أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
3661
التاريخ: 19-5-2019
9762
التاريخ: 22-3-2016
3880
التاريخ: 22-5-2019
2212
|
من الاشياء الخطيرة بالغت الأهمية قام بها عمر لتجميد الأوضاع وإيقاف أي عملية تؤدّي إلى انتخاب مَن يخلف الرسول (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأن زميله أبا بكر لم يكن في يثرب عند وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) وإنما كان في السنح فبعث خلفه مَن يأتي به إلاّ أنّه خشي أن يتقدّم إلى الساحة أحد قبل مجيئه فانطلق بحالة رهيبة وهو يجوب في أزقّة يثرب وشوارعها ويقف عند كل تجمّع من الناس ويهزّ بيده سيفه وينادي بصوت عالٍ قائلاً : إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد مات وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران ؛ والله ليرجعنّ رسول الله فيقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممّن أرجفوا بموته ؛ وجعل لا يمرّ بأحد يقول مات رسول الله إلاّ خطبه بسيفه وتهدّده وتوعّده وذهل الناس وساورتهم الأوهام والشكوك وعصفت بهم أمواج رهيبة من الحيرة فلا يدرون أيصدّقون مزاعم عمر بحياة النبي (صلّى الله عليه وآله) وهي من أعزّ ما يأملون ومن أروع ما يحلمون؟ أم يصدّقون ما عاينوه من جثمان النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو مسجّى بين أهله لا حراك فيه؟ ويستمر عمر يبرق ويرعد حتّى أزبد شدقاه وهو يتهدّد بالقتل ويتوعّد بقطع الأيدي والأرجل ممّن أرجف بموت النبي (صلّى الله عليه وآله) إلاّ أنه لم يمضِ قليل من الوقت حتّى جاء خدنه وصاحبه أبو بكر من السنح فانطلق معه إلى بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) فكشف أبو بكر الرداء عن وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليتحقق وفاته وبعدما اطمأنّ بموته خرج إلى الناس وهو يفنّد مزاعم عمر والتفت إلى الجماهير الحائرة التي أخرسها الخطب بموت منقذها العظيم قائلاً : مَن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومَن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت ؛ وتلا قوله تعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] , ولم يلبث عمر أن أسرع إلى الإذعان والتصديق وانبرى يقول : فوالله ما هو إلاّ إذ سمعتها فعقرت حتّى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي وقد علمت أنّ رسول الله قد مات .
ونحن إذا تأمّلنا بدقّة وإمعان هذه البادرة الغريبة التي صدرت من الشيخين نجد فيها عدة نقاط مهمة تسترعي الاهتمام والتحليل وهي :
1 ـ إنّ عمر قد أنكر بصورة جازمة وبإصرار بالغ موت النبي (صلّى الله عليه وآله) فقد زعم أنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران وأنه لا بد أن يرجع إلى الأرض وينكّل بالمرجفين بموته ومما لا شكّ فيه أنّ ذلك لم يكن عن إيمان منه بحياة النبي (صلّى الله عليه وآله) وإنما كان ذلك استغلالاً للفرص وتوصّلاً إلى أهدافه السياسية حسب المخططات التي وضع برامجها أقطاب حزبه ؛ كأبي بكر وأبي عبيدة ويدلّ على ذلك ما يلي :
أ ـ أنّ عمر بالذات كان من المتفائلين بموت النبي (صلّى الله عليه وآله) فكان يقول لأسامة : مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنت عليّ أمير؟ هذا ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان حيّاً وقد اطمأنّ بوفاته حينما نعى (صلّى الله عليه وآله) نفسه إلى المسلمين وساق لهم الأمارات التي تدلّ على وفاته .
ب ـ أنه وقف أمام النبي (صلّى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفّي فيه وقد صدّه عما رامه من الكتابة التي تقي اُمّته من الفتن والضلال وقال له : حسبنا كتاب الله ؛ ومن الطبيعي أنّه إنّما قال ذلك حينما أيقن بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) .
ج ـ أنّ كتاب الله العظيم أعلن أنّ كل إنسان لا بدّ أن يتجرّع كأس المنيّة قال تعالى : {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 57] وقال تعالى في خصوص نبيّه : {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] وقال تعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] وهذه الآيات تتلى في وضح النهار وفي غلس الليل أفهل خفيت على عمر وهو ممن يسمع كتاب الله ويصابح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويماسيه؟
د ـ أنّ سكون عمر وهدوء ثورته الجامحة حينما جاء خدنه أبو بكر وتصديقه بلا مناقشة لمقالته حينما أعلن وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) كل ذلك يقضي ـ بلا شبهة ـ أنه إنما قام بهذه العملية توصّلاً إلى مآربه وأهدافه.
2 ـ إنّ حكم عمر بأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سوف يرجع إلى الأرض ويقطع أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجفوا بموته لا يخلو من وهن فإن تقطيع الأيدي والأرجل والحكم بالإعدام إنما يكون للذين يخرجون عن دين الله أو يسعون في الأرض فساداً وليس القول بموت النبي (صلّى الله عليه وآله) مما يوجب ذلك قطعاً.
3 ـ إنّ أبا بكر أعلن في خطابه الذي نعى به النبي (صلّى الله عليه وآله) : مَن كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات ومَن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ؛ ومن المقطوع به أنه لم يؤثر عن أيّ أحد من المسلمين أنه كان يعبد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أو اتخذه ربّاً من دون الله وإنما أجمع المسلمون على أنه عبد الله ورسوله اختاره الله لوحيه واصطفاه لرسالته.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|