احتلت فرنسا طوال عهد لويس الرابع عشر المكانة الاولى بين الدول الاوربية، وكانت اقوى مملكة، ومركز السياسة العامة. وحين كان يذكر خارجها اسم الملك، فان ذلك كان يعني ملك فرنسا، دون غيره.

واظهر لويس الرابع عشر منذ اول حكمه اهتمامه بالا يتقدم سفير دولة اجنبية سفير فرنسا في اي عاصمة وحين ادعت انجلترا ضرورة تحية السفن الاجنبية لعلم السفن الانجليزية، رفض لويس الرابع عشر ذلك، وأصر على ضرورة تقديم السفن الانجليزية التحية للعلم الفرنسي، ثم تقوم سفن فرنسا بالرد على ذلك.

ويمكننا ان نقسم الحروب التي خاضها لويس الرابع عشر الى سلسلة، بدأت دورها الاول من سنة 1667 الي سنة 1668، ثم مرحلة تالية، هي الحرب مع هولندا منذ سنة 1675 الى سنة 1678، وبعد ذلك مرحلة حربه مع عصبة او جزبزج من سنة 1688 الي سنة 1697، واخيرا حرب الوراثة الاسبانية من سنة 1701 الي 1714.

ويمكننا ان نمير، بالنسبة للسياسة الخارجية الخاصة بلويس الرابع عشر، مرحلتين متميزتين، يقسم بينها عام سنة 1688، الذي تتميز بالثورة في انجلترا، ولا جدال في ان لويس الرابع عشر قد سيطر علي اوروبا، واعطي توسعات لفرنسا، زادت من مساحتها.

ومنذ سنة 1688، وحتي سنة 1714، وهي فترة الحروب ضد عصبة او جزبرج وحروب الوراثة الاسبانية، اصطدمت سيطرة لويس الرابع عشر بالتكتلات الاوربية، وانتهي الامر بهزيمته.

وعلينا الا ننسي ان جوهر الخلافات خلال هاتين اسرتين كان واحدا بين الدول، فكان اساس كل هذه الحروب هو مسالة الوراثة الاسبانية، او المشكلة العظمى، كما كانت تسمي اثناء ذلك الوقت.

اما عن اهداف لويس الرابع عشر من هذه الحروب، وباستثناء الحرب الاخيرة من بينها وهي حرب الوراثة الاسبانية، فكانت تتمثل في ضرورة احتلال فرنسا لكل الاقاليم التي كانت لها في وقت غاليا، في العصور القديمة ولذلك فان لويس الرابع عشر كان يهدف الي ان يضم لمملكة فرنسا كل الاقاليم التي كانت جزءا منها في الماضي،

ويضم اليها كل البلاد التي ينتمي اهلها الي فرنسا، ويتحدثون اللغة الفرنسية، رغم خضوعهم لحكم امراء اجانب، وبالاختصار فان لويس الرابع عشر كان يرغب في اتمام وحدة فرنسا عن طريق قيامه بغزو وضم حدودها الطبيعية،

وكان تحقيق هذا المشروع يتطلب ضم الاراضي المنخفضة، وفرانش كونتيه، واللورين، وسافوا. وكانت فرانش كونتيه، والاقاليم المنخفضة تابعة لملك اسبانيا، وادعى لويس الرابع عشر حقه في الحصول عليها كحق طبيعي لزوجته، ماريا تريزا الابنة الكبرى لفيليب الرابع، والوارثة الشرعية لملك اسبانيا، اما اللورين وسافوا فكان يرغب في الحصول عليها بالتبادل، وببعض القطع الرئيسية في الميراث الاسباني الكبير. وهكذا كانت مسالة الوراثة الاسبانية هي حجر الزاوية في سياسة لويس الرابع عشر، طوال مدة حكمه.

ولم يتمكن لويس الرابع عشر من تحقيق كل ذلك فلقد اصطدم بادعاءات معارضة تقدم بها ليوبولد امبراطور المانيا، وروج الابنة الثانية لفيليب الرابع، اي اخت زوجة لويس الرابع عشر، كما اصطدم بمعارضة جيرانه الهولنديين والانجليز الذين اثار قلقهم ازدياد قوة فرنسا بسيطرتها على الاراضي المنخفضة. وكان هذا هو سبب نشوء التكتلات، والحرب الهولندية، وحرب عصبة او جزبرج. وبعد حروب ثلاث ضد اسبانيا، لم يتمكن لويس الرابع عشر الا من ضم جزء من الفلاندر وفرانش كونتيه. وعلى العكس من ذلك، نجد انه في نهاية حكمه قد تخلى عن اي مشروع اخر لتوسيع حدود فرنسا واخذ يحارب من اجل اسبانيا، التي كان قد حاربها باستمرار من قبل، ذلك انه كان قد وضع احفاده وهو دوق النجو، فيليب، على عرش اسبانيا، وهو الذي عرف باسم فيليب الخامس، وذلك بعد حرب وذلك بعد حرب دامت ثلاثة عشر سنة، أنهكت موارد فرنسا.

ولقد استند لويس الرابع عشر الى مجموعة لها قيمتها من والوزراء والقادة والفنيين في الحرب، كما استند الي قوات مدربة ومنضبطة، لكي يصل الي اهدافه. وكان عصره هو عصر تفوق فرنسا في اوربا، وسينتهي هذا التفوق مع نهاية حكمه.