أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2019
1825
التاريخ: 2024-11-15
121
التاريخ: 30-6-2019
1463
التاريخ: 20-11-2017
815
|
تاريخ الأسمدة الكيميائية
History Of Chemical Fertilizers
منذ العصور القديمة والوسطى اهتم الإنسان كثيرا بتحسين وزيادة مردود إنتاج المحاصيل الزراعية. وذلك بإضافة العديد من المواد المعدنية أو العضوية، واستمر الحال هكذا حتى أواخر القرن السادس عشر حيث أصبح هذا الموضوع إلى حدٍ ما تجريبي. وقد وجد بالصدفة أو عن طريق الصواب أو الخطأ بأن إضافة المخلفات العضوية والمواد المعدنية للتربة قد حسن نمو النبات وبشكل مذهل.
فعلى سبيل المثال تم استخدام روث الحيوانات والعظام المطحونة ورماد النباتات وملح البارود (نترات البوتاسيوم) والجص. ولكن ما تم الحصول عليه لم يكن متوقعاً بحيث أن المعالجة التي أفادت حقل ما قد لا يكون لها نفس التأثير على حقل آخر.
ويمكن أن نوضح الصعوبات التي واجهها العلماء الأوائل من خلال التجربة التي قام بها هلمونت Van Helmont البلجيكي في القرن السابع عشر. حيث قال واصفاً ما حدث معه:
أخذت وعاءاً خزفياً (فخارياً) ووضعت فيه 200 رطلاً من التربة المجففة في فرن ثم بللتها بماء المطر وزرعت فيها غُصنا من شجر الصفصاف يزن 5 باوند. وبعد خمس سنوات تماماً نمت الشجرة ووصل وزنها إلى 169 باوند و 3 أونصات. مع العلم أن الوعاء لم يتلق أي شيء سوى ماء المطر أو الماء المقطر وذلك لترطيبه وعند الضرورة فقط. في النهاية قمت بوزن التربة بعد تجفيفها ثانية فوجدت أنها نقصت فقط بمقدار 2 أونصة عن الوزن الذي بدأت به.
وهكذا فإن ال (164) رطل من الوزن الزائد للشجرة (الخشب والماء والجذر) كان من الماء فقط.
اعتبر Van Helmont نقصان (2) أونصة من وزن التربة يقع ضمن خطأ التجربة وذلك لأن الماء هو الوحيد الذي تمت إضافته، ولأن الهواء المحيط بالنبات ليس له وزن واضح. ويبدو أن ما توصل إليه من أن الوزن الزائد قد جاء من الماء فقط يبدو معقولاً ومنطقياً لأن النظرية السائدة في ذلك الوقت كانت نظرية أرسطو الذي اعتقد أن المادة تتألف من أربعة عناصر هي: التراب والهواء والنار والماء.
كما لاحظ علماء آخرون التأثير المحرض (المحرك) للمواد المختلفة المضافة للتربة. تابع ولاحظ ما ذهب إليه Digby في عام 1660 حيث قال: " بمساعدة ملح البارود تمكنت من جعل الأرض القاحلة تعطي محاصيل هائلة ووفيرة ".
بتقدم علم الكيمياء واكتشاف وظهور مواد وعناصر كيميائية جديدة، أصبح العلماء أكثر اهتماما بتحديد وتعيين ومعرفة التركيب الكيميائي للنباتات.
في أوائل القرن التاسع عشر وُجد بأن النباتات تتألف بصورة أساسية من الكربون والهيدروجين والأوكسجين. فإذا اعتبرنا أن الهيدروجين والأوكسجين قد جاءا من الماء. ولكن من أين جاء الكربون ؟ هذا السؤال قاد إلى نظرية تفكك الدبال الذي في التربة مزوداً النبات بالكربون إضافة إلى الماء الغذاء الحقيقي للنباتات.
ورغم أنه تمَّ إثبات أن النبات حصل على معظم كمية الكربون من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء، إلاَّ أن نظرية الدبال قد استمرت ودخلت في تعديلات وتحويرات متنوعة ولسنوات متعددة.
في الوقت الذي تمَّ فيه تحديد هوية الكثير من العناصر الكيميائية أصبح العلماء مهتمين في تحديد الكمية والأهمية النسبية للعناصر المعدنية المختلفة الداخلة في تركيب النباتات حيث أعتقد في البداية أن أهمية عنصر هي بنسبة وجوده في تركيب النبات، إلا أن هذه النظرية سرعان ما تمَّ دحضها (لأن لكل عنصر مهما كانت نسبته في تركيب النبات صغيرة أم كبيرة له دور أساسي في مردود وانتاجية النبات).
في عام 1840 أرسى Liebigأساس الصناعة الحديثة للأسمدة حيث أكد أن العناصر المعدنية يأخذها النبات من التربة لذلك لابدَّ من تجديد هذه المواد للتربة حفاظاً على خصوبتها. ورغم أن Liebig قد أدرك أهمية وقيمة النتروجين ولكن اعتقد أن النباتات تستطيع الحصول على النتروجين الخاص بها من الهواء وليس من التربة. كما حلم وطمح في إنشاء مصانع للأسمدة الكيميائية لإنتاج المغذيات مثل الفوسفات والكلس والمغنيزيا والبوتاس . وقد أوصى بمعالجة العظام بحمض الكبريت لجعل فوسفات العظام أكثر تمثلاً للنبات.
وتتلخص فلسفة Liebigفي هذا المجال بما يلي:
تعتبر الزراعة السليمة الأساس الحقيقي لكل مجالات التجارة والصناعة، وهي أساس الاقتصاد والغنى للأمم، ولكن النظام المنطقي والمعقول والصحيح للزراعة لا يمكن أن يقوم بدون تطبيق المبادئ العلمية لأن مثل هذا النظام يجب أن يعتمد على إطلاع ومعرفة دقيقين بوسائل تغذية النبات، هذه المعرفة التي يجب أن نسعى إليها هي من خلال الكيمياء.
ثم قدم Liebig قانون الحد الأدنى " والذي لا يزال مفهوماً ومقبولاً رغم " نقصه وعجزه في تحديد الدقة الكافية. ينص هذا القانون: على أنه إذا كان هناك نقصا أو عدم توفر لأحد العناصر المغذية في التربة أو الهواء فإن النمو سوف يكون ضعيفاً حتى ولو كانت العناصر الأخرى متوفرة.
واذا ما توفر العنصر الناقص وبالنسبة التي يحتاجها النبات فالنمو عندئذٍ سوف يزداد إلى الحد الأعظمي، وبالتالي فإن زيادة نسبة هذا العنصر في التربة عن الحد الذي يحتاجه النبات تكون غير مجدية، وذلك كون عناصر أخرى هي الآن ضمن الحد الأدنى للتزويد وتصبح هي العامل المحدد.
لقد تم تطوير مفهوم الحد الأدنى بحيث تعتبر العناصر الإضافية أساسية في تغذية النبات وقد امتدت لتشمل عوامل أخرى ضرورية كذلك في نمو النبات مثل: الرطوبة ، درجة الحرارة، الضوء، مكافحة الآفات, ومكافحة الأعشاب، والصفات والقدرات الوراثية المختلفة للنباتات. وفي الواقع تتوقف التطورات الحديثة في المجال الزراعي على العوامل المحددة المتعاقبة وتصحيحها. ورغم أنه لا يمكن بدقة تحديد النقطة التي يمكن لعنصر أن يصبح عندها عاملاً محدداً في الوقت الذي يأخذ مكانه عنصر آخر، وقد وجدت حالات كثيرة لم يحقق فيها أحد العناصر أية استجابة للمردود بحيث يصبح هذا العنصر هاماً بعد التسميد بكميات كافية من العناصر اللازمة الأخرى وبالتالي يمكن الحصول على محاصيل مثلى ومردود عالٍ بإضافة مزيج معقد ومركب للمواد المغذية إلى جانب مدخلات أخرى .
وعلى الرغم من أن وصايا Liebigكانت مقبولة بشكل كبير إلا أن هذا لم يمنع من ظهور مدارس أخرى ازدهرت لسنوات عدة.
فعلى سبيل المثال فإن رئيس مكتب الأراضي في الولايات المتحدة الأمريكية قسم الزراعة قد أكدَّ في بداية 1900 أن التربة هي المصدر الدائم الذي لا ينضب، والذي سوف يزود النبات وللأبد بكل العناصر المعدنية المطلوبة وذلك إن تم إدارتها بشكل مناسب وصحيح. معتقداً أن الحرث الملائم ودورة المحاصيل ومنع التعرية سوف تحل كل مشاكل عدم الخصوبة. وقال أن المؤشرات الجيدة يمكن ملاحظتها من خلال استعمال السماد الناتج من مواد التربة نفسها عن طريق دورة المحاصيل المناسبة والحرث الملائم.
في الواقع إن كل أنواع التربة تحتوي على وفرة من العناصر المعدنية بالمقارنة مع المستلزمات السنوية للمحاصيل ولكن العديد من هذه العناصر المعدنية للتربة غير قابل للتمثل بشكل سريع, فإذا لم يتم إضافة المواد المخصبة (السماد) فإن إنتاج الأرض من المحاصيل الزراعية عاجلاً أم آجلاً سوف يصل إلى الحد الأدنى الذي لا يتناسب مع مردود جهد المزارع أو حتى تلبية حاجات العالم الغذائية.
ب- الأسمدة الكيميائية Chemical Fertilizers:
-1 الأسمدة الفوسفاتيةPhosphete Fertilizers :
إن أول سماد فوسفاتي استعمل وبشكل واسع في أوربة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر كان عبارة عن طحين العظام، وعندما نقصت الكميات الواردة من عظام الحيوانات تم جمع العظام البشرية من ساحات المعارك أو أماكن الدفن.
في عام 1830 بدأت معالجة العظام بحمض الكبريت المدد حيث تتحول العظام إلى سائل كثيف لزج، ووزع هذا المنتج في براميل خشبية على المزارع، وأحياناً كانت تضاف أملاح البوتاسيوم أو كبريتات الأمونيوم أو نترات الصوديوم إليه وهكذا تم إنتاج وتقديم أول سماد كيميائي سائل ممزوج.
في حوالي عام 1840 وجد بأن معالجة الخامات الفوسفاتية بحمض الكبريت تعطي سماداً فوسفاتياً فعالا. وسمي هذا السماد بـ سوبر فوسفات.
وفي عام 1842 بدأ إنتاج أول سماد سوبر فوسفات تجاري وناجح على يد Lawes في إنكلترا وتبعه آخرون بحيث أنه في عام 1853 كان هناك 14 مصنعاً في إنكلترا وحدها.
وذكرت التقارير إلى وجود 80 مصنعاً في إنكلترا عام 1870 وكان العديد من المصانع المبكرة بدائية، حيث كانت تقوم على مزج الخامات الفوسفاتية بحمض الكبريت في أوعية أو جرار كبيرة وبشكل يدوي باستخدام خلاط خشبي.
