أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-3-2021
2537
التاريخ: 2023-10-26
1345
التاريخ: 2024-10-10
220
التاريخ: 13-1-2016
3742
|
عندما نتحدث عن الأسرة من كافة جوانبها لا بد من الحديث عن النفقة عليها باعتبارها مسألة مهمة في استقرار العائلة, ولان كثيرا من المشاكل التي تعاني منها بعض الأسر منشؤها مادي، فبسبب عدم قدرة الأب على الإنفاق وطمع بعض أفراد الأسرة, أو كلهم بمستوى اجتماعي أفضل تراهم ينحرفون عن جادة الصراط المستقيم ويتجهون في سبيل الحصول على المركز الذي يحلمون به الى السرقة, أو الاختلاس, أو أي عمل غير مشروع, وكثيرا ما كان الخلاف بين الزوجين على النفقة التي تطمع بها الزوجة سببا إما في الطلاق وهو ما يؤدي الى تدمير الاسرة, أو التأثير سلبا عليها على أقل التقادير, أو تتجه الزوجة في أحيان أخرى الى العمل الذي يؤثر سلبا على استقرار حياة الأسرة بشكل عام, والحياة الزوجية بشكل خاص, انطلاقا من هذه المقدمة التي ما أحببت أن أتوسع بها أردت أن ألقي الضوء على موضوع النفقة على الأسرة باعتبارها موضوعا أساسيا ومهما في موضوع كتابنا هذا وهو:(مشاكل الأسرة بين الشرع والعرف). وقد قسمت البحث من خلال تقسيم النفقة على أفراد الأسرة بحسب الأحكام الشرعية وهي الشكل التالي :
1- نفقة الزوج على زوجته :
أجمع فقهاء المسلمين على وجوب نفقة الزوج على زوجته, حتى بات هذا الإجماع يصل الى حد كون الحكم أمرا ضروريا من الضرورات التي لا حاجة لإثباتها, ومع ذلك نورد فيما يلي الأدلة التي تساق عادة لإثبات وجوب نفقة الزوج على زوجته, وهي كثيرة جدا ولا نريد إيرادها بأجمعها, وإنما نأخذ نماذج منها وهي على الشكل التالي :
أ- في القرآن الكريم :
استدل على وجوب إنفاق الزوج على زوجته بعدة آيات قرآنية منها قول الله سبحانه وتعالى :
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: 3]. فمن خلال قول سبحانه وتعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا }[النساء: 3] والمقصود بها هنا العدالة بالنفقة بقرينة قوله:{أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: 3] أي تظلموا في الميل لزوجة أكثر من أخرى في النفقة, فقد ورد في مجمع البحرين في تفسير معنى تعولوا في الآية ما نصه: قوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: 3] أي أقرب من أن لا تعولوا , أي لا تجوروا ولا تميلوا في النفقة , من قولهم عال في الحكم أي مال وجار)(1) .
ومعنى ذلك إن إعطاء الرجل زوجته نفقة أقل من حقها الواجب يعتبر ظلما وهو دليل على وجوب النفقة للزوجة على الزوج.
وأيضا ورد في القرآن الكريم ما يدل على وجوب النفقة على الزوجة حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة , 233] . فقد حدد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن على المولود له وهو الأب ان ينفق على الوالدات من خلال رزقهن وكسوتهن بالمعروف .
ب- في السنة :
ورد في السنة أحاديث شريفة كثيرة حول موضوع النفقة لا حاجة لذكرها جميعها ونكتفي ببعضها , منها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه اله) أنه قال:(اتقوا الله في النساء , فإنهن عواري عندكم , اتخذتموهن بأمانة الله , واستحللتم فروجهن بكلمة الله , ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف)(2) .
فالحديث واضح لجهة أنه يجب على الزوج الإنفاق عل زوجته , وأن يكون ذلك بالمعروف وأن يتقي الله سبحانه وتعالى في ذلك .
وورد أيضا في هذا المجال ما رواه إسحاق بن عمار عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال :(سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حق المرأة على زوجها قال : يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها)(3) .
فالحديث أيضا يؤكد على أن للمرأة على زوجها حق واضح في ان ينفق عليها مع تحديد طبيعتها بأن يصل الى حد أن يشبع بطنها فلا يكتفي بالإطعام الذي لا يؤدي الى الإشباع .
2- نفقة الزوجة على زوجها :
من الناحية الشرعية كما أن هناك إجماع على وجب الإنفاق على الزوجة من قبل الزوج ,حيث إن موضوع القيمومة التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للزوج على الزوجة تتطلق في أحد أركانها من خلال ان الله سبحانه وتعالى أوجب عليه الإنفاق, فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }[النساء: 34] . نعم تستطيع الزوجة لو كانت غنية أن تنفق على زوجها من قبيل الصدقة والإحسان لا من قبيل الوجوب الشرعي عليها .
