أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2016
4288
التاريخ: 10-4-2016
3600
التاريخ: 23-4-2022
1781
التاريخ: 12-4-2016
3468
|
لم تكن الشورى العمرية سليمة فقد احتفّت بها المؤاخذات والمناقضات من جميع جهاتها وخلقت الكثير من المصاعب والفتن كان منها ما يلي :
1 ـ إنّ هذا النظام الذي صمّمه عمر لا يحمل أي طابع من حقيقة الشورى التي لا بدّ من أن تتوفّر فيها الامور التالية :
أ ـ أن تشترك الامّة بجميع شرائحها في الانتخاب.
ب ـ أن لا تتدخّل الحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في شئون الانتخاب.
ج ـ أن تتوفّر الحريات العامّة لجميع الناخبين.
وفقدت الشورى العمرية هذه العناصر ولم يعدّ لها أي وجود فيها فقد حظر عمر على الامّة وعلى الشخصيات البارزة من التدخّل في الانتخاب أمثال المجاهد الكبير عمّار بن ياسر والصحابي العظيم أبي ذرّ ومالك الأشتر الزعيم الكبير ولم يجعل الأنصار حماة الإسلام أي نصيب في ذلك وإنّما فوّض عمر الأمر إلى ستّة أشخاص وجعل آراءهم منطق الفصل وهذا لون من ألوان التزكية تفرضه بعض الحكومات التي لا تعنى بأي حال بإرادة شعوبها ومضافا إلى ذلك فقد أو عز إلى الشرطة بالتدخّل في عمليات الانتخاب وعهد إليهم بقتل كلّ شخص من أعضاء الشورى لا يتّفق مع البقيّة منهم , كما أنّ عمر قد حدّد مدّة الانتخاب لأعضاء الشورى بثلاثة أيام وقد ضيّق بذلك الوقت على الناخبين خوفا أن تتبلور الأوضاع وتتدخّل القطعات الشعبية لانتخاب من يشاؤون فيفوت غرضه .
2 ـ إنّ هذه الشورى قد ضمّت بعض العناصر المعادية للإمام (عليه السلام) والحاقدة عليه ففيها عثمان بن عفّان عميد الاسرة الأموية وموقف الأمويّين من الإمام معروف وعداؤهم له ظاهر وفيها عبد الرحمن بن عوف وهو صهر لعثمان وفيها سعد بن أبي وقّاص وهو من الحاقدين على الإمام لأنّ أخواله الأمويّون الذين وترهم الإمام فإنّ امّه حمنة بنت أبي سفيان وسعد حينما بويع الإمام بعد مقتل عثمان تخلّف عن بيعته وقد اختار عمر هذه العناصر المنافسة للإمام حتى لا يؤول الأمر إليه , وقد تحدّث الإمام عن المؤثّرات التي لعبت في ميدان الانتخاب قال (عليه السلام) : لكنّي أسففت إذ أسفّوا وطرت إذ طاروا فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن .
إنّ هذه الشورى لم يكن المقصود منها حسب ما يراه المحقّقون إلاّ إقصاء الإمام عن الحكم ومنحه للأمويّين.
يقول العلائلي : إنّ تعيين الترشيح في ستّة مهّد السبيل لدى الأمويّين لاستغلال الموقف وتشييد صرح مجدهم على أكتاف المسلمين.
وقد وصل إلى هذه النتيجة السيّد مير علي الهندي قال : إنّ عدم حرص عمر على مصلحة المسلمين دفعه إلى اختيار هؤلاء الستّة من أهل المدينة من دون أن يتبع سياسة سلفه وكان للأمويّين حزب قوي في المدينة ومن هنا مهّد اختياره أي عمر السبيل لمكايد الأمويّين ودسائسهم هؤلاء الذين ناصبوا الإسلام العداء ثمّ دخلوا فيه وسيلة لسدّ مطامعهم وتشييد صروح مجدهم على أكتاف المسلمين .
إنّ أدنى تأمّل في أمر هذه الشورى يوحي بأنّ المقصود منها إبعاد الإمام عن الحكم وتسليمه للأمويّين .
3 ـ إنّ عمر عمد في هذه الشورى إلى إبعاد الأنصار فلم يجعل لأي أحد منهم نصيبا فيها وهم آووا النبيّ ونصروا الإسلام في أيام محنته وغربته وقدّموا أبناءهم قرابين للدعوة الإسلامية وقد أوصى بهم النبيّ (صلى الله عليه واله) خيرا كما لم يجعل عمر فيها لعمّار وأبي ذرّ ومالك الأشتر وغيرهم من أعلام الإسلام أي نصيب فيها وأكبر الظنّ أنّه إنّما أبعدهم لأنّ لهم هوى مع الإمام ولهذه الجهة أقصاهم وقصر أعضاء الشورى على العناصر الحاقدة على الإمام.
4 ـ إنّ عمر قد شهد في حقّ أعضاء الشورى أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) مات وهو عنهم راض أو انّه شهد لهم بالجنّة فكيف عهد إلى الشرطة بضرب أعناقهم إن تخلّفوا عن انتخاب أحدهم ويقول الناقدون لهذه الشورى إنّه كيف ساغ لعمر الأمر بقتلهم إن تخلّفوا عن الانتخاب مع العلم أنّ الإسلام بصورة جازمة حرّم إراقة الدماء وأوجب التحرّج فيها إلاّ في مواضع مخصوصة ذكرها الفقهاء وهذا ليس منها .