ولكن في عام 1862 استعمل Lawesخلاطاً مستمراً بطاقة تصل إلى 100 طن باليوم الواحد. وارتفع الإنتاج في بعض المصانع الحديثة إلى ما يزيد عن 100 طن / يوم. ولكن غالباً تفضل الوحدات الإنتاجية الصغيرة والمخصصة لتخديم المناطق المحلية، لأنه يندر أن يتم شحن المنتج الفقير المحتوى إلى مسافات بعيدة.
يتلازم تاريخ إنتاج السماد الفوسفاتي المركز أو سماد السوبر فوسفات الثلاثي مع إنتاج حمض الفوسفور, ففي عام 1870 بدء بأول إنتاج تجاري في ألمانيا لسماد السوبر فوسفات المركز أو ما يعرف بثلاثي سوبر فوسفات، حيث كان الهدف الانتفاع من صخر الفوسفات ذو النوعية المنخفضة والحاوي على نسبة عالية من الحديد والألمنيوم.
وقد تم إنتاج حمض الفوسفور المخفف جداً بمعالجة صخر الفوسفات المطحون بحمض الكبريت بطريقة الاستخلاص ثم الترشيح، ثم رفع تركيز حمض الفوسفور بالتبخير، ثم معالجة صخر فوسفاتي مطحون جديد بحمض الفوسفور المركز هذا.
وسرعان ما تأسست وأنشأت مصانع أخرى في كل من أمريكا وأوربا. ولكن معظمها كان صغيراً ، ومعظم الإنتاج كان يستعمل في عمليات تكرير السكر بدلاً من استعماله كسماد. ولم يصبح ثلاثي سوبر فوسفات مادة سمادية هامة حتى عام 1950 حيث حل محل السوبر فوسفات العادي، لأنه يحتوي على نسبة أعلى من الفوسفور، وكان يتم الإنتاج بأفضل صوره (حالاته) بالقرب من مصادر الفوسفات الخام وضمن وحدات كبيرة ومنها يتم شحن المنتج إلى مصانع الخلط المحلية أو المزارعين.
وبالرغم من أن فوسفات الأمونيوم قد عرفت منذ زمن بعيد بأنها مخصب فعال, وبأن كميات صغيرة منها قد أنتجت في بلدان متعددة من حين لآخر، ولكنها لم يصبح مخصب رائج ومعروف حتى عام 1960. ويعتبر سماد فوسفات الأمونيوم اليوم هو الشكل والصيغة السائدة لسماد الفوسفات في العالم كله.
أما أسمدة النتروفوسفات فقد بدأت في أوربا في عام 1930 وتطورت تقنياتها ونمت بعد ذلك بغية تحسين نوعية المنتجات، وازدادت نسبة رواجها في أوربا كثيراً على هذا الأساس وأنشأت العديد من المصانع في بلدان أخرى، وأكثر هذه المصانع كان بطاقة إنتاجية كبيرة فاقت ال 1500 طن / يوم.
استعمل صخر الفوسفات الخام والمطحون بشكل ناعم جداً كسماد مباشر بدون أية معالجة إلى حد كبير في الولايات المتحدة وروسيا والصين وفي بلدان أخرى.
إن المعلومات الأخيرة تدل وتشير إلى أن قيمة الفوسفات الخام تختلف وتتنوع بشكل كبير باختلاف صفة الصخر الخام والمحصول والتربة التي سوف يستخدم فيها. وهناك دلائل تشير إلى أنها يمكن أن تكون مصدراً نافعاً لتغطية الحاجة للفوسفور للعديد من المحاصيل النامية في الأراضي الحمضية.
إن المصادر المبكرة لخامات الفوسفات كانت عبارة عن توضعات صغيرة في إنكلترا، ايرلندا ، إسبانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، الولايات المتحدة (كارولينا الجنوبية). ولم يدم طويلاً استغلال معظم هذه التوضعات إما لانخفاض جودتها أو أنها قد نفذت فعلاً.
والمصادر الكبرى الحالية للفوسفات هي من مناطق أخرى مختلفة في الولايات المتحدة وروسيا والمغرب العربي مع كميات صغيرة في الشرق الأدنى ومصر وتونس والجزائر وسورية والأردن وجنوب إفريقيا والبرازيل والتوغو وسينيغال وجزر الباسفيك. كما تم خلال السنوات الأخيرة اكتشاف توضعات فوسفاتية جديدة عديدة ضخمة يمكن أن نسمي بعضهاً منها في كل من استراليا والبيرو والجزيرة العربية وفنزويلا وكولومبيا وايران والهند. هذه التوضعات تحمل إمكانيات هامة لإنتاج فوسفات عالية الجودة. حتى أن المرء ليتساءل فيما إذا كانت اكتشافات أخرى ستتبعها أيضاً.
-2 الأسمدة النتروجينية Nitrogen Fertilizers
لسنوات عديدة كانت الحاجة لتزويد النبات بالنتروجين تعتبر ذات أهمية ثانوية رغم التعرف واد ا رك الدور الأساسي والهام للنتروجين في إنتاج المحاصيل. اعتبرت المصادر الطبيعية للنتروجين والتي تأتي من إتباع نظام دورة المحاصيل الزراعية كافية ومناسبة حيث أنها تقوم بتثبيت النتروجين المنحل بماء المطر. (حوالي 5 كغ لكل هكتار). كما أن بعض المحاصيل القرنية كالفول والحمص وغيرهما تقوم بتثبيت النتروجين الجوي ولذا لابد من إدخالها في دورة المحاصيل الزراعية، هذه المصادر الطبيعية يتم دعمها بكميات صغيرة من الأسمدة النتروجينية مثل سماد الجوانو Guano ونترات الشيلي والفضلات العضوية.
