أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2019
5796
التاريخ: 22-3-2016
2975
التاريخ: 1-7-2019
1551
التاريخ: 25-3-2016
2716
|
لاشك إن كل حقبة تاريخية ولها سياستها وواقعها، فالاتجاه التقليدي القديم بالرغم من دورهم البارز في رسم السياسة الجنائية إلا أن دورها كان معرض نقد لبعض العيوب من قبل انصار الاتجاه التقليدي لما لاحظ هؤلاء من آثار سلبية سيئة. أهمها الطابع الموضوعي المجرد الذي أهمل الجاني وظروفه وأوضاعه مما نتج عنه استياء عام، حيث بدأ يتشكل في الساحة اتجاه جديد يستفيد من إيجابيات القديم ويحاول تفادي النقص الذي اعترى القديم كما زاد أسسا ومبادئ وسعت مجال السياسة الجنائية وساعدت على تحقيق العدالة واستتباب الأمن.
كما أن عدم وجود المجرم بعد ارتكابه الجريمة ضمن الإطار السكاني لمحل ارتكاب الجريمة لا يعني إن العدالة قد تحققت ولا بأي جزء، فالقصاص العادل هـو الوجـه العملي والتطبيقي لتحقيق العدالة الجنائية. مثلاً: لو أن شخصا ارتكب جريمة في شعب يسكن جزيرة ثم قرر الشعب مغادرة الجزيرة إلى أماكن مختلفة فالعدالة تقتضي أن تنفذ العقوبة تحقيقاً للعدالة ولو أنهم لا يريدون البقاء مجتمعين.
تأسيساً على ما تقدم أن الجرائم القاسية ونظراً لوقوعها في مجتمعات لها عاداتها وتقاليدها لذا فإن كل ما يمكن أن يحصل بوسائل مشينة بالمفهوم التقليدي للمجتمعات فهو جريمة مخلة بالشرف من هنا يمكن نجد وصف جريمة مخلة بالشرف في المجتمعات الشرقية بينما لا تعد كذلك في مجتمع غربي مثلاً.
ولأجل الوقوف على الاتجاه الحديث للسياسة الجنائية والاتجاه الوسطي وفقاً للآتي:
النبذة الأولى: أهداف السياسة الجنائية وفق الاتجاه التقليدي الحديث
إن الهدف من فرض العقوبة وفق هذا الاتجاه له وجهان مزدوجان الأول تحقيق العدالة والثاني تحقيق الردع العام. فالعدالة قيمة سامية تستدعي احتراما بغض النظر عن المنفعة الاجتماعية.
وأن وضع توصيف مشين للجريمة يؤثر على طبيعة العقوبة الجنائية، من ناحية تشديدها أو تخفيفها. أما الهدف الثاني من العقوبة الجنائية إصلاح المجرم وإعادة تأهيله.
بالرغم من الردع العام الذي حققته السياسة الجنائية التقليدية الحديثة من قبول و انتشار، وتأثير على التشريعات العقابية فقد كانت وراء إصدار قانون العقوبات الفرنسي سنة 1810 و الذي أقر بتمتع القاضي بسلطة تقديرية في توقيع العقوبات، وحدد لبعض العقوبات حدها الأدنى وحدها الأقصى، و و اعترف بنظرية الظروف المخففة. كما أثرت النظرية في قانون العقوبات الألماني الصادر عام 1870 و الإيطالي الصادر عام 1889.
كما ساهمت في تقرير حالات إعفاء الجاني إذا عرض له سبب يزيل حرية الاختيار لديه بالمفهوم الذي وضعته لها أو تخفيف العقوبة عليه إذا توافر سبب مشروع لذلك، فسحت المجال للخبرة القضائية وساعدت المحلفين على تحديد درجة المسؤولية، فدخلت بذلك العلوم الاجتماعية و الطبيعية لأول مرة هيئات القضاء.
وقد كانت شريعة حمورابي من أول الشرائع التنظيمية الذي أخذت بمبدأ العقاب ومحاسبة المجرمين عن أفعالهم الإجرامية، وبعدها سادت الأنظمة الجنائية في البلاد الشرقية مفهومها التنظيمي والقانوني.
النبذة الثانية: مآخذ الاتجاه التقليدي الحديث
لم يضع أنصار هذا الاتجاه معيارا دقيقا لقياس مدى مقدرة الشخص على مقاومة البواعث الإجرامية، فليس كل من لا يستطيع مقاومة بواعثه الإجرامية يستفيد من ظروف التخفيف، فالمجرم الاعتيادي وهو الذي يتخذ من الإجرام مسلكا معتادا تضعف لديه المقدرة على مقاومة البواعث الإجرامية و بالتالي فاستفادته من التخفيف يزيد في الجريمة ولا يحد منها، وتكييف الجريمة وفقاً لبعض الأنظمة بإنها مخلة بالشرف تنعكس سلباً على العقوبة الجنائية من ناحية تشديدها حتى ولو كانت آثاره ليست جسيمة. (1) ولا شك أن وضع معايير سهله لاعتبار الجريمة عادية غير مخلة بالشرف فهي تؤدي حكماً إلى ارتفاع مستوى الجريمة.
وقد انتبه فقهاء هذا الاتجاه إلى أن فساد السجون يساهم في عدم انخفاض معدل الإجرام و اتجهت جهودهم إلى إصلاح السجون بزعامة الفرنسي شارل لوكاس" الذي نشر كتابه الشهير : نظام السجون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1828 متزعما بذلك اتجاها جديدا بدأ يتشكل داخل المدرسة التقليدية الجديدة و عرف بالمدرسة العقابية (2) و وقد عاب شارل لوكاس على نظام السجون السائد آنذاك قيامـه علـى الاختلاط بين أنواع المجرمين وغياب غرض الإصلاح والتأهيل، وقد ذهب بعض فقهاء الاتجاه الجديد إلى ضرورة إنشاء السجون الانفرادية بينما فضل بعضهم تصنيف المجرمين، أما فيما يخص الحياة داخل السجن و المعاملة العقابية فقد نادى رواد هذا الاتجاه بضرورة تنظيم العمل داخل السجن و الاعتناء بالتهذيب الديني والأخلاقي و الرعاية الصحية والتغذية وإعداد نوع من الرعاية اللاحقة على الإفراج.
و يعتبر الاعتناء بالسجين و ظروفه من أهم المواضيع التي عنيت بها المدرسة في سياستها الجنائية.
بحسب رأينا أن العقوبة القاسية على الفاعلين المرتكبين جرائم مخلة بالشرف يشكل أحدى الضمانات الأساسية والرادعة للمجرمين، بالإضافة إلى تأهيلهم داخل السجون على المستوى الاخلاقي والنفسي بهدف اصلاحهم وعدم تكرار افعالهم المشينة عن خروجهم من السجن.
النبذة الثالثة: الاتجاه الفلسفي الوسطي
كانت المدارس التقليدية تبني سياستها الجنائية على دعائم من الفكر الفلسفي السائد آنذاك ولذلك غلب عليها التجريد إلى أن ظهر اتجاه جديد نقل الدراسات من التجريد إلى التجريب مؤسسا سياسته الجنائية على المنهج العلمي التجريبي، و قد واجه منذ البداية تحدياً كبيراً هو إخضاع الجريمة إلى المنهج التجريبي.
وقد كان لأنصار هذا الاتجاه الجديد الدور الأساسي في تكريس علم الإجرام الذي عني بدراسة الدوافع والعوامل الداخلية والخارجية المقضية إلى ارتكاب الجريمة، وذلك على سيزاري لومبروزو أستاذ الطب الشرعي، مؤلف كتاب "الإنسان المجرم سنة 1876 عالم الاجتماع أنريكو فيري و أستاذ القانون الجنائي والقاضي " رفتيل جاروفالو" الذي نشر مؤلفه عام 1885 بعنوان "علم الإجرام الذين أسسوا هذه الفكرة في منتصف القرن التاسع عشر في إيطاليا، وقد كان للأفكار التي نادى بها الفقهاء الثلاثة أثر كبير في تطور الدراسات الجنائية وفقه القانون الجنائي.
انطلقت مؤسسوا هذا المدرسة من الأبحاث التي قام بها "لومبروزو" و التي توصل من خلالها إلى أن للمجرمين صفات بيولوجية تختلف عن صفات الأشخاص الأسوياء و ذلك من خلال تشريحه لجثة أحد كبار المجرمين إذ وجد في قاع جمجمته تجويفا غير عادي، ثم واصل أبحاثه على 383 سجين بعد موتهم حيث قام بتشريحهم كما مخص حوالي 5000 سجين من الأحياء وصنف السمات غير العادية للمجرمين بناءً على دراسته العملية فحصرها في :
ضيق الجبهة، كبر الأذنين و بروزهما، غور ،العينين قلة الإحساس بالألم. وقرر بأن من اجتمعت فيه خمس صفات إلى ثمان كان مجرما بالولادة وسيقوم بارتكاب الجرائم حتما متى تهيأت له الفرصة و من تقل عنده الصفات من 5 إلى 3 فإن إجرامه محتمل و ليس حتمي (3).
ومن النتائج المهمة التي توصلت إليها المدرسة ضرورة أن تحقق العقوبة تلك الازدواجية بين الردع العام والردع الخاص وليس الاكتفاء بالردع العام فقط لأن ذلك من شأنه أن يدفعنا إلى تشديد العقوبة على الجاني وقد لا يكون ذلك مفيدا في تحقيق الردع الخاص للجاني. (4)
وعلى الرغم مما اتصفت به هذه المدرسة من دور تجريبي في المجتمع الأوربي بوجه عام و ايطالي بوجه خاص فقد امتد نطاقها عبر المحيط لتستقر في القارة الأمريكية و بوجه خاص في جامعة هارفارد و هكذا برزت مدرسة لومبروزو الأمريكية لتمد علم الإجرام الحديث بدراسات أنثروبولوجي متعددة (5).
وقد أضفيت جهود المدرسة الأمريكية إلى المدرسة الأوروبية، هذه الأخيرة التي أنتجت دراسات مهمة كدراسات دي توليو " التي صنف من خلالها المجرمين إلى 04 أصناف المجرم ذو النمو الناقص و المجرم ذو الاتجاه العصبي السيكوباتي و هـو الذي يتميز بخلل واضح في جهازه العصبي و المجرم ذو الاتجاه السيكوباتي و هو المتميز بخلل في ملكاته الذهنية و المجرم ذو الاتجاه المختلط الذي تسيطر عليه عوامل مختلطة، و أوضح " دي توليو" في منهجه الذي قدمه لدراسة المجرم أن الطريقة الأفضل هي المنهج المتكامل الذي يجمع بين الجانب المورفولوجي و الفيزيولوجي و النفسي و الاجتماعي(6).
أما المدرسة الأمريكية فقد قامت على دراسات كل من ارنست هوتون" التي كانت حول البنية و التكوين الفطري و دراسة الأستاذ " وليام شيلدون" التي ركز فيها على التكوين العقلي للإنسان.
بحسب رأينا أن التوصيف القانوني للجريمة جناية أو جنحه ليس معياراً لاعتبار الجريمة مخلة بالشرف أم لا. بل يرتبط هذا التوصيف بالدافع على ارتكاب الفعل الجرمي أو آلية ارتكابه.
وعلى الرغم الجهود المبذولة في مجال السياسة الجنائية إلا أنها لم تسلم من النقد: (7).
1 . وقعت ضحية نفس النقد الذي وجه للمدرسة التقليدية الأولى كونها اهتمت بالجريمة دون المجرم فإنها وقعت في نفس الخطأ المنهجي حيث اهتمت بالمجرم دون الجريمة.
2. بناءا على التصنيفات التي توصل إليها لومبروزو"، بشأن الصنف الأول و الذي تتوافر فيه كل الصفات فهو في رأي " لومبروزو" مجرم بالولادة، فزيادة على ما تعرضت له فكرة المجرم بالولادة من انتقاد فإن القيام بأي تدبير اتجاه هذا الشخص و سلب حريته أو استئصاله قبل ارتكابه للجريمة بعد انتهاكا خطيرا لحرية الإنسان وإهدارا لأهم مبدأ من مبادئ العدالة كون أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته.
3 . حصرت أغراض التدبير في القضاء على الخطورة و لم تعر غرضي العدالة و الردع العام أي اهتمام، على الرغم مما يؤدي إليه ذلك من عصف بأهم القيم المستقرة في المجتمع وقضاء على الوظيفة التربوية للقانون.
4. لم تميز هذه المدرسة بين الجرائم التي تمس الشرف عن غيرها من الجرائم، ولم تضع توصيفاً للجرائم المخلة بالشرف عن سواها.
____________
1- محمد زكي أبو عامر، دراسة في علم الإجرام والعقاب الدار الجامعية، بيروت، 1982 ، ص 213
2- أحمد بلال عوض النظرية العامة للجزاء الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995 ، ص 161.
3- عبد الرحمن محمد أبو توتة دور العوامل الاجتماعية في الإجرام، علم الإجرام، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 1998، ص 204.
4- عبد الفتاح الصيفي ومحمد زكي أبو عامر ، علم الإجرام وعلم العقاب، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1998، ص 344.
5- عدنان الدوري، أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي، الطبعة الثالثة، ذات السلاسل، الكويت، 1984، ص 133
6- رمسيس بهنام، علم الإجرام، دار المعارف، الإسكندرية، 1960، ص 17
7- أحمد بلال عوض النظرية العامة للجزاء الجنائي، مرجع سابق، ص 166.
|
|
هذا ما يفعله فيروس كورونا بجذع الدماغ الذي "يتحكم في الحياة"
|
|
|
|
|
تسارع نمو قدرة طاقة الرياح في العالم.. وهذه أكبر 6 دول
|
|
|
|
|
العتبة العلوية المقدسة تقيم ندوة علمية في محافظة البصرة حول مكانة النبي محمد (ص) في القرآن الكريم
|
|
|