المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



دعوة زكريا ربّه  
  
1724   04:11 مساءاً   التاريخ: 5-11-2014
المؤلف : محمّد هادي معرفه
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج2 ، ص224-228.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الإعجاز البلاغي والبياني /

هناك وقع نداء زكريا ربّه ـ فيما حكى الله سبحانه ـ : {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا } [مريم : 4] موقع إعجاب وإكبار علماء المعاني والبيان ، بهرتهم لطافة صنعه وأناقة رصفه ، مشتملاً على مزايا ومحاسن جمّة لا يحويها سائر الكلام ، وقد تعرّض لها صاحب ( الطراز ) وعدّد محاسنها درجة درجة حتى بلغ العشرة عدد الكمال ، وقدّم لذلك مقدّمة قال فيها :

اعلم أنّ القرآن إنّما صار معجزاً ؛ لكونه دالاً على تلك المحاسن والمزايا التي لم يختصّ بها غيره من سائر الكلام ، ولا يجوز أن تكون راجعة إلى الدلالات الوضعية ، سواء كانت باعتبار دلالتها على معانيها الوضعية ، أو مجردة عنها ، وقد ذهب إلى ذلك أقوامٌ ، وهو فاسد لأمرين ، أمّا ( أوّلاً ) ؛ فلأنّ الكلمة الواحدة قد تكون فصيحة إذا وقعت في محلّ ، وغير فصيحة إذا وقعت في محلّ آخر ، فلو كان الأمر في الفصاحة والبلاغة راجعاً إلى مجرّد الألفاظ الوضعية لما اختلف ذلك بحسب اختلاف المواضع ، وأمّا ( ثانياً ) ؛ فلأنّ الاستعارة والتشبيه والتمثيل والكناية من أعظم قواعد الفصاحة وأبلغها ، وإنّما كانت كذلك باعتبار دلالتها على المعاني لا باعتبار ألفاظها ، فصارت الدلالة على وجهين :

الوجه الأوّل : دلالة وضعية ، وهذه لا تعلّق لها بالبلاغة والفصاحة كما مهّدنا طريقه .

وثانيهما : الدلالة المعنوية ، ودلالتها إمّا بالتضمّن أو بالالتزام ، وهما عقليّان من جهة أنّ حاصلهما هو انتقال الذهن من مفهوم اللفظ إلى ما يلازمه ، ثمّ تلك الملازمة إمّا أن تكون دلالة على جزء المفهوم ، أو تكون دلالة على معنى يصاحب المفهوم ، فالأَوّل هو الدلالة التضمنية ، والثاني هو الدلالة الخارجية ، وهما جميعاً من اللوازم ، ثمّ إنّ تلك اللوازم تارة تكون قريبة ، وتارة تكون بعيدة ، فمِن أجل ذلك صحّ تأدية المعاني بطرق كثيرة ، بعضها أكمل من بعض ، وتارةً تزيد ، ومرّةً تنقص ؛ فلأجل هذا اتّسع نطاق البلاغة وعظم شأنه ، وارتفع قدره وعلا أمره .