من المعروف أن الفحم الحجري يحتوي على 1% نتروجين، وحوالي نصف كمية النتروجين هذه تنطلق كمنتج ثانوي على شكل أمونيا من أفران فحم الكوك. وخلال الجزء الأخير من القرن التاسع عشر أصبحت هذه الأمونيا مصدراً هاماً لسماد النتروجين, حيث كان معظمها يحول إلى كبريتات الأمونيوم، أما الجزء الأصغر كان يتم تقديمه على شكل محلول ممدد للأمونيا. إن الزيادة السكانية أعطت الدليل ووضحت أن حاجات العالم للغذاء يمكن مواجهتها وتلبيتها عن طريق التموين المتزايد للنتروجين المثبت. ولهذا قامت البحوث والاختبارات والتجارب في بلدان عدة على موضوع الاستفادة من تثبيت نيتروجين الهواء.
وعلى هذا الأساس ظهرت ثلاث عمليات ناجحة على مستوى تجاري:
أ- ففي عام 1903 تم إدخال عملية القوس الكهربائي Arcتجارياً في النرويج والتي تعتمد على اتحاد نيتروجين الهواء بأوكسجينه لتشكل أحادي أكسيد النيتروجين NO في درجات حرارة القوس الكهربائي العالية (حوالي 3250 م). وعند تخفيض درجة الحرارة يتفاعل أحادي أكسيد النيتروجين مع زيادة من الأوكسجين لتشكيل ثنائي أكسيد النيتروجين 2 NOالذي ينحل بالماء وبوجود زيادة من الهواء لتشكيل حمض النتريك 3HNO. وهذا الأخير يحول إلى نترات الكالسيوم وذلك بتفاعله مع الحجر الكلسي.
ب- في نفس الوقت كانت قد اكتملت عملية تحضير سياناميد الكالسيوم Calcium Cyanamid حيث يتم أولاً إنتاج كاربيد الكالسيوم وذلك بتفاعل الكلس مع فحم الكوك في فرن كهربائي ثم تحويل كاربيد الكالسيوم إلى سياناميد الكالسيوم CaCN2 عن طريق تفاعله مع النتروجين النقي المستخلص من الهواء, وسياناميد الكالسيوم هذا يمكن أن يستعمل مباشرة كسماد مخصب أو أن يحلمأ Hydrolyzed لتشكل الأمونيا.
ج- إن عملية تثبيت النتروجين الجوي بطريقة القوس الكهربائي أو بطريقة سياناميد الكالسيوم لا تعتبر اقتصادية إلا إذا كان سعر وكلفة الكهرباء رخيصة جد اً. ولذلك حلت طريقة التصنيع المباشر للأمونيا من النتروجين والهيدروجين بدلاً عن الطريقتين السابقتين المكلفتين . ولقد أنجزت هذه الطريقة بنجاح وعلى مستوى تجاري في ألمانيا عام 1913 ثم أنشأت بعد الحرب العالمية الأولى عدة مصانع في ألمانيا وغيرها من البلدان لإنتاج الأمونيا . ومعظم هذه المصانع تعتمد على مزيج النتروجين والهيدروجين الناتج من تفاعل فحم الكوك مع بخار الماء والهواء.
وكانت مصانع الأمونيا الأولى صغيرة ولا تتجاوز الطاقة الإنتاجية في كل منها عن 50-25 طن / يوم ولذا بقيت تكاليف إنتاج الأمونيا باهظة وغالية الثمن كسماد. كما أن معظم كميات الأمونيا المنتجة كانت تستخدم لإنتاج المتفجرات أو المواد الكيميائية الصناعية، ولذا بقي استعمالها كسماد ضئيلاً.
ولكن التحسينات المتعاقبة في إنتاج الأمونيا قد خفضت الكلفة إلى الحد الذي أصبح فيه استعمالها لصناعة الأسمدة مناسباً واقتصادياً. ومن تلك التحسينات الاستفادة من تحطيم النفتا لتوليد الغاز الصناعي (نتروجين – هيدروجين) وما تبع ذلك من زيادة درجة ومعدل وطاقة التشغيل والإنتاج والتي ارتفعت لأكثر من 1500 طن / يوم في بعض المصانع .
وفي نفس الوقت الذي كانت فيه كبريتات الأمونيوم ونترات الكالسيوم ونترات الصوديوم (%N 15-20) تستعمل كسماد فقد حلت نترات الأمونيوم (N %34) محله كل منها وأصبحت سماداً هاماً منذ عام 1940 وأصبحت المثال الرائد للأسمدة النيتروجينية.
إلا أنه وفي عام 1960 أصبح إنتاج اليوريا N)% 46) النموذج الرائد والأفضل وقد نما بشكل سريع.
كما أن استعمال الأمونيا في التربة مباشرة N) % 82) إما على شكل محلول مائي قد تطور بسرعة كبيرة في بعض البلدان وربما يصبح هو الرائد الأفضل للأسمدة النيتروجينية في المستقبل.
-3 الأسمدة البوتاسية Potash Fertilizers
إن المصادر المبكرة للبوتاسيوم كانت رماد الأخشاب والنباتات ونفايات الشمندر السكري وملح البارود (نترات البوتاسيوم الطبيعية).
