المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7457 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تنبيهات (سراية إجمال المخصِّص إلى العامّ)  
  
1452   12:13 مساءاً   التاريخ: 8-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج2. ص.22
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016 1731
التاريخ: 29-8-2016 1069
التاريخ: 31-8-2016 1579
التاريخ: 31-8-2016 1847

التنبيه الأوّل : التمسّك بالعامّ مع كون الخاصّ معلّلا :    

لو قال المولى اكرم كل عالم، ثم قال منفصلا عنه لا تكرم زيدا وعمروا وبكرا لانهم فساق، فهل يجوز التمسك هنا بالعام في الفرد المشكوك اولا، الظاهر بل التحقيق هو الثاني لان تعليله بكونهم فساقا يعطى ان المخرج هو العنوان دون الاشخاص مستقلة ويأتي فيه ما قدمناه وما ربما يقال من جواز التمسك بالعام فيه لانه من قبيل التخصيص الزائد لا الشبهة المصداقية غير تام كما مر وجهه.

التنبيه الثاني : في العامّين من وجه المتنافيي الحكم :

إذا تعلق الحكم علي عنوانين بينهما عموم من وجه فتاره يكون احدهما حاكما على الاخر فلا شبهة في كونه من قبيل المخصص فلا يجوز التمسك بالعام المحكوم في الشبهة المصداقية في دليل الحاكم لعين ما مر، مع عدم الحكومة، فان قلنا بان العامين من وجه يشملهما ادلة التعارض وقواعد الترجيح وقدمنا احدهما معا لترجيح أو قلنا انهما من قبيل المتزاحمين وقلنا ان المولى ناظر إلى مقام التزاحم وكان حكمه انشائيا بالنسبة إلى المرجوح يكون حاله ايضا حال المخصص في عدم جواز التمسك مع الشبهة المصداقية في الراجح واما ان قلنا بان الحكمين في المتزاحمين فعليان على موضوعهما والتزاحم الخارجي وعدم قدرة العبد على اطاعتهما لا يوجب شأنية الحكم في المرجوح بل العقل يحكم بكونه معذورا في امتثال كليهما من غير تغيير في ناحية الحكم فالظاهر جواز التمسك في مورد الشك في انطباق الدليل المزاحم الذى هو اقوى ملاكا لان الحكم الفعلي على موضوعه حجة على المكلف ما لم يحرز العذر القاطع ولا يجوز عقلا رفع اليد عن الحكم الفعلي بلا حجة نظير الشك في القدرة حيث لا يجوز التقاعد عن التكليف الفعلي مع احتمال العجز.

التنبيه الثالث : في إحراز المشتبه بالأصل الموضوعي :

بعد البناء على عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية يقع الكلام في انه هل يمكن احراز المصداق بالأصل واجراء حكم العام عليه مطلقا أو لا مطلقا أو تفصيل بين المقامات اقوال. حجة النافي، ان شأن المخصص هو اخراج الفرد الخاص مع بقاء العام على تمامية موضوعه بالنسبة إلى الباقي من دون انقلاب الموضوع عما هو عليه، إذ اخراج الفرد نظير موته  فحينئذ لا يبقى مجال لجريان الاصل، إذ الاصل السلبي ليس شأنه الا نفى حكم الخاص عنه لا اثبات حكم العام له، ونفى احد الحكمين لا يثبت الاخر(نعم) في مثل الشك في مخالفة الشرط أو الصلح للكتاب امكن دعوى انه من الشبهة المصداقية الناشئة عن الجهل بالمفاد لغة، الذى كان امر رفعه بيد المولى، وفى مثله لا باس بالتمسك بالعام من غير احتياج إلى الاصل (انتهى) .

