أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-7-2016
8768
التاريخ: 11-7-2016
1542
التاريخ: 11-7-2016
9286
التاريخ: 11-7-2016
1200
|
لاشك ان لفظة فقهٍ تفصح لوارد اللغة عن طريق المعجم العربي عن المعاني الاتية :
العلم بالشيء ، والفهم له ، والفطنة فيه . ويقال : فقه الرجل فقاهةً إذا صار فقيهاً ، وفقه، أي فهم فقه (1) . وعن ابن فارس ت " 395 هـ " تقول : فقهت الحديث افقهه ، وكل علم بشيء فهو فقهُ (2) ، والفقه بالكسر العلم بالشيء والفهم له والفطنة ، وفقه ككرم فهو فقيه ، وفاقهه باحثه في العلم ، ففقيهه كنصره ، غلب عليه (3) .
وقد نقل الجاحظ لفظة " فقهٍ " التي وردت في ثلاثة نصوص من كتابه البيان والتبيين بدلالة مغايرة عما اوردناه من معنى في المعجم العربي ، وهذا ما تمثل في نصه الذي نقله عن كتاب عمر بن الخطاب الى ابي موسى الاشعري قال : " وقد بلغ امير المؤمنين ان ضبة تدعو : يالَ ضبة ! واني والله ما اعلم ان ضبة ساق الله بها خيراً قط، ولا منع بها سوءا قط ، فاذا جاءك كتابي هذا فنهكهم عقوبة حتى يفرقوا ان لم
ص8
يفقهوا " (4) اما النص الثاني فقد تمثل بوصية عبد الملك بن صالح ت " 187 هـ " لابن له ، قال : " عود نفسك السماح ، وتخير لها من كل خلق أحسنه ، فان الخير عادةُ، والشر لجاجة ، والصدور اية المقت ، والتعلل اية البخل ، ومن الفقه كتمان السر " (5) ، والقول الثالث في غير موضعها من الدلالة قول الجاحظ في اياس "انه كان من مفاخر مضر، ومن متقدمي القضاة ، وكان فقيه البدن ، دقيق المسلك في الفطن" (6) ولعل مرونة اللغة العربية هي التي سمحت بهذه الاستعمالات اللغوية التي خرجت عن المعنى الوضعي للكلمة . ففي النص الاول كان المعنى : ان لم ينتهوا ، وفي الثاني : ومن الحكمة . وفي الثالث : قصد : فراسته وتاديته الى الفن بعينيه ويده .
ومن باب التخصيص يرى بعض العلماء ان مفهوم الفقه اخص من العلم . قال الراغب الاصفهاني " رحمه الله " : " الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد ، فهو اخص من العلم " (7) . لذلك يقال للفقيه عالمٌ وفقيهُ ولا يقال للعالم فقيهٌ . وقد وردت لفظة " فقهِ " في القران الكريم عشرين مرة تحمل المعاني التي ذكرت ، فمن ذلك :
قال تعالى :
﴿ فَمَال هَؤُلَاءِ القَومِ لَا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ حَدِيثاً ﴾ النساء : 78
﴿ فَلَولاَ نَفَرَ مِن كُل فِرقَةٍ مِنهُم طَائِفَةٌ لِيتَفَقَهُوا فِي الدَينِ ﴾ التوبة : 122
﴿ وَإن مِن شَيءٍ إلا يُسبحُ بِحَمدهِ وَ لَكِن لَا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم ﴾ الاسراء : 44
﴿ وَاحلُل عُقدَةً مِن لِسَانِي * يَفقَهُوا قَوليِ ﴾ طه 27-28
﴿ انظُر كَيفَ نُصَرِفُ الآيَات لَعَلَهُم يَفقَهُونَ ﴾ الانعام :65
﴿ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهاَ ﴾ الاعراف : 179
ص9
﴿ بِأَنَهُم قَومٌ لَا يَفقَهونَ ﴾ الانفال : 65
﴿ قُل نَارُ جَهَنَمَ أَشدُ حَرا لَو كَانُوا يَفقُونَ ﴾ التوبة : 81
﴿ وَطُبعَ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لَا يَفَقَهُونَ ﴾ التوبة :87
﴿ صَرَفَ اللهَ قُلُوبِهُم بِأنهُم قَوماً لَا َ يَفقَهُونَ ﴾ التوبة : 127
﴿ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَومًا لَا يَكَادُونَ يَفَقَهُونَ قَوَلاً ﴾ الكهف : 93
﴿ لَا يَفقَهُونَ إلا قَلِيلاً ﴾ الفتح : 15
﴿ ذَلِكَ بِأَنهُم قَومٌ لَا يَفَقَهُونَ ﴾ الحشر : 13
﴿ فَطُبعَ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لا يَفقَهُونَ ﴾ المنافقون : 3
﴿ وَلَكِنَ المنَافِقِينَ لَا يَفَقَهُونَ ﴾ المنافقون :7
﴿ وَجَعَلنَا عَلَى قُلُوبِهِم أكِنةً أن يَفقَهُوهُ ﴾ الانعام : 25
﴿ قَالُوا يَا شٌعَيبُ مَا نَفقَهُ كَثِيراً مِما تَقُولُ ﴾ هود : 91
﴿ قَد فَصَلناَ الآيَاتِ لِقَومٍ يَفقَهُونَ ﴾ الانعام : 98
وقد غلب استعمال " الفقه " على علوم الدين لشرفها وذلك من باب تخصيص الدلالة . وتستعمل في غير علوم الدين بقرينةِ . وقال صاحب اللسان : " وغلب على علوم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر العلوم " (8) ويرى ابن جنى " ت 392 هـ " ان الفقه خص به علم الشريعة وعلله اعلام وامارات لوقوع الاحكام من التحليل والتحريم (9) كونه لا يعنى بالاحكام الشرعية العملية والافصاح عنها من ادلتها التفصيلية وقيل " هو الاصابة والوقوف على المعنى الخفي الذي يتعلق به الحكم وهو علم مستنبط بالراي والاجتهاد ويحتاج فيه الى النظر والتأمل " (10) .