3 - نفقة الأب على أبنائه :
يجب من الناحية الشرعية على الأب الإنفاق على أولاده , وهذا الوجوب لا يتوقف عند التكليف الشرعي فحسب , بل يتعدى ذلك الى أن للأبناء في حال امتناع الأب عن الإنفاق عليهم اللجوء الى الحاكم الشرعي الذي يقوم بإجبار الأب على النفقة.. , المهم أنه ورد الكثير من الأحاديث الشريفة التي تدل على هذا الوجوب , نكتفي منها بهذا الحديث الشريف حيث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له : من الذي أجبر على نفقته وتلزمني نفقته ؟ قال : الوالدان والولد والزوجة)(4) .وهذا الحديث الشريف يدل بشكل واضح على وجوب نفقة الأب على أبنائه .
4ـ نفقة الأجداد على أحفادهم والام على أبنائها :
لو كان الأب مفقودا أو كان متوفيا , أو كان موجودا ولكنه ممتنع عن الإنفاق على أولاده , ففي هذه الحالة يجب على الجد للأب أن يقوم بالإنفاق على أحفاده, فهو من الناحية الشرعية والد أيضا, وهو ولي جبري يعود له إدارة أموال حفيده إن كان له أموال, وإن كان الحفيد فقيرا يجب على الجد الإنفاق عليه, ويدل على ذلك الاجماع وحديث غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) حيث قال :(أتى أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بيتيم فقال : خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه)(5) .
فمن خلال هذا الحديث الشريف يتبين بشكل واضح أن هذا اليتيم يجب أن ينفق عليه من هم أقرب إليه من الذي يكونون أولى بميراثه, وعليه يجب أن تكون النفقة على الجد باعتباره من اقرب الناس إليه .
وعليه فمع فقد الجد للأب يجب على الام النفقة على أبنائها, ويدل على ذلك إضافة الى الإجماع قول الله سبحانه تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[الأنفال: 75] . فمن خلال قول الله سبحانه وتعالى أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض يمكن لنا الاستدلال على أنه في حال عدم وجود من هو أقرب من الأم للأولاد, فإنها تكون ملزمة بنفقتهم, أما مع فقد الام كذلك, أو مع عدم قدرتها على الإنفاق على الاولاد, فإنه في هذه الحالة يجب على الجد والجدة للأم بالسوية, وإن وجدت الجدة للأب شاركتهما في ذلك, وهذا أيضا يمكن استفادته من الآية الكريمة ومن خلال الحديث الشريف الوارد عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في موضوع اليتيم, ويؤكد ذلك ما ورد في كتاب شرائع الإسلام حيث حكم بوجوب النفقة على الجد والجدة من جهة الأم مع فقدها وفقد الجد للأب. والنص على الشكل التالي:(تجب نفقة الولد على أبيه, ومع عدمه أو فقره, فعلى أب الأب وإن علا لأنه أب, ولو عدمت الآباء فعلى أم الولد ومع عدمها أو فقرها فعلى أبيها وأمها وإن علوا, الأقرب فالأقرب)(6) .
وورد أنه لو كانت أم الاب موجودة فإنه يجب عليها أن تشاركها بالنفقة, فقد ذكر صاحب الجواهر ذلك بقوله:(نعم لو كان معهما أم أب شاركتهم للتساوي في الدرجة)(7) .
5- نفقة الأبناء على والديهما :
كما يجب على الأبوين الإنفاق على أولادهم في حالة عجز الأولاد عن النفقة على أنفسهم إن لكونهم صغارا , أم لكونهم فقراء لا يقدرون على الإنفاق على أنفسهم بشكل كاف, فكذلك يجب على الأولاد الإنفاق على والدهم في حالة عجزهما عن الإنفاق على أنفسهما, بغض النظر عن السبب الذي أدى الى هذا العجز, يدل على ذلك إضافة الى الإجماع آيات وروايات كثيرة منها المستفاد من قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان: 14] . ومعنى التوصية بالوالدين أن نحسن إليهما ونقوم بتأدية حقهما ومن ذلك أن يقوم الأولاد بتأمين نفقة الآباء في حالة عجزهما عن الإنفاق على أنفسهما, والوصية هنا ليست إرشادا الى مسألة مستحبة, بل هي حكم بوجوب ذلك .
وأما في الأحاديث الشريفة فهي كثيرة ومتواترة, وكلها تدل على وجوب إنفاق الأولاد على والديهم ومن هذه الأحاديث ما رواه جميل بن دراج عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال :(لا يجبر الرجل على نفقة الأبوين والولد , قال ابن عمير : قلت لجميل : والمرأة قال : قد روى عن عنبسة , عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها)(8) .