وفيه انه ان اراد من قوله ان التخصيص لا يعطى عنوانا زائدا على الموجود في نفس العام عدم حدوث انقلاب في موضوع العام بحسب الظهور، فهو حق لا غبار عليه إذ هذا هو الفرق بين التخصيص بالمنفصل وبين المتصل منها والتقييد، فان شان الاخيرين اعطاء قيد زائد على الموجود في الدليل الاول، و(لكن) ذلك لا يمنع عن جريان الاصل، وان اراد ان الموضوع باق على سعته بحسب الواقع والارادة الجدية ايضا، فهو ممنوع جدا إذ التخصيص يكشف عن ان الحكم الجدى تعلق بالعالم غير الفاسق أو العادل، وقياس المقام بموت الفرد، غريب لعدم كون الدليل ناظرا إلى حالات الافراد الخارجية، واخترام المنية لبعض الافراد لا يوجب تقييدا أو تخصيصا في الادلة بخلاف اخراج بعض الافراد، و(اغرب منه) ما ذكره في ذيل كلامه من جواز التمسك في الشبهة المصداقية لمخالفة الكتاب مستدلا بان رفعها بيد المولى، إذ لو كان الشك راجعا إلى الشبهة المصداقية فليس رفعها بيد المولى لان الشبهة عرضت من الامور الخارجية (اضف) إليه ان المثالين من باب المخصص المتصل لاتصال المخصص في قوله صلى الله عليه وآله: المؤمنون عند شروطهم (صلى الله عليه وآله )الا ما حرم حلالا أو احل حراما، ولا يجوز التمسك فيه بالعام بلا اشكال حجة القائل بجريانه مطلقا ان القرشية والنبطية من اوصاف الشيء في الوجود الخارجي لأنها التولد من ماء من هو منتسب إليهم، فلك ان تشير إلى ماهية المرأة وتقول ان هذه المرأة لم تكن قرشية قبل وجودها فيستصحب عدمها ويترتب عليه حكم العام لان الخارج من العام : المرأة التي من قريش، والتي لم تكن منه بقيت تحته فيحرز موضوع حكم العام بالأصل (انتهى).  

وعن بعض آخر في تقريبه ايضا، ان العام شامل لجميع العناوين وما خرج منه هو عنوان الخاص وبقى سايرها تحته، فمع استصحاب عدم انتساب المرأة إلى قريش أو عدم قرشيتها ينقح موضوع العام انتهى. وربما يقال في تقريبه ايضا ما (هذا ملخصه) ان اخذ عرض في موضوع الحكم بنحو النعتية ومفاد كان الناقصة، لا يقتضى اخذ عدمه نعتا في موضوع عدم ذلك الحكم، ضرورة ان ارتفاع الموضوع المقيد بما هو مفاد كان الناقصة انما يكون بعدم اتصاف الذات بذلك القيد على نحو السالبة المحصلة لا على نحو ليس الناقص، فمفاد قضية (المرأة تحيض إلى خمسين الا القرشية) هو ان المرأة التي لا تكون متصفة بكونها من قريش تحيض إلى خمسين، لا المرأة المتصفة بان لا تكون من قريش والفرق بينهما ان القضية الاولى سالبة محصلة والثانية مفاد ليس الناقص، فلا مانع من جريان الاصل لإحراز موضوع العام - هذا ولكن التعرض لكل ما قيل في المقام اوجله يوجب السأمة والملال والاولى صرف عنان الكلام إلى ما هو المختار على وجه يظهر الخلل في كثير من التقريبات التي افادها الاعلام الكبار، وسيوافيك تفصيل القول في مباحث البراءة والاشتغال بأذنه وتوفيقه سبحانه.

 فنقول تمحيص الحق يتوقف على بيان مقدمات نافعة في استنتاجه.

الاولى: تقدم القول في ان القوم قد ارسلوا اشتمال القضايا على النسبة في الموجبات والسوالب بأقسامها ارسال المسلمات وبنوا عليه ما بنوا، ولكن التحقيق، كما مر خلافه إذا الحملية كما سلف على قسمين حملية حقيقية غير مأولة وهى ما يحمل فيها المحمول على موضوعه بلا أداة تتوسط بينهما نحو: (الانسان حيوان ناطق) وقولك: (زيد قائم) وحملية مأولة وهي على خلاف الاولى تتوسط بينهما الأداة نحو (زيد في الدار)، والقسم الاول لا يشتمل على النسبة مطلقا لا على الكلامية ولا على الخارجية ولا فرق بين ان يكون الحمل اوليا أو شايعا صناعيا أو يكون الحمل على المصداق بالذات أو بالعرض كما لا فرق بين الموجبات والسوالب، غير ان الهيئة تدل في الموجبة على الهو هوية التصديقية وفى السالبة على سلب الهو هوية كذلك وقد تقدم براهين ذلك كله (عند البحث عن الهيئات) واما القسم الثاني فلا محالة يشتمل على النسبة، خارجية وكلامية وذهنية، (لكن) في الموجبات تدل على تحقق النسبة خارجا نحو قولك زيد على السطح، أو زيد في الدار، فانهما من الحمليات المأولة كما ان السوالب منها باعتبار تخلل أداة النسبة وورود حرف السلب عليها تدل على سلب النسبة وتحكى عن عدم تحققها واقعا فظهر ان الكون الرابط أو النسبة يختص من بين القضايا بموجبات هذا القسم اعني الحملية المأولة، واما السوالب من هذا القسم، والقسم الاول بكلا نوعيه فلا تشتمل عليها لما تقدم في محله من امتناع تحقق النسبة بين الشيء ونفسه والشيء وذاتياته كما في الاوليات والشيء وما يتحد معه كما في الصناعيات واما السوالب فهى لسلب النسبة أو نفى الهوهوية بناء على التحقيق فلا محالة تكون خالية عنها كما لا يخفى.

