المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Types of meaning
9-2-2022
التقسيم العام لمفصليات الأرجل
16-1-2018
الدعاية في صحف الاحتلال البريطاني في العراق
2/12/2022
Double bonds: Writing structural formulas for C2H4O
4-1-2017
مفهوم الشرط
7-7-2020
قصة أصحاب الفيل
28-1-2021


18-عصر الاسر من الثاني والعشرين الى الرابع والعشرين (الشيخوخة في العصور المتأخرة)  
  
1443   07:19 مساءاً   التاريخ: 2-10-2016
المؤلف : عبد العزيز صالح
الكتاب أو المصدر : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق
الجزء والصفحة : ص275-282
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

الشيخوخة في العصور المتأخرة

التخبط والتداخل في عهود الأسرات 22 - 24، "945 - 720ق. م":

بدأت بعد انهيار عصر الأسرة الحادية والعشرين، عصور امتدت من النصف الثاني للقرن العاشر ق. م حتى نهاية التاريخ الفرعوني، وجرى الاصطلاح على تسميتها باسم العصور المتأخرة، المتأخرة من حيث الزمن أساسًا، ومن حيث الحصارة ضمنًا. وبدأت هذه العصور بداية اضطرارية بعهود حكام ذوي أصول مهجنة لم يكونوا أغرابًا تمامًا عن مصر، ولم يفتحوا البلاد عنوة، وإنما كانوا من قبائل خليطة من أهل الواحات والصحراء الغريب الأقدمين "التحنو والثمحو" وفئات من شعوب البحر "من أمثال المشاوش والشرادنة والإقوش والتورشا واللوكي، والشكرش والربو ... " الذين أسلفنا أنهم نزلوا السواحل الغربية والليبية منذ القرن الثالث عشر ق. م فصاعدًا وعجزوا عن دخول مصر بالقوة أكثر من مرة، فاكتفوا بالتسلل إليها مرتزقة في جيشها أحيانًا، ومدنيين رعاة وتجارًا ورقيقًا أحيانًا أخرى، واستقرت قبائلهم على حوافها الزراعية وفي واحاتها وحول حصونها الحدودية منذ أواخر عهد رمسيس الثالث. ثم ما لبثوا أن تمصروا عن اختيار أو خضوعًا للأمر الواقع "خلال فترات أسرهم"(1)، ودانوا بدين المصريين وعبدوا أربابهم، فاطمأن الفراعنة إلى بعض جماعاتهم ووزعوهم في حاميات متفرقة وأقطعوهم أراضي زراعية واسعة كمرتبات دائمة(2). ولم ينس هؤلاء النزلاء أصولهم تمامًا فجمع رؤساؤهم بين لقب "ور" المصري بمعنى عظيم، وبين لقب "مس" الليبي بمعنى ملك "قبلي"، ولقب "رئيس ما الكبير" اختصارًا فيما يبدو للقب رئيس المشاوش الكبير(3). ولم ينس المصريون لهم أيضًا أصولهم الأجنبية بسهولة، فاحتفظوا لهم باسم المشاوش حيث تركزت أغلب جماعاتهم قرب الفيوم، وباسم الليبيين "الربو" أحيانًا، ثم باسم الأجانب بوجه عام فيما دون ذلك. وقد مر بنا في مناسبة سابقة كيف أن إقليم طيبة لم ينس لهم أنهم عاثوا فسادًا في أرضه متسللين ومرتزقة مأجورين(4). وطالت إقامة المهاجرين المتمصرين هؤلاء واستقرت أكبر جالياتهم في منطقة الفيوم سالفة الذكر وفي منطقة أهناسيا بخاصة، باعتبارهما من المداخل الطبيعية من الواحات إلى وادي النيل، وباعتبارهما منطقتين مناسبتين للاستثمار الزراعي والنشاط التجار، فضلًا عن قربهما من الصحراء الغربية التي كان هؤلاء النزلاء يحنون إليها، وانتسبت أكبر أسرهم في أهناسيا إلى جد يدعى بيواوا "أو بويو واوا" تعاقب بعض أولاده وأحفاده على كهانة معبود المنطقة المصري "حريشف"، ثم تزعمهم في أواخر عصر الأسرة الحادية والعشرين أمير يدعى شاشانق حدث اعتداء على قبر ولده نمرود في أبيدوس خلال تولي بانجم رئاسة كهنوت آمون في طيبة، فلم يقنع شاشانق بالشكاية إليه واستعان بملك تانيس الذي قيل إنه صحبه إلى وحي آمون وقد أفتى الوحي لمصلحته، وأرضاه الملك بأن أذن له بوضع تمثال لولده في معبد أوزير في أبيدوس، وزادت أهمية أسرة شاشانق في حياة حفيده الذي تسمى شاشانق أيضًا وحمل لقب كبير المشاوش أمير الأمراء، وكان على رأس حزب كبير يعمل له حسابه ويترضاه الفرعون نفسه. وبلغ من ثرائه أن أوقف على مقصورة تمثال أبيه نمرود بن السيدة محت وسخة مائة أرورة زراعية وحديقة كبيرة، وعين لها 25 من الأرقاء لحراستها، بمعاونة الفرعون "بسوسينيس" الثاني "أو الثالث" المادية والأدبية(5)، ثم زوج ابنه من ابنة هذا الفرعون الأميرة ماعت كارع، وبفضل هذه المصاهرة وبفضل قوة حزبه مع ضعف حزب الفرعون، كفل لنفسه ولولده "وساركون" وراثة عرش لم يكن يحلم به، وهو عرش مصر، وجعل حاضرته في بوباسطة بشرق الدلتا قرب العاصمة القديمة برر عمسسو، في مقابل اطمئنانه فيما يبدو إلى ولاء غرب الدلتا له وانتشار حلفائه وأقربائه على حدوده. وهذا ضمن انتقال الحكم إليه في ظروف طبيعية وضمن مهادنة بقايا الأسرة السابقة فاحترم ذكرى آخر ملوكها(6)، بل وادعت نصوص بع خلفائه قرابتهم للرعامسة وتلقب أغلبهم بمثل ألقاب الرعامسة: وسر معات رع، وستبن رع، وستبن آمون. وأصبحت أهناسيا مقر إمارته القديمة إقطاعًا لفرع من أسرته ولي أمورها المدنية والدينية واتسع بحدودها. أما الصعيد فتردد في التسليم بسلطان الحكم الجديد أمدًا ثم سلم بالأمر الواقع. ويبدو أنه حدث حين ذاك أن غادر بعض كبار كهنة طيبة مدينتهم أنفة من الخضوع لأصحاب الأصول الغريبة واتجهوا إلى أطراف الحدود المصرية الجنوبية قرب الشلال الرابع.

