أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
1318
التاريخ: 30-8-2016
1665
التاريخ: 25-6-2020
1398
التاريخ: 5-8-2016
1464
|
الدليل الشرعي قد يدل على حكم دلالة واضحة توجب اليقين أو الاطمئنان، بأن هذا الحكم هو المدلول المقصود.
وفي هذه الحالة يعتبر حجة في دلالته على إثبات ذلك الحكم، لان اليقين حجة والاطمئنان حجة، من دون فرق بين أن يكون هذا الوضوح واليقين بالدلالة قائما على أساس كونها دلالة عقلية آنية من قبيل دلالة فعل المعصوم على عدم الحرمة، أو على أساس كون الدليل لفظا لا يتحمل بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير، سوى إفادة ذلك المدلول وهو المسمى بالنص، أو على أساس احتفاف الدليل اللفظي بقرائن حالية أو عقلية تنفي إحتمال مدلول آخر، وإن كان ممكنا من وجهة نظر لغوية وعرفية عامة.
وقد يدل الدليل الشرعي على أحد أمرين أو أمور على نحو تكون صلاحيته لإفادة أي واحد منها مكافئة لصلاحيته لإفادة غيره، بحسب نظام اللغة، وأساليب التعبير العرفي، وهذا هو المجمل. ويكون حجة في إثبات الجامع على أساس العلم بان المراد لا يخلو من واحد محتمليه او محتملاته. هذا فيما إذا كان للجامع أثر قابل للتنجيز بالعلم المذكور، وأما كل واحد من المحتملات بخصوصه فلا يثبت بالدليل المذكور إلا مع الاستعانة بدليل خارجي على نفي المحتمل الآخر، فيضم إلى إثبات الجامع فينتج التعين في المحتمل البديل.
وقد يدل الدليل الشرعي على أحد أمرين مع اولوية دلالته على أحدهما بنحو مسبق إلى الذهن تصورا على مستوى المدلول التصوري، وتصديقا على مستوى المدلول التصديقي، وإن كانت افادة المعنى الآخر تصورا وتصديقا بالدليل المذكور ممكنة، ومحتملة أيضا بحسب نظام اللغة وأساليب التعبير، وهذا هو الدليل الظاهر في معنى وفي مثل ذلك يحمل على المعنى الظاهر، لان الظهور حجة في تعيين مراد المتكلم. وهذه الحجية لا تقوم على أساس إعتبار العلم، لان الظهور لا يوجب العلم دائما، بل على أساس حكم الشارع بذلك. ويعبر عن حجية الظهور بأصالة الظهور، وعلى وزان ذلك يقال أصالة العموم وأصالة الاطلاق وأصالة الحقيقة وأصالة الجد، وغير ذلك من مصاديق لكبرى حجية الظهور.
الاستدلال على حجية الظهور:
وحكم الشارع بحجية الظهور يمكن الاستدلال عليه بالسيرة بأحد النحوين التاليين:
النحو الاول: أن نتمسك بالسيرة العقلائية بمعنى استقرار بناء العقلاء على إتخاذ الظهور وسيلة كافية لمعرفة مقاصد المتكلم، وترتيب ما يرى لها من آثار بحسب الاغراض التكوينية أو التشريعية، وهذه السيرة بحكم استحكامها تشكل دافعا عقلائيا عاما للعمل بالظهور في الشرعيات لو ترك المتشرعة إلى ميولهم العقلائية، وفي حالة من هذا القبيل يكون عدم الردع والسكوت كاشفا عن الامضاء.
وقد تقدم في بحث دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي إستعراض عدد من الاوجه لتفسير دلالة السكوت على الامضاء، ويلاحظ هنا أن واحدا من تلك الاوجه لا يمكن تطبيقه في المقام، وهو تفسير الدلالة على أساس الظهور الحالي، لان الكلام هنا في حجية الظهور، فلا يكفي في إثباتها ظهور حال المعصوم في الامضاء.
النحو الثاني: أن نتمسك بسيرة المتشرعة من أصحاب الائمة، وفقهائهم، فإننا لا نشك في أن علمهم في مقام الاستنباط كان يقوم فعلا على العمل بظواهر الكتاب والسنة، ويمكن إثبات ذلك باستعمال الطريق الرابع من طرق إثبات السيرة المتقدمة فلاحظ.
