المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Uniform Convexity
30-7-2021
Statistical Distribution
22-4-2021
أسس إدارة المنتجات Products Management Basices
2023-05-28
أبو الحسن البوراني النحوي
19-06-2015
الحركات بعهد الرشيد
12-3-2018
الأقاليم الصناعية في روسيا - إقليم أوكرانيا
24-4-2021


الكتابة والرسائل في العصر الأموي  
  
30459   06:09 مساءاً   التاريخ: 25-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص374-377
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / النثر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-09-2015 26923
التاريخ: 8-10-2015 4580
التاريخ: 8-10-2015 4158
التاريخ: 9-10-2015 3420

لمّا اتّسعت الفتوح وتفرّق الولاة والعمّال (1) في الاقطار احتاجت الدولة إلى أن تبلّغ أولئك الولاة والعمّال وغيرهم من أصحاب المناصب في الأمصار المختلفة أمورا تتعلّق بالسياسة أو الادارة فحدثت كتابة الرسائل.

ولم يكن للرسائل-في هذا الدّور-خصائص أدبية تميّزها، فلقد كانت الرسالة خطبة مدوّنة، أو كانت كلاما عاديا قيّد بالحروف من غير تنميق ولا التزام أسلوب خاصّ.

وكما كانت الخطابة من مستلزمات الإدارة، فقد كان الترسّل أو الكتابة حاجة إدارية، ولم تكن-في هذا العصر الذي نؤرّخه-فنّا مقصودا لذاته. والعرب عامة كانوا أقدر على الخطابة منهم على الكتابة. من أجل ذلك كانت الدولة تتخيّر كتّابا لها، من العرب حينا ومن غير العرب أحيانا، من ذوي العفّة والأمانة. وقد كان الخليفة يملي على هؤلاء الكتّاب ما يشاء أو يطلب منهم أن «يكتبوا» عنه ما يريد. ولقد كان الكاتب في أيام الخلفاء الراشدين شخصا يختاره الخليفة ويجعله في بطانته، أما في الدولة الأموية فقد أصبح للكتابة مناصب، ثم جعل لها ديوان خاصّ-إدارة خاصّة-منذ أيام معاوية ابن أبي سفيان على وجه التقريب، ومنذ أيام عبد الملك بن مروان على القطع.

ديوان الرسائل:

ديوان الرسائل يشبه رئاسة الوزارة في أيامنا، فرئيس الديوان-وكان يسمّى الكاتب-كان ينشئ الرسائل التي كان الخليفة يبعث بها إلى الولاة والعمّال وإلى الملوك الآخرين، كما كان يتلقّى الرسائل التي كانت ترد إلى الخليفة. وكان الكاتب في أول أمره موظّفا بسيطا لا تتعدّى وظيفته استملاء الرسائل. ثم تطوّرت الكتابة باتّساع الحاجة اليها ونشأ ديوان الرسائل، إلى جانب غيره من الدواوين، وأصبح له رئيس كما أصبح فيه كتّاب مرؤوسون كل يعمل على مقدار منصبه في الديوان.

ثم تطوّرت الرسالة نفسها وأصبحت الكتابة، قبل أن ينقضي العصر الأمويّ صناعة ذات قواعد وأصول: أصبح للرسالة مطالع وفيها تحميدات تختلف باختلاف مقام الذين تصدر عنهم وتوجّه إليهم، ثم لها خواتيم تختلف أيضا بحسب ذلك. وكذلك حدث في متن الرسالة أشياء من السجع والموازنة ومن الترداد المقصود ومن التأنّق في التعابير والجمل. ثم طالت الرسائل أيضا. على أن الترسّل ظلّ في العصر الأمويّ-في الاكثرية -«فنّا رسميّا» يتعلّق بأمور الدولة.

وربّما استشهد الكتّاب في الرسائل بالشعر، إلاّ إذا كانت الرسالة موجّهة إلى الخليفة، فإن الشعر في رسالة موجّهة إلى الخليفة كان مكروها.

وكان في العصر الأمويّ رسائل لم تكن في شؤون سياسية رسميّة، بل في نصائح عامّة في الحرب مثلا كما في رسالة كتبها عبد الحميد الكاتب على لسان مروان الثاني إلى ابنه عبد اللّه (2). كان عبد اللّه بن مروان وليّا للعهد وواليا على الجزيرة. فلمّا خرج الضحّاك بن قيس الشيباني على الأمويّين (127-128 ه‍-744-745 م) أمر مروان الثاني ابنه عبد اللّه أن يحارب الضحّاك ثم بعث إليه برسالة يبسط له فيها أمور الحرب وآداب القائد مع رعيّته وقوّاد جيوشه.

ثمّ هنالك رسالة أخرى كتبها عبد الحميد الكاتب أيضا على لسان الخليفة يأمر فيها أحد الولاة بمنع الناس من اللّعب بالشطرنج لأن الناس كانوا قد أدمنوا اللعب به حتّى صرف بعضهم عن العبادة وعن الاهتمام بمصالحهم.

على أن مثل هذه الرسائل لا يمكن أن تعدّ إخوانية، لأنّها لا تزال تدور على أغراض هي من شأن الدولة، كما كانت لا تزال جارية على الأمر بشيء دون آخر، وعلى شيء من السلطة الرسمية للخليفة.

أما رسالة عبد الحميد الكاتب إلى الكتّاب فيمكن أن تكون تمهيدا إلى الرسائل الإخوانية.

يبدو أن حاجة الدولة إلى الكتّاب المنشئين، في أعقاب الدولة الأموية، قد عظمت حتّى كانت الدولة تضطرّ إلى أن توظّف في ديوان الرسائل أشخاصا ليسوا على ثقافة وافية بصناعة الكتابة ولا بالمعارف التي تتطلّبها صناعة الكتابة. من أجل ذلك وجّه عبد الحميد بن يحيى (أو عبد الحميد الكاتب)، وهو رئيس ديوان الانشاء يومذاك، إلى الكتّاب الصغار أو الناشئين المستجدّين في خدمة الدولة رسالة يدلّهم فيها على أصول صناعة الكتابة وآدابها، كما يوصيهم فيها بأن يعرفوا حقّ الكتّاب الكبار (إذا عجز هؤلاء عن القيام بأمر معاشهم حينما يتقدّمون في السنّ) من الناحية المعنوية (بالاحترام الواجب) ومن الناحية المادية (بالمساعدة). ومع أن هذه الرسالة كانت موجّهة من رئيس إلى مرؤوسين (وربّما بإشارة من الخليفة نفسه)، فان غرضها الرئيسي كان تثقيفيّا. من هذه الناحية وحدها يجوز لنا أن نرى في هذه الرسالة بدءا للرسائل الاخوانية.

ثم كانت هنالك رسائل في العصر الأموي يمكن أن تكون إخوانية واضحة يتبادلها الولاة مع نفر من قادة الحركات المختلفة (كالحسن البصري رأس علماء الكلام وكقطري بن الفجاءة كبير الخوارج في أيامه) أو يتبادلها نفر من آل البيت المالك فيما بينهم، كما كان ثمت رسائل تدور بين نفر من كبار القوم. من ذلك مثلا رسالة كتب بها بشر بن مروان بن الحكم إلى أخيه عبد العزيز يعتذر فيها عن أمر كان قد بدر منه:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم: لو لا الهفوة لم أحتج إلى العذر، ولم يكن لك في قبوله منّي الفضل. ولو احتمل الكتاب أكثر ممّا ضمّنته لزدت فيه. وبقيا الاكابر على الاصاغر من شيم الاكارم. ولقد أحسن مسكين الدراميّ حين يقول:

أخاك أخاك، إنّ من لا أخا له... كساع إلى الهيجا بغير سلاح

وإنّ ابن عمّ المرء، فاعلم، جناحه...وهل ينهض البازي بغير جناح!»

ومثل ذلك ما كتب به عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر إلى بعض اخوانه يعاتبه:

«أمّا بعد، فقد عاقني الشّكّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك، وذلك انّك ابتدأتني بلطف عن غير خبرة، ثمّ أعقبتني جفاء من غير جريرة. فأطمعني أوّلك في إخائك، وأيأسني آخرك من وفائك. فلا أنا في اليوم مجمع لك اطّراحا، ولا أنا في غد وانتظاره منك على ثقة. فسبحان من لو شاء كشف بإيضاح الشكّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك فاجتمعنا على ائتلاف أو افترقنا على اختلاف، والسلام.»

________________

1) الوالي هو الحاكم السياسي الاداري؛ والعامل هو الموظف الذي يتولى جمع الضرائب والادارة المالية.

2) صبح الاعشى 1:195-233؛ رسائل البلغاء (الطبعة الثانية)149-164.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.