وهكذا أصبحت السمة الغالبة على تكوين الأسر المالكة الجديدة وبطانتها وأعونانها، هي أنها ذات أنساب مهجنة جمعت بين دماء بعض أمراء الصحراء الغربية الأصليين وبين دماء بعض الأميرات المصريات من سليلات الأسرة الملكية الحادية والعشرين، وبين دماء بعض أمراء الشعوب المهاجرة التي سميت اصطلاحًا باسم شعوب البحر وتوافدت هجراتها المتقطعة عن طريق البحر المتوسط وجزره إلى شمال إفريقيا منذ أواخر القرن الثالث عشر ق. م وما تلاه.

وقد جرت أغلب المؤلفات الحديثة على تسمية العناصر الحاكمة في عهود الأسرات 22 - 24 بالليبيين. ويرى التعقيب التالي أن وصفهم بالمهجنين أصح من تسميتهم بالليبيين، وذلك بناء على عدة أسباب: فهم أولًا لم يكونوا من عنصر واحد بحيث تصدق عليهم تسمية واحدة، وهم ثانيًا قد غلبت عليهم سمات المشاوش وقلت فيهم سمة الربو أو الليبيين شيئًا فشيئًا في النصوص المصرية، بحيث بدأ شاشانق أول ملوك العصر بلقب رئيس ما الكبير أي رئيس المشاوش وليس رئيس الربو. وكذلك كان أبوه وجده. وحمل نفس اللقب تاف نخت رأس الأسرة الرابعة والعشرين إلى جانب ألقاب أخرى قبل ولايته العرش(7).