وعلى هذا تكون السيرة المذكورة كاشفة كشفا أنيا مباشرا عن الامضاء، ولا حاجة حينئذ إلى توسيط قاعدة أن السكوت كاشف عن الامضاء على ما تقدم من الفرق بين سيرة المتشرعة والسيرة العقلائية. ويواجه الاستدلال بالسيرة هنا نفس ما واجهه الاستدلال بالسيرة في بحث حجية الخبر. إذ يعترض بأن هذه السيرة مردوع عنها بالمطلقات الناهية عن العمل بالظن أو بإطلاق أدلة الاصول.
والجواب على الاعتراض يعرف مما تقدم في بحث حجية الخبر، مضافا إلى أن ما دل على النهي عن العمل بالظن يشمل إطلاق نفسه، لأنه دلالة ظنية أيضا، ولا نحتمل الفرق بينها وبين غيرها من الدلالات والظواهر الظنية، فيلزم من حجيته التعبد بعدم حجية نفسه، وما ينفي نفسه كذلك لا يعقل الاكتفاء به في مقام الردع.
موضوع الحجية:
عرفنا سابقا أن الدلالة تصورية وتصديقية. وعليه فهناك ظهور على مستوى الدلالة التصورية، وهناك ظهور على مستوى الدلالة التصديقية. ومعنى الظهور الاول أن يكون أحد المعنيين أسرع إنسباقا إلى تصور الانسان وذهنه من الآخر عند سماع اللفظ ، ومعنى الظهور الثاني أن يكون كشف الكلام تصديقا عما في نفس المتكلم، يبرز هذا المعنى دون ذاك فيقال حينئذ: إنه ظاهر فيه بحسب الدلالة التصديقية.
وقد تقدم أن الظاهر من كل كلام أن يتطابق مدلوله التصوري مع مدلوله التصديقي، وعلى أي حال، فموضوع الحجية هو الظهور على مستوى الدلالة التصديقية، لان الحجية معناها إثبات مراد المتكلم وحكمه بظهور الكلام، والكاشف عن المراد والحكم إنما هو الدلالة التصديقية والظهور التصديقي.
وأما الدلالة التصورية فلا تكشف عن شئ لكي تكون حجة في إثباته، وإنما هي مجرد إخطار وتصور، نعم الظهور على مستوى الدلالة التصورية هو الذي يعين لنا عادة الظهور التصديقي، لان ظاهر الكلام هو التطابق بين ما هو الظاهر تصورا، وما هو المراد تصديقا وجدا. فالظهور التصوري إذن يؤخذ كأداة لتعيين الظهور التصديقي الذي هو موضوع الحجية لا أنه موضوع لها مباشرة.
وقد يوضح المتكلم في نفس كلامه، ان مراده الجدي يختلف عما هو الظاهر من الكلام في مرحلة المدلول التصوري، وبهذا يصبح الظهور التصديقي الذي هو موضوع الحجية مختلفا عن الظهور التصوري، كما إذا قال، جئني بأسد وأعني به الرجل الشجاع، وتسمى الجملة التي سببت هذا الاختلاف بالقرينة المتصلة.
وهذه القرينة تارة يكون تواجدها في الكلام مؤكدا، كما في هذا المثال، وأخرى يكون محتملا، كما لو كنا نستمع إلى المتكلم، ثم ذهلنا عن الاستماع واحتملنا أنه قال شيئا من ذلك القبيل. وفي كل من الحالتين لا يمكن الاخذ بالظهور التصديقي للكلام في إرادة الحيوان المفترس، إذ في الحالة الاولى لا ظهور كذلك جزما، لأننا نعلم بأن الظهور التصديقي اختلف عن الظهور التصوري، وفي الحالة الثانية نشك في وجود ظهور تصديقي على طبق التصوري، لان إحتمال القرينة يوجب إحتمال التخالف بين الظهورين، ومع الشك في وجوده لا يمكن البناء على حجيته، وهذا يعني أن إحتمال القرينة المتصلة، كالقطع بها، يوجب عدم جواز الاخذ بالظهور الذي كان من المترقب أن يثبت للكلام في حالة تجرده عن القرينة.
