أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
2173
التاريخ: 7-10-2014
3164
التاريخ: 11-06-2015
19863
التاريخ: 5-6-2016
1739
|
قال الامام الصادق (عليه السلام) : فإن شككت في منفعة هذا الماء الكثير في البحار وقلت ما الأرب منه فاعلم أنه مكتنف ومضطرب ما لا يحصى من أصناف السمك ودواب البحر ومعدن اللؤلؤ والعنبر.
البحر ضد البر وهو مجتمع المياه الكثيرة المالحة والذي تصب فيه المياه الحلوة من الأنهار كالمحيطات والبحار التي غطت ثلاثة أرباع سطح الأرض ، وانما صارت مياهها مالحة لأن مياه الأنهر التي تصب فيها على الدوام تحمل معها على الأكثر مقادير من ذرات الملح وغيرها من الأملاح المعدنية بمرورها على معادنها عند مسيرها إلى البحر في حين أن الشمس تقوم بعملها باستمرار وهو أرسال أشعتها الحارة على المحيط الواسع ما دامت مشعة فيسخن الماء ويتبخر الحلو العذب منه وتتخلف الأملاح وهكذا تتراكم الاملاح وتكثر فتصبح مالحة .
هذا هو سبب ملوحة مياه البحار والمحيطات ، وقد يسأل سائل مستفهما أو معترضاً ويقول ما الأرب والفائدة من خلق هذا الماء الكثير المتراكم في البحار حتى صار يشغل ثلاثة أرباع سطح الأرض ولم يبق من اليابسة وهي موطن الناس ومأواهم سوى (الربع المسكون) .
وأصناف شتى تستخرج من البحر وفي سواحا ، منابت العود اليلنجوج وضروب من الطيب والعقاقير ، ثم يعد هو مركب للناس ومحمل لهذه التجارات التي تجلب من البلدان البعيدة كمثل ما يجلب من الصين إلى العراق ومن العراق إلى الصين ، فأن هذه التجارات لو لم يكن لها محل إلا الظهر .
فنقول : أنك لو تأملت وفكرت لعلمت أن البحار على كثرتها واتساعها لم تخلق عبثاً إلى جعلت المكتنف الوحيد والمحل الوسيع لحياة ما لا يحمى من أصناف الاسماك ودواب البحر التي لا يخفى نفعها ولزومها لكل الأحياء البرية والبحرية على كثرة أنواعها وأصنافها وسوفه نذكر لك بعض فوائدها في آخر هذه الرسالة أن شاء الله .
ومن المآرب المقصودة في كثرة مياه البحار وأتساعها أنها تكون معدن اللؤلؤ والعنبر أي مصدرهما ومحلهما - فأن المعدن هو موضع بعض الجواهر والغازات كالفضة والحديد كما أنه مكان كل شيء فيه أصله ومركزه وعليه قد يصطلح على ما في البر والبحر من الأجسام الثمينة .
اما اللؤلؤ فهو جسم مدور براق شفاف معروف كالخرز غير المثقوبة تسمى الكبيرة منها (درة) والفريدة في صدفتها (يتيمة) وهي أي اللؤلؤة تختلف صغرا وكبرا اصغرها بقدر حبة الخشخاش وأكبرها بقدر بيضة العصفور ونادراً تكون بقدر بيضة الطير (وهذه على ندرة حصولها عظيمة الثمن بل لا تقدر قيمتها على التحقيق).
وأصل اللؤلؤ أن تخرج صدفة من البحر في شهر نيسان فاتحة فأها للمطر حتى إذا سقطت نقطة منه انطبقت وغاصت في قعر البحر وتبقى هناك حتى تبلغ أواخر اكستوير ، وقيل أنها إذا غاصت صارت لها عروق كالشجرة في أرض البحر ، ثم إذا بلغ ما فيها وصار لؤلؤ اتحلت العروق وبقيت هناك فيهو حيوان في الدور الأول ونبات في الدور الثاني حين ضرب عروقه في قمر البحر ومعدن في الدور الثالث وهكذا يبقى ملقى في أسفل البحر .
وهو أشكال أجوده الكبير الأبيض الشفاف الصافي البراق المدحرج المدور الرزين الكائن في بحر عمان على الأغلب ويوجد في البحرين وهرمز وسواحل سيلان في جنوب الهند والبرازيل في أمريكا الجنوبية .
أما العنبر فقد اختلف في أصله فقيل أنه يخرج من عيون في قعر البحر تقذفه كالدهن فإذا طفت هذه الدهنية على وجه الماء جمدت فألقتها الأمواج الى الساحل ككتلة ذات رائحة طيبة وقيل هو طل يقع على سطح البحر ثم يجتمع ويقذف الى الساحل .
