أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2015
1778
التاريخ: 8-5-2016
1615
التاريخ: 2-9-2016
2326
التاريخ: 12-7-2016
1659
|
قال تعالى : {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } [الذاريات : 7]
سُئل الإمام عليّ بن موسى الرضا ( عليه السلام ) عن هذه الآية فقال : ( هي محبوكة إلى الأرض ، وشَبّك بين أصابعه ، فقيل له : كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول {السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد : 2] ؟ قال ( عليه السلام ) : ثَمّ عَمَدٌ ، ولكن لا ترونها ) (1) .
والحُبك : الشدّ الوثيق ، وثوب محبوك وحبيك : متين النسج جيّد الصنع .
وتشبيك الأصابع : تداخل بعضها في البعض ، ولعلّه كناية عن الوشائج الوثيقة المترابطة المتشابكة مع بعضها والماسكة بأجرام الفضاء فلا تتبعثر ولا تتهاوى ، وحفظاً على التوازن القائم بين أجزاء الكون ، وما هي إلاّ قانون الجاذبية العامّة ، تفاعلت مع القوّة الطاردة فأمسكت بعُرى السماوات والأرض أن تزولا . وهكذا توازنَ النظام وأمكنت الحياة على الأرض .
والعَمَد : هي الطاقات والقُوى الحاكمة على نظام الكون ، إنّها موجودة قد كشفها العلم ولمس آثارها وعثر على حصائلها التي هي الحياة والبقاء .
فقد عَثر العلم على أنّ الأجسام على نَسِب كُتلها تتجاذب مع بعضها ، وهي التي جعلت الشمس تُمسك بالأرض فتدور حولها ، وهي التي جعلت الشمس تُمسك بعطارد والزهرة وجعلتهما يدوران حولها ، كلاً في مداره ، وهي التي أمسكت بالمرّيخ والمشتري وزُحل وجعلتها جميعاً حول الشمس تدور ، وهكذا سائر الكواكب في سائر المنظومات ، وسائر المنظومات في سائر المجرّات ، بل وجميع المجرّات في عرض الفضاء اللامتناهي ، هي التي عملت في إمساكهنّ دون التفرّق والاندثار {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم : 25] ، {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر : 41] .
هذه هي الجاذبية ، قد جَهل العلمُ بحقيقتها وعن نشأتها ، سوى أنّه عرفها بحدودها وميزاتها وبعض آثارها ، هذا فحسب ، أمّا كيف حصلت وبِمَ حصلت وما سببها وسرّها الكامن وراء ظاهرها ؟! فهذا شيء مجهول ، وسيبقى مجهولاً إلى الأبد ، شأن سائر مكتشفات العلم التي بقيت خافية السرّ في طيّ الوجود ..
في أواخر القرن السابع عشر للميلاد قام إسحاق نيوتن ( 1642 ـ 1727م ) بتجارب ، وعلى أثرها عَثر على تجاذب عام بين الأجسام ، قائم بنسبة كُتلها طردياً ، وبنسبة مربّع المسافة بينها عكسياً ، وعُرف بقانون ( الجاذبية العامّة ) (2) .
وقانون الجاذبية : عبارة عن جذب كلّ كتلة لكلّ كتلة أُخرى (3) بقوّة تزداد بازدياد كتلتيهما ، وتقلّ بنسبة مربّع المسافة بينهما .
ومعنى ذلك أنّه لو زادت المسافة إلى الضعف وكانت الكتلة ثابتة لنقصت القوّة الجاذبة إلى الربع ، وإذا زادت المسافة ثلاث مرّات لنقصت الجاذبة بينهما إلى 9|1 ما كانت عليه ، أمّا إذا كانت المسافة ثابتة فإنّ زيادة الكتلتين مِن شأنها أن تزيد القوة الجاذبة زيادة مطّردة .
وهل الجاذبية بنفسها قدرة فاعلة أم وراءها سرّ أخفى ؟
قال إسحاق نيوتن : ولا يمكن أن يَتصوّر المرء أنّ المادّة الهامدة بدون تأثير مِن خارج المادّة هي العاملة بذاتها .. وأرجو أن لا يُنسب ذلك إليّ .. أنّ القول بالجاذبية المادّية ، وأنّها مِن خواصّ المادّة الجامدة ، وأنّ لكلّ جسم أن يُؤثر على جسم آخر ، بينهما الفراغ التام ، قول لا يستقيم ، ولا يصحّ أن يقول به مَن كانت عقليته عقلية علمية ، بل الجاذبية لابدّ أن يكون لها سبب وسيط يعمل وفقاً لقوانين أُخرى لا نعلمها ، وهل ذاك الوسيط مادّي أو أمر متعال عن المادّة ؟ فهذا ما أتركه إلى فهم القارئ وتقديره (4) .