ظواهر الكتاب الكريم:
ذهب جماعة من العلماء إلى إستثناء ظواهر الكتاب الكريم من الحجية، وقالوا: بأنه لا يجوز العمل فيما يتعلق بالقرآن العزيز، إلا بما كان نصا في المعنى أو مفسرا تفسيرا محددا من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو المعصومين من آله عليهم الصلاة والسلام.
وقد يستدل على ذلك بما يلي:
الدليل الاول: قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]
فإنه يدل على النهي عن إتباع المتشابه، وكل ما لا يكون نصا فهو متشابه لتشابه محتملاته في علاقتها باللفظ، سواء كان اللفظ مع أحدها أقوى علاقة أو لا.
والجواب من وجوه:
الاول: أن اللفظ الظاهر ليس من المتشابه، إذ لا تشابه ولا تكافؤ بين معانيه في درجة علاقتها باللفظ، بل المعنى الظاهر متميز في درجة علاقته، وعليه فالمتشابه يختص بالمجمل.
الثاني: لو سلمنا أن الظاهر من المتشابه، فلا نسلم أن الآية الكريمة تنهي عن مجرد العمل بالمتشابه، وإنما هي في سياق ذم من يلتقط المتشابهات، فيركز عليها بصورة منفصلة عن المحكمات إبتغاء الفتنة، وهذا مما لا أشكال في عدم جوازه حتى بالنسبة إلى ظواهر الكتاب، فمساق الآية مساق قول القائل أن عدوي يحاول أن يبرز النقاط الموهمة من سلوكي، ويفصلها عن ملابساتها التي توضح سلوكي العام.
الثالث: ما قد يقال: من أن الآية ليست نصا في الشمول لظاهر الكتاب، وإنما هي ظاهرة - على أكثر تقدير - في الشمول، وهذا الظهور يشمله النهي نفسه فيلزم من حجية ظاهر الآية في إثبات الردع عن العمل بظواهر الكتاب الكريم نفي هذه الحجية.
الدليل الثاني: الروايات الناهية عن الرجوع إلى ظواهر القرآن الكريم، ويمكن تصنيفها إلى ثلاث طوائف.
الاولى: ما دل من الروايات على أن القرآن الكريم مبهم وغامض قد استهدف المولى إغماضه وإبهامه لأجل تأكيد حاجة الناس إلى الحجة، وأنه لا يعرفه إلا من خوطب به، وأن غير المعصوم لا يصل إلى مستوى فهمه.
وهذه الطائفة يرد عليها: أولا: أن رواياتها جميعا ضعيفة السند، بل قد يحصل الاطمئنان بكذبها نتيجة لضعف رواتها، وكونهم في الغالب من ذوي الاتجاهات الباطنية المنحرفة على ما يظهر من تراجمهم. مع الالتفات إلى أن اسقاط ظواهر الكتاب الكريم عن الحجية أمر في غاية الاهمية. فلو كان الائمة بصدد بيانه، لما أمكن عادة إفتراض إختصاص هؤلاء الضعاف بالاطلاع على ذلك والاخبار عنه دون فقهاء أصحاب الائمة الذين عليهم المعول، وإليهم تفزع الشيعة في الفتوى والاستنباط بأمر الائمة وارجاعهم.
وثانيا: أن هذه الروايات معارضة للكتاب الكريم الدال على أنه نزل تباينا لكل شئ وهدى وبلاغا، والمخالف للكتاب من أخبار الاحاد لا يشمله دليل حجية خبر الواحد كما أشرنا سابقا.
الطائفة الثانية: ما دل من الروايات على عدم جواز الاستقلال في فهم القرآن عن الحجة. وهذه لا تدل على عدم جواز العمل بظاهر الكتاب بعد الفحص في كلمات الائمة وعدم الظفر بقرينة على خلاف الظاهر، لان هذا النحو من العمل ليس إستقلالا عن الحجة في مقام فهم القرآن الكريم.
الطائفة الثالثة: ما دل من الروايات على النهي عن تفسير القرآن بالرأي، وأن من فسر القرآن برأيه فقد كفر.
