أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2017
9561
التاريخ: 22-5-2017
5524
التاريخ: 27-4-2019
2371
التاريخ: 8-5-2017
2438
|
تذهب بعض المذاهب إلى عدم مشروعية الارث بناء على منعها للتملك الفردي وتعلل ذلك بان قواعد العدالة تابى أن يملك الوارث مالا لم يتعب في تحصيله وبان هذا المال قد يكون مجموعا من طرق ظالمة فليس من العدالة أن يعطى لمن لا يستحقه فالارث بناء على هذا المنظور مبدء يتنافى مع مبادى العدالة وما هذا إلا تفريط في ما للفرد من حقوق يقابله افراط في مذاهب أخرى تترك الحرية للشخص بالتصرف في ماله كيف شاء فله أن يحرم اقرباءه كلهم من ميراثه ويوصي به إلى غريب من صديق أو خادم بل قد يوصي به إلى حيوان من كلب أو قطة أما الاسلام في نظرته الوسطية للامور وبالتوازن الذي يقوم عليه نظامه فقد اعطى الحرية للشخص في أن يتصرف بالوصية في ثلث ماله فقط يوصي به إلى من يشاء على أن لا تكون إلى جهة محرمة أما الثلثان الاخران فهما لاقربائه أو من تصلهم به صلة قوية كالزوجية وهو حق لهم لا يملك المورث التصرف فيه ولا منعهم منه(1). وهو ما يستجيب لطبيعة الانسان كون (الارث نظام فطري يستجيب لمقتضيات الغريزة الانسانية التي تجعل الانسان يميل فطريا إلى أن تنتقل اثاره المادية والمعنوية من بعده إلى من يخلفه من ولد أو حفيد أو أي قريب وقد يكون مبعثه شعوره بان هؤلاء هم امتداد لحياته من بعده وقد اقر هذا الميل الفطري من الشرائع المختلفة عبر التاريخ والى يومنا هذا ولكنها اختلفت في تنظيمه وقد تميزت الشريعة الإسلامية من بين هذه التشريعات بتنظيم دقيق لقواعده (أي الارث) راعت فيه دواعي الغريزة ومقتضيات الطبيعة التكوينية للجنسين (الذكر والانثى) في ضوء ما حددته لهما من تبعات ووظائف وحقوق)(2) هذا النظام الاسلامي الدقيق في الارث يتميز بمجموعة من المميزات اهمها:
- أن الاسلام وقف موقفا وسطا في الوقت الذي وقفت فيه المذاهب الاشتراكية الشيوعية والمذاهب التي تنادي بالحرية المطلقة في التملك وقفة المتطرف بين افراط وتفريط.
- أن الارث نظام اجباري في الاسلام بالنسبة للوارث والمورث.
- ان قدر نصيب الوارثين بالفروض أي السهام المقدرة ولا يخفى ما في هذا من تفتيت للثروة وتوزيع لها.
- انه جعل للولد الصغير نصيبا من ميراث ابيه يساوي نصيب الكبير فلا يفرق الاسلام بين الحمل في بطن الام وبين الولد الكبير كما لا يميز الاسلام بين البكر وغيره من الاولاد.
- انه جعل للزوجة نصيبا من الميراث واعتبر الصلة الزوجية كالصلة القرابية.
- انه جعل للمرأة نصيبا من الارث فإلام والزوجة والبنت وبنت الابن والاخت وامثالهن كل هؤلاء لهن نصيب من مال الميت يضمن لهن حياة مصونة من مذلة العيش وهوان الفاقة(3). وعلى الرغم من هذه الميزات وغيرها فلقد وجهت سهام النقد إلى الشريعة الإسلامية سواء بدافع الجهل أو الهوى على اعتبار أن هذه الشريعة قد ظلمت المراة فكثيرا ما يردد بأن الإسلام يظلم المرأة بإعطائها نصف ميراث الرجل وقد حجب عقل من اصحاب هذا الكلام عما اشار اليه الباري سبحانه وتعالى في ايات الميراث في قوله آباؤكم وابناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا، فريضة من الله ، ان الله كان عليما حكيما. وقوله تعالى في آخر الآية الثانية وصية من الله، والله عليم حليم. فالله عليم حليم حكيم فخالق الانسان اعلم بما يصلحه إلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فالي خلق هو الذي اسس وشرع وما دعوى اعطاء الاسلام المراة نصف الرجل من الميراث إلا جزئية اسيء فهمها، فنظام الميراث في الإسلام نظام متكامل ينبغي أن ينظر إليه من جميع جوانبه، فهو نظام يتكون من مجموعة من القواعد اشتملت عليها الشريعة الإسلامية من خلال نصوص القران والسنة النبوية فقد ورد في القران الكريم مجموعة من الآيات بينت معظم أحكام الميراث مثل قوله تعالى:يوصيكم الله في اولادكم، للذكر مثل حظ الأنثيين ، فان كن نساء فوقاثنتين فلهن ثلثا ما ترك ، وان كانت واحدة فلها النصف ، ولأبويه لكل واحد منهماالسدس مما ترك ان كان له ولد، فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلأمه الثلث ، فان كانله اخوة فلأمه السدس ، من بعد وصية يوصي بها او دين ، آباؤكم وابناؤكم لاتدرون أيهمأقرب لكم نفعا، فريضة من الله ، ان الله كان عليما حكيما(4) وقوله تعالى: ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكنلهن ولد ، فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين،ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد ، فان كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم منبعد وصية توصون بها أو دين ، وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلواحد منهما السدس، فان كانوا أكثر من ذلك، فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصىبها أو دين غير مضار ، وصية من الله والله عليم حليم ، تلك حدود الله، ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ، وذلك الفوز العظيم ، ومنيعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالد فيها وله عذاب مهين(5). وقوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ، ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ماترك، وهو يرثها انلم يكن لها ولد، فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين ، يبين الله لكم ان تضلوا، والله بكل شئ عليم(6) فقد اشتملت هذه الآيات على أهم الاسس التي يقوم عليها نظام الميراث في الشريعة الإسلامية والتي من خلالها يأخذ كل ذي حق حقه إلا وهي:
أ. درجة القرابة بين الوارث، ذكرا أو أنثى، وبين المورث المتوفى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث دونما اعتبار للجنس.
ب. موقع الوارث المعين من التتابع الزمني لاجيال الوارثين، فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل اعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الاجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من اعبائها، بل تصبح اعباؤها، وفقا لثقافة المجتمعالمسلم مفروضة على غيرها فرضا وذلك بصرف النظر عن الجنس، فمثلا بنت المتوفى (انثى) ترث أكثر من والد المتوفى (ذكر) واكثر من امها هي، حتى لو كانت رضيعة لا تدرك شكل والدها، بل وحتى لو كان والد المتوفى هو مصدر هذه الثروة.
ج. المعيار الثالث هو العبء المالي الذي (يوجب) الشرع الاسلامي على الوارث تحمله، وهذا هو المعيار الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والانثى، ولكنه أيضا لا يفضي الى ظلم، بل ربما العكس هو الصحيح.
ففي الحالة التي اتفق وتساوى فيها الوارثون في درجة القرابة واتفقوا وتساووافي موقع الجيل الوارث من تتابع الاجيال مثل اولاد المتوفى ذكورا واناثا، في هذه الحالة يكون التفاوت في انصبة الميراث بناء على تفاوت العبء المالي، ولذلك لم يعمم الله سبحانه وتعالى هذا التفاوت في عموم الوارثين، وانما حصره في بعض الحالات (وما يلاحظ من بعض التفاوت الكمي وفقدان المساواة العددية في ميراث الذكر والانثى في الشريعة يعود إلى حكمة التوازن الحقيقي الذي يراعي كل الاعتبارات لتحقيق العدل الموضوعي فيه)(7) وبذلك يندفع قول من قال بان الاسلام يهضم المراة حقها بجعل نصيبها نصف نصيب الرجل فبين الرجل والمرأة في منظور الاسلام وحدة تتمثل في مجموعة من الصور اهمها:
أولا: وحدة الأصل والمنشأ قال تعالى يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير(8) وقال خلقكم من نفس واحدة(9).
ثانيا: وحدة في العمل ووحدة في الجزاء قال تعالى فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض(10) وقال ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما(11) فلا يصح القول بان الاسلام ينظر إلى المراة نظرة دونية لمجرد أن الاسلام قد جعل نصيبها نصف نصيب الرجل فقد جعل الاسلام الحاجة اساس التفاضل في الميراث (فالابناء احوج إلى مال الميت من ابيه لان جدهم في نهاية عمره لا ترهقه مطالب الحياة كما ترهق الشباب في مستقبل اعمارهم ومن ذلك جعل نصيب البنت نصف نصيب الولد الذكر فان مطالب الابن في الحياة وفي نظام الاسلام نفسه اكثر من مطالب اخته فهو الذي يكلف باعالة نفسه متى بلغ سن الرشد ولو كان ابوه غنيا واسع الثراء وهو المكلف بدفع المهر لزوجته ونفقة الاولاد من تعليم وتطبيب وكساء وغير ذلك ثم هو المكلف باعالة ابيه أو اقربائه إذا كانوا فقراء أما البنت فلا تكلف في الحياة بعضا مما يكلف به اخوها فهي ما دامت في بيت ابيها كانت نفقتها على ابيها فاذا انتقلت إلى بيت الزوجية كانت نفقتها على الزوج فاذا فارقت الزوج بطلاق أو موت انتقل واجب الانفاق عليها إلى ابيها ثم إلى من بعده بحسب الترتيب الوارد في نظام النفقات وهكذا لا تجد المراة نفسها في حاجة إلى المال في نظام الاسلام فما تاخذ من نصيبها فيالميراث ومهرها من الزواج يكون مالا محفوظا لا يتعرض للنقصان إلا في الحالات اضطرارية وبذلك كان طبيعيا أن تاخذ نصف نصيب الرجل(12) وما هذا إلا تطبيق من تطبيقات مبدأ العدل الذي التزمه الاسلام في توزيع المسؤليات بين الرجل والمراة. ثم أن المراة في بعض الأحوال تاخذ ما يأخذه الرجل كما في حالة الاخوة والاخوات من الام قال تعالى وان كان رجل يورث كلالة أو امراة وله اخ أو اخت فلكل واحد منهما السدس ... وكما في حالة الاب والام مع وجود الفرع الوارث(13) بل أن المراة ترث هي أحيانًا ولا يرث نظيرها من الرجال. فلو توفيت عن زوج وام واختان واخوان لام واخ لاب فللزوج نصف التركة لعدم وجود فرع وارث وللام السدس لتعدد الاخوة والاخوات وللاخوة والاخوات لام ثلث التركة لقوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث(14) فالاخ لاب يحجب بالاستغراق ولو فرضنا مكانه اختا لاب ثرت نصف التركة وتعال المسالة الفرضية الى عشرة بعد ان كانت من ستة للزوج ثلاثة اتساع وللام التسع وللاخوة والاخوات ثلاثة اتساع وللاخت للاب. وعلى هذا فان النتيجة التي يصل إليها الانسان من دراسة منصفة لمسائل الميراث في الشريعة الإسلامية هي ان هذه القسمة انما هي رأفة ورحمة بنا، وانها قائمة على اسس عدل قوية ومقنعة بل والاهم من ذلك فانها جاءت في المحصلة النهائية لمصلحة المرأة دون ان يخسر الرجل شيئا.
___________________________
[1]- ينظر د. مصطفى السباعي و د. عبد الرحمن الصابوني، الأحوال الشخصية في الاهلية والوصية والتركات، المطبعة الجديدة ـ دمشق، ط5، 1397هـ، 1978م، ص389.
2- ينظر د. مصطفى ابراهيم الزلمي، أحكام الميراث والوصية في الفقه الاسلامي المقارن والقانون، شركة الخنساء للطباعة، ط2، 2000م ، ص4.
3- ينظر د. مصطفى السباعي و د. عبد الرحمن الصابوني، المرجع السابق، 389ـ390.
4- سورة النساء /11.
5- سورة النساء / 12-14.
6- سورة النساء / 176.
7- ينظر د. مصطفى ابراهيم الزلمي، أحكام الميراث والوصية في الفقه الاسلامي المقارن والقانون، شركة الخنساء للطباعة، ط2 ، 2000م، ص4.
8- سورة الحجرات / 13.
9- سورة الزمر / 6.
0[1]- سورة ال عمران / 195.
1[1]- سورة النساء / 32.
2[1]- ينظر د. مصطفى السباعي و د. عبد الرحمن الصابوني، المرجع السابق، ص390ـ391.
3[1]- وفي بعض المذاهب كالجعفرية والظاهرية ترث المراة في بعض الحالات اكثر من الرجل فمن توفيت عن زوج واب وام فان للزوج النصف لعدم وجود فرع وارث وللام الثلث وللاب الباقي والمسالة الفرضية من ستة للزوج ثلاثة وللام اثنين وللاب الباقي وهو سهم واحد.
4[1]- سورة النساء / 12.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|