أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-15
306
التاريخ: 16-11-2014
9338
التاريخ: 13-10-2014
5648
التاريخ: 2024-09-15
292
|
تدل دلائل كثيرة على جواز تفسير القرآن بالقرآن أو لزومه ، نذكر بعضاً منها :
الأول : الآيات القرآنية
يدل من الآيات القرآنية أصناف متعددة ، منها :
1- الآيات التي تدل على البيان من الله للقرآن .
قال الله تعالى : {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة : 17 - 19] .
يقول الطباطبائي في تفسيره : وقوله : { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أي : علينا إيضاحه عليك بعدما كان علينا جمعه وقرآنه ، فـ (ثم) للتأخير الرتبي ؛ لأن البيان مترتب على الجمع والقراءة رتبة (1) . وكلام الطباطبائي مبني على ظاهر الآية ، حيث تدل بظاهرها على : أن علينا بيان القرآن حيث ما كان يحتاج الى البيان مثل المجملات و المطلقات والعمومات .
2- ما يدل من القرآن على وجوب إرجاع المتشابهات الى المحكمات ، قال الله عز وجل : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } [آل عمران : 7] .
يقول الطباطبائي في تفسير الميزان : ما معنى كون المحكمات أم الكتاب ؟ ( الى أن قال : ) فإن في هذه اللفظة ، أعني : لفظة (الأم) عناية بالرجوع الذي فيه انتشاء واشتقاق وتبعض ، فلا تخلوا اللفظة عن الدلالة على كون المتشابهات ذات مداليل ترجع وتتفرع على المحكمات ، ولازمه كون المحكمات مبينة للمتشابهات ، على أن المتشابه إنما متشابهاً لتشابه مراده ، لا لكونه ذا تأويل ، فإن التأويل كما مر ، يوجد للمحكم كما يوجد للمتشابه . والقرآن يفسر بعضه بعضاً ، فللمتشابه مفسر ، وليس إلا المحكم ، مثال ذلك قوله تعالى : {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة : 23] ، فإنه متشابهة وبإرجاعها الى قوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } وقوله تعالى : { لا تدركه الابصار } يتبين : أن المراد بها نظرة ورؤية من غير نسخ رؤية البصر الحسي (2).
3- ما يدل على أن القرآن نور ، قال الله تبارك وتعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [النساء : 174] وقال ايضاً : {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ } [الأعراف : 157] .
هذه الآيات تدل على أن القرآن نور ، فإذا كان القرآن نوراً فلا يحتاج الى غيره ، ولا يستنير النور بنور غيره ، فالقرآن الكريم إذا جمعت آياته ، ونجعل بعضها قرينة لبعض آخر ، يكون واضحاً .
إن القرآن الكريم كتاب أبدي للجميع ، يخاطب الكل الكل ويرشدهم الى مقاصده ، وقد تحدى في كثير من آياته ان يؤتى بمثله ، احتج بذلك على الناس ، ووصف نفسه بأنه النور والضياء والتبيان لكل شيء ، فلا يكون مثل هذا الكتاب محتاجاً الى شيء آخر ، يقول محتجاً لكونه ليس من كلام البشر : {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء : 82] } ليس فيه أي اختلاف ، بل هو مرتفع النظرة البدائية في القرآن نفسه ، ومثل هذا الكتاب لو احتاج في بيان مقاصده الى شيء من القرآن لا يرتفع من طريق الدلالة اللفظية للآيات ، لم يقنع برفعه من طرق أخرى ، كأن يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم مثلاً : يرتفع بكذا وكذا ، ذلك لأن هذا الكافر لا يعتقد بصدق النبي صلى الله عليه واله وسلم وبنبوته وعصمته ن فلم يتنازل لقوله ودعاويه (3).
4- وجود الآيات المكررة في القرآن .
القرآن كتاب موعظة ، جاء بآيات متكررة ، لكي يؤثر في القلوب أكثر ، وتكون فائدته أنفع ، ومن هنا نرى ان بعض مسائله ذكرت بأساليب مختلفة وتعابير متعددة ، فكل تعبير يمكن أن يقع تفسيراً وتوضيحاً للتعبير الآخر ، فتفسير القرآن بآيات اخرى ضروري لمن يطلب فهم القرآن ، ويريد ان يسترشد به ويهتدي بهدايته .
الثاني : سيرة العقلاء
سيرة العقلاء لا تزال مستمرة على فهم مجملات كتاب الى مراجعة نفس ذلك الكتاب أولا ، لأن كثيراً من المؤلفين ، يفسر ما اجمله اولاً ، ويوضح ما ذكره سابقاً .
وايضاً نرى ان من استشكل على جملة من كتاب ، من دون أن يرجع الى الجمل الأخرى في صفحات أخرى ، لا يقبل إشكاله لدى العقلاء ، ولا يسمع كلامه عند العلماء ، فيأمرونه بالتفتيش والبحث الزائد في التعابير الأخرى من الكتاب .
الثالث : الروايات
الروايات التي تدل على حجية تفسير القرآن بالقرآن من طريق المدرستين كثيرة ويمكن جمع عناوينها في الاقسام التالية :
القسم الأول : الروايات الدالة على الرجوع الى القرآن مطلقاً
نجد في الروايات ما يدل على لزوم التمسك بالقرآن من دون أي قيد وشرط ، ومعنى التمسك ، هو حجية القرآن وجواز الاكتفاء به ، وعدم حاجته الى ما سواه .
وفي ما يلي نذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك من المدرستين :
في كنز العمال : خطب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال في حديث : " فإذا التبست الأمور عليكم كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ومن جعله أمامه قاده الى الجنة ، ومن جعله خلقه فاده الى النار ، وهو الدليل الى خير سبيل " (4).
وفي الكافي عن السكوني ، عن ابي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حديث : فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ومن جعله أمامه قاده الى الجنة ومن جعله خلفه ساقه الى النار ، وهو الدليل على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل " (5).
القسم الثاني : ما يدل على لزوم التدبر في القرآن
اذا كان التدبر في القرآن واجباً ، ففهمه يكون ممكناً . وبما أن التدبر في القرآن قد يحتاج الى مراجعة سائر الآيات ، كما هو شأن كل الكتب عند تفسير عباراتها ، فالطريق أمام تفسير القرآن بالقرآن يكون مفتوحاً .
ونذكر هنا حديثين يؤكدان أهمية التدبر في القرآن العظيم :
في فضائل القرآن : عن ابي حمزة ، قال قلت لابن عباس : إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث ، فقال : " لئن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها ، أحب الي من أن أقرأ كما تقول " (6).
وفي الكافي : عن الحلبي ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : " ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه : من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه الى غيره ، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر " (7).
القسم الثالث : ما يدل على تصديق بعض الآيات ببعض
الروايات التي تدل على ان بعض الآيات يصدق بعضاً آخر أو يفسره ، دليل على حواز تفسير القرآن بالقرآن وحجيته .
في (الدر المنثور) : عن سعيد بن جبير رضي الله عنه : في قوله (متشابهاً) قال : " يفسر بعضه بعضاً ، ويدل بعضه على بعض " (8).
وفيه ايضاً عن أبي الرجاء قال : سألت الحسن عليه السلام عن قول الله تعالى : {الله نزل احسن الحديث كتابا ً متشابهاً " قال : " ثنى الله فيه القضاء ، تكون في هذه السورة الآية ، وفي السورة الأخرى تشبه بها " (9).
في نهج البلاغة : عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال : " كتاب الله ، تبصرون به ، تنطقون به ، وتسمعون به ، وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف في الله ، ولا يخالف بصاحبه عن الله .(10)
القسم الرابع : ما يدل على رد ما لا يوافق القرآن
والروايات الناطقة برد ما يخالف القرآن تدل على أن القرآن واضح ومبين ولا يحتاج الى غيره ، بل غيره يحتاج اليه ، فاذا نظرنا الى كل القرآن نجده مبيناً ، وإن كانت هناك مجملات ، فالآيات الأخرى توضحها لنا وتبينها .
ونذكر بعض الروايات المرتبطة بالموضوع من المدرستين :
في سنن الدار قطني : عن زر بن جبيش عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : " إنها تكون رواة يروون عني الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما وافق القرآن ، فخذوا به ، وما لم يوافق القرآن ، فلا تأخذوا به " (11).
وفي الكافي : عن هشام بن الحكم وغيره عن ابي عبد الله عليه السلام قال : " خطب النبي صلى الله عليه واله وسلم بمنى فقال : أيها الناس ، ما جاءكم عني يوافق كتاب الله ، فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله ، فلم أقله " (12).
__________________________
1- تفسير الميزان 20 : 110 ، ذيل الآية 19 من سورة القيامة .
2- تفسير الميزان 3 : 43 ، ذيل الآية 7 من سورة آل عمران .
3- القرآن في الإسلام ، للطباطبائي : 79 – 81.
4- كنز العمال 1 : 288 ، ح4028.
5- الكافي 2 : 598 ، ح2.
6- فضائل القرآن ، لابن سلام : 74.
7- أصول الكافي 1 : 36 ، ح3 .
8- الدر المنثور 5 : 325 ، ذيل الآية 23 من سورة الزمر .
9- الدر المنثور 5 : 325 ، ذيل الآية 23 من سورة الزمر .
10- نهج البلاغة : 192 ، الكلمة (133).
11- سننا الدار قطني 40 : 134.
12- الكافي 1 : 69 ، ح5.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|