أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-2-2020
1942
التاريخ: 7-3-2022
3219
التاريخ: 28-7-2016
1608
التاريخ: 7-3-2020
1625
|
لقد ظهرت في أثينا منذ القرن الخامس قبل الميلاد وظيفة ما يمكن أن نسميه المخطّط الاستراتيجي أو الحربي stratège . حيث "القبائل" تختار عشر " استراتيجيين" أو مخططين. يؤسسون مدرسة يستطيع أحد من داخلها أن يفرض نفسه على الآخرين المتبقين. لكن جميع الأعضاء في هذه المدرسة ليدهم الإمكانية في قيادة الجيش أو جزءا منه، فاستراتيجي من بينهم يقود الجنود المسلحين في المناطق الريفية، وآخر مكلف بالدفاع عن الإقليم أو الدولة، واثنان آخران مهمتهما الدفاع عن الشواطئ، أما الخامس يهتم بتسليح الأسطول، والخمسة الآخرون يكون لديهم أعمال متعددة ومتغيرة. بعد الاسكندر الأكبر، مدرسة الاستراتيجيين ستتبدل وتتغير في المملكة الهيلينية، ولكن تبدل نحو التوسع على كافة أراضي المملكة مع ضعف في الأهمية لهذه المدرسة. ومع أن وظيفة الاستراتيجي يبدو أنها أصبحت مؤمنة ومضمونة ،لكن فكرة الاستراتيجية بقيت غامضة.
إن كلمة strategema ستظهر في الربع الثاني من القرن السادس قبل الميلاد، ولكنها ستوجد ولمرة واحد عند Xénophon ،أما تعريفها الحقيقي سيأتي فيما بعد على يد الحكيم المسيحي Clément Alexandrie في القرن الثاني قبل الميلاد. وتقريبا في نفس العصر ستظهر كلمة strategika على يد Demetrois de Phalère. المصطلحان مرادفان لكلمات أخرى، من غير أن يشير المعنى إلى الخداع و الحيلة، ولكن رغم ذلك يبقى المعنى الأكثر تداولا وقتها هو ما يشير إلى الحيلة و الوسيلة والخداع. لكن المصطلحين السابقين لا نجدهما لا عند "هيرودوت" و لا عند " ثوسيدس". ابتداء من مؤرخي القرن الأول قبل الميلاد كلمة strategema ترتبط بفكرة الحيلة والوسيلة والخداع في المعركة، بينما كلمة strategika سيكون معناها مرتبط بوظيفة ومكتب "الجنرال". أما الفعل strategeo سيحصل على معنى أكثر دقة، فعند Onosander سيعني تماما " ناور" من المناورة.
ضمن هذا الوضع سيلجأ الرومان إلى " لتينة" المفهومين ( لتينة: أعطى كلمة غير لاتينية صيغة لاتينية). حيث سيتحدث " شيشرون" عن strategema في رسالة مؤرخة في العار من أيار سنة الواحد والخمسين قبل الميلاد، أما هذا المصطلح سيحل تدريجيا مكان معناه اللاتيني المنافس له(dolus ,ars ,astutia, sollertia). ولكن حتى نحافظ على الجانب العلمي للدراسة لابد من القول أن الرومان تحدثوا عن العلوم العسكرية أو عن علم الأشياء العسكرية (scientia rie militaris) و الذي يتضمن الاستراتيجية.
المنظرون الاستراتيجيون البيزنطيون ،والذين سيبقون ناشطين حتى القرن الخامس بعد الميلاد ، يقدمون strategos أو stratège ليكون " الاسم الذي نعطيه لمن يكون في المكان الأول في الجيش، والذي يكون رئيسه". أما الكاتب Syrianos سيعرف أحد فصول دراسته في القرن السادس الميلادي تحت عنوانPeri strategikes أو الاستراتيجية . بعد سيعرف مصطلح الاستراتيجية الكثير من التراجع في العصر الهيليني، وسيصبح الاستراتيجي هو قائد ضمن الإقليم، قبل أن يترك المكان بمعنى آخر وهو " الدوق". مع ذلك مصطلح الاستراتيجية بقي له بعض الاهتمام، حيث مع مصطلح " التكتيك" Taktika سيساعد لعودة بعض الروح للفن العسكري.