ثم تم الكشف عن توضعات ملح البوتاس الطبيعية في ألمانيا عام 1860م وسيطرت على السوق العالمية لمدة 75 عام.
وكانت التوضعات الخامية ذات الدرجة المنخفضة وغير المكررة مثل أملاح الدمن - المزابل -Manure (K2O % (20-25 والكاينيت Kainite K2O)%19) هي المصادر الأولى. ومع تطور طرق التكرير بشكل تدريجي زاد معدل نسبة K2O في المنتجات التجارية. ويعتبر كلور البوتاسيوم اليوم K2O) % 60-62) هو المنتج الأساسي والرئيسي، كما تعتبر كبريتات البوتاسيوم ونترات البوتاسيوم هي الأسمدة البوتاسية الرئيسية غير الكلورية. ولكن نظراً لغلاء ثمنها فإنها لا تستعمل إلا للمزروعات والتربة التي لا يناسبها الكلور، لأن كلور البوتاسيوم أرخص ثمناً منها.
ثم اكتشفت رواسب هامة للبوتاسيوم في بلدان أخرى، وبدأ الإنتاج في فرنسا في عام 1910 وفي إسبانيا عام 1925 وفي روسيا عام 1930 وفي الولايات المتحدة عام 1931 وفي كندا 1965. وهناك توضعات كبيرة لم تستغل بعد وتوجد في أماكن أخرى وربما أمكن الانتفاع بها مستقبلاً.
-4 مواد سمادية أخرى Other Nutrients
يعتبر الجص Gypsum (كبريتات الكالسيوم) أحد الأسمدة المكتشفة مبكراً والهامة حيث يقدم للنبات الكبريت والكالسيوم. وقد نشأ استعماله وبدأ عندما لاحظ عامل بناء ألماني أن كميات صغيرة من الجبس المنسكبة من عربته ذات العجلة الواحدة قد جعلت العشب على طول طريق العربة يصبح أخضراً وغضا. ومن ثم أصبح الجبس في الزراعة معروفاً باسم "جص الأرض" وبعد ذلك استخدم السوبر فوسفات وكبريتات الأمونيوم لتزويد النباتات بكميات كافية ووافية من الكبريت، رغم أن الهدف الأول لهذه المركبات هي تأمين الفوسفور والنيتروجين.
وبالمثل فإن خبث المعادن ومخلفات الأف ا رن العالية قد استعملا بشكل واسع وكبير في أوربا بسبب محتواها الفسفوري إلى جانب الكالسيوم والعناصر المغذية الصغرى Micronutrients بمختلف أنواعها.
في أغلب الدول الصناعية تنطلق ملايين الأطنان من الكبريت الناتج عن احتراق الوقود إلى الهواء الجوي على شكل غاز كبريتي SO2 ومن ثم تسقط مع المطر مزودة النباتات بما تحتاجه من الكبريت (بغض النظر عما تحدثه من تلف كبير للغابات والمزروعات لكونها ذات تركيز حمضي مرتفع ضار بالنباتات).
وباعتبار أن عملية إزالة غاز الكبريتي SO2 من غازات الاحتراق في المصانع أصبحت واسعة الانتشار بغية منع تلوث الهواء فإننا قد نحتاج إلى تأمين كمية أكبر من الكبريت في السماد. حيث أنه من المعروف حالياً أن الأراضي في المناطق غير الصناعية أو الأقل صناعية تحتاج إلى كمية من الكبريت للزراعة أكثر في الأراضي المجاورة للمناطق الصناعية.
يستخدم الحجر الكلسي والدولوميت بشكل واسع لتزويد النباتات بالكالسيوم والمغنزيوم عند الحاجة إلى هذين العنصرين. بالإضافة إلى مركبات المغنزيوم الأخرى مثل سيليكات المغنزيوم والبروسيت المكلس (MgO) Calcined Brucit وكبريتات المغنزيوم واللانغبينيت (K2SO4 , Langbenite)
(MgSO42).
إن أهمية معظم العناصر التي تحتاجها النباتات بكميات ضئيلة Micronutrients
لم يعرف حتى القرن العشرين باستثناء الحديد حيث اكتشف Gtis الفرنسي عام 1844 أن نقص الكلوروفيل لبعض النباتات يمكن أن يعالج برشها بأملاح الحديد.
ورغم أن Liebigلاحظ وجود المنغنيز في رماد النباتات ولكنه قد شك بأنه عنصر مغذي للنبات واستمر هذا الاعتقاد حتى عام 1905 حتى اكتشف وعُرف أن المنغنيز عنصر أساسي وضروري لنمو النباتات.
ومن ثم تبعه النحاس والبورون في عام 1920 ، والزنك (التوتياء) حوالي 1930 والموليبدنيوم 1939 والكلور 1954.
وما تزال هناك عناصر أخرى تبدو لأول وهلة ليس هامة وضرورية بشكل كبير ولكنها قد تصبح في بعض الحالات ضرورية لزيادة إنتاج المحاصيل أو تحسين النوعية وكمثال يضرب في هذا المجال هناك السيليكون والصوديوم والكوبالت.
-5 الأسمدة المركبة Compound Fertilizers
معظم المجربين الأوائل في مجال الأسمدة المركبة أمثال Mutty و Liebigقد عملوا بخلطات حاوية على مواد مغذية متنوعة وعديدة، إلا أنه لم ينتشر استعمالها على نطاق واسع حيث كان علم صناعة الأسمدة في أوربا يعتبر أن المهمة الأساسية هي إنتاج الأسمدة المفردة الصرفة، والتي يحتوي السماد منها على عنصر مغذٍّ واحد.
