أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-08
933
التاريخ: 15-9-2016
1235
التاريخ: 15-9-2016
726
التاريخ: 15-9-2016
1326
|
أـ الفراتيون الأوائل:
بدأ الباحثون في أصول حضارة وادي الرافدين منذ الأربعينات من هذا القرن يشكون في إرجاع أصول معظم المدن التأريخية في السهل الرسوبي ومنها اسما دجلة والفرات وأصول أسماء حرف كثيرة إلى اللغة السومرية أو اللغة الآكدية (السامية). وازدادت تلك الشكوك وتجمعت الادلة اللغوية على أن هذه الأسماء التي سنعددها بعد قليل تراث لغوي وحضاري من قوم مجهولين ليسوا من السومريين ولا من الساميين،، ويرجح انهم سبقوا هذين القومين في الاستيطان في السهل الرسوبي. وكان الأستاذ "لاندزبيركر" (Landsberger) أول باحث أثار هذا الموضوع وسمي أولئك القوم المجهولين "بالفراتين" الأوائل (Proto-Euphrateans) وأعاد درس الموضوع جملة باحثين آخرين منهم الأستاذ "كلب" (Gelp) الذي أضاف أدلة أخرى تأريخية ولغوية، وفسر عصر البطولة (Heroic Age) الذي نشأ عند السومريين مما أشرنا إليه سابقاً بسبب جوارهم لأولئك القوم المجهولين الأرقى منهم حضارة(1).
ولعله من المفيد أن نذكر أشهر المفردات الدالة على طائفة من الحرف والصناعات والتي يراها الباحثون أنها من تراث أولئك القوم وليست سومرية أو آكدية: (2) "إنكار" (Engar)، فلاح، (2) "آبن" (Apin) محراث،(3) "نمبار" (Nambar) نخل، (4) "سولومب" (ٍSulumb) تمر، (5) "تبيرا" (Tibira) نحاس، تعدين، (6) سمكـ (Simug) حداد أو نحاس (7) نكار (Nagar)، نجار (اصل العربية نجار)(8) "ملاح" (Malakh)، ملاح (العربية ملاح)(9) "بخار"(Pakhar) فخار (صانع الاواني الفخارية) (10) "دمكار" (Damgar)، تاجر (11) "إشبار" (Ishbar)، حائك (12) "أشكاب" (Ashgab) اسكافي، جلاد (صانع الجلود).
وبالنسبة إلى أسماء المدن والمواضع فيرى الباحثون بموجب هذه الآراء الحديثة أن أسماء معظم المدن المهمة في بلاد سومر وبلاد آكد ولا سيما القديمة منها ترجع إلى التراث اللغوي الذي تركه أولئك القوم ومنها تسمية نهري دجلة والفرات كما قلنا، ونعدد أسماء هذه المدن ابتداء من الجنوب:
ب – السوباريون والحوريون:
اتصل سكان وادي الرفدين منذ أقدم عهود التأريخ بعدة أقوام خارج القطر، اما عنة طريق الاتصالات التجارية أو الفتوح أو الغزو أو الأسفار، فأثرت فيهم حضارة وادي الرافدين كما أثروا فيها، وتغليل البعض منهم إلى موطن هذه الحضارة نفسها فدخلوا في تركيب سكان العراق القديم، واستوطنت جماعات أخرى في مناطق العراق الشمالية وفي الأقسام الجبلية منها مثل الكوتيين واللولبيين، وجماعات من الماذيين أو الميديين في أواخر الألف الثاني، والمرجح ان يكون منهم الأكراد الآن. وسيمر بنا الكلام على بعض الأقوام الاخرى ممن أسووا سلالات حاكمة مثل الكشيين. ونخصص الملاحظات التالية على بعض الأقوام التي كان لها أثر وكيان مهمان في تأريخ سكان وادي الرافدين، وهم السوباريون والحوريون.
1- السوباريون:
منذ ظهور اخبار الحكام والملوك الأوائل في عصر فجر السلالات الثالث(منتصف الألف الثالث ق.م) بدأ فيها ذكر أقوام غربية وبعيدة عن بلاد سومر، ومنهم السوباريون(2) الذين ورد ذكرهم لأول مرة على ما يرجح في أخبار حاكم مدينة لجش المسمى "اياناتم"، وفي أخبار فتوح سرجون الآكدي، وكثر ذكرهم من بعد ذلك في النصوص التأريخية (3)، وكثيراً ما يرد اسم قوم آخرين معهم، هم "الحوريون" او "الخوريون".
