المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تعريف بعدد من الكتب / العلل للفضل بن شاذان.
2024-04-25
تعريف بعدد من الكتب / رجال النجاشي.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثالث عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثاني عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الحادي عشر.
2024-04-25
التفريخ في السمان
2024-04-25

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الواجب التخييري  
  
2585   08:46 صباحاً   التاريخ: 30-8-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 1 ص 476.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016 1301
التاريخ: 29-8-2016 1213
التاريخ: 1-9-2016 958
التاريخ: 5-8-2016 1033

لا إشكال في أصل وجود الواجب التخييري في القوانين الشرعيّة والعقلائيّة نظير التخيير في باب الكفّارات بين اطعام الستّين مسكيناً أو كسوتهم أو تحرير الرقبة، وفي باب الديّات بين الاُمور الستّة المعروفة وفي باب الصّلاة بين الحمد والتسبيحات الأربعة في الركعة الثالثة والرابعة، وفي القوانين العقلائيّة نظير التخيير بين المجازاة بالمال والمجازاة بالحبس، وعند الموالي العرفيّة نظير قول المولى لعبده: «أشتر من هذا السوق أو من ذاك».

إنّما الإشكال في بيان حقيقته وتوجيه ماهيّته، وقد توجّهت من جانب المحقّقين عدّة إشكالات وعويصات لا بدّ من حلّها.

أحدها: أنّ الواجب التخييري إن كان واجباً من الواجبات فكيف يجوز تركه؟

ثانيهما: أنّه كيف يمكن تعلّق الإرادة التشريعيّة بعنوان أحدهما اللامعيّن مع عدم إمكان تعلّق الإرادة التكوينيّة به؟

ثالثها: قضيّة تعدّد العقاب ووحدته إذا ترك كلّ واحد من الأطراف، أو تعدّد الثواب ووحدته إذا أتى بجميع الأطراف.

فما هو التصوير الصحيح عن الواجب التخييري بحيث يمكن ارتفاع هذه الشبهات والتخلّص عنها؟

فنقول: قد ذكر في مقام تصويره وجوه عديدة:

منها: أن يكون الواجب حقيقة هو الفرد المردّد، وهذا هو مختار المحقّق النائيني (رحمه الله).

ومنها: أن يكون المأمور به هو الجامع الانتزاعي، وهو عنوان أحدهما الكلّي، وهذا ما اختاره في المحاضرات وهو الأقوى.

ومنها: أن يكون المأمور به جامعاً حقيقيّاً بين الأفراد، أي كان للأفراد قدراً مشتركاً واقعيّاً يراه الشارع فقط فيأمر به ولا يراه المكلّف، فهو نظير الحرارة التي تكون مشتركاً خارجاً وحقيقة بين الشمس والنار، وقدراً جامعاً حقيقيّاً بينهما، وهذا ممّا لم نعرف له قائلا مشخّصاً.

ومنها: أن يكون كلّ واحد من الطرفين (أو الأطراف) واجباً مشروطاً بعدم إتيان الآخر، وهذا ما يستفاد من بعض كلمات المحقّق الإصفهاني(رحمه الله).

ومنها: أن يكون لكلّ واحد من الأطراف نوع خاصّ من الوجوب إجمالا يمتاز عن الوجوب في الواجب التعييني، وهذا هو ظاهر كلام السيّد اليزدي(رحمه الله) في حاشيته على المكاسب في مباحث البيع الفاسد.

ومنها: أن يكون الواجب طرفاً معيّناً من الأطراف عند الله تبارك وتعالى، وهو نفس ما يختاره المكلّف في مقام الامتثال، وحيث إنّ الله تعالى كان عالماً بمختار المكلّف أوجب عليه خصوص ذلك الفرد، وقد نسب هذا القول إلى الأشاعرة، وقيل أنّ كلا من الأشاعرة والمعتزلة نسب هذا الوجه إلى صاحبه لسخافته.

