أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-9-2016
516
التاريخ: 4-9-2016
610
التاريخ: 10-8-2016
942
التاريخ: 10-8-2016
480
|
قد جرى ديدن العلماء في مقدّمة الكتاب على التعرض لأُمور أربعة:
1. تعريف العلم، 2. بيان موضوعه، 3. الإلماع إلى مسائله، 4. والإشارة إلى غايته.
أمّا الأوّل: فقد عُرّف علم الأُصول بتعاريف أدقّها هي:
«القواعد الآليّة التي يمكن أن تقع كبرى لاستنباط الأحكام الكلية الفرعية الإلهية، أو الوظيفة العملية».
والمراد بـ«القواعد الآلية» هو ما ينظر بها إلى الحكم الشرعي وتكون ذريعة إلى استنباطه، فخرجت القواعد الفقهية، فانّها تتضمن نفس الحكم الشرعي، ولا ينظر بها إلى حكم شرعي آخر بل هي ممّا ينظر فيها.(1)
كما أنّه دخل بقولنا: «يمكن» الظنون غير المعتبرة كالقياس والاستحسان والظن الانسدادي، فإنّ الجميع قواعد أُصولية تصلح لأن تقع في طريق الاستنباط، لكن أحجم الشارع عن إعمالها.
وخرج بقولنا: «تقع كبرى» مسائلُ سائر العلوم التي ليس لها هذا الشأن.
كما دخل بقولنا : «الوظيفة العملية» ما إذا انتهى المجتهد إلى استنباط الوظيفة الفعلية، لا استنباط الحكم الشرعي، كما هو الحال في حكم العقل بالبراءة عند الشكّ في أصل التكليف، وحكمه بالاحتياط عند العلم بالتكليف والشكّ في المكلّف به فكلا الحكمين، أعني: البراءة والاحتياط في الموردين وظيفة عملية لدى الشكّ، لا حكم شرعيّ.
بقي في المقام علم اللغة الذي ربما يقع في طريق الاستنباط كالعلم بمعنى «الصعيد» و«المفازة» و «الوطن»، فربما يقال: إنّه يخرج بقيد الآليّة، فإنّه ليس آلة للاستنباط وإن كان ربما يترتب عليه فانّ الغاية من علم اللغة أوسع من ذلك بكثير.
ويمكن أن يقال بعدم دخوله في التعريف حتّى يحتاج إلى الخروج إذ ليس في علم اللغة «قواعد» كلّية بل هو علم كافل لبيان معاني المفردات، ولا يوصف مثل ذلك بالقواعد.
وبما انّ مضامين سائر القيود المأخوذة في التعريف واضحة نترك البحث فيها روماً للاختصار.
وأمّا الثّاني: فقد اختلفت كلمة الأُصوليّين في بيان موضوع ذلك العلم، والنظر الحاسم عندنا هو انّ موضوعه: «الحجّة في الفقه».
فنقول إيضاحاً: قد اشتهر بينهم انّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية.
فالشيء الذي يبحث في العلم عن خصائصه وآثاره المطلوبة منه، هو الموضوع، والخصائص والآثار المترتبة على ذلك الشيء هي العوارض وإليك بعض الأمثلة:
1.انّ موضوع علم الطب هو البدن، والخصائص والآثار المطلوبة منه هي عوارضه من الصحة والمرض.
2. انّ موضوع علم النحو هو الكلمة والكلام، والآثار المترتبة عليه من الرفع والنصب والجر هي العوارض المترتبة عليها.
3. انّ موضوع العلم الطبيعي هو الجسم والآثار المترتبة عليه، أعني: الحركة والسكون، والحرارة والبرودة وغيرهما هي العوارض الطارئة عليه. إلى غير ذلك من العلوم.
وعلى ضوء ذلك فعلم الأُصول كسائر العلوم له موضوع، وموضوعه هو الحجّة في الفقه، ويمكن استكشاف ذلك(كون موضوعه هو الحجّة في الفقه) من امعان النظر في الغرض المطلوب من ذلك العلم، فانّ الغاية القصوى للفقيه هو معرفة الحجج الشرعية أو العقلية سواء أكانت حجّة شرعية للحكم الشرعي أم حجّة للوظيفة العملية كما في مورد الأُصول فيصبح موضوع ذلك العلم هو الحجّة في الفقه.
وأمّا عوارضه أي الخصائص والآثار المترتبة عليه فهي عبارة عن البحث عن تفاصيلها وحدودها وخصوصياتها، حيث إنّ الفقيه يعلم بوجود حجّة بينه و بين ربّه لكن لا يعلم بخصوصياتها على وجه التفصيل فيبحث عن تشخّص «الحجّة في الفقه» بخبر الواحد أو بالشهرة أو بالإجماع أو بالسيرة أو بالأُصول العملية، فتعيناتها وخصوصياتها هي عوارضها، والبحث فيها يتكفله علم الأُصول.
وبالجملة العلم بالحجّة الإجمالية بيننا وبين ربّنا لا يُسمن ولا يغني من جوع ما لم تُعلم حدودها وتعيّناتها، فالعلم الذي يقوم بهذه المهمّة هو علم الأُصول حيث يُحدِّد ويعيِّن حدودَ ذلك الموضوع وخصوصياته وتعيّناته بإحدى الحجج ، كما أنّه ربما ينفي تعيّنها وتحددها بأُمور أُخرى كالقياس والاستحسان.
فتلخص من ذلك انّ الموضوع هو «الحجّة في الفقه» بوجه مطلق غير متعيّن الحدود والخصوصيات، وأمّا العوارض فهي ما يُخرج الموضوع عن الإطلاق ويحدده ويقيده بإحدى الخصوصيات.
وأنت إذا تفحّصت المسائل الأُصولية تقف على أنّ روح البحث في جميعها يرجع إلى تعيين الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف العملية، وما من مسألة من المسائل الأُصولية إلاّ ويحتج بها على أحد الأمرين بنحو من الاحتجاج.
وأمّا الثالث أعني مسائله فقد تبين ممّا ذكرنا، فإنّها عبارة عن المحمولات (العوارض) التي تعرض للموضوع أي الحجّة في الفقه على وجه الإطلاق، فالخصوصيات المحمولة على الموضوع من كونها خبر الواحد أو الاستصحاب أو غير ذلك هي مسائل ذلك العلم.(2)
وإن شئت قلت: انّ الحجّة في الفقه بوصف الإطلاق هي الموضوع، وتعيناتها وتشخصاتها بإحدى الخصوصيات هي المسألة.
وأمّا الرابع أعني غايته فقد تبين ممّا ذكرنا فانّ غاية ذلك العلم هي تحصيل ملكة استنباط الحجج على الأحكام أو الوظيفة العمليّة.
____________________
1. والأوّل كقولنا: خبر الواحد حجّة، فيقع ذريعة لاستنباط الحكم الشرعي بخبر زرارة على وجوب شيء أو حرمته.
والثاني كقولنا: كلّ شيء طاهر حتّى تعلم انّه قذر وهو يتضمن نفس الحكم الشرعي وسيوافيك التفصيل في الأمر الثاني.
2. فانّ الحق انّ المسائل عبارة عن نفس المحمولات المنتسبة إلى موضوعاتها في مقابل من يقول بانّها عبارة عن المركب من الموضوع والمحمول والنسبة. والتفصيل موكول إلى محلّه
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|