يقع الوطن العربي في شكل كتلة متصلة من الأرض تتوزع على قارتي افريقيا واسيا، ما عدا امتداد مسطح مائي يتمثل في البحر الاحمر والذي يشكل منطقة وصل، فبالاضافة إلى كونه يستخدم في الملاحة، فأن أقصى اتساع له لا يتعدى الـ 350 كيلو متراً تقريباً في المسافة الممتدة بين ميناء بور سودان في السودان وشمال القنفدة على الساحل السعودي.

وهو بهذا الموقع في قلب العالم القديم وعند ملتقى القارات الثلاث افريقيا واسيا وأوروبا ومجاور الحوض البحر المتوسط، كان له الأثر الكبير في تعرضه لهجرات بشرية متوالية وخاصة من جنس البحر المتوسط. وتنبثق حدود الاراضي العربية في الشرق مع مرتفعات زاكروس التي يبلغ متوسط ارتفاعها 13 الف قدم فوق مستوى سطح البحر، وتفصل هذه الجبال الوطن العربي في (العراق) عن أيران.

كما تتفق الحدود القريبة مع المحيط الاطلسي الذي تطل عليه اراضي في كل من المغرب وموريتانيا، اما الحدود الجنوبية للوطن العربي فتمتد من الغرب إلى الشرق مع الهضبة الصحراوية الكبرى مع بلدان اسلامية تتمثل في كل من تشاد والنيجر ومالي اضافة إلى السنغال، ويتحدد الوطن العربي في اجزائه الجنوبية والجنوبية الشرقية متمثلة في كل من السوادان والصومال مع كل من اثيوبيا وكينيا واوغندا وزائير وافريقيا الوسطى.

كما يتحدد الوطن العربي في شبه جزيرة العرب في جزئه الجنوبي الشرقي مع الخليج العربي وفي جزئه الجنوبي مع البحر العربي. اضافة إلى المحيط الهندي في السواحل الصومالية في قارة افريقيا.

وكان لهذا الموقع الجغرافي للوطن العربي بخصائصه السابقة اهمية واضحة في اكسابه خصائص مميزة يمكن اجمالها فيما يأتي:

أ- سيطرة الوطن العربي على الطرق الملاحية الرئيسية في العالم طوال التاريخ وحتى الوقت الحاضر، وخاصة وان العرب يسيطرون على عدة ممرات ومضايق مائية لها اهمية استراتيجية متحكمة في الملاحة الدولية تتمثل في قناة السويس ومضايق تيران وجوبال ومضيق باب المندب ومضيق هرمز  وقد توضحت اهميتها في تأثيراتها التي تجلت في الاحداث السياسية الدولية وفي الصراع بين العرب والكيان الصهيوني وخاصة في عامي 1967 و 1973 وفي اهميتها في التجارة العالمية للنفط.

ب ــ للموقع الجغرافي المتوسط للوطن العربي اثره في انتشار حرفة التجارة بين العرب والاقوام المجاورة في قارات آسيا وأفريقيا واوروبا منذ القديم، أذ كونت الاراضي العربية خلال العصور القديمة والوسطى معبراً لمحاور طرق التجارة القديمة وخاصة طرق القوافل. وكان لهذا النشاط التجاري العربي القديم اثر في نشر الحضارة العربية وفي نشر الديانة الاسلامية فيما بعد، ثم في أنتقال العلوم والتقنية من الوطن العربي باتجاه أوروبا في العصور الوسطى حينما كانت تغط وسط جهل وظلام حضاري.

وكان للعرب درايتهم ومعرفتهم الواسعة بدروب القوافل ومعرفتهم الواسعة بالتجارة البحرية والطرق وتسيير السفن معتمدين على الكواكب والنجوم بواسطة ادوات اخترعوها لاول مرة مثل بيت الحقة والاخنان والكمان والباطلي وغيرها. وكان من الطبيعي أن يصبح الوطن العربي ممراً للشرق والغرب وأقليم بين هذه المناطق المتباينة، بل أن التجار العرب وملاحيهم انتشروا إلى جهات بعيدة عن هذا الوطن فهم اول من كون علاقات مباشرة مع الصين من غرب اسيا وكذلك مع اندونيسيا والملايو وشرق افريقيا بما فيها مدغشقر.

اما الموقع الفلكي للوطن العربي: فالوطن العربي يقع بين دائرتي عرض 30 جنوباً و 38 شمالاً، كما يمتد بين خطي طول 10 غرباً و 700 شرقاً وهو بهذا الامتداد يقع في العروض المعتدلة في الشمال والعروض المدارية في الجنوب. كما أن مناطقه الوسطى المدارية بين دائرتي عرض 18 و 38 شمالاً يسودها مناخ صحراوي جاف أو شديد الجفاف، وهو المناخ الذي اصبحت له الغلبة على مناخ الوطن العربي، وأصبحا الفصلين الانتقاليين الربيع والخريف قصيران، اذ يستمر فصل الصيف لستة أشهر والشتاء لاربعة اشهر.

وقد ساهمت الصحارى الواسعة والنطاقات الجبلية المرتفعة والبحار العديدة في حماية الحضارات القديمة التي نشأت في الوطن العربي مثل حضارة اكد وبابل واشور في العراق والحضارة الفرعونية في مصر وحضارة الفنيقيين في ساحل الشام وحضارة قرطاجنة في تونس بالاضافة إلى حضارات حمير وسبا ومعين في اليمن ساهمت في حمايتها من الاخطار الخارجية وخاصة خلال مراحل نموها الأولى. وقد كان لهذه الحضارات القديمة فضل على الحضارات البشرية التالية لها في العالم.