بعيدا عن العالم الروماني و اليوناني، لا نجد مفاهيم معادلة لمصطلح الاستراتيجية ،حتى في المجتمعات التي كان لها عمقا وتجربة كبيرة بالفن العسكري. الاستثناء الوحيد كان في الصين مع الاستراتيجي الصيني الشهير Zun zi ، و الذي وضع ( bing-fa )، وقد عمد المترجمون المعاصرون لترجمته بالاستراتيجية، وإن كان يعني هذا المصطلح مفهوما أوسعا من مفهوم الطرق العسكرية أو فن الحرب. تحليل هذا المفهوم يرتكز على "الطرائق"، ويوجه حديثه و تحليله إلى من سيقود جيشا أو حملة، إن ما يتحدث عنه Zun ziهو الاستراتيجية بعينها.
في نفس العصر، المشرعون يطرحون وبكل وضوح العلاقة ما بين الحرب والسياسة:" أن يصبح ملك محترما ،لديه أرضا واسعة، وحاكما للعالم، أو أن يكون ضعيفا أرضه محتلة ويفقد سلطته، كل ذلك تقريره بالحرب. من القديم وحتى أيامنا هذه، ليس لدينا أي مثل أو نموذج على أحد أصبح قائدا للعالم من غير الانتصار بالحروب أو بالحصول على السلطة من غير منازع(1). إذا كنا لا نستطيع أن نحصل على مفردة معادلة لكلمة الاستراتيجية في الصين القديمة ،هذا يعود إلى أن طريقة التفكير الصينية تختلف عما هو عليه الحال في العالم الغربي أو غيره ،ولكن ( فن الجنرال ،تحضير الخطط، تحليل الحالات و الأزمات، الطرائق) هي موجودة بالفكر الصيني ولم توضع فقط بشكل عملي في الحروب وغيرها ولكن لها نظرياتها ومنظروها.
منذ القرن الثامن عشر، عودة و نهوض مفهوم الاستراتيجية وكل تحولاته يمكن رصدها وملاحظتها من خلال مراحل عدة. الأميرال Mathey يرى أن عودة المصطلح كانت من الإنكليز من خلال استخدام كلمة stratège في كتاب Oceana لمؤلفه Harrington عام 1656، ولكن بكل بساطة هذا يعني عودة الكلمة اللاتينية strategns. مصطلح strategy في الإنكليزية ظهر 1688 في كتاب Geography لمؤلفه Morden ، ولكن ضمن معنى إدارة مقاطعة أو إقليم ،لم تأخذ أي معنى عسكريا حتى عام 1810 وذلك في الطبعة الثالثة للقاموس Military Dictionary لصاحبه James ،في نفس السنة الوقت ظهر الظرف strategically في الإنكليزية. على الجانب الآخر نجد أن هذه الكلمة لم تظهر في كتاب ميكيافلي، ولكنها ظهرت في كتاب Francesco Patrizi وهو " Paralleli militari" وذلك في عام 1594 حيث يقول في كتابه:" العسكري يجب أن يتعلم مهنته في كتب عن التكتيك و الاستراتيجية و الميكانيك...". على كل حال، هذا المصطلح أو المفهوم سيختفي فيما بعد من اللغة الإيطالية. ثم لن يحظى مصطلح الاستراتيجية بقدر كبير من النجاح في أوربا الشمالية ،إلا عندما، وفي نفس العصر، Jean de Nassau يقترح تقسيم الآداب العسكرية الرومانية إلى ثلاثة أقسام رئيسة:
trategetica,tactica,poliorcetica .
في الواقع إن اللغة الفرنسية ومن دون شك أعادت إدخال مفهوم الاستراتيجية في اللغة الحديثة .فالمفهوم أو كلمة استراتيجية استعملت سابقا في القرن السادس عشر من أجل الإشارة إلى إدارة عسكرية في إقليم أو مقاطعة وذلك عند الرومان. في عام 1721 قاموس Trévoux يعيد كلمة الاستراتيجي للإشارة إلى" قيادة الكتائب والجماعات عند اليونانيين". في كلتا الحالتين وكما هو الحال في الإنكليزية، لم يكن المفهوم أو المصطلح" الاستراتيجية" إلى مصطلحا قديما، لم تمسه أي تغيرات أو تحولات. في قاموس Trévoux يشرح كلمة stratagème :" حيلة أو وسيلة عسكرية تستخدم في الحروب من أجل مفاجأة أو خداع العدو". القاموس اللاتيني لمؤلفه Du Cange يعد ويحصي أكثر من اشتقاق strategus, straticus, stratigus, stratigotus . أما قاموس Estienne يعرف كلمة strategus بأنها رئيس الجيش، وفي النهاية القاموس العالمي لمؤلفه Moreri لا يذكر شيئا عن الاستراتيجية.
___________________
1- Guang Zi, « les sept méthodes du gouvernement », cité dans Xu Zhen Zhou ( l’Art de la politique chez légistes chinois », Paris, Economica 1995, P.229.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|