وإذا كانت المؤلفات الحديثة المذكورة قد درجت على تسمية هذه الأسر وأعوانها باسم الأسر الليبية فإنما جرت في ذلك على التقليد الإغريقي القديم الذي أطلق اسم ليبيا على كل أراضي شمال إفريقيا الواقعة غرب دلتا النيل -دون أن يقصره على حدود دولة ليبيا بمعناها المعروف في العصر الحديث، "وذلك مثلما أطلق لفظ أراضي  Arabaia  أو الأراضي العربية على كل المناطق الصحراوية الواقعة شرق النيل والممتدة بين شرق إفريقيا وبين غرب آسيا - دون قصره على شبه الجزيرة العربية بمدلوها المألوف", ويدعو هذا الاستدراك إلى عرض موجز للتكوين الجنسي والاجتماعي لسكان صحراء مصر الغربية في العصور الفرعونية.

فقد رددت المصادر المصرية القديمة منذ أواخر الألف الرابع ق. م فصاعدًا ذكر أقرب هؤلاء السكان مكانًا من وادي النيل باسم "ثحنو" ونسبت إلى أرضهم التي ذكرت بنفس الاسم منتجات نباتية وأنعامًا وفيرة مما يعني امتداد مراعيها بين غرب الدلتا والسواحل الشمالية والواحات المصرية. وصور كبار أهلها في مناظر معابد الدولة القديمة في النصف الثاني من الألف الثالث ق. م بما يشبه هيئة كبار المصريين في الملامح والملابس وتصفيف الشعور، كما اشتركوا معهم في تقديس بعض أرباب غرب الدلتا مثل حور ونيت وسوبك. وكل ذلك مما يشير إلى وحدة أصول الفريقين العرقية البعيدة واستمرار الصلات بيهم، وإن أدت حياة البداوة والشرود التي عاش الثحنو عليها بحكم غلبة الظروف الصحراوية على بيئتهم إلى تعدد التجريدات التأديبية التي شنتها القوات المصرية عليهم من حين إلى آخر لتعويدهم على الطاعة والتقليل من شغبهم.

وإلى الغرب والجنوب من براري ثحنو انتشرت قبائل "ثمحو" فيما يمتد من الواحة الخارجة إلى واحة سليمة وما ورائها. ولعلهم كانوا أكثر بداوة وشرودًا مع بعد ديارهم عن وادي النيل. ولكنهم لم يكونوا بمعزل عن مصر وأهلها. فقد انضم بعض جنودهم إلى القوات المساعدة بالجيش المصري تحت قيادة وتي خلال القرن 24ق. م في عصر الأسرة السادسة. وصور عدد منهم يشاركون برقصاتهم في بعض المناسبات الدينية، مما يعني ترددهم على القرى والمدن المصرية.

ولا يخلو من دلالة أن نتائج الكشوف الأثرية التي بدأها أحمد فخري وأجرتها مؤخرًا بعثة فرنسية في منطقة بلاط والواحة الخارجة قد أظهرت أن الواحات الغربية المصرية قطعت شوطًا كبيرًا خلال الدولة القديمة في الأخذ بأساليب سكان الحضر المصريين في الألقاب والوظائف والعقائد والمباني والمقابر، مما جعلها جزءًا أصيلًا من الدولة المصرية(8).

