أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-9-2016
2632
التاريخ: 28-9-2016
2219
التاريخ: 17-4-2020
2352
التاريخ: 28-9-2016
1982
|
أنّ صحّة النفس ووسائل وقايتها وعلاجها ، وعوامل رقيّها وتكاملها ، ورعاية حقوقها وواجباتها يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون لقلّة احتفائهم بالقيم الروحيّة والمفاهيم النفسيّة وجهلهم بعلل النفس وانحرافاتها ، وما تعكسه مِن آثار سيّئة على حياة الناس .
فالأمراض الجسميّة تبرز سماتها وأعراضها على الجسم في صورٍ مِن الشحوب والهزال والانهيار .
أمّا العلل النفسيّة والروحيّة فإنّ مضاعفاتها لا يتبيّنها إلاّ العارفون مِن الناس ، حيث تبدو في صورٍ مقيتة مِن جموح النفس ، وتمرّدها على الحقّ ، ونزوعها إلى الآثام والمنكرات ، وهيامها بحبّ المادّة وتقديسها وعبادتها ، ونبذها للقيم الروحيّة ومثلها العليا ، ممّا يوجِب مسخها وهبوطها إلى درك الحيوان .
مِن أجل ذلك كانت العِلَل الروحيّة والنفسيّة أصعب علاجاً ، وأشدّ عناءً من العلل الجسميّة لعُسر علاج الأُولى ، ويُسرّ الثانية في الغالب .
وكانت عناية الحكماء والأولياء بتهذيب النفس ، وتربية الوجدان أضعاف عنايتهم بالجسَد .
وهذا ما يحتم على كلّ واعٍ مستنير أن يعني بتركيز نفسه ، وتصعيد كفاءتها ، وتهذيب ملكاتها ووقايتها مِن الشذوذ والانحراف ، وذلك برعاية حقوقها ، وحسن سياستها وتوجيهها .
وإليك طرَفاً مِن طلائع حقوق النفس :
1 - تثقيف النفس :
وذلك : بتنويرها بالمعرفة الإلهيّة والعقيدة الحقّة ، وتزويدها بالمعارف النافعة ، التي تنير للإنسان سبُل الهداية وتوجّهه وجهة الخير والسداد .
وهذه هي أسمى غايات النفس وأشواقها .
فهي تصبو إلى العقيدة ، وتهفو إلى الإيمان باللّه عزّ وجل ، وتتعشّق العِلم ، وتهفو إلى استجلاء الحقائق ، واستكشاف أسرار الكون وألغاز الحياة .
تتطلّع إلى ذلك تطلّع الظمآن إلى الماء ، وتلتمس الذي لنفسها كما يلتمسه هو سَواءً بسواء ، فإنْ ظفَرَت بذلك أحسّت بالطمأنينة والارتياح ، وإنْ فقدَته شعَرت بالقلق والسأم .
2 - إصلاح السريرة :
للإنسان صورتان : صورة ظاهريّة تتمثّل في إطار جسده المادّي ، وصورة باطنيّة تتمثّل فيها خصائصه النفسيّة ، وسجاياه الخلقيّة .
وكما تكون الصورة الظاهريّة هدفاً للمدح أو الذمّ ، ومدعاة للحبِّ أو الكره نظراً لصفاتها الجميلة أو القبيحة .
كذلك الصورة الباطنيّة يعروها المدح والذم ، وتبعث على الإعجاب أو الاستنكار ، تبعاً لما تتّسم به مِن طيبةٍ أو خُبث ، مِن تلألؤٍ أو ظلامٍ .
وكما يهتمّ العقلاء بتجميل صورهم المادّية ، وإظهارها بالمظهر اللائق الجذّاب ، كذلك يجدوا الاهتمام بتجميل صورهم الباطنيّة ، وتزيينها بالطيبة وصفاء السريرة وجمال الخلق لتغدو وضّاءة مشعّة بألوان الخير والجمال , وذلك بتطهيرها مِن أوضار الرياء والنفاق ، والحسَد والمكر ونحوها من السجايا الهابطة المقيتة .
من أجل ذلك حرّض أهل البيت ( عليهم السلام ) على تهذيب النفس وإصلاح السريرة ، وحسن الطوية ؛ لتكون ينبوعاً ثرّاً فيّاضاً بشرف الفضائل وحُسن الأخلاق .
فعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتَب بعضهم بعضاً ، كتبوا بثلاثٍ ليس معهن رابعة : مَن كانت الآخرة همّه كفاه اللّه همّه مِن الدنيا ، ومَن أصلَح سريرته أصلح اللّه علانِيَته ، ومَن أصلح فيما بينه وبين اللّه عزّ وجل أصلح اللّه له فيما بينه وين الناس ) (1).
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( ما مِن عبدٍ يسرّ خيراً ، إلاّ لم تذهب الأيّام حتّى يظهر اللّه له خيراً ، وما مِن عبدٍ يسرّ شراً ، إلاّ لم تذهب الأيّام حتّى يظهر اللّه له شرّاً ) (2).
وعنه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) سيأتي على الناس زمان ، تخبث فيه سرائرهم ، وتحسن فيه علانيتهم ، طمعاً في الدنيا ، لا يريدون به ما عند ربهم ، يكون دينهم رياءً ، لا يخالطهم خوف ، يعمّهم اللّه بعقاب ، فيدعونه دعاء الغريق ، فلا يستجيب لهم ) (3) .
3 - ضبط النفس :
تنزع النفس بغزائرها وشهواتها إلى الشذوذ والانحراف ، وتخدع أربابها بسحرها الفاتن وأهوائها المضلّة ، حتّى تجمح بهم في متاهات الغواية والضلال : {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي } [يوسف : 53].
وهذا ما يُحفّز كلّ واعٍ مستنير ، أنْ يُعني بضبط نفسه ، والسيطرة عليها وتحصينها ضد المعاصي والآثام ، وترويضها على طاعة اللّه تعالى ، وأتباع شرعته ومنهاجه .
وقد حثّ القرآن الكريم علي ضبط النفس ، والحدّ مِن جماحها وتوجيهها شطر الخير والصلاح .
قال تعالى : { نَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } [الشمس: 7 - 10].
وقال تعالى : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات : 40، 41].
{فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات : 37 - 39]. وهكذا حرّض أهل البيت ( عليهم السلام ) على ضبط النفس ، وقمع نزَواتها ، معتبرين ذلك أفضل صور الجهاد .
فعن موسى بن جعفر عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) بعث سريّة ، فلمّا رجعوا قال : مرحباً بقومٍ قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر .
قيل : يا رسول اللّه ، وما الجهاد الأكبر ؟.
قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : جهاد النفس .
ثمّ قال : أفضل الجهاد مَن جاهد نفسه التي بين جنبيه ) (4) .
وعن عبد اللّه بن الحسن ، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين بن عليّ ( عليه السلام ) عن أبيها ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ثلاث خصال ، مَن كُن فيه ، استكمل خصال الإيمان : الذي إذا رضيَ لم يُدخله رضاه في إثمٍ ولا باطل ، وإذا غضِب لم يُخرجه الغضَب مِن الحقّ ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له ) (5) .
4 - محاسبة النفس :
والمراد منها هو : محاسبة النفس في كلّ يوم عمّا عملته مِن الطاعات والمعاصي ، والموازنة بينهما ، فإنْ رجُحت كفّة الطاعات ، شكَر المُحاسب اللّه على توفيقه لها ، وفوزه بشرف طاعته ورضاه .
وإنْ رجُحت كفّة المعاصي أدّب المحاسب نفسه بالتقريع والتأنيب على إغفال الطاعة ، والنزوع للآثام .
قال الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) : ( ليس منا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم ، فإنْ عمل حسنةً استزاد اللّه تعالى ، وإنْ عمل سيّئة استغفر اللّه تعالى منها وتاب إليه ) (6) .
_____________________
1- البحار : م 14 , ج 2 , ص 204 , عن الخصال والأمالي وثواب الأعمال للصدوق (ره).
2- الوافي : ج 3 , ص 147 , عن الكافي .
3- الوافي : ج 3 , ص 148 , عن الكافي .
4- سفينة البحار : ج 1 , ص 197 , عن معاني الأخبار للصدوق .
5- سفينة البحار : ج 2 , ص 550 , عن الخصال للصدوق .
6- الوافي : ج 3 , ص 62 , عن الكافي .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|