ان الطاقة الشمسية فهي المعين الذي لا ينضب، والطاقة النظيفة التي لا تسبب تلوث البيئة، أو الاحتباس الحراري. ولحسن الحظ تمتلك الدول العربية الصحارى الواسعة بمساحتها، والغنية بشدة الإشعاع الشمسي فيها، و بطول فترته. لقد استخدم الإنسان الطاقة الشمسية مباشرة منذ القدم، لتجفيف الملابس والأغذية، وبصورة غير مباشرة في الزراعة التي تمده بالغذاء والطاقة. وتدعي الأسطورة أن العالم اليوناني أرخميدس صمم مرآة شمسية ضخمة، استطاع بواسطتها تجميع الأشعة الشمسية وتسليطها على أشرعة الأسطول الروماني الذي كان يحاصر سيراكوز فحرقها عام 212 ق.م. وفكر ليوناردو دافنشي في القرن الخامس عشر في تركيز الأشعة الشمسية، واستخدام الطاقة الناجمة عن ذلك في لحام النحاس. وقد بدأ الإنسان في القرن الماضي بتطوير التقانة التي يستطيع بواسطتها الاستفادة من الطاقة الشمسية بشكل أكبر. إن أحدى أهم عقبات استخدام الطاقة الشمسية هي أنها متقطعة، وغير متاحة عندما يكون الإنسان بأشد الحاجة إليها، أي في الظلام أو البرد. وإضافة لذلك فالطاقة الشمسية ممددة جداً، بالنسبة للزمن والمساحة. تستقبل الأرض من الشمس 5.6 *10 (1) ميغا جول في العام، وبمعدل 1000 وات لكل م2 من سطح الأرض. ويحتاج الإنسان إلى التقاط هذه الأشعة على مدى زمني قصير، ولمساحة صغيرة، حتى يستطيع الاستفادة منها. ويمكن التقاط الأشعة الشمسية مباشرة من الشمس، بواسطة اللاقط الشمسي. ومع ارتفاع درجة الحرارة في مركز انعكاس الأشعة للاقط الشمسي، ترتفع درجة حرارة الماء، ويتحول إلى بخار يمكن الاستفادة منه في توليد الكهرباء. إن التحدي الرئيس لاستخدام الطاقة الشمسية هو في الاستفادة منها في وسائط النقل أو في الصناعة. وهنا نحتاج إلى وقود خفيف، وذي تركيز طاقي مرتفع. ويمكن إجراء ذلك عن طريق تحويل الطاقة الشمسية بواسطة الكهرباء إلى غاز الهيدروجين، الذي يمكن خزنه ونقله واستخدامه عند الحاجة إليه.(2)
تعتمد تقانة التركيز الشمسي الحراري (CST) على استخدام العدسات والمرايا، وعلى أنظمة تتتبع حركة الشمس، لتركز مجالاً واسعاً من الأشعة الشمسية في حزمة صغيرة. وتحتاج هذه التقانة إلى التعرض المباشر للشمس لتعمل. ولذا فهذه التقانة غير ملائمة للمواقع المغطاة بالسحب. ومع ذلك فلها ميزة وهي أن درجة الحرارة العالية تولد الماء الساخن أو البخار، اللذين يستخدمان في أغراض مختلفة. وهناك ثلاث تقنيات وهي، الخزان الشمسي وبرج الطاقة
الشمسية والصحن الإهليجلي. وهناك نوع رابع قليل الاستخدام هو الطبق الشمسي. وتستطيع هذه التقنيات كلها تركيز الأشعة، والحصول على درجات عالية من الحرارة بكفاءة مرتفعة، ولكنها تختلف في طريقة تتبع الشمس وتركيز الضوء.
