المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06
كيفية تقسم الخمس
2024-11-06
إجراءات الاستعانة بالخبير
2024-11-06
آثار رأي الخبير
2024-11-06

Dyson,s Conjecture
22-8-2019
خطوط التوجيه العامة لتقديم المطالبة من أجل تعويض الخسائر
2023-04-23
حد الفرزدق يحرر البنات
2-2-2018
نيران الظلم المحرقة
11/9/2022
أبو الأجرب الكلابي
10-2-2016
Binarity, or binarism
2023-06-14


الدوبيت  
  
186   11:56 صباحاً   التاريخ: 9-9-2016
المؤلف : ناظم رشيد
الكتاب أو المصدر : في أدب العصور المتأخرة
الجزء والصفحة : ص46-49
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصور المتأخرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016 187
التاريخ: 9-9-2016 112
التاريخ: 9-9-2016 67
التاريخ: 9-9-2016 118

الدوبيت لفظ فارسي معناه (البيتان)، وهو قالب شعري ظهر في المشرق مثل ظهور الموشح في الأندلس والمغرب. وقد سماه العرب باسم (الرباعي) لأنه مؤلف من أربعة مصاريع، وسموا الواحدة منه رباعية، يراعى في الأول والثاني والرابع منها على الأقل قافية واحدة، ووزن الدوبيت هو:

فعلن متفاعلن فعولن فعلن       فعلن متفاعلن فعولن فعلن

ويطرأ على هذا الوزن زحافات كثيرة، ويتميز الدوبيت من غيره لتحليه بقواعد الاعراب وموازين الصرف.

و الدوبيت – كما يقول الدكتور مصطفى جواد (1) – من أوزان الشعر وفنونه الجميلة، وإن مخترعه أبو عبدالله جعفر بن محمد بن حكيم بن عبد الرحمن بن آدم الشاعر الفارسي السمرقندي الروذكي، منسوب الى روذك من نواحي سمرقند المتوفى سنة 329هـ. وتبعه شعراء كثيرون، وذاعت شهرة بعضهم، أمثال عمر الخيام (ت قبل سنة 530هـ) وأوحد الدين المعروف بالأنوري (ت 587 هـ)، وعبد الرحمن الجامي (ت 898هـ).

وانتقل الدوبيت الى العراق والشام والبلاد العربية الأخرى، وقد ذكر مصطفى صادق الرافعي (2): (ان هذا النوع – أي الدوبيت – لم يكن في العربية قبل القرن السابع)، وحجته في ذلك قوله: (لأننا لم نجده في شعر أحد قبل ذلك الزمن، ولا وجدنا اشارة اليه، ولم نجد للشعراء ولعلا به الا في أواخر تلك المئة وما بعدها). وهذا القول بجانب الصواب، حيث أحصى الدكتور كامل مصطفى الشبيبي نيفاً وعشرين شاعراً من القرنين الخامس والسادس نظموا في الدوبيت (3).

أما الدكتور ابراهيم انيس فيقول (4): (الحق ان هذا الوزن لم يشع شيوعاً كافياً في اللغة العربية حتى يصبح مألوفاً بين الناس، بل لم يرو أن شاعراً مشهوراً قد اختصه بنصيب وافر من شعره، ولهذا لم ترو له الا مقطوعات قصيرة قليلة، وأغلب الظن ان الناظمين قد حاولوها للتفكه واظهار البراعة والمهارة في النظم من أي وزن، حتى ولو كان أجنبياً عن أوزان الشعر العربي) وهذا القول غير دقيق، ومن يرجع الى ديوان (الدوبيت) الذي جمعه الدكتور كامل مصطفى الشيبي يجد عدداً ضخماً للدوبيتات ولشعراء معروفين أمثال شهاب الدين السهروردي، والعماد الأصبهاني، وابن النبيه المصري، وفتيان الشاغوري، وحسام الدين الحاجري، وابن مطروح، والبهاء زهير، وشهاب الدين التلعفري، والشاب الظرف، وابن دقيق العيد، وابن الوردي وصفي الدين الحلي، وابن حجة الحموي، وبهاء الدين العاملي...

وكان الدوبيت وعاء لعدد من أغراض الشعر، فان العماد الأصبهاني (ت 597هـ) نظم ديوان شعر صغيراً لنور الدين محمود جمعية دوبيتات في معنى الجهاد وصلت الينا منه نماذج قليلة مثل قوله (5):

أقسمت سوى الجهاد مالي أرب       والراحة في سواه عندي تعب

إلا بالجد لا ينال الطلب       والعيش بلا جد جهاد لعب

وله أيضاً دوبيتات على الحروف أغلبها في الغزل وصلت إلينا كاملة (6).

ونظم فتيان الشاغوري (ت 615هـ) ديواناً خاصاً في الدوبيت رآه ابن خلكان ونقل منه قوله (7):

الورد بوجنتيك زاه زاهر       والسحر بمقلتيكم واف وافر

والعاشق في هواك ساه ساهر     يرجو ويخاف، فهو شاك شاكر

وللقاضي نظام الدين محمد بن اسحاق الاصبهاني (ت 680 هـ) ديوان بعنوان (نخبة الشارب وعجالة الراكب) فيه خمسمائة دوبيت، منه قوله: (8)

قالوا: أفضحت غادة تهواها      ما عذرك في افتضاح من تهواها؟

ما الحيلة؟ ردع طيبها يفضحني       كالوردة تصحب الصبا رياها!

وكان للغزل، ودواعي الغرام، ولواعج الصبابة والهيام، نصيب كبير من هذا اللون من النظم، مثل قول الشاب الظريف (ت 688هـ):

قاسيت بك الغرام والهجر سنين     ما بين بكاء وأنين وحنين

أرضيك وما تزاد إلا غضباً      الله – كما أبلى بك القلب – يعين (9)

وقوله:

ما ناح حمام الأيك في الأغصان     إلا وتزايدت بكم أشجاني

عودوا لمعنى هجركم أسقمه       فالصب بكم مضني كئيب عاني (10)

ومن جميل ما نظم محمد بن محمد بن أحمد الكندي القوصي (ت 724هـ) وقوله:

يا غاية منيتي ويا مقصودي    قد صرت من السقام كالمفقود

ان كان بدت مني ذنوب سلفت      هبها لكريم عفوك المعهود (11)

واشتهر صفي الدين الحلي (ت 750هـ) بنظم الدوبيت، وله كتاب مطبوع بعنوان (العاطل الحالي والمرخص الغالي) عني فيه بفنون الشعر المستحدثة. ومن دوبيتاته اللطيفة:

هل تعلم ما تقوله الأطيار      في الدوح إذا ما مالت بها الأشجار

ما العيشة الا ساعة ذاهبة      لا تبخل ان سخت بها الأقدار (12)

وكان للمتصوفة المتأخرين حظ وافر من نظام الدوبيتات، منهم أبو عبد الله محمد بن علي اليمني (ت 932هـ)، قال:

تغريد الورق في الدجى أرقني       لما باتت تشدو بأعلى الفنن

مالي سكن أشكو اليه شجني       حسبي ربي إن رمت شكوى الحزن (13)

وقال فضولي البغدادي (ت 923هـ):

الحمد لمن أنار قلبي وهدى      والشكر لما فيه من الشوق بدا

ما أمدح واهباً سواه أبداً       لا أشرك في ثناء ربي أحدا (14)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرباعيات في الأدب العربي، مجلة الغري، العدد 15 لسنة 1944 ، ص879 – 882.

(2) تاريخ آداب العرب 3 : 172.

(3)ديوان الدوبيت في الشعر العربي ص 137 – 201.

(4) موسيقى الشعر ص217

(5) ديوان عماد الدين الأصبهاني ص76.

(6) نفسه ص 459 – 474

(7)وفيات الأعيان 2644.

(8) ديوان الدوبيت في الشعر العربي ص 299.

(9) ديوان الشاب الظريف ص 280.

(10) نفسه ص 275.

(11) الطالع السعيد ص 622.

(12)ديوان صفي الدين الحي ص 550.

(13)النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص 187.

(14)كليات ديوان فضولي ص 238.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.