ولم يظهر اسم ربو أو الليبيين في النصوص المصرية القديمة قبل عهد رمسيس الثاني في القرن الثالث عشر ق. م، ليس كدولة أو شعب، وإنما كقبيلة وجنود مرتزقة. وذكرت نصوص ولده مرنبتاح ما سبق الاستشهاد به من أن شدة القحط في الصحاري دفعتهم مع خمس قبائل أخرى بقضهم وقضيضهم إلى أن يجتازوا البراري ليصلوا إلى أراضي الدلتا الخصيبة، لولا أن لاقاهم جيشه وأفشل مساهم، وكان ذلك من بواعث فخره. وتكرر شغب المهاجرين في عهد رمسيس الثالث على نحو ما جرى ذكره في حينه، وشجعتهم أو دفعتهم أمامها هجرات قبلية أخرى، وترأسهم الشيخ كابور وولده مشاشار، فاكتسحوا أرض ثنحو ووصل تسربهم إلى ما وراء الفرع الكانوبي للدلتا، إلى أن صدتهم القوات المصرية وأسرت مشاشار ابن قائدهم وسفكت دمه. ثم مالت بعض الجماعات القبلية من هؤلاء وهؤلاء إلى إيثار السلم وعاشت على الأطراف الصحراوية وفي الواحات مثل الواحة الداخلة، واختلطت بأهلها القدامي ... ولونت حياتها البدوية شيئًا فشيئًا بطابع الحياة المصرية وعمل بعض أفرادها جنودًا مرتزقة في الجيوش المصرية. ويبدو أن بطونًا أخرى من قبائل ربو وما شابهها من القبائل كانت قد نزلت من قبل نواحي برقة وطرابلس واستقرت فيها على مبعدة من أولئك الذين استقروا على الحدود والواحات المصرية، وكانت أشد أثرًا منهم حيث خلعت اسمها ومسماها على الأرض التي نزلتها هناك ولا تزال تعرف به حتى الآن.

وصورت المصادر المصرية بعض الربو بشعور حمراء وعيون تميل إلى الزرقة وجدائل تصل إلى الكتفين، وقد اعتادوا الوشم على الذراعين وربما على الساقين أيضًا، وكان عظماؤهم يرتدون نقبة ورداء مزركشًا يغطي كتفًا واحدة، ولا يختتنون. وذلك مما يشهد بأصولهم الطارئة على البيئة التي نزلوا فيها.

ان ذكر الربو قل شيئًا فشيئًا في أوائل العصور المتأخرة وزاد عنه ذكر قبائل مشوش. وكان هؤلاء أقدم عهدًا منهم بحيث ذكرتهم مصادر عهد أمنحوتب الثالث في القرن الرابع عشر ق. م، وكانوا يلبسون قراب العورة واعتادوا الختان، ربما تأثرًا باعادات المصرية ودليلًا على تشبعهم بها نتيجة لطول اتصالهم بالمزارعين على المناطق الحدودية. وقد انتسبت أكبر أسرهم في إقليم أهناسيا إلى الجد بيواوا أو بويو واوا الذي تعاقب بعض أولاده وأحفاده على كهانة المعبود المصري حريشف(9).

وإذا كان لا مناص من الاعتراف بأن أسماء ملوك العصر مثل شاشانق "الذي ذكر في الآشورية بصيغة شوشنقو، وفي العبرية شوشق وشيشق، وفي الإغريقية سيسونخيس"، وأسماء وساركون وثكرتي وما إليها، هي أسماء ذات جرس غريب من الأسماء المصرية المألوفة، وتصعب ترجمة مدلولاتها، إلا أن كلًّا منهم قد جرى في صياغة ألقابه الملكية الأربعة الأخرى على نسق الطابع المصري الموروث، فصاغوها على مثال ألقاب الملوك الرعامسة وتلقب أولهم بلقب أول ملوك الأسرة الحادية والعشرين السابقة لعصرهم، وترجموا في هذه الألقاب عن ولائهم للأرباب المصريين الكبار رع وآمون وإيسة وباسطة تدليلًا على استغراقهم في الحياة المصرية، ولو من حيث الظاهر على أقل تقدير. واستمرت عهود الحكام ذوي الأصول المهجنة أكثر من قرنين، تناسوا فيهما أصلهم الغريب نوعًا، واعتادوا على أن يعتبروا أنفسهم فراعنة مصريين ودانوا بديانة مصر، ثم حاربوا باسمها خارج حدودها، وحاولوا أن يستعيدوا لها بعض سمعتها الدولية القديمة، فكانت عهودهم بذلك أقرب في بعض نواحيها إلى عهود المماليك فيما بعد خلال العصور الوسطى، لم يعتبرهم التاريخ أغرابًا بقدر ما اعتبرهم متمصرين مغتصبين، ولم يؤثروا في الروح المصرية بقدر ما تأثروا بها، ولم يمنع اغتصابهم لعرش البلاد من أن يظهر بينهم حكام مصلحون، ولم تمنعهم أصولهم المهجنة من أن يخلصوا لسمعة مصر واستقلالها، ولم يرض أهل البلاد بحكمهم بقدر ما قبلوه على مضض ومرارة. ولا ضرورة إلى أن نضيف بعد ذلك أن طول العهد بالحكام ذوي الأصول الأجنبية في بعض الدول الأوروبية الحديثة نفسها، قد جعل شعوبهم تتناسى أصولهم، فليس في بريطانيا من يهتم برجوع نسب الأسرة المالكة في بلاده إلى النورمان، ولم يكن في بلاد اليونان من يهتم برجوع نسب الأسرة المالكة في بلاده إلى الجرمان. ولم تقتصر أوجه الشبه التي عقدناها بين حكام بداية العصور المتأخرة المهجنين وبين مماليك العصور الوسطى، مع اتساع الشقة الزمنية بينهما، على ما أسلفناه منها، وإنما تتضح كذلك في أن التنافس على السلطة العليا ظل شديدًا بين كبرائهم مثلهم، فتخللت عهودهم فترات من الانشقاق وتفرق الكلمة، بحيث ظهرت منهم ثلاث أسر حاكمة في مدى قرنين، وتعاقب منهم ملوك كثيرون، شاعت بينهم أسماء: شاشانق "لما بين الأربعة وبين السبعة"، ووساركون "لثلاثة أو أربعة"، وثكرتي "أو تكلوت لاثنين أو ثلاثة" وبامي "أو باماي"، وبادي باسطة "رأي الأسرة الثالثة والعشرين"، ثم تاف نخت، وباكن رنف "بوخوريس" "ملكي الأسرة الرابعة والعشرين"، ومن أسماء العرش المعروفة لبعض هؤلاء الملوك، أسماء: حج خبر رع "شاشانق الأول"، سخم خبر رع "وساركول الأول"، وسر ماعت رع "ثكرتي الأول"، وسرماعت رع - ستبن آمون "وساركون الثاني"، حج خبررع - سا إيسة "ثكرتي الثاني"، وسرماعت رع - سا باسطة "شاشانق الثالث"، و"سرماعت رع "باماي"، عاخبر رع "شاشانق الرابع"، إلخ، مع بعض الشك في ترتيب تعاقبهم. ولن نبحث في أمر كل واحد من هؤلاء على حدة، وإنما نكتفي بالخصائص العامة لعصرهم في وحدة واحدة.

ففي الحكم الداخلي:

 رسم أولئك الملوك سياسة بعيدة المدى إزاء طيبة ذات المكان السياسية والدينية التليدة لا سيما بعد أن اصطدموا بها في بداية عصرهم. فعمل أغلبهم على أن يعين كل منهم أحد أولاده كبيرًا لكهنة آمون فيها لكي يكفل لأسرته عن طريقه السلطة السياسية والسلطة الروحية معًا ولكي يكون له ولها نصيب الأسد من ثروات معابد آمون الطائلة؛ وذلك إلى جانب صبغ نفوذه بصبغة حربية في الوقت نفسه بتلقيبه بلقب قائد الجيش، ربما تبريرًا لوضع فرق من الجيش تحت إمرته لتأييده في مركزه، وتعمد بعضهم أن يزيد تدعيم مركز ولده في هذا المنصب فسمح له بأن يسجل اسمه داخل خرطوش شأنه شأن الملوك، أي أنهم استفادوا من سابقة النظام الثيوقراطي بشقيها في عصر الأسرة الحادية والعشرين، ثم زاد وساركون الثالث أحد فراعنة الأسرة الثالثة والعشرين فعين ابنته "شبتن وبة" كبيرة لكاهنات كيبة وزوجة إلهية أو حرمًا مقدسًا لإلهها آمون، وسمح لها بسلطات كهنوتية ومدنية تفوق سلطات كبيرة الكهنة نفسه (10) "وقد سبقت لهذا سابقة أيضًا في عصر الأسرة الحادية والعشرين ولكن باعتبار الأميرة زوجة لكبير الكهنة ذي الأصل الطيبي". وإلى جانب نفوذ الأمراء والأميرات كان للملوك أتباع يلقبون بلقب عيون الملك، يتولون تنفيذ سياستهم في رداء مدني أو كهنوتي. وتعدت إنعامات الملوك هؤلاء وهؤلاء إلى نفر من الأمراء القدامى المهجنين والمصريين أصهروا إلى الملوك وتزوجوا من بناتهم، وبذلك اتضحت طبقة إقطاعية كبيرة غنية تزايدت أعدادها وثرواتها وتوافر لها نفوذ كبير في حكم الأقاليم (11). وحدث في أواخر العصر أن تكونت في المجتمع طبقة من المحاربين كان أغلب أفرادها من مهجني الأصل أنصار الحكام، ذكرتهم بعض المصادر الإغريقية باسم "ماخيموي"، وأصبحت العسكرية معهم هدفًا يرنو إليهم أفراد الاسر الوسطى ويتوارثونها ولدًا عن والد، ويحصلون عن طريقها على إقطاعيات زراعية صغيرة مناسبة، فظهرت بذلك طبقة متماسكة منطوية على نفسها من العسكريين. وربما اتخذ مثل هذا التقليد سبيله إلى صفوف بعض الكهنة وأسرهم أيضًا(12). ومن هنا تناقل المؤرخون الإغريق فكرتهم الخاطئة منذ القرن التاسع ق. م عن قيام الحياة الاجتماعية في مصر على أساس الطبقات المهنية.

وكعادة الحكام ذوي الأصل الخليط، أظهر ملوك العصر اهتمامًا مفرطًا بالدين ومعابده، بل وبسخافات لم يكن لها من قبل غير ظلال خفيفة، ومنها شدة اهتمامهم بعجول المعبود حاب أو أبيس ودفنها فيما عرف باسم سيرابيوم سقارة(13). وخصصوا أغلب عمائرهم الدينية لإله الدولة آمون شأنهم شأن سابقيهم، ولو أنها لم تبلغ في روائها وفخامتها ما بلغته معابد الدولة الحديثة. ويذكر لشاشانق الأول "أو لابنه إبوت الذي عينه كبيرًا لكهنة آمون" إنشاء المدخل البوباسطي في سور الكرنك الرئيسي الذي يمتد غربًا من الجدار الجنوبي لبهو الأساطين الكبير، في طريق الفناء الأول المتسع الذي يبدو أن شاشانق بدأه ولم يتمه. كما بدأ الصرح الأول الضخم الذي لم تنقش جدرانه. وحين شيدت بوابة عيد السد في بوباسطة في عهد وساركون الثاني، وهي بوابة ضخمة من الجرانيت، أعلن الملك في نقوشها اعترافًا بفضل آمون عليه في عيده، تحرير طيبة بطولها وعرضها طاهرة مزينة لربها. وأمر ألا يتدخل مفتشو القصر الملكي في شئونها وأن تتمتع بالأعفاء إلى الأبد باسم ربها الكريم. غير أن هذا لم يمنع طيبة من الثورات ضد أولئك المتسيطرين الجدد بين كل حين وآخر. فقد ثار بعض أهلها عدة مرات في عهد وساركون الكاهن الأكبر ابن الملك ثكرتي "تكلوت" الثاني الذي سجلت باسمه نصوص كثيرة على البوابة البواسطية، ثم في عهد ابنه شاشانق الثالث. واشتد الملوك في إخماد ثورات طيبة حرصًا على مصالحهم وهيبة سلطانهم فيها، بحيث ألقوا بعض زعمائها في النار أحيانًا (14).