ومنها: التفصيل الذي أفاده المحقّق الخراساني في الكفاية بين ما إذا كان هناك غرض واحد قائم بكلا الطرفين (أو بكلّ واحد من الأطراف) فيكون الواجب هو القدر الجامع الحقيقي بينهما ويكون التخيير عقليّاً، وبين ما إذا كان في البين غرضان يقوم بكلّ واحد منهما واحد من الطرفين، فيكون الواجب حينئذ كلّ واحد من الطرفين (أو الأطراف) على نحو من الوجوب ويكون التخيير حينئذ شرعيّاً.

إذا عرفت الأقوال المختلفة والوجوه العديدة في المسألة فنقول: لا بدّ من طرح البحث في مقامين: مقام الثبوت ومقام الإثبات (وقد وقع الخلط بينهما في بيان المحاضرات).

أمّا مقام الثبوت: فالأولى في حلّ الإشكال في هذا المقام هو الرجوع إلى الواجبات التخييريّة الموجودة عند العرف وتحليل ما يوجد في الأشياء الخارجيّة من المصالح.

فنقول: أنّ المصالح الموجودة في الأشياء تتصوّر على صور أربعة: فتارةً: تقوم المصلحة بشيء لا يقوم مقامه شيء آخر كما إذا كان الوصول إلى مقصد متوقّفاً على طيّ طريق خاصّ ولم يوجد طريق آخر إليه، أو انحصر علاج مرض بدواء خاصّ.

واُخرى: تقوم مصلحة واحدة بأمرين مختلفين، فيكون مثلا لمرض خاصّ طريقان من العلاج، ويقوم أحدهما مقام الآخر كما أنّه يتّفق كثيراً مّا في الخارج عند العرف والعقلاء فيقال: هذا مشابه لذاك.

وثالثة: توجد هناك مصلحتان مختلفتان يقوم كلّ واحدة منهما بطريق يخصّه، فيمكن استيفاء مصلحة كلّ منهما بطريقه الخاصّ به، فلا يقوم أحدهما مقام الآخر بل أحدهما يوجب اعدام أثر الآخر كدوائين مختلفين يؤثّران في علاج مرضين مختلفين لا يمكن الجمع بينهما.

ورابعة: توجد هناك مصلحتان متلائمان لا تباين ولا تضادّ بينهما في التأثير بل أحدهما يقوم مقام الآخر، ولكن لا يقدر المكلّف على الجمع بينهما في زمان واحد كإنقاذ الغريقين.

لا إشكال في أنّ الواجب في الصورة الاُولى واجب تعييني وهو واضح، كما لا إشكال في أنّ الواجب في الصورة الثانيّة إنّما هو القدر الجامع الحقيقي بين الأمرين، أي الواجب واحد ولكن له مصداقان يوجب تخيير الإنسان عقلا.

وأمّا الصورة الثالثة والرابعة (اللتان يكون التضادّ في أحدهما من جانب ذاتي الشيئين وفي الآخر من جانب المكلّف وعدم قدرته على الجمع بينهما في مقام الامتثال) فيكون التخيير فيهما مولويّاً ويكون متعلّق الطلب عنوان أحدهما، أي الجامع الانتزاعي، لأنّ المفروض أنّه ليس في البين جامع حقيقي حتّى يكون هو متعلّق الغرض والطلب، بل يكون الغرض قائماً بأحدهما، فليكن الطلب أيضاً متعلّقاً بعنوان أحدهما الذي يكون عنواناً مشيراً إلى أحد الفردين في الخارج ـ وهذا هو الوجه الثاني أو القول الثاني من الوجوه المذكورة آنفاً.

أمّا الوجه الأوّل: وهو أن يكون الواجب الفرد المردّد.

