أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2016
714
التاريخ: 24-8-2016
537
التاريخ: 1-8-2016
788
التاريخ: 1-6-2020
1083
|
يعتبر في جريان البراءة بل مطلق الاصول النافية للتكليف في الشبهات الحكمية الفحص بالمقدار المتعارف المخرج للمورد عن معرضية وجود الدليل على الحكم الكلي الإلهي. وعمدة الوجه فيه هو دعوى العلم الإجمالي بوجود الأحكام في مقدار من المسائل المشتبهة في مجموع ما بأيدينا منها مع العلم بأنه على وجه لو تفحص في المسائل المزبورة لظفرنا بها.
ومن المعلوم أن نتيجة مثل هذا العلم عدم الإقدام على البراءة قبل الفحص، لاحتمال كون المسألة من أطراف المعلوم بالإجمال المانع عن جريان الاصول النافية فيها ولو من جهة مانعية العلم في البين عن جريان الاصول. كما إنه لو تفحصنا في المسألة وما ظفرنا فيها بدليل يستكشف خروجها عن دائرة المعلوم بالإجمال من أول الأمر. ولو ظفرنا بالفحص في المسائل العديدة بالدليل بمقدار المعلوم بالإجمال لا يجدي ذلك أيضا في إسقاط العلم عن الاعتبار بملاك الانحلال، لاحتمال كون العلوم الحادثة علوما متأخرة عن العلم الإجمالي الأولي ولو بواسطة احتمال حدوث بعضها في المسائل الخارجة عن [طرف] العلم في الدائرة المضيقة ومثل ذلك غير كاف في الانحلال. نعم لو كان جميع المسائل طرف العلم المزبور كان لهذه الشبهة مجال إذ العلوم الحادثة حينئذ [هي] عين ما علم بالظفر بها من الأول مقارنا للعلم الإجمالي، كما أنه لو بنينا على صلاحية العلم المتأخر للانحلال بمحض احتمال انطباق المعلوم بالإجمال عليه كان للشبهة المزبورة أيضا مجال.
وبالجملة ما تصورنا من خصوصية العلم الإجمالي المزبور كاف في وجوب الفحص ومانع عن جريان أدلة البراءة. ولو [نقليها] من دون لزوم محذور فيه أبدا. ثم لو اغمض عن هذا العلم وكنا وحكم العقل أمكن أيضا دعوى عدم استقلال العقل بقبح العقوبة. ومع هذا الشك أو الغفلة الناشئين عن تقصيره في فحصه نظرا إلى إمكان دعوى أن لا بيان الذي هو موضوع حكم العقل بالقبح هو عدم التمكن [من] الوصول إلى الواقع من الأول. فحينئذ [مع] احتمال تمكنه [منه] قبل الفحص - ولو ببركة فحصه - لا يكاد [يحرز] مثل هذا الموضوع عند العقل، فلا جرم [تنتهي] النوبة إلى حكمه بدفع الضرر المحتمل من جهة احتمال تمكنه [من] الوصول واقعا بفحصه. وليس ذلك من جهة درك العقل حجية احتمال التكليف قبل الفحص، كي يكون حال الشك المزبور حال الظن في ظرف الانسداد لدى المشهور، بل إنما هو من جهة احتمال عدم وجود موضوع حكم العقل بقبح العقوبة من عدم [البيان] المستقر الناشئ عن عدم التمكن من الوصول إلى الواقع، ومرجعه في الحقيقة إلى عدم إحراز موضوع حكم العقل بالقبح لا إحراز موضوع حكمه بالحسن لوجود البيان. غاية الأمر نتيجة مثل هذا الشك هو احتمال الضرر الموضوع لحكم العقل بوجوب دفعه إلى أن يستقر عدم بيانه بفحصه.
