أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-6-2016
5488
التاريخ:
3239
التاريخ: 8-3-2017
1873
التاريخ: 7-3-2017
2247
|
يمثل هذا العنصر الأساس الذي تستطيع فيه الإدارة من فرض الجزاء التأديبي ومنه يستمد قانونيته (1). وتقوم فكرة الخطأ الوظيفي على الإخلال بالواجبات الوظيفية إيجابا أو سلبا ؛ أي القيام بعمل أو الامتناع عن عمل . وهنا تشبه المسؤولية التأديبية في هذا الركن ( المسؤولية الجنائية ) ، إلا أنهما يفترقان في أن الضرر ليس شرطا لتحقق المسؤولية التأديبية ، فالإدارة تملك صلاحية تقييم أداء الموظفين وسلطتها في هذا الشأن سلطة واسعة ، لذا فمسألة وجود الخطأ من عدمه أمر خاضع لتقدير الإدارة في المنظمة الدولية بشرط عدم التعسف في استعمال هذا الحق (2) . وفي عام 1945 أصدر ( المجلس الاستشاري للخدمة المدنية الدولية ) الذي استبدلت تسميته عام 1975 بـ( لجنة الخدمة المدنية الدولية ) تقريرا عن معايير السلوك المطلوب توافرها في الخدمة المدنية الدولية بحيث يعرف الموظف ورئيسه مدى الحقوق والالتزامات التي يفرضها الميثاق والنظامان الأساسي والإداري لموظفي المنظمة الدولية . وعلى الرغم من عدم إلزامية هذا التقرير فقد جرى العمل به في بعض القضايا عند تقييم سلوك الموظف الدولي. وهذه المعايير تتمثل بسوء السلوك أو السلوك الخطير (Serious Conduct)والخدمة غير المرضية(Unsatisfactory Service)، والإهمال الجسيم ( Cross negligence ) (3). وقد عرف الخطأ بأنه ( انحراف في السلوك يتصور أن يقوم به الموظف على ما تمليه عليه واجباته ) (4). وهذا الانحراف يقاس بأحد معيارين ، الأول المعيار الشخصي ( Subjective element ) وهذا المعيار يشير إلى إذا ما كان الخطأ الذي ارتكبه الموظف يمثل انحرافا في سلوكه أم لا ؟ أما الآخر فهو المعيار الموضوعي ( Objective element ) الذي يشير إلى سلوك الشخص المعتاد إذا وجد في نفس ظروف الموظف الذي ارتكب الخطأ (5) . من هنا يتبين أن ( الواجبات الوظيفية تتعلق بالأداء الوظيفي بمعنى أنه يتعين على الموظف أن يكرس وقته لوظيفته ، أما المقتضيات الوظيفية فإنها تتعلق بالأخلاق الوظيفية كالنزاهة والحياد والأمانة التي يجب مراعاتها ) (6). وعليه فالتأديب الإداري يبدأ من لحظة إخلال الموظف بواجباته الوظيفية ومن ثم تحديد هذا الإخلال إلى إجراء التحقيق ومن ثم تحديد المسؤولية التأديبية ، فالخطأ الوظيفي يتعدد بتعدد المخالفات المرتكبة في أثناء مدة الخدمة المدنية وهي تتنوع بحسب موضوعها إلى ثلاثة أنواع وهي : المخالفات المهنية ، والمخالفات السياسية ، والمخالفات الأخلاقية .
أولا : المخالفات المهنية :
تعد الواجبات المهنية من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق الموظف ، وقد أشار نظام موظفي الأمم المتحدة إلى أهم الواجبات الوظيفية ومنها ( تمتع الموظف بالنزاهة والحياد ، وأن يكرس الموظف عمله لصالح المنظمة الدولية ، وعدم إفشاء الأسرار المهنية التي بحوزته ، وإطاعة الرئيس من قبل المرؤوس واحترام مواعيد العمل ، وأي إخلال بهذه الواجبات يعرض الموظف الدولي للمساءلة التأديبية ) (7) . وقد نص نظام موظفي الأمم المتحدة أيضا ( على الموظفين أن يلتزموا منتهى الكتمان لعملهم الرسمي فيمتنعوا عن إبلاغ أي شخص أية معلومات تصلهم بحكم منصبهم لم تذع رسميا 000 ) (8). .وقد تم إنهاء خدمة موظفة لارتكابها مخالفة مهنية تتعلق بعدم احترامها مواعيد العمل ، وفحوى هذه القضية ( أن إحدى العاملات لدى اللجنة الاقتصادية الأوربية واسمها ( سلاماويت ماكونن ) كانت تتمتع بإجازة طبية وقد أنهيت خدماتها بسبب عدم عودتها عند انتهاء إجازتها ) (9) .
ثانيا : المخالفات ذات الطابع السياسي :
إن الموظف الدولي شخص تابع للمنظمة الدولية التي عينته وبذلك فهو يتصرف ويخضع لنظام قانوني تضعه هذه المنظمة ، لذا يختلف مركزه عن مركز الموظف في القانون الداخلي ، وقد نص نظام موظفي الأمم المتحدة على أنه ( ليس لموظفي الأمانة العامة في مزاولة وظائفهم ، أن يطلبوا أو يقبلوا أية تعليمات من أية حكومة أو سلطة خارجة عن المنظمة ) (10). .وهناك مخالفات سياسية يمكن أن يرتكبها الموظف الدولي كالتجسس لدولة معينة أو اتهامه باعتناق بعض المبادئ التي تعتبر معادية لدولة أخرى ، من هنا فقد اتهم عشرون موظفا تابعين للولايات المتحدة الأمريكية باعتناق المبادئ الشيوعية وتبنيهم النهج الماركسي لذا شكل الكونغرس الأمريكي بعض اللجان لمعرفة مدى ولاء هؤلاء الموظفين لدولتهم ، وتبعا لذلك استدعوا للمثول أمام هذه اللجان المشكلة ، وقد امتنع بعض الموظفين الأمريكيين المثول أمام هذه اللجان مستندين إلى أن الدستور الأمريكي يضمن لهم حريتهم الشخصية في عدم الحضور ، لذلك قام الأمين العام للأمم المتحدة بفصل هؤلاء الموظفين وفقا للمادة 9/1/أ من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة والتي تتضمن فصل الموظفين الذين يكون سلوكهم غير مرض ، وقد استند الأمين العام في قراره هذا إلى المادة 1/4 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة التي تشترط عدم اشتراك الموظف في أي نشاط لا يتفق مع القيام بواجباتهم في الأمم المتحدة ، وأن يكون سلوكهم متفقا مع مركزهم كموظفين دوليين ، وكان قرار الفصل نتيجة ضغوط مورست على الأمين العام ( تريجفي لي ) من قبل الحكومة الأمريكية (11) .
ثالثا : المخالفات الأخلاقية :
قد يأتي الموظف بعمل لا يتوافق مع كرامة الوظيفة والنزاهة التي يجب أن يتحلى بها أثناء ممارسة عمله مما يجعل الموظف الدولي عرضة لجزاء تأديبي، وهذه الصفات الخلقية التي يجب أن يتصف بها الموظف كالحياد والتجرد والموضوعية والنزاعة هي صفات طبيعية يجب أن تتوافر في كل شخص حتى وإن لم يكن موظفا (12). لذا فالعضوية الإدارية تختلف عن العضوية السياسية من ناحية طبيعتها وأثرها لأن الموظف هو عضو في الهيكل الإداري للمنظمة الدولية ولا يمثل دولته ، ومع ذلك لا نستطيع أن ننفي شعور الموظف تجاه دولته ، ومن هنا يقول ( خروتشوف ) رئيس الوزراء السوفيتي السابق ( بالرغم من وجود بلدان محايدة فإنه لا يوجد رجال محايدون ) (13) . إلا أنه يمكن القول ليس بالضرورة أن يتخلى الموظف عن انتمائه بل عليه أن يعمل بموضوعية متحريا النزاهة في عمله داخل المنظمة الدولية ، وقد أشار نظام موظفي الأمم المتحدة إلى امتناع الموظفين عن الإدلاء بأي تصريح من شأنه أن يؤثر تأثيرا ضارا بما لهم من مركز أو يؤثر في نزاهتهم أو استقلالهم الذي يفرضه عليهم هذا المركز وأن يكون لديهم من التحفظ واللياقة ما يتفق مع مركزهم الدولي (14) . وتتمثل المخالفات الأخلاقية بجريمة الرشوة ، وقد اتهم المدعي (فاروق) الذي يعمل لدى منظمة اليونسيف بالرشوة وقد أنهيت خدماته فيها لأنه يوجد احتمال كبير لتلقيه رشاوى من الموردين ، لأنه كان يعمل مساعدا أقدم لأعمال الشحن داخل المنظمة (15) . ومن المخالفات المهنية ( جريمة الاحتيال ) ، وقد اتهم المدعي ( بينغ ) الذي يعمل موظفا لدى برنامج اليونسيف بالاحتيال في بيانات ضريبية (16) . وهناك جرائم السرقة والزنى والسكر ، إذ فصل المدعو ( Khelifati ) الذي يعمل لدى منظمة اليونسيف لظهوره في حالة سكر بين مرتين أثناء تأدية واجباته (17). ومن الجدير بالذكر أن النظام الأساس لموظفي جامعة الدول العربية قد نص على أن ( للأمين العام أن ينهي خدمة الموظف إذا ثبت أن سلوكه أو عمله قد أديا إلى فقدانه صفة النزاهة والحياد المطلوب توافرهما ) (18). لذا فالجزاء التأديبي هو نوع من العقوبات المنصوص عليها في مواثيق المنظمات الدولية ونظمها الداخلية يوقع على الموظف الذي يرتكب مخالفات أو أخطاء وظيفية ويمس مركزه ومستقبله الوظيفي وعليه فالشرعية في فرض الجزاء التأديبي تقوم على المخالفة المرتكبة من الموظف ولا يشترط النص على كل مخالفة ، الأمر الذي يبتعد عن الشرعية في القانون الجنائي والمتمثلة بمبدأ ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) (19) . ونجد أن الأنظمة الأساسية والأنظمة الإدارية للوظيفة الدولية نصت على أهم الواجبات الوظيفية التي يجب على الموظف الالتزام بها في أثناء خدمته وبسببها ، وأي خروج أو عدم مراعاة هذه الواجبات يعرض الموظف للمسؤولية التأديبية ومن ثم فرض الجزاءات التأديبية ، فشرعية الجزاء التأديبي تستمد من عدة اعتبارات تتمثل بما يأتي :
( 1- لا يجوز إيقاع أي إجراء تأديبي ما لم يكن منصوصا عليه .
2- يجب إجراء تحقيق إداري تسمع فيه أقوال الموظف ودفاعه عن نفسه .
3- إخطار الموظف بقرار الاتهام بما في ذلك الوقائع التي يستند إليها .
4- منح الموظف مهلة معقولة لتقديم دفاعه ) (20) .
كذلك التزمت المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية بتطبيق قاعدة ضرورة تناسب الجزاء الإداري مع المخالفة المرتكبة وعدت أي إجراء تأديبي بإنهاء خدمات موظف بسبب مخالفة لا تعد خطيرة مغالى فيه (21). ومن الجدير بالذكر ، أن نظام موظفي الاتحاد البريدي العالمي قد نص على أن ( كل موظف يجازى بعقوبة تخفيض العلاوة أو الحرمان منها أو تخفيض الراتب أو الوقف عن العمل ، من حقه أن يطعن في هذا أمام مجلس الاتحاد ) (22) . ومع ذلك فرقابة مجلس الاتحاد البريدي العالمي ليست رقابة مشروعية لأن نص المادة 10/1 من نظام موظفي الاتحاد ، يشير إلى أن العقوبة التأديبية يجب أن تكون متناسبة مع درجة الخطأ الذي يقترفه الموظف ، وأي خلل في تقدير الملاءمة يحول الفعل من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية (23). فضلا عما تقدم نجد أن العديد من النظم الداخلية للمنظمات الدولية نصت على التناسب ( Proportionality ) بين الخطأ المرتكب والجزاء الذي يتم إيقاعه ، وهذا ما نصت عليه لائحة المكتب الدولي لاتحاد البريد العالمي ، وذلك بالقول ( كل من يخالف واجبات وظيفية عمدا أو إهمالا أو بعدم احتياط يعاقب بعقوبة تأديبية تتناسب مع درجة الخطأ ) (24) .
________________________________
- د. عبد القادر الشيخلي، المصدر السابق ، ص151.
2- الحولية القانونية للأمم المتحدة ، ( قضية غيامفي ) ، حكم رقم 48 لسنة 1986 ، الأمم المتحدة – نيويورك ، 2001م ، ص308-310 .
3- تقرير وحدة التفتيش المشتركة في الأمم المتحدة ، الدورة 55 للجمعية العامة ، 2000 ، ص17 .
4- د. مغاوري محمد شاهين ، المسؤولية التأديبية ، القاهرة ، 1973 ، ص109 .
5- د. محمد جودت الملط ، المسؤولية التأديبية للموظف العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1962 ، ص86-87 .
6- د. صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص78، 79 .
7- المادة 1 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
8- المادة 1/5 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
9- الحولية القانونية للأمم المتحدة ، ( قضية سلاماويت ماكونن ) ، حكم رقم 555 لسنة 1992 ، الأمم المتحدة – نيويورك ، 2001 ، ص452-453 .
0- المادة 1/3 من نظام موظفي الأمم المتحدة .
1- Maxwell Cohen, The United Nations Secretariat (some constitutional and administrative development), A.J.I.L, vol.4,1955, P303-304.
صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص164 .
2- د. صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص77 .
3- Dag Hammerskjold, The international civil service in law and in fact, New York: Oxford University press, 1971, P.245.
4- المادة 1/4 من النظام الأساس لموظفي الأمم المتحدة .
5- الحولية القانونية للأمم المتحدة ، ( قضية فاروق ) ، حكم رقم 558 لسنة 1992 ، الأمم المتحدة ، نيويورك ، 2001م ، ص254 .
6- الحولية القانونية للأمم المتحدة ، ( قضية بينغ ) ، حكم رقم 242 لسنة 1988 ، الأمم المتحدة ، نيويورك، 2001 ، ص300 .
7- C.F. Amerasinghe, The law of the international civil service,"As Applied by International administrative tribunals'' vol.1, clarendon press, Oxford, 1988, P.294.
8- المادة 63 من النظام الأساس لموظفي الجامعة العربية .
9- د. محمد جودت الملط ، المصدر السابق ، ص78 .
20- د. صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص78 .
2- C.F. Amerasinghe, vol. 1, op.cit, p. 294.
22- المادة 10/7 من نظام موظفي الاتحاد البريدي العالمي .
23- د. صلاح الدين فوزي ، المصدر السابق ، ص88 .
24- المادة 10/1 من اللائحة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|