أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2017
4286
التاريخ: 16-6-2019
2502
التاريخ: 19-10-2015
4078
التاريخ: 2024-07-18
440
|
عهد عثمان بولاية الكوفة إلى الوليد بن عقبة بعد أن عزل عنها سعد بن أبي وقاص الزهري وأجمع المؤرّخون على أنه كان من فسّاق بني أمية ومن أكثرهم مجوناً وانحرافاً عن الإسلام وهو ممّن أخبر النبي (صلّى الله عليه وآله) بأنه من أهل النار وكان أبوه عقبة من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فكان يأتي بالفروث فيطرحه على بابه وقد بصق في وجه النبي (صلّى الله عليه وآله) فهدّده (صلّى الله عليه وآله) بأنه إن وجده خارجاً من جبال مكّة يأمر بضرب عنقه فلمّا كانت واقعة بدر امتنع من الخروج فأصرّ عليه أصحابه بالخروج معهم فأخبرهم بمقالة النبي (صلّى الله عليه وآله) له فأغروه وخدعوه وقالوا له : لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه , فاستجاب لهم وخرج لحرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلمّا هزم الله المشركين حمل به جمله في جدود من الأرض فأخذه المسلمون وجاؤوا به أسيراً فأمر علياً بضرب عنقه فقام إليه وقتله ؛ وقد اُترعت نفس الوليد بالحقد على النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنه قد وتره بأبيه وقد أسلم مع مَن أسلم من كفّار قريش ؛ خوفاً من حدّ السيف الذي نزع روح أبيه , وقد لقبّه القرآن الكريم بالفاسق ويقول المؤرّخون والمفسّرون : إنه نزلت آيتان في فسقه :
الاُولى : قوله تعالى : {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] وكان سبب نزول هذه الآية أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أرسله إلى بني المصطلق لأخذ الصدقة فعاد إليه وأخبره بأنهم منعوه عنها فخرج (صلّى الله عليه وآله) إليهم غازياً فتبيّن له كذبه ونزلت الآية معلنة فسقه.
الثانية : قوله تعالى : {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: 18] , وسبب نزولها أنّه جرت مشادّة بينه وبين الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له الوليد : اسكت فإنك صبي وأنا شيخ ؛ والله إنّي أبسط منك لساناً وأحدّ منك سناناً وأشجع منك جناناً وأملأ منك حشواً في الكتيبة.
فقال له علي (عليه السّلام) : اسكت فإنك فاسق ؛ فأنزل الله فيهما هذه الآية ونظم الحادثة حسان بن ثابت بقوله:
أنزل اللهُ والكتابُ عزيزٌ في عليٍّ وفي الوليدِ قرانا
فتبوّا الوليدُ من ذاك فسقاً وعليٌّ مبوّأٌ إيمانا
ليس مَن كان مؤمناً عرف اللهَ كمَن كان فاسقاً خوّانا
فعليٌّ يلقى لدى الله عزّاً ووليدٌ يلقى هناك هوانا
ولمّا عهد إليه عثمان بولاية الكوفة كان يشرب الخمر جهاراً وقد دخل قصره وهو ثمل يتمثّل بأبيات لتأبط شراً.
ولستُ بعيداً عن مدامٍ وقَينةٍ ولا بصفاً صلدٍ عن الخيرِ معزل
ولكنني أروي من الخمرِ هامتي وأمشى الملا بالساحبِ المتسلسلِ
ويقول الرواة : إنه كان يستمع إلى الغناء ويظل يسمر مع ندمائه ومغنّيه سكراناً من أوّل الليل إلى الصباح وكان يؤثر بمنادمته صديقاً له من نصارى تغلب هو أبو زبيد الطائي وقد أنزله داراً على باب المسجد ثمّ وهبها له فكان الطائي يخرج من منزله حتّى يشقّ الجامع إليه فيسمر عنده ويشرب فيشقّ المسجد وهو سكران .
ويقول المؤرّخون : إنه شرب الخمر فصلّى بالناس وهو ثمل صلاة الصبح أربع ركعات وصار يقول في ركوعه وسجوده : اشرب واسقني ثمّ قاء في المحراب وسلّم وقال للمصلّين خلفه : هل أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود : لا زادك الله خيراً ولا مَن بعثك إلينا وأخذ فروة نعله وضرب بها وجهه وحصبه الناس فدخل القصر والحصباء تأخذه وهو ثمل مترنّح ؛ وفي فضائحه ومخازيه يقول الحطيئة جرول بن أوس العبسي :
شهد الحطيئةُ يومَ يلقى ربّهُ أنّ الوليدَ أحقُّ بالغدرِ
نادى وقد تمّت صلاتُهمُ أأزيدكمُ؟ ثَمِلاً ولا يدري
يزيدهمْ خيراً ولو قبلوا منهُ أزادهمُ على عشرِ
ويقول فيه الحطيئة مرة اُخرى :
تكلّمَ في الصلاةِ وزاد فيها علانيةً وجاهر بالنفاقِ
ومج الخمر عن سنن المصلي ونادى والجميع إلى افتراق
أأزيدكم على أن تحمدوني فما لكم ومالي من خلاق
وأسرع جماعة من خيار الكوفيين وصلحائهم إلى يثرب يشكون الوليد إلى عثمان وقد صحبوا معهم خاتمه الذي انتزعوه منه في حالة سكره ولمّا قابلوا عثمان وشهدوا عنده بما رأوه من شرب الوليد للخمر زجرهم عثمان وقال لهم : ما يدريكم أنه شرب الخمر؟
ـ هي الخمر التي كنّا نشربها في الجاهليّة.
وأعطوه خاتمه الذي انتزعوه منه في حال سكره لتأييد شهادتهم وغضب عثمان وقام فدفع في صدورهم وقابلهم بأخبث القول وأقساه فخرجوا منه وقد ملك الذعر إهابهم وانطلقوا إلى الإمام أمير المؤمنين وأخبروه بما ألمّ بهم فانبرى الإمام إلى عثمان فقال له : دفعت الشهود وأبطلت الحدود؟.
وهدأ عثمان وخاف من عواقب الاُمور فاتّجه نحو الإمام قائلاً بصوت خافت : ما ترى؟
ـ أرى أن تبعث إلى صاحبك فإن أقاما الشهادة في وجهه ولم يدلِ بحجّة أقمت عليه الحدّ ولم يجد عثمان بدّاً من الإذعان لقول الإمام فكتب إلى الوليد يأمره بالشخوص إليه ولمّا وصلت إلى الوليد رسالة عثمان نزح من الكوفة إلى يثرب ولمّا مثل بين يدي عثمان دعا بالشهود فأقاموا عليه الشهادة فلم يدلِ بأيّة حجّة وبذلك خضع لإقامة الحدِّ , ولم ينبرِ إليه أحد لإقامة الحدّ عليه ؛ خوفاً من عثمان فقام الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ودنا منه فسبّه الوليد وقال : يا صاحب مكس وقام إليه عقيل فردّ سبّه وجعل الوليد يروغ عن الإمام فاجتذبه وضرب به الأرض وعلاه بالسّوط وتميّز عثمان غيظاً وغضباً فصاح بالإمام : ليس لك أن تفعل به هذا ؛ فأجابه الغمام بمنطق الشرع قائلاً : بلى وشرٌّ من هذا إذا فسق ومنع حق الله أن يؤخذ منه , ودلّت هذه البادرة على تهاون عثمان بحدود الله وعدم اكتراثه بإقامتها وعلّق الاُستاذ العلائلي على هذه البادرة بقوله : هذه القصة تضع بين أيدينا شيئاً جديداً غير العطاء الذي يرجع إلى مكان العاطفة تضع بين أيدينا صورة من الإغضاء عن مجاوزة السلطة للقانون والإغضاء في واقعة دينية بحيث يجب على الخليفة أن يكون أوّل مَن يغار عليها وإلاّ هدد مكانه وأفسح للناس مجال التقوّل والتجريح وبالأخص حين جاءت حكومته عقيب حكومة عمر التي عرفت بالشدّة فيما يتعلّق بالحدود الدينية حتّى لو كان من أقرب ذوي القربى.
إذاً فهذه المبالغة في الإغضاء والصفح والمجاوزة لا ترجع إلى مكان العاطفة وحدها إن كانت بل إلى الحزبية أيضاً حتّى تتناصر مجتمعة ؛ وعلى أيّ حال فإن الوليد قد ترك أثراً سيّئاً في الكوفة فقد تأثّرت بمجونه فكانت سيرته نقطة تحوّل في هذه المدينة التي كانت تضمّ الصحابة والتابعين إلى مدينة المجّان واللاهين ؛ فقد أعزى الوليد الناس إلى الاندفاع نحو المتع واللهو واُسّست في الكوفة دور للغناء والطرب وانتشر فيها المجّان وكان من المغنّين فيها عبد الله بن هلال الذي لقّب بصاحب إبليس وحنين الخيري الشاعر النصراني .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|