ففيه: أنّ الفرد المردّد لا يكون كلّياً يمكن انطباقه على كلّ واحد من الفردين بل إنّه جزئي حقيقي يتصوّر فيما إذا تعلّق الحكم بفرد معيّن خاصّ ولكنّه تردّد بين الفردين بحصول جهل أو نسيان، وأمّا في المقام فلم يتعلّق الطلب بفرد معيّن، بل المتعلّق فيه كلّي «أحدهما» الذي ينطبق على كلّ من الطرفين على حدّ سواء.

إن قلت: إذا علم بنجاسة أحد الإنائين، ثمّ عرض له النسيان ثمّ انكشف له كون كلّ واحد منهما نجساً في الواقع، فلا إشكال حينئذ في تعلّق علم الإنسان بالفرد المردّد مع عدم تعيّنه في الخارج، فلا منافاة بين أن يكون متعلّق العلم الإجمالي الفرد المردّد وبين عدم تعيّنه في الخارج،

وإذا أمكن هذا في الصفات الحقيقيّة كالنجاسة والطهارة أمكن في الاُمور الاعتباريّة بطريق أولى، فيمكن أن يتعلّق التكليف بالفرد المردّد بين الشيئين مع عدم تعيّنه في الخارج(1).

قلنا: إنّ متعلّق العلم الإجمالي في المثال المزبور أيضاً متعيّن في الواقع وفي علم الله تعالى، لأنّ ما علم المكلّف بنجاسته كان إناءً خاصّاً معيّناً وحصل العلم فيه بطريق خاصّ كالرؤية بالبصر مثلا، ولا إشكال في أنّ متعلّق هذا الطريق ـ أي المرئيّ بالبصر ـ شيء معيّن خاصّ، فقياس ما نحن فيه بمثل هذه الموارد قياس مع الفارق.

هذا ـ مضافاً إلى أنّ قوام الفرديّة بالتعيين والتشخّص، أي يكون الفرد جزئيّاً حقيقيّاً وإلاّ لا يكون فرداً، وهذا لا ربط له بالواجب التخييري الذي يكون المتعلّق فيه كلّياً وهو عنوان «أحدهما».

وأمّا الوجه الثالث: وهو أن يكون الواجب هو القدر الجامع الحقيقي.

ففيه: أنّ لازمه إنكار التخييري الشرعي وإرجاع جميع الواجبات التخييريّة إلى التخيير العقلي، لأنّ لازم كون الواجب هو القدر الجامع الحقيقي في جميع الموارد وجود جامع حقيقي فيها، ومع وجوده يكون التخيير بين الأطراف هو التخيير بين مصاديق كلّي واحد كالصّلاة بالنسبة إلى أفرادها الكثيرة من حيث الزمان أو المكان، ولا إشكال في أنّ تخيير المكلّف بين مصاديق الصّلاة، أي تخييره بين أن يأتي بها في هذا المكان أو ذاك المكان، أو تخييره بين أن يأتي بها في هذه الساعة أو تلك الساعة، تخيير عقلي، مع أنّ محلّ البحث إنّما هو الواجبات التخييريّة الشرعيّة أو المولويّة الموجودة في القوانين العقلائيّة أو في لسان الشرع.

وأمّا الوجه الرابع: وهو أن يكون وجوب كلّ واحد من الطرفين مشروطاً بترك الآخر ـ ففيه أنّه يستلزم تعدّد العقاب في صورة ترك كلا الطرفين، لأنّ ترك كلّ واحد منهما يوجب تحقّق شرط وجوب الآخر، فيصير وجوب كلّ منهما فعلياً، ويكون لازم ترك كليهما ترك الواجبين وتحقّق معصيتين، ولازمه تعدّد العقاب، مع أنّه لا نظنّ أن يلتزم به أحد.

وأمّا القول الخامس: وهو أن يكون الواجب كلاّ من الطرفين ولكن بنوع من الوجوب غير الوجوب التعييني، وهو بمعنى جواز تركه إلى بدله.