وربما [يترتب] على ذين المسلكين نتيجة اخرى: و[هي] أنه على هذا المشرب كانت العقوبة على الواقع متفرعة على وجدانه الطريق [إليه] على فرض فحصه بحيث لو لم يكن في الواقع طريق لم يكن تارك الفحص والعامل على خلاف الواقع معاقبا على مخالفة الواقع وإنما عقابه على تجريه محضا على القول به، وهذا بخلاف ما لو قيل بحجية الاحتمال، إذ لابد حينئذ من المصير إلى استحقاقه العقوبة على مخالفة الواقع كما هو ظاهر. ثم إن ذلك كله بالنظر إلى حكم العقل محضا من دون فرق فيه بين الشبهات الموضوعية [و] الحكمية. ولكن لا يخفى أن حكم العقل بوجوب الفحص حينئذ إنما هو لمحض الإرشاد إلى تحصيل الاستقرار لعدم بيانه كي يوجد موضوع العذر العقلي الرافع لاحتمال الضرر. وعليه فلا يبقى مجال حكمه به لو فرض الجزم بعدم الضرر من قبل ترخيص الشارع في ظرف الشك في الرافع، ولذا نلتزم بورود الترخيصات الشرعية [عليه] وعدم صلاحية هذا الحكم العقلي للمعارضة معها. وحينئذ لولا العلم الإجمالي السابق لما كان مجال منع جريان عمومات البراءة في الشبهات الحكمية مثل جريانها في الموضوعية جزما. كما أن عمومات هلا تعلمت (1) أيضا غير صالحة لتخصيص أدلة البراءة النقلية، إذ هي ظاهرة في الإرشاد إلى حكم العقل بوجوب تحصيل العلم مقدمة للعمل أو لاستقرار جهله الموجب لعذره. ومع قيام الترخيص الشرعي لا يبقى مجال حكم العقل بوجوب الفحص والتعلم كي يصلح العموم المزبور للإرشاد المذكور.
فعمومات الترخيص الظاهري حينئذ [تخرج] المورد عن موضوع الإرشاد المزبور. واحتمال أن هذه الأخبار سيقت لإعمال التعبد بوجوب الفحص ينافي سوق بيانها. اللهم إلا أن ندعي أن تطبيق المعصوم (عليه السلام) مثل هذه العمومات على الشبهات البدوية [الحكمية] كاشف إني عن عدم جريان عمومات البراءة فيها. وحينئذ فلولا العلم الإجمالي سابقا كانت مثل هذه العمومات كافية لإثبات وجوب الفحص الحاكي عن تخصيص عمومات البراءة النقلية في المورد. وعليه فلا نحتاج إلى صرف ظهور مثل هذه الأخبار عن الإرشاد إلى حكم العقل بتحصيل [العلم] مقدمة لعمله، أو لاستقرار حكم عقله باستحقاق العقوبة أو عدمها على مخالفته. ثم لو اغمض عن ذلك لا يبقى مجال حمل الأوامر المزبورة على الطريقية، لأن شأن الأوامر الطريقية كونها في فرض الموافقة بحسب لب الإرادة والعمل عين إرادة الواقع وعمله. وفي المقام ليس تحصيل العلم بوجوب الصلاة عين العمل المطلوب واقعا. فلا محيص حينئذ إلا من جعل الأمر بتحصيل العلم أمرا عرضيا كناية عن النهي عن مخالفة التكاليف المحتملة، فإنه يصلح للطريقية كنواهي القياس. كما أنه في فرض بقاء الإلتفات بالتكليف مع ترك الفحص لا معنى لجعل الأمر بتحصيل الفحص مقدميا، لعدم توقف العمل عليه حينئذ بوجه من الوجوه. نعم في فرض اقتضاء ترك الفحص الغفلة عن التكليف أو عن صورة العمل أمكن دعوى المقدمية لفحصه، وحينئذ لابد أن يكون الأمر مقدميا. ولكن ذلك أيضا لا ينافي إرادة الإرشاد من هذه العمومات وإبقاؤها على ظاهرها. ولذا صرنا إلى بقية الاحتمالات مع الإغماض من هذا الوجه. كيف! وقد أشرنا أن سوق مثل هذه العمومات [آب] عن إعمال تعبد في البين، بل هو إرشاد إلى ما هو المغروس في الذهن من لزوم الفحص لتحصيل استقرار الجهل واللابيان الذي هو موضوع العذر العقلي. بل وهذا المعنى غير مختص