هذا ما يقوله مكتشف قانون الجاذبية ، يُنبئك عن خفاء سرّها ، ولكنّه مع ذلك فإنّ هذا القانون رغم الجهل بحقيقته فإنّه ذو أهمّية كبرى في معرفة السرّ العلمي لحفظ التوازن العامّ بين أجزاء الكون ، ولولاه لتبعثرت هباءً وانتشرت منثوراً في الفضاء .
وبذلك أيضاً يعلّل قانون الثقل والوزن ، ولولاه لطارت الأجسام المستقرّة على الأرض أو المحيطة بها إلى أبعاد السماء ، ولَما استقرّت المحيطات والبحار في مستقرّها ، ولَما بقي هواء محيط بالأرض ، ولانعدمت الحياة على سطح الأرض بانعدام الهواء ، وهكذا لم يبقَ سحاب معلّقاً في جوّ السماء ، ولَما أمطرت السماء على الأرض وجفّت المياه .
أمّا القوّة المركزية الطاردة فهي : أنّ كلّ جسم يدور حول مركز فإنّه يكتسب
بذلك قوّة تدفعه في الابتعاد عن المركز وهي أيضاً بنسبة مربّع السرعة ، كلّما كانت الحركة الدورية أسرع فإنّ قوّة الطرد تزداد ، وبالعكس تقلّ مع انخفاض السرعة ، فلو كانت سرعة الدوران بمقياس 10 كيلومترات في الساعة فإنّ قوّة الدفع الطاردة تكون حينذاك بمقياس 10 × 10 = 100 كيلومتر في الساعة (5) .
ولكن يجب أن لا يتناسى المسافة بين النقطة المركزية والجسم الدائر ، وكذا كتلته ، فإنّ ذلك كلّه ذو تأثير على مبلغ قوّة الطرد .
قال الدكتور أحمد زكي : إنّ مِن المهمّ أن نعرف شيئاً عن علاقة هذه القوّة ( مِن حيث مقدارها ) بالدوران ( مِن حيث سرعته ومِن حيث عدد لفّات الشيء الدائر ) ، لهذا نقول : هب أنّ كرة مِن حديد وزنها 7 أرطال تدور حول محور ، وهي مرتبطة بالمحور بحبل طوله 3 أقدام ، وهب أنّ الكرة تلفّ لفّتين في الثانية حول هذا المحور ، إذاً فالقّوة المركزية الطاردة التي بها تشدّ الكرة المحور ( هي تساوي القوّة الجاذبة التي يجذب بها المحور الكرة ) تساوي بالتقريب : 1 ـ 4/1 × كتلة الحديد × طول الحبل ( أي نصف قطر الدوران ) × 2 ( عدد اللّفات في الثانية = 1 ـ 4/1 × 7 × 3 × 2 = 105 ) من الأرطال .
ومعنى هذا أنّه كلّما زادت سرعة اللفّ في الثانية زادت القوّة ، وكلّما قلّت تلك قلّت هذه (6) .
ويستطرد الأُستاذ رشيد رشدي قائلاً : إنّ القوّة الجاذبية للأرض تأخذ بالتناقص كلّما اتّجهنا نحو خطّ الاستواء ، حيث تزداد سرعة الأرض المحورية التي تؤدّي إلى زيادة القوّة الطاردة ، وهذا النقص عند خطّ الاستواء يكون بنسبة 289/1 ولمّا كان العدد 289 مربّع العدد 17 والقوّة الطاردة تزداد بنسبة مربّع
السرعة ، فلو بلغت سرعة الأرض حول نفسها 17 مرّة عمّا عليها الآن لازدادت القوّة الطاردة 289 مرّة عمّا هي عليها الآن ، ولتساوت القوّة الطاردة مع القوّة الجاذبية للأرض ، وحينذاك لآلَ ثقل الأجسام عند خطّ الاستواء إلى صفر ، أي فلن يبقى عندئذٍ تأثير مّا للجاذبية الأرضية ، ولاختلّ النظام الراهن على وجه الأرض حيث تستحيل الحياة عليها (7) .
إنّ محور الأرض الذي يصل بين قطبيها أصغر مِن محورها الذي عند خطّ الاستواء ، الأَوّل طوله 7900 ميل ، والثاني طوله 7926 ميلاً ، أي يزيد على الأَوّل بـ ( 26 ) ميلاً ؛ ولذلك برزت الأرض قليلاً عند بطنها ( خطّ الاستواء ) وتفرطحت عند قطبيها .
والسبب في ذلك يعود إلى حركة الأرض المحورية ، فتفعل فيها القوّة المركزية الطاردة التي تفعل في كل جسمٍ دائر . والأرض اليوم جامدة ولكنّها بالأمس كانت أكثر ليونةً ، فلم تكن تغييرات تحصل في شكلها ، كما هي تقاوم اليوم .
إنّ دورة الأرض المحورية لا تُؤثّر في جميع سطحها تأثيراً سواءً ، إنّها عند خطّ الاستواء أكثر بعداً مِن المركز عن خطّ العرض 30 عن عرضها 60 ، عن عرضها 90 ، أي عند القطب ؛ لأنّ القطب لا يكاد يدور ، ومِن أجل هذا اشتدّ بروز الأرض قديماً ، وهي ليّنة عند خطّ الاستواء وأخذ يقلّ تدرّجاً ، ذهاباً إلى القطبين ، وبمقدار ما خرجت الأرض ببطنها دخلت عند الرأس والقدم ؛ لتَفرطُح الأرض ودورانها حول محورها ، وأيضاً تفاعل القوّتين الجاذبة والطاردة ، نتائج كثيرة وخطيرة .
منها : أنّ الأشياء توزن عند القطبين أكبر ممّا توزن عند خطّ الاستواء ، وبلفظ علمي : الكتلة الواحدة إذا نقلناها مِن خطّ الاستواء إلى القطب فهي تزداد ثقلاً كلّما سرنا في هذا الطريق ؛ لأنّ الثقل أو الوزن ما هو إلاّ قوّة جذب الأرض بجرمها العظيم ، ما على سطحها مِن أشياء .
وأنّ قوّة الجاذبية تتناسب تناسباً عكسياً مع مربّع المسافة بين الشيئين المتجاذبين وجاذبية الأرض متركّزة في مركزها ، وتنقص كلّما بعُدت الأشياء عن هذا المركز ، والكتلة عند القطب أقرب إلى مركز الأرض منها وهي عند خطّ الاستواء ..
وعامل آخر يُؤثر في اختلاف هذا الوزن وفي قوّة هذا الانجذاب ، ذلك قوّة الأرض المركزية الطاردة تحاول أن تطرد ما على الأرض بفعل دورانها ، تحاول أن تقذف بها بعيداً ، وأثر هذه القوّة الطاردة على الأشياء على عكس القوة الجاذبة ؛ ومِن ثَمّ فإنّ الطاردة تُضعف مِن الجاذبة وتُنقص منها ، والقوّة الطاردة فاعلة أكثر فعلها عند الاستواء ، ومعدومة عند القطبين ؛ لأنّهما لا يدوران حول المركز .
فهذا العامل الجديد يخفّ بالأوزان عند خطّ الاستواء ، وهو لا يُؤثّر عند القطبين ... فتَفرطُح الأرض ودورانها يفعلان في الأجسام على سطح الأرض ، يفعلان معاً : يزيدان الشدّ معاً ، أو يُنقصان منه معاً ، وهذا الاختلاف يكون بنسبة 1/289 ، أي أنّ جسماً ما نزنه عند القطب ( نقيس مقدار شدّ الأرض له ) فنجد أنّ وزنه 289 رطلاً ـ مثلاً ـ ثمّ نُعيد وزنه عند الاستواء فنجد أنّ وزنه نقص رطلاً ، أي صار 289 رطلاً ، ولا يكون ذلك بالميزان ذي الكفّتين طبعاً ؛ لأنّه في هذه الحالة تخفّ السَنجة كما يخفّ الشيء الموزون ، أو تزيد كما يزيد ، وإنّما يكون الوزن بقياس مقدار الشدّ ، فكان يُستخدم ميزان ذو زنبورك ، أو نحو ذلك .
ومِن نتائج زيادة جاذبية الأرض عند القطبين : أنّ الأشياء تنزلق على سطحها إلى حيث الجاذبية أكبر ، فكان من المنتظر أن يسير ماء البحار والمحيطات إلى القطبين انزلاقاً وانحداراً .
ولكنّ الأرض كرة تدور حول محورها فيكسبها دورانها هذا قوّة مركزية طاردة ، يكون اتّجاهها عمودياً على المحور ، وهي تعمل في عكس اتّجاه جاذبية الأرض ، فهي تميل إلى دفع تلك المياه مِن القطبين إلى خطّ الاستواء .
وبذلك تعادلت القوّتان : قوّة الجاذبية وقوّة الدفع ، وبذلك توزّعت المياه على سطح الأرض توزّعاً نعرفه عادلاً .
قال الدكتور أحمد زكي : وهذا تقدير لولاه لتغيّر وجه الأرض . فمَن يا ترى قدّره ، وقدّر هذه الدرجة الدقيقة مِن الضبط والربط ؟! (8) .
فسبحان مَن {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان : 2] ، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر : 49] .
__________________
(1) تفسير القميّ : ج2 ص328 .
(2) مبادئ العلوم : ص18 .
(3) تُعرَّف كتلة كل جسم بأنّها كمّية المادّة المحتوية في ذلك الجسم ، والكتلة هي التي تُعيّن مقدار الوزن ، وقد اصطلح على اتّخاذ الغرام وحدة علمية للمقارنة بين الكتل . والغرام : كتلة سنتمتر مكعّب من الماء المقطّر . ( مبادئ العلوم : ص6 ـ 7 ) .
(4) بصائر جغرافية : ص272 ـ 273 .
(5) بصائر جغرافية : ص275 .
(6) مع الله في السماء : ص70 ـ 71 .
(7) بصائر جغرافية : ص275 .
(8) مع الله في السماء ص71 ـ 75 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|