وتطلعت السياسة الخارجية إلى فلسطين وما ورائها، وفتحت مصر أبوابها أمام الفارين من وجه سليمان، كما فعلت من قبل في عهد أبيه. فآوت يربعام منافس سليمان، وكان من نسل أفرايم ووعده أحد الأنبياء بالملك ولكن سليمان أراد قتله (15). ولما توفي سليمان وحقت كلمة الرب على اليهود بتمزيق وحدتهم، أيد أحد أوائل من تسموا باسم شاشانق من ملوك الأسرة يربعام منافس سليمان في الاستقلال بحكم عشرة من أسباط إسرائيل بحيث لم يتبق لرحبعام بن سليمان غير سبط يهوذا وحده "أو هو وبنيامين" (16). ثم استعرض شاشانق هذا قوة بلده مع ابن سليمان، وخرج بجيشه ودمر عاصمته أورشليم وغنم كنوز داود وسليمان، وكان منها 200 درع، و300 ترس من الذهب المطروق، أو كما روت أسفار التوراة "أخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وأخذ كل شيء، وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها سليمان، فعمل رحبعام عوضًا عنها أتراس نحاس" (17). وترك شاشانق بعض آثاره في مجدو وغيرها من مدن فلسطين (18).

وعادت حملة شاشانق هذا بفوائد شتى، فاستعادت مصر بها جانبًا من سمعتها الدولية القديمة، واستعادت سعة صلاتها بفينيقيا وأمرائها، واستحب بعض هؤلاء الأمراء أن يتقبلوا ويقيموا التماثيل والنصب بأسماء فراعنة مصر في معابدهم؛ ومنها تماثيل لكل من شاشانق الأول ووساركون الأول (19). وأفاضت الحملة على مصر في الوقت نفسه غنائم وثروات استغلها الفراعنة في مواصلة الترف القديم وزيادة مباني المعابد.

ولما طال الأمد بالحكام ذوي الأصل المهجن: وتشعبت أسرهم ومصالحها، تفرقت وحدتهم، وانتهى الأمر بأن ادعى الملك فيهم ثلاثة بيوتات، بيتان مالكان في شرق الدلتا، في تانيس وبوبسطة، وبيت ثالث في سايس "صا الحجر على فرع رشيد بغرب الدلتا"، فضلًا عن عدد من الأمراء الإقطاعيين في مصر الوسطى والصعيد. ومن طريف ما ذكره مانيتون عن هؤلاء وهؤلاء قوله بأن أحد ملوكهم الذي ذكره باسم بتوباتيس "وهو بادي باسطة" واعتبره رأس الأسرة الثالثة والعشرين، قد عاصر أول أولمبياد عرفه الإغريق "حوالي عام 776ق. م".

ولا غرابة إذن مع اختلاف الآراء الحديثة في شأن تعاقب هؤلاء الملوك، أن نجد المؤرخ المصري القديم مانيتون قد أشكل عليه عددهم وغابت عنه بعض أسمائهم، وإن لم يتجاوز الحقيقة كثيرًا في افتراض نحو 215 عامًا لمجموع مدد حكمهم. وقد روى عنه أفريكانوس أنه حكم خلال عصر الأسرة الثانية والعشرين تسعة ملوك من بوباسطة، وهم: سيسونخيس "لفترة 21 عامًا" ووسرثون "لفترة 15 عامًا" وثلاثة آخرون "لفترة 25 عامًا"، وتاكيلوتيس "لفترة 13 عامًا"، وثلاثة آخرون "لفترة 42 عامًا" - وبهذا بلغت مدة حكمهم جميعًا 120 عامًا. وتعاقب أربعة ملوك من تانيس في عصر الأسرة الثالثة والعشرين خلال 89 عامًا، وهم: بتوباستيس "لفترة 40 عامًا"، وأسورخو "لفترة 8 سنوات"، وبساموس "لفترة 10 سنوات"، وجت "لفترة 31 عامًا". وخلال عصر الأسرة الرابعة والعشرين حكم بوخرويس من سايس لفترة ست سنوات وكان أبوه تخناكتيس.