بالواجبات المنجزة المحتملة أو الموقتة والمشروطة قبل حصول شرطها، لأن العقل في حكمه بعدم المعذورية مع التقصير في تحصيل الواقع لا يفرق بين الموارد. وحينئذ فلا مجال لجريان الإشكال المزبور في المشروطات والموقتات أصلا. نعم بناء على [الالتزام] بوجوبها غيريا ربما يستشكل على ظاهر المشهور القائلين باشتراط الوجوب بجميع [مباديه] بوجود الشرط خارجا، فإنه حينئذ لا إرادة بذيها قبل تحقق الشرط في الخارج. ومعه كيف يعقل وجوب الفحص غيريا مع فرض تبعية الوجوب الغيري للنفسي. نعم بناء على مشرب من أرجع الواجبات المشروطة إلى وجوب فعلي منوط بوجود الشيء في لحاظ الآمر أمكن الجواب عن الشبهة بأن من قبل الطلب الفعلي المنوط بأمر كذا يترشح طلب غيري منوط بهذا الشيء في لحاظ الآمر. غاية الأمر قضية إناطة مصلحة ذيها على وجود الشرط بنحو الشرط المتقدم [اقتضت] كون وجوبه أيضا منوطا بنحو الشرط المتقدم، وهذا بخلاف المقدمات المفوتة إذ مصلحتها - من [باب الدخل] في تحصيل غرض الآمر - منوطة بوجود الشرط بنحو الشرط المتأخر. كيف! ولو كانت المصلحة المقدمية أيضا [منوطة] بوجود الشرط متقدما يلزم عدم أصل [مقدميتها] فعلا، وهو خلاف الفرض، فيترشح من الواجب المنوط المزبور حينئذ وجوب آخر منوط بالفرض المذكور، غاية الأمر بنحو الشرط المتأخر لا المتقدم. وهذا المقدار من الاختلاف بين وجوب المقدمة وذيها قهري ناش من اختلاف كيفية دخل الشرط في مصلحة الواجب النفسي أو الغيري.
وعليه فلا نحتاج إلى التصرف في ظاهر القضايا الشرطية بإرجاعها إلى المعلقة ولو قلنا بعدم استلزام كل قضية شرطية - عند العلم بتحقق الشرط في موطنه - قضية تعليقية كما هو الشأن بناء على تبعية الإرادة في [إناطتها] بشيء و[عدمها] لنفس المصلحة في هذه الجهة، فضلا عما هو التحقيق من الملازمة في مثل المقام بين القضيتين، وأن كل قضية شرطية [تقتضي] قضية تعليقية في الواجبات ولو من جهة ما حققناه في محله من تبعية الإرادة في الإناطة وعدمها لكيفية العلم بالمصلحة [منوطة وغير منوطة] لا لنفسها، إذ حينئذ لا بأس في وجوب المقدمات المفوتة، ولا إشكال في [وجهه] كما هو ظاهر، فتدبر في المقام كي لا يختلط عليك الأمر. ثم إنه لو كان منشأ الإشكال في وجوب المقدمات المفوتة في الموقتات تبعية وجوبها لوجوب ذيها في لب الإرادة، وأن لب الإرادة في الموقتات غير حاصلة قبل وقتها، [ف] كيف يمكن الالتزام بوجوبها نفسيا تهيئيا، إذ مرجع الواجب التهيوئي بعدما كان إلى مطلوبية شيء لأجل مقدميته للتهيؤ لأن يتوجه إليه الإيجاب فيما بعد يبقى لنا سؤال: إن إرادة هذا الشيء فعلا بعدما لابد أن [تكون] بتبع فعلية الإرادة إلى الغرض منه، وهو التهيؤ للإيجاب، أن التهيؤ المزبور هل هو مطلوب في نفسه أو أن مطلوبيته لأجل تعلق الغرض للإيجاب البعدي؟ والأول باطل جدا فلابد أن يلتزم حينئذ بتعلق الإرادة فعلا بالإيجاب البعدي. ثم يسأل أيضا بأن الإيجاب البعدي مطلوب نفسيا أو أن مطلوبيته لأجل التوصل به إلى الوجود؟ فإذا كان الوجدان شاهدا للثاني فلا محيص من الالتزام بفعلية الإرادة إلى الوجود في موطنه، وبه [تنحسم] مادة الإشكال على وجه لا يحتاج إلى الالتزام بتغيير الاسلوب في الجواب وتسمية الواجب الغيري بالوجوب النفسي التهيوئي. نعم لو اريد من الايجاب خصوص مرتبة التحميل على المكلف لا بجميع مباديه كان لتصور الوجوب النفسي التهيوئي كمال المجال. ولكن بناء على ذلك لا نسلم بتبعية وجوب المقدمة بهذا المعنى لإيجاب ذيها. كيف! وغالب الواجبات النفسية - خصوصا في العرفيات - لبا من قبيل المقدمات للمطلوبات النفسية، ومع ذلك ما كان مثلها في مرحلة التحميل إليها تبعا لذيها، وهو واضح. ومن التأمل في ما ذكرنا كله ظهر ما في جملة من كلمات العلامة الاستاذ في كفايته خصوصا في التزامه إرجاع المشروطات إلى المعلقات (2)، والحال أنه بناء على ذلك لابد له أن يلتزم في بعض المقدمات بالترتب مثل موارد وجوب الفحص عن الصوم وكفارته على فرض عصيانه وهو (رحمه الله) من المصرين [على] استحالته، فلا محيص في أمثال المقام من التزامه بجواب آخر خال عن مثل هذا المحذور. ثم إن مقتضى القاعدة كون الأعمال [المأتي بها] قبل الفحص عن حكمها من حيث الصحة والفساد تابعة لمطابقتها للواقع. فكل ما هو مطابق للواقع كان صحيحا مجزيا، وكل ما [يخالفه] كان فاسدا غير مجز. نعم قد اشتهر في العبادات بطلان عمل تاركي طريق الاجتهاد والتقليد، ولعله من جهة شبهة اعتبار قصد الوجه أو التميز، وإلا فلا قصور في تقربه ولو برجاء الواقع. ولكن قد تقدم الكلام في [اعتبارهما] في العبادات، وأن مقتضى الأصل والإطلاق منع [اعتبارهما] فيها، فراجع مسألة القطع ترى ما ذكرنا فيها حقيقا بالقبول.
وعليه فلا وجه لبطلان العمل مع فرض مطابقة المأتي به للواقع متقربا إلى الله تعالى، كما أن في صورة المخالفة لا وجه [للإجتزاء] به إلا في صورة قيام الدليل على وفائه بمقدار من المصلحة على وجه يوجب تفويت الزائد بمناط المضادة مع البقية لا العلية. ولعل من هذا الباب مسألة [الاجتزاء] بالإتمام في موضع القصر، والإخفات أو الجهر في موضع الآخر. بل وظاهر إطلاق الرواية شموله لصورة الجهل [بالتقصير]. ولذا لا بأس بالالتزام باستحقاق العقوبة على تفويت الزائد بفعله هذا مستندا إلى تقصيره. نعم هنا إشكال آخر وهو: أن ظاهر الرواية تقرير العامل في عمله المتعارف كونه عن داعي الأمر الفعلي بالمأتي به. والحال أن قضية مضادته مع المأمور به واقعا - ولو بلحاظ تضاد المصلحتين - [توجب] سلب الأمر عن الضد في ظرف الأمر بنفس الواقع. ويمكن الذب عنه بأن الإشكال إنما يرد لو كان المأتي به في أصل مصلحته مضادا مع مصلحة الواقع، وإلا فلو قيل بأن التضاد بين حديهما القائمين بالخصوصيات المفردة للطبيعة فلا بأس حينئذ بالالتزام بتعدد المطلوب على وجه يكون الجامع بينهما مطلوبا والخصوصية الحدية بينهما في غاية التضاد على وجه لا يبقى مجال لتحصيل الآخر مع حصول أحد الحدين. وعليه فلا بأس بإتيان المأتي به بداعي الأمر بالجامع بينهما أيضا بلا احتياج في تصحيح الأمر به إلى قاعدة الترتب، وان كان مقتضى التحقيق صحتها أيضا خصوصا مع الغفلة من الواقع بترك فحصه، فإنه أمكن الالتزام بفعلية الأمر المطلق بالنسبة إلى المأتي به بلا فعلية حين الغفلة بالنسبة إلى الواقع وأن استحقاقه العقوبة بتفويته إنما هو من جهة تقصيره السابق كمن ألقى نفسه عن الشاهق، كما هو ظاهر.
_____________
(1) أمالي الطوسي 1: 9، الحديث 10 وعنه في البحار 1: 178، الحديث 58 وفيهما: أفلا تعلمت .
(2) انظر كفاية الاصول: 426.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|