أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-31
197
التاريخ: 11-10-2014
1769
التاريخ: 2024-11-24
30
التاريخ: 11-10-2014
1864
|
1ـ « قال المفسّرون وأهل السّير : إنّ جميع ما غزى رسول الله صلى الله عليه واله بنفسه ستّ وعشرون غزوةً ، وأنّ جميع سراياه الّتي بعثها ولم يخرج معها ستّ ثلاثون سريّة ، وقاتل صلى الله عليه واله في تسع غزوات منها ، وهي : بدر ، وأحد ، والخندق ، وبنو قريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف » ونذكر بعضها :
2 ـ فمنها أنّه بعث رسول الله صلى الله عليه واله عبد الله بن جحش إلى نخلة ، وقال ك كن بها حتّى تأتينا بخير من أخبار قريش ، ولم يأمره بقتال ، وذلك في الشّهر الحرام ، وكتب له كتاباً وقال له : اخرج أنت وأصحابك حتّى إذا سريت يومين ، فافتح كتابك وانظر فيه ، وامض لما أمرتك ، فلمّا سار يومين وفتح الكتاب فاذا فيه : امض حتّى تنزل نخلة ، فأتنا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم.
فقال لأصحابه : سمعاً وطاعةً لما قرأ الكتاب : من له رغبة في الشّهادة فلينطلق معي ، فمضى معه القوم حتّى إذا انزلوا نخلة مرّ بهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله معهم تجارة قدموا بها من الطّائف أدم وزبيب ، فلمّا رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله ، وكان قد حلق رأسه فقالوا : عمّار ليس عليكم منهم بأس وائتمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وهو آخر يوم من رجب فقالوا : لئن قتلتموهم انكم لقتلوهم في الشّهر الحرام ، ولئن تركتموهم ليدخلوا هذه اللّيلة مكّة ، فاجتمع القوم على قتلهم ، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، واستأمن عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وهرب المغيرة بن عبد الله ، فأعجزهم فاستاقوا العير ، فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه واله.
فقال : والله ما أمرتكم بالقتال في الشّهر الحرام ، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئاً ، وسُقط في أيدي القوم ، فظنّوا أنّهم قد هلكوا وقالت قريش : استحلّ محمّد الشّهر الحرام ، فأنزل الله تعالى جل ذكره : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } [البقرة : 217] الآية فلمّا نزل ذلك أخذ رسول الله العير وفدى الأسيرين وقال المسلمون : أيطمع لنا أن نكون غزاة ، فأنزل الله تعالى فيهم : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة : 218]. وكانت هذه قبل بدر بشهرين (1).
3 ـ ثمّ كانت غزوة بدر الكبرى ، وذلك أن النّبيّ صلى الله عليه واله سمع بأبي سفيان بن حرب في أربعين راكباً من قريش تجّاراً قافلين من الشّام ، فخرج رسول الله في ثلاثمائة راكب ونيف وأصحابه أكثرهم مشاة ، معهم ثمانون بعيراً وفرسٌ ، وذلك في شهر رمضان ، فبلغ ابا سفيان الخبر ، فأخذ العير على كلّ السّاحل ، وأرسل إلى أهل مكّة يستصرخ بهم ، فخرج منهم الف رجل ، معهم مائتا فرس ومعهم القيان يضربن الدّفوف ، فلمّا بلغ النّبيّ صلى الله عليه واله بدر وهي بئر وقد علم بفوات العير ومجييء قريش شاور أصحابه في لقائهم أو الرّجوع ، فقالوا : الأمر إليك وكان لواء رسول الله أبيض مع مصعب بن عمير ورايته مع عليّ ، وأمدّهم الله بخمسة آلاف من الملائكة ، وكثر الله المسلمين في أعين الكفّار ، وقللّ المشركين في أعين المؤمنين كيلا يفشلوا ، فأخذ كفّاً من تراب فرماه إليهم ، وقال : شاهت الوجوه فلم يبق منهم أحدٌ إلاّ اشتغل بفرك عينيه وقتل الله من المشركين سبعين رجلاً واُسر سبعون منهم : العباس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث ـ فأسلموا وكانوا مكرهين ـ وعقبة بن أبي معيط ، والنّضر بن الحارث قتلهما رسول الله صلى الله عليه واله بالصّفراء.
وقال رسول الله صلى الله عليه واله للعباس : افد نفسك وابني أخويك عقيلاً ونوفلاً فقال : إنّ القوم استكرهوني وإنّي كنت مسلماً ، فقال صلى الله عليه واله : الله أعلم بإسلامك إن يكن حقاُ ، فانّ الله يجزيك به وأمّا ظاهر أمرك فقد كان علينا ، قال : ليس لي مال ، قال صلى الله عليه واله : فأين المال الّذي وضعته عند أمّ الفضل بمكة وليس معكما أحد؟ فقلت لها : إن اصبتُ في سفري هذا فهذا المال لنبيّ الفضل وعبد الله وقثم ، فقال : والله يا رسول الله إنّي لأعلم أنك لرسول الله إنّ هذا شيء ما علمه غيري وغير اُمّ الفضل ، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم منّي من مال كان معي عشرون أوقية ، فقال رسول الله : لا ، ذلك شيء أعطانا الله منك ففدى نفسه بمائة أوقية ، وذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى } [الأنفال : 70]. الآية وعامة من قتل من الكفّار قتلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً (2).
4 ـ ثمّ كانت غزاة اُحد على رأس سنة ، ورئيس المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب ، وكان أصحاب النبيّ صلى الله عليه واله سبعمائة والمشركون ألفين ، وخرج رسول الله بعد أن استشار أصحابه ، وكان رأيه أن يقاتل الرّجال على أفواه السّكك ، ويرمي الضّعفاء من فوق البيوت ، فأبوا إلاّ الخروج إليهم ، فلّما صار على الطّريق ، قالوا : نرجع ، فقال : ما كان النبيّ إذا قصد قوماً أن يرجع عنهم ، وكانوا ألف رجل ، فلمّا كانوا في بعض الطّريق انخذل عنهم عبد الله بن اُبيّ بثلث النّاس ، وقال : والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه ، فهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرّجوع فعصمهم الله ، وهو قوله تعالى جلّ ذكره : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران : 122].
وأصبح رسول الله صلى الله عليه واله متهيّئاً للقتال ، وجعل على راية المهاجرين عليّاً عليه السلام على راية الأنصار سعد بن معاذ ، وقعد رسول الله صلى الله عليه واله في راية الأنصار ، ثمّ مرّ على الرّماة وكانوا خمسين رجلاً وعليهم عبد الله بن جبير ، فوعظهم وذكّرهم وقال : اتّقوا الله واصبروا وإن رأيتمونا يخطفنا الطّير ، فلا تبرحوا مكانكم حتّى أرسل إليكم ، فأقامهم عبد الله بن جبير على الشّعب ، وكانت الهزيمة على المشركين ، فاشتغل بالغنيمة المقاتلة ، فقال الرّماة : نخرج للغنيمة قال عبد الله : أمّا أنا فلا أبرح ، فخرجوا وخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد ، فقتل عبد الله ثمّ أتى النّاس من أدبارهم ووضع في المسلمين السّلاح فانهزموا وصاح إبليس : قتل محمّد. ورسول الله يدعوهم في اُخراهم : أيّها النّاس إنّي رسول الله قد وعدني النّصر فإلى اين الفرار؟.
قال الصّادق عليه السلام : انهزم النّاس عن رسول الله صلى الله عليه واله ، فغضب غضباً شديداً وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل الّلؤلؤ من العرق ، فنظر فاذا عليّ إلى جنبه ، فقال : مالك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال عليّ عليه السلام : يا رسول الله أكفر بعد إيمان؟ إنّ لي بك أُسوة فقال : أما فاكفني (3) هؤلاء ، فحمل عليّ فضرب اوّل من لقي منهم ، فقال جبرئيل عليه السلام : إنّ هذه لهي المواساة يا محمّد ، فقال : إنّه منّي وأنا منه ، قال جبرئيل عليه السلام : وأنا منكما.
وثاب إلى رسول الله صلى الله عليه واله جماعة من أصحابه ، وأُصيب من المسلمين رجال (4) منهم حمزة وثلاث آخر من المهاجرين ، وقام أبو سفيان ونادى أحيّ ابن أبي كبشة ، فأمّا ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه ، فقال عليّ عليه السلام : أي والّذي بعثه ، وأنه ليسمع كلامك فقال أبو سفيان لعليّ : إنّ ابن قميئة أخبرني أنّه قتل محمّداً وأنت أصدق ، ثمّ ولّى إلى أصحابه وقال : اتخذوا الّليل جملاً وانصرفوا.
ثمّ عاد رسول الله صلى الله عليه واله ونادى عليّاً عليه السلام فقال : اتبعهم فانظر أين يريدون؟ فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الأبل ، فانّهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الأبل وساقوا الخيل ، فهم متوجّهون إلى مكّة ، وقال : رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنونة مدبرة ، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدوّ.
وقال : أبان بن عثمان فلمّا كان من الغد من يوم أحد نادى رسول الله صلى الله عليه واله في المسلمين ، فأجابوه فخرجوا على ما أصابهم من الفزع ، وقدّم عليّاً عليه السلام بين يديه براية المهاجرين حتّى انتهى إلى حمراء الأسد ، وكان أبو سفيان أقام بالرّوحاء وهمّ بالرّجعة على رسول الله صلى الله عليه واله وقال : قد قتلنا صناديد القوم ، فلو رجعنا استأصلناهم ، فلقى معبد الخزاعي ، فقال : ما وراك قال : والله تركت محمّداً وأصحابه وهم يحرقون عليكم ، وهذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام قد أقبل على مقدمته في النّاس فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ، ثمّ رجع رسول الله صلى الله عليه واله الى المدينة (5).
5 ـ ثمّ كانت غزاة بني النّضير ، وذلك إنّ رسول الله صلى الله عليه واله مشى إلى كعب بن الأشرف يستقرضه ، فقال : مرحباً بك يا أبا القاسم ، فجلس رسول الله صلى الله عليه واله وأصحابه ، فقام كعب كأنّه يصنع لهم طعاماً وحدّث نفسه أن يقتل رسول الله ، فنزل جبرئيل فاخبر بما همّ به القوم من الغدر ، فقام صلى الله عليه واله كأنّه يقضي حاجته وعرف أصحابه وهو حيّ ، فاخذ الطّريق نحو المدينة ، فاستقبله بعض أصحاب كعب الّذين أرسل إليهم يستعين بهم على رسول الله صلى الله عليه واله ، فأخبر كعباً بذلك فسار المسلمون راجعين.
فقال عبد الله بن صوريا ( وكان أعلم اليهود ) : والله إنّ ربّه اطّلعه على ما أردتموه من الغدر ، ولا يأتيكم أوّل ما يأتيكم والله إلاّ رسول محمّد يأمركم عنه بالجلاء ، فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثّالث : أنّ تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم وإلاّ إنّه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم ، فقالوا : هذه أحبّ إلينا قال : أما إنّ الأولى خير لكم ، ولولا أن أفضحكم لأسلمت ، ثمّ بعث رسول الله صلى الله عليه واله محمّد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرّحيل ، وأمره أن يؤجّلهم في الجلاء ثلاث ليال (6).
6 ـ ثمّ كانت غزوة الخندق وهي الأحزاب ، في شوّال سنة أربع من الهجرة. أقبل حييّ بن أخطب ، وكنانة بن الرّبيع ، وسلامة بن أبي الحقيق ، وجماعة من اليهود يقدمون مكّة ، فصاروا إلى أبي سفيان وقريش ، فدعوهم إلى حرب رسول الله ، وقالوا : أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتّى نستأصله ، ثمّ خرجوا إلى غطفان يدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه واله ، وأخبروهم باتّباع قريش إلى إيّاهم فاجتمعوا معهم ، وخرجت قريش.
وسمع بهم رسول الله صلى الله عليه واله فخرج إليهم ، وبعد أن أشار سلمان الفارسي أن يصنع خندقاً ، قال : ضربت في ناحية من الخندق ، فعطف عليّ رسول الله وهو قريب منّي ، فلمّا رآى شدّه المكان نزل ، فأخذ المعلول من يدي ، فضرب ضربةً ، فلمعت تحت المعول لمعة برق ، ثمّ ضرب ضربة اخرى ، فلمعت تحت المعول برقة أخرى ، ثمّ ضرب به الثّالثة فلمعت برقة أخرى.
فقلت يا رسول الله : ما هذا؟ فقال : أمّا الأولى ـ فانّ الله فتح بها عليّ اليمن ، وأمّا الثّانية ـ فانّ الله فتح عليّ بها الشّام والمغرب ، وأمّا الثالثة فانّ الله فتح عليّ بها المشرق.
وأقبلت الأحزاب إلى النّبيّ صلى الله عليه واله فهال المسلمون أمرهم ، فنزل ناحية من الخندق ، وأقاموا بمكانهم بضعاً وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلاّ الرّمي بالنّبل والحصا ، ثمّ انتدب فوارس قريش للبراز منهم : عمرو بن عبد ود ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطّاب ، وتلبّبوا للقتال وأقبلوا على خيولهم حتّى وقفوا على الخندق ، وقالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكاناً من الخندق فيه ضيق ، فضربوا خيولهم فاقتحمت وجاءت بهم إلى السّبخة بين الخندق وسلع ، وخرج عليّ ابن أبي طالب عليه السلام في نفر معه حتّى أخذوا عليهم الثّغرة الّتي أقتحموها فتقدّم عمرو بن عبد ود وطلب البراز وقتله عليّ عليه السلام على ما نذكره.
ولمّا رآى هبيرة وعكرمة عمرواً مقتولاً انهزموا ، ورمى ابن الغرقة بسهم ، فأصاب أكحل سعد بن معاذ ، فقال : خذها وأنا ابن غرقة قال : غرق الله وجهك في النّار ، اللّهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقى لحربهم ، فإنّه لا قوم أحبّ إليّ قتالاً من قوم كذّبوا رسولك وأخرجوه من حرمك فأنامه رسول الله صلى الله عليه واله على فراشه وبات على الأرض ونادى رسول الله صلى الله عليه واله بأشجى صوت : « يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب دعوة المضطرّين ، اكشف همّي وكربي ، فقد ترى حالي وحال من معي ».
فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمّد إنّ الله عزّوجلّ استجاب دعوتك ، فجثا رسول الله صلى الله عليه واله على ركبته وبسط يديه وأرسل بالدّموع عينيه ، ثمّ نادى : شكراً شكراً كما آويتني وآويت من معي ثمّ قال جبرئيل : يا رسول الله إنّ الله قد نصرك وبعث عليهم ريحاً من السّماء فيها الحصا وريحاً من السّماء الرّابعة فيها الجنادل.
قال : حذيفة : فبعثني رسول الله صلى الله عليه واله حتّى آتيه بخبرهم ، فخرجت فاذا أنا بنيران القوم قد طفئت وخمدت ، وأقبل جند الله الأوّل وبريح شديدة فيها الحصا ، فما تركت ناراً لهم إلاّ أخمدتها ولا خباء إلاّ طرحتها ، حتّى جعلوا يتترّسون من الحصا ، وكنت أسمع وقع الحصا في التّرسة ، وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلة ، ثمّ صاح في قريش : النّجا النّجا ، ثمّ فعل عيينة بن حصين رأس بني فزارة مثل ذلك ، وفعل الحارث بن عوف سيّد بني مرّة مثلها وذهب الأحزاب.
ورجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه واله وأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى جلّت عظمته على رسوله : {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب : 9] وأصبح رسول الله صلى الله عليه واله بالمسلمين حتّى دخل المدينة فقرّبت له ابنته فاطمة عليها السلام غسولاً فهي تغسل رأسه ، إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجراً بعمامة بيضاء عليه قطيفة من استبرق معلّق عليها الدّر والياقوت عليه الغبار ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله فمسح الغبار من وجهه ، فقال له جبرئيل : رحمك ربّك وضعت السّلاح ولم تضعه أهل السّماء ، وما زلت أتبعهم حتّى بلغت الرّوحاء.
ثمّ قال جبرئيل : انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فو الله لا دقنّهم دقّ البيضة على الصّخرة ، فحاصرهم رسول الله خمساً وعشرين ليلة ، حتّى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل الرّجال وسبي الذّراريّ والنّساء وقسمة الاموال ، وأن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار ، فقال النّبيّ صلى الله عليه واله : لقد حكمت فيهم بحكم الله ، فلمّا جيء بالاُسارى حبسوا في دارهم (7) وأمر بعشرة فأخرجوا ، فضرب علي عليه السلام أعناقهم ، ثمّ انفجرت رمية سعد والدّم ينفجر حتّى قضي (8).
7 ـ ثمّ كانت غزوة الحديبيّة في ذي القعدة خرج في اُناس كثير من أصحابه يريد العمرة وساق معه سبعين بدنة ، وبلغ ذلك المشركين ، فبعثوا خيلاً ليصدوه عن المسجد الحرام ، وكان صلى الله عليه واله يرى أنّهم لا يقاتلونه ، لأنّه خرج في الشّهر الحرام وأتى : بديل بن ورقا إلى قريش ، وقال : خفّضوا عليكم ، فإنّه لم يأت يريد قتالكم ، وإنّما يريد زيارة هذا البيت ، فقالوا : والله لا نسمع منك ولا تحدّث العرب أنّه دخلها عنوة ولا يقبل منه إلاّ أن يرجع عنّا ، ثمّ بعثوا اليه مكرز بن حفص وخالد بن الوليد وصدّوا الهدى.
ثمّ انّهم بعثوا سهيل بن عمرو ، فقال : يا أبا القاسم إنّ مكة حرمنا وقد تسامعت العرب أنّك غزوتنا ، ومتى تدخل علينا مكة عنوة يطمع فينا فنتخطف ، وإنّا نذكّرك الرّحم ، فإنّ مكّة بيضتك الّتي تفلّقت عن رأسك ، قال : فما تريد؟ قال : أريد أن تكتب بيني وبينك هدنة على أن أخليها لك في قابل ولا تدخلها بحرب وسلاح إلاّ سلاح الرّاكب السّيف في القراب والقوس.
فكتب رسول الله صلى الله عليه واله ذلك ، ورجع إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى في الطّريق : {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } [الفتح : 1] فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الاسلام يستولي على أهل مكّة (9).
8 ـ ثمّ كانت غزوة خيبر في ذي الحجّة سنة ستّ ، وحاصرهم رسول الله بضعاً وعشرين ليلة ، وبخيبر أربعة عشر ألف يهوديّ في حصونهم ، فجعل رسول الله صلى الله عليه واله يفتحها حصناً حصناً ، وكان من أشدّها القموص ، فأخذ أبوبكر رآية المهاجرين ، فقاتلهم بها فرجع منهزماً ، ثمّ أخذها عمر فرجع منهزماً.
فساء رسول الله ذلك ، فقال : لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار ، فقال عليّ عليه السلام لمّا سمع : « اللّهمّ لا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت » فأصبح رسول الله صلى الله عليه واله فقال : ادعوا لي عليّاً ، فقالوا : إنّه أرمد ، فقال : أرسلوا إليه وادعوه فاُتي به يقاد ، فتفل في عينيه فقام وكأنّ عينيه جزعتان ، وأعطاه الرّاية ودعا له فأقبل حتّى ركّزها قريباً من الحصن ، فخرج إليه مرحب ، فبارزه فضرب رجله فقطعها ، وحمل عليّ والجماعة على اليهود فانهزموا (10).
9 ـ قال الباقر عليه السلام : انتهى إلى باب الحصن وقد أُغلق ، فاجتذبه اجتذاباً شديداً وتترّس به ، ثمّ حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاماً ، ثمّ رمي الباب بعد ما اقتحم المسلمون ، وخرج البشير إلى رسول الله صلى الله عليه واله أنّ عليّاً دخل الحصن وأتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب من الحبشة وأصحابه إلى المدينة ، فقال : ما أدري بأيّهما أنا أسرّ بفتح خيبر أو بقدوم جعفر. وتلقّاه رسول الله فلمّا نظر جعفر النّبيّ (11) صلى الله عليه واله مشى على رجل واحدة إعظاماً لرسول الله ، وأخذ علي عليه السلام فيمن أخذ صفيّه بنت حييّ بن أخطب ، فدعا بلالاً فدفعها إليه ، وقال : لا تضعها إلاّ في يدي رسول الله ، فاصطفاها رسول الله واعتقها وتزوّجها.
ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه واله لعليّ : قم إلى حوائط فدك ، فخرج يصالحهم على أن يحقن دماءهم وحوائط فدك لرسول الله خاصاً خالصاً ، فنزل جبرئيل فقال : إنّ الله يأمرك أن تؤتي ذا القربى حقّه قال : يا جبرئيل ومن قرباي وما حقها؟ قال : أحط فاطمة حوائط فدك واكتب لها كتاباً (12).
10 ـ ثمّ كانت غزوة الفتح في شهر رمضان من سنة ثمان ، وذلك إنّ رسول الله صلى الله عليه واله لمّا صالح قريشاً عام الحديبيّة ، دخلت خزاعة في حلف النبيّ ودخلت كنانة في حلف قريش ، ولمّا مضت سنتان قعد كنّاني يروي هجاء رسول الله ، فقال خزاعي : لا تذكر هذا ، قال : ما أنت وذاك؟ قال : إن عدت لأكسرنّ فاك ، فأعادها فضربه الخزاعيّ ، فاقتتلا ثمّ قبلتاهما ، وأعان قريش كنانة ، فكرب عمرو بن سالم إلى رسول الله فأخبره الخبر ، فقال عليه السلام : لا نُصِرت إن لم أنصر بني كعب.
ثمّ أجمع رسول الله على المسير إلى مكّة ، فكتب حاطب بن أبي بلتعة مع سارة مولاة أبي لهب لعنة الله إلى قريش أنّ رسول الله خارج إليكم فخرجت ، فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبره ، فدعا عليّاً عليه السلام والزّبير ، فقال : أدركاها وخذا منها الكتاب (13) ، فخرجا وأخذا الكتاب ورجعا إلى رسول الله ، فقا ل حاطب : يا رسول الله ما شككت ولكن أهلي بمكة ، فأردت أن تحفظني قريش فيهم ، ثمّ أخرجه عن المسجد فجعل النّاس يدفعون في ظهره وهو يلتفت إلى رسول الله ، فأمر رسول الله صلى الله عليه واله بردّه وقال : عفوت عنك ، فاستغفر ربّك ولا تعد لمثله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة : 1].
ثمّ خرج رسول الله ، فاستخلف أبا لبابة على المدينة ، وصام النّاس حتّى نزل على كراع الغميم ، فأمر بالإفطار فأفطر النّاس ، وصام قوم فسمّوا العصاة ، ثمّ سار حتّى نزل بمرّ الظّهران ومعه نحو عشرة آلاف رجل ، وقد عميت الأخبار عن قريش ، فخرج أبو سفيان في تلك اللّيلة وحكيم بن حزام وبدليل بن ورقا هل يسمعون خبراً؟
وقد كان العباس خرج يلتقي رسول الله وقد تلقّاه بثنيّة العقاب ، وقال العباس في نفسه هذا هلاك قريش إن دخلها رسول الله عنوةً ، قال : فركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه واله البيضاء وخرجتُ أطلب الحطّابة أو صاحب لبن لعليّ آمره أن يأتي قريشاً ، فيركبوا إلى رسول الله صلى الله عليه واله ليستأمنوا اليه ، إذ لقيت أبا سفيان [ وبديل بن ورقا وحكيم بن حزام. وأبو سفيان ] يقول [ لبديل : ما ] (14) هذه النّيران؟ قال : هذه خزاعة قال : خزاعة أقل من هذا ، ولكن لعلّ هذا تميم أو ربيعة ، قال العبّاس : فعرفت صوت أبي سفيان ، فقلت : أبا حنظلة. قال : لبّيك فمن أنت؟ قلت : أنا العباس. قال : فما هذه النّيران؟ قلت : هذه رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين ، قال : فما الحيلة؟ قلت : تركب في عجز هذه البغلة ، فأستأمن لك رسول الله.
فأردفته خلفي ثمّ جئت به ، فقام بين يدي رسول الله ، فقال : ويحك ما آن لك أن تشهد أن لا اله الاّ الله ، وأنّي رسول الله؟ فقال أبو سفيان : ما أكرمك وأوصلك وأجلّلك ، أما والله لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم اُحد ، وأمّا أنّك رسول الله فإنّ في نفسي منها شيئاً ، قال العباس : يضرب والله عنقك السّاعة أو تشهد أنّه رسول الله ، فقال : فإنّي أشهد إن لا اله الاّ الله ، وأنّك لرسول الله ، فلجلج بها فوه.
ثمّ قال رسول الله : يا أبا الفضل أبتهُ عندك الّليلة واغد به عليّ ، ثمّ غدا به إلى رسول الله ، فقال : يا رسول الله إنّي اُحبّ أن تأذن لي وآتي قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الله وإلى رسول الله ، ثمّ قال للعباس : كيف أقول لهم؟ قال : تقول لهم : من قال : أشهد أن لا إله الاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله وكفّ يده فهو آمن.
قال العباس : يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر ، فان خصّصه بمعروف. فقال صلى الله عليه واله : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قال أبو سفيان : داري؟ قال : دارك ،العباس ثمّ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن.
وأتى رسول الله صلى الله عليه واله البيت ، وأخذ بعضادتي الباب ثمّ قال : « لا إله إله إلاّ الله ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ». ثمّ قال : ما تظنّون؟ وما أنتم قائلون؟ سهل : نقول خيراً ونظنّ خيراً ، أخ كريم وابن عمّ ، قال: فإنّي أقول كما قال أخي يوسف : {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] (15).
11 ـ ثمّ كانت عزوة حنين ، وهو : أنّ هوازن جمعت له جميعاً كثيراً ، فذكر لرسول الله أنّ صفوان بن أميّة عنده مائة درع فسأله ذلك ، فقال : أغصباً يا محمّد؟ قال: لا ولكن عارية مضمونة ، قال: لا بأس بهذا ، فأعطاه فخرج رسول صلى الله عليه واله في ألفين من مكّة (16) ، فانزل الله : {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ } [التوبة : 25].
قال جابر : فسرنا حتّى إذا استقبلنا وادي حنين ، وكان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه ، فما راعنا إلاّ كتائب الرّجال بأيديهم السّيوف والقنا ، فش دّوا علينا شدّه رجل واحد ، فانهزم النّاس كلّهم لا يلوي أحد وأخذ رسول الله ذات اليمين ، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطّلب ، فأقبل مالك بن عوف يقول : أروني محمّداً فأروه فحمل على رسول الله فأبى فرسه أن يقدم نحو رسول الله ، ونادى رسول الله أصحابه وذمّرهم ، فأقبل أصحابه سريعاَ وقال : « الآن حمي الوطيس » (17).
أنـا النّبـي لا كـذب أنـا ابـن عبد المطّلب
ونزل وقبض قبضة من تراب ثمّ استقبل به وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه ، فولّوا مدبرين وأتبعهم المسلمون ، فقتلوهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاههم وأموالهم ، وفرّ مالك بن عوف ودخل حصن الطّائف مع أشراف قومه ، وأسلم عند ذلك كثير من أهل مكّة حين رأوا نصر الله.
12 ـ قال الصّادق عليه السلام : سبي رسول الله صلى الله عليه واله أربعة آلاف رأس واثنتي عشرة (18) ألف ناقة سوي ما لا يعلم من الغنايم ، وخلّف رسول الله الأنفال في الجعرانة ، وافترق المشركون فرقتين فأخذت الأعراب أوطاس إلى الطّائف فحاصرهم بضعة عشر يوماَ ، ثمّ انصرف عنهم ، ثمّ جاءه وفدهم في شهر رمضان فأسلموا.
ثمّ رجع رسول الله صلى الله عليه واله إلى الجعرانة وقسّم الغنائم ، وكان فيمن سبي أخته بنت حليمة فلمّا قامت على رأسه ، قال : يا محمّد أختك شيما بنت حليمة ، فنزع رسول الله صلى الله عليه واله بردته وبسطها لها فأجلسها عليها ، ثمّ أكبّ عليها يسألها.
وأدرك وفد هوازن رسول الله صلى الله عليه واله بالجعرانة وقد أسلموا ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : من أمسك منكم بحقّه ، فله بكلّ إنسان ستّ فرائض من أوّل فيء نصيبه ، فردّوا إلى النّاس نساءهم وأولادهم ، وكلمته أخته في مالك بن عوف ، وكلمته أخته في مالك بن عوف ، فقال : إن جاءني فهو آمن ، فاتاه فردّ عليه ما له وأعطاه مائة من الابل (19).
13 ـ ثمّ كانت غزوة تبوك ، فتهيّأ في رجب لغزوة الرّوم ، وكتب إلى قبائل العرب ممّن دخل في الاسلام ، فرغّبهم في الجهاد وضرب عسكر فوق ثنيّة الوداع ، واستعمل عليّا عليه السلام على المدينة ، وقال : لابدّ للمدينة منّي أو منك ، فلمّا نزل الجرف لحقه عليٌّ ، وقال : يا رسول الله زعمت قريش إنّما خلّفني استثقالاً لي ، فقال : طالما آذت الاُمم الأنبياء ، أما ترضى أن تكون منّي بمزلة هارون من موسى عليهما السلام قال : قد رضيت.
ثمّ رجع إلى المدينة وأتاه وهو بتبوك يُحنة بن روبة صاحب إيلة فأعطاه الجزية ، وبعث خالداً إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل ، قال : لعلّ الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه ، فبينا خالد في ليلة إضحيانة مع أصحابه إذ أقبلت البقرة تنطح علي باب حصن أكيدر وهو مع امرأتين له ، فقام فركب في ناس من أهله ، فطلبوه فكمن خالد وأصابه فأخذوه وقتلوا أخاه وأفلت أصحابه ، فأغلقوا الباب فأقبل خالد بأكيدر فسألهم أن يفتحوا فأبوا ، فقال : أرسلني فإنّي أفتح الباب ، فأخذ عليه موثّقاً وأرسله فدخل وفتح الباب حتّي دخل خالد وأصحابه ، فأعطاه ثمانمائة رأس (20) وألفي بعير وأربعمائة درع وخمسمائة سيف وصالح (21) على الجزية (22).
وكانت تبوك آخر غزوات رسول الله صلّي الله عليه وآله ، وكانت غزوات كثيرة في خلال ما ذكرناه (23).
14 ـ ثمّ نزلت سورة براءة في سنة تسع ، فدفعها إلى ابي بكر ، فسار بها ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : إنّه لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ، فبعث عليّاً عليه السلام على ناقته العضباء ، فلحقه وأخذ منه الكتاب ، فقال له أبوبكر : أنزل فيّ شيء؟ فقال : لا ولكن لا يؤدّي عن رسول الله إلاّ هو أو أنا ، فساربها عليّ عليه السلام حتّى أدّى بمكّة يوم النّحر.
وكان في عهده : أن ينبذ إلى المشركين عهدهم ، وأن لا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل المسجد مشرك ، ومن كان له عهد فإلى مدته ، ومن لم يكن له عهد فله أربعة أشهر ، فان أخذه بعد أربعة أشهر قتلناه ، وذلك قوله تعالى : {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة : 5] الآية ولمّا دخل مكّة قال : والله لا يطوف بالبيت عريان إلاّ ضربته بالسّيف ، فطافوا وعليهم الثّياب (24).
15 ـ ثمّ قدم على رسول الله عروة بن مسعود الثّقفي مسلماً ، واستأذن في الخروج إلى قومه ، فقال : أخاف أن قتلوك قال : إن وجدوني نائماً ما أيقظوني ، فأذن له رسول الله ، فرجع إلى الطّائف ودعاهم إلى الاسلام فعصوه ، ثمّ أذّن في داره فرماه رجل بسهم فقتله ، وأقبل بعد قتله من ثقيف بعضه عشر رجلاً من أشراف ثقيف فاسلموا ، فأكرمهم رسول الله صلى الله عليه واله وأمّر عليهم عثمان بن العاص بن بشير ، وقال يا رسول الله : إنّ الشّيطان قد حال بين صلاتي وقراءتي قال : تعوّذ بالله منه واتفُل عن يسارك ، قال : ففعلت فأذهب الله عنّي ، فلمّا اسلمت ثقيف ضربت إلى رسول الله وفرود العرب ، فدخلوا في دين الله تعالى أفواجاً (25).
16 ـ ثمّ قدم وفد نجران بضعة العشر رجلاً ، فقال الأسقف وهو حبرهم وإمامهم ، فقال الأسقف : ما تقول يا محمّد في السيّد المسيح؟ قال : هو عبد الله ورسوله [ قال : بل هو كذا وكذا فقال صلى الله عليه واله : بل هو كذا وكذا ] فترادّا فنزل : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران : 59]. فقالوا : نباهلك غداّ فمّا كان من الغد ، قال أبو حارثة لأصحابه : إن كان غدا بولده فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فغذا رسول الله صلى الله عليه واله آخذاً بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة وبين يديه علي : ، فجثا رسول الله صلى الله عليه واله على ركبته ، فقال أبو حارثة : جثا كما جثا الأنبياء للمباهلة ، فكعّ ولم يقدم للمباهلة ، فقالوا : يا أبا القاسم إنّا لا نباهلك ولكن نصالحك (26).
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه واله عليّاً إلى اليمن ليدعوهم إلى الأسلام.
17 ـ وخرج رسول الله صلى الله عليه واله من المدينة متوجهاً إلى الحجّ في السّنة العاشرة ، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر ، فأقام تلك الّليلة من أجلها ، وأحرم من ذي الحليفة وأحرم النّاس معه ، وكان قارناَ للحجّ لسياق الهدى ، وقد ساق معه ستّاَ وستين بدنة ، وحجّ عليّ عليه السلام من اليمن وساق معه أربعاَ وثلاثين بدنة ، خرج من معه من العسكر.
ولمّا قدم النّبي صلى الله عليه واله مكّة وطاف وسعى نزل جبرئيل وهو على المروة بقوله : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة : 196]. فخطب الناس ، وقال : دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ، وشبّك بين أصابعه ، ثمّ قال : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت (27) ما سقت الهدى ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى من لم يسق منكم هدياً ، فليحمل وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه ».
ولمّا قضى رسول الله صلى الله عليه واله نسكه وقفل إلى المدينة وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خم ، نزل جبرئيل بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة : 67] وكان يوماً شديد الحرّ ، فنزل رسول الله صلى الله عليه واله وأمر بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرّحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى في النّاس بالصّلاة ، فاجتمعوا إليه ، وأنّ أكثرهم ليلف رداءه على قدميه من شدّة الرّمضاء ، فصعد على تلك الرّحال حتى صار في ذروتها ، ودعا عليّاً عليه السلام فرقى معه حتّى قام عن يمينه.
ثمّ خطب فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ، ونعى إلى الامّة نفسه ، فقال : « إنّي دعيت ويوشك أن أجيب ، فقد حان منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فأنهما لن يفترقا حتّى يردى عليّ الحوض ».
ثمّ نادى بأعلى صوته : « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى ، فقال لهم ـ على النّسق وقد أخذ بضبعي عليِّ حتّى رُئي بياض أبطيهما ـ : « من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ».
ثمّ نزل وأمر عليّاً عليه السلام أن يجلس في خيمة ، ثمّ أمر النّاس أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويهنّئوه بالإمامة ، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين.
وأنشأ حسّان يقول :
يناديهم يـوم الغدير نبيّهم بخمّ وأسمع بالرسول منادياً
الابيات (28).
ولم يبرح رسول الله صلى الله عليه واله من المكان حتى نزل : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة : 3] فقال : الحمد لله على كمال الدّين وتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعليّ عليه السلام من بعدي (29).
18 ـ ولمّا قدم رسول الله صلى الله عليه واله المدينة من حجّة الوداع بعث اٌسامة بن زيد ، وأمره أن يقصى إلى حيث قتل ابوه ، وأمّره على وجوه المهاجرين والأنصار وفيهم أبوبكر وعمر وابو عبيدة وعسكر واُسامة بالجرف ، واشتكى رسول الله صلى الله عليه واله شكايته الّتي توفّي فيها ، وكان صلى الله عليه واله يقول : نفّذوا جيش اسامة ويكرّر ذلك ، وإنّما فعل صلى الله عليه واله لئلاّ يبقى بالمدينة عند وفاته من يختلف في الامامة ويطمع في الامارة ، ويستوثق الأمر لأهل بيته لعلّي ومن بعده (30).
19 ـ ولمّا أحسن النبي صلى الله عليه واله بالمرض الّذي اعتراه (31) أخذ بيد عليّ عليه السلام وقال : أقبلت الفتن كقطع اللّيل المظلم ، أنّ جبرئيل كان يعرض القرآن عليّ كلّ سنة مرّة ، وقى عرض عليّ العام مرّتين ، ولا اراه إلاّ لحضور اجلي.
ثمّ قال : إنّي خيّرت يا عليّ بين خزائن الدّنيا والخلود فيها او الجنّة ، فاخترت لقاء ربّي الجنّة ، فاذا أنا متّ فاغسلني ، واستر عورتي فإنّه لا يراها احد إلاّ أكمه ، فمكث ثلاثة أيّام موعوكاً (32) ، ثمّ خرج إلى المسجد معصوب الرّأس متكئاً عل عليّ عليه السلام بيمينه وعلى الفضل بن العباس باليد الاخرى ، فجلس على المنبر وخطب.
ثمّ قال : أيّها النّاس إنّه ليس بين الله وبين أحد شيء يعطيه به خيراً ويصرف عنه شرّاً إلاّ العمل ( الصّالح ) (33) أيّها الناس لا يدّع مدّع ولا يتمنّ (34) متمنّ ، والّذي بعثني بالحق نبيّاً لا ينجي إلاّ عمل مع وجه الله ولو عصيت لهويت.
ثمّ نزل ودخل بيته ، وكان في بيت أمّ سلمة ، فجاءت عائشة تسأله أن ينتقل إليها لتتولى تعليله ، فأذن لها وانتقل إلى البيت الذي أسكنه عائشة ، فاستمرّ المرض به أيّاماً وثقل ، فجاء بلال عند الصّلاة ، فقال : يصلّي بالنّاس بعضهم ، فقالت عائشة : مروا أبابكر ، وقالت حفصة : مروا عمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : اُكففن فانّكنّ كصويحبات يوسف ، ثمّ قال : وهو لا يستقل على الأرض من الضّعف ، وقد كان عنده أنّهما خرجا إلى اسامة ، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام والفضل فاعتمدهما ورجلاه يخطّان الأرض من الضّعف ، فلمّا خرج إلى المسجد وجد أبابكر قد سبق إلى المحراب ، فأومئ بيده إليه ، فتأخّر أبوبكر وقام رسول الله صلى الله عليه واله وكبّر وابتدأ بالصّلاة.
فلمّا سلّم وانصرف إلى بيته استدعى أبابكر وعمر وجماعة ممّن حضر المسجد ، قال : ألم آمركم أن تنفّذوا جيش اسامة؟ فقال أبوبكر : إنّي كنت خرجت ، ثمّ عدت لأحدث بك عهداً ، وقال عمر : إنّي لم أخرج لانّي لم أحب أن أسال عنك الرّكب ، فقال صلى الله عليه واله : نفّذوا جيش اسامة يكرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ أغمي عليه من التّعب الذي لحقه.
ثمّ أفاق وقال : أئتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر ، لمن قام يلتمس الدّواة وكتف؟ قال : « بعد الّذي قلتم؟ لا. ولكن احفظوني في أهل بيتي ، وأطعموا المساكين ، وحافظوا على الصلاة ، وما ملكت أيمانكم » فلم يزل يردّد ذلك ، ثمّ أعرض بوجهه عن القوم ، فنهضوا وبقي عنده عليّ والعباس والفضل وأهل بيته فقال العباس : يا رسول الله إن يكن هذا الأمر مستمرّاً فينا من بعدك فبشّرنا وإن كنت تعلم أنّا نغلب عليه فأوص بنا فقال صلى الله عليه واله : أنتم المستضعفون من بعدي وأصمت ونهض القوم وهم يبكون.
فلمّا خرجوا من عنده ، قال : ردّوا عليّ أخي عليّ بن ابي طالب وعمّي ، فلمّا استقرّ بهما المجلس ، قال : يا عمّ تقبل وصيّتي وتنجز وعدي وتقضي ديني؟ فقال : يا رسول الله عمّك شيخ كبير ذو عيال وأنت تباري الرّيح سخاء ، ثمّ قال لعليّ عليه السلام : يا عليّ تقبل وصيّتي وتنجز عدتي وتقضي ديني؟ فقال : ادن منّي ، فدنا منه ، فضمّه إليه ونزع خاتمه من يده ، وقال له : خذ هذا فضعه في يدك ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته ، فدفع ذلك إليه ، ونزع خاتمه من يده ، وقال له : خذ هذا فضعه في يدك ودعا بسيفه ودرعه نزل بها جبرئيل ، فجيء بها فدفعها إليه ، وقال : اقبض هذا في حياتي ، ودفع إليه بغلته وسرجها ، وقال : امض على خيرة الله تعالى إلى منزلك.
فلمّا كان من الغد حجب النّاس عنه وثقل في مرضه ، وكان عليّ عليه السلام لا يفارقه إلاّ لضرورة ، فلمّا قرب خروج نفسه صلى الله عليه واله قال : ضع رأسي يا عليّ في حجرك ، فقد جاء أمر الله ، فاذا فاضت روحي فتناولها بيدك وأمسح بها وجهك ، ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ، وصلّ عليّ أوّل النّاس ، ولا تفارقني حتّى تواريني في رمسي (35).
20 ـ وتوفّى صلى الله عليه واله لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر (36) من الهجرة ولمّا أراد عليّ عليه السلام غسله استدعى بالفضل بن عباس ، فأمره أن يناوله الماء بعد أن عصب عينيه ، فشقّ قميصه من قبل جيبه حتّى بلغ إلى سرته ، وتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء.
فلمّا فرغ تقدّم فصلّى عليه. ثمّ قال النّاس : كيف الصلاة عليه؟ فقال عليّ عليه السلام : إنّ رسول الله صلى الله عليه واله إمامنا حيّاً وميّتاً ، فدخل عشرة عشرة فصلّوا عليه ، ثمّ خاضوا في موضع دفنه ، فقال عليّ عليه السلام : إن الله تعالى لم يقبض نبيّه في مكان إلاّ ورضيه لمضجعه ، فرضى النّاس أن يدفن في الحجرة الّتي توفّي فيها ، وحفر أبو طلحة وكان عليٌّ والعباس والفضل وأُسامة يتولّون دفنه ، وأدخل علي من الأنصار أوس بن خولي من بني عوف ابن الخزرج وكان بدرياً ، فقال له علي عليه السلام : انزل القبر ، فنزل ووضع علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه واله علي يديه ، ثمّ دلاّه في حفرته ، ثمّ قال له : اخرج فخرج ونزل علي عليه السلام فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه واله ، ووضع خدّه على الأرض موجّهاً إلى القبلة على يمينه ، ثمّ وضع عليه اللّبن وهال عليه التّراب وانتهزت الجماعة الفرصة لاشتغال بني هاشم برسول الله صلى الله عليه واله وجلوس علي عليه السلام للمصيبة. (37)
21 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، حدّثنا ابن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصّادق عن آبائه : قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه واله : إنّي مخلّف فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي. من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والائمة التّسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله حوضه (38).
22 ـ قال : وحدّثنا غير واحد من أصحابنا ، عن محمّد بن همّام ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : سمعت جابر بن
عبد الله ( رض ) يقول : لمّا أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه واله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء : 59]. قلت : يا رسول الله فمن اولوا الامر؟ الّذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ، فقال : هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي أوّلهم : عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثم عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر ، فاذا لقيته فاقرأه مني السلام ، ثمّ الصّادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسي بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ ، ذلك الّذي يفتح الله على يديه مشارق الارض ومغاربها ، وذلك الّذي يفتح الله على يديه مشارق الارض ومغاربها ، وذلك الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبةً لا يثبت فيه اعلي القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه بالايمان.
قال جابر : فقلت : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ قال : إي والّذي بعثني بالنبّوة أنّهم ليستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشّمس وإن تجلاّها سحاب (39).
23 ـ قال : وحدّثنا ابو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبي ، حدّثنا محمّد بن الفضل النّحوي ، حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفي ، حدّثنا علّ بن عاصم ، عن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بنعلي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ، عن آبائه عن الحسين : قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله وعنده اُبي بن كعب فقال لي رسول الله صلى الله عليه واله : مرحباً بك يا أبا عبد الله زين السّماوات والأرض قال اُبي : فكيف يكون زين السّماوات والأرض (40) غيرك؟ قال يا اُبيّ : والّذي بعثني بالحق نبيّاً أنّ الحسين بن علي ذكره في السّماء أكثر ممّا في الأرض وأنّه لمكتوب على يمين عرش الله ، فإنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة ، ولقد لقّن دعوات ما يدعو بهنّ مخلوق إلاّ حشره الله معه وفرّج عنه كربه فقال له : ما هذه الدّعوات يا رسول الله؟
قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد ، فقل : « اللهم إنّي أسألك بمكانك ومعاقد عزّك وسكان سماواتك وأنبيائك ورسلك قد رهقني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعل من عسري يسراً » فإنّ الله تعالى يسهّل أمرك ، ويشرح صدرك ، ويلقّنك شهادة أن لا اله الاّ الله عند خروج نفسك.
قال اُبي : فما هذه النّطفة الّتي في صلب الحسين وما اسمه؟ قال : اسمه علي ، ودعاؤه : « يا دائم يا ديموم يا حيّ يا قيّوم ، يا كاشف الغم ، يا فارج الهمّ ، ويا باعث الرّسل ، يا صادق الوعد » من دعا بهذا الدّعاء حشره الله مع علي بن الحسين عليهما السلام وكان قائده إلى الجنّة.
قال اُبي : وهل له من خلف ووصيّ؟ قال : نعم ، له ميراث السّماوات والأرض ، قال : وما معنى ذلك؟ قال : القضاء بالحقّ ، وتأويل الأحكام ، وبيان ما يكون ، قال : فما اسمه؟ قال : اسمه محمّد ودعاؤه : « اللهم إن كان لي عندك رضوان ووذ ، فاغفر لي ولمن اتّبعني من إخواني وشيعتي وطيّب ما في صلبي » فركّب الله في صلبه نطفة مباركة زاكية اسمه جعفر ودعاؤه : « يا ديّان غير متوان يا أرحم الرّاحمين ، اجعل لشيعتي وقاءً ولهم عندك رضا ، واغفر ذنوبهم واستر عوراتهم ، وهب لهم الكباير الّتي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضّيم ولا تأخذه سنة ولا نوم اجعل لي من كلّ غمّ فرجاً ».
من دعا بهذا الدّعاء حشره الله أبيض الوجه مع جعفر بن محمّد في الجنّة.
يا اُبي إنّ الله ركّب علي هذه النّطفة نطفة زكيّة سمّاها موسي ، فقال له يا رسول الله : كأنّهم يتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضاً ، قال : وصفهم لي جبرئيل عن ربّ العالمين ، قال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها؟ قال : نعم دعاؤه : « يا خالق الخلق ، ويا باسط الرّزق ، ويا فالق الحبّ ، وبارىء النّسم ، ومحيي الموتى ، ومميت الأحياء ، ودائم الثّبات ، ومخرج النّبات ، وافعل بي ما انت أهله ».
من دعا بهذا الدّعاء قضى الله حوائجه ، وأنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة مباركة مرضيّة وسمّاها عليّاً ، ودعاؤه : « اللهم أعطني الهدى ، وثبتني عليه ، واحشرني عليه آمناً أمن من لاخوف عليه ولا حزن ولا جزع ، إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ». وأنّ الله ركّب في صلبه نطفة مباركة ، وسمّاها محمّد بن علي ، فهو شفيع شيعته إذا ولد يقول : لا إله الاّ الله محمّد رسول الله ودعاؤه : « يا من لا شبيه له ولا مثال أنت الله لا اله إلاّ أنت ولا خالق إلاّ أنت ، تفني المخلوقين وتبقى أنت حلمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك ».
من دعا بهذا الدّعاء كان محمّد بن علي شفيعه يوم القيامة ، وأنّ الله ركّب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية بارّة طاهرة ، سمّاها عنده عليّ بن محمد ، فألبسه السّكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّ مكنون.
ودعاؤه : « يا نور يا برهان ، يا مبين يا منير ، ياربّ اكفني شرّ الشّرور وآفات الدّهور ، وأسألك النّجاة يوم ينفخ في الصّور ».
من دعا بهذا الدّعاء كان عليّ بن محمّد شفيعه وقائده إلى الجنّة.
وأنّ الله ركّب في صلبه نطفةً ، وسمّاها عنده الحسن ، فجعله نوراً في بلاده.
ودعاؤه : « يا عزيز العزّ في عزّه يا أعزّ عزيز العزّ في عزّه يا عزيز أعزّني بعزّك ، وأيّدني بنصرك ، وابعد عنّي همزات الشّيطان ، وادفع عنّي بدفعك ، وامنع عنّي بصُنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد يا صمد ». من دعا بهذا الدّعاء نجّاه الله من النّار ولو وجبت عليه.
وأنّ الله ركّب في صلبه نطفة مباركة زكية يرضى بها كلّ مؤمن يحكم بالعدل ويأمر به ، يخرج من تهامة حين تظهر الدّلائل والعلامات ، وله بالطّالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلاّ خيول مطهمة ورجال مسوّمة ، يجمع الله له من أقصى البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وكلامهم وكناهم كدّادون مجدّون في طاعته.
فقال له اُبيّ : وما علاماته ودلائله يا رسول الله؟ قال : له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، فناداه العلم اخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله ، فهما رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فاذا حان وقت خروجه قال : يا وليّ الله ، لا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله ، يخرج جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وشعيب بن صالح على مقدمته ، سوق تذكرون ما أقول لكم ، وأفوّض أمري إلى الله ولو بعد حين. يا اُبي طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به ، وبه ينجّيهم الله من الهلكة وبالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمة يفتح لهم الجنّة ، مثلهم في الارض كمثل المسك الّذي يسطع ريحاً ولا يتغير أبداً ، ومثلهم في السّماء كمثل القمر المنير الّذي لا يطفأ نوره أبداً.
قال اُبي : يا رسول الله كيف حال بيان هذه الأئمة عن الله؟ قال : إنّ الله تعالى أنزل عليّ اثنتي عشرة صحيفة واثني عشر خاتماً ، اسم كلّ إمام علي خاتمه وصفته في صحيفته (41).
ودعاؤه : « اللهمّ عظم البلاء ، وبرح الخفاء ، وانقطع الرّجاء ، وانكشف الغطاء ، وضاقت الأرض ومنعت السّماء ، وأنت المستعان وإليك المشتكى ، وعليك التّوكل في الشدّة والرّخاء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعلى أولي الأمر الّذين فرضت علينا طاعتهم وعرّفتنا بذلك منزلتهم ، ففرج عنّا فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أو هو أقرب » (42).
ومن دعائه : « يا من اذا تضايقت الأمور فتح لنا باباً لم تذهب اليه الأوهام ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وافتح لأموري المتضايقة باباً لم يذهب إليه وهم يا أرحم الرّاحمين ».
24 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الوارق ، حدّثنا محمّد بن هارون الصوّفي ، عن عبد الله بن موسى ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : حدّثني صفوان بن يحيى ، عن إبراهيم بن أبي زياد ، عن أبي حمزة الثّمالي ، عن أبي خالد الكابلي ، قال : دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام فقلت له يا ابن رسول الله أخبرني عن الّذين فرض الله طاعتهم ومودّتهم وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله ، فقال : يا كنكر إنّ اُولي الأمر الّذين جعلهم الله أئمة للنّاس وأوجب طاعتهم ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ انتهى الأمر إلينا ، ثمّ سكت.
فقلت : يا سيّدي قد روي لنا عن أمير المؤمنين إنّ الأرض لا تخلو من حجة على عباده ، فمن الحجّة والامام بعدك؟ قال : ابني محمّد واسمه في التوارة باقر يبقر العلم بقراً هو الحجّة والامام بعدي ، ومن بعد محمّد ابنه جعفر واسمه عند أهل السّماء الصّادق عليه السلام ، فقلت له : يا سيّدي فكيف صار اسمه الصّادق؟ وكلّكم صادقون.
قال : حدّثني أبي ، عن أبيه إنّ رسول الله صلى الله عليه واله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن عليّ بن ابي طالب فسمّوه الصّادق ، فإنّ للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتزاءً على الله الحاسد على أخيه ذلك الّذي يروم كشف سرّ الله عند غيبة ولي الله.
ثمّ بكى عليّ بن الحسين بكاءاً شديداً ، ثمّ قال : كانّي بجعفر الكذّاب وقل حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله والمغيب في حفظ الله والتّوكيل بحرمة الله جهلاً منه لولادته وحرصاً على قتله إن ظفر به طمعاً في ميراث أبيه حتّى يأخذ بغير حقّه.
قال أبو خالد : فقلت له : يا ابن رسول الله فإنّ ذلك لكائن؟ قال : أي وربّي إنّ ذلك لمكتوب عندنا في الصّحيفة الّتي فيها ذكر المحن الّتي تجري علينا بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، فقلت : يا ابن رسول الله ثمّ ماذا يكون؟ قال : ثمّ تمتد الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه واله والأئمة من بعده.
يا أبا خالد إنّ أهل زمان الغيبة القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل كلّ زمان ، لأنّ الله أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزّمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسوله بالسّيف ، اُولئك هم المخلصون حقّاً ، وشيعتنا صدقاً ، والدّعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً.
25 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن محمّد بن داود ، عن محمّد بن الجارود العبدي ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : خرج علينا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن ، وهو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم ويده في يد هذا ، وهو يقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم هذا ، هو إمام كلّ مسلم ، وأمير كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّي أقول : إنّ خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله.
وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه ، المقتول في أرض كرب وبلاء أما إنّه وأصحابه سادة الشّهداء يوم القيامة ، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده واُمناؤه على وحيه ، أئمّة المسلمين وقادة المعتصمين وسادة المُتّقين ، تاسعهم القائم الّذي يملأ الله به الأرض نوراً بعد ظلمة وعدلاً بعد جور وعلماً بعد جهل والّذي بعث أخي محمّداً بالنّبوة واختصّني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السّماء على لسان روح الأمين جبرئيل.
ولقد سئل رسول الله صلى الله عليه واله وأنا عنده عن الأئمة بعده فقال للسّائل : {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج : 1]. إنّ عددهم كعدد البروج ، وربّ الّليالي والأيّام والشّهور إنّ عدّتهم كعدّة الشّهور.
قال السّائل : فمن هم؟ فوضع رسول الله صلى الله عليه واله يده على رأسي ، وقال : أوّلهم هذا وآخرهم المهدي ، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن أحبّهم فقد أحبّني ومن أبغضهم فقد أبغضني ، ومن أنكرهم فقد انكرني ومن عرفهم فقد عرفني ، بهم يحفظ الله دينه وبهم يعمر بلاده وبهم يرزق عباده ، وبهم ينزل القطر من السّماء ، وبهم تخرج بركات الأرض ، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين وموالي المؤمنين (43).
26 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل ، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي ، حدّثنا موسى بن عمران النّخعي ، حدّثنا عمّي الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن الصّادق ، عن آبائه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : حدّثني جبرئيل عليه السلام عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال : من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي وأنّ محمّداً عبدي ورسولي ، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي وأنّ الأئمة من ولده حججي ، اُدخله الجنّة برحمتي ونجّيته من النّار بعفوي ، وأبحث له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من خاصّتي وخالصتي ، إن ناداني لبّيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمّداً عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ علي بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي ، وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه ، وإن دعاني لم أستجب دعاءه ، وإن رجاني خيّبته ، وذلك جزاءه منّي ، وما أنا بظلاّم للعبيد.
فقام جابر بن عبد الله ، فقال : يا رسول الله ومن الأئمة بعد عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ، ثمّ الباقر محمّد بن علي ـ وستدركه يا جابر ، فاذا أدركته فاقرأه مني السّلام ـ ثمّ الصّادق جعفر بن محمّد ، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر ، ثمّ الرّضا عليّ بن موسى ، ثمّ التّقي محمّد بن عليّ ، ثمّ النّقي عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي الزّكي ، ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهديّ اُمّتي الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله السّماء أن تقع على الأرض أن تميد بأهلها (44).
27 ـ وعن أبن باويه ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان (45) ، حدّثنا أبو بشير أحمد بن إبراهيم بن أحمد العمّي ، حدّثنا محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابي (46) ، حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان (47) بن عليّ بن عبد الله بن العباس ، قال : حدّثني أبي قال : كنت يوماً عند الرّشيد ، فذكر المهديّ وعدله فأنطنب في ذلك ، ثم قال : أخبرني أبي المهدي ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطّلب أنّ النبي صلى الله عليه واله قال : يا عمّ يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ثمّ تكون أمور كريهة وشدّة عظيمة ، ثمّ يخرج المهديّ من ولدي يصلح الله أمره في ليلة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدّجال (48).
28 ـ وروى أبوبكر بن خيثمة ، عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الأسود بن سعيد الهمداني ، قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، فقالوا : ثمّ ماذا يكون؟ قال : ثمّ يكون الهرج (49).
29 ـ وفي صحيح مسلم ، عن ابن سمرة العدوي سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : لا يزال الدّين قائماً حتّى يكون اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي السّاعة ، وأنا الفرط على الحوض (50).
30 ـ وعن الشّعبي ، عن مسروق : كنّا عند عبد الله بن مسعود فقال له رجل : أحدّثكم نبيّكم كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال : نعم وما سألني عنها أحدٌ قبلك وإنّك لأحدث القوم سنّاً. سمعته يقول صلى الله عليه واله : يكون بعدي من الخلفاء عدد نقباء بني إسرائيل اثنا عشر كلّهم من قريش (51).
31 ـ ورواه حماد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشّعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله وزاد فيه قال : كنّا جلوساً إلى عبد الله يقرؤنا القرآن ، فقال له رجل : يا ابا عبد الرّحمن هل سألتم رسول الله كم يملك أمر هذه الأمّة من خليفة بعده؟ فقال له عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق ، ثمّ سألنا رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل (52).
32 ـ وروى عبد الله بن أبي اُميّة ، عن يزيد الرّقاشي (53) ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لن يزال هذا الدّين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فاذا مضوا ماجت الأرض بأهلها (54).
33 ـ وعن ابن مثنى ، عن أبيه ، عن عائشة أنّه سألها كم خليفة يكون لرسول الله صلى الله عليه واله؟ قلت : أخبرني رسول الله صلى الله عليه واله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، فقلت لها من هم؟ فقالت : أسماؤهم في الوصيّة من لدن آدم عليه السلام (55).
34 ـ وروي لنا بالإسناد المتقدم ، عن الحسن بن محبوب ، مقاتل بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أنا سيّد النّبيّين ووصيّي سيّد الوصيّين وأوصياؤه سادات الأوصياء ، إنّ آدم عليه السلام سأل الله أن يجعل له وصيّاً صالحاً ، فأوحى الله تعالى إليه أنّي أكرمت الأنبياء بالنّبوة ، ثمّ اخترت خلقي ، وجعلت خيارهم الأوصياء.
وأوحى الله إلى آدم أوص إلى شيث ، فأوصى آدم عليه السلام إلى شيث ، وهو هبة الله بن آدم ، وأوصى شيث إلى ابنه شبّان ، وهو ابن نزلة الحوراء الّتي أنزلها الله على آدم من الجنّة ، فزوّجها شيثاً ابنه ، وأوصى شبّان إلى محلث ، وأوصى محلث إلى مخوق ، وأوصى مخوق إلى عتميثا ، وأوصى عتميثا إلى اخنوخ وهو إدريس النبيّ ، وأوصى إدريس إلى ناخور ، وأوصى ناخور إلى نوح.
وأوصى نوح إلى سام ، وأوصى سام إلى عنام ، وأوصى عنام إلى عنيشاشا ، وأوصى عنيشاشا إلى يافث ، وأوصى يافث إلى بره ، وأوصى بره إلى جعشيه ، وأوصى جعشيه إلى عمران ، ودفعها عمران إلى إبراهيم الخليل.
وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل ، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق ، وأوصى إسحاق إلى يعقوب ، وأوصى يعقوب إلى يوسف ، وأوصى يوسف إلى مثريا ، وأوصى مثريا إلى شعيب ، ودفعها شعيب إلى موسى بن عمران.
وأوصى موسى بن عمران إلى يوشع بن نون ، وأوصى يوشع إلى داود ، وأوصى داود إلى سليمان ، وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا ، وأوصى آصف إلى زكريا ، ودفعها زكريّا إلى عيسى بن مريم.
وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصّفا ، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريّا ، وأوصى يحيى إلى منذر ، وأوصى منذر إلى سليمة ، وأوصى سليمة إلى بردة.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله : ودفعها بردة إليّ وأنا أدفعها إليك يا عليّ ، وأنت تدفع إلى وصيّك ، ويدفع وصيّك إلى أوصيائك من ولدك واحداً بعد واحد ، حتّى تدفع إلى خير أهل الأرض بعد ، ولتكفرن بك الامّة ، ولتختلفن عليك اختلافاً شديداً ، الثّابت عليك كالمقيم معي ، والشاذّ عنك في النّار مثوى الكافرين (56).
35 ـ ووردت الأخبار الصّحيحة بالأسانيد القويّة إنّ رسول الله صلى الله عليه واله أوصى بأمر الله إلى عليّ بن أبي طالب ، وأوصى عليّ بن أبي طالب إلى ابنه الحسن ، وأوصى الحسن إلى أخيه الحسين ، وأوصى الحسين إلى ولده علي ، وأوصى عليّ بن الحسين إلى ابنه محمّد ، وأوصى محمّد بن علي إلى ابنه جعفر ، وأوصى جعفر إلى ابنه موسى ، وأوصى موسى بن جعفر إلى ابنه علي الرّضا ، وأوصى الرّضا إلى ولده محمّد ، وأوصى محمّد إلى ولده عليّ ، وأوصى علي بن محمّد إلى ولده الحسن ، وأصى الحسن إلى ابنه الحجّة القائم بالحقّ الّذي لو لم يبق من الدّنيا الاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج ، فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً (57).
36 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه واله : أنّ لله تبارك وتعالى مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف نبي ، أنا سيدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله. ولكلّ نبيّ وصيٌّ أوصى إليه من الله ، وأنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب لسيّدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله سبحانه وتعالى ، جلّ ذكره (58).
__________________
(1) بحار الانوار ( 19/169 ـ 170 170 و 172 ـ 173 و 186 و 188 ـ 190 ) ، والمناقب لابن شهر آشوب ( 1/187 ).
(2) بحار الانوار ( 19/240 ) ، وراجع أعلام الورى ص ( 75 ـ 76 ).
(3) في البحار : أمّا لا فاكفني.
(4) في البحار : سبعون رجلاً ... إلى غير ذلك من اختلافات جمّة في نهايات الحكاية.
(5) بحار الانوار ( 20/93 ) عن اعلام الورى ص ( 80 ) مع اختلاف كثير في الالفاظ والمعاني.
(6) بحار الانوار ( 20/163 ـ 164 ) عن أعلام الورى.
(7) حبسهم في داره.
(8) أعلام الورى ص ( 90/94 ) مع اختلاف في آخر الخبر : وراجع البحار ( 20/202 و 253 و 271 ) ومناقب ابن شهر آشوب ( 1/197 ).
(9) بحار الانوار ( 20/316 ـ 363 ) عن اعلام الورى ص ( 97 ).
(10) بحار الانوار ( 21/22 ) عن أعلام الورى ص ( 99/100 ).
(11) في البحار : جعفر الى النبي.
(12) بحار الانوار ( 21/21 ـ 23 ) عن أعلام الورى ص ( 99 ـ 100 ).
(13) في البحار والاعلام : فادركاها فأخذ علي عليه السلام منها الكتاب.
(14) هنا عبارات النّسخ المخطوطة كلّها فيها نحو ارتباك وركاك فلأجل خروجها عن ذلك أكملتها عن البحار والإعلام جاعلاً للمكمّل بين المعقوفتين.
(15) بحار الأنوار ( 124/21 ) عن أعلام الورى ص ( 106 ـ 109 ) اختصاراَ ، والآية في سورة يوسف : ( 92 ).
(16) في البحار : في ألفين من مكة وعشرة آلاف كانوا معه ، قال أحد أصحابه : لن نغلب اليوم قلة.
(17) الوطيس : التّنور كما في نهاية ابن الاثير عند الكلام في : حما ، ( 1/447 ) وقال : هو كناية عن شدّة الامر واضطرام الحرب. ويقال : إن هذه الكلمة أوّل من قالها : النّبيّ صلى الله عليه واله لمّا اشتد البأس يومئذِ « يوم حنين » ولم تسمع قبله وهو من أحسن الاستعارات. وقال في حرف الطاء ( 5/204 ) : الوطيس شبه التّنور .. ولم تسمع هذا الكلام من أحد قبل النّبي صلى الله عليه واله وهو من فصيح الكلام عبّر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق.
(18) بحار الأنوار ( 21/168 ـ 167 ) عن إعلام الورى ص ( 113 ـ 116 ) ملخصاَ.
(19) بحار الأنوار ( 21/168 ـ 173 ) ما جاء هنا من ذكر الفتح والاغتنام وأطلاق الاسارى والاشارة الي تقسيم الغنائم في غزوة الطّائف بإيجاز واختصار تجده وتقرأ في ضمن ستّ صحائف من البحار بقطع الوزيري بصورة مشروحة واضحة وكذا في إعلام الورى ص ( 116 ـ 121 ). ولا ينقضي عجبي من الشيخ القطب الرّاوندي حيث نقل هذه الغزوات مرسلا وأوجزها غاية الايجاز في عناوين بعض فصولها ورواياتها علي نحو الايجاز المخلّ ( كما أشرنا الى ذلك في بعض تعاليقنا السّالفة ) وهي مذكورة في إعلام الورى كتاب شيخه الفضل بن الحسن الطّبرسي وهو نقلها عن كتاب : ابان بن عثمان ( بصورة يصحّ السكوت عليها ) فقد صرّح في مواضع من الاعلام بذلك منها ـ في غزوة احد. ومنها ـ في غزوة خيبر. ومنها ـ في غزوة تبوك. فيستفاد من هذا أنّ كتاب المغازي الّلذي هو جزءٌ من الكتاب الجامع الكبير لأبان بن عثمان ( على ما تعرّض له النّجاشي والشيخ في فهرستيهما طرّقاه عنه إليهما بأسانيد عديدة الّتي بعضها معتبر ) كان لدى الشيخ الطّبرسي عند تأليف كتابه ( الاعلام ) كما كانت لديه جملة من كتب معتبرة عنده من الخاصة والعامة كدلائل النبوّة للبيهقي وكتاب المعرفة لابن مندرة وشرف المصطفى للخركوشي والكافي للكليني وعيون أخبار الرّضا واكمال الدين للصّدوق وارشاد المفيد وغير ذلك فياليت لم ينقلها الشّيخ القطب هنا مرسلة وكان ينقلها كما نقلها شيخه عن تلك المصادر.
(20) الظاهر سقوط كلمة « غنم » عن جميع النسخ حتى عن البحار والاعلام.
(21) في البحار والاعلام : وأربعمائة درع وأربعمائة رمح وخمسمائة سيف وصالحة.
(22) بحار الانوار ( 21/244 ـ 247 ) عن أعلام الورى ص ( 122 ـ 123 ) مبسوطاَ.
(23) غزوات رسول الله صلى الله عليه واله على ما قاله المسعودي في مروج الذَهب ، ( 2/287 ـ 288 ) : ستّ وعشرون ومنهم ما رآى أنّها : سبع وعشرون. ثمّ وجّه هذا الراي بقوله : والّذين جعلوها سبعاً وعشرون جعلوا غزوة خيبر مفردة ووادي القرى غزوة خيبر مفردة ووادي الري منصرفة أليها غزوة اخرى غير خيبر انتهى. وهذا يعني وقوع الاختلاف لأجل غزوة خيبر عند بعضهم غير غزوة وادي القري وهما واحد عند بعض آخر بلحاظ أنّ الله لمّا فتح خيبر بيد رسوله فانصرف صلوات الله عليه منها إلى وادي القرى من غير أن يأتي المدينة حتّى منها يتجهّز للحرب ألى وادي القرى. هذا ومن العجيب أنّ المسعودي في المروج عدّدها بسبع وعشرين مع حذفه غزوة وادي القرى من الحساب وهو ممّن ذهب الي الرّأي الاوّل وأنا أنقل عبارته أستبصار للنّاظرين واستدراكاَ لما فات ذكره عن الشيخ العلامة الرّاوندي وإخراجاَ لما أجمله إلى بعض التّفصيل. قال : وكان أوّل غزواته صلى الله عليه واله من المدينة بنفسه إلى ودّان هي المعروفة بغزوة الأبواء. ثمّ غزوة بواط إلى ناحية رضوى. ثمّ غزوة العشيرة من بطن ينبع. ثمّ غزوة بدر الأولى وكان خروجه طلباً لكرز بن جابر. ثمّ غزوة بدر الكبرى وهي بدر الثّانية الّتي قتل فيها صناديد قريش وأشرافها وأسر من أسر من زعمائهم. ثمّ غزوة بني سليم حتّى بلغ الموضع المعروف بالكدر ( بالكديد ) ماء لبني سليم. ثمّ غزوة السّويق طلباً لأبي سفيان بن حرب فبلغ فيها الموضع المعروف بقرقرة الكدر. ثمّ غزوة حمراء الأسد ثمّ غزوة بني النّضير. ثمّ غزوة ذات الرّقاع من نجدز ثمّ غزوة بدر الأخيرة. ثمّ غزوة دومة الجندل [ ثمّ غزوة المريسيع ]. ثمّ غزوة الخندق. ثمّ غزوة بني قريظة. ثمّ غزوة بني لحيان بن هذيل بن مدركة. ثمّ غزوة ذي قرد. ثمّ غزوة بني المصطلق من خزاعة. ثمّ غزوة الحديبيّة لا يريد قتالاً فصدّه المشركون. ثمّ غزوة خيبر. ثمّ اعتمر عليه السلام عمرة القضاء. ثمّ فتح مكّة. ثمّ غزوة حنين. ثمّ غزوة الطّائف. ثمّ غزوة تبوك.
قاتل منها في تسع غزوات : بدر. واحد. والخندق. وقريظة. وخيبر. والفتح. وحنين. والطّائف. وتبوك.
ثمّ أشار إلى عمل الواقدي حيث أنّه رآى أنّه صلى الله عليه واله قاتل في إحدى عشرة غزوة باضافة غزوتي وادي القرى والغابة الي التّسع الّتي منها غزوة المريسيع بزعم الواقدي وبدّلها المسعودي ( على ما رأيت ) بغزوة تبوك. وعوّض عنهما الشّيخ الراوندي بغزوة بني المصطلق تبعاً لشيخه الطّبرسي في إعلام الورى ص ( 72 ). إلاّ أنّ غزوة بني المصطلق والمريسيع واحدة كما في الاعلام ص ( 94 ).
ثمّ أشار المسعودي ( موج الذّهب 2/289 ) إلى الاختلاف في عدد السّريا والبعوث بين : خمس وثلاثين وثمان وأربعين ناقلاً للأخير عن تاريخ الطّبري بسنده إلى الواقدي : وقيل : إنّ سراياه 6 وبعوثه كانت ستّة وستّين.
ثمّ إذا ننظر إلى كتاب الواقدي ( المغازي ، 1/2 ـ 7 ) نرى ارتفاع الغزوات إلى أربعين والسّرايا إلى ثمان وثلاثين. وقال مجملاَ بعد التفصيل : فكانت مغازي النّبي 6 الّتي غزا بنفسه سبعاً وعشرين غزوة وكان ما قاتل فيها تسعا ... وكانت السّرايا سبعاَ وأربعين سرية. انتهى. فيا ترى هل هناك انسجام بين التّفاصيل هذه ومجملاتها.
وفي أعيان الشّيعة للسيّد محسن الأمين ( 1/242 ـ 288 من طبعة دار التّعارف في بيروت 1403 هـ ق ) تفصيل في ذلك لا بأس به وإن شئت فراجعه.
وكان من المناسب جدّاَ أن يذكر الشّيخ الرّاوندي بعد واقعة تبوك قصّة تبوك قصّة العقبة كما فعل الطبرسي في إعلام الورى ص ( 123 ـ 124 ) أو يشير إليها حسبما ورد في الخبر المتقدّم برقم ( 381 ) وبه ينفي احتمال وقوعها من قبل المنافقين بعد مراجعة صلى الله عليه واله عن حجّة الوداع كما في منتهى الآمال ص ( 68 ) بخط الطّاهر.
(24) بحار الانوار ( 21/274 ـ 275 ) ، برقم : ( 9 ) عن أعلام الورى ص ( 125 ).
(25) بحار الانوار ( 21/364 ) عن أعلام الورى ص ( 125 ـ 126 ).
(26) تجد قضيّة المباهلة هذه بهذه الصورة المختصرة اقتباساً عن إعلام الورى ص ( 128 ـ 129 ) في البحار ( 21/336 ـ 338 ) قوله في الذّيل : ثم بعث .. أجنبيّ عمّا قبله ووجه ذكر الشّيخ الرّاوندي إيّاه هنا المتابعة لعبارة إعلام الورى ولمّا تنبه الشّيخ أنّ قصّة بعث رسول الله عليّاَ عليه السلام إلى اليمن تعرّض لها بسنده عن الصّدوق فيما سبق برقم ( 251 و 352 ) في الفصل الثّالث من الباب ( 19 ) مكث عن إدامتها فدخل في فصل آخر ونسي أن يضرب القلم علي الزّيادة. وكان المستنسخون الجاهلون أيضاَ غافلين ( وما بين المعقوفتين في المتن مأخوذ من البحار أخذاَ من الإعلام لإكمال المتن ) والآية في سورة آل عمران : ( 59 ).
(27) في البحار والاعلام : ما استدبرته .
(28) : وقال : ومـن مولاكم ووليّكم ؟ فقالوا ولـم يبدوا هنـاك التّعاديا
: إلهـك مولانا وأنـت وليّـنا ولـن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
فقال لـه : قـم يا علي فإنّـني رضيتك مـن بعدي اماماً وهاديا
فمـن كنـت مولاه فهذا وليّه وكـن للّذي عادى عليّـاً معاديا
وفي إعلام الورى ص ( 133 ) :
فمـن كنت مولاه فهـذا وليّه فكونوا له أنصار صدق مواليـا
هناك دعا اللـهم وال وليـّه وكن للّذي عـادى عليّـاً معاديا
(2) بحار الانوار ( 22/466 ـ 470 ) وأعلام الورى ص ( 133 ـ 136 ) ، والارشاد ص ( 97 ) في عنوان : أخبار النبيّ بموته.
(3) في البحار ( 22/514 ) : قبض النبيّ صلى الله عليه واله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة احدى عشرة من الهجرة ، ثمّ قال بيان : هذا هو الموافق لما ذكره أكثر الامامية ، ثمّ نقل عن التهذيب وبفصل ( 14 ) صفحة عن إعلام الورى أنه قبض سنة عشر من الهجرة ، ثمّ قال بعد فصل قليل : بيان : لعلّ قوله « سنة عشر» مبنيّ على اعتبار سنة الهجرة من أول ربيع الاول حيث وقع الهجرة فيه ، والّذين قالوا : سنة احدى عشرة بنوه على المحرم وهو أشهر وفي مرآة العقول ( 5/174 ) نصّ على ذلك أيضاً.
(37) بحار الانوار ( 22/514 ) و ( 22/529 ـ 530 ) عن أعلام الورى ص ( 137 ـ 138 ).
(38) بحار الانوار ( 23/147 ) عن كمال الدين وعيون أخبار الرضا عليه السلام ومعاني الاخبار.
(39) بحار الانوار ( 36/249 ـ 250 ) و( 52/92 ـ 93 ) وفيهما في آخره : وان جلّلها السّحاب ، ورواه أيضا مرسلاً في ( 23/289 ) عن إعلام الورى والمناقب.
(40) في بعض النّسخ : والارضين ، في الموردين.
(41) بحار الانوار ( 36/204 ـ 209 ) عن إكمال الدّين وعيون أخبار الرّضا عليه السلام وفيه : أحمد بن ثابت الدّواليبي عن محمّد بن الفضل النّحوي عن محمّد بن علي بن عبى الصّمد الكوفي ... وفي كمال الدين ( طبع قم 1405 ) الجزء ( 1/264 ) برقم ( 11 ) : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّوليبي بمدينة السلام قال : حدثنا محمّد بن الفضل النّحوي ... ونفس الرّواية وردت في العيون الجزء ( 1/59 ) برقم ( 29 ) من الباب ( 6 ) : حدّثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدّواليني رضي الله عنه بمدينة السّلام سنة اثنين وخمسن وثلاثمائة قال : حدّثنا محمّد بن علي بن عبى الصّمد الكوفي والسّند بذا العنوان فيه إشكالان :
1 ـ انّه معارض مع الذّكور في كمال الدين في موضعين الأوّل ـ في الباب ( 7 ) منه ص ( 156 ) والثّاني ـ هذا المورد نفسه الّذي أخذ منه العلاّمة المجلسي وتطابيق معه نسخ البحار المطبوعة القديمة مع أنّ علماء التّراجم لم يذكروا في مشايخ الصّدوق عن كتبه علي بن ثابت إلاّ بعضهم عن هذا المورد من العيون فقط. وهو وإن نقل عن أكثر النسخ الخطّيّة ونسخة مطبوعة إلاّ أنّ نسخته المطبوعة القديمة وبعض النّسخ المطبوعة القديمة وبعض النسّخ الخطّيّة منه ( على ما ذكره في ذيل هذا المورد من اليعون ) توافق المذكور في البحار عنه مرّتين : الاولى ما تقدّم والثّانية في الجزء ( 94/184 ـ 187 ) هكذا ـ ن : أحمد بن ثابت الدّواليبي عن محمّد بن علي بن عبد الصّمد ...
والنّسخ الخطّيّة من القصص أيضاً تطابق نقل البحار وإن كانت في خصوصيّات اخرى مخالفة معه منها ـ خصوصيّة الكنية فانّ فيها جمعاء : أبو الحسين وفي البحار : أبو الحسن. ومنها ـ حذف : محمّد بن الفضل النّحوي ، عن السّند قبل : محمّد بن علي بن عبد الصّمد ، في المورد الثّاني من البحار. ومنها ـ أمر جزئي من قبيل تبديل الدّواليببي بالدّواني أو الدّواليني.
وعلى ذلك كلّه فالصحيح : أحمد بن ثابت ، لاتّفاق النّسخ عليه لا : عليّ بن ثابت لانفراد نسخة من العيون به بعضاً وابتلاء نسخة بالمعارضة الدّاخليّة طُرّاً.
42 ـ إنّ الصّدوق بنصّ النجاشي ورد بغداد في سنة ( 355 ) فيكف حدّثه فيه هذا الرّجل سنة ( 352 )؟ على ما في عبارة العيون وكذا لا يجتمع ( على ما قيل ايضاً ) مع ما ورد في سند آخر فيه أيضاً ( الجزء 1/129 الباب 11 ) : حدّثنا محمّد بكران النقّاش رضي الله عنه بالكوفة سنة ( 354 ).
ويمكن الجواب عن الأوّل ـ بأنّ الصّدوق على ما هو المعروف كان رحّالةً جوّالةُ فبالا مكان أنّ مورده بغداد كان متكرراً وعليه بعض الكتبة.
وعن الثّاني ـ أيضاً بإمكان أخذه الحديث في الكوفة عن ابن بكران في التّاريخ المذكور بعد رجوعه عن إيران ومروره عن همدان لدى مسيره إلى الحج من طريق الكوفة.
(43) بحار الانوار ( 36/253 ـ 254 ) عن كمال الدين ( 1/259 ـ 260 ).
(44) بحار الانوار ( 36/251 ـ 252 ) ، برقم : ( 68 ) عن كمال الدين مع اختلاف يسير.
(45) في البحار والاعلام : قال ( أي محمّد بن أحمد الدّوريستي ) : وأخبرني أبو عبد الله محمّد بن وهبان ... وعليه فما في النّسخ المخطوطة إثبات الهداة : وعن ابن بابويه حدّثنا أبوعبد الله محمّد بن دهقان ـ أو ـ وهبان، يحكم بصحّته فيما إذا قيل برواية الرّاوندي بسند فيه ابن بابويه عن محمّد بن وهبان واشتبه الامر على تلميذه الطّبرسي فنقل الرواية في الاعلام عن الدّوريستي عن محمّد بن وهبان. هذا والصّحيح : محمّد بن وهبان. تعرّض له النّجاشي ووثّقه ويستفاد منه ومن رجال الشّيخ ص ( 505 ) معاصرة الصّدوق له وليس في المصادر ومشيخة الصّدوق روايته عنه ولو في مورد واحد.
(46) في المناقب : محمّد بن زكريّا العلاني.
(47) كذا في البحار ، وهو الصّحيح كما يظهر من تاريخ البغدادي ( 6/329 ) ، وفي جميع النّسخ : أحمد بن سليمان.
(48) بحار الانوار ( 36/300 ـ 301 ) ، برقم : ( 136 ) عن إعلام الورى ص ( 385 ـ 386 ) وعن المناقب لابن شهر آشوب ( 1/292 ـ 293 ) ، وراجع اثبات الهداة ( 1/615 ) ، برقم : ( 637 ).
(49) بحار الانوار ( 36/268 ) ، برقم : ( 88 ) عن المناقب ( 1/290 ) وإعلام الورى ص ( 384 ) وأومأ إليه في إثبات الهداة ( 1/615 ) ، برقم : ( 638 ) عن القصص باختصار وفي المصدر ص ( 684 ) عن الخرائج نحوه.
(50) صحيح مسلم ( 6/4 ) وألفاظه أكثر وبهذا المضمون في نفس المورد قبل هذا الحديث وبعده روى روايات مستفيضة. والشّيخ الحرّ نقله في إثبات الهداة ( 1/684 ) عن الخرائج عن صحيح مسلم ، وذكره البحار ( 36/ 297 ) برقم ( 127 ) عن إعلام الورى بسندين ثانيهما عن مسلم. وأورده الحرّ في إثبات الهداة ( 1/684 ) عن الخرائج عن صحيح مسلم ... برقم : ( 25 ).
(51) بحار الانوار ( 36/298 ) عن إعلام الورى برقم : ( 132 ) وأورده الحرّ في إثبات الهداة ( 1/684 ) عن الخزائج برقم : ( 26 ).
(52) بحار الانوار ( 36/299 ) عن إعلام الورى وفي ص ( 267 ) عن مناقب ابن شهر آشوب ، ورواه في اثبات الهداة ( 1/684 ) ، برقم : ( 27 ) عن الخزائج.
(53) في جميع النّسخ المخطوطة : عن زيد الرّقاشي.
(54) بحار الانوار ( 36/267 ) عن المناقب ، واثبات الهداة ( 1/615 ) ، برقم : ( 639 ) وص ( 684 ) ، برقم : ( 28 ) عن الخزائج.
(55) بحار الانوار ( 36/300 ) ، برقم : ( 137 ) عن الاعلام ، واثبات الهداة ( 1/615 ) ، برقم : ( 640 ) ، وفي
البحار زيادة وهي : فقالت : أسماؤهم عندي مكتوبة باملاء رسول الله صلى الله عليه واله فقلت لها : فاعرضيه ، فأبت.
(56) أورده الشّيخ الطّوسي في أماليه ، المجلد ( 2/58 ) في أواخر الجزء (15) بألفاظ أكثرها متوافقة مع ألفاظ الرّواية هنا شدّة الاختلاف. ورواه الشيخ الحرّ في إثبات الهداة الباب (9) الفصل (2) من الجزء ( 1/464 ) عن جملة من المصادر منها كمال الدّين وكفاية الاثر وأمالي الصّدوق وأمالي الشّيخ الطوسي مسنداً وعن الفقيه بسنده عن ابن محبوب والسّند إليه معتبر وإنّما الكلام في مقاتل بن سليمان والأمر فيه هيّن بعد كون الرّاوي عنه : الحسن بن محبوب الّذي أمرنا بتصديقه عموماً وخصوصاً وكون المقاتل مرميّا من قبل جمهور العامّة ( الرّجاليين منهم ) ومبغوضاً عندهم ويؤيّده وثاقته بل يؤكّد عدّه في أصحاب الامام الصّادق عليه السلام الذين ارتأى الشيخ المفيد في إرشاده ( باب ذكر تاريخ الامام الصّادق عليه السلام ) وثاقتهم على اختلافهم في الآراء والمقالات.
والحديث مذكور في الفقيه الجزء (4) باب الوصيّة من لدن آدم عليه السلام ، وذكره في البحار ( 23/57 ) عن أمالي الصّدوق.
(57) أخرجه الشّيخ الحرّ في إثبات الهداة الجزء ( 1/465 ـ 466 ) عن الفقيه ثمّ قال : ورواه الرّاوندي في قصص الأنبياء مرسلاً.
(58) بحار الانوار ( 11/30 ) عن الخصال والأمالي للصّدوق ما هو بنفس المفاد باختلاف في بعض الألفاظ لا يضر بالوحدة. والحمد لله على بدء التّحقّق والتّطبيق والتّعليق على هذا الكتاب الشّريف المنيف واختتامها ، وكان الفراغ من ذلك في غرّة رجب المرجّب لعام (1407) الموافق ليوم الاثنين ( 11/12/1365 ). وأنا العبد الضّعيف الفقير إلى ربّي الغنيّ : ميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخراساني.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|