وعلى النقيض من ذلك فإن التطورات المبكرة لصناعة الأسمدة في الولايات المتحدة كانت تهتم فقط بالأسمدة المركبة، وكان الاتجاه السائد هو تأمين (%80-90) من الفوسفات والبوتاسيوم ونسب صغيرة من النيتروجين في الأسمدة المركبة والتي قد تحتوي أيضاً على العناصر السمادية الثانوية أو الصغرى, أما معظم النيتروجين الذي يحتاجه النبات فكان يقدم مباشرة كمادة صرفة (غير مخلوطة). وفي اليابان كما في أوروبا فإن الاتجاه السائد هو زيادة نسب الأسمدة المركبة.
إن السبب في زيادة نمو ورواج الأسمدة المركبة إلى أن المزارعين لم يعد لديهم الوقت الكافي أو الرغبة في استعمال الأسمدة المتنوعة المفردة بشكل منفصل وكل على حدة من جهة، كما أنه ليس عندهم الكفاءة والقدرة على معرفة نسبة الخلط والمزج من جهة أخرى.
وأصبحت الصيغ والتشكيلات للأسمدة المركبة المعقدة أكثر توسعاً وتنوعاً. فلكل نبات ولكل محصول تركيبة سمادية مركبة خاصة تعطي أعلى مردود وانتاجية.
إلاَّ أن هذا لم يمنع من أن يستعمل النيتروجين منفصلاً (وخاصة أن النبات يحتاجه على مراحل خلال فترة نمو). وذلك للحصول على نتائج أفضل من جهة، وأن كمية النيتروجين الموجودة في بعض المواد النيتروجينية الصرفة (غير المركبة) كالأمونيا اللامائية هي أرخص من الكمية نفسها فيما لو وجدت في الأسمدة المركبة من جهة ثانية.
في البداية كانت الأسمدة المركبة تحضر وتصنع بالمزج البسيط للمواد ذات المحتوى الفقير بالعناصر المغذية مثل الغوانو Guanoوالسوبر فوسفات وكبريتات الأمونيوم وكلور البوتاسيوم ومخلفات المواد العضوية المتخمرة ، وغالباً يضاف إلى هذا المزيج الحجر الكلسي المطحون كمادة مالئة وليعدل من حموضة السوبر فوسفات .
في عام 1930 أدخلت طريقة معالجة السوبر فوسفات بالأمونيا حيث أن المركب الناتج يزود النبات بالنيتروجين اللازم وبشكل اقتصادي ويحسن الصفات الفيزيائية للسوبر فوسفات. وبإضافة هذا المركب في خلطات السماد المركب يمكن الاستغناء عن إضافة مخلفات المواد العضوية المتخمرة (والتي قد استغني عنها لأسباب عديدة منها : اكتشاف استخدام أهم لها . فعلى سبيل المثال: كسبة بذرة القطن والتي كانت تخ مر وتستعمل كسماد نيتروجيني أصبحت الآن أكثر قيمة كعلف للمواشي والحيوانات) كما يمكن الاستغناء أيضاً عن إضافة المواد المالئة للسماد المركب.
إن زيادة استعمال المعدات والآلات الزراعية الميكانيكية من قبل المزارعين، دعت إلى استخدام مواد ذات جريان وتدفق سهل وح ر ، ومن هنا بدأ الاتجاه لإنتاج السماد المحبب وأصبح معروفاً وشائعاً منذ عام 1950 وساعدت الأسمدة المركبة على استبدال السوبر فوسفات العادي بالسوبر فوسفات الثلاثي، واستبدال نترات الصوديوم أو كبريتات الأمونيوم بنترات الأمونيوم أو اليوريا ومؤخراً تم إدخال حمض الفوسفور الحر والأمونيا في تركيبة السماد والحصول على نتائج أفضل.
لم تعد عملية تحضير الأسمدة المركبة عملاً ميكانيكياً سهلاً وبسيطاً ولكنها أصبحت عملية هندسية كيميائية معقدة، ولهذا فإن اقتصا ديتها تعتمد على عمليات تشغيل بطاقات إنتاجية عالية ، ولذلك فإن أصحاب المصانع المحلية ذات الطاقات الصغيرة توسعوا وتحولوا إلى أصحاب مصانع إقليمية ضخمة أو أصبحوا تجاراً وبائعين واما تركوا العمل نهائياً ، أو أنهم تحولوا إلى عمليات خلط الأسمدة السائبة (غير المعبأة Bulk) حيث إن عملية خلط, الأسمدة السائبة أصبحت معروفة وشائعة في بعض البلدان لأنه عن طريقها يستطيع المنتج المحلي أن يزود المزارع بما يحتاجه من أسمدة مركبة بمعدات وتجهيزات بسيطة وكلفة أقل. حيث أن الأسمدة المحببة، مثل فوسفات ثنائية الأمونيوم ونترات وكبريتات البوتاسيوم والأمونيوم أو اليوريا قد أنتجت من قبل شركات ضخمة تمتلك الكفاءات والقدرات للتصنيع الكيميائي والتحبيب وضمن تكاليف منخفضة للمواد الأولية.
هذه المواد تشحن بشكل سائب (غير معبأ) إلى المصانع التي تقوم بمزجها بالنسب التي توافق كل مزارع وكل محصول. ومن ثم تقوم تلك المصانع بتقديم الكثير من الخدمات للم ا زرعين.