ففيه: أنّ الوجدان حاكم على أنّ للوجوب نحواً واحداً لا أنحاء مختلفة لأنّه بمعنى البعث تشريعاً كالبعث التكويني، ولا إشكال في أنّ البعث التكويني لا يتصوّر له أنحاء مختلفة، إنّما الفرق في المتعلّق، فإنّ المتعلّق في الواجب التعييني هو أحدهما المعيّن وفي الواجب التخييري أحدهما اللامعيّن.

وأمّا القول السادس: وهو أن يكون الواجب ما يختاره المكلّف وما يكون معيّناً عند الله تعالى ـ ففيه أنّه أسوأ حالا من سائر الأقوال، ولذلك قد تبرّأ منه كلّ من الأشاعرة والمعتزلة ونسبه إلى صاحبه، وذلك لأنّ مقام الامتثال واختيار المكلّف وانبعاثه متأخّر رتبة عن مقام البعث والإيجاب، فكيف يتقدّم عليه ويكون جزءً لموضوعه؟

هذا ـ مضافاً إلى أنّ لازمه كون إرادة الله تابعة لإرادة المكلّف واختياره ـ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ـ .

وأمّا القول السابع: وهو تفصيل المحقّق الخراساني(رحمه الله) فقد ظهر الجواب عنه ممّا مرّ في الجواب عن القول الخامس، لأنّ لازمه أيضاً أن يكون للوجوب أنحاء مختلفة، حيث إنّ الواجب عنده ـ فيما إذا كان لكلّ واحد من الطرفين غرض على حدة لا يقوم أحدهما مقام الآخر ـ هو كلّ واحد من الطرفين بنحو من الوجوب، ولازمه أن يكون للواجب التخييري نحو من الوجوب غير الوجوب التعييني.

هذا ـ مضافاً إلى وقوع الخلط في كلامه (رحمه الله) بين التخيير العقلي والتخيير الشرعي، فإنّ محلّ الكلام في المقام إنّما هو تبيين حقيقة التخيير الشرعي، أي ما إذا كان متعلّق الخطاب أحد الشيئين أو أحد الأشياء كما صرّح به في صدر كلامه، فجعل المقسم في تقسيمه وتفصيله ما «إذا تعلّق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء» مع أن متعلّق الأمر في التخيير العقلي شيء واحد، وهو القدر الجامع الحقيقي بين الأطراف.

هذا كلّه بالنسبة إلى مقام الثبوت.

وأمّا مقام الإثبات: فلا إشكال أيضاً في أنّ المتعلّق إنّما هو عنوان «أحدهما» أو «أحدها» في موارد العطف بكلمة «أو» لأنّ المتبادر عرفاً من هذه الكلمة أنّ الخصوصيّات الفرديّة لا دخل لها في الحكم وأنّ الحكم تعلّق بأحد الشيئين أو أحد الأشياء، نظير ما ورد في قوله تعالى في باب الكفّارات: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] ، كما أنّ المتبادر منها أنّ الأغراض متعدّدة لأنّه لو كان الغرض واحداً وهو ما يقوم بالقدر الجامع الحقيقي كان الأولى أن يتعلّق الخطاب به من دون العطف بكلمة «أو»، فإنّ الظاهر المتبادر من قولك: «اجعل زيداً أو عمراً صديقاً لنفسك» أنّ الخصوصيّات الفرديّة لزيد وعمرو تكون دخيلة في الغرض، وإلاّ كان الأولى أن تقول: «اجعل الإنسان صديقاً لك» وبالجملة إنّ ظاهر العطف بكلمة «أو» عدم كون التخيير عقليّاً إلاّ إذا قامت قرينة على الخلاف، وكذا كلّ ما يؤدّي معنى هذه الكلمة.

