أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-5-2016
1912
التاريخ: 2024-07-29
411
التاريخ: 17-11-2020
10236
التاريخ: 2023-06-06
1224
|
قال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}[1]:
الألف، للاستفهام، وهي في موضع تقرير حال الكافر المكذِّب بالدين والتعجّب منه، كما في قوله تعالى: {أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}[2].
ويُراد بالرؤية، رؤية البصر، أو رؤية البصيرة، أي المعرفة والعلم. والأوّل تُساعد عليه روايات أسباب النزول. والثاني يُساعد عليه السياق.
وذُكِرَ في معنى "الدين" قولان، هما:
• يوم الحساب والجزاء، كما في قوله تعالى: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[3].
• الشريعة والملّة، كما في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ}[4].
والمعنى الأوّل هو الأوفق بالسياق.
والخطاب في الآية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس شخصيّاً، بل بما أنّه سامع، فيتوجّه إلى كلّ سامع[5].
قال تعالى : {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}:
الدعّ، هو الردّ بعنف وجفاء وقسوة. والفاء في قوله تعالى: {فَذَلِكَ}، لتوهّم معنى الشرط، والتقدير: أرأيت الذي يُكذِّب بيوم الحساب والجزاء، فعرفته بصفاته اللازمة لتكذيبه، فإنْ لم تعرفه، فذلك الذي يردّ اليتيم بعنف ويجفوه ويقسو عليه، ولا يخاف عاقبة عمله السيّء. ولو لم يكذب بالحساب يوم القيامة، لخاف الجزاء والعذاب، ولو خاف الجزاء والعذاب، لرحم اليتيم[6].
قال تعالى : {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}:
الحضّ، الترغيب. والتعبير بالطعام دون الإطعام، للإشعار بأنّ المسكين، كأنّه مالك لما يُعطى له، كما في قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[7]. والتعبير بالحضّ دون الإطعام، لأنّ الحضّ أعمّ، من الحضّ العمليّ الذي يتحقّق بالإطعام.
والكلام في الآية مبني على تقدير مضاف محذوف هو "الناس"، فيكون معنى الآية: لا يُرغِّب الناس على إطعام طعام المسكين[8].
قال تعالى : {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ}:
ويل، كلمة تُقال عند الهلكة، وفي مقام التوبيخ والدعاء على أحد، وهي اسم وادٍ في جهنّم.
والفاء، للتفريع على ما سبق من الكلام، لإفادة أنّهم لا يخلون من نفاق، لأنّهم يُكذِّبون بالدين، عملاً، وهم يتظاهرون بالإيمان.
قال تعالى : {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}:
المراد بالسهو، الغفلة. ومعنى الآية: هم غافلون عن الصلاة، لا يهتمّون بها، ولا يبالون إنْ فاتتهم بالكلّيّة أو فاتهم وقت فضيلتها. وغفلتهم هذه منشؤها تكذيبهم بيوم الحساب والجزاء[9].
ما وراه محمد بن مسلم وأبو بصير، عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، قال: "حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائه عليهم السلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربع مائة باب، ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه. قال عليه السلام: ... ليس عمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا، فإنّ الله عزّ وجلّ ذمّ أقواماً، فقال: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها"[10].
ما رواه محمد بن الفضيل، قال: سألت عبداً صالحاً (الإمام الكاظم) عليه السلام، عن قول الله عزّ وجلّ: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، قال: "هو التضييع"[11].
قال تعالى : {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ}:
أي إنّهم يأتون بالعبادات، بغية نيل رضا الناس وإعجابهم، مع أنّ حقّ العبادة أن تكون خالصة لله وحده لا شريك له[12].
قال تعالى : {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}:
الماعون هو كلّ ما يُعين الغير في رفع حاجة من حوائج الحياة، كالقرض تُقرِضُه، والمعروف تصنعه، ومتاع البيت تُعيره...[13].
[1] سبب النزول: ورد في تفسير القمي، في قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾، قال: نزلت في أبي جهل وكفّار قريش. (القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، ص444).
[2] سورة البقرة، الآية 77.
[3] سورة الفاتحة، الآية 4.
[4] سورة الشورى، الآية 13.
[5] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص368.
[6] انظر: م.ن.
تَدَبُّر: يوجد في الآية نكات عدّة تُشير إلى خباثة نفس المكذّب وأخلاقه الرذيلة، وهي:
- الإشارة إلى المكذّب بلفظ الإشارة، وجعله, كالحاضر والمحسوس، وقابلاً للإشارة, فكأنّه مطرحاً للأنظار, بغية أن يعرفه عموم الناس ويرون معايبه.
- استعمال أداة الإشارة إلى البعيد, ليُعلم أنّ المُشار إليه بعيد عن مقام المتكلّم وعن قربه, وهو الله سبحانه.
- كلمة يدعّ, تدلّ على أنّ اليتيم جاءه لطلب شيء من ماله أو من مال غيره، وهو زجره ودفعه، فيُعلم من ذلك: أنّ اليتيم كان محتاجاً وفقيراً.
[7] سورة الذاريات، الآية 19.
[8] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص368.
تَدَبُّر: يستفاد من هذه الآية أمران:
- إنّ وظيفة الأغنياء لا تنحصر بإعطائهم الزكاة والحقوق المالية للفقراء، بل عليهم - مضافاً إلى أداء زكاتهم وحقوقهم - حثّ الناس على هذا الأمر. والسرّ في ذلك واضح, إيجاباً وسلباً. أمّا إيجاباً, فهو أنّه ربّما لا يكون إعطاء شخص حقوقه الواجبة للفقراء كافياً في رفع حوائجهم، فلا بدّ لهم من تأمين حاجاتهم من غير نفسه, وذلك يتمّ بحثّ الغير على ذلك, كما نراه في المؤسّسات الخيريّة والاجتماعية التي يتحقّق بها هذا الأمر، ولا يتيسّر لشخص واحد القيام بتلك الأمور غالباً، بل لا بدّ له أن يستعين بغيره على ذلك. وأمّا سلباً, فهو أنّه إذا ترك حثّ غيره على المعروف، فكيف يعمل هو نفسه؟ ويُعلَم من تَرك حثّ الغير, استحكام رذيلة البخل في نفسه، وهذه المرتبة من البخل من أرذل مراتبه, فإنّ البخيل تارةً يبخل من مال نفسه، وأخرى من مال غيره. والثاني أقبح من الأوّل.
- إنّ للفقراء سهماً في أموال الأغنياء, وذلك للعدول عن الإطعام إلى الطعام، وإضافته إلى المسكين، فإنّ الإضافة إضافة لاميّة, كغلام زيد, أي غلام لزيد. فطعام المسكين, بمعنى طعام لمسكين، واللام للملكيّة.
[9] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص368.
تفسير بالمصداق: روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال في صدد تفسير قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾: "تأخير الصلاة عن أوّل وقتها لغير عذر". (القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، ص444).
[10] الصدوق، الخصال، م.س، ص611-621.
[11] الكليني، الكافي، م.س، ج3، كتاب الصلاة، باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها، ح5، ص268.
[12] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص368.
تفسير بالمصداق: أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه، عن الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون﴾، قال: "يراؤن بصلاتهم". (السيوطي، الدر المنثور، م.س، ج6، ص400).
[13] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص368.
تفسير بالمصداق: ورد في تفسير القمي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾، قال: مثل: السراج، والنار، والخمير، وأشباه ذلك, ممّا يحتاج إليه الناس. وفي رواية أخرى الخمس والزكاة. (القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، ص444), وانظر: (السيوطي، الدر المنثور، م.س، ج6، ص400-401).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|