وأخيرًا أسفر التنافس بين أدعياء الملك إلى غلبة أمير صا الحجر "سليس" تاف نخت رأس الأسرة الرابعة والعشرين فحاول أن يعيد وحدة البلاد باسمه، ونجح في إعادة الاستقرار إلى الدلتا ومصر الوسطى، ولكن ما لبث أن واجهته قوة جديدة في عام 730ق. م هزت ملكه هزًّا، وهي قوة حكام نباتا الذين نجحوا في إقامة الأسرة الخامسة والعشرين على عرش مصر، معاصرة لأسرته في أغلب عصرها.

وعندما واجه أواخر ملوك الأسرات المهجنة مشروع بيعنخي في مصر كان تفتت السلطة بينهم قد بلغ مداه، إذ ولي حينذاك وساركون الرابع على عرش بوبسطة، وولي شاشانق الخامس عل عرش تانيس بعد عهد قصير للملك شاشانق الرابع والملك بامي. كما ولي تاف نخت على عرش سايس. بل وادعى ألقاب الملكية عدد آخر من كبار الأمراء الذين ارتبطوا بالأسرة المالكة السابقة بروابط القرابة والنسب، ومنهم يووبت في ثنت رمو، وبفنف دي باسطة في أهناسيا، ونمرود في الأشمونين.

__________

(1)  J. Wilson, Ajsl, 1935, 73 F.

(2) Gardiner, The Wilbour Papyrus, Ii, 80 F.; Jea. Xxvii, 41.

(3) Zaes. Xxi, 69; Jea, Xix, 23; Ancient Records, V, Index, 53, 88; Gardiner, Ancient Egyptian Onomastica, I, 120.

(4) Jea, Xii, 254 F.; Xix, 10 F.

(5) Blachman, Jea, Xxvii, 83 F.; P. Montet, Tanis, Paris, 1941.

(6) Cairo, 42192; Kec. Trav. Xxxviii, 10.

 Jea, Xii, 254 F.; Xix, 10 F.

(7) Gradiner, Ancient Egyptian Onomastica I, 120; Kitchen, Op. Cit., 128, 141 and Refernces.

(8) Hoischer, Libyer Und Aegpter. 12 F., 24 F.; Gardiner, Op. Cit., I, 101 F. 116-119; Zaes, Lii, 57 F.; Archaic Obiects, Pl. 64; I. Borchardt, Sahure, Ii, Pl. 1; Ne-User-Re, Pl. 10; G. Jequier, Pept Ii, Pl. 9; Urk., I, 101, 16; Sinuhe, R 14, 15-16, Etc.

(9) دريوتون - فاندييه: مصر - ص574.

Holscher, Op. Cit., 32 F.; Gardiner, Op. Cit., 120 F.; Breasted. Ar, IV, 785 F

(10) Sander- Hansen, Das Gottesweib Des Amun, Copenhagen, 1940.

(11) H. Kees, Ancient Egypt, 283-284.

(12)  ألكسندر شارف: تاريخ مصر - ص163.

(13)  Mariette, Le Serapeum De Memphis, Pls. 24, 26-28; Jea, Xxxiv, Pl. 15 F.

(14) Rec Trav., Xxii, 55; Xxxi, 6; Xxxv, 138.

(15) الملوك الأول 11: 40.

(16) نفس السفر 14: 25 - 27.

(17) نفس السفر 12: 16 - 20.

(18)  D. M. Noth. Die Shoschenkliste, Zdpv, Lx, 277 F.; Porter and Moss, Topographical Bibliograpghy, Vii, 381; Gardiner, Op. Cit., 330.

(19) R. Dussaud, Syria, V 145 F.; VI, 101 F.; Porter and Moss, Op. Cit., Vii, 388.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).