 الثانية: وفيها نتعرض لأمرين :

(الاول) بيان ما هو مناط احتمال الصدق والكذب، وما يوجب كون الكلام محتملا لهما: فنقول ان المناط في ذلك هو الحكاية التصديقية لا التصورية، سواء تعلقت بالهوهوية اثباتا ونفيا ام بالكون الرابط كذلك، توضيحه: ان الحكاية التصديقية التى تفيد فائدة تامه (تارة) تتعلق بالهوهوية وان هذا ذاك تصديقا، أو سلب الهوهوية ونفى ان هذا ذاك بنحو التصديق و(اخرى) تتعلق بالكون الرابط بنحو الاثبات نحو زيد له البياض، أو زيد في الدار أو بنحو النفي نحو ليس زيد في الدار، فالمناط في احتمال الصدق والكذب هذه الحكاية واما إذا خلى الكلام عن تلك الحكاية التصديقية، فينتفى مناط الاحتمال سواء دل على الاتحاد التصوري نحو زيد العالم أو على النسبة التصورية كما في الاضافات الثاني من الامرين بيان مناط صدق القضايا وكذبها فنقول ليس مناطه ما دارج بينهم من تطابق النسبة الكلامية مع النسبة الواقعية ضرورة عدم امكان اشتمال الحمليات غير المأولة على النسبة مطلقا وكذا السوالب من المأولة مع وجود الصدق والكذب فيهما، بل مناطه هو مطابقة الحكاية لنفس الامر وعدمها، فلابد ان يلاحظ الواقع بمراتبه وعرضه العريض، فان طابق المحكي فهو صادق والا فهو كاذب فقولنا الله تعالى موجود صادق، وقولنا: الله تعالى له الوجود كاذب، فان الاول يحكى حكاية تصديقية عن الهوهوية بينهما، والمحكي ايضا كذلك، والثاني يحكى تصديقا عن عروض الوجود، ونفس الامر على خلافه، و(اما السوالب) فبما انها ليس للإعدام مصداق واقعى فمناط الصدق والكذب مطابقة الحكاية التصديقية لنفس الامر بمعنى لزوم كون الحكاية عن سلب الهوهوية أو سلب الكون الرابط، مطابقا للواقع، لا بمعنى ان لمحكيها نحو واقعية بحسب نفس الامر ضرورة عدم واقعية للأعدام بل بمعنى خلو صحيفة الوجود عن الهوهوية والنسبة وعدم وجود لواحد منهما في مراتب نفس الامر، فعدم مصداق واقعى للهوهوية والنسبة مناط لصدقها، واشتمال الوجود على واحد منها مناط كذب ما يدل على نفيه، فلو قلت: ليس شريك الباري بموجود لكان صادقا لخلو صحيفة الوجود عنه والمفروض ان الحكاية عن خلوه عنه فالحكاية مطابقة لنفس الامر ولو قلت شريك الباري غير موجود، أو لا موجود بنحو الايجاب العدولي لصار كاذبا، لان الموجبة محصلة كانت أو معدولة تحتاج في صدقها إلى وجود موضوع في ظرف الاخبار وهو هنا مفقود، الا ان يؤول بالسالبة المحصلة كما انه لا محيص عن التأويل في قولنا شريك الباري معدوم أو ممتنع، واما مناط الصدق والكذب في لوازم الماهية فليس معناه ان لكل من اللازم والملزوم محصلا مع قطع النظر عن الوجود، بل معناه ان الانسان عند تصور الاربعة يجد معه في تلك المرتبة زوجيتها مع الغفلة عن وجود الاربعة في الذهن ويرى بينهما التلازم مع الغفلة عن التحصل الذهني، فيستكشف من ذلك ان الوجود الذهني دخيل في ظهور الملازمة لا في لزومها حتى يكون من قبيل لازم الوجودين.

