أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
417
التاريخ: 10-12-2015
491
التاريخ: 15-1-2016
516
التاريخ: 15-1-2016
572
|
يشترط في جواز القصر إباحة السفر، بإجماع علمائنا، فلا يترخص العاصي بسفره، كتابع الجائر، والمتصيد لهوا وبطرا، وقاطع الطريق، وقاصد مال غيره أو نفسه بسفره، والخارج على إمام عادل، والآبق من سيده، والناشزة من زوجها، والغريم إذا هرب من غريمه مع تمكنه، والخارج إلى بلد ليفعل فيه المعاصي - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق(1) - لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173].قال ابن عباس: غير باغ على المسلين، مفارق لجماعتهم، مخيف للسبيل، ولا عاد عليهم بسيفه(2).
ولقول الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} قال: "الباغي باغي الصيد، والعادي السارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها، هي حرام عليهما، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين، وليس لهما أن يقصرا في الصلوة "(3).ولان السفر سبب لتخفيف الصلاة إذا كان مباحا، فلا يكون سببا وهو معصية، كالتحام الحرب. وقال أبو حنيفة والثوري والاوزاعي والمزني: يجوز القصر وجميع الرخص في ذلك، لأنه لو غصب خفا، كان له المسح عليه وإن كان عاصيا بلبسه كذا هنا(4).والمسح على الخف عندنا باطل. ولان سبب الرخصة السفر ولبس الخف شرط وليس بسبب. ولان المعصية لا تختص بلبسه، فإنه غاصب وإن نزعه. إذا عرفت هذا، فإن الوجه: إن العاصي لا يترخص بأكل الميتة: وبه قال الشافعي وأحمد(5)، خلافا لابي حنيفة، احتج: بأن منعه يؤدي إلى تلف نفسه وهو حرام(6).ويبطل بأن يتوب ويرجع عن سفره، فيحل له أكل الميتة، فلا يؤدي إلى تلفه. ولا رخصة عندنا غير القصر في الصلاة والصوم وأكل الميتة.
أما الشافعي و أبو حنيفة وغيرهما، فإنهم أضافوا المسح ثلاثة أيام(7).ولا يترخص العاصي فيه أيضا عند الشافعي - خلافا لابي حنيفة(8) - وكذا لا يترخص بالتنفل على الراحلة والجمع بين صلاتين(9).
فروع:
أ: لا يشترط انتفاء المعصية في سفره، فلو كان يشرب الخمر في طريقة ويزني، يرخص، إذ لا تعلق لمعصيته بما هو سبب الرخصة.
ب: لو كانت المعصية جزءا من داعي السفر، لم يترخص، كما لو كانت هي الداعي بأجمعه.
ج: لو قصد سفرا مباحا ثم أحدث نية المعصية، انقطع ترخصه لأنها لو قارنت الابتداء، لم تفد الرخصة، فإذا طرأت، قطعت، كنية الاقامة، وهو أحد وجهي الشافعية، والثاني: لا ينقطع، لان السفر انعقد مباحا مرخصا، والشروط تعتبر في الابتداء(10).ولو انعكس الفرض، لم يترخص في الابتداء، بل من حيث العود إلى الطاعة إن كان الباقي مسافة، وإلا فلا، وللشافعية كالوجهين السابقين(11).ولو ابتدأ بسفر الطاعة ثم عدل إلى قصد المعصية، انقطع سفره حينئذ، فإن عاد إلى سفر الطاعة عاد إلى الرخصة إن كان الباقي مسافة. وإن لم يكن لكن بلغ المجموع من السابق والمتأخر مسافة، احتمل القصر، لوجود المقتضي، وهو: قصد المسافة، مع انتفاء المانع، وهو:
قصد المعصية، والمنع، اعتبارا بالمنافي، كما لو قصد الاقامة في أثناء المسافة.
د: قد بينا أن المسح على الخف حرام، أما من جوزه فإنه يجوز في السفر ثلاثة أيام، واشترط الشافعي إباحة السفر، ولو كان معصية، احتمل عنده أن يمسح يوما وليلة، لان للمقيم ذلك، وغاية الامر فرض السفر كالمعدوم. وعدمه، لان المسح رخصة، فلا يثبت للعاصي(12). وكذا لو لبس خفا مغصوبا، ففي المسح عليه عنده وجهان(13).
ه: لو عدم الماء في سفر المعصية، وجب التيمم ولم يجز له ترك الصلاة. وهل تجب الاعادة؟ الاقرب: المنع، لاقتضاء الامر الاجزاء. ولان المعصية تأثيرها في منع الرخصة، والصلاة بالتيمم عند عدم الماء واجبة، فلا تؤثر فيها المعصية، وهو أحد وجهي الشافعية(14).
والثاني: الاعادة، لان الصلاة بالتيمم من رخص السفر، فإن المقيم إذا تيمم لعدم الماء، أعاد، فلا يثبت في حق العاصي بسفره(15).والاولى ممنوعة.
و: لو وثب من بناء عال أو جبل متلاعبا، فانكسرت رجله، صلى قاعدا ولا إعادة، لان ابتداء الفعل باختياره دون دوام العجز، وهو أحد وجهي الشافعية. والثاني: بعيد، لأنه عاص بما هو سبب العجز عن القيام، فلا يترخص(16).
ز: لو سافر لزيارة القبور والمشاهد، قصر، لأنه مباح، وكان النبي صلى الله عليه وآله، يأتي قبا راكبا وماشيا، وكان يزور القبور(17).وقال: (زوروها تذكركم الآخرة)(18).وعند بعض الجمهور لا يجوز القصر، للنهي عن السفر إلى القبور(19).وهو ممنوع.
ح: لو سافر للتنزه والتفرج، فالأقرب: جواز القصر، لأنه مباح، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
والاخرى: المنع، لانتفاء المصلحة فيه(20).وهو ممنوع.
______________
(1) الام 1: 185، المجموع 4: 334، فتح العزيز 4: 456، حلية العلماء 2: 191، الكافي في فقه اهل المدينة: 67، بلغة السالك 1: 170، المغني 2: 102، الشرح الكبير 2: 92.
(2) المغني 2: 102.
(3) الكافي 3: 438 / 7، التهذيب 3: 217 / 539.
(4) المجموع 4: 344 و 346، فتح العزيز 4: 456، المغني 2: 102، الشرح الكبير 2: 92، حلية العلماء 2: 192.
(5) المجموع 1: 485 - 486 و 4: 345، فتح العزيز 4: 457 - 458، المغني 2: 102 الشرح الكبير 2: 92، الانصاف 2: 316.
(6) أحكام القرآن للجصاص 1: 128، المجموع 4: 346.
(7) المجموع 1: 476 و 483، حلية العلماء 1: 130، كفاية الاخيار 1: 31، المغني 1: 322.
(8) أحكام القرآن للجصاص 1: 128.
(9) المجموع 1: 485 - 486 و 4: 345، فتح العزيز 4: 457، كفاية الاخيار 1: 87.
(10) المجموع 4: 345، فتح العزيز 456.
(11) المجموع 4: 345، فتح العزيز 4: 456 - 457.
(12) المجموع 1: 485، الوجيز 1: 59، فتح العزيز 4: 457، حلية العلماء 1: 136 و 2: 192.
(13) المهذب للشيرازي 1: 28، المجموع 1: 509 - 510.
(14) المجموع 4: 345، حلية العلماء 2: 192.
(15) المجموع 4: 345.
(16) حلية العلماء 2: 192.
(17) سنن البيهقي 5: 240 و 249.
(18) سنن الترمذي 3: 370 / 1054، سنن البيهقي 4: 77.
(19) المغني 2: 104 - 105، الشرح الكبير 2: 94.
(20) المغني 2: 104، الشرح الكبير 2: 93 - 94.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|