إن التقانة الأخرى لاستغلال الطاقة الشمسية هي تقانة الخلايا الفولطائية (PV). من المعروف منذ 150 عاماً أن الضوء يؤثر على مواصفات بعض المواد. ويعرف هذا بالتأثير الكهروضوئي، وقد حصل آينشتاين على جائزة نوبل عام 1921 لشرحه لهذه الظاهرة. تتولد الكهرباء من الفصل بين الشوارد السالبة (الالكترونات) والشوارد الموجبة (الثقوب) عند تسليط الضوء على نقطة اتصال جزئين من بلورة نصف ناقل. والسيليكون عبارة عن نصف ناقل يمكن خلطه بكميات بسيطة جداً من الشوائب (مثل الفسفور والبورون) بعملية تدعى الإشابة Doping. حيث تنتج هذه العملية P موجبة و N سالبة. وعند تعرضها للضوء تنتج الخلية جهداً 1 فولط
صنعت الخلايا الأولى من السيلينيوم عام 1883، أما الخلايا الأولى من السيليكون فقد صنعت عام 1954. وقد استخدمت هذه الخلايا بنجاح في رحلات الفضاء منذ عام 1958، وأصبحت الوسيلة المسيطرة لتوليد الكهرباء في الرحلات الفضائية في الستينات. وبالنسبة لاستخدامها على الأرض، فقد كانت الكلفة بحدود 100 $ للوات في الستينات. وفي السبعينات أمكن تخفيض الكلفة إلى 20$ للوات، مما جعلها صالحة للاستخدام في الأماكن البعيدة عن الشبكة الكهربائية، وفي المحطات البحرية، ومنارات المرافئ، ومراكز تقاطع السكك الحديدية، وفي الحماية المهبطية للأنابيب وغيرها. وقد ازداد الاهتمام بها في السبعينات، نتيجة ارتفاع أسعار النفط ثم تناقص هذا الاهتمام بعد ذلك. ومع ذلك نمت بمعدل بين 10-20% خلال الثمانينات والتسعينات، وبلغت استطاعة التوليد الكهربائية منها 1000 ميغا وات عام 1999. وقد وصلت ذروة الاستطاعة المركبة إلى 6000 ميغا وات عام 2006، ومن المتوقع أن تصل إلى 9000 ميغا وات عام 2007.(3)
وبالنسبة لأمريكا الشمالية فإن متوسط التعرض الشمسي (بما في ذلك الليل والطقس الغائم) هو بحدود 125 إلى 375 وات / م2 على مدى عام كامل. وحالياً تحول ألواح الخلايا الفولطائية 15% من الطاقة الساقطة عليها إلى كهرباء (أي من 3 إلى 9 كيلو وات / م2 / يوم)، ولذا تعطي هذه الخلايا بحدود 19 إلى 56 وات / م2 أو 0.45 - 1.35 كيلو وات ساعي /م2/ يوم. إن كفاءة الخلية هي اقل من 25%. ويكلف الـ PV المركب، حوالي 9$ لكل وات كهرباء ذروة. وبالنسبة لبيت صغير مزود ب 3.6 كيلو وات PV، وبدون بطاريات ومرتبط بالشبكة ويغطي نصف احتياجات المنزل من الكهرباء فإن الكلفة هي بحدود 32000 $.
يستخدم حوالي 14% من الطاقة في الولايات المتحدة لتسخين المياه. ويمكن تزويد 50-75 % منها من الطاقة الشمسية. لقد بلغت الاستطاعة المركبة لأنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية 104غيغا وات عام 2006، وهي تنمو بمعدل 15-20% في العام. وتحتل الصين المرتبة الأولى في العالم في تسخين المياه بالطاقة الشمسية. إن استخدام الطاقة الشمسية لتسخين المياه ملائم إذ أن درجة الحرارة منخفضة وهي بحدود 25-70م°. وتستخدم الصفائح المنبسطة أو الأنابيب المفرغة والتي تبلغ كفاءتها بحدود 60%.
إن الاستخدام التالي للأشعة الشمسية في البيوت هو للإنارة. وخلال القرن العشرين، ونظراً لرخص الطاقة، أصبحت الإنارة الداخلية بواسطة الكهرباء. تشكل الإنارة الداخلية حالياً حوالي 22 % من الكهرباء المستهلكة في الولايات المتحدة. ويمكن للتصميم الجيد أن يخفف قدراً كبيراً من الكهرباء المصروفة في الإنارة، وخاصة خلال ساعات النهار. وللإنارة الطبيعية فوائد أخرى فيزيولوجية وسيكولوجية. وباستخدام نظام الإضاءة المهجن، يمكن عكس الأشعة الشمسية الساقطة في حزمة ضوئية، ومن ثم نقلها بالليف الضوئي إلى داخل المسكن للتعويض عن الإنارة الكهربائية.(4)
تستخدم الطاقة الشمسية أيضاً في تكييف المساكن (تدفئة الهواء وتبريده وتغييره). وتبلغ نسبة الطاقة الكهربائية المصروفة لهذا الغرض 40% من الكهرباء في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويمكن استخدام مواد تمتص الحرارة خلال السطوع الشمسي، مثل الحجارة والاسمنت والمياه، ثم ترسلها عندما تغيب الشمس ويبرد المنزل. وهناك أيضا المدخنة الشمسية أو الحرارية، التي تؤدي إلى تكييف الهواء بين الداخل والخارج بحيث تبرد صيفاً وتدفئ شتاء.
_____________________
)1) www.wikipedia.com (Renewable Energy).
(2) McDaniels, D. K. "The Sun - Our Future Energy Source " , 2nd edition (John Wiley and Sons, Inc., New York, USA, 1984.
(3) Meinel, A. B., and Meinel, M. P. [1976] Applied Solar Energy (Addison Wesley Publishing Co., California, USA).
(4) Brinkworth, B. J. Solar Energy for Man (The Compton Press, Salisbury, England) [1975].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|