 المقدمة الثالثة : وهى من اهم المقدمات: ان القضية تنقسم إلى الموجبة والسالبة وكل واحدة منهما إلى البسيطة والمركبة، والكل إلى المحصلة والمعدولة وحينئذ فبما ان ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له، فلا محيص في الموجبة من وجود موضوع في ظرف ثبوت الحكم حتى يصح الحكم ويحكم بالصدق، وما ذكرنا من القاعدة الفرعية حكم بتي لا يقبل التخصيص، فلا فرق بين ان يكون الثابت امرا وجوديا كما في الموجبة المحصلة، أو امرا غير وجودي كما في الموجبة المعدولة نحو (زيد لا قائم) والموجبة السالبة المحمول وهو ما يجعل فيه السالبة المحصلة نعتا للموضوع نحو زيد هو الذى ليس بقائم (وجه عدم الفرق) هو انه كما اعتبر الاتحاد والهوهوية بين زيد وقائم في الموجبة المحصلة، كذلك اعتبرت الهوهوية بين زيد وعنوان اللاقيام إذ لابد من نحو تحقق للمتحدين في طرف الاتحاد ولهذا قلنا في محله ان القضية المعدولة لا تعتبر الا إذا كانت الاعدام فيما من قبيل اعدام الملكات حتى يكون لمكانها نحو تحقق، فيقال زيد لا بصير أو اعمى، ولا يقال الجدار لا بصير أو اعمى لتحقق ما به الاتحاد في الاول دون الثاني، وقس عليه الموجبة السالبة المحمول، إذ هي ترجع إلى نحو اتحاد أو توصيف وله نحو ثبوت، فلابد من نحو وجود حتى يصح ذلك، فظهر ان الموجبات تفتقر في صدقها إلى وجود الموضوع في جميع اقسامها، وهو واضح.

المقدمة الرابعة: ان موضوع الحكم في الجملة الخبرية والانشائية، لابدان يكون مفردا أو في حكم المفرد، حتى ان الشرطية التي تتألف من قضيتين تخرجان بذلك عن التمامية وتصيران كالجمل الناقصة، والسر في ذلك ان الحكاية عن موضوع الحكم فقط أو محموله كذلك لابد ان تكون حكاية تصورية، كما ان الحكاية عن اتحادهما أو حصول احدهما في الاخر لابد ان تكون حكاية تصديقية، وهى الملاك لكون الجملة قضية تامة، والحكاية التصورية متقدمة على التصديقية اعني جعل الحكم على الموضوع، و(عليه) لا محيص عن كون الموضوع امرا مفردا أو مأولا به، إذ لا تجتمع الحكاية التصورية مع التصديقية، ولا يجتمع النقص والتمام في جملة واحدة وفى حال واحد ولو بتكرر الاعتبار، فلو قلت: (زيد قائم غير عمرو قاعد) لا تكون الحكاية التصديقية فيه الا عن مغايرة جملتين لا عن قيام زيد وقعود عمرو، فلو قال المتكلم (ليس زيد بقائم غير ليس عمرو بقاعد) فكل من الموضوع والمحمول جملة ناقصة بالفعل، وإذا انحلت القضية خرج كل واحدة منهما من النقص وصار قضية تامة موجبة محصلة أو سالبة محصلة كما في المثالين وربما صار سالبة معدولة أو موجبة سالبة المحمول مثل (المرأة غير القرشية، حكمها كذا) أو (المرأة التي ليست بقرشية حكمها كذا)

المقدمة الخامسة: انه قد مر سابقا ان التخصيص سواء كان متصلا ام منفصلا يكشف عن تضيق ما هو موضوع للعام بحسب الارادة الجدية، ولا يمكن تعلق الحكم الجدى على جميع الافراد مع انه خصصه بالإرادة الجدية على افراد مقيدة بالعدالة، وليس ذلك الامتناع لأجل تضاد الحكمين حتى يقال ان الغائلة ترتفع بتكثر العنوان، بل لأجل ان الارادة الجدية إذا تعلقت بحرمة اكرام كل واحد من الفساق منهم، يمتنع تعلق ارادة اخرى على اكرام كل واحد من العلماء جدا بلا تخصيص، مع العلم بان بعض العلماء فاسق، ويؤول ذلك الامتناع، إلى امتناع نفس التكليف. وان شئت قلت: ان المولى الملتفت بموضوع حكمه لا تتعلق ارادته الجدية على الحكم به الا بعد تحقق المقتضى وعدم المانع، فإذا رأى ان في اكرام عدول العلماء مصلحة بلا مفسدة وفى اكرام فساق العلماء مفسدة ملزمة أو ليست فيه مصلحة، فلا محالة تتضيق ارادته وتتعلق بإكرام عدو لهم أو ما عدى فساقهم، ولا يقاس المقام بباب التزاحم إذ المولى لم يحرز في الافراد المخصصة مصلحة بل ربما احرز مفسدة في اكرامهم، فلا يعقل  حينئذ فعلية الحكم في حقهم بخلاف باب المتزاحمين و حينئذ يسقط ما ربما يقال من ان المزاحمة في مقام العمل لا توجب رفع فعلية الحكم عن موضوعه، و(كيف كان) ان موضوع العام بحسب الارادة الجدية بعد التخصيص يتصور على وجوه ثلاثة، (الاول ان يكون علي نحو العدم النعتي على حذو لفظ العدول (كالعلماء غير الفساق) وكالمرأة غير القرشية و(الثاني) ان يكون العدم النعتي على حذو السالبة المحمول كالعلماء الذين لا يكونون فساقا اكرمهم والمرأة التي لا تكون قرشية - ترى الدم إلى خمسين، و(الثالث) ان يكون موضوع العام على حذو السالبة المحصلة التي تصدق مع عدم موضوعها، كما إذا قلت: إذا لم يكن العالم فاسقا فأكرمه ، فالموضوع اعني السالبة المحصلة مع قطع النظر عن حكمه الايجابي أي (اكرم) يصدق فيما إذا لم يكن للعالم وجود اصلا، كما إذا قلت: إذا لم تكن المرأة قرشية ترى الدم إلى خمسين، فيصدق موضوعه مع قطع النظر عن حكمه اعني ترى، فيما إذا لم تكن المرأة موجودة راسا، هذه هي الوجوه المتصورة. ولكن لا سبيل إلى الثالث إذ جعل الحكم الايجابي على المعدوم بما هو معدوم غير معقول، والحكاية بالإيجاب عن موضوع معدوم، حكاية عن امر محال، فالسالبة المحصلة بما انها تصدق بانتفاء الموضوع ايضا يمتنع ان يقع موضوعا لحكم ايجابي، إذ قولنا: إذا لم تكن المرأة قرشية ترى الدم إلى خمسين، لو كان بنحو السلب التحصيلي الصادق مع سلب موضوعه، يرجع مغزاه إلى ان المرأة التى لم توجد ايضا ترى الدم، فلا محيص عن فرض وجود الموضوع فيكون الحكم متعلقا بالمرأة الموجودة إذا لم تكن من قريش، فالاعتبارات التي يمكن اخذها قيدا لموضوع العام المخصص احذ هذه الامور(العدم النعتى العدولي) و(السالبة المحمول) و(السالبة المحصلة) بشرط امرين: اعتبار وجود الموضوع والا يلزم جعل الحكم على المعدوم - وعدم ارجاعه إلى التقييد والنعت والا يرجع إلى السالبة المحمول. إذا عرفت ما مهدناه: فاعلم: انه إذا كان الفرد الموجود متصفا بعنوان العام وغير متصف بعنوان الخاص سابقا بحيث كان عالما غير فاسق فشك بعد برهة عن الزمن في انقلاب احد القيدين إلى ضده، فلا اشكال في انه يجرى الاصل ويحرز به عنوان العام بما هو حجة اعني (العالم العادل) أو (العالم غير الفاسق) وهذا فيما إذا كان العلم بعدالته مقارنا للعلم بانه عالم، بان نعلم انه كان قبل سنة عالما وعادلا و(اما) لو علمنا ان زيدا كان غير فاسق وشككنا في بقاء عدمه النعتي ولكن لم يكن علمه في حال عدم فسقه متيقنا حتى يكون المعلوم عندنا كونه (العالم غير الفاسق)، بل علم انه عالم في الحال، فلا يمكن  حينئذ احراز موضوع العام بالأصل والوجدان الا على القول بحجية الاصول المثبتة، لان استصحاب عدم كون زيد فاسقا، أو كونه غير فاسق، مع العلم بانه عالم في الحال، يلزمه عقلا ان زيدا العالم غير فاسق على نحو النعت والتقييد، (وبعبارة اخرى) ان موضوعه هو العالم المتصف بعدم كونه فاسقا، فجزئه عدم نعتي للعالم بما هو عالم وهو غير مسبوق باليقين، وما هو مسبوق به هو زيد المتصف بعدم الفسق لا العالم وهو ليس جزئه، واستصحاب العدم النعتي لعنوان، لا يثبت العدم النعتي لعنوان متحد معه، الا بحكم العقل وهو اصل مثبت، وتعلق العلم بان زيدا العالم في الحال لم يكن فاسقا بنحو السلب التحصيلي لا يفيد، لعدم كونه بهذا الاعتبار موضوعا للحكم و(من هذا) ظهر عدم لمكان احراز جزئي الموضوع بالأصل إذا شك في علمه وعدالته مع العلم باتصافه بهما سابقا في الجملة لو لم يعلم اتصافه بهما في زمان واحد، حتي يكون العالم غير الفاسق، مسبوقا باليقين فالمناط في صحة الاحراز هو مسبوقية العدم النعتي لعنوان العالم، لا العدم النعتي مطلقا فتدبر.

 هـــــذا: كله في الاوصاف العرضية، المفارقة وقد عرفت مناط جريانه، ولعا إذا كان الاتصاف واللااتصاف من العناوين التي تلزم وجود المعنون، كالقابلية واللاقابلية للذبح في الحيوان، والقرشية واللاقرشية في المرأة، والمخالفة وعدمها للكتاب في الشرط، فهل يجرى فيه الاصل لأحراز مصداق العام أو لا، الحق امتناع جريانه على جميع الوجوه المتصورة بيان ذلك. اما إذا كان الوصف من قبيل العدم النعتي بنحو العدول أو بنحو الموجبة السالبة المحمول، فواضح لان كلا منهما يعد من اوصاف الموضوع وقيوده بحيث تتصف الموضوع بهذه الصفة، والاتصاف والصفة فرع كون الموضوع موجودا في الخارج لما مر من القاعدة الفرعية، حتى تتقيد بأمر وجودي و(عليه) فلو قلنا ان الموضوع بعد التخصيص، عبارة عن المرأة غير القرشية والشرط غير المخالف على نحو الايجاب العدولي، أو عبارة عن المرأة التى ليست بالقرشية، والشرط الذى ليس مخالفا للكتاب بنحو السالبة المحمول، فلا محيص عن فرض وجود للموضوع حتى يصح في حقه هذه الاوصاف و(لكنه) مع هذا الفرض غير مسبوق باليقين، إذا الفرد المشكوك كونها قرشية أو لا، أو مخالفا للكتاب أو لا، لم تتعلق به اليقين في زمان بانه متصف بغير القرشية، أو بانها ليست بقرشية، كي يجر إلى حالة الشك، لان هذه الاوصاف ملازمة لوجود الفرد من بدء نشوه، لا ينفك عنه اصلا فهى اما تولدت قرشية أو غير قرشية والحاصل:

انك لو تأملت في امرين يسهل لك التصديق للحق احدهما ان الايجاب العدولي والموجبة السالبة المحمول، مع كونهما جملة ناقصة لأجل اخذهما قيدا للموضوع، يحتاج إلى الموضوع فانه في كل منهما يكون الموضوع متصفا بوصف، فكما ان المرأة غير القرشية، تتصف بهذه الصفة، كذلك المرأة التي لم تتصف بالقرشية، أو لم تكن قرشية، موصوفة بوصف انها لم تتصف بذلك أو لم تكن كذلك والفرق بالعدول وسلب المحمول غير فارق فيما نحن فيه، إذ المرأة قبل وجودها كما لا تتصف بانها غير قرشية لان الاتصاف بشيء فرع وجود الموصوف، كذلك لا تتصف بانها - هي التي لا تتصف بها - لعين ما ذكر، وتوهم ان الثاني من قبيل السلب التحصيلي ناش من الخلط بين الموجبة السالبة المحمول وبين السالبة المحصلة، والقيد في العام بعد التخصيص يتردد بين التقييد بنحو الايجاب العدولي والموجبة السالبة المحمول، ولا يكون من قبيل السلب التحصيلي لانه لا يوجب تقييدا في الموضوع والمفروض ورود تقييد على العام بحسب الجد. ثانيهما عدم حالة سابقة لهذا الموضوع المقيد بأحد القيدين لان هذه المرأة المشكوك فيها لم يتعلق بها العلم بكونها غير قرشية في زمان بدء وجودها حتى نشك في بقائه بل من اول وجودها مجهولة الحال عندنا، و(اما) إذا كان القيد من قبيل السلب التحصيلي الذى لا يوجب تقييدا في الموضوع فهو وان كان لا يحتاج في صدقه إلى وجود الموضوع لعدم التقييد والاتصاف حتى يحتاج إلى المقيد والموصوف الا انه يمتنع ان يقع موضوعا لحكم ايجابي اعني حكم العام وهو قوله (ترى) لان السلب التحصيلي يصدق بلا وجود موضوعه، فلا يعقل جعله موضوعا لحكم اثباتي، ولا معنى لتعلق الحكم الايجابي على العالم مسلوبا عنه الفسق بالسلب التحصيلي الذى يصدق بلا وجود للعالم، فلابد من اخذ الموضوع مفروض الوجود، فيكون العالم الموجود إذا لم يكن فاسقا، موضوعا، ويرد عليه ما ورد على القسمين الاولين من انتفاء حالة سابقة. اضف إلى ذلك. ان القول بان هذه المرأة لم تكن قرشية قبل وجودها قول كاذب، إذ لا ماهية قبل الوجود، والمعدوم المطلق لا يمكن الاشارة إليه لا حسا عقلا، فلا تكون هذه المرأة قبل وجودها هذه المرأة، بل تلك الاشارة من مخترعات الخيال واكاذيبها، فلا تتحد القضية المتيقنة مع القضية المشكوك فيها وصحة الاستصحاب منوطة بوحدتهما، و(هذا) الشرط مفقودة في المقام لان المرأة المشار إليها في حال الوجود ليست موضوعة للقضية المتيقنة الحاكية عن ظرف العدم، لما عرفت ان القضايا السالبة لا تحكى عن النسبة والوجود الرابط، ولا عن الهوهوية بوجه، فلا تكون للنسبة السلبية واقعية حتى تكون القضية حاكية عنها، فانتساب هذه المرأة إلى قريش مسلوب ازلا، بمعنى مسلوبية كل واحد من اجزاء القضية اعني هذه المرأة وقريش والانتساب، لا بمعنى مسلوبية الانتساب عن هذه المرأة إلى قريش، والا يلزم كون الاعدام متمايزة حال عدمها وان شئت قلت: فالقضية المتيقنة غير المشكوك فيها بل لو سلم وحدتهما يكون الاصل مثبتا وبالجملة فالقضيتان مختلفتان فما هو المتيقن قولنا: لم تكن هذه المرأة قرشية ولو باعتبار عدم وجودها والمشكوك قولنا: هذه المرأة كانت متصفة بانها لم تكن قرشية وكم فرق بينهما: وان شئت قلت ان المتيقن هو عدم كون هذه المرأة قرشية باعتبار سلب الموضوع أو الاعم منه ومن سلب المحمول، واستصحاب ذلك واثبات الحكم للقسم المقابل أو للأخص مثبت لان انطباق العام على الخاص في ظرف الوجود عقلي، وهذا كاستصحاب بقاء الحيوان في الدار واثبات حكم قسم منه بواسطة العلم بالانحصار (فظهر) ان السالبة المتقيدة بالوجود، اخص من السالبة المحصلة المطلقة واستصحاب السلب المطلق العام الذى يلائم مع عدم الوجود لا يثبت الخاص المقيد بالوجود ويعد من لوازمه.

 وانت إذا امعنت النظر في احكام القضايا الثلاث من المعدولة والسالبة المحمول والسالبة المحصلة، وفى ان الاولين باعتبار وقوعهما وصفين لموضوع العام، لابد فيهما من وجود الموضوع لقاعدة ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له، وان الثالث باعتبار صدقه بلا وجود موضوعه، لا يمكن اخذه موضوعا لحكم ايجابي وهو حكم العام، يسهل لك التصديق بعدم جريان استصحاب الاعدام الازلية في امثال المقام مطلقا لعدم الحالة السابقة لهذا الاصل تارة وكونه مثبتا اخرى وبما ذكرنا يظهر الاشكال فيما افاده بعض الاجلة في تعاليقه على تقريراته فراجع .

التنبيه الرابع : إحراز حال الفرد بالعناوين الثانوية :

لا يجوز التمسك بعموم وجوب الوفاء بالنذر إذا شك في صحة الوضوء بمائع مضاف فضلا عن دعوى كشف حال الفرد والحكم بصحته مطلقا، لان اطلاقات ادلة النذر أو عموماتها مقيدة بانه لا نذر الا في طاعة الله، أو لا نذر في معصية الله فحينئذ يصير متعلق الارادة الجدية مقيدة بعنوان الطاعة أو بكون النذر في غير المعصية، فالتمسك بأدلة النذر مع الشك في ان التوضى بمائع مضاف هل هو طاعة أو غيرها، تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، واغرب منه كشف حال الموضوع أي اطلاق الماء به، والعجب من المحقق الخراساني، حيث ايد تلك الدعوى بما ورد من صحة الاحرام قبل الميقات والصوم في السفر إذا تعلق بهما النذر، واضاف إليه شيخنا العلامة (قدس سره) نذر الناقلة قبل الفريضة و(لكنك خبير) بان الامثلة غير مربوطة بالدعوى لان المدعى هو التمسك بالعام المخصص للكشف حال الفرد وهى ليست من هذا القبيل فان الاحرام قبل الميقات حرام وبعد النذر يصير واجبا لدلالة الادلة وكذا الصوم في السفر، وصيرورة الشيء بالنذر واجبا بدليل خاص غير التمسك بالعام للكشف حال الفرد.

