه إعداداً عسكرياً وكون منهم مملكة قوية في مقدونية واستطاع في مدى خمس عشرة سنة أن يخضع معظم الدويلات اليونانية، ورضي الإغريق في النهاية بأن يختاروه قائداً عاماً لجميع بلاد اليونان ليقود الحملة العسكرية على آسية وبلاد فارس. فقد تشجع اليونان بعد أن استطاعوا قبل زمن فليب أن يصدوا غزو الفرس لبلادهم ووقفوا على مواطن الضعف عندهم، فنحول الاتحاد الجديد بين المقدونيين وبين اليونان وهم تحت قيادة فيليب الحازمة من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم إزاء الامبراطورية الفارسية. وقبيل أن يشرع فيليب بحملته الجريئة اغتيل فخلقه ابنه الشاب الاسكندر في عام 336 ق.م، وكان عمره (23) عاماً. ووافق المقدونيون واليونان على أن يتولى الملك الجديد قيادة الحملة، فشرع الاسكندر بزحفه على الشرق في عام 334 ق.م. واستطاع في مدى ثلاثة أعوام ان يحطم جحافل الامبراطورية الفارسية الضخمة ويضم أقاليمها إليه، ويغير مجرى التأريخ البشري، ويكون واسطة الاتصال المباشر بين حضارات الشرق القديم وبين الحضارة اليونانية فتفاعلت معها وتمخض عن ذلك ظهور ثقافة عالمية جديدة عاش في كنفها العالم قروناً طويلة، هي الحضارة التي أطلق عليها اسم الحضارة الهلنستية، أي الشبيهة بالهلينية (اليونانية الصرفة).
ومما لا مراء فيه أن هناك عوامل مهمة هيأت للإسكندر تحقيق فتوحه الخاطفة التي لم تضاهها في سرعتها وقصر زمنها أخرى في التأريخ العالمي في عصوره القديمة. وتأتي في مقدمة تلك العوامل المساعدة صفات الاسكندر الشخصية وقابلياته وتربيته العسكرية الخاصة، وما ناله من ثقافة وهو في حداثته (بسن 13)، وقد تولى جانباً منها الفيلسوف اليوناني "أرسطو" وكان محباً لأعمال البطولة والأبطال، حيث كان يقرأ على الدوام إلياذه هوميروس في النسخة التي هيأها له معلمه الكبير "أرسطو". وإلى ذلك كان مطلعاً على أحداث التاريخ الخاصة بالحروب "اليونانية ــ الفارسية" كما عرضها هيرودوتس المعروف، وكانت موضوع تأريخيه الأساسي، وما أودعه في كتابه عن أحوال الدولة الفارسية والدعاية والتحريض على اتحاد اليونان وإمكان أخذ الثأر من بلاد فارس بغزوها، بالإضافة إلى الغنائم والثروات التي سيجنونها. كما وردت في حملة" زينفون" المشهورة (401 ق.م) إلى بلاد بابل. ثم إن "فيليب" أبو الإسكندر قد مهد للنجاح العسكري بما أحدثه من تحسين وتجديد في نظام الجيش وأساليب القتال والمناورة، فبالإضافة إلى تحسين نظام الصف (Phalanx) القديم جعل صنف الخيالة أي الفرسان منظماً تنظيماً بارعاً، وجعله عنصراً مهماً في القتال، كما تجلى ذلك في معركة "أربيل" الشهيرة ما بين دارا وبين الاسكندر (331 ق.م) وكانت فيه النهاية الحاسمة في حياة الامبراطورية الفارسية. وإلى كل هذه العوامل وغيرها يضاف عامل الانحلال والتفسخ في الدولة الفارسية وعلى رأسها الملوك والطبقة الحاكمة(1). نقل الاسكندر جيشه عبر الدردنيل ولاقى اول جيش فارسي في معركة نهر "الغرانيق" Granicus في عام 334 ق.م، ثم التقى بالملك دارا الثالث نفسه في المعركة الثانية التي وقعت في "ايسوس" وتحطم فيها الجيش الفارسي. ولكن الاسكندر لم يلاحظ دارا في تقهقره بل قصد مصر وسوريا وفتحهما (331 – 332ق.م). وأسس في مصر اولى المدن الكثيرة التي سميت باسمه، وتني بذلك اسكندرية مصر الشهيرة (322 ق.م) حيث يقال إنه خططنا بنفسه ما بين بحيرة مريوط والساحل. وفي أثناء وجوده في مصر زار واحة "سيوا" الشهيرة وقرب إلى معبد الإله "أمون" فيها، وأخبره هذا الإله على لسان عراقه بأنه سيحكم العالم وأنه نفسه "ابن أمون".
فتح العراق:
ثم اتجه الاسكندر في عام 331 ق.م إلى العراق لغزو قلب الامبراطورية الفارسي، وكان "دارا" قد جمع في سهل أربيل جيشاً لجباً قبل إنه بلغ الملون. وكانت خيالته وحدها تربو على جيش الاسكندر الذي بلغ زهاء (40,000) من المشاة ونحو (7000) فارس. وعبر الاسكندر الفرات عند الموضع المسمى "ثبساكوس" (Thapsacus) قرب دير الزور، فسار شرقاً في جزيرة ما بين النهرين إلى دجلة وعبره بمسافة قليلة شمال الموصل، في الموضع المسمى "بيزبدا"، ووصل إلى سهل أربيل، وكان دارا وجحافله في الموضع المسمى "كوكميلة" بالقرب من أربيل(2)، فنشبت المعركة الكبرى عند "كوكميلة" (331 ق.م) ولكنها عرفت بمعركة "أربيلا" (أربيل القريبة من كوكميلة) وهنا حلت الهزيمة بجيوش دارا وتقرر مصير آسية والعالم القديم.
وبعد أن تمهل الاسكندر قليلاً في أربيل اتجه إلى بابل وفتحها في العام نفسه (331 ق.م). وقبل أن نذكر بعض الملاحظات عن الاسكندر في بابل نواصل إيجازنا عن مصير الملك الفارسي دارا من بعد هزيمته في معركة أربيل. فقد هرب إلى العاصمة البعيدة "أكبتانا" (همذان) ولاحقه الاسكندر إلى بلاد فارس فدخل إلى سوسة ثم العاصمة العظيمة "برسيبوليس" ومكث فيها أربعة أشهر، ويروى أنه وضع يده على الكنوز الضخمة التي كدسها ملوك فارس، وجرت حادثة طيش مؤسفة هي أن الاسكندر، وهو ثمل في حفل شرب ورقص، أكر بإحراق عاصمة الامبراطورية الفارسية فإشارة من الراقصة "تاييس" إلى القوم الثملين إذ حرضتهم على أخذ الثأر من القصر الذي طالما دبرت فيه خطط تدمير اليونان. فبدأ الاسكندر بالشعلة الاولى وتوهج البناء الشامخ بالنار التي التهمت أخشاب الأرز النفسية. ثم واصل الاسكندر في ربيع عام 330 ق.م ملاحقته لدارا إلى مدينة (اكبتانا) ولما أن شارف جيش الاسكندر على المدينة قبض على دارا أتباعه وقتلوه. واستمر الاسكندر من بعد ذلك في حملات بعيدة موغلاً في بلاد البخت والصغد وغيرهما من أقاليم ما وراء النهر و أواسط آسية. وعند عودته مر ببلاد السند، وأسس في هذه الانحاء اسكندريات أخرى منها اسكندرية "قندهار" (المرجح أنها محرفة عن اسم اسكندرية)، وكان من مغامراته الجريئة أنه عبر جبال "هندوكوش"، وكانت هذه مجازفة تضاهي عبور "هانيبال" القرطاجي جبال الألب، ثم غزا الهند (ما بين 325 – 327 ق.م) ولما أن بلغ نهر "الكنج" ظن أن ذلك نهاية العالم. وعندئذ ظهر تذمر قواده وجيشه من هذه المجازفات البعيدة عن اوطانهم. فرضخ الاسكندر وعاد أدراجه، وعبر جيوشه بأساطيل في دليت نهر السند (325 ق.م) ثم واصل رجوعه براً ، تاركاً قائده المشهور "نبرخس" Nearchus ليستكشف طريق البحر إلى الخليج العربي. لوما وصل الاسكندر سوسة (324 – 324 ق.م) شرع في تنفيذ خططه ومشاريه في إنشاء امبراطورية أو دولة عالمية تضم جميع القوميات والشعوب وتتآخى فيها. ودشن خططه هذه بأن تزوج من ابنة دارا المسماة "ستاتيرا"، كما تزوج الكثير من قواده وجنده نساء فارسيات. ووضع الخط لإنشاء مواصلات بحرية بين نهر السند ودجلة والفرات وخليج السويس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نكتفي من المراجع الكثيرة التي كتبت عن الاسكندر بالمصدرين الأساسين:
Tarn, Alexander the Great, (1947).
ومن المؤرخين الكلاسيكيين:
Arrian, Anabasis of Alexander the Great.
(2) يرى بعض الباحثين أن موقع "كوكميلة" قرب بلدة "كرمليس" الآن:
A. Stein, "Notes on Alexander's Crossing of the Battle of Arbela" in Geographical Journal, (1942).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|