وهنا دليل واضح على أنه ليس فقط يجب على الأولاد الإنفاق على أبويهم , بل إنهم يجبرون على ذلك, وأكثر من ذلك فقد ورد روايات كثيرة توكد على أنه ليس فقط يجب الإنفاق على الآباء, بل إن نفس الأولاد فضلا عن مالهم هو لآبائهم, فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) فيما رواه عنه أمير المؤمنين الإمام عليه (عليه السلام) أنه قال:(أتى النبي (صلى الله عليه واله) رجل فقال : يا رسول الله إن أبي عمد الى مملوك لي فأعتقه كهيأة المضرة لي, فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : أنت ومالك من هبة الله لأبيك, أنت سهم من كنانته يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور, ويجعل من يشاء عقيما, جازت عتاقة أبيك, يتناول والدك من مالك وبدنك, وليك لك, أن تتناول من ماله, ولا بدنه شيئا إلا بإذنه)(9) .
وفي هذا الحديث الشريف دليل واضح على أن علاقة الاب بابنه خارجة في بعض الأحيان عن العناوين الأساسية, فمثلا لا يجوز للإنسان أن يتصرف بمال الآخرين من دون إذنهم, ولكن يستطيع الأب أن يتصرف بمال ابنه من دون أن يكون للابن حق مطالبته بذلك, فإنه يعتبر عقوقا وإن ذهب الفقهاء الى عدم صحة المعاملة التي يُجريها الأب في مال ولده من دون إذنه, وحمل هذه الرواية على استحباب أن لا يقوم الابن بإبطال المعاملة التي أجراها والده, في حين أنه في موارد أخرى مثل الربا مثلا لم يعتبر الشرع أن ما يأخذه الأب من ابنه زيادة على رأس المال في القرض ربا, فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(قال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) : ليس بين الرجل وولده ربا, ليس بين السيد وعبده ربا)(10).
فإن الربا مع كونه من المحرمات الواضحة في الشريعة الإسلامية إلا أنها غير محرمة بين الوالد وولده, بل أكثر من ذلك فإنه من الناحية الشرعية إذا ما قتل شخص ما آخر , فإنه يقتل به قصاصا, ولكن لو قتل الوالد ابنه فإنه لا يقتل به, في حين أن الولد يقتل لو قتل أباه, فقد ورد في ذلك ما رواه العلا بن الفضيل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):(لا يقتل الوالد بولده, ويقتل الولد بوالده, ولا يرث الرجل الرجل إذا قتله وإن كان خطأ)(11) .
فالقاعدة من خلال هذه الأحاديث الشريفة هي أنه يمكن للأهل أن يحاسبونا على الأخطاء التي نرتكبها بحقهم ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بهم ,بل يجب أن نعاشرهم ونصاحبهم في الدنيا بمعروف طالما أنهم لا يكرهونا على الشرك بالله سبحانه وتعالى وهذا مصداق قول الله عز وجل في كتابه الكريم:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15] . وقد أوردت هذ الآيات الكريم والاحاديث الشريفة للتأكيد على الأهمية التي أولاها الشرع الحنيف للوالدين حتى باتا وصية الله سبحانه وتعالى عندنا, يجب إكرامهم ولا يجوز تعريضهم للإهانة والأذى سواء أكانت هذه الإهانة منا وذلك شيء فظيع, أو كانت هذه الإهانة من المجتمع والابن قادر على رفعها عنهما, فلا يجوز من الناحية الشرعية تركهما يعانيان منها ولو فعل يكون هذا الابن مشاركا في هذه الإهانة فكيف الأمر بالنسبة الى النفقة ؟ إن النفقة شيء بسيط مما يجب على الأولاد القيام به لوالديهم .
6- نفقة الأبناء على أجدادهم :
بنفس الطريقة التي تحدثنا فيها عن وجوب أن ينفق الولد على أبويه يمكن أن نستفيد وجوب أن ينفق هذا الولد على أجداده , حيث إن الجد والد والجدة والدة لذلك يقال في الشرع الأب وإن علا ويقصد به الجد والوالدة وإن علت ويقصد بها الجدة, وإضافة الى ذلك ورد أدلة شرعية على وجوب الإنفاق على الاجداد منها الاجماع على ذلك, ومنها الاستدلال بالآيات الدالة على وجوب الإنفاق على الوالدين, باعتبار أن الأجداد من الوالدين وأيضا لورود روايات كثيرة منها ما رواه زيد الشحام عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال :عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:(في الزكاة يُعطى من الأخ والأخت, والعم والعمة والخال والخالة, ولا يعطى الجد ولا الجدة)(12).
والمستفاد من هذه الرواية أنه حيث إنه لا يعطى الجد والجدة من الزكاة وحيث إن السبب في عدم إعطائهما إياها يعود الى كونهما واجبي النفقة على حفيدهما , فهذا يعني وجب النفقة عليهما من قبل الحفيد بلا إشكال .
7 ـ نفقة الأقارب على بعضهم البعض :
ذهب الفقهاء الى عدم وجوب النفقة على الأقارب إلا على الوالدين والولد فقط, وشمولها للأجداد, أما غيرهم من الأقارب فلا يجب على الأخ أن ينفق على أخته, ولا على الاخت أن، تنفق على أخيها, ولا يجب على العم, أو العمة أن ينفقا على أبناء أخيه, أو أخيها ولا يجب على أبناء, أو بنات الأخ أن ينفقوا على عمهم ولا على الخال, أو الخالة أن ينفقا على أولاد أخته, أو أولاد أختها, ولا يجب على أولاد, أو بنات الأخت أن ينفقوا على خالهم أو خالتهم, وكذا بالنسبة الى أولاد العم, أو العمة مع أولاد عمهم, أو عمتهم, وكذا على أولاد الخال أو الخالة على أولاد خالهم, أو, خالتهم, فكل ما يصدق عليه أنه من نفقة الأقارب غير الذي ذكرنا وجوب النفقة عليهم لا يجب من الناحية الشرعية أن ننفق عليهم, ويدل على هذا روايات كثيرة منها, رواية زيد الشحام المتقدمة فإنها أكدت على أنه يجوز أن يعطى الأخ والأخت, والعم, والعمة, والخال, والخالة, من الزكاة, وهذا دليل على عدم وجوب الإنفاق عليهم لأنه لو كان الإنفاق عليهم واجبا لما صح أن نعطيهم من الزكاة .
وهناك أيضا رواية أخرى تدل على عدم وجوب الإنفاق على القارب وهي ما رواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) أنه قال:(قلت له : لي قرابة أنفق على بعضهم وأفضل بعضهم على بعض فيأتني إبان الزكاة أفأعطيهم منها ؟ قال : أمستحقون لها ؟ قلت : نعم, قال: هم أفضل من غيرهم أعطهم, قال : قلت فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحتسب الزكاة عليه؟ فقال : أبوك وأمك , قلت : أبي وأمي ؟ قال, الوالدان والولد)(13).
فمن هذا الحديث يظهر بوضوح لا لبس فيه أن لا يجب من نفقة الأقارب سوى نفقة الأبوان والولد وغيرهما لا يجب فيه نفقة, بل يعطون من الزكاة إن كانت واجبة, وهم أفضل من غيرهم المستحقين لها .
نعم ورد الحث بشكل كبير على أن نتصدق عليهم ونراعي حاجاتهم فلا نتركهم يعانون من مشاكل مالية ونحن نقدر على حلها لهم, وهناك أحاديث كثيرة تدل على ذلك, منها ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال:(يا علي : لا صدقة وذو رحم محتاج)(14) .
ومعنى هذا الحديث الشريف أنه لو كان عند شخص أقارب محتاجين الى المال وقام هو بالصدقة على غيرهم , فإن هذه الصدقة لا تعتبر صدقة عند الله سبحانه وتعالى, فالصدقة يجب ان، تذهب الى الأٌقربين على قاعدة ما اشتهر على الألسنة من أن الأقربين أولى بالمعروف .
وفي هذا المجال أيضا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(من عال ابنتين, أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار)(15) .
وهذا التشجيع يدل على ضرورة أن لا يترك الأقارب يواجهون واقعهم من دون مد يد العون لهم فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر يقوم بإعالة هؤلاء وبذلك ينالون رضا الله سبحانه وتعالى ويحجبون جسدهم من النار .
__________________
1ـ مجمع البحرين الجزء 3 ص 279 .
2- كشف اللثام الجزء 7 ص 558 .
3- من لا يحضره الفقيه الجزء 3 ص 440 .
4- الاستبصار الجزء 3 ص 43 .
5- الكافي الجزء 4 ص 13 .
6- شرائع الإسلام الجزء 2 ص 574 .
7- جواهر الكلام الجزء 31 ص 281 .
8- الكافي الجزء 5 ص 512 .
9- وسائل الشيعة الجزء 16 ص 66 .
10- الكافي الجزء 5 ص 147 .
11- تهذيب الأحكام الجزء 10 ص 237 .
12- الكافي الجزء 3 ص 552 .
13- الاستبصار الجزء 2 ص 33 .
14- من لا يحضره الفقيه الجزء 4 ص 369 .
15ـ من لا يضره الفقيه الجزء 3 ص 482 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|