أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2016
1109
التاريخ: 13-9-2016
1022
التاريخ: 13-9-2016
332
التاريخ: 23-6-2019
2232
|
والمراد من العدم الأزلي هو العدم الثابت من الأزل والذي لم يطرأ عليه الوجود في زمن ما ثم انعدم ، وهذا التعبير وان لم يكن دقيقا ـ لضيق الخناق ـ إلاّ انّه يفي بالغرض.
فعدم زيد الذي لم يطرأ عليه الوجود في زمن ما عدم أزلي ، ومن هنا لو وقع الشك في ارتفاع العدم بعد اليقين به فإنّه لا ريب في جريان استصحاب العدم الثابت من الأزل.
وهذا المقدار لا إشكال فيه انّما الإشكال في انّه لو كان ثمّة موضوع مركب من جزءين أحدهما متعنون بعنوان وجودي والآخر متعنون بعنوان عدمي وكنّا نحرز عدمهما معا ثم علمنا بتحقق العنوان الوجودي بعد اليقين بعدمه ووقع الشك في ارتفاع العدم عن العنوان العدمي ، هل يمكن
استصحاب العدم الثابت من الأزل ، وبهذا يتحقّق الموضوع المركب بواسطة الوجدان والأصل، فالجزء الاول والذي هو العنوان الوجودي أحرزناه بالوجدان والجزء العدمي أحرزناه بواسطة الاستصحاب ، أو انّ الاستصحاب لا يجري؟
نقول : انّ ما يساهم في ايضاح المطلب فرضيتان :
الفرضيّة الاولى : ان يفترض كون الموضوع المركّب مركبا من معروض وعدم عرضه مع افتراض عدم وجود ملازمة بين وجود المعروض ووجود عرضه.
ومثاله : ما لو كان الموضوع مركبا من الرجل غير الفاسق ، فإنّ المعروض هو الرجل وعدم عرضه هو غير الفاسق ، وواضح انّه لا ملازمة ببين وجود الرجل واتّصافه بالفسق ، وحينئذ لو كنّا على يقين من عدم الرجل وعدم فسقه ثمّ أحرزنا وجود الرجل إلاّ انّه وقع الشك في ارتفاع عدم الفسق ، بمعنى انّه وقع الشك في تحقّق الفسق للرجل ، فهل يمكن استصحاب عدم الفسق الثابت للرجل قبل وجوده أو لا؟
فلو قلنا بإمكان جريان الاستصحاب لكان ذلك يقتضي تنقّح الموضوع المركّب ، وذلك بواسطة الوجدان والأصل ، أما ما ثبت بالوجدان فهو وجود الرجل ، وأمّا ما ثبت بالأصل ـ وهو الاستصحاب ـ فهو عدم فسق الرجل الثابت من الأزل ، فبواسطة استصحاب العدم الأزلي تنقح الموضوع المركّب من العنوان الوجودي والعنوان العدمي.
ثمّ انّ هذه الفرضيّة لم تقع موردا للإشكال ، وذلك حتى لو لم نقل بإمكان استصحاب عدم الفسق الثابت من الأزل فإنّ بالإمكان استصحاب عدم الفسق الثابت عند ما لم يكن الرجل بالغا ، وبذلك يتنقّح الموضوع المركب بلا ريب ، غايته انّ المستصحب هل هو عدم الفسق الثابت من الأزل أو هو عدم الفسق الثابت عند ما لم يكن الرجل بالغا ، فلا تظهر ثمرة في هذه الفرضيّة بين القائلين باستصحاب العدم الأزلي وبين النافين لهذا الاستصحاب.
الفرضيّة الثانية : ان يفترض انّ الموضوع مركب من معروض وعدم عرضه مع افتراض الملازمة بين وجود المعروض ووجود عرضه وبين عدم العرض وعدم معروضه.
ومثاله ما لو كان الموضوع مركبا من وجود المرأة وعدم كونها قرشيّة ، فإنّ ذلك هو موضوع عدم حيضيّة الدم الذي تراه المرأة بعد الخمسين ، وواضح انّ المرأة لو كانت قرشيّة فإنّ اتّصافها بالقرشيّة ملازم لها من حين وجودها ، فلا يتّفق وجود المرأة أولا ثمّ عروض عنوان القرشيّة عليها ، وحينئذ لو كنا على يقين بعدم المرأة وبالتالي عدم قرشيّتها ثمّ أحرزنا وجود المرأة إلاّ انّه وقع الشك في قرشيتها أي في انتفاء عدم القرشيّة عنها الثابت من الأزل ، فهل يمكن استصحاب عدم القرشيّة وبالتالي يتنقّح الموضوع المركّب من وجود المرأة وعدم كونها قرشيّة أو انّه لا يمكن استصحاب عدم القرشيّة.
وهذا هو محلّ النزاع بين الأعلام ، فبناء على جريان استصحاب العدم الأزلي يمكن تنقيح الموضوع المركّب بواسطة الوجدان والأصل ، فما يثبت بالوجدان هو وجود المرأة ، وما يثبت بالأصل هو عدم اتّصافها بالقرشيّة ، وأمّا مع عدم جريان استصحاب العدم الأزلي فلا سبيل لإحراز الموضوع المركّب بهذه الوسيلة.
والفرق بين هذه الفرضيّة والفرضيّة الاولى انّه في الفرضيّة لو لم نقل بجريان استصحاب العدم الأزلي فإنّه يمكن احراز الموضوع بواسطة استصحاب آخر ، وأما في الفرضيّة الثانية فلا يتمّ احراز الموضوع إلاّ بواسطة استصحاب العدم الأزلي ، ولهذا اختصّ استصحاب العدم الأزلي بهذا الفرض ، وهو ما لو كان العرض ملازما في وجوده لوجود المعروض بحيث لا يكون ثمّة حالة أو زمن يفترض فيها وجود المعروض دون أن يكون العرض موجودا معه ، ولهذا لا تكون لعدم العرض حالة سابقة متيقّنة إلاّ حالة عدم وجود المعروض.
وكيف كان فقد اختلف الأعلام في جريان استصحاب العدم الأزلي بالنحو الذي ذكرناه في الفرض الثاني ، فذهب المحقّق النائيني رحمه الله إلى عدم جريانه وذهب جمع من الأعلام كالشيخ الآخوند والسيّد الخوئي رحمهما الله الى جريانه.
والخلاف بين السيّد الخوئي والمحقّق النائيني رحمهما الله صغروي كما أفاد السيّد الصدر رحمه الله حيث انّهما يتّفقان على عدم امكان جريان استصحاب العدم النعتي لإحراز الموضوع المركب من المعروض وعدم عرضه إذا كان عدم عرضه مأخوذا بنحو العدم النعتي ولم تكن للعدم النعتي حالة سابقة متيقّنة ، فلو كان موضوع عدم حيضيّة الدم الذي تراه المرأة بعد الخمسين هو المرأة المتّصفة بعدم القرشيّة فإنّ استصحاب اتّصاف المرأة بعدم القرشيّة غير ممكن ، وذلك لما ذكرناه في العدم النعتي من انّه منوط بوجود موضوعه في رتبة سابقة على اتّصافه بالعدم النعتي ، فلا يمكن أن يتّصف الموضوع بعدم وصف ما لم يكن موجودا ، ومن هنا يكون اتّصاف المرأة بعدم القرشيّة ليس له حالة سابقة حتى تستصحب ، إذ انّه قبل وجود المرأة لا يمكن اتّصافها بعدم القرشيّة وبعد وجودها نشك في اتّصافها بالقرشيّة أو عدم القرشيّة ، والمفروض انّ الاتّصاف بالقرشيّة لو كان ثابتا لكان ملازما لأول وجودها ، وعليه لا تكون هناك حالة يمكن ان توجد فيها المرأة ولا تكون متّصفة بالقرشيّة أو عدمها.
كما انّ المحقّق النائيني والسيّد الخوئي رحمهما الله يتّفقان على انّه لو كان الموضوع مركبا من جزءين وكان أحدهما معنون بعنوان وجودي والآخر معنون بعنوان عدمي إلاّ انّ المعنون بالعنوان العدمي ليس مأخوذا بنحو يكون صفة ونعتا للعنوان الوجودي بل هو عدم محمولي ، فيكون الموضوع مركبا من عنوانين ليس أحدهما وصفا للآخر وانّما أحدهما واقع بحيال الآخر فهنا لا ريب عند العلمين في امكان احراز الموضوع المركّب بواسطة الوجدان والأصل ، فنحرز العنوان الوجودي بالوجدان كما نحرز العنوان العدمي بالاستصحاب الثابت من الأزل.
فلو كان موضوع عدم حيضيّة الدم الذي تراه المرأة بعد الخمسين هو المرأة وعدم الانتساب لقريش وليس الموضوع هو اتّصاف المرأة بعدم الانتساب لقريش ، وعدم الانتساب لقريش له حالة سابقة متيقّنة فيمكن استصحابه ، وبهذا يكون أحد الجزءين محرزا بالوجدان والآخر وهو عدم الانتساب لقريش ـ وهو العدم المحمولي ـ محرز بالأصل.
فحال هذا الفرض نظير ما لو كان الموضوع المركّب هو وجود زيد وعدم وجود عمرو فإنّ عدم وجود عمرو عدم محمولي له حالة سابقة متيقّنة ، ولهذا يمكن احراز الموضوع المركّب بواسطة الوجدان والاستصحاب بأن نحرز وجود زيد بالوجدان ونحرز عدم وجود عمرو بالاستصحاب الثابت من الأزل.
فالمتحصل انّ العدم المحمولي لو كان هو الجزء الآخر للموضوع المركّب لكان بالإمكان احرازه بواسطة استصحاب العدم الثابت من الأزل بلا ريب.
انّما الخلاف بين المحقّق النائيني والسيّد الخوئي رحمهما الله هو انّ المحقق النائيني رحمه الله يدّعي انّ الموضوع إذا كان مركبا من العرض ومحلّه أي من المعروض وعرضه فلا بدّ أن يكون العرض قد اخذ بنحو النعتيّة لمعروضه ، وهكذا إذا كان الموضوع مركبا من المعروض وعدم عرضه فإنه ظاهر في كون عدم العرض مأخوذا بنحو النعتيّة ، أي بنحو العدم النعتي للمعروض ، فالقرشيّة عرض والمرأة معروضه ، فإذا كان الموضوع مركبا من المرأة وعدم القرشيّة فلا بدّ من أن يكون عدم القرشيّة مأخوذا على انّه نعت للمرأة أي مأخوذ بنحو العدم النعتي ، وإذا كان كذلك فلا يمكن احراز الموضوع بواسطة استصحاب عدم القرشيّة ، لأنّه عدم نعتي ليس له حالة سابقة متيقّنة.
وأمّا السيّد الخوئي رحمه الله فيدعي خلاف ذلك وانّ عدم العرض المأخوذ في الموضوع ظاهر في العدم المحمولي أي بنحو مفاد كان التامة ، وذلك لأنّ أخذ عدم الوصف بنحو النعتيّة يحتاج الى مئونة زائدة وهي خلاف الظاهر.
ومن هنا كان الظاهر عند ما يكون الموضوع مركبا من عنوان وجودي وعنوان عدمي هو انّ العنوان العدمي ليس مأخوذا بنحو النعتيّة للعنوان الوجودي بل هو جزء بحيال الجزء الاول ، كما هو الحال لو كان الموضوع مركبا من جوهر وعدم جوهر آخر.
وعليه لا مانع من احراز موضوع عدم حيضيّة الدم بعد الخمسين بواسطة الوجدان والاستصحاب ، بأن نحرز وجود المرأة وجدانا ونستصحب عدم قرشيّتها ، ولا محذور في ذلك بعد ان كان عدم قرشيتها عدما محموليّا.
هذا هو المقدار الذي نراه مناسبا لوضع الطالب الكريم في الصورة. ثم انّه لو قلنا بجريان الاستصحاب في الأعدام الأزليّة فإنّه يمكن الاستفادة منه في ثلاثة موارد :
المورد الاول : تنقيح موضوع العام المخصّص بمخصّص مشتبه بنحو الشبهة المصداقيّة.
وبيان ذلك : انّه لا ريب في عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة ، فلو ورد عام مفاده « أكرم العلماء إلاّ العالم الاموي » أو ورد دليل منفصل مفاده « لا يجب اكرام العالم الاموي » ، فلو سلمنا انّ ذلك يوجب تقييد العام بعنوان عدمي ، فيكون حاصل موضوع حكم العام هو العالم غير الاموي ، فهنا لو أحرزنا انّ زيدا عالم غير اموي فلا ريب في دخوله تحت حكم العام ، أمّا لو وقع الشك في انّ زيدا العالم هل هو اموي فيكون داخلا تحت المخصّص أو انّه غير اموي فيكون داخلا تحت العام ، فهنا لا ريب في عدم جواز التمسّك بالعام لإدخال زيد تحت حكم العام إلاّ انّه يمكن اثبات انّ زيدا من أفراد العام بواسطة استصحاب عدم كونه امويا ، بمعنى ان نحرز موضوع العام المركب بواسطة الوجدان والاستصحاب ، فإحراز عالميّة زيد يثبت بالوجدان واحراز عدم امويّته يثبت بواسطة استصحاب العدم الأزلي ، وبذلك يتنقّح انّ زيدا موضوع لحكم العام.
المورد الثاني : هو تنقيح انّ هذا الفرد المشتبه ليس موضوعا للخاص لو افترضنا انّ حكم الخاص كان إلزاميا ولم يكن من الممكن احراز انّ هذا الفرد موضوع للعام.
مثلا : لو ورد عام مفاده « أكرم العلماء » و « يحرم عليك اكرام العالم الاموي » واشتبه الحال في شأن زيد فلو افترضنا اننا لم نحرز عالميّة زيد ، فهنا لا يكون استصحاب عدم أمويّته نافعا في تنقيح انّه من أفراد العام إلاّ انّ استصحاب عدم امويّة زيد الثابت من الأزل ينفع لنفي حرمة الإكرام ، لأنّ المفترض انّ الذي يحرم اكرامه انّما هو العالم الاموي ، وبواسطة استصحاب عدم امويّة زيد ينتفي كونه موضوعا لحكم الخاص ، فلا يكون مشمولا لحرمة الإكرام.
المورد الثالث : ان لا يفترض ثمّة عام مخصّص بمخصّص مشتبه بنحو الشبهة المصداقيّة بل انّ هناك حكما مجعولا على موضوع ، هذا الموضوع مسبوق بالعدم الأزلي ، فهنا نتوسل باستصحاب العدم الأزلي لنفي الموضوع ، وعندئذ ينتفي الحكم المرتّب عليه.
ومثاله : ما لو قال المولى : « لا تتزوج المرأة النبطيّة » فلو شككنا في نبطيّة هذه المرأة فإنّ بالإمكان نفي نبطيّتها بواسطة استصحاب العدم الأزلي ، وعليه ينتفي الحكم المرتب على ذلك العنوان.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|