إن نجاح هذا النظام يعتمد إلى حد كبير على التكاليف المنخفضة للنقل والشحن والتفريغ بين المصنع الكبير المنتج والمصنع الذي يقوم بالخلط ومراكز الاستهلاك. فكلما كانت كلفة النقل والشحن قليلة كلما كانت هذه العملية اقتصادية وناجحة، ولذلك أحياناً تقام مصانع الخلط قرب الطرقات العامة أو السكك الحديدية أو المرافئ البحرية حيث يكون النقل البحري متاحاً بين نقاط الممرات المائية.
ج- زراعة مكثفة أكثر :More Intensive Agriculture
إن التبدلات والتغيرات في الزراعة وأساليبها لم تكن أقل تأثيراً وأهمية من التطورات في مجال تكنولوجيا الأسمدة ، وهذه التبدلات لعبت دوراً كبيراً في زيادة الطلب على الأسمدة، في الوقت الذي كان فيه عدد سكان العالم نسبياً قليلاً وصغيراً، وكانت الأراضي والعمل وفيرين بغزارة، فكانت الحاجة صغيرة لزيادة مردود إنتاج الهكتار الواحد من المحاصيل الزراعية.
فعلى سبيل المثال: وفي بداية القرن العشرين كان قرابة نصف المزارع في الولايات الثلاث عشر الأصلية في الولايات المتحدة قد تُركت وهجرت وتحرك المزارعون والمهاجرون باتجاه أراضي جديدة أكثر غنى في وديان أوهايو والمسيسبي. وكانت في ذلك الوقت الأسمدة الكيميائية غالية جداً بحيث أنها لا تستعمل إلا فقط للمحاصيل ذات القيمة النقدية المرتفعة مثل القطن والتبغ في بعض الحالات استعادت الأراضي الزراعية المهجورة هذه جزء من خصوبتها الأصلية من خلال طرق وعمليات طبيعية ، حيث أن جذور الأشجار تصل إلى العمق في طبقات الأرض السفلى وذلك للحصول على زادها من العناصر المعدنية ، وتتجمع الأوراق والأغصان المتساقطة في طبقات التربة العليا. كما تطلق الصخور المتحللة بالعوامل الجوية عناصرها المعدنية بشكل أكثر نفعاً واتاحة. وعملية التثبيت والتجديد الطبيعية الجيولوجية منها والبيولوجية تعتبر الأساس لرفع نسبة النيتروجين والعناصر السمادية الأخرى في التربة البور المتروكة. وفي حالات أخرى يمكن أن تسبب التعرية القاسية للتربة ضرراً يفوق ما تصلحه الطبيعة. كما قد زرعت الأراضي الغنية لوادي الميسيسيبي لمدة تتراوح بين 75-100 عام بدون تسميد، أما مزارع هذه الأيام وحتى تلك قبل 50 سنة فقد كانت لحد كبير مورد رزق وكانت تحوي حيوانات الجر للنقل والحراثة وغيرها. أما حيوانات المزرعة الأخرى فكانت تقدم اللحم والبيض والحليب والزبد. ويستفاد من فضلاتها وروثها بإضافته للتربة بعد التفسخ ومزجه مع فضلات وبقايا المحاصيل الأخرى إضافة إلى النباتات ذات الثمار القرنية كالفول والبازلياء، وكذلك البرسيم والفصة إذا أدخلت ضمن الدورة الزراعية وحرثت الأرض, كل ذلك كان يضمن ويؤمن النيتروجين وبقية العناصر السمادية اللازمة للمزروعات.
نصح كيرل هوبكنز Cyril Hopkinsعام 1913 م في كتابه الشهير (المزرعة التي لن تبلى) وأوصى بنظام زراعي يصون ويحفظ المواد المغذية للتربة عن طريق إرجاع واضافة بقايا المحاصيل وفضلات الحيوانات والدمن الأخضر إلى الأرض الزراعية. وبما أن مخلفات المزرعة تعتبر فقيرة بالفوسفور والكالسيوم فقد نصح بإضافة الصخر الفوسفاتي المطحون مرة كل 5-10 سنوات، وكذلك إضافة الحجر الكلسي المطحون كلما دعت الحاجة والضرورة إليه.
كما حذر من استعمال الأسمدة الكيميائية بسبب ارتفاع تكلفتها وتأثيرها الآني الزائل، وعلى سبيل المثال كانت كلفة السوبر فوسفات في ذلك الوقت أربعة أمثال كلفة الصخر الفوسفاتي المطحون. وأعطى هوبكنز أمثلة عن الطريقة التي يمكن منها لنظامه أن يزيد من الأرباح والفوائد للمزرعة ، وفعلاً كان هذا النظام مفيداً ضمن الشروط السائدة قبل 65 سنة حيث أصبحت المحاصيل ذات مردود أفضل من المعدل العادي حينذاك ، ولكنها ما تزال منخفضة وفقاً لمقاييس يومنا الحالي. لقد مرت الكثير من البلدان بهذه الحالة حيث كانوا يتركون الأرض ذات المردود المنخفض لتجدد نشاطها وتعيد خصوبتها الأرضية مستثمرين بدلاً عنها أراضي جديدة.