ص10
اما تعريف كلمة " اللغة " : فاللغة مشتقة من لغا يلغو ، إذا تكلم فمعناها الكلام فهذا تعريفها في اللغة .
أما في الاصطلاح فعرفت بتعريفات عديدة اشهرها ما ذكره ابو الفتح ابن جني في كتابه " الخصائص " حيث قال :
" حد اللغة : اصوات يعبر بها كل قوم عن اعراضهم " (11)
وهذا التعريف الذي تناقله علماء العربية على اختلاف تخصصاتهم يضارع احدث التعريفات العلمية للغة ، حيث ترى تلك التعريفات ان للغة :
أ – اصواتٌ منطوقةٌ .
ب – وأن وظيفتها التعبير عن الاغراض .
ت – وإنها تعيش بين قوم يتفاهمون بها .
ث – وأن لكل قومٍ لغةُ .
فهذه - تقريبا – هي الاركان التي يدور عليها تعريف اللغة عند جميع من عرفها (12) وان كانت بعض التعريفات الحديثة للغة تتوسع فتدخل في اللغة كل وسيلة تفاهم.
ولا تقتصر على الاصوات فتجعل فيها الاشارات وتعبيرات الوجه ودقات الطبول وغيرها فان الاشهر هو حصر اللغة في الاصوات المنطوقة لا غيرها من الوسائل محدودة وقليلة القيمة .
ويرى بعض الباحثين ان تعريفها " اللغة " قد تخطى بفعل الدراسات اللغوية الحديثة التي قامت على اساس انها فرع من الفلسفة او علم النفس او علم الانثروبولوجيا (13) القول بانها نظام من الرموز الصوتية ، او مجموعة من الصور
ص11
اللفظية تختزن في اذهان افراد الجماعة اللغوية وتستعمل للتفاهم بين ابناء جمع معين ، كونها في نظر بعض الباحثين وسيلة للتعبير عن الافكار والعواطف والرغبات ، فهي وسيلة توصيل لما ذكر عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة ارادية (14) .
ص12
_________________
(1) ينظر : لسان العرب لابن منظور : مادة ( فقه ) 13 : 522 ، والقاموس المحيط : مادة ( فقه ) .
(2) ينظر : مجمل اللغة . مادة ( فقه ) : 3 : 703 .
(3) ينظر لسان العرب : مادة ( فقه ) .
(4) البيان والتبيان للجاحظ : 2 : 293 ، تح : عبد السلام هارون .
(5) المصدر نفسه : 4 : 94 .
(6) المصدر نفسه : 1 : 101 .
(7) مفردات غريب القران للراغب الاصفهاني : 384 ، ط (1) .
(8) لسان العرب : مادة فقه ، 13 :522.
(9) ينظر : الخصائص لابن جني : 1 : 101 – 102 " عبد الحميد هنداوي " .
(10) كتاب التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني : 175.
(11) المصدر نفسه : 87.
(12) ينظر : فقه اللغة في كتب العربية : ( عبدة الراجحي ) : 60.
(13) تعني كلمة الانثروبولوجيا علم دراسة الانسان لكن مصطلح الانثروبولوجيا اللغوية يهدف الى الكشف عن الاصول التاريخية لنشأ اللغة عموما ، والمجموعات المتشابهة فيها على وجه الخصوص، ويقارن اللغات بعضها ببعض ليحدد الظواهر اللغوية الشائعة بينها على وجه العموم ، وعلى ضوء ذلك يتمكن من فهم العمليات والتطورات التي ادت الى نشأة اللغة وتطورها واختلافها . وكذلك يسجل لغات المجتمعات البدائية ليحيلها الى لغات مكتوبة تخضع للتحليل اللفظي ومن ثم يستخرج مضمونها الحضاري .
(14) ينظر : مقدمة لدراسة فقه اللغة ، د . محمد احمد ابو الفرج : 25-27 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|