أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-4-2017
3104
التاريخ: 25-1-2016
2585
التاريخ: 12-2-2022
1523
التاريخ: 8-6-2017
2357
|
إن تأريخ الإنسان الثقافي مثل تأريخه البيولوجي عبارة عن قصة تلاق وتواصل وتجمع . و إذا كان من المحال تصور تكاثر الجنس البشري وتجديد نوعه واستمراره عضوياً من دون هذا التواصل والتجمع , فإنه أيضاً من المستحيل أن نتصور تفتح قدراته الإنسانية , ونمو خبراته اجتماعياً بغير هذه الطريقة , فعن طريق اجتماع الانسان بأخيه الانسان ظهرت الاشكال المختلفة للتنظيمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , كما ظهرت اللغات والديانات والمخترعات التقنية , فاجتماع الناس وتفاعلهم وتواصلهم اجتماعياً هو الأساس في نشأة الثقافة وفي نموها وتطورها وضرورتها , وهي ميزة الجنس البشري . ولقد لجأ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا إلى تفسير الثقافة وتطورها بعامل واحد من هذه العوامل الآتية مع أن هذا التفسير يتعارض ووجهة النظر الاجتماعية , وهذه العوامل هي (1) : ـ
أولاً : الجبريون الطبيعيون : وهم يقسمون إلى " الجبرية المكانية " وهي التي تصور نشوء حياة الإنسان وتشكلها على أنها نتيجة حتمية للأرض والبيئة وضبط الشروط الطبيعية الجغرافية . ولكن الإنسان تمرّد على البيئة وتغلب عليها , فمهد الأرض واستنبت الزرع وهزم الأبعاد المكانية والزمانية, واجتث الغابات , وأنار الظلمات واستأنس الحيوان واخترع وابتكر الشيء الكثير . كل ذلك وغيره هي من مظاهر سيطرة الإنسان على البيئة الطبيعية .
أما " الجبرية الزمانية " التي بشر بها التطوريون المحدثون والقدامى , فقد تأثروا باكتشافات دارون الحيوية وطبقوها على دراساتهم الاجتماعية , فلم يفلحوا في اتجاههم هذا , حيث يحصل الكثير من التطورات الثقافية في المجتمعات البشرية في كثير من جوانب الثقافة كالطقوس الدينية , واللغات البعيدة الانتشار , والنظام العائلي , والتي لا يمكن أن تحدث في عالم الحيوان.
ثانياً : التفوق العنصري : يرى أتباع هذا الرأي أن الثقافات الكبرى العظيمة قام بصنعها واختص بها الجنس الآري , وان الجنس الأبيض انتفع بها وحافظ عليها , وان الملونين والسود والجنس الأصفر شأنهم في هذه الحياة القضاء على الثقافة العظيمة . وانطلاقاً من أن صيانة الثقافة واجب مقدس , فإن ذلك يفرض سيدة العنصر الذي يصنع الحضارة , واخضاع العنصر الذي يفهمها ويصونها , والقضاء على العنصر الذي يفنيها ويهدمها , وهذا هو منطق النظريات العنصرية .
ثالثا : العامل الاقتصادي : يرى أصحاب هذا الرأي أن الاقتصاد وعلاقاته وما يهدف إليه من نشاطات مختلفة , هو وحده سبب نشأة الثقافة وتطورها , وأن كل ما كان ويكون هو مسخر في خدمة هذه النشاطات , وصورة من صورها.
رابعاً : عوامل ميتافيزيقية أو فلسفية أو نفسية : حيث يرى اتباع هذا الرأي أن الثقافة نشأت نتيجة لعوامل ميتافيزيقية أو فلسفية أو نفسية . وهذا الرأي تنقصه الدقة العلمية , حيث إن هذه العوامل جميعها هي من اختراع الإنسان وتصوراته واكتشافاته .
خامساً : العوامل التاريخية : يفسر التاريخيون الثقافة بأنها " راسب التاريخ " إذ ينظرون لها على أنها مجموعة عمليات تاريخية الأصل تتراكم خلال السياق الحضاري أو تترسب في الزمان التاريخي , فتنمو وتنتعش وتترقى وتهاجر من منطقة إلى أخرى (2) . وخلاصة القول إن من العسير الركون إلى تفسير مقنع بإسناد الثقافة ونشأتها إلى عامل واحد , مهماً كان هذا العامل أساسياً وجوهرياً , بل تنشأ نتيجة مجموعة من العوامل المتكاملة , فالثقافة هي الإنسان والطبيعة وما ينتج عنهما .
________________
1ـ محي الدين صابر و التغير الحضاري وتنمية المجتمع , طبعة أولى , القاهرة : سرس الليان, 1962 , ص18 – 21 .
2ـ د. محمد قباري اسماعيل , علم الاجتماع الثقافي, مرجع سابق , ص17 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|