كل هذه الأمور كانت حينئذٍ كافية واقتصادية من حيث قدرتها على تزويد البشر بحاجاتهم الغذائية. أما اليوم وبسبب النمو السكاني الكبير والسريع ، فقد ترك هذا الخيار وتم الاتجاه إلى رفع إنتاجية الهكتار الواحد بشتى الطرق الممكنة لكثير من البلدان النامية كما كان عليه الحال في البلدان المتطورة. ولهذا فإن زيادة استعمال الأسمدة أصبح أمراً ضرورياً وحاجة ماسة للزراعة التكثيفية، وخاصة أنه قد تم الاستغناء وعدم الاعتماد على حيوانات الجر لدخول الآلات الزراعية بدلاً عنها. بالإضافة إلى أن المخلفات الزراعية أصبحت تستعمل لأمور أخرى، ومعنى هذا انخفاض نسبة مخلفات المزرعة التي تضاف للأرض وبالتالي انخفاض نسبة النيتروجين، والمواد المغذية الأخرى التي تعاد إلى التربة ولذا لابد من تعويضها عن طريق استعمال الأسمدة الكيميائية لزيادة إنتاجية ومردود الأرض الزراعية.
إن العلامة البارزة ونقطة التحول في مجال التكثيف الزراعي كان في تطوير أنواع مختلفة وعالية المردود في محاصيل الحبوب حيث بدأ في الثلاثينات من هذا القرن تطوير أصناف مهجنة من الذرة وقد لعب ذلك دوراً هاماً ورئيساً في زيادة المردود وأيضاً تم تطوير أنواع ملائمة للشروط المناخية مثل (مقاومة الجفاف- والنضج المبكر) مع زيادة المساحات المزروعة، وتبع ذلك تحسين أنواع مختلفة من بذور القمح والرز إضافة إلى أنواع أخرى من المحاصيل الزراعية، وهذه الأنواع المحسنة من البذور ذات استجابة عالية للأسمدة وكانت عاملاً أساسياً في زيادة استخدام الأسمدة. ولا تزال الأبحاث مستمرة لإنتاج بذور ونباتات مهجنة ومحسنة أفضل.
المرجعة الإحصائية لتطور إنتاج واستهلاك الأسمدة وذلك من عام 1950-1976:
Statistical Review Of Growth in Fertilizer Production and
Consumption: 1950-1976
إن الإحصائيات التي تظهر تطور الإنتاج والاستهلاك السنوي للأسمدة الأساسية للبلاد المتطورة والنامية للأعوام 1976-1950 موضحة في الجدولين (1) و (2). والجدول رقم (3) يظهر المجموع العالمي بما في ذلك التقييمات التمهيدية لعام 1987. تبين الجداول الإنتاج والاستهلاك حسب العناصر المغذية ( K2O, P2O5 , N ) وحسب الحالة الاقتصادية للبلد (متقدمة أو نامية).
إن الإنتاج العالمي قد ازداد من حوالي 14 مليون طن في عام 1950 إلى 105 مليون طن في عام 1976 وذلك كما هو موضح في الشكل (1). وذلك بمعدل زيادة سنوية قدرها % 7.8 . وللوهلة الأولى يتبين لنا أنه ليس هناك اتجاه أو ميل واضح في نسبة الزيادة ولكن % 7.8 ل 14 مليون طن هي 1,1 مليون طن. بينما % 7.8 ل 92 مليون طن هي 7.2 مليون طن. وهكذا يبدو لنا أن الميل باتجاه زيادة الإنتاج مقدرة بالأطنان.
إن معدل ونسبة زيادة إنتاج الأسمدة النتروجينية كان أسرع من الفوسفاتية أو البوتاسية وذلك كما هو موضح في الشكل (2) والجدول (4)
خلال فترة 26 سنة (أي ما بين 1975-1950) زاد إنتاج الأسمدة النيتروجينية إلى أكثر من 10 مرات عما كان عليه، بينما ازداد إنتاج الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية بمعدل 4،4 و 5,6 مرة على التوالي.
كما نلاحظ أن معدل ونسبة الزيادة المئوية في البلدان النامية هي أعلى منها للبلدان المتقدمة، ولكن كمية الإنتاج مقدرة بالأطنان في البلدان المتقدمة كان أعظم منها في البلدان النامية وخلال الفترة الواقعة بين (1971- 1975) ازداد الإنتاج في البلدان النامية بمعدل %64 و %24 للبلدان المتقدمة. مع ذلك كانت الزيادة مقدرة بالأطنان في إنتاج البلدان المتقدمة أكبر بحوالي 3 أضعاف عنها في البلدان النامية وبشكل تقريبي 15 مليون طن مقابل 5 مليون طن. كما تضاءلت الأسعار إلى المستوى الأكثر معقولية، أما الاستهلاك فقد ارتفع ثانية كما هو موضح في الجدول (3).
وفي كل سنة كان الإنتاج يفوق الاستهلاك بكميات تتراوح ما بين %1-10 وقد بلغ معدل الاختلاف للسنوات العشر الممتدة ما بين (1974-1965) مقدار 5.3% مقارنة ب 3.8% للسنوات الخمسة عشر التي سبقتها، وهذه الاختلافات تشير إلى أن نسبة التفاوت تزداد، وهذه المسألة ذات أهمية تستدعي الوقوف عندها وتأملها لأن المفروض في بعض الأحيان أن يكون الاستهلاك والإنتاج في توازن ومتساويان بينما نرى أن الإنتاج قد فاق الاستهلاك حتى في فترات النقص الحادة. ولهذا فإنه عند التخطيط للإنتاج أو الإعداد لمواجهة أهداف الاستهلاك المستقبلية يجب أن يسمح بخسارة ظاهرية بمقدار 5% ونسبة هذه الخسائر تختلف من بلد لآخر وذلك اعتماداً على نظام كتابة التقارير ونظام التوزيع فيها.