أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
1677
التاريخ: 3-7-2015
1277
التاريخ: 25-10-2014
1520
التاريخ: 5-08-2015
1382
|
إِنَّ من صفاته سبحانه السَّمع والبصر ، وإنَّ من أَسمائه السَّميع البصير ، وقد ورد هذان الوصفان في الشريعة الإِسلامية الحقّة ، وتواتر وصفه سبحانه بكونه سميعاً بصيراً في الكتاب والسنة. ولكنهم اختلفوا في حقيقة ذينك الوصفين على أَقوال أَبرزها :
1 ـ إِنَّ سمعَهُ و بصرَهُ سبحانه ليسا و صفين يغايران وصف العلم ، بل هما من شُعَب علمه بالمسموعات والمُبْصَرات ، فلأَجل علمه بهما صار يطلق عليه أنَّه سميعٌ بصير.
2 ـ إِنَّهما وصفان حسّيان ، و إِدراكان نظير الموجود في الإِنسان.
3 ـ إِنَّ السَّمع و البَصَر يغايران مطلق العلم مفهوماً ، ولكنهما علمان مخصوصان وراء علمه المطلق من دون تكثر في الذات و من دون أن يستلزم ذلك التوصيف تجسماً ، و ما هذا إلاّ حضور الهُوِيّات المسموعة و المُبْصَرة عنده سبحانه. فشهود المسموعات سمع ، و شهود المبصرات بصر، و هو غير علمه المطلق بالأشياء العامة ، غير المسموعة و المبصَرَة (1).
إذا تعرَّفتَ على الأقوال نذكر مقدمة و هي :
إنّ السَّماع في الإِنسان يتحقق بأجهزة و أدوات طبيعية و ذلك بوصول الأَمواج الصّوتية إِلى الصَّماخ ، و منها إلى الدماغ المادىّ ثم تدركه النفس.
غير أَنَّه يجب التركيز على نكتة و هي : إِنَّ وجود هذه الأدوات المادية هل هو من لوازم تحقق الإِبصار و السَّماع في مرتبة خاصة كالحيوان و الإِنسان ، أَوْ أَنَّه دخيل في حقيقتها بصورة عامة؟ لا شك أَنَّ هذه الآلات و الأدوات التي شرحها العلم بمشراطه إِنَّما هي من خصوصيات الإِنسان المادي الذي لا يمكنه أن يقوم بعملية الإِستماع والإِبصار بدونها. فلو فرض لموجود أَنه يصل إلى ما يصل إِليه الإِنسان من دون هذه الأَدوات فهو أَولى بأَن يكون سميعاً بصيراً ، لأن الغاية المتوخاة من السَّماع و الإِبصار هي حضور الأَمواج و الصُوَر عند النفس المدرِكة ، فلو كانت الامواج و الصور حاضرة عند موجود بلا إعمال عمل فيزيائي أو كيميائي فهو سميع بصير أيضاً لتحقق الغاية بنحو أَتم و أَعلى.
وقد ثبت عند البحث عن مراتب علمه أَنَّ جميع العوالم الإِمكانية حاضرة لديه سبحانه ، فالأشياء على الاطلاق ، و المسموعات والمبصرات خصوصاً ، أفعالُه سبحانه ، و في الوقت نفسه علمه تعالى ، فالعالم بجواهره و أَعراضه حاضر لدى ذاته وعلى هذا فعلمه بالمسموع كاف في توصيفه بأَنه سميع كما أنَّ علمه بالمبصر كاف في توصيفه بأنه بصير.
نعم ليس علمه بالمسموعات أَوْ المُبْصَرات مثل علمه سبحانه بالكليات ، و بذلك تقف على الفرق بين القول الأَول و الثالث.
إجابة عن سؤال :
إِذا كان حضور المسموعات و المبصرات لديه سبحانه مصحّحاً لتوصيفه بالسميع و البصير فليكن هذا بعينه مصححاً لتوصيفه بأَنَّه لا مس ذائق شامّ؟
والإِجابة عن هذا السؤال واضحة بعد الوقوف على أَنَّ أَسماءه سبحانه توقيفية و ذلك أَنَّ المشمومات و المذوقات و الملموسات حاضرة لديه سبحانه كحضور المسموعات و المبصرات. كيف ، والوجود الإِمكاني بعامة مراتبه قائم به سبحانه ، و هو الحي القيوم أي القائم بنفسه و المقوِّم لغيره. و على ذلك لا فرق من حيث المِلاك و المصحّح ، لكن لما كان القول بتوقيفية أسمائه تعالى لسدّ باب الهرج و المرج في تعريفه سبحانه لم يصح إطلاق اللامس و الذَّائق و الشامّ عليه.
« السميع » و « البصير » في الكتاب و السنَّة :
إِنَّه سبحانه وصف نفسه بالسميع و البصير ، فقد جاء الأول 41 مرة والثاني 42 مرة في الكتاب العزيز.
ومن الغايات التي يرشد إليها الذكر الحكيم في مقام التوصيف بهما هو إيقاف الإِنسان على أنَّ ربه سميع يسمع ما يتلفظه من كلام ، بصير يرى كل عمل يصدر منه فيحاسبه يوماً حسب ما سمعه ورآه. يقول سبحانه : {أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224] و يقوله سبحانه : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] و يقول سبحانه : {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4] و يقول سبحانه : {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [المجادلة: 1].
وقال الإِمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : « و البَصيرُ لا بِتَفْريقِ آلة ، و الشاهِدُ لا بِمُماسّة» (2).
وقال ( عليه السَّلام ) : « مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَه ، وَ من سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ » (3).
وقال الإِمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) : « لم يَزَل الله تَعالى عَليماً قادراً حيَّاً قَديماً سَميعاً بَصيراً » (4).
وقال الإِمام جعفر الصادق ( عليه السَّلام ) : « هو تعالى سميعٌ بصيرٌ ، سَميعٌ بغيرِ جارِحَة ، و بصيرٌ بغير آلة ، بل يَسْمَع بِنَفْسِهِ وَ يُبصِر بنفسِه » (5).
وقال الإِمام محمد الباقر ( عليه السَّلام ) : « إِنَّه سَميعٌ بَصيرٌ ، يَسْمَعُ بما يُبْصِر ، وَ يُبْصِرُ بما يَسْمَع» (6).
والحديث الأَخير يشير إِلى اتحاد صفاته سبحانه مع ذاته. و اتحاد بعضها مع البعض الآخر في مقام الذات. فليست حقيقة السَّمع في ذاته سبحانه غيرَ حقيقة البصر ، بل هو يَسْمَعُ بالذي يُبْصِر وَ يُبْصِر بالذي يَسْمَع ، فذاته سمعٌ كلُّها و بصرٌ كلُّها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الاسفار ، ج 6 ، ص 421 ـ 423.
2 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 155.
3 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 182.
4 ـ توحيد الصدوق ، 140.
5 ـ توحيد الصدوق ، 144.
6 ـ المصدر السابق.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|