5 ـ إنّ عمر إنّما قصر أعضاء الشورى على ستّة بحجّة أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) مات وهو عنهم راض وذلك لا يصلح دليلا على حصر أعضاء الشورى فيهم ؛ لأنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) مات وهو راض عن كثير من صحابته فتقديم هؤلاء عليهم إنّما هو من باب الترجيح بلا مرجّح وهو ممّا يتّسم بالقبح كما يقول علماء الاصول .
6 ـ إنّ عمر جعل الترجيح في الانتخاب إلى الجهة التي تضمّ عبد الرحمن بن عوف وقدّمها على الجهة التي تضمّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو تحيّز ظاهر لا خفاء فيه إلى القوى القرشية الحاقدة على الإمام (عليه السلام) , كما أنّا لا نعلم أنّ أي ميزة اختصّ بها عبد الرحمن حتّى يستحقّ هذا التكريم والتبجيل وهو وطلحة والزبير قد استأثروا بأموال المسلمين وفيئهم وملكوا من الثراء العريض ما لا يحصى حتى تحيّروا في صرفه وإنفاقه وقد ترك ابن عوف من الذهب ما يكسّر بالفؤوس لكثرته وضخامته ومن المعلوم أنّ هذا الثراء العريض قد اختلسه هو وأمثاله من الرأسماليّين من فيء المسلمين.
وعلى أي حال أمثل عبد الرحمن يقدّم على الإمام أمير المؤمنين وهو صاحب المواقف المشهودة في نصرة الإسلام مضافا إلى مواهبه وعبقرياته وتنكّره للمحسوبيات والمصالح الخاصّة وشدّة تحرّجه في الدين والله تعالى يقول : {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] ؟
7 ـ إنّ هذه الشورى أوجدت التنافس بين أعضائها وأشاعت الاختلاف والفرقة بينهم فعبد الرحمن بن عوف هو الذي قلّد عثمان الخلافة إلاّ أنّه لمّا ضاعت آماله ولم يحقّق أي شيء من مصالحه في حكومة عثمان أخذ يؤلّب عليه ودعا الإمام أمير المؤمنين ليحمل كلّ منهما سيفه ليناجزه وأوصى أولياءه بعد موته أن لا يصلّي عليه عثمان وكذلك كان الزبير شيعة للإمام (عليه السلام) وهو الذي وقف إلى جانبه يوم السقيفة وقد قال في أيام عمر : والله! لو مات عمر بايعت عليّا ولكن الشورى قد نفخت فيه روح الطموح فرأى نفسه ندّا للإمام ففارقه بعد أن صارت الخلافة إليه وخرج عليه يوم الجمل , وقد أدّى التنازع والتخاصم بين أعضاء الشورى وغيرهم إلى تصديع كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وقد التفت إلى ذلك معاوية بن أبي سفيان فقد قال لأبي الحصين الذي أوفده زياد لمقابلته : بلغني أنّ عندك ذهنا وعقلا فاخبرني عن شيء أسألك عنه.
فقال : سلني عمّا بدا لك.
أخبرني ما الذي شتّت شمل أمر المسلمين وملئهم وخالف بينهم؟
قال : قتل الناس عثمان.
قال : ما صنعت شيئا .
قال : مسير عليّ إليك وقتاله إيّاك .
فقال : ما صنعت شيئا.
قال : مسير طلحة والزبير وعائشة وقتال عليّ إيّاهم .
فقال : ما صنعت شيئا .
قال : ما عندي غير هذا .
أنا اخبرك إنّه لم يشتّت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى التي جعلها عمر إلى ستّة نفر وذلك أنّ الله بعث محمّدا بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون فعمل بما أمره الله به ثمّ قبضه الله إليه وقدّم أبا بكر للصلاة فرضوه لأمر دنياهم إذ رضيه رسول الله (صلى الله عليه واله) لأمر دينهم فعمل بسنّة رسول الله وسار بسيرته حتى قبضه الله واستخلف عمر فعمل بمثل سيرته ثمّ جعلها شورى بين ستّة نفر فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه وتطلّعت إلى ذلك نفسه ولو أنّ عمر استخلف عليهم كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك خلاف , إنّ عمر مهّد الطريق لعثمان واستخلفه على المسلمين بأسلوب بارع وسافر والشورى إنّما هي طريق لهذه الغاية ولكنّها أشاعت الأطماع والأهواء السياسية وألقت المسلمين في شرّ عظيم.
هذه بعض آفات الشورى وهي بصورة جازمة غير خاضعة للأهواء والعواطف المذهبية هي التي مهّدت الطريق للطلقاء وأبنائهم للاستيلاء على السلطة والقبض على زمام الحكم وإبعاد القوى الإسلامية عن الحياة السياسية الأمر الذي نجم منه نهب ثروات الامّة وإذلال الأخيار والتنكيل بعترة النبيّ (صلى الله عليه واله) .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|