وقيل هو شمع نوع من النحل ي جزائر وسط البحر فإذا جاء الربيع وهاجت العواطف والأهوية الشديدة في البحر القت بشدتها بيوت الشمع الذي يصبح بإشعاع الشمس ولطمات الأمواج كصفحات مدورة تلقى على الساحل فتأخذها الناس لطيب رائحتها وتستعملها لتقوية القلب ، وقيل أنه رطوبة من بعض المعادن في قعر البحر تتقاطر كالموميا من الجبال ثم بعد اجتماعها تطفو على سطح الماء ثم تصبر بواسطة حرارة الشمس وتلاطم الأمواج والمد والجزر صفحات متجمدة أو قطعاً مدورة تلقى على الساحل ليأخذها العارف ويبيعها غالياً .
ثم قال (عليه السلام) : (وأصناف شتى تستخرج من البحر) وهي كثيرة وكثيرة أمثال زبد البحر وهو جسم مركب من أجزاء أرضية وأخرى مائية لطفها الماء وجليها التموج وهو كثير في بحر القلزم (البحر الأحمر) وباب المندب وغيرهما واجوده الأبيض الاملس الهش المعروف الضارب إلى الصفرة ومثل المرجان وهو جسم أحمر رماني في الغالب ، قيل أنه نبات بحري بتكون تحت الماء أو في سواحله كسواحل بحر عمان واليمن وفارس ، وقيل هو جرم جامع بين النباتية والحجرية يتكون في بحر الروم مما يلي أفريقيا .
وقال صاحب شفاء الاسقام هو نبات بحري يتكون في جوف البحر فإذا خرج من الماء يبس وصلب واجوده الأحمر الصلب الشفاف الخالي من الرمل أما ما ذكره (عليه السلام) من منابت عود اليلنجوج أو البلبخوج في سواحل البحر فهو نبت صيني ويكون في جزائر الهند وقيل هو شجر في سواحل مملكة دكهن في الهند وقليلاً ما يحصل في سواحل غير هذه الأبحر ، وشجره عظيم معوج الأغصان غالباً وعوده كله طيب الرائحة لاسيما إذا أحرق وأجوده الثقيل الوزن مر الطعم طيب الرائحة وله منافع طبية كثيرة تذكرها كتب الطب إلى غيرها من ضروب الطيب والعقاقير كالصندلين الأحمر والأبيض وغيرها مما لا محل لذكرها إذ يطول المقام .
ثم قال (عليه السلام) : (ثم يعد هو مركب للناس الخ) أقول ان الناس مهما بلغوا من الغنى وعدم الحاجة في أبدانهم وأموالهم وزراعتهم فأن بعضهم يحتاج إلى بعض في كثير من لوازم العيش وواجبات الحياة .
فمثلاً البلاد ذات الصناعة مفتقرة إلى منتوج زراعة البلاد ذات الزراعة وبالعكس وكلاهما محتاج إلى التجارة كما أن التجار يحتاجون إليهما والغنى يحتاج إلى الفقير كما أن الفقير لا يستغنى عن الغنى ، وهكذا ترى كل فرد بنفسه لا يستطيع أنجاز كل أعماله بدون مساعدة غيره فيها .
ولهذا كان يجب على الإنسان التواصل واحتكاك البعض للبعض واشتراكهم في الأعمال ليقضي كل فرد حاجة الأخر فتقضى حوائجه كما قال الشاعر :
الناس للناس من بدو وهن حضر بعض لبعض وأن لم شعروا خدم
وأن أظهر وأكثر ما يحتاج إليه البشر لقضاء مآربه ومصالحه من خارج بلاده هي التجارة ونقل البضائع أو جلبها من بلد إلى بلد كجلبها من الصين إلى العواق أو من العراق إلى الصين مثلاً . وهذه الحال قد تبعد الشقة بينها وهذا البعد قد لا يبلغونه إلا بشق الأنفس أو بأن تكون أجور حملها أكثر من ثمنها او أن ما يحصل للناقل من اتعاب نقلها ومشقة تسييرها من محل لآخر اشد مما يرجى من نفعها ، وهذا مما يضطر الناس أن تترك البضائع في مكانها ولا تنقلها واذا تركت ارت وبقيت في أماكنها وبأيدي أهلها حتى تتلف وهذا مما يؤدي إلى فقد أشباه كثيرة تعظم الحاجة إليها أو انقطاع معاش العاملين عليها والذين يحملونها جلباً من الخارج أو نقلاً إلى الخارج ممن كانوا يرجون التعيش بفضلها وربحها ، ولكن الله سبحانه لما خلق البحر جعله مركبا للناس ومحملا لهذه التجارات ليسهل بواسطته النقل في المواكب والسفن حيث تجرى في البحر بأمره ، إذن لولا البحر لما سارت السفن ولولا البحر لما تيسر النقل إلى البلدان النائية ولولا البحر لما عاش قسم عظيم من البشر على هذه التجارات ولما سهل عليهم ذلك قال تعالى : {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الإسراء : 66] وقال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} [لقمان : 31] فوجود البحر فضل وسيرها على ظهره نعمة (1) .
_________________
1. ١٦٦ - ١٧١ (أمالي الصادق) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|