التنبيه الخامس : في التمسّك بأصالة العموم لكشف حال الفرد :

إذا دار الامر بين التخصيص والتخصص فهل يمكن التمسك بأصالة العموم لكشف حال الفرد، وان حرمة اكرامه لأجل كونه غير عالم، لا لخروجه عن حكم العلماء مع كونه دخلا فيهم موضوعا (ربما يقال) بجواز التمسك وهو ظاهر كلام الشيخ الاعظم ايضا في باب الاستنجاء لأثبات طهارة مائه، متمسكا بأصالة عموم كل نجس منجس والمفروض ان ماء الاستنجاء ليس بمنجس، فهو ليس بنجس، والا لزم التخصيص وربما يتمسك به لأثبات ان الفاظ العبادات موضوعة للصحيح بطريق عكس النقيض بدعوى ان الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وان ما لا تنهى عن الفحشاء ليست بصلاة لأصالة عموم الدليل.

و(لكن الحق) عدم صحته لان المتيقن من حجية تلك الاصول وجريانها انما هو إذا جعلت عبرة لتشخيص المراد مع الشك فيه لا في مثل المقام، فلو علمنا مراد المتكلم وعلمنا ان زيدا عنده محرم الاكرام وشككنا في ان خروجه من العام اهو بنحو التخصص أو التخصيص فلا اصل عند العقلاء لإثباته، وهذا نظير اصالة الحقيقة الجارية لكشف المراد لا لكشف الوضع بعد العلم بالمراد والسر فيه ان هذه الاصول للاحتجاج بين العبيد والموالي لا لكشف حال الوضع والاستعمال مطلقا واما ما قرره بعض اهل التحقيق مؤيدا مقالة استاذه المحقق الخراساني من ان اصالة العموم وان كانت حجة لكنها غير قابلة لأثبات اللوازم ومثبتات هذا الاصل كسائر الاصول المثبتة في عدم الحجية مع كونه امارة في نفسه فلا مجال للتمسك بعكس نقيض القضية الذى يعد من لوازم الموجبة الكلية عقلا، لان ذلك اللازم انما يترتب في فرض حجية اصالة العموم لإثبات لازم المدلول، و(وجه التفكيك) بين اللازم والملزوم عدم نظر العموم إلى تعيين صغرى الحكم نفيا واثباتا وانما نظره إلى اثبات الكبرى، كما هو المبنى في عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وما نحن فيه ايضا مبنى على هذه الجهة (انتهى) بأدنى تصرف وتوضيح قلت: ان عكس النقيض لازم لكون الكبرى حكما كليا ولا يلزم ان يكون العام ناظرا إلى تعيين الصغرى في لزومه له، فلو سلم ان اصالة العموم جارية وانها كالإمارات بالنسبة إلى لوازمها فلا مجال لإنكار حجيتها بالنسبة إلى لازمها الذى لا ينفك عنها، فلا يصح ان يقال ان العقلاء يحكمون بان كل فرد محكوم بحكم العام واقعا ومعه يحتمل عندهم ان يكون فرد منه غير محكوم بحكمه الا ان يلتزم بانها اصل تعبدي لا امارة وهو خلاف مفروضه .

التنبيه السادس : في التمسّك بالعامّ إذا كان المخصّص مجملا :

لو دل الدليل على اكرام العلماء، ودل دليل منفصل على عدم وجوب اكرام زيد لكنه تردد بين زيد العالم والجاهل، فالظاهر جواز التمسك بأصالة العموم هنا، للفرق الواضح بين هذا المقام والمقام السابق لان الغرض من جريانها هناك لأجل تشخيص كيفيه الارادة دون تعيين المراد، و(هيهنا) الامر على العكس إذ هو لأجل تشخيص المراد وكشف ان الارادة الاستعمالية هل هي في زيد العالم مطابقة للجد أو لا، و(بتقريب آخر) ان المجمل المردد ليس بحجة بالنسبة إلى العالم ولكن العام حجة بلا دافع فحينئذ لو كان الخاص حكما الزاميا كحرمة الاكرام يمكن حل اجماله بأصالة العموم، لأنها حاكمة على ان زيدا العالم يجب اكرامه ولازمه عدم حرمة اكرامه، ولازم ذلك اللازم حرمة اكرام زيد الجاهل بناء على حجية مثبتات الاصول اللفظية فينحل بذلك حكما الحجة الاجمالية التي لولا العام يجب بحكم العقل متابعتها، وعدم جواز اكرام واحد منهما، واما الشيخ فقد سوى بين القسمين قائلا بان ديدن العلماء التمسك بالعام في المباحث الفقهية في مثله .

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية