أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-1-2018
2595
التاريخ: 27-3-2016
4806
التاريخ: 20-4-2017
29227
التاريخ: 18-4-2017
4016
|
تأخذ الجرائم المخلة بالشرف اتجاها توسعياً يتماشى مع تنوع أساليب الجريمة المتطورة، إلا أن الوسائل التقليدية في ارتكاب الجريمة تبقى سارية المفعول، وقد تحصـل فـي كـل زمان ومكان، بالرغم من التشريعات الجنائية الرادعة لها.
إلا أن اسلوب هذه الجرائم ونوايا مرتكبيها تفقد لديهم قبل كل شيء عنصر الأخلاق الذي يجب أن يتحلى به الإنسان العادي المعتدل، فالشرف مفهوم واسع، فكل ما يخالف الأعراف والعادات السائدة في المجتمع يشكل خروجاً، اخلاقياً، وينظر المجتمع بشكل عام إلى هذا النوع من المجرمين على أنهم فاقدين لقيمهم الإنسانية التي يتكون منها شرف الإنسان.
بالتالي أن حصول اعتداء على أموال الغير من خلال السرقة والاحتيال وإساءة الأمانة، كلها تشكل جرائم مخلة بالشرف. وبالتالي سوف نتناول كل من هذه الجرائم تباعاً:
النبذة الأولى: السرقة كجريمة مخلة بالشرف
السرقة هي اخذ الشيء خفية من حرز أو أخذه في خفاء وحيلة (1) أما الفقه فقد عرفها على أنها استيلاء على شيء على وجه الاستخفاء أي دون علم المجني عليـه أو رضاه " . (2) وعرفها آخرون بأنها : " اختلاس مال منقول مملوك للغير بنية تملكها". (3)
من جانبه المشرع العراقي عرف جريمة السرقة في المادة 439 من قانون العقوبات العراقي بأنها اختلاس" مال منقول مملوك لغير الجاني عمداً" (4)
أما المشرع اللبناني، فقد عرف جريمة السرقة بموجب المادة 635 من قانون العقوبات بأنهـا : " أخذ مال الغير المنقول خفية بقصد التملك، وتنزل الطاقات المحرزة منزلة الأشياء المنقولة في تطبيق النصوص الجزائية".
يتضح من هذا التعريفات السابقة الفرق بين جريمة السرقة وجريمة الاحتيال وإساءة الأمانة فإذا كانت هذه الجرائم الثلاثة تتشابه من حيث وقوعها على مال منقول مملوك للغير أي أن محل الجريمة فيها جميعاً واحد. وكذلك نية الجاني فيها واحدة وهو ضـم الـمـال الــى ملكه أي نقل ملكية المال إلى ذمته المالية. فإن هذه الجرائم تختلـف مـن حيث وسيلة ارتكاب كل منها. ففي جريمة السرقة ينتزع الجاني حيازة المـال مـن دون رضا صاحبه أي أن الجاني يستولي على المال المملوك للغير دون موافقة المجني عليه. في حين يتم نقل المال في جريمة الاحتيال من صاحبه باختياره ولكن الجاني يستخدم طرقة احتيالية أي أن انتقال حيازة المال تكون باستخدام طرق احتيالية وخدع المجني عليه بحيث يسلم ماله الى الجاني(5).
أما في جريمة إساءة الأمانة فإن حيازة المال تنتقل بناءً علـى عقـد مـن الـعقـود الـتـي حددها القانون كالإعارة مثلاً ثم يغير الجاني من حيازة الشيء حيازة وقتية أو ناقصــة إلى حيازة كاملة وذلك بنية تملك ذلك المال. أي أن المال تنتقل حيازته الى الجاني بناءً على عقد صحيح ثم يغير الجاني نيته وتنصرف إرادته إلى ضــم المـال إلى ملكه. أي إلى عدم إعادته إلى صاحبه في الموعد المحدد في العقد.
أن المشرع الجنائي يبين الصلة الوثيقة الموجودة بين الجرائم الثلاثة عندما ينظر إليها نفس النظرة في تقدير العقوبة وعندما يعلق اتخاذ الإجراءات بشأنها على أشخاص معينين وتبدو هذه الصلة فيما بينها أيضاً من حيث انه جميعاً تكون خطراً جدياً على المجتمع والجناة فيها يعتبرون خطيرين اجتماعياً. ومن هنا عناية المشرع بخطورته تحتل المكانة الأولى في التشريع العقابي (6).
في المقابل عدول الجاني عن جريمة السرقة لا يترتب على ذلك قيام مجرد الشـروع بالسرقة فقط وإنما هذا الشروع نفسه غير معاقب عليه أيضاً، ولكن اذا تمت الجريمة وأخذ الفاعل يسعى لإصلاح الضرر الذي أحدثه كما لو أعاد الشيء الذي سرقه إلى مكانه فيتوفر عندئذ ندم حقيقي وهذا لا يغير من الأمر شيئاً لأن واقعة الجريمة قد تحققت منذ أن قام ركن الأخذ للشيء . (7) وغالباً ما يضــن السـراق عندما يعيــدون الأموال المسروقة إلى أصحابها لا يسألون بعد ذلك عن أية مسؤولية. قد يصح هذا الضن على الصعيد المدني ولكن بالنسبة إلى تحريك الدعوى العمومية بالنسبة إلى الضرر الذي أصاب المجتمع من جراء الفعل الجرمي فإن الملاحقة الجنائية تبقى مستمرة وأحياناً المجني عليهم أنفسهم لا يعرفون هذه القاعدة فعندما يستدعون للمثول أمام المحاكم لأداء الشهادة يتذمرون من إزعاجهم بالحضور لأنهم يعتقدون ابتداءً من اللحظة التي أعيد فيها إليهم مالهم المسروق يكون كل شيء قد انتهـى فـي حـيـن أن الأمر من الناحية القانونية ليس كما يضنون ذلك لأنه بمجرد أن تكون السرقة قد تمت أي بتوافر ركن الأخذ وقيام القصد الجنائي فإن إعادة الشيء المسروق بعد ذلك ليس إلا من باب الندم وحسب ما سيكون له ربما اعتبار عند تحقيق العقوبة ولكن لن يكون له بأي شكل من الأشكال أي تأثير على الملاحقة القضائية فينبني وفقاً لاتجاه القضاء الفرنسي أن يكون فعل الجاني في نطاق البدء بالتنفيذ لكي يكون للعدول الإرادي اعتبار فالشخص الذي كان قد وضع في حقيبته الأمتعة التي اخذها والذي ليس ما عدل عن حمل الحقيبة والانصراف بها يكون قد ارتكب واقعة متصفة بالعدول وإذا كان هذا العدول اختياراً راجعاً إلى إرادته فمن المؤكد أنه سيستفيد من خيبة أثر الجريمة أي عدم تحقق نتيجتها التي يسعى إليها الجاني. (8) لكن في الوقت الذي يكون فيـه العـدول قـد حصل بعد تمام الفعل المادي فليس لذلك أثر وكل ما حصل هو ندم حقيقي بعد قيام الجريمة التامة والسرقة قد يقترفها شخص واحد وقد تنفذ بمساهمة عدة أشخاص فيها وقد يقترن بها سبب من الأسباب التي من شأنها رفع الصفة الجنائية عن الفعل فتتوارى المسؤولية الجنائية عن الفاعل.
النبذة الثانية: الاحتيال كجريمة مخلة بالشرف
الاحتيال هو نوع من العمل يتحول به فاعله من حال إلى حال ثم غلب استعمالها عرفاً في سلوك الطرق الخفية التي تحول بها إلى حصول الغرض حيث لا يتفطن لها إلا بنوع من الذكاء والفطنة(9).
وقد عرف بعض فقهاء المالكية الاحتيال بأنه الحيل التي تقدم إبطالها وذمها والنهي عنها ما هدم أصلاً شرعياً وناقض مصلحة شرعية فإن فرضنا أن الحيلة تهدم أصلاً شرعياً ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها تغير داخله في النهي (10) أما الفقه القانوني عرف جريمة الاحتيال بأنها الاستيلاء علـى مـال الغيـر المنقـول وغيره بوسيلة احتيالية بنية تملكه. (11) وبالتالي أن جوهر جريمة الاحتيال هو الكذب والخداع الذي يلجأ إلية المحتال ليحمل المجنى عليه على تسليم ماله للمحتال، وتحت تأثير هذا الكذب المعزز بوسيلة احتيالية.
وطالما هذه الجريمة تقوم على أعمال غير اخلاقية كالكذب والخداع فهي جريمة مخلة بالشرف طالما أتبع الجاني اسلوب كاذب وأراد الإيقاع بالمجني عليه بهدف الاستيلاء على أمواله دون وجه حق.
من جانبه المشرع العراقي عرف جريمة الاحتيال بموجب المادة (458) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بأنه الاستيلاء على مال مملوك للغير بطريقة الحيلة والخداع بنية تملكه وحمله على تسلم ذلك برضاه. وهذا يعني أن الاحتيال ينصب على حق الملكية سواء كان ذلك في ملكية المنقول أم العقار ويمتاز بأنـه يـصـدر عـن المحتال فعل خداع يترتب عليه وقوع المجني عليه في الغلط وقيامه بتصرف مالي قد أوصـــى بـه إليـه المحتال وحمله بتعقيد انه في مصلحته أو في مصلحة غيــره برضــاه ولكن تحت تأثير الحيلة والخداع وهو ما يعبر عنه بالطرق الاحتيالية في القانون العراقي. بالإضافة إلى ذلك نصت المادة 456 من نفس القانون بأن الجاني يقوم باستعمال وسيلة من وسائل التدليس المحددة على سبيل الحصر وجعل المجني عليه بذلك علـى تسلم الجاني مالاً منقولاً للغير (12).
أما في القانون اللبناني فقد تطرق لجريمة الاحتيال بموجب المادة 655 من قانون العقوبات بالنص على أنه كل من حمل الغير بالمناورات الاحتيالية على تسليمة مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناد تتضمن تعهداً أو إبراءً أو منفعة واستولى عليها يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مئة ألف ليرة إلى مليون ليرة.
وتعتبر من المناورات الاحتيالية 1-الأعمال التي من شأنها إيهام المجنى عليه بوجود مشروع وهمي، أو التي تخلق في ذهنه أملاً بربح أو تخوفاً مـن ضــرر . 2- تلفيق أكذوبة يصدقها المجني عليه نتيجة تأييد شخص ثالث ولـو عـن حسـن نـيـة أو نتيجـة ظرف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه 3 - التصرف بأموال منقولة أو غير منقولة ممن ليس له حق أو صفة للتصرف أو ممن له حق أو صفة للتصرف، فأساء استعمال حقه توسلاً لابتزاز المال . 4- استعمال أسم مستعار أو صفة كاذبة للمخادعة والتأثير.
ويطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم.
تأسيساً على ما سبق، تتميز جريمة الاحتيال بالخصائص التالية :-
أولاً: أنها من جرائم الاعتداء على الأموال
وذلك لأن الجاني سيستهدف من ارتكابه الجريمة الاحتيال التوصل إلى تسلم أو نقل حيازة مال منقول مملوك للغير لنفسه أو لغيره أو أن يتوصل إلى حمل الغير على تسلم سند ذو قيمة مالية كم لا تقع جريمة الاحتيال إذا أعرض الجاني الحصول على منفعـة محضة دون أن يستلم شيء ولو لهذه المنفعة قيمة مالية(13).
ثانياً: أنها من جرائم السلوك المتعدد
أن الاحتيال من ناحية هو سلوك مادي ذو مضمون نفسي يتمثل في الاحتيال علــى الغير ومن ناحية أخرى هو سلوك مادي بحت يتمثل في التوصل إلى الاستيلاء على مال الغير أي ان جريمة الاحتيال تقوم على تغير الحقيقة باستعمال احدى وسائل الخداع التي نص عليها القانون والتي يكون قوامها الكذب أما الاحتيال يقوم على تغير الحقيقة ولذلك فجريمة الاحتيال تعتمد على ذكاء الجاني فأنها ذات طابع ذهني فلا يلجأ الجاني إلى استعمال العنف والقوة في التوصل إلى تسلم المال(14).
ثالثاً: أن جريمة الاحتيال تقوم على تغير الحقيقة
ان وسائل الخداع التي يتخذها الجاني على الكذب والتي تؤدي الى إيقاع المجني عليه في الغلط وتشويه الحقائق في ذهنه مما يحمله على القيام بالتصرف وتسليم المال إلى المحتال ولو علم بحقيقة هذا الأساليب لما قدم عليه(15).
رابعاً: أنها جريمة مركبة ولكن مع ذلك جريمة وقتية
فالاحتيال جريمة مركبة باعتبارها تفرض فعلاً ونتيجة وعلاقة سببية تربط بينهما وفي أغلب حالاتها تصدر عن الجاني أفعالاً يدعم بعضها البعض ويقوم بها التدليس في مجموعها، أما كونها وقتية لان تحقق مادياتها لا يستغرق في الغالب زمناً طويلاً(16).
خامساً: إن مرتكب جريمة الاحتيال غالباً ما يكون من المتخصصين العائدين: ونقصد بالتخصص هنا هو إقبال المجرم على الجريمة من نوع معين يرتكبها بطريقة معينة تحقق الغرض من ارتكابها وتسهل له الهرب دون أن يترك وراءه ما يدل عن شخصيته فنجد مثلاً أن بعض المحتالين قد تخصصوا في الاحتيال على طوائف ومهـن معينة كالمهندسين والمقاولين أما من ناحية العود فنعني به هو العود الخاص ويتحقق عندما يرتكب الجاني بعد الحكم عليه جريمة مماثلة أو مشابهة للجريمة الأولى التي سبق الحكم عليه من أجلها وان تخصص الجاني وعودة للإجرام يزيد حذقاً ونكراً بحيث لا يترك للمجني عليه للشك في أمره (17).
سادساً: البيئة الحاضنة لجريمة الاحتيال
تتميز جريمة الاحتيال بأنها تنتشر في الغالب في المدن والمناطق المتقدمة حضارياً والتي تزدهر بالنشاط الصناعي والاقتصادي والتجاري والسبب في ذلك هو أن هذا التقدم الهائل يزيد من مغريات الحياة بحيث إضافة إلى المحتالين يشغلون النشاط السريع في المعاملات وخاصة التجارية التي تعتمد على الثقة والتي تكون مجالاً خصباً للأنشطة الاحتيالية التي تحقق للمحتالين أرباحاً هائلة(18).
سابعاً: جريمة الاحتيال جريمة قصدية
جريمة الاحتيال من الجرائم القصدية التي لا يكفي الخطأ لقيامها قانوناً ويترتب القصد العام لا يكفي لقيامها بل يتوجب توافر نية خاصة(19).
أن موضوع الجرائم المخلة بالشرف من المواضيع المعقدة، التي تستدعي بحثاً دقيقاً ومطولاً، فالمشرع عندم جرم الأفعال أخذ بعين الاعتبار قيم المجتمع وأعرافهم وأخلاقهم والشرائع السماوية التي ينحني لها المجتمع في كل زمان ومكان، إلا إذا كان هناك قصور قانوني في بعض الحالات لا يمكن ضبطها في دراسة واحدة.
فمخالفة القيم الإنسانية والاعراف والتقليد الثابتة في المجتمع هو انتهاك لشرف الإنسان المكون من مجموعة هذه القيم، وبالتالي أن القضاء الذي وصف بعض الجرائم بأنها جرائم مخلة بالشرف أخذ بعين الاعتبار مرؤة الفاعل ودناءة فعله.
النبذة الثالثة : إساءة الأمانة كجريمة مخلة بالشرف
تختلف المفاهيم الفقهية والتشريعية الخاصة بجريمة إساءة الأمانة، فبعض الفقه والتشريع استخدم مصطلح خيانة الأمانة كالمسرع العراقي، والبعض الآخر استخدم مصطلح إساءة الأمانة كالفقه والتشريع اللبنانية. لذلك أن موضوع خيانة أو إساءة الأمانة مشتق من عدم حفظ المؤتمن على الشيء لهذه الأمانة، والخائن أو مسيء الأمانة هو الذي خان ما جل عليه أميناً.
وجاء في قوله تعالى : ( وتخونوا أماناتكم) (20)، أي ما ائتمنتم عليه، وقوله : (إنــا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض ).(21)
فالأمانة هي كل حق من الواجب أداؤه وحفظه، كالوديعة وقيل في هذا الصدد هي :" كل ما افترض على العباد فهو أمانة، كصلاة وزكاة وصيام وأداء دين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار " (22) .
وفي إطار الفقه القانوني إساءة الأمانة هي انتهاك شخص حق ملكية شخص آخر عن طريق خيانة الثقة التي أودعت فيه (23) .
يرى جانب من الفقه اللبناني أن إساءة الائتمان هي : إخلال المؤتمن بموجب رد المال المنقول الذي استلمه بمقتضى عقد أو مركز ائتمان للحفاظ عليه أو استعماله فكتمه واستولى عليه منهياً ملكية صاحبة (24) .
عالج المشرع العراقي جريمة خيانة الأمانة في المواد 453 إلى 455 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، حيث نصت المادة 453 من هذا القانون على أنه: كل من اؤتمن على مال منقول مملوك للغير أو عهـد بـه إليه بأية كيفية كانت أو سلم له لأي غرض كان فاستعمله . قصد لنفسه أو لفائدته أو لفائدة شخص آخر أو بسوء تصرف به سوء قصد خلافاً للغرض الذي عهد به إليه أو سلم له من اجله حسب ما هو مقرر قانوناً أو حسب التعليمات الصريحة أو الضمنية الصادرة ممن سلمه إياه أو عهد به إليه يعاقب بالحبس أو بالغرامة ..........
أما المشرع اللبناني عالج جريمة إساءة الائتمان بموجب المواد 670 و 671 من قانون العقوبات بالنص على أن: " من أقدم قصداً على كتم أو اختلاس أو تبديد أو إتلاف أو تمزيق سند يتضمن تعهداً أو إبراء أو شيئاً منقولاً آخـر سـلـم إلـيـه علـى وجـه الوديعة أو الوكالة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن، أو لإجراء العمل لقاء أجره أو بدون أجرة شرط أن يعيده أو يقدمه أو يستعمله في أمر معين يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة تراوح بين ربع قيمة المردود والعطـل والضرر وبين نصفها على أن لا تنقص عن خمسين ألف ليرة".
أما المادة 671 تنص على أنه كل من يتصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثاليات سلمت إليه لعمل معين وهو يعلم أو كان يجب أن يعلم أنه لا يمكنه إعادة مثلها أو يبرئ ذمته رغم الإنذار يعاقب بالحبس حتى سنة وبالغرامة حتى ربع قيمـة الردود والعطل والضرر على أن لا تنقص الغرامة عن خمسين ألف ليرة".
يستخلص من النص القانوني الذي أورده المشرع العراقي بأن جريمة خيانة الأمانة تقع على مال منقول بخلاف المشرع اللبناني الذي أدخل أخفاء السندات المكتوبة أو تبديدها أو اخفاؤها ضمن جريمة إساءة الائتمان تكون نوعين : إساءة الائتمان الواردة في نص المادة 670 وإساءة الائتمان الواردة في نص المادة (671).
بالإضافة إلى ذلك، خص المشرع اللبناني نوع ثالث من جريمة إساءة الائتمان، بموجب المادة 672 من قانون العقوبات وأطلق على هذه الجريمة جريمة إساءة الائتمان الموصوفة، نظراً لارتباطها بصفة مرتكب الفعل. وهم: 1- متولي الوقف، 2- مدير مدرسة أو جمعية خيرية وكل مسؤول عن أموالهما، 3 - وصي القاصر وفاقد الأهلية أو ممثله، 4 - منفذ الوصية أو عقد الزواج 5- كل محام أو كاتب عدل أو وكيل أعمال مفوض، 6 - كل مستخدم أو خادم مأجور وكل مرتبط بعقد عمل لقاء أجـر كـع أي مؤسسة خاصة، 7- كل شخص مستناب من السلطة لإدارة أموال تخص الدولة أو الأفراد او لحراستها".
أن هؤلاء الأشخاص المنصوص عنهم في المادة المذكورة إذا استولى أحدهم على المال المؤتمن عليه يكون قد ارتكب جريمة مخلة بالشرف، نظراً لتعارض هذه الافعال مـع القيم والإنسانية والمثل العليا في المجتمع.
وقد عبر المشرع اللبناني عن الجاني في جريمة إساءة الائتمان بكلمة "كل" مما يعني أن الجريمة تقع في مطلق فاعل، إلا أن الشروط التي وردت في النص تقيـد بـأن هذه الجريمة لا تقوم إلا من فاعل موصوف هو الذي يرتبط مع المجنى عليه برابطة ائتمان أو مركز إئتمان.
ومن ناحية اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف نرى أن مبرر توصيفها على هذا النحو هو مخالفة هذه الجريمة للقيم والاخلاق الإنسانية.
_______________
1- بطرس البستاني، محيط المحيط، قاموس مطول اللغة العربية، ج 1، مكتبة لبنان ناشرون بيروت، 2019، ص 651.
2- فتحي صلاح، أركان جريمة السرقة (عقوبات الحد في الشريعة الإسلامية)، مجلة الشرطة لدولة الإمارات المتحدة العدد 143 سنة 1982، ص 20.
3- فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات - القسم الخاص، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة 2017، ص 665.
4- قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة (1969) المعدل.
5- ماهر عبد شويش الدرة، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص المكتبة القانونية، بغداد، دون تاريخ نشر، ص 259
6- معوض عبد التواب السرقة واغتصاب السندات والتهديد، الطبعة الثانية، دار الشرق العربي بيروت، 2005، ص 8
7- حميد السعدي شرح قانون العقوبات الجديد، ج2، جرائم الاعتداء على الأموال، الطبعة الثانية، مطبعة المعارف ،بغداد 1976، ص 174 وما بعدها.
8- حميد السعدي، شرح قانون العقوبات الجديد، ج2، جرائم الاعتداء على الأموال المرجع السابق، ص 174 وما بعدها.
9- إياد حسين عباس العزاوي، جريمة الاحتيال في القانون العراقي دراسة مقارنة، مطبعة عصام بغداد، 1988، ص 31
10- أبو إسحاق الشاطبي، تاج العروس شرح القاموس الطبعة الأولى، دون دار نشر، بيروت، 1966، ص 29407.
11- سمير عالية، الوافي في شرح جرائم القسم الخاص، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2020 ، ص 603.
12- عبد القادر عبد الحافظ الشيخلي التشريعات العربية لمواجهة جرائم الاحتيال المعاصرة، الطبعة الأولى، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2005، ص 7.
13- إياد حسين عباس العزاوي جريمة الاحتيال في القانون العراقي دراسة مقارنة، مرجع سابق ص 39
14- جمال إبراهيم الحيدري، الوافي في قانون العقوبات القسم الخاص"، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية ،بغداد، 2012، ص 442
15- محمد هشام صالح عبد الفتاح جريمة الاحتيال دراسة مقارنة، ص 11.
16- جمال إبراهيم الحيدري، الوافي في قانون العقوبات القسم الخاص، مرجع سابق، ص 442.
17- إياد حسين عباس العزاوي، جريمة الاحتيال في القانون العراقي دراسة مقارنة، مطبعة عصام بغداد، 1988، ص 42.
18- ماهر عبد شويش الدرة، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص المكتبة القانونية، بغداد، دون تاريخ نشر ، ص 331
19- محمد هشام صالح عبد الفتاح جريمة الاحتيال دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 12
20- سورة الأنفال، الآية 27 .
21 - سورة الأحزاب، الآية 72
22- أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي، تهذيب الكمال، الطبعة الأولى، تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1980، ص 24.
23- محمود مصطفى القلل ي شرح العقوبات في جرائم الأموال، مطبعة الاعتماد الإسكندرية1943، ص 317.
24- سمير عالية، الوافي في شرح جرائم القسم الخاص، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2020 ، ص 603.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|