 فربّما علا قدر الكلام في بلاغته حتى صار معجزاً لا رتبة فوقه ، وربّما نزل الكلام حتى صار ليس بينه وبين نعيق البهائم إلاّ مزيّة التأليف والتركيب ، وربّما كان متوسّطاً بين الرتبتين ، وقد يوصف اللفظ بالجودة ؛ لكونه متمكناً في أسَلاَت الألسنة غير ناب عن مدارجها ، ولا قَلِق على سطح اللسان ، جيّداً سبكه صحيحاً طابعه ، وأنّه في حقّ معناه من غير زيادة عليه ولا نقصان عنه ، وقد يذمّونه بنقائض هذه الصفات بأنّه مُعقّد جُرزٌ ، وأنّه لتعقيده استهلك المعنى ، يمشي اللسان إذا نطق به كأنّه مقيّد ، وحَشيٌّ ، نافرٌ ، نازل القدر ، طويل الذيول من غير فائدة ، ولا معنى تحته ، وقد يصفون المعنى بالجودة بأنّه قريب جزل ، يسبق إلى الأذهان قبل أن يسبق إلى الآذان ، ولا يكون لفظه أسبق إلى سمعك من معناه إلى قلبك ، حتى كأنّه يدخل إلى الأُذن بلا إذن ، وقد يذمّونه بكونه ركيكاً نازل القدر ، بعيداً عن العقول ، وهلمّ جرّ إلى سائر ما ذكرناه من جهة المعنى على جهة المناقضة والقرآن كلّه من أوله إلى آخره حاصل على هذه المزايا ، موجودة فيه على أكمل شيء وأتمّه ، فلله درّه من كتاب اشتمل على علوم الحكمة وضمّ جوامع الخطاب ، وأودع ما لم يودع غيره من الكتب المنزلة من حقائق الإجمال ودقائق الأسرار المفصّلة .

وبعد ذلك خاض محاسن الآية مستخرجاً لآليها قائلاً :

وإذا أردت أن تكحل بصرك بمرود التخييل ، والاطّلاع على لطائف الإجمال والتفصيل ، فاتلُ قصّة زكريّا ( عليه السلام ) وقف عندها وقفة باحث وهي قوله تعالى ( قَالَ رَبّ إِنّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً ) فإنّك تجد كلّ جملة منها بل كلّ كلمة من كلماتها تحتوي على لطائف ، وليس في آي القرآن المجيد حرف إلاّ وتحته سرّ ومصلحة فضلاً عمّا وراء ذلك ، والكلام في تقرير تلك اللطائف الإجمالية وما يتلوها من الأسرار التفصيلية مقرّر في معرفة حدّ الكلام وأصله ، وأنّ كلّ مرتبة من مراتب الإجمال متروكة في الآية بمرتبة أخرى مفصّلة ، حتّى تتّصل بما عليه نظم الآية وسياقها ، وجملة ما نورده من ذلك درجات عشر ، كلّ واحدة منها على حظّ من الإجمال ، بعدها درجة أخرى على حظّ من التفصيل ، حتى تكون الخاتمة هو ما اشتمل عليه سياقها المنظوم على أحسن نظام ، وصار واقعاً في تتميم بلاغتها أحسن تمام .

( الدرجة الأُولى ) نداء الخفية ؛ فإنّه دالّ على ضعف الحال وخطاب المسكنة والذلّ حتى لا يستطيع حراكاً ، وهو من لوازم الشيخوخة والهزال ، ولِما فيه من التصاغر للجلال ، والعظمة بخفض المصوب في مقام الكبرياء وعظم القدرة ، فهذه الجملة مذكورة كما قرَّرناه ، وهي مناسبة لحاله ، ولهذا صدّرها في أول قصّته لِما فيها من ملائمة الحال وهضم النفس واستصغارها . وافتتاحها بذكر العبودية يؤكّد ما ذكرناه ويؤيّده .

( الدرجة الثانية ) كأنّه قال : يا رب إنّه قد دنا عمري ، وانقضت أيّام شبابي ، فإنّ انقضاء العمر دالّ على الضعف والشيخوخة لا محالة ؛ لأنّ انقضاء الأيّام والليالي هو الموصل إلى الفناء والضعف وشيب الرأس ، ثم إنّ هذه الجملة صارت متروكة لتوخّي مزيد التقرير إلى ما هو أكثر تفصيلاً منها ممّا يكون بعدها .

( الدرجة الثالثة ) كأنّه قال : قد شخت فإنّ الشيخوخة دالّة على ضعف البدن وشيب الرأس ؛ لأنّها هي السبب في ذلك لا محالة .

( الدرجة الرابعة ) كأنّه قال : وهنت عظام بدني ، جعله كناية عن ضعف حاله ، ورقّة جسمه ، ثم تُركت هذه الجملة إلى جملة أخرى أكثر تفصيلاً منها .