وقد أجيب على الاستدلال بها، بأن حمل اللفظ على معناه الظاهر ليس تفسيرا لان التفسير كشف القناع، ولا قناع على المعنى الظاهر، وقد يقال إن هذا الجواب لا ينطبق على بعض الحالات حينما يكون الدليل مشتملا على ظواهر إقتضائية عديدة متضاربة، على نحو يحتاج تقدير الظهور الفعلي المتحصل من مجموع تلك الظواهر بعد الموازنة والكسر والانكسار، إلى نظر وإمعان، فيكون لونا من كشف القناع.
ولهذا نرى أن الفقهاء قد يختلفون في فهم دليل: فيفهم بشكل من فقيه: ويأتي فقيه آخر فيبرز نكتة من داخل الدليل تعين فهمه بشكل آخر على أساس ما تقتضيه تلك النكتة من ظهور
فالأحسن الجواب:
أولا: بأن كلمة الرأي منصرفة - على ضوء ما نعرفه من ملابسات عصر النص، وظهور هذه الكلمة كمصطلح وشعار لاتجاه فقهي واسع - إلى الحدس والاستحسان فلا تشمل الرأي المبني على قريحة عرفية عامة.
وثانيا: أن إطلاق الروايات المذكورة للظاهر لا يصلح أن يكون رادعا عن السيرة على العمل بالظواهر، سواء أريد بها السيرة العقلائية أو سيرة المتشرعة، نظير ما تقدم في بحث حجية خبر الواحد.
أما الاولى فلان الردع يجب أن يتناسب حجما ووضوحا مع درجة إستحكام السيرة.
وأما الثانية: فلاننا إذا ادعينا أن سيرة المتشرعة من أصحاب الائمة كانت على العمل بظواهر الكتاب - وإلا لعرف الخلاف عنهم - فنفس هذه السيرة تثبت عدم صلاحية الاطلاق المذكور للردع، بل تكون مقيدة له.
ومما يدفع به الاستدلال بالروايات المذكورة عموما ما دل من الروايات على الامر بالتمسك بالقرآن الكريم الصادق عرفا على العمل بظواهره، وعلى إرجاع الشروط إليه، وابطال ما كان منها مخالفا له. فإن المخالفة ان كان المراد بها المخالفة للفظة، فتصدق على مخالفة ظاهره، وإن كان المراد بها المخالفة لواقع مضمونه، فمقتضى الاطلاق المقامي إمضاء ما عليه العرف من موازين في إستخراج المضمون، فيدل على حجية الظهور.
وأوضح من ذلك ما دل على طرح ما ورد عنهم عليهم السلام على الكتاب والاحجام عن العمل بما كان مخالفا له، فإنه لا يحتمل فيه أن يراد منه المخالفة للمضمون القرآني المكتشف بالخبر، لأنه بصدد بيان جعل الضابط لما يقبل وما لا يقبل من الخبر، كما إنه لا يحتمل إختصاص المخالفة فيه بالمخالفة للنص الخبر المخالف للنص، وكون روايات طرح المخالف ناظرة إلى ما هو الشائع من المخالفة.
فإن قدمت هذه الروايات الدالة على حجية ظواهر الكتاب على الروايات التي إستدل بها على نفي الحجية فهو، وإن تكافأ الفريقان فعلى الاقل يلتزم بالتساقط، ويقال بالحجية حينئذ. لان الردع غير ثابت فتثبت الحجية بالسيرة العقلائية بصورة مستقلة، او بضم استصحاب مفادها الثابت في صدر الشريعة.
الدليل الثالث: ومرده إلى إنكار الظهور بدعوى أن القرآن الكريم مجمل، أما لتعمد من الله تعالى في جعله مجملا لتأكيد حاجة الناس إلى الامام، وأما لاقتضاء طبع المطلب، ذلك لان علو المعاني وشموخها يقتضي عدم تيسرها للفهم.
والجواب على ذلك: أن التعمد المذكور على خلاف الحكمة من نزول القرآن، وربط الناس بالإمام فرع إقامة الحجة على أصل الدين المتوقفة على فهم القرآن وإدراك مضامينه، كما أن شموخ المعاني وعلوها ينبغي أن لا يكون على حساب الهدف من بيانها، ولما كان الهدف هداية الانسان، فلا بد أن تبين المعاني على نحو يؤثر في تحقق هذا الهدف، وذلك موقوف على تيسير فهمه. فالصحيح أن ظواهر الكتاب الكريم حجة كظواهر السنة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|