أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-11-2014
7903
التاريخ: 24-09-2014
8322
التاريخ: 24-09-2014
8346
التاريخ: 23-04-2015
7888
|
قال تعالى : {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } [النساء: 78].
هذا رد على من نسب الحسنة إلى اللَّه ، والسيئة إلى رسول اللَّه ، لأنهما معا من اللَّه ، ذلك ان القحط والأمطار ، والزلازل والمعادن ، كل هذه وما إليها من لوازم الطبيعة وآثارها ، واللَّه سبحانه هو الذي خلق الطبيعة وأوجدها ، إذن ، ينسب خير الطبيعة وشرها إليها مباشرة ، والى اللَّه سبحانه بواسطة إيجاده للطبيعة . . فهو جلت عظمته سبب الأسباب .
وتسأل : لما ذا لم يخلق اللَّه الطبيعة من غير شر ، بحيث تكون خيرا خالصا من كل شائبة ، ويريح بهذا عباده من الويلات والمتاعب ؟ .
وقد طرح هذا السؤال أو الإشكال منذ آلاف السنين ، وحلَّه « زرادشت » بوجود إلهين : إله للخير ، وهو « موزد » وإله للشر ، وهو « اهريمن » .
وقال آخرون : ان اللَّه خلق هذه الطبيعة بما فيها ولها من خير وشر ، ولكنه في الوقت نفسه خلق عقولا تكيّف هذه الطبيعة إلى خير الإنسان وصالحه ، ومنها هذه المخترعات التي قربت البعيد ، وسهلت العسير ، وأنشأت السدود لصد الفيضان ، وتنبأت بالعواصف قبل وقوعها . إلى ما لا يحصى كثرة . وقال عابد زاهد :
ان الشر لا بد منه لعقوبة العصاة والمذنبين . . وهذا الجواب يكذبه العيان والقرآن ، فان الطبيعة لا ترحم مؤمنا ولا ضعيفا ، والزلازل لا تميز بين الطيب والخبيث ، قال تعالى : {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] .
ومنهم من قال : اللَّه يعلم ، ونحن لا نعلم شيئا . وقال الأشاعرة ، هذا السؤال مردود شكلا وأساسا ، لأن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض والغايات : « لا يسأل عما يفعل » .
وجاء في كتاب الأسفار للعظيم الشهير بالملا صدرا ما يتلخص بأنه من المحال ذاتا إيجاد كون لا شر فيه ، فان الكون الطبيعي من حيث هو ، وبموجب وضعه وتكوينه يلزمه حتما ان يكون فيه خير وشر ، وقوة وضعف ، وحنان وعنف ، وإلا استحال وجوده من الأساس ، كما يستحيل على أمهر المتخصصين في فن البناء ان يبني من حبة الرمل حصنا منيعا (1) . ذلك ان الطبيعة يستحيل أن توجد وتتكون إلا من عناصر متضادة متباينة ، وهذه العناصر في حركة دائمة بين جذب ودفع ، وتفاعل مستمر ، ومن هذا التفاعل تتولد الظواهر الطبيعية ، كالزوابع والعواصف ، والحر والبرد ، والمطر والصحو ، وما إلى ذلك من آثار الطبيعة خيرها وشرها ، وعلى هذا يدور الأمر بين اثنين لا ثالث لهما : أما ان لا يوجد الكون من رأس ، واما أن يوجد بخيره وشره ، وهذا هو معنى القول المشهور :
« ليس بالإمكان أبدع مما كان » . كما انه يتفق تماما مع قول علماء الطبيعة :
ان في كل جزء من أجزائها قوة موجبة ، وأخرى سالبة .
وبهذا يتبين معنا ان قول القائل : لما ذا لم يخلق اللَّه الطبيعة من غير شر ، ان هذا أشبه بقول من قال : لما ذا لم يخلق اللَّه نارا ، لا حرارة فيها ، وثلجا ، لا برودة فيه ، وعقلا لا ادراك له ، وحياة لا حراك فيها ، وموتا ، لا جمود فيه . . ان هذا السؤال تعبير ثان عن هذيان المحموم ، وقوله : لما ذا لا يكون الشيء غير نفسه . . وبهذا ندرك السر البليغ العميق في قوله تعالى :
(فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) .
والخلاصة انه لا تأثير لمحمد (صلى الله عليه واله) ، ولا لغيره في شيء من خير الطبيعة وشرها . وقد اشتهر عن الرسول الأعظم انه قال حينما انكسفت الشمس عند موت ولده إبراهيم : الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه يجريان بأمره مطيعين له ، لا ينكسفان لموت أحد ، ولا لحياته .
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]. وتسأل :
ان اللَّه سبحانه أصاف في الآية الأولى كلا من الحسنة والسيئة إلى نفسه ، حيث قال : {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78] وفي الآية الثانية أضاف الحسنة إليه ، والسيئة إلى العبد ، فما هو وجه الجمع ؟
الجواب : قدمنا ان المراد بالحسنة في الآية الأولى خير الطبيعة ، وبالسيئة شرها ، وانهما من ظواهر الطبيعة ، وهي من صنع اللَّه ، فصحت نسبتهما إليه تعالى بهذا الاعتبار . أما المراد بالحسنة في الآية الثانية فهو نجاح المرء في هذه الحياة دينا ودنيا ، والمراد بالسيئة فشله وخذلانه فيهما ، وقد نسب اللَّه سبحانه هذا النجاح المعبر عنه بالحسنة ، نسبه إلى نفسه بالنظر إلى انه تعالى قد زوّد الإنسان بالصحة والإدراك ، وأمره بالعمل من أجل سعادته في الدارين ، فإن امتثل وعمل وبلغ
النجاح نسب نجاحه إلى اللَّه ، لأنه هو الذي أقدره عليه ، وزوده بأدواته ، وبهذا اللحاظ قال تعالى : {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النساء: 79].
وأيضا يجوز أن ينسب النجاح إلى الإنسان ، لأنه آثر الجد والعمل على الإهمال والكسل . . ولا دلالة في الآية على ان الإنسان لا تأثير له إطلاقا في نجاحه ، أما إذا أهمل وتكاسل ، ولم يصل إلى شيء بسبب إهماله وتكاسله فلا ينسب فشله وحرمانه الا إليه ، لأنه هو الذي بلغ بنفسه هذا المبلغ بسوء ما اختار لها من الإهمال . وبهذا الاعتبار قال سبحانه : {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] . ولا يجوز أن ينسب الفشل إلى اللَّه بحال ، لأنه جل وعلا قد أمر الإنسان بالعمل ، وحثه عليه بعد أن زوده بجميع الأدوات والمؤهلات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ والفلاسفة يعبرون عن هذا وأمثاله بالعجز في المقدور ، لا في القادر .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|