أما أصل السوباريين ولغتهم فغير معروفين، وكل ما قيل في لغتهم إنها ليست من عائلة اللغات "الهندية ــ الأوروبية"، وإنهم كانوا من الأقوام الجبلية في الجهات الشرقية مثل الكوتيين واللولبيين، وكانوا يقطنون في شمالي ما بين النهرين في منطقة الجزيرة العليا وشرقي دجلة، وكان يقع ضمن موطنهم المنطقة الشمالية من العراق التي عرفت كذلك باسم بلاد آشور، وذلك من قبل هجرة الآشوريين الساميين في الألف الثالث ق.م، حيث أزاحوا القسم الاكبر من السوباريين إلى المناطق الجبلية شرقي دجلة. ولكن مما لا شك فيه دخلت عناصر كثيرة منهم في التركيب القومي للآشوريين، كما دخلت منهم عدة تأثيرات لغوية وحضرية في الثقافة الآشورية، من بينها آلهة وطائفة من الشعائر الدينية وأسماء بعض المدن والمواضع.
واستعمل مصطلح "سوبارتو" وبلاد "سوبارتو" في كثير من النصوص البابلية مرادفاً لبلاد آشور والآشوريين إلى العهود التأريخية المتأخرة. فمثلاً نجد الثائر البابلي المشهور "مردوخ ــ بلدان" (710 – 721ق.م) يذكر خصمه الملك الآشوري سرجون بأنه ملك "بلاد سوبارتو" وليس بلاد آشور، ومثل هذا الاستعمال ورد في كتابات ملوك الدولة البابلية الأخيرة (539 – 626 ق.م).
اما الآشوريون فقد تحاشوا استعمال كلمة "سوبارتو" لإطلاقها على بلادهم باستثناء بعض النصوص الخاصة بالفأل والتنبؤ، نستشهد منها بتلك النبوءة الطريفة قدمها منجم آشوري إلى أحد الملوك الآشوريين بأن السوباريين سيقضون على الاخلامو (إحدى القبائل الأمورية)، ويضيف ذلك المنجم موضحاً للملك: "نحن السوباريين"(4) أما السبب في تحاشي الآشوريين إطلاق اسم "بلاد سوبارتو" على بلادهم فناشئ من استهجانهم لهذا التعبير الذي كان يطلق أيضاً على البعد، بالنظر إلى شهرة العبيد الذين كان البابليون يجلبونهم من بلاد السوباريين بحيث أصبحت كلمة "سوبارم" (Subarum) و "سبرم" (Subrum) مرادفة في اللغة الآشورية القديمة لكلمة عبد مثل أصل كلمة (Slave) في بعض اللغات الأوروبية من أقوام الصقلب (الصقالبة) أي السلافيين.
2- الحوريون:
يرجح أن يكون مهد الحوريين الأصلي في المنطقة الجبلية التي تكون نصف دائرة تمتد من جبال طوروس بالقرب من كركميش (جرابلس الآن) إلى بحيرة وان تقريباً، ويحتمل أنهم امتدوا جنوباً حتى الزاب الأعلى حيث كان يجاورهم "اللولوبيون" من الشرق (منقطة شهرزور)، وقد ظهروا في التأريخ منذ منتصف الألف الثالث ق.م واتصل بهم ملوك الدولة الآكدية، حيث كانت لهم دويلة في أعالي وادي دجلة والفرات، ولكن لم يبرز لهم شان سياسي مهم إلا في القرن الخامس عشر ق.م.
وقبل أن يقف الباحثون على ذكرهم في إحدى رسائل "العمارنة" الشهيرة (القرن الرابع عشر ق.م) اقتصر ذكرهم على ما جاء في التوراة (سفر التكوين، الإصحاح 30 – 20:36) ثم كثرت عنهم الإشارات التأريخية في نصوف حضارة وادي الرافدين منذ العهد الآكدي (2160 – 2370 ق.م) ومن ذلك أسماء أعلام حورية وردت في الألواح الإدارية والاقتصادية من زمن سلالة "أور" الثالثة (2004 – 2112ق.م)(5).
ويبدو من لغتهم التي دونت نصوص منها بالخط المسماري أنهم لم يكونوا من الناحية اللغوية من الساميين ولا من الأقوام "الهندية ــ الأوروبية"، فلم يستطع الباحثون أن يرجعوهم إلى أحد الأقوام التأريخية المعروفة سوى إطلاق المصطلح الغامض "آسويين" (Asianic) عليهم، على .أن اللغة الأورارطية (أي لغة إقليم أرمينيا القديمة) أقرب اللغات المعروفة إلى لغتهم. وعبدوا إلهاً قومياً اسمه "تشوب" (Teshup)، وهو من آلهة الجو والصاعقة والرعود مثل الإلهين "أنليل" و "ادد" في حضارة وادي الرافدين، كما عبدوا الآلهة "خيفا" أو "حيفا" (Khepa) وجعلوها زوج الإله "تشوب" السالف الذكر، وطوبق إلههم هذا بإله مملكة "اشنونا" المسمى "تشباك" (Tishpak).
وقد انتشر الحوريون في الربع الأول من الألف الثاني ق.م إلى عدة جهات من الهلال الخصيب، ففي سورية كونوا في حدود 1800 ق.م اكثرية السكان في منطقة المدينة القديمة المسماة "ألالاخ" (تل العطشانة ما بين حلب وإنطاكية)(6). وبعد فترة تقدر بنحو قرن واحد نجد الحوريين في شمالي العراق، ومركزهم في المدينة القديمة "نوزي" (يورغان تبه بالقرب من كركوك) وقد بدلوا اسم المدينة القديم "كاسر" (Gasur) إلى نوزي أو "نوزو"، ووجدت آثارهم أيضاً في مواضع اخرى مثل "تبه كورا" و "تل بلا" (بالقرب من الموصل). وظهر في القرن السادس عشر ق.م نوع جديد من الفخار يمتاز بجماله ودقة صنعه أطلق عليه اسم الفخار الحوري.
وفي حدود القرن الخامس عشر ق.م ظهرت في شمالي ما بين النهرين مملكة كان أغلب سكانها من الحوريين ولكن الطبقات الحاكمة فيها كانت من الأرستقراطيين الآريين، وكان مركزها في وادي الخابور والباليخ. وقد سمّاها الآشوريون "خانيكلبات" (Khanigalbat) واطلق عليها اسم "نهارين" او "نهارينا"(7) كما عرفت أيضاً في النصوص المعاصرة باسم مملكة "ميتاني"، وسيرد ذكر هذه الدويلة في القسم الخاص بتأريخ الآشوريين.
ومع أن أثر هؤلاء الحوريين في حضارة وادي الرافدين لم يكن على مقياس كبير ولكن أثرهم في بلاد الشام كان أكبر، وسيمر بنا في كلامنا على تأريخ العصر الآشوري الوسيط أصطدم دولتهم بالآشوريين حتى ان احد ملوكهم المسمى "سوشتار" غزا بلاد آشور نفسها في القرن الخامس عشر ق.م ولكن الملك الآشوري "آشور أوبالط" (1337-1362) قضى على دولتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشر بحث الاستاذ "لاندزبيركر" (Landsberger) في المجلة التأريخية لجامعة أنقرة (1945-1943). بالإضافة إلى هذا البحث انظر: Kramer, The Sumerians (1963),P. 40
وبحث الاستاذ "كلب" في المؤتمر التاسع لعلماء الآشوريات (Assyrioology) المنعقد في جنيف عام 1960.
وحول عصر البطولة عند السومريين انظر:
Kramer in the Proceedings of American Philosophical Society (1946), 120ff.
وأضاف الأستاذ "كلب" (Gelp) في بجثه المشار إليه أدلة مأخوذة من أثبات العلامات المسمارية حيث وجد ان البعض منها يذكر القيم الصوتية المقطعية دون ما يرادفها من قيم رمزية أي الكلمات التي تعبر عنها تلك المقاطع الصوتية، ففسرها بأنها كانت بالأًصل لمفردات غير سومرية ورثها السومريين أخذوا الخط المسماري من أولئك القوم المجهولين. حول هذه العلاقات المسمارية الغربية انظر:
David, "Le terme Ka.Ka-Siga in Oriens Antiquus, nos. 5-12 (1945).
(2) سيرد الكلام على السوباريين في القسم الخاص بتأريخ الآشوريين، فنكتفي الآن بذكر المرجعين الأساسيين، عنهم:
(1) Gelb, Hurrians and Subarians (1944).
(2) Finkelstein in JCS, (1955), 1ff.
(3) سيرد الكلام على السوباريين في القسم الخاص بتأريخ الآشوريين، فنكتفي الآن بذكر المرجعين الأساسيين عنهم:
(1) Gelb, Hurrians and Subarians (1944).
(2) Finkelstein in JCS, (1955), 1ff.
(4) انظر: CAH, I, Part, 2, (1971), p . 733.
(5) عن الحوريين وكذلك السوباريين انظر المصادر الآتية:
(1) Gelb, Op, Cit.
(2) Speiser, "Ethnic Movements in the Near East in the Second mill. B.C." In the Annual of the Amer, Schools of Oriental Research (1933), 13ff.
(3) Speiser, "the Hurrian Participation in the Civilization of Mesopotamia, Syria and Palestine" in Journal of World History (1953), 31ff.
(6) انظر عن "الالاخ" (تل العطشانة):
Wiseman, the Alalakh Tablets (1953).
Woolley, A Forgotten Kingdom (pelican, 1953).
(7) O. Callaghan, Aram Nahraim (1948).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|