( الدرجة الخامسة ) كأنّه قال : أنا وهنت عظام بدني ، فأُعطيت مبالغة ، لمّا قدّم المبتدأ ببناء الكلام عليه ، كما ترى .

( الدرجة السادسة ) كأنّه قال : إنّي وهنت العظام من بدني ، فأضاف إلى نفسه تقريراً مؤكّداً ( بإنّ ) للأمر ، واختصاصها بحاله ، ثمّ تُركت هذه الجملة بجملة غيرها .

( الدرجة السابعة ) كأنّه قال : إنّي وهنت العظام منّي ، فترك ذكر البدن وجمع العظام ؛ إرادة لقصد شمول الوهن للعظام ودخوله فيها .

( الدرجة الثامنة ) ترك جمع العظام إلى إفراد العظم ، واكتفى بإفراده فقال ، ( إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) .

( الدرجة التاسعة ) ترك الحقيقة ، وهي قوله : أشيب ، أو شاب رأسي ، لِما علم أنّ المجاز أحسن من الحقيقة ، وأكثر دخولاً في البلاغة منها ، ثم تُركت هذه الجملة بجملة أخرى غيرها .

( الدرجة العاشرة ) أنّه عدل عن المجاز إلى الاستعارة في قوله ( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) وهي من محاسن المجاز ، ومن مثمرات البلاغة ، وبلاغتها قد ظهرت من جهات ثلاث :

الجهة الأولى : إسناد الاشتعال إلى الرأس لإفادة شمول الاشتعال بجميع الرأس ، بخلاف ما لو قال : اشتعل شيب رأسي ، فإنّه لا يؤدّي هذا المعنى بحال ، فـ ( اشتعل رأسي ) وزان اشتعلت النار في بيتي ، و ( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) وزان : اشتعل بيتي ناراً .

الجهة الثانية : الإجمال والتفصيل في نصب التمييز ، فإنّك إذا نصبت ( شيباً ) كان المعنى مخالفاً لما إذا رفعته ، فقلت : اشتعل شيب رأسي ، لما في النصب من المبالغة دون غيره .

الجهة الثالثة : تنكير قوله ( شيباً ) لإفادة المبالغة ، ثم إنّه ترك لفظ ( منّي ) في قوله ( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) اتّكالاً على قوله ( وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) ثم إنّه أتى به في الأَوّل ؛ بياناً للحال وإرادةً للاختصاص بحاله في إضافته إلى نفسه ، ثُمّ عطف الجملة الثانية على الجملة الأُولى بلفظ الماضي ؛ لِما بينهما من التقارب والملاءمة .

فانظر إلى هذا السياق المثمر المورق ، وجودة هذا الرصف المعجب المونق ، كيف ترك جملة إلى جملة ؛ إرادةً للإجمال بعده التفصيل ، من أجل إيثار البلاغة حتى انتهى إلى خلاصها ، ودهن لبّها ومصاصها ، وهو جوهر الآية ونظامها بأوجز عبارة وأخصرها ، وأظهر بلاغة وأبهرها .

واعلم أنّ الذي فتق أكمام هذه اللطائف حتى تفتّحت أزرار أزهارها ، وتعانقت أغصانها ، وتأنقت أفنانها ، وتناسبت محاسن آثارها ، هو مقدّمة الآية وديباجتها ، فإنّه لمّا افتتح الكلام في هذه القصّة البديعة بالاختصار العجيب ، بأن طرح حرف النداء من قوله ( ربّ ) وياء النفس من المضاف ، أشعر أوّلها بالغرض ؛ فلأجل تأسيس الكلام على الاختصار عقّبه بالاختصار والإجمال ، واكتفى بذكر هاتين الجملتين عمّا وراءهما من تلك المراتب العشر التي نبّهنا عليها والحمد لله (1) .
______________________

(1)   الطراز : ج 3 ص 416 ـ 420 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .