أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-04-2015
1802
التاريخ: 30-05-2015
1759
التاريخ: 2023-07-27
1573
التاريخ: 2023-11-23
1330
|
من المتفق عليه بين المسلمين ، أن أول ما نزل الوحي به من القرآن الآيات الخمس الاولى من سورة العلق ، الى قوله تعالى : (علم الانسان ما لم يعلم) . وكان في السابع والعشرين من شهر رجب وهو تاريخ المبعث النبوي الشريف على الأصح عندنا . ثم انقطع الوحي بعد ذلك فترة –قيل – إنها مدة ثلاث سنين .
هذه فيما يتعلق بابتداء الوحي .
وأما فيما يتعلق بكيفية نزول القرآن على قلب النبي (صلى الله عليه واله) ، فالذي عليه بعض كبار العلماء ان للقرآن الكريم نزولين ، أو نحوين من النزول .
الأول : النزول الإجمالي ، والمقصود به هنا هو نزول المعارف الإلهية ، والأسرار الكبرى ، والمعاني الكلية التي يشتمل عليها القرآن على النبي (صلى الله عليه واله) .
الثاني : النزول التفصيلي ، والمقصود به نزول القرآن بألفاظه وآياته وسوره وحركاته وسكناته كما هو موجود اليوم ، وقد استغرق هذا النزول طيلة مدة بعثة النبي (صلى الله عليه واله) من ابتدائها وحتى وفاته عن عمر هو ثلاثة وستون سنة .
واذا استثنينا مدة الثلاث سنوات التي قيل بأن الوحي قد انقطع خلالها عن النبي (صلى الله عليه واله) ، فتكون مدة نزول القرآن التفصيلي على قلبه عشرين سنة ، مكث عشراً منها في مكة ، وعشراً في المدينة .
وكانت الآيات تنزل في كثير من الأحيان – سواء في مكة أو المدينة- مرتبطة ببعض الأحداث أثناء مسيرة الدعوة الاسلامية وتحديها للقوى المعادية لها من قبل المشركين والكافرين ، أو لمعالجة قضايا داخلية تهم المسلمين ، ولمواجهة تحركات المنافقين داخل الصف الاسلامي ، ناهيك عن التشريع للعبادات والمعاملات والأحكام بشكل متواتر ومتدرج .
وبناءاً على هذا الرأي ، فإن القرآن بمعانيه وأسراره ومقاصده وأهدافه نزل على النبي (صلى الله عليه واله) دفعة واحدة في ليلة القدر من شهر رمضان ، ثم تتابع نزوله التدريجي وفق ما بينا طيلة مدة ثبوته الى أن توفاه الله تعالى .
وحجة هذا الفريق من العلماء على ما ذهبوا اليه من نزولين للقرآن : مجملا بلحاظ مقاصده ومعانيه وخطوطه الكبرى ، ومفصلا بسوره وآياته وألفاظه ، عدة أمور أهمها :
اولا : قوله تعالى : {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [هود: 1].
فإن هذه الآية تشير بوضوح الى مرحلتين لوجود القرآن ، مرحلة إحكام آياته ، وهي مرحلة إنزاله سبحانه له بنحو إجمالي . ومرحلة تفصيل آياته ، وهو النحو الثاني المعتبر عنه بالنزول التفصيلي .
ثانيا : ورود التعبير عن نزول القرآن –في القرآن- في القرآن نفسه- بصيغتين مختلفتين تنبئان عن وجود مرحلتين لذلك :
الصيغة الأولى : (أنزلناه) . و : (أنزل) . وقد وردت في عدة آيات منها : قوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]. ومنها : قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].
والصيغة الثانية : (نزلناه) –بالتشديد- وقد وردت في قوله تعالى : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] .
والإنزال : ظاهر في الدفعي المعتبر عنه بالإجمالي . وأما التنزيل فظاهر في التدريجي .
ثالثا : بعض الروايات الواردة لكيفيتي النزول .
والحكمة في نظر هذا البعض من العلماء من إنزاله الإجمالي أو الدفعي ، أي إنزاله بمقاصده ومعانيه وأهدافه الكبرى ، وهو تثقيف الله للنبي بحدائق الأمانة الثقيلة والرسالة المقدسة التي اصطفاه لحملها ، وتهيئته الروحية والفكرية لتحتلها وتبليغها .
وأما الحكمة من الإنزال التدريجي التفصيلي – في نظر هؤلاء- فهي تربية الأمة وفق توجيهات السماء ، وهذه التربية لا يمكن أن تتم بشكل دفعي ، بل لابد فيها من التدرج في التنزيل وفق ما تقتضيه الظروف والأحداث التي كانت تعيشها الأمة وترافق الدعوة ليعالجها بشكل هادئ بعيد عن الانفعال .
ولا إشكال في أن هذا الأسلوب ، وهو الذي يمثل عاملاً مهماً في ترسيخ أسس البنية الاجتماعية والحضارية للأمة الاسلامية ، وإرسائها على قواعد صلبة قادرة على مواجهة كل حملات الأعداء المادية والمعنوية .
وهذا كله ، إضافة الى ما يحققه الأسلوب التدريجي للنزول من إمداد روحي مستمر لشخص الرسول (صلى الله عليه واله) وشحذ لعزيمته في مواجهة أعداء الاسلام ، وتزويده المتواتر بطاقات كبيرة وشعور دائم بأن الله معه ، يسدده ويؤيده ويرعاه بعينه التي لا تنام .
وفي مقابل هذا الرأي ، رأي آخر لبعض العلماء معارض له ، يؤكد فيه قاتلوه على أن القرآن لم ينزل إلا مرة واحدة إلى الأرض بشكل تدريجي تفصيلي ، ابتدأ في ليلة القدر من شهر رمضان ، ثم توالى نزوله منجماً طيلة مدة بعثة النبي (صلى الله عليه واله) ، ورأوا أن ما استدل به الفريق الأول من الروايات أخبار آحاد لا يعول عليها . كما وجهوا الآيات التي ورد فيها التعبير بالإنزال (مخففاً) أو (التنزيل) مشدداً بتوجيهات أخرى لا ربط لها بالنزول التدريجي أو الدفعي .
والرأي الأول في نظرنا هو الراجح ، لأنه إضافة الى كونه مذهب أكثر العلماء (1) ، فهو مما وردت به روايات صحيحة ي السنة الشريفة عن ابن عباس وغيره (2) ، وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) (3) .
وقد أشاتر آية وردت في كتاب الله الى الغرض من انزال القرآن تدريجيا قال تعالى :
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] .
فقوله سبحانه : (لنثبته به فؤادك . . . ) أي لنقويه بالإمداد المستمر من عندنا في مواجهة حملات التضليل والكيد من قبل الكافرين . وقيل : (لتحفظه فإنه (صلى الله عليه واله) كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ففرق (القرآن) ليثبت عليه حفظه) (4) .
________________________
(1) راجع البرهان للزركشي ، 1 / 228 .
(2) راجع مستدرك الحاكم .
(3) أصول الكافي ، 2 / كتاب فصل القرآن ، 369 باب النوادر ، ح6 . وقد ورد في المقطع الثاني من حديث الإمام لصادق (عليه السلام) : (قال النبي (صلى الله عليه واله) : نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان ، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وأنزل الزبور لثمان عشرة ليلة من شهر رمضان ، وأنزل القرآن في ثلاث وعشرين ليلة من شهر رمضان) . ويفهم من نزول القرآن في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان بملاحظة قوله تعالى : (انا أنزلناه في ليلة القدر) إنها هي ليلة القدر .
(4) معترك الأقران ، للسيوطي ، 2 / 206 . ومجمع البيان ، للطبرسي ، 4 / 169 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|