لا يقال: «أنّ الكلّي المنتزع كعنوان أحدهما غير ملحوظ في الأوامر العرفيّة ولا يلتفت إليه»(2) لأنّا نقول: فرق بين عمل الانتزاع الذهني في وعاء الذهن وتحليل حقيقة الانتزاع والمفاهيم الانتزاعيّة الذهنيّة، والإنصاف أنّ ما يكون غير ملحوظ عند العرف إنّما هو الثاني، وأمّا الأوّل فلا إشكال في أنّ عمل الانتزاع يتحقّق في ذهن العرف كثيراً من غير إلتفات إلى حقيقته كما أنّه كذلك في كثير من القضايا المنطقية كما لا يخفى.

بقي هنا شيء:

جواز التخيير بين الأقلّ والأكثر:

لا إشكال في وقوع التخيير بين الأقلّ والأكثر في لسان العرف والشرع نظير التخيير بين الواحد والثلاث أو بين الواحد والأكثر في ذكر الركوع والسجود والتسبيحات الأربعة ونظير التخيير بين الثلاثين دلواً والأربعين دلواً مثلا في بعض منزوعات البئر، والتخيير بين القصر والإتمام في الأماكن الأربعة المعروفة (ويمكن أن يناقش في الأخير بأنّه من قبيل المتباينين لاعتبار اندراج الأقلّ بتمام أجزائه وخصوصّياته ضمن الأكثر بينما صلاة القصر ليست كذلك لأنّها مندرجة في الإتمام مجرّدة عن التسليم) هذا في لسان الشرع، وأمثلته في العرف أيضاً كثيرة.

إنّما الإشكال فيما ذكر لعدم إمكانه عقلا من دعوى أنّه مع تحقّق الأقلّ في الخارج وحصوله يحصل الغرض، ومعه يكون الأمر بالأكثر لغواً لا يمكن صدوره من الحكيم.

وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني(رحمه الله)، بأنّه يمكن أن يفرض أنّ المحصّل للغرض فيما إذا وجد الأكثر هو الأكثر لا الأقلّ الذي في ضمنه، أي كان لجميع أجزائه دخل في حصول الغرض، والمحصّل له فيما إذا وجد الأقلّ هو الأقلّ كذلك، أي كان كلّ منهما بحدّه محصّلا للغرض، وعليه فلا محيص عن التخيير بينهما، إذ تخصيص الأقلّ بالوجوب حينئذ يكون بلا مخصّص.

وقد اُجيب عنه: بأنّ هذا خارج عن مفروض الكلام وهو التخيير بين الأقلّ والأكثر، وذلك لأنّ ما فرضه وإن كان تخييراً بينهما صورة إلاّ أنّه بحسب الواقع تخيير بين المتباينين، وذلك لفرض أنّ الماهية «بشرط لا» تباين الماهية «بشرط شيء».

أقول: الصحيح هو التفصيل بين ما إذا يحصل الأقلّ ضمن الأكثر دفعة واحدة كما إذا أردنا إلقاء الميّت الغريق (الذي لا يمكن إيصاله إلى ساحل البحر) إلى قعر الماء بشيء ثقيل، فتخيّرنا عقلا بين أن يكون وزن ذلك الشيء الثقيل عشرين كيلو مثلا أو أربعين كيلو، وبين ما إذا يحصل الأقلّ ضمن الأكثر تدريجاً كما في مثال الصّلاة، فإنّ إشكال اللغويّة المزبورة لا تتصوّر في القسم الأوّل لأنّ الغرض فيه لا يحصل بخصوص الأقلّ إذا اختار المكلّف الأكثر بل

يكون المحصّل للغرض حينئذ تمام الأكثر (وفي المثال تمام الأربعين كيلو) فيكون التخيير بين الأقلّ والأكثر فيه بلا إشكال، نعم أنّها تتصوّر في القسم الثاني، ولا يمكن التفصّي عنها بما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) لنفس ما ذكرناه من الجواب.

هذا في التخيير العقلي، وكذلك في التخيير الشرعي، فلا إشكال فيه أيضاً فيما إذا أتى بالأكثر دفعةً كما إذا أمر المولى بإدخال ثلاثة رجال أو خمسة في الدار فأدخل العبد الخمسة دفعةً.

وبما ذكرنا يظهر أنّ التخيير بين الواحد والثلاث في مثل التسبيحات الأربعة ممّا لا يمكن المساعدة عليه، لأنّ الأقلّ يتحقّق ضمن الأكثر تدريجاً، فلابدّ أن يقال أنّ الواجب فيها هو الأقلّ، وأمّا الأكثر وهو التسبيح مرّة ثانيّة وثالثة فيحمل على الاستحباب.

وبما ذكرنا ظهر الجواب عن الشبهات التي طرحناها في أوّل البحث:

أمّا الاُولى منها: وهي أنّ الوجوب ينافي جواز الترك ـ فجوابها أنّا لا نقول بوجوب كلّ من الطرفين، بل الواجب عندنا عنوان أحدهما، وهو لا يجوز تركه بكلا مصداقيه.

وأمّا الثانيّة منها: وهي أنّ الطلب التشريعي وزانه وزان الطلب التكويني فلا يمكن تعلّقه

بعنوان أحدهما اللاّمعين، فالجواب عنها ما أفاده المحقّق النائيني في بعض كلماته وإن كان مغايراً من بعض الجهات للمختار (كما مرّت الإشارة إليه في أوائل البحث تحت عنوان «لا يقال») وإليك نصّ كلامه: «أنّه يمكن تعلّق إرادة الآمر (الإرادة التشريعيّة) بأحد الشيئين وإن لم يمكن تعلّق إرادة الفاعل (الإرادة التكوينيّة) بذلك، ولا ملازمة بين الإرادتين على هذا الوجه، مثلا لا إشكال في تعلّق إرادة الآمر بالكلّي مع أنّ إرادة الفاعل لا يعقل أن تتعلّق بالكلّي مجرّداً عن الخصوصيّة الفرديّة، والوجه في ذلك أنّ الإرادة الفاعلية إنّما تكون مستتبعة لحركة عضلاته ولا يمكن حركة العضلات نحو المبهم المردّد، وهذا بخلاف إرادة الآمر فإنّه لو كان كلّ من الشيئين أو الأشياء ممّا يقوم به غرضه الوجداني، فلابدّ أن تتعلّق إرادته بكلّ واحد، لا على وجه التعيين بحيث يوجب الجمع، فإنّ ذلك ينافي وحدة الغرض، بل على وجه البدليّة، ويكون الاختيار حينئذ بيد المكلّف في اختيار أيّهما شاء، ويتّضح ذلك بملاحظة الأوامر العرفيّة، فإنّ أمر المولى عبده بأحد الشيئين أو الأشياء بمكان من الإمكان»(3).

وأمّا الشبهة الثالثة: وهي قضيّة تعدّد العقاب فسيأتي الجواب عنها في البحث (عن الواجب الكفائي ) ...

________________
1. راجع هامش أجود التقريرات: ج1، ص183.

2. فوائد الاُصول: ج1 ، ص235، طبع جماعة المدرّسين.

3.فوائد الاُصول: ج 1، ص 235، طبع جماعة المدرّسين.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


خلال الأسبوع الحالي ستعمل بشكل تجريبي.. هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية تحدد موعد افتتاح مؤسسة الثقلين لعلاج الأورام في البصرة
على مساحة (1200) م2.. نسبة الإنجاز في مشروع تسقيف المخيم الحسيني المشرف تصل إلى (98%)
تضمنت مجموعة من المحاور والبرامج العلمية الأكاديمية... جامعتا وارث الأنبياء(ع) وواسط توقعان اتفاقية علمية
بالفيديو: بعد أن وجه بالتكفل بعلاجه بعد معاناة لمدة (12) عاما.. ممثل المرجعية العليا يستقبل الشاب (حسن) ويوصي بالاستمرار معه حتى يقف على قدميه مجددا