أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2019
2980
التاريخ: 17-4-2017
3893
التاريخ: 27-3-2016
10784
التاريخ: 15-3-2018
2676
|
للتدابير غايات حمائية اصلاحية هدفها الأساسي هو حماية المجتمع، ونظراً لاعتبار الجرائم المخلة بالشرف من الجرائم الأكثر خطورة على المجتمع فقد عني بها المشرع من خلال شدة العقوبات الجزائية التي رتبها عليها، بالإضافة إلى التدابير الوقائية الاصلاحية لتقويم الأشخاص الأكثر ميولاً لارتكاب الجرائم.
كما أن معتادي الإجرام ليسوا على خطورة إجرامية واحدة فمنهم شديد الخطورة ويوصفون بأعداء المجتمع " والأقل خطورة من ضعاف الإرادة ومنهم من اتخذ الجريمة مصدرا للكسب والرزق ويسمون المحترفون، كما يندرجون في أطوار من العمر مختلفة وحالات متنوعة مما يستحيل معه إقرار تدبير اجتماعي لكل نوع على حدة.
وبحسب طبيعة المجتمع تتصف تلك الجرائم، فبعض المجتمعات لا يعتبرون جريمة معينة بأنها مخلة بالشرف بينما يعتبرها آخرون بأنها كذلك، كمـا هـو الحــال فــي المجتمعات العربية.
وتأخذه هذه التدابير الأوجه التالية:
النبذة الأولى: الاعتقال الوقائي للحد من الجرائم المخلة بالشرف
المقصود بالاعتقال الوقائي وضع الأشخاص المجرمين في معتقل بعيدا عن المجتمع لأجل غير مسمى حتى يزول خطرهم لسبب من الأسباب. ويقترب هذا الإجـراء مـن العقوبة كونه يستهدف حرية المجرمين إلا أن غايته الأساسية الأصلاح وليس العقاب. ونظرا لخطورة هذا الإجراء وحملة لمعنيين العقوبة والتدابير فلا بد من مراعاة العدالة ومن ثم لا يصح أن يكون أبدياً.
يرى بعض الفقه (1): ولعل خير ما يحقق هذه المعاني والاعتبارات جميعاً أن يكون الاعتقال الوقائي لمدة طويلة نسبياً غير محدودة ولكن في نطاق حدين أدنى وأقصى معلومين بين ثلاث أشهر وعشر سنوات مثلا بحيث ينتهي الاعتقال حينما يبلغ الحد الأقصى ما لم يفرج عن المعتقل قبل ذلك لثبوت استقامته.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يجب أن يخضع المجرم المعتاد في خلال مدة اعتقاله لنظام محكم في العلاج الصحي والنفس والأخلاقي فضلا عن تشغيله في عمل منتج باعتبار أن العمل في حد ذاته هو الأساس الأول في التقويم والتأهيل للتألف
الاجتماعي.
بحسب رأينا، إن هذه الغاية يمكن بلوغها من خلال العقوبة خاصة فيما يتعلق بطريقة تنفيذها, حيث أنه من المفهوم في هذه العبارة أن مدة التدابير طويلة وغير محددة حتى عندما طالب أصحاب هذا الرأي بوضع حدين أدنى وأقصى حفاظاً على اعتبارات العدالة فإنهم غلبوا جانب العقوبة على جانب التدبير وقد حملت العقوبة في مضمونها التقليدي هذا المعنى عندما شددت العقوبة لمعتادي الإجرام باعتبار العود ظرف مشدد كما لا يتصور أن يكون التدبير باعتقال الشخص مدى الحياة فهذه عودة من جديد لعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة ولا فرق بين عمل شاق وعمل منتج. وما فائدة الإصلاح والتقويم والتهذيب مادام هذا الإجراء يستغرق حياة المحكوم عليه بل ولا يرد على ذلك باحتمال الإفراج عن المعتقل خلال هذه المدة لحسن سلوكه فهذا مجرد احتمال عديم الفائدة حيث ينعدم لدى المحكوم عليه بهذا الإجراء الأهلية النفسية للتكيف وتنعدم بالتالي لديه الرغبة في قبول أي برنامج للإصلاح فكان من الارحم أن يستأصل رأفة به ورأفة بذويه ففي السموم الناقعات دواء.
النبذة الثانية: الجزاء التقويمي للحد من الجرائم المخلة بالشرف
يُعتبر الجزاء التقويمي أحد أوجه الحد من الجرائم بشكل عام والجرائم المخلة بالشرف بشكل خاص، وهذا الإجراء يتطلب الدقة والعناية من جانب المشرع ومن جانب القائمين على التنفيذ, فالمشرع إذا لم يحدد المدة خاصة فيما يتعلق بالحد الأقصى فان الأمل بالإصلاح يكون بعيد المنال مما يصيب المحكوم عليه باليأس وبالتالي تنتفى الجدوى من الجزاء (2).
كذلك لا ينبغي الإسراف في الإفراج المبكر أو الإفراج الشرطي نتيجة للحكم بظاهر السلوك دون التأكد من سلامة هذا السلوك ومطابقته لنفسية المحكوم عليـه وعليـه فقـد رأى البعض أن تكون مدة الاعتقال لمدة سنتين ولا تزيد عن خمس سنتين مع مراعاة البرامج الإصلاحية من جانب القائمين على التنفيذ واختيار الأسلوب لكل مجرم على حدة.
وكما هو الحال في الاعتقال التقويمي نرى أن هذا التدبير أقرب إلى العقوبة بل لا نكون مبالغين إذا ما قلنا أنه نوع من تعدد العقوبات السالبة للحرية إلا أن تسميتها تختلف عن غيرها من العقوبات.
النبذة الثالثة : التدابير الخاصة بمرضى العقل والشواذ
يقصد بهذه الفئه تلك الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الإدراك والتحكم في التصرفات بصفة مطلقة ومن نقصت إرادتهم، أو عابها عيب لا يعفيهم من المسؤولية بشكل كامل، لكن لا جدوى من عقابهم لا أخلاقياً ولا اجتماعياً، ويجب إتباع وسيلة أخرى تنفق مع مقتضيات الدفاع الاجتماعي (3).
ومن هنا كان اهتداء القانون البلجيكي الصادر سنة 1930 لما أسماه بمؤسسات الدفاع الاجتماعي - خصصها لهؤلاء الشواذ بل ولمرضى العقل عموما ممن نسب إليهم فعل إجرامي، أما بالنسبة للطائفة الأولى فتكون الوسيلة هي المأوى المخصص لمرضــــى العقل لدرء خطرهم على أنفسهم أو على الغير.
بحسب رأينا، أن هذه الفئه من الاشخاص المجرمين لا يميزون طبيعة أفعالهم ولا يوجد لديهم رادع أخلاقي يمنعهم من أي تصرف يمس بأمن وسلامة الأخرين، وبالتالي موضوع الشرف لديهم غير معلوم، وأن عملية أصلاحهم قد تعيدهم إلى إدراكهم ورشدهم.
النبذة الرابعة : التدابير الخاصة بمن ينذرون بخطر الإجرام
يقصد بهذه الطائفة : الخطرون بصفة مجردة أو بغير إجرام ينسب إليهم، منهم من ينسب إلى طائفة مرضى العقل ومنهم من ينسب إلى العاطلين المشردين ذوي السلوك المشتبه فيه أو المنحرف، بالنسبة للطائفة الأولى فإنه يسرى عليهم ما سبق وقلناه في الفقرة السابقة، أما الطائفة الثانية فالتدابير التي تتخذ ضدهم لا تخرج عن:
1- الحجز الاحترازي الخالي من معنى العقوبة كما في الحجز التقويمي ومثالــه نظام المستعمرات الزراعية أو المنشآت الصناعية في الأماكن المنعزلة . حيث تجرى تأهيلهم للعمل المنتج في جو من الحرية النفسية.
2- الالتزام بالإقامة في الموطن الأصلي ويقصد بها التدابير إعادة العاطل إلــى موطنه الأصلي مع تسيير العمل له في الوطن الأصلي دون فرض قيود علـى حريته في التنقل أو قضاء مصالحه، سو قد تلجأ إليه الدولة حينما تزدحم مدنها الكبرى بالعاطلين النازحين من القرى دون علم معلوم لديهم مما يؤدي إلى كثرة حالات التشرد واحترافهم جرائم النشل بالإضافة إلى ما خلفوه ورائهم من نقص في الأيدي العاملة وتحول معظم القرى إلى قرى استهلاكية، ولا شك أن في هذا التدبير أثرا إصلاحيا في المجالين الاجتماعي والجنائي.
3- التدابير الخاصة بالأحداث (4): ويقصد بها التدابير التي تواجه انحراف الحدث وكثيرا ما تكون تهذيبية أو تعليمية بدلا من العقوبات المعروفة وحتى عام 1974 كانت محكمة النقص المصرية تعطى للتدابير المقررة للأحداث وصف "العقوبة "
النبذة الخامسة: تقدير التدابير الاحترازية في إطار الجرائم المخلة بالشرف
ليس من السهل تقدير التدابير الاحترازية على أنها تقف إلى جانب العقوبة أو أنها منعزلة عنها، لذلك لا بد من التطرق إلى طبيعتها القانونية وشروطها وفقاً للآتي:
أولاً: الطبيعة القانونية للتدابير (5)
لقد ثار خلاف فقهي واسع بين شراح القانون المقارن حول طبيعة التدابير الاحترازية القانونية، وأنكر الفقه الإيطالي الصفة الجزائية على التدابير باعتبارها لا تفرض قاعدة موجهة للأفراد، بل أن القاعدة القانونية التي تنص على التدابير أنمـا هي موجهة إلى أجهزة الدولة كي تطبقها متى توافرت شروطها، فالفرد لا يمكن أن يصدر إليه أمرا بأن لا يكون خطرا والخطورة ليست واقعة بل صفة، لا دخل لإرادة الإنسان فيها وفي كثير من الحالات في خلقها مثل حالات عديمي الأهلية ومرضى العقل، والتدابير لا تجازي الفرد عن جريمة بل هي وسيلة تتخذها الدولة في مكافحة الإجرام وقد أطلق عليها الفقه والتشريع الإيطالي " تدابير الأمن ، وقد وجه البعض إلى هذا الرأي عدة انتقادات تتلخص في (6):
1- أن هذا الرأي يصدر عن مفهوم ضيق للجزاء القانوني.
2- أن الوظيفة الوقائية للتدابير لا تحول دون اعتبارها من قبل الجزاءات القانونية خاصة وأنه لا يوجد من التشريع ما يمنع من قبول تعريف واسع لفكرة الجزاء يشمل الجزاء الرداع والجزاء الوقائي، فالجزاء الجنائي أمـا عقوبات أو تدابير، ويبقى هل التدابير من طبيعة قضائية أم ذات طبيعة إدارية. أ- الطبيعة الإدارية للتدابير : يميل كثير من الشراح إلى اعتبار التدابير إجراءات من طبيعة إدارية وتنحصر وظيفة القاضي في التعرف على الجزاء الجنائي المنصوص عليه في القانون ويطبقه، فإذا تولى القاضي وظيفة مختلفة، كما في حالة وقاية المجتمع من أخطار محتملة فإن عمله حينئذ يكون إداريا.
أن القاضي عند ممارسته للعمل القضائي يكون مقيداً بمبدأ الشرعية ويمارس عمله كأمين على حق موضوعي وبحياد تام. أما في حالة التدابير التي يطبقها القاضي فوفقاً لاعتبارات الدفاع الاجتماعي.
وقد أخذ بهذا الرأي الفقيه الايطالي تسييري مدعما وجهة نظره بالآتي:
أولا: أن العقوبة عدالة وتشير إلى الحماية القانونية بينما أن التدابير هي وقاية أو منع خاص وتشير إلى المنفعة الاجتماعية.
ثانيا: أن العقوبة تتعلق بما ارتكب فعلا، بينما التدبير يستهدف ما يمكن عمله.
ثالثا : العقوبة تتعلق بالواقعة والشخص، بينما أن التدبير يتعلق كلية بالشخص.
أما الشراح "ساباتيني" و"التافيلا" فيتفقان في أن تدابير الأمن هي موضوعيا إدارية وشكليا قضائية.
وبالطبع تأكد الطابع الإداري للتدابير وأصبح منطقيا إدماجا في مجال نشاط الشرطة، وفي ذلك يقول الفقيه بيتول Bettiol أنه ليس من الصعب إدماج التدابير في مهام الشرطة، وتلك المهام التي تهدف بحكم طبيعة الأشياء إلى الدفاع عن المجتمع ضد خطر أضرار اجتماعية.
ب- الطبيعة القضائية للتدابير (7) يرى بعض الفقهاء أن التدابير ذات صفة قضائية بحتة تأسيسا على اختصاص السلطة القضائية بتطبيق تدابير الأمن سواء في مصر أو إيطاليا، وأن ممارسة القاضي للأعمال الإدارية لا يكون إلا استثناء ولا يغير من هذه الطبيعة وصفها بالإجراءات الإدارية من قبل المشرع، كما أن قصر الطبيعة الجزائية علـى العقوبـة فقـط علـى خلاف التدابير وليس له ما يبرره حيث تترتب التدابير على واقعة تكون جريمة، وحتى شبه جريمة ولم يكتمل للجريمة أحد عناصرها.
وقد خلص أصحاب هذا الرأي إلى أن القاضي حينما يطبق التدابير يعد ممارسا لعمل إداري، ويكفي أن كل ما يخص هذه التدابير والإجراءات المتعلقة بها موكوله كليـا إلـى جهات قضائية دون اختصاص للإدارة.
ونحن نؤيد الرأي القائل بالطبيعة القضائية للتدابير للاعتبارات التي أوردها أصحاب هذا الرأي .
ثانياً: شروط تطبيقها
مناط التدبير الاحترازي على الشخص أمرين:
أ- ارتكاب جريمة سابقة (8) : أن ارتكاب الشخص جريمة شرط لازم لانزال التدبير الاحترازي به، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار الحريات الفردية، وقد خلصنا إلى أن طبيعة التدابير الاحترازية هي من صور الجزاء الجنائي المشروط بمبدأ الشرعية، وفي إطار الجرائم المخلة بالشرف فإن التدبير الاحترازي اللاحق لوقوع الجريمة يؤدي إلى عدم تكرار هذا النوع من الجرائم والحد منها.
ب- الخطورة الإجرامية (9): ويقصد بها حالة الشخص عندما تنبئ باحتمال ارتكابه جريمة أخرى في المستقبل فهي في الشخص لا وصف الجريمة ويمكن التنبؤ بها في الظروف المادية والعوامل الشخصية التي تحيط بالشخص وتجعل الحكم بارتكابه الجريمة محتملا، وتُعد الجرائم المخلة بالشرف من أخطر الجرائم التي تؤدي إلى عواقب سلبية كبيرة على المجنى عليهم وعلى المجتمع ككل.
حكم احتمال مبني على العلاقة سببية بين مجموعة من العوامل توافرت في الحاضر وواقعه ومستقبله في قضية منطقية مقدمتها الكبرى تتألف مما يقع في العادة، ومقدمتها الصغرى تتكون مما وقع في الحالة الخاصة (10). كما أن الاحتمال ذو طابع علمي يقوم على محض تصور شخصي أو توقع من القاضي بإن الشخص سوف يقدم على ارتكاب جريمة في المستقبل، لما تتضمنه شخصية المجرم من سلوك إجرامي.
ت- أن التدبير ضروري لدرء الضرر الذي سينزل بالمجتمع من توافر الخطورة الإجرامية، فالجرائم المخلة بالشرف سواء المرتبطة بصفة أو غير المرتبطة بصفة فهي من تهدد أمن المجتمع واستقراره فمكافحة الجرائم بشكل عام والجرائم المخلة بالشرف بشكل خاص يؤدي إلى خلق استقرار حقيقي داخل المجتمع.
____________
1- علي راشد، القانون الجنائي: المدخل وأصول النظرية العامة، دار النهضة العربية، القاهرة 1974 ، ص 711.
2- علي راشد، القانون الجنائي: المدخل وأصول النظرية العامة، دار النهضة العربية، القاهرة 1974 ، ص 713.
3- علي راشد، القانون الجنائي: المدخل وأصول النظرية العامة، دار النهضة العربية، القاهرة 1974 ، ص 711، 713.
4- نبيل مدحت سالم الخطأ غير العمدي دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص 122
5- يسر أنور علي آمال عبد الرحيم عثمان أصول علمي الإجرام والعقاب، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985 ، ص 117 وما بعدها.
6- يسر أنور علي آمال عبد الرحيم عثمان أصول علمي الإجرام والعقاب، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985 ، ص 117
7- يسر أنور علي آمال عبد الرحيم عثمان أصول علمي الإجرام والعقاب، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985 ، ص 119
8- جلال ،ثروت، الظاهر الإجرامية دراسة في علم الإجرام والعقاب، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1979 ، ص 244 245؛ محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدبير الاحترازي، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة 2018 ص 1056 يسر أنور علي آمال عبد الرحيم عثمان أصول علمي الإجرام والعقاب، مرجع سابق، ص9594 نبيل مدحت سالم الخطأ غير العمدي دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984 ، ص 107
9- جلال ثروت الظاهر الإجرامية دراسة في علم الإجرام والعقاب، مرجع سابق ص 242.
10- عادل عازر، طبيعة حالة الخطورة الاجرامية وآثارها الجزائية في مشروع قانون العقوبات سنة 1966، المجلة الجنائية القومية، القاهرة